مريض نفسى بالفطرة

By Hader3112

726K 30.6K 9.8K

مريض حُكِمَ عليه بعيش الازدواجية فى كل شىء ، إلى أن قابلها، منحته قلبها رغم معاناتها السابقة ولكنه رفض البوح... More

اقتباس1( لست ليث،أنا غيث)
_١_ (صفعةُ تعارف)
_٢_ (جدى يريد عودتى)
_٣_(صدمةٌ مُبرمجةٌ )
_٤_ (أنا القاتل)
_٥_ (الإنفصالُ فرصة ثانية )
_٦_ (لا أريدك يا أمى )
_٧_ ( حب ناضج لمراهقة صغيرة )
_٨_(بيت جدى مجددًا)
_٩_( ما ذنبى إن كنت تحب فتاة تحبنى؟)
_١٠_( قامت بخيانتى)
التعريف بمرض غيث
_١١_ (نوبة غضب)
_١٢_(بقاءٌ قسرى)
_١٣_( أب برتبة عدو)
_١٥_ عشر(عائد لكِ يا حبيبتى)
التعريف بمرض الطبيبة منال
_١٤_( دماءُ زوجتى الراحلةُ )
_١٦_ (ذلك الوغد مجددًا)
_١٧_(لست ليث، أنا غيث)
التعريف بمرض ديما
_١٨_(حب من طرف واحد)
_١٩_(غارق فى دمائه)
_٢٠_( وحشتنى عنيكى )
_٢١_ (الكل عاشق )
_٢٣_(الانتقام الحلو)
_٢٤_(رصاصة خائنة)
_٢٥_( المواجهةالحاسمة)
التعريف بمرض مالك
_٢٦_(كان ضحية بالأمس)
_٢٧_ (وداعًا بيت جدى)
_٢٨_ ( تطاول بما فيه الكفاية)
_٢٩_ (الحقيقة المؤلمة)
_٣٠_(قابلها مجددًا)
_١_( الانطباع خاطىء)
_٢_(مشاغبة من الطرفين )
_٣_( غيث واحد لا يكفى)
_٤_ ( من المصاب ؟)
_٥_(الغيرة اللذيذة)
_٦_(باغتها بعقد القران)
_٧_(أشباح الماضى تطاردها)
_٨_(فارق الحياة )
_٩_( رفضها يصيبنى بالجنون)
_١٠_(فرصة ثانية للفؤاد)
_١١_( اكتئاب حاد )
_١٢_ (أحبك رغم أنف قبيلتى)
_١٣_(هل تقبلين الزواج بى؟)
_١٤_ (خطوبة و جثة )
التعريف بمرض مالك ٢
_١٥_( فليحترق العمل أمام حُسنكِ)
_١٦_ (حُلو مرى)
_١٧_ (أخوض لأجلكِ ألف حرب )
_١٨_(أقبلينى كما أنا )
_١٩_ (تطاول على صغيرتى أمام عينى )
التعريف بمرض محمد العدلى
_٢٠_ (أريدك رغم استحالة ذلك)
_٢١_ (زوجى السابق )
_٢٢_ (قُبلة و مجموعة جُثَثٌ)
_٢٣_ (الإختطاف السعيد)
_٢٤_ (باتت حلالى و كل حالى)
_٢٥_(معركة دموية)
_٢٦_(ليلة زفاف كارثية)
_٢٧_(ليلة عيد)
_٢٨_ (كان القبول طوق نجاة)
_٢٩_ (كلانا لدية تجربة سابقة)
_٣٠_ (العديدُ من المعاركِ)
_٣١_ (كُتِبَ علينا الفراق)
_٣٢_(أحدهم يبكى و الآخر يرفرف عاليًا )
اقتباس٥ ( فتاتى الصغيرة)
(التعريف بمرض مايا)
_٣٣_ (نتعايش أم نتداعش ؟!)
_٣٤_ (راقصة بمبادئ)
_٣٥_ ( قصيدةٌ جميلةٌ )
_٣٦_(الغضب الساطع آت)
_٣٧_(رفض من جميع الجهات)
_٣٨_(نَقَشَ فوق جسدها)
_٣٩_( لاجئ أم خائن ؟!)
_٤٠_(مَلاَك مُحْتَجَز)
_٤١_(نُقُوشٌ مُتبادلةٌ)
_٤٢_(ثلاثة قُبْل فوق ضريح الصقيع)
اقتباس_٦_ (لحن النهاية)
_٤٣_(الفَرِيسَةُ و الصَّيَّادُ)
_٤٤_(ليلةٌ مُلطخةٌ بالماضى)
_٤٥_(اختطاف أرعن)
_٤٦_(جسدٌ مُدنسٌ وروحٌ مُفارقةٌ )

_٢٢_(حقائق بالجملة)

6.9K 349 99
By Hader3112

٢١/٠٢/٢٠٢٣
(حقائق بالجملة)

No one will be loyal to me like you, my friend

من منا بلا ماضى أليم ؟ قد يظهر للسطح فجأة ويبعثر كل ما حاول المرء إصلاحه أو لنقل ردمه تحت تراب الحاضر
أيكون الماضى الحزين أسوء أم المستقبل المجهول  ؟
أسيكون هناك  مستقبل من الأساس ؟
ينفجر عقلى بمجرد التفكير بكل تلك الأحداث ،كيف لشخص واحد أن يعاصر كل ذلك ويظل صامدًا ، شامخًا؟
ألا يحق للمرء الإخفاق ولو لمرة واحدة ؟ أريد بشدة أن أختفى من كل تلك المثالية المزيفة وأظهر حقيقتى التى لطالما هربت منها وأدعيت عكس ما أنا عليه
أنا السىء برواية الجميع لكن صدقًا لم أرد يومًا ذلك ، كنت الضحية بالأمس واليوم بت الجانى بدون أدنى فكرة كيف حدث ذلك ؟ كنت أبكى بركن مظلم بغرفتى ولم يعرف أحدًا ذلك ،واليوم الجميع يبكى مدعيين بأنى السبب مشيرين بأصابعهم  الملوثة بدمائى ودموعى نحوى
حقًا، ذلك الطفل المشوة بأفعالكم بات سبب حزنكم !
ماهذا العبث؟

...................................................................

(بمنزل الحاج راشد)
لا تعرف كيف حدث كل هذا ؟ لكنها وجدت نفسها فجأة مقيدة على سريرها بفعل سيدتان والثالثة تقف بجانب رأسها وتشهر المقص الحاد بوجهها
و زوجة عمها تقف والفرحة لا تسعها، كانت الشماتة والغل والكره وكل تلك  المشاعر الدنيئة متمثلةً بوجهها فى هذة اللحظة، كيف لشخص واحد أن يحمل كل ذلك القدر من الحقد والشر؟

أومأت سهير  برأسها وبدأ الإعتداء الوحشى على تلك الصغيرة ، لم تتمكن من الصراخ ،لم يسعفها صوتها أسفل يد أحدى السيدات الثلاث
كانت دموعها تنهمر بغزارة مع كل مرة يلمس المقص شعرها ، ويدها كانت تؤلمها للغاية بسبب تقيدها ، تتلوى من الألم الذى أجتاح كل جسدها بشكل بشع ،حتى الإعتراض لم يتركوا لها الفرصة للقيام به
حاولت عض يد إحدى السيدات لكى تتمكن من الصراخ لعل أحدًا يسمعها ويأتى لإنقاذها  لكنها ما أن فعلت ذلك قامت الآخرى بصفعها بحدة ثم قالت:
بتعضينى يابنت الكلب، والله لأوريكى

هتفت "سهير" بغضب شديد محدثة تلك المرأة التى صفعت رنا:
قولت ملناش دعوى بالوش ،مش عايزه علامة تبان منك ليها أنتم فاهيمن ؟ ومن غير شتيمة بالأب يا دلال ،كله إلا أبوها أنتِ فاهمة؟

اومأت الآخرى برأسها موافقةً ثم قالت :
أوامرك ياست سهير

أكملوا ما كانوا يفعلون بوحشية شديدة، بعدما انتهوا من قص شعرها وبات يشبة شعر  الصبيان بقصته القصيرة للغاية،
استغلت رنا فرصة عدم انتباههم لتنهض مسرعةً من فوق سريرها تحاول الهروب لكن تلك المحاولة باءت بالفشل الذريع ، دفعتها تلك  السيدة المدعوة دلال بعنف على الأرض ثم  شرعوا فى ركلها بمعدتها عدة مرات، حاولت المقاومة أكثر من مرة لكن لم تتمكن من صد أى هجمة من هجماتهم ،هزيلة للغاية أمام قوتهم وضخامتهم

ابتسمت "سهير" بانتصار شديد ثم هتفت بتكبر وتعالى :
خلاص كدا ،كفايه عليها قوى ، مش عايزينها تموت تحت ايديكم

خرجوا من الغرفة بمجرد اشارة صغيره منها وظلت هى تراقبها بتشفى وسعادة غريبة ،كانت سهير  تتمنى أن تفعل ذلك بوالدتها وليست هى ولكن بسبب حظ رنا  العاثر سقطت هى فى وكر الافاعى وقاست العديد

حاولت النهوض أكثر من مرة  لكنها لم تتمكن لتهوى مرة أخرى،لكنها همست بضعف شديد قائلة ً:
لو فاكرة أن اللى حصل دا هيعدى يبقى بتحلمى ،هعرف عمى وجدى
ابستمت" سهير"  بمكر  ثم هتفت بغموض:
مش هتقدرى  تقولى أى حاجة يابنت منى

لم تنتظر أن تجبها ،بل أخرحت هاتفها من جيبها ثم ضربت عدة أرقام تحفظها عن ظهر قلب ،ثوانى معدودة لكنها  كانت طويلة بالنسبة لتلك الملقاة  على الأرض لاحول لها ولا قوة

انتهى الانتظار بقول سهير بسعادة غريبة للطرف الثانى الذى اتصلت به  عبر الهاتف :
أذيك يا ضنايا، وحشتنى قوى يا قلب أمك

صدمة كبيرة أصابتها، لكنها لم تدم فقد اقتربت سهير من موضع جلوس رنا  على الأض ثم قربت الهاتف من أذنها لكى تستمع لكلمات ذلك الحقير
"أذيك ياقطة
لو حد عرف اللى حصل وأنه بسب أمى هرجعلك يا رنا ،وأنتِ عارفه أنا ممكن أعمل ايه ؟ وأكمل اللى مكملشى زمان ، أمى خط أحمر ،سلام يا قطتى"

قال ذلك بمنتهى البساطة ،كأنه ليس تهديدًا صريحًا بالإغتصاب، متى نبت بوادينا كل هذا الفجر ؟

غادرت غرقتها ونظرة الرضا لا تفارق وجهها ، فقد فعلت ما عزمت عليه منذ أول يوم خطت رنا بقدمها  لهذا المنزل ،غير عابئة بتلك التى تنتفص بالداخل وجسدها يهتز بشكل عنيف من الصدمة

كانت متكورة على نفسها ،تقبض بكف يدها على بعض قصاصات شعرها ،دموعها لم تفارق وجهها منذ البداية ،وجسدها دخل بمرحلة سيئة من الرفض بعد ما حدث ، يرفض الانصات لها وتصديق ما حدث
يبدو أن الماضى مازال يلاحقها والأسوأ أنها لم تتعافى منه بعد.

......................................................................

(بمنزل غيث الخاص)
عاد لمنزله القديم برفقة صديقه،لم يرد المكوث مع أى من والديه ،فضل الإختلاء بنفسه بعيدًا عنهما ،يكفيه ما أصابه اليوم
كان المنزل نظيفًا بشكل غريب لا يلائم كونه مغلق منذ سنوات لذلك ، سأله آدم :
غرببة البيت نضيف  ،أنت جيت هنا قريب يا غيث ؟
أومأ "غيث" برأسه ،ثم قال:
كل فتره باجى ،وببعت حد ينضفه كل أسبوع
حرك آدم  رأسه ولم يعلق

سار معه باتجاه غرفته لكنه ما أن مر بجانب إحدى الغرف توقف أمامها للحظات ،ثم عاد ودلف للغرفة التى دلفها صديقه منذ لحظات  ، حاول ألا يتحدث لكن فضولة ورغبته الملحة فى كسر هذا الحاجر الذى  انشأه غيث حول حياته ، لذلك هتف "آدم" بنبرة هادئة تناقق الزوبعة التى عصفت به :
لسه قافل الأوضة إياها ياغيث ؟
أومأ "غيث" برأسه ،ثم قال متسائلًا :
أه، ليه؟
حاول التحكم بنفسه وعدم المجازفة خاصة أن اللعب بتلك الأمور لن يكون بصالحه ،لكن متى أمكنه التحكم خاصة حين يتعلق الآمر  بأصدقاءه ،لذلك هتف"آدم" متسائلًا :
هتفتحها امتى ياغيث؟
أغمض "غيث" عينه لثوانى كأن ذكريات الماضى لوحت بالأفق أمامه،ثم قال بهدوء :
معتقدش انى ممكن أفتحها تانى يا آدم، دا كان حلم جميل محلمتوش وصحيت منه على كابوس بشع
هتف "آدم" مسرعًا مستنكرًا على ما تفوه به صديقه :
بس أنت لسه فى عز شبابك
ابتسم الآخر بسخرية على ما يجرى بحياته  ،فالقدر دائمًا ما يفعلها معه ويجعله الخاسر الوحيد بقصته،لكنه حاول التظاهر بالثبات قائلًا:
مش مهم ،قفل على الحوار دا لو سمحت
رد عليه "آدم" بإعتراص :
طب
لكن "غيث" لم يدع له الفرصة ليكمل حديثه حيث هتف بضيق واضح لينهى ذلك النقاش:
آدم، أنا عارف ومدرك أن حياتى مش مثالية وفيها مليون حاجه غلط ومكلكعة، بس مش هقدر أصلح أى حاجة الوقتى ولا عايز أصلح أصلًا ،أنا مكتفى بالكهف اللى بنيته وهعيش فى ،أفهم دا عشان منتعبش بعض على الفاضى
قاطعه "آدم" قائلًا:
بس أنا قلقان عليك يا غيث
صاح"غيث" بغضب واضح بعد أن بدأ فى فقدان التحكم بأعصابه:
وأنا مش عايز حد يقلق عليا ،وشوف الزفت أحمد أتأخر ليه ؟
أومأ "آدم" برأسه قائلًا بقلق على حالة صديقة :
هشوفه حاضر بس أهدى الأول
قاطعه "غيث" قائلًا بحدة :
معدش حد يقول أهدى ، الكلمة دى بتعصبنى أكتر
حرك "آدم" رأسه موافقًا ثم قال أثناء خروجه من الغرفة:
خلاص تمام مش هقول ،أنا خارج
أوقفه "غيث" متسائلًا:
رايح فين؟
ابتسم له بهدوء ثم قال :
هسيبك تغير هدومك وأحضر حاجه دافيه نشربها 
أومأ "غيث" برأسه ولم يعلق بأى حرف آخر

غادر آدم الغرفه تاركًا له المجال ليختلى بنفسه ولو لدقائق ، لا يعرف كيف يتصرف معه؟ يريد محو كل الألم الذى عانى بسببه ومازال حتى هذه اللحظة يدفع ثمن خطأ لم يكن له أى دخل به ، لم الحياة قاسية مع ثلاثتهم؟ ألا يحق لهم السعادة؟

وصل أحمد لمنزل صديقة حاملًا العديد من الأكياس ،استعمل نسخة  المفتاح الخاصة به ودخل
سمع بعض الأصوات الصادرة من المطبخ ،أراد اللعب قليلًا والانتقام منه بالتحديد ، لذلك دخل على أطراف أصابعه كى لا يصدر أى صوت
وبمجرد أن دخل أصدر صوتا عاليًا  على أثره انتفض آدم من الخضّة وأسقط ما بيده على الأرض
التفت آدم مسرعًا لمصدر الصوت وإذا به صديقه الأهوج
طالعه بنظرة ضيق واضحه وما هى إلا ثوانى وقام بلكمة أسفل معدته ثم هتف بتشفى:
عشان تبطل تصرفات العيال دى، أكبر كدا وأعقل دا أنت حتى معيد وفى طلاب واخدينك قدوة ، مع أنى مستغرب قدوة إيه اللى تبقي بالشكل دا؟
أصدر "أحمد "تأوهًا  خافتًا بسبب تلك اللكمة القوية،وبدأ فى تلديك موقع اللكمة بكلتا يديده كمحاولة بائسة للتخفيف من شدة الألم ثم قال من بين اسنانه :
أبو اللى يهزر معاك تانى يا أخى ، ايديك تقيلة يخربيت كدا
ابتسم بطريقة بلهاء ثم قال مكملًا حديثه :
بس ايد جراحين فعلًا تسلم ايدك ياكبير
جز "آدم" على أسنانه قائلًا بغيظ:
عارف يا أحمد أنا مش مصبرنى عليك غير أن غيث بيحبك
تصنع "أحمد" الصدمة وهتف بطريقة درامية:
يعنى أنت مش بتحبنى يا آدم؟ لا بجد مش قادر استحمل ، هعيش إزاى بعد اللى سمعته دا ؟
صاح"آدم" قائلًا بحدة :
هو أنا مراتك يا أخى ، ما تتلم كدا
نظر له متلاعبًا بحواجبه ثم هتف بسخرية:
لا أنا مبسوط وأنا متبعتر
زم "آدم"شفتيه بضيق ثم قال بتبرم:
رخم
حرك "أحمد" كتفيه بلا مبالاة ثم قال :
بس كاريزما
نفخ "آدم" قائلًا بضيق:
يارب صبرنى
انتهى غيث من ارتداء ملابسه ثم خرج ليرى ما سبب تلك الضجة ، وقف مستندًا  بجسده على باب المبطخ ثم  قال بهدوء:
خلصتم خناق ولا لسه؟ أنا جعان عايز أكل
وقبل أن يحيبه آدم، هتف" أحمد "مسرعًا:
أيوه أنا جايب أكياس مكرونه  وكيلو بانيه تعمل هولنا ياغيث
هتف"غيث"قائلًا بإعتراض:
يا ابنى أنا تعبان ،مفيش أى احساس خالص
غمز له قائلًا بمرح:
لا أنت زى الفل أهو ،أطبخلنا بحب أكلك ، عليك نفس فى الأكل ولا أجدعها شيف
نظر "غيث" له بنصف عين ثم هتف قائلًا بسخرية:
المفروص كدا اتثبت يعنى عشان أطبخلك
أومأ "أحمد"برأسه قائلًا بتلاعب:
المفروض يعنى
وقبل أن يجيبه هتف"آدم" قائلًا بحنق:
سيبك منه يا غيث أنت تعبان ، أنا هعمل أى حاجة سريعه عشان تتعشى وتاخد الدواء
حرك "غيث" رأسه برفض ثم قال :
لا عادى أنا عايز أطبخ بس هتساعدونى
هتف "أحمد"مسرعًا :
أنا هقطع البصل
وانضم له "آدم" قائلًا بسعادة:
وأنا هحمر البطاطس بتبقي جامدة مع البانيه
نظر"غيث" لهم  بنصف عين ،ثم هتف بسخرية:
ماشاء الله دا أنتم ما صدقتم ، وأنت يا آدم مش كنت من شوية رافض وبتقول أنى تعبان وبتاع
خلل "آدم"شعره بأصابع يده ثم قال بخجل واضح :
مابصراحه  يا غيث أكلك لا يعلى عليه
ابتسم لهم ،و شرع كل منهم فى تنفيذ مهامه لإعداد وجبة دسمة إحتفالًا بخروجه أخيرًا

......................................................................

(بمنزل الطبيب سامح)
عاد لمنزله برفقة زوجته وابنته ،كان يغلى من الغضب والضيق لما حدث ، لا يصدق أن ابنه وقف أمامه وأحتد فى الحديث معه لأجلها ،لأجل من سببت كل تلك الكارثه من البداية
وجد يدًا تربت على كتفه ،فالتفت ليرى من؟ وإذا به زوجته بوجهها الحنون ،ابتسم لها مُقبلًا كف يدها ثم قال:
فى حاجة ياهسمة؟
أجابته"همسه" بقلق واضح :
آه فى يا سامح ،أنت لسه زعلان صح ؟
حرك رأسه نافيًا،ثم قال بهدوء:
لا ياحبيبتى مش زعلان
هتفت "همسه" بإعتراض واضح قائلةً:
متكدبش عليا ياسامح ،مش أحنا واحد وعمرنا ما نكدب على بعض ،أو نخبى حاجة على بعض
ابتسم بألم كبير ، ماذا ستفعل به إن عرفت كل تلك  الأسرار التى يخفيها عنها ،لابد أنها ستتركه بمفرده فى نهاية المطاف،حاول نفض تلك الأفكار المأساوية ثم قال بهدوء ينافى العاصفة بداخله :
دا أكيد يا همستى ،أنا وأنتِ مفيش أى أسرار بنا ، بس أنا مش حابب أتكلم الوقتى
أومأت برأسها ثم قالت :
تمام ياحبيبى ،بس غيث كان عنده حق
أحتدت عين "سامح" بغضب شديد ثم هتفت بإستنكار واضح :
حق فى ايه؟ أنه يقف قصادى ويتحدانى ،يتحدى  أبوه
قاطعته "همسه" برفض على حديثه قائلةً:
لا يا سامح ،هو على عنده حق لأنه بيدافع عن أمه ويطلب العدل ليها
هتف "سامح" متسائلًا بتعجب :
أنتِ اللى بتقولى كدا يا همسة؟!
قاطعته "همسة" قائلة بقوة تنافى طبيعتها الهادئة :
أيوه أنا اللى بقول ، هى زيها زى يا سامح، بالعكس هى أحق منى كمان،أنا جيت بوظت حياتكم ،أنا اللى خدتك منهم
أغمض"سامح" عينيه بغضب وحيرة لايعرف كيف يمكنه التعامل مع تلك المشكلة ؟ لكنه هتف بغضب فى نهاية المطاف :
لا محدش أحق منك ، حياتنا كانت بايظه أصلًا من  البداية،وأنت بس اللى تستحقى كل حاجه يا همسة، واقفلى الحوار دا الوقتى أنا تعبان
علمت أن النقاش معه بمثل هذا التوقيت لن تكون عواقبه وخيمه لذلك فضلت الهروب قائلةً بهدوء:
تمام يا سامح ، تحب أحضرلك العشا
أومأ برأسه قائلًا:
دا لو مش هتعبك يعنى
ابتسمت"همسة" ابتسامة حزينة ثم قالت :
تعبك راحه يا سامح

قالت ذلك ثم رحلت للمطبخ لتبدأ فى تجهيز العشاء، بينما ظل الآخر فى مكانه يفكر فى أسرار الماضى كلها ،وما العمل إن عرف الجميع حقيقة ما حدث ؟ لكن لا شىء يظل قيد الكتمان للأبد ،لا بد للحقيقة أن تنجلى يومًا ما .
...................................................................

(بمنزل والدة وعد)
كان الكل مجتمع على طاولة العشاء وبرفقتهم السيدة منى،حالة من الهدوء الغريب مُسيطرةً على الأجواء بشكل يثير القلق فى النفوس ،إلى أن انتهى ذلك الصمت بقول وعد :
من الحق يا طنط منى ،عمو جمال بقاله فتره غايب عن الحارة ،أنتِ شوفتيه؟
أجابتها "الست منى"  قائلةً ببساطة غافلة عن من يشتعل قلبها شوقًا:
كان وراه شغل ،ولسه راجع امبارح تقريبا
حركت رأسها بتفهم ثم أردفت بشرح :
تمام، أصل رنا كانت بتسألنى عليه ؟ وأنا مكنتش عارفه هو فين ؟
صاحت"الست فاطمة" قائلة بحدة لتنهى هذا النقاش فقلبها لا يتحمل :
مش ناكل بقى
أجابتها "وعد" بهدوء :
ما أحنا بناكل أهو ياست الكل
وبدون أى سابق إنذار هتفت "ديما" :
ماما ،كنت عايزه فلوس ؟
ردت"والدتها" عليها  مستفسرتًا:
لايه؟
أجابتها "ديما"بإحتياج مزيف قائلة:
مشروع محتاجه أعمله مع زمايلى فى الكلية
زفرت بضيق ثم سألتها :
طب كام يعنى ؟
أجابتها"ديما" دون أن تنظر لعينها خائفة من أن يتم كشف كذبتها:
تلت تلاف ونص
أصابتها صدمة من هذا الرقم، لتهتف والدتها  بتسائل متعجب رافض:
كام كام ؟ ليه كل دا ؟
تحججت "ديما" بكذبة بلهاء قائلة:
يا ماما دى دى أقل تكلفة وأنا عشان مع جروب كبير فالفلوس متقسمة علينا كلنا
أغمضت "الست فاطمة" عينيها بضيق لاتعرف ما العمل؟  ولكنها وجدت نفسها تقول بقلة حيلة:
بس يا ديما أنا مش معايا الفلوس دى كلها الوقتى
هتفت "ديما " بتوتر واضح وخوف غامض :
طب أعمل ايه؟ أنا محتاجة الفلوس دى  الأسبوع الجاى ضرورى
اتصرفى يا ماما، ولا عيزانى أسقط وحلمى يضيع
وعند هذه النقطة لم تتحمل وعد أكثرمن ذلك لتهتف بغصب وسخرية :
ما تطلبى من أبوكى يا ديما ،ولا أحنا مبنشوفهوش غير وقت الخناقات بس لكن وقت الجد مش موجود
صاحت"ديما"بغضب قائلةً:
وعد ،أنا مسمحلكيش تتريقى
ابتسمت"وعد" بسخرية ثم قالت :
أنا مش بتريق ،أنا بقول الحقيقة اللى كل اللى هنا عرفينها ،أبونا عمره ما صرف علينا ،والست دى هى اللى طفحت الكوته عشانا ،فبدل ماتشكريها جايه تزعقى وتحسسيها بالعجز
شعرت"ديما" بتأنيب الضمير وفداحة ما تقترفه بوالدتها ،فقالت بخجل:
أنا ، أنا مكنشى قصدى 
احتدت عين "وعد" بغضب وسخط على مايحدث ،ثم هتفت  بسخرية مغلفة بضيق واضح:
من أمتى وأنتِ بتاخدى بالك من اللى بتقوليه؟ عايشه معانا ومش عايشه معانا، لما تحتاجى حاجة نبقي موجودين فى الصورة لكن غير كدا باباحبيبى بابا قلبى ، بابا دا اللى عمره ما حضنى ،عمره حتى ما قالى يابنتى
عم الصمت للحظات ،كأنه الهدوء ما قبل العاصفة،لكن "ديما" هتفت بحدة معلنةً عن بداية النهاية :
مش ذنبى أنه مبحبكيش
تشنج وجه"وعد" بصدمة وغضب من تلك الحقيقة التى لطالما هربت منها ،فهتفت بإزدراء :
ولا ذنبى أن عندى أخت حقيرة ذيك،وأب ظالم زيه

وعند هذه النقطه لم تتحمل السيدة فاطمة ،هبت من مقعدها معنفةً كلتاهم قائلةً:
بس خلاص ،هى حصلت تغلطوا فى بعض وقدامى كمان، مفيش أى احترام لوحودى ، كب احترموا ان عندنا ضيوف
ثم التفت لصديقتها قائلةً بحرج شديد :
لموأخذه يا منى ،أنتِ صاحبة بيت برده
تناولت "الست منى"من الطعام الموضوع أمامه ثم قالت بلامبالاة:
لا ولايهمك يا فاطمة ،أنا مبدقش
وفى نفس اللحظة هتفت"ديما"بتذمر :
يا ماما وعد هى اللى غلطت، واتريقت على بابا
ابتسمت "وعد" قائلةً بسخرية:
دا مش أب
هتفت "ديما" برفض على حديثها:
وعد خلاص ،متجبيش سيرة بابا
سحبت"وعد" نفسًا عميقًا من داخل صدرها كأنها تستعد لخوض معركة ما ،ثم صاحت بغضب:
لا مش خلاص، دا مش أب ولا عمره هيكون أب ،لما يفرق يينا وينفينى من حياته ، لما يحاول يخلص منى أكتر من مره
دا مش أب
مش أب
ردت عليها شقيقتها بنفس الغضب والحدة قائلةً:
لا أب، أنت اللى بتعامليه وحش عشان كدا مش بيحبك
دخلت والدتهم فى الحوار بعد أن شعرت بأن الموقف أحتد للغاية ووصل لذروته فصاحت بغضب قائلةً:
بس خلاص اسكتوا،مش عايز أسمع صوت أى حد فيكم
قاطعتها"وعد" قائلةً بحزن ممزوج بالسخرية :
سيبها يا ماما ،سبيها تتكلم ،هى عندها حق ،هو فعلا عمره ما حبنى ولا هيحبنى ، لأنى متحبش
تدخلت "الست منى" فى المنتصف يينهم تحاول تهدئة الموقف قائلة بعقلانية :
لا ياوعد ، أبوكى بيحبك ،مفيش أب مبيحبش عياله
أجابتها "وعد" بسخرية على حالها وما تشعر به دائما وتحاول الهروب منه:
لا ياطنط منى ،أنا محدش بيحنى ،محدش عايزنى ، الكل بيكرهنى ،حتى ماما ،بتحب ديما عنى ،هو أنا مش بنكتم ؟ ليه بتعاملولنى كدا
صُدمت والدتها من هذا الحديث ،كيف لابنتها أن تفكر بتلك الطريقة وهى الأقرب لها من بين الجميع ،فقالت فى محاولة بائسة منها لإحتواء الموقف   :
وعد أنت فاهمه غلط ،أنا بحبكم زى بعض ،أنتم بناتى
لم تعد تتحمل حتى مع ضربات قلبها المتسارعة وإحساسها بالإعياء الشديد،لكنها رفضت كل ذلك ضاربة بصحتها عرض الحائط فصاحت بغضب:
لا يا ماما ،مش زى بعض، طول عمرك بتفضليها عنى ،اللى تحتاجه يتنفذ ،لو زعلتك تجرى تصالحيها ،حتى عمرك ما رفعتى ايدك عليها،لكن أنا ضربتينى ،أنا محدش بيحنى ،محدش عايزنى
شعرت بأن أحدًا ما ألقى عليها دلو ماء بارد ،لم تتخيل بأن ابنتها تحمل كل ذلك بداخلها،فهتفت مبررةً موقفها :
أنتِ اللى مبتطلبيش منى حاجة يا وعد، كذا مره أقولك لو عايزه حاجه عرفينى وأنتِ اللى بتقول لا
هسمت"وعد" بأعين باكية وصوت مضطرب لا يسعفها:
عشان بحس ،شايفة ظروفنا وقد ايه أنتِ بتتعبى عشانا
شعرت "الست منى" بأن تلك الفتاة على وشك الانهيار ، لذلك اقتربت منها بهدوء ،و ربتت على كتفها قائلةً بحنان :
وعد  ياحبيبتى أهدى عشان متتعبيش ، أهدى يا بنتى ، كل اللى أنت بتفكرى فى دا غلط ،أمك وأبوكى بيحبوكى، محدش مبيحبش عياله
لم تنتبه سوى لكلمة واحدة وكانت تلك القشة التى قسمت ظهر البعير ،صاحت بصوت مضطرب ضعيف  ودموعها عرفت الطريق جيدًا كأنها كانت على أتم الاستعداد:
تصدقى صح يا طنط منى ،هو دا فعلًا السبب ، هيحبونى ليه وأنا مريضة؟ هيحبونى ليه و أنا مش معروف هقدر أعيش وأكمل بالرئة دى إزاى ؟
ردت عليها "والدتها "بصوت مضطرب خائفة من ماضى أليم :
لا ياوعد ،لا ياحبيتى ،أنا عمرى ما فضلت واحدة عن التانية ،أنتم الاتنين بحبكم زى بعض ،أنا مطلعتش من الدنيا دى غير بيكم ، أنا مليش غيركم

وقبل أن تجيبها شعرت بألم شديد يجتاح جسدها ،وضعت يدها على موضع قلبها ،حاولت أن تتنفس لكنها شعرت بالإختناق وضربات قلبها  المتسارعة جعلتها تسقط على الأرض ،كانت كمن يحارب للبقاء

أسرعت والدتها تحضر حقيبة العلاج الخاصه بها من غرفتها وديما هرولت للمطبخ تحضر أول زجاجة مياه تقابلها بينما ظلت منى بقربها تمسد على ظهرها لعلها تهدأ قليلًا بعد أن قامت بمساعدتها لتنهض وتجلس على أقربب كرسى

هدأت"وعد" قليلًا بعد أن  تمكنت من استعادت تنفسها بسبب البَخَّاخة التى أحضرتها والدتها ثم تناولت علاجها ،نظرت بأعين باكية للجميع ،خجلت من نفسها كانت من لحظات تتهمهم بعدم حبهم وها هم الآن قلقين عليها خائفين من أن يصيبها أى مكروه ، دائمًا ما كانت متسرعة

أخفضت"وعد" رأسها للأسفل قائلةً بخجل :
خلاص أنا بقيت كويسة
تنفست والدتها الصعداء ما أن سمعت ما تفوهت به ابنتها ، اقترتب منها وجلست على الكرسى المقابل لها ،ثم قالت بحنان أموى وهى تسمد على كفها :
الحمدالله أنك بخير يا حبيبتى
حاولت "الست منى" التلطيف من حدة الأجواء فقالت مسرعة :
تحبوا أعملكم فشار ونسهر نتفرج على فيلم أبيض وأسود ،ويتحرق الشغل على الكليه على أى حاجة؟

نظر الجميع لوعد مترقبين اجابتها بفضول قاتل ،ابتسمت لهم ثم همست بخفوت :
تمام بس يبقي فيلم لعمر الشريف
هتفت"ديما" مسرعة :
هنقلب فى كل القنوات على فيلم لحبيبك ياستى

أومأت"وعد" برأسها وكانت تلك إشارة الهرولة لكل من بالمنزل ليبدأ فى اعداد مهامه مُسرعًا لتكون أمسية رائعة لعل ماحدث منذ دقائق يُنسى ويصبح طى الكتمان

....................................................................

(فى منزل الحج راشد)
عادت مايا من الخارح بعد أن قضت وقتًا ممتعًا برفقة أصدقائها، وبمجرد أن دخلت المنزل وجدت الظلام يزينه بشكل غريب ،ولا يوجد أحد ، كررت النداء على والدتها لكن بلا رد ،أنتابها القلق قليلًا فأسرعت بمهاتفتها لتسألها عن مكانها فمن الغربب أن تكون خارج المنزل بهذا الوقت المتأخر
جاءها الرد  أخيرًا بعد اتصالها عدة مرات على رقم والدتها
أجابتها أمها بهدوء مفتعل قائلةً:
أيوة يا مايا يا حبيبتى
هتفت مايا متسائلةً بقلق :
أنتِ فين يا ماما؟البيت هادى خالص كدا ليه ؟
ردت عليها والدتها بكذب صريح ومكر شديد :
أنا عند خالتك أصلها تعبت شوية وهقعد يومين جمبها ، وأبوكى وجدك جالهم شغل ضرورى وسافروا ومش عارفه هيرجعوا امتى ؟
زفرت"مايا" بحنق من ذلك البرود وكيف يتركونها بمفردها؟ثم هتفت متسائلةً بضيق:
طب أنا أعمل ايه الوقتى؟
أجابتها والدتها بسخط واضح :
تعملى ايه؟ أنتِ عيزانى فى  حاجة يعنى
ابتسمت "مايا"بسخرية من طريقة والدتها ثم قالت مسرعة لانهاء النقاش:
لا يا ماما مش عايزه حاجة ، سلام
وأغلقت بوجهها قبل حتى أن تسمع ردها

صعدت لغرفتها بالطابق العلوى  وعندما مرت بغرفة ابنة عمها وجدت الباب لم يوصد جيدًا كما أنها سمعت همهمات غريبة
احتارت فى البداية أتدخل أم تكمل طريقها لغرفتها؟  لكنها فضلت أن تكمل لغرفتها نظرًا لإرهاقها الشديد ورغبتها الملحة بتبديل ثيابها لملابس أكثر راحة

دخلت غرفتها وبدلت ثيابها واختارت فيلمًا مناسبًا على ال Laptop الخاص بها ثم قررت الهبوط للمطبخ لتقوم بإعداد مشروبًا دافئًا ولكنها عندما مرت بجانب غرفة ابنة عمها مجددًا وجدت أن الصوت الذى سمعته بالسابق أصبح أعلى ويشبه النحيب
لذلك اقتحمت الغرفة  ولكنها شعرت ببرودة غريبة فأشعلت الأضواء وياليتها لم تفعل
صُدمت من هول ما رأت

كانت بحالة مزرية بمعنى الكلمة، منزوية فى جانب مظلم من الغرفة متكورة على نفسها تحتضن قدمها ويدها تحيط بجسدها ،تبكى بصوت غير مسموع وشعرها كان غرييًا للغاية ،نعم شعر رنا لم يكن طويلًا لكن ليس لذلك الحد بات أقصر من شعر الصبيان ،وكفها تغلقه بشكل غريب لدرجة أن بعض قطرات الدماء كانت تسيل من يدها من قسوة قبضتها تلك

أسرعت لها حتى أنها تعثرت بطرف السجادة ولكنها نهضت مجددًا واتجهت لها غير عابئةً بألم قدمها اليسرى بسبب تعثرها
اقتربت أكثر  وهبطت لمستوى جلوسها ثم قالت بينما كانت تمسد على كفها بحنان لتحثها على رفع رأسها لها:
رنا ،مالك ايه اللى حصل؟ حد عملك حاجه؟
لم تجبها ،لم تسعفها الكلمات ولا الحروف ،كانت تبكى فقط ،دموعها لم تتوقف من البداية

أقتربت أكثر أمسكتها من مرفقها لكى تنتبه لها لكن بمحرد أن لمستها انتفضت مبتعدة عنها ،لم تفهم لما فعلت ذلك ،أعتقد أنها ربما تمر بصدمة ما ،لذلك ابتعدت مايا قليلًا ثم قالت بهدوء:
متخافيش يا رنا ،أنا مايا، رودى عليا بس ،أنتى كويسه؟
حركت رنا  رأسها بنفى
أطمأنت مايا قليلا لمجرد أنها أجابتها حتى وإن كان بالسلب لكن مجرد أنها أصدرت رد فعل بحد ذاته هذا جيد فبالماضى لم يكن هناك أى رد فعل ،كان فقط خوف واضح وذعر من كلا الطرفين

ظلت محافظة على المسافة التى تركتها بينهما حتى لا تخيفها أو تسبب لها أى ذعر ،ثم قالت:
طب ينفع تقومى معايا بس نعد على السرير؟ الأرض ساقعة عليكى والجو أصلًا برد
رفعت رنا  نظرها الى السرير الخاص بها لكن منظره أصابها بالحزن أكثر  فحركت رأسها برفض شديد ،التفت مايا لترى إلى ماذا تنظر ؟ و فهمت  لما ذلك الرفض
كان السرير غير مرتب وملىء بقصاصات شعرها حتى الأرضية لم تكن بأفضل حال ،لا تعرف ما الذى حدث ؟ لكنها متأكدة بقراره نفسها أن هناك معركة دارت بهذه الغرفة ،وليست أى معركة لولا يقينها بأن شقيقها ليس هنا لأعتقدت أنه فعلها مجددًا مع تلك المسكينة، مرة آخرى نفس الألم الوحشى

شرعت  مايا بتنظيف السرير من أى آثر قد يسبب لرنا الخوف ،وكلما كانت تزيل بقايا شعرها كانت تشعر بنغزة بصدرها ،تعلم كم كانت تحب شعرها للغاية رغم قِصره ولكنها كانت مهتمة به جدًا خاصة بعد أن استغنت عنه تمامًا فى مرة من المرات بسبب قرار أهوج كعادتها ولكنها عادت لتهتم به مرة أخرى واليوم ضاع كل عنائها هباءًا

حاولت معها مرة أخرى كى تنهض من فوق الأرض الباردة وحمدلله تلك المحاولة نجحت أخيرًا ،اتجهت بها الى السرير،فى البداية لم ترد أن تنام عليه لكن يد مايا ربتت على كتفها فهدأت وشعرت ببعض الأمان والدفء رغم برودة جسدها الواضحة والذى كان ينتفض من الصدمة  بشكل ملحوظ
قررت الذهاب لتحضر أى شىء تدثرها به لكن منظر قبضتها لفت نظرها مجددًا ،لذلك سألتها بقلق واضح :
أنت قافلة ايدك كدا ليه يا رنا ؟
نظرت لها باعين باكية ولم تعلق
لكن منظر الدماء جلعها تلجأ للقوة ،حاولت أن تفك إحكام  تلك القبضة أكثر من مرة ولكنها فشلت لذلك صاحت بخوف :
رنا فى ايه فى ايدك ؟ ردى عليا طب ،عشان خاطرى
استمر الصمت من طرف رنا ولم تعلق فقط تنظر لها بدون أى رد فعل
أكلمت مايا فى رجائها واستعطافها  لعل الآخرى تجيبها وتريح قلبها :
طب بلاش عشان خاطرى عشان خاطر طنط منى ، طب عشان خاطر عمو حسام تفتكرى كان هيحب يشوفك كدا

ضربت على الوتر الحساس الخاص بها ،نظرت لها بحزن عميق ثم قامت بفتح يدها ليتساقط بعض قصاصات شعره والتى كانت تحتفظ بهم،ثم  قالت بهمس خافت :
شعرى يا مايا، شعرى كله قصوه غصبن عنى

لم تجد شىء تفعله سوى البكاء وجدت أن دموعها تنهمر رغمًا عنها هى الآخرى ،لكنها شعرت بجسد رنا يرتجف بشكل أكبر من شدة البرد ،فكفكفت دموعها وأسرعت لتحضر غطاء ثقيل من غرفتها  وعادت مجددًا ،اقترتب من رنا  بهدوء وحاوطتها بذلك الغطاء لعلها تدفىء قليلًا
لكن فى أثناء قيامها بذلك استندت على  الوسادة الموضوعة خلف ظهر رنا ،فانزلقت يداها وفى لمح البصر وجدت نفسها تحتضنها ،وكانت تلك الكارثة

دفعتها بقسوة غريبة لا تعرف حتى من أين أتتها كل تلك القوة ،جسدها كان ينتفض بشكل غريب كأنها أصيبت بنوبة صدمة ،لم تعرف كيف تتصرف فهى لا يمكنها  الإقتراب منها ولا تستطيع  الابتعاد عنها وتركها بحالتها تلك
وقفت حائرة لا تعرف كيف تتصرف ؟ لكن حالة رنا تتحول من سىء لأسوء حيث بدأ جسدها بالتشنج والارتعاش بشكل عنيف وتكاد تجزم بأن بينها وبين فقدان الوعى شعره رفيعة للغاية وعيناها تحدق على نحو غريب ولاحظت أن جسدها بدأت فى التعرق بشكل  ملحوظ ينافى شعورها بالبرد منذ دقائق
مع كل تلك الأعراض لم تفكر حيث  هرولت مسرعة لمنزل الحاجة سندس الذى يقع بجانب منزلهم مباشرة  لتحضر ابنتها عفاف
كانت تطرق بشكل عنيف لايتلائم مع  طبيعتها المتعالية، أيقظت كل أهل المنزل ، هرولت عفاف لترى من الطارق دون حتى أن ترتدى وشاح أعلى رأسها،تفاجأت بقدومها لمنزلها لكنها لم تدع لها فرصة الإندهاش حيث سحبتها خلفها مسرعة، كانت تسير حافية القدمين وشعرها مشعت قليلًا لكنها لم تفهم أى شىء ولم تعترض حتى حيث لم تسنح لها الفرصة فالموقف لم يتعدى ثوانى معدودة ووجدت نفسها بداخل غرفة رنا ،فهمت كل شىء بلمح البصر ، هرولت لحقيبتها  التى وضعتها بغرفة رنا لمثل تلك الحالات  الطارئة،وما هى إلا لحظات وهدأ كل شىء وعم الصمت بفعل المهدأ الذى حقنته عفاف بجسد رنا
غفت أخيرًا بعد كل تلك المعاناة التى قاستها اليوم ،يوم واحد فقط بأحداث عام كامل من الألم ،حقًا عبث

نظرا لبعضهما البعض ،أحدهما تحمل ألف سؤال والآخرى لا تعرف أجابة أيًا من اسألتها
هبطا للأسفل بعد التأكد من أنها نائمة ولن تستيقظ إلا بحلول الصباح
لم تتمكن عفاف من الصمت أكثر من ذلك لتقول بغضب واضح :
تقدرى تفهمينى ايه اللى حصل بالظبط ؟ وايه اللى وصل رنا للحالة دى ؟ وأوضتها كانت كدا ليه ؟ وشعرها ايه اللى حصله ؟ فى ايه بالظبط يا مايا؟ عملتوا فيها ايه ؟

جلست مايا على أقرب كرسى واضعةً رأسها بين يديها لا تعرف أى شىء وعقلها لا يسعفها بالتفكير بشكل صحيح وجميع عائلتها بالخارج إذًا من فعل ذلك ؟ لم تصل لإجابه على تلك الأسالة ،رأسها سينفجر من كثرة الاسألة والاحتمالات التى تدور بعقلها ،قطع عليها تلك السحابة السوداء التى تعلو عقلها هتاف عفاف بحدة:
مايا،ردى عليا،رنا مالها ؟
أجابتها "مايا"بصوت مضطرب قائلةً:
معرفشى ياعفاف ،معرفشى بجد ،أنا رجعت من برا لقيتها كدا
ردت عليها "عفاف"بإنفعال :
يعنى ايه ؟ دى Psychogenic seizures واضحة ،أكيد حد اللى وصلها لكدا
صاحت"مايا" بغضب :
قولتلك معرفش ،معرفش، ليه مش مصدقانى ؟
أومات"عفاف"برأسها حين شعرت بصدق الجالسة أمامها،ثم قالت بهدوء :
تمام يا مايا ،عامة خلاص هى رنا يقت كويسه الوقتى وهتقوم على  الصبح إن شاء الله
اوقفتها "مايا" قائلة ً:
استنى
ذهبت لغرفتها  لتحضر شىء ما ،وعادت بعد دقائق معدوة حامله بيدها حذاء و وشاح للشعر،ثم أعطتهم لعفاف وهى تقول بخجل :
خودى دول ياعفاف
ابستمت "عفاف"قائلة بسخرية:
أنتِ لسه واخده بالك أنتِ مخرجانى من بيتى  منظرى عامل ازاى ؟
حمحمت"مايا"قائلةً بخجل شديد :
أنا آسفه ، أنا كنت بجرى عشان رنا ومكنتش مركزه ف اى حاجة خالص، أنا حقيقي آسفه
تسمرت"عفاف" فى مكانها لثوانى، لاتصدق ما تفوهت به ،مايا والآسف بجملة واحدة أنها حقًا أعجوبة الدنيا الثامنة لكنها فى النهاية هتفت بسخرية واضحة :
غريبة،أول مرة أسمعها منك ،مش مصدقة أن مايا ابراهيم راشد  بتتأسف عادى كدا زينا
خللت "مايا"شعرها بأصابع يدها ثم قالت بتوتر :
هو بصراحة أنا مدينه ليكى بآسف وشكر
قطبت"عفاف" حاجبيها متسائلةً بتعجب:
مش فاهمه،تقصدى ايه ؟
زفرت "مايا" أنفاسها بضيق ثم هتفت مسرعة فى نهاية المطاف قبل أن يتدخل عقلها وتكبرها بالآمر  :
عفاف أنا آسفه على اللى عملته زمان وشكرا ليكى أنك مخلتنيش أشيل ذنبك ،كفايا عليا ذنب اللى فوق
لوت"عفاف" شفتيها بتذمر ثم قالت :
بتتأسفى على حلمى اللى ضاع
نظرت"مايا"  لها بنصف عين قائلة بمغزى واضح :
وهو ضاع فعلًا يا عفاف؟
تسائلت "عفاف" بتوتر واضح :
قصدك ايه ؟
ردت عليها "مايا" وقد بدأ الإرهاق يداهمها بشدة:
مش قصدى  حاجه ،أنا حقيقي تعبانه وكان يوم بشع ،ومحتاجه ارتاح
حركت"عفاف" رأسها موافقةً ثم قالت بإقتضاب:
وانا كمان لازم امشى
أوقفتها  "مايا" قائلة بذوق :
استنى هوصلك
تعجبت من لُطفها الغريب والغير مبرر على الإطلاق لتسألهل بسخرية:
هتوصلينى ايه؟!  دا بيتنا فى  الجنب علطول، مالك كدا طيبة على غير العادة ؟
أجابتها "مايا"بتوتر:
ولا طيبة ولا حاجة بس أحنا أتأخرنا يعنى
ابتسمت "عفاف" على تصرفها ذلك ثم قالت بهدوء:
اطلعى ريحى يا مايا،اطلعى أنا مش حمل مناهدة
حاولت"مايا" أن تمنع الحروف من الخروج من فاهها لكنها فشلت بشكل بشع ،حيث هتفت متسائلةً:
سامحتينى؟
حركت"عفاف" كتفيها كدليل على عدم معرفتها ثم قالت :
مش عارفة
ابتسمت "مايا" على تصرفها الصريح ،ثم قالت بهدوء:
كنت هكدبك لو قلتى آه
أومأت"عفاف" برأسها  ثم قالت وابتسامة خفيفة تزين ثغرها:
عندك حق

وانصرفت عفاف  لمنزلها مغلقةً الباب خلفها ،بينما صعدت مايا لغرفتها لتنعم بقليل من الراحة بعد عناء هذا اليوم الشاق

........................................................................

(بمنزل الطبيب سامح )
التفوا حول طاولة العشاء وكان الصمت هو سيد الموقف ،هى مستاءة منه للغاية لحديثه مع شقيقها بتلك الطريقة خاصة وهو مريض
لاحظ والدها شرودها  وعدم مساسها للطبق الموضوع أمامها فقال لها :
مالك يا ليلى ،مش بتاكلى ليه ؟
أجابته"ليلى" قائلةً بضيق واضح:
مليش نفس
عرف من طريقة ردها أنها غاضبة منه لذلك سألها بطريقة مباشرة:
زعلانه منى ليه يا ليلى؟ أنا عملتلك ايه ؟
حركت"ليلى" رأسها بالنفى ثم قالت بكذب واضح :
مش زعلانه يا بابا
قاطعها والدلها قائلًا بحزم:
متكدبيش باين على وشك ،قولى بصراحة فى ايه؟
أجابته بحزن وضيق:
بصراحة حضرتك كلمت أبيه غيث وحش وهو كان تعبان وقولتله كلام يضايق جدًا يا بابا
أجابها والدها ببعض الحدة لإنهاء هذا النقاش:
ملكيش دعوى بكلام الكبار يا ليلى ،وأنا وغيث هنعرف نتعامل ونحل أى خلاف
هتفت"ليلى"قائلةً بإعتراض طفولى:
أنا مش صغيرة يا بابا ولما يكون الموضوع ليه علاقة بأبيه غيث فأنا لازم أدخل  ،بابا تسمحلى أسالك سؤال؟
قطب حاجبيه متسائلًا بتعجب :
سؤال ايه؟
أجابته "ليلى بتوتر شديد و خجل :
هو الكلام اللى أبيه غيث قال صح ؟ أنت فعلا مش محتاجه ومش بتحبه زينا
شعر بتوترها وخوفها الواضح من إجابتها، فنظر لها بحنان محركًا رأسه بنفى على سؤالها ثم قال :
لا يا ليلى ،غيث دا ابنى الكبير ،بعتمد عليه فى الصغيرة قبل الكبيرة ، بس هو تعبه وكلام والدته والموقف كله كان غلط فى غلط ،لكن دا ابنى من لحمى ودمى مقدرشى مبحوش
هتفت"ليلى" قائلةً بسعادة"
بجد يا بابا
أومأ والدها برأسها قائلًا:
طبعا يا بنتى
ابتمست"ليلى" لوالدها بإشراق ،ولكنها عادت و سألته ببعض التوتر :
طب هتصاحله  امتى ؟ مش عايزاه يفضل زعلان
أجابه والدها فى محاولة منه لبث الطمأنينة لنفسه حتى قبلها :
من غير ما تقولى ميهونشى عليا ينام يوم واحد زعلان منى
نهضت"ليلى" من مقعدها واتجهت لأبيها محتضنتًا اياه ،ثم قالت بحب:
يا حبييى يابابا
ابستم لها والدها ثم قال بحنان:
قلب بابا من جوا ،يلا كملى أكلك

عادت للجلوس على مقعدها ثم شرعت فى تناول طعامها كما أخبرها والدها  ،كانت والدتها تنظر بحنان وحب لعائلتها السعيدة غافلة عن ثالثهم  فهو بعالم آخر ،يفكر فى حل جذرى لمشكلتهم والتخلص منها للأبد  وفى نفس الوقت خائف من أوراق الماضى وما قد يحدث أن ظهر كل شىء للعلن؟

........................................................................

(بمنزل غيث الخاص)
بعد أن انتهوا من تناول العشاء وتنظيف السفرة خرجوا لشرفة المنزل وكل منهم يحمل كوبه الخاص ويرتشف بعض القطرات ليشعر بالدفىء
كل منهم بعالمه الخاص والعشق يفعل بهم ما يشاء، إلى أن هتف "أحمد" قائلًا بسخرية:
قاعدين و لا الستات المطلقة
أجابه "غيث" بسخرية هو الآخر :
لا أنا أرمل يا man
ابستم "آدم" قائلًا ببلاهة:
و أنا فى حكم المخطوبين
انفجر "أحمد" ضاحًكا بسبب حديثه ثم قال من  بين ضحكاته :
أه يا بتاع ليلى
وقبل أن يجيبه الآخر هتف "غيث "بحدة مزيفة قائلًا:
ولما أخو ليلى يشلفطلك وشك دلوقتي
صاح"أحمد"بإعتراض:
ايه ياعم فى ايه ؟ أنا بهزر
صفعه "آدم"أسفل مؤخرة رأسه قائلًا بنبرة لا تقبل النقاش:
هزار فى الحاجات دى لا يا أحمد
زم "أحمد" شفتيه قائلًا بتبرم :
خلاص فضيناها سيرة يا أخويا
قال أحمد ذلك ثم تظاهر بالنهوض وتركهم  ،فأسرع آدم بجذبه من مرفقه ليجلس مجددًا فى موضعه ثم قال :
استنى يا ابنى متبقاش قموص
قاطعه"أحمد" قائلًا بحدة مزيفة:
قموص مين ؟ أنت شايفنى ابن اختك عشان تقوله قموص
ابتسم "آدم" على تعابير وجة صديقه ثم هتف قائلًا بسخرية :
ما هو لو مش هقموص هتقعد و نكمل سهرتنا للصبح
زفر "أحمد" بحنق ثم قال :
لا هقعد عادى أنا كنت قايم أجيب لحاف لينا عشان ندفى الجو برد،وعقابًا ليكم مش جايبه خلينا قاعدين نتكتك كدا 

عاد أحمد للجلوس برفقتهم ولكن لم يتحدث أحد، ظل الصمت سيد الموقف ،فهتف مجددًا بمشاكسة:
وحدوه ياجماعه، ايه هنقعد فى الصمت كدا ؟
تطلع "آدم" بسخرية ثم قال :
أه الصمت الرفيع
رد عليه"أحمد" بإستنكار وضيق ممزوجًا بالسخرية الصريحة :
يا آدم يا حبيبى خفة الدم لا تشترى ،مش كل الناس هتكون زي يا ابنى
قاطعه "آدم" بعد أن سأم من تكبره ذلك قائلًا:
أهى الحالة لبسته
هتف "أحمد"قائلًا بضيق زائف:
قصدك ايه ؟ أنت مستقصدنى من أمبارح وأنا سكتلك على فكرة
رفع "آدم" أحد حاجبيه ثم قال متسائلًا بإستهزاء:
وهستقصدك ليه يعنى؟
قاطعهم "غيث" قائلًا بصوت عالى كى ينهى هذا النقاش:
خلاص يا جماعة خلينا قاعدين فى هدوء
حرك "أحمد"رأسه بإستنكار متسائلًا:
هدوء ايه يا ابنى أنت كمان ؟ عايزين نرغى كدا ونسرح باللى فات
قاطعه "آدم" متسائلًا بسخرية :
هى مش كان اسمها عايشه على اللى فات ؟و لا أنا غبت كتير برا ؟
هتف "غيث" بسخرية بعد ارتشاف بعض القطرات من كوبه:
دا أحمد توقع منه أى حاجة
ابتسم الجميع بينما سرح "آدم" للماضى وذكرياته ،فأردف قائلًا بسخرية :
عارفين من سنتين بالظبط كنت لسه هنا وشغال فى المستشفي وبمارس حياتى عادى و فى يوم وليله كله أتقلب فوق رأسى وأضطرت وأتحولت للتحقيق عشان بس حاولت أعمل حاجه صح وانصر انسان مظلوم
قاطعه "غيث" قائلًا بضيق:
قولتلك لو عايز هجبهملك راكعين تحت رجلك طالبين السماح
ابتسم الآخر قائلًا بحزن :
وكدا هفرق ايه عنهم يا غيث؟ بقينا فى زمن عشان ناخد حقنا محتاجين واسطة
علق "أحمد" على كلامه قائلًا:
لا ومش أى واسطه ، دا  حفيد الوزير السابق على سن و رمح
ابتسم "غيث" بسخرية قائلًا:
كانت هتبقى الخدمة الوحيدة النضيفة اللى اتعملت باسمه
قاطعه"آدم" قائلًا بسخرية هو الآخر:
ما أنت كسرتله رجله يا غيث ،و بقت عاهه مستديمه، طب أنا على الأقل عرجه خفيفه فى رجلى هعرف أعيش حياتى عادى
ابتسم غيث بسعادة حين تذكر ما كان على وشك فعله معهم ثم قال :
عارف لولا أنك لحقتنى كنت كسرت التانية ،أنا مبسبش حق اللى يخصونى مهما حصل
عم الصمت للحظات ولكن "أحمد" كسره قائلًا بحزم:
وأنا من سنتين أعترفتلها  بحبى ،كنت حاجز المطعم كله والأرض مغرقها ورد و شموع  وبكل بساطه قالتلى لا
وطبعًا عارفين قالت لا ليه مش محتاج أكمل
قاطعه"غيث" قائلًا بحزن وضيق على حال صديقه:
متستهلكش يا أحمد ،أنت ما فيش منك اتنينن
علق "آدم"على حديثه قائلًا بسخرية :
لو فى اتنين كانت الدنيا ولعت يا ابنى ،أحنا عارفين نتعامل مع واحد لما تجبلنا التانى
جز "أحمد" على أسنانه قائلًا بغيظ:
خِفه قوى
أجابه "آدم" بتشفى بعد أن رد الصاع صاعين على سخريته السابقة من حبه:
بعض ما  عندكم

وعاد الصمت ليزين الأجواء مجددًا،فالكل غارق بألامه وحزنه إلى أن هتف "غيث" بوجه قاتم :
وأنا سلمى وابنى اتوفوا من سنتين ،قدام عينى ومقدرتش أعمل أى حاجه ،بس فضلت واقف مكانى
قاطعه "آدم" قائلًا بنبرة سريعة:
بس حقها رجع وأتسجنوا كلهم
هتف "غيث" بألم دفين وتأنيب ضمير واضح :
بس سلمى مرجعتش
ربت"أحمد" على كتفه بحنان ثم قال بهدوء:
أدعيلها بالرحمة يا غيث ،هى فى مكان أحسن الوقتى

صدق الجميع على كلامه بما فيهم هو شخصيًا ودعوا لها بالرحمة والمغفرة

أراد "أحمد"الخروج من ذلك الجو الكئيب ليهتف بمرح:
والله عيب علينا ،تلت شباب زى الود و يتعمل فيهم كدا،يقطع الحب وسننيه اللى مبهدلنا
قاطعه "آدم" قائلًا بإستفزاز:
مبهدلك أنت بس
تحدث "أحمد" بسخرية بهدف مضايقته:
دا على أساس أنك مش بتقلب كتكوت مبلول قدامها ،مستنى كلمة أو نظرة واحدة بس ،و الله ليلى دى مطلعتش سهله ،تربيتى ترييتى يعنى
هتف"آدم" قائلًا بحنق :
لآخر مرة أحترم أن أخوها قاعد معانا
قاطعه"غيث" قائلًا بتهديد مغلف بنظرة خبيثه:
سيبه أنا بجمعله أخطاءه كلها مرة واحدة عشان الضربة تكون قاضية ،وأريح البشرية كلها منه
طالعه "أحمد"ببلاهة ثم قال متسائلًا:
و أهون عليك يا حب؟
صاح "آدم" قائلًا بسخرية:
يا ابنى لو مستغنى عن عمرك عرفنا بدل اللف و الدوران دا كله
زفر "أحمد" أنفاسه بضيق شديد  ثم قال بحنق:
خلاص ياعم الواحد ميعرفشى يهزر شوية معاكم ،عالم خنيقة، أنا كان مالى و مالكم ما كنت بقعد أسهر كل ليلة أفكر فيها
لفت انتباهه تلك الجملة ،فتسائل"آدم" بفضول :
بتحبها يا أحمد؟
أجابه "أحمد" بولع عاشق حزين واضعًا قدمًا فوق الآخرى كى يمنح هيئته بعض القوة و الصلابة رغم أن ما يهتف به على النقيض:
بحبها دى كلمة قليلة يا آدم ، أنا عديت الحب دا من زمان ،تقدر تقول بقيت مهووس ييها ،بكلامها ، بصوتها، بتفاصيلها الصغيرة، بتحب ايه؟بتكره ايه؟ لما تكون مضايقه بيبقي شكلها عامل ازاى ؟و هى فرحانه، و هى متوتره ، أنا مش عارف أخرة اللى بعمله دى ايه؟ ،بس مش عايز يكون ليه اخر ،عايز أفضل كدا متعلق بيها ومش مش قادر من غيرها وبس ،أنا حتى جرحها ليا بقيت بحبه متخيل أنا عامل إزاى ،غالبًا كدا أن "مايا "دى مرضى اللى عمرى ما هخف منه ومش عايز أخف أصلًا

كان"آدم"  يستمع له رغم رفضه لذلك المنطق الغريب ،و ما أن أنهى حديثه هتف متسائلًا  بفضول :
حتى و هى مش بتحبك ؟دا كدا حب من غير أمل
ابتسامة جانبية رُسمت فوق ثغره ،ساخرًا من السؤال و كذلك الإجابة ،لذلك قال فى محاولة بائسة منه للتظاهر بالقوة و أن الأمر لا يؤثر به على الإطلاق كأنه مُسلم به و تعايش معه:
الحب من غير أمل أسمى معانى الحاجات يا يسرية
نظر "آدم" بضيق لما قاله،ثم هتف بحنق:
تصدق أنك فصيل و أنا غلطان أنى بسألك
حاول "أحمد "الخروج من حزنه بالهروب لأحزان أصدقاءه فهتف متسائلًا :
طب سيبك منى، أنت مش خايف ليلى تحب حد تانى ؟ خاصة وأنها لغاية الوقتى لسه متعرفشى أنك طالب ايدها من أبوها
خلل"آدم" شعره بأصابع يده ثم قال بهيام وعشق :
مرعوب ،مش  بس خايف،بس فى نفس الوقت عايزها تعيش حياتها مش عايز أخنقها يا أحمد ، أنا خايف عليها من نفسى حتى ،خايف  أقيد حريتها ،وأحرمها من المرحلة اللى فيها، نفسى تحبنى حب ناضج مش لمجرد أنى الوحيد اللى دخلت حياتها أو أنى الشخص الوحيد اللى قدامها ،بعد فتره هتندم على اختيارها وهتعرف أنها كانت مراهقه وبس ، ويا هننفصل يا هتكمل حياتها معايا مرغمة ،ليلى من أول مرة شوفتها فيها وأنا خسرت قلبى قدامها ، ومعنديش مانع أخسر عمرى كله عشانها بس تكون مقتنعة ومبسوطة بس
صمت لبرهة حين أدرك أنه تفوه بالكثير ،فالتفت لصديقه قائلًا بحرج:
أسف يا غيث الكلام خدنى وعكيت شوية،لا مش شوية دا قوى
أجابه "غيث" قائلًا بنظرة حادة يمكن إعتبارها كتهديد صريح:
لولا أنى عارف قد ايه بتحبها وأنك راجل من البداية ودخلت البيت من بابه، كان زمانك مرمى من البلكونه دى
رد"آدم"  عليه ببعض الخوف نتيجة لتهديده:
طب الحمدالله ،الحلال أحلى برده
قطع تلك اللحظة المشحونة صوت "أحمد" متسائلًا:
وأنت يا غيث؟
قطب "غيث"حاجبيه متسائلًا بتعجب:
أنا ايه؟ مش فاهم
رد  أحمد" عليه قائلًا :
ياعم أنت والحب، ايه نظامكم سوا ؟
ابتسم "غيث" بسخرية ثم قال بإستهزاء على حاله:
أنا والحب ملناش نظام سوا ، مستحيل نتقابل يا أحمد ،مفيش واحدة ممكن تستحملنى ؟ مفيش واحدة ممكن تحارب معايا وعشانى ،أنا انسان مبهر مثير للفضول لكن أتحب بجد لا
قاطعه "آدم" قائلًا  برفض واضح على حديثه :
ليه يا غيث؟ دا أنت أجدع صاحب قابتله فى حياتى وأحن أخ ممكن حد يقابله
علق "غيث" على حديثه قائلاً بسخرية يحاول بها الهروب من ألمه:
لكن فى الحب صفر على الشمال
قاطعهم "أحمد" قائلًا بخبرته المعهودة بهذا المجال:
على فكرة لا ، هى بس البنت المناسبة تدخل حياتك وهتتحول تسعين درجة حرفيًا هتلاقى نفسك شاعر ورمانسى وبتحارب عشانها ، هتتنطط حرفيًا عشان بس تسمع منها كلمة صباح الخير ،أنت بس لسه مقبلتهاش
التفت "آدم" لينظر بأعين غيث مباشرة ثم قال مغزى:
وممكن قابلها بس ميعرفشى
تأفف "غيث" بشدة من محاصرة أصدقاءه له ،فقال بتذمر :
هو أنا لعبتكم النهارده يعنى ولا ايه ؟ كل واحد عمال يحدفنى للتانى
تناول "أحمد" رشفة أخيرة من كوبه رغم برودته الواضحة،ثم قال بتلاعب :
طب بص سييك من كل اللى فات ،أحكيلى بصرحة أنت شايف الحب إزاى ؟ يعنى غيث لو حب هيكون عامل ازاى ؟
حرك "غيث" كتفيه بلامبالاة قائلاً:
معرفشى
نظر "أحمد" له بنصف عين ثم قال بإستفزاز:
طب أسرح الوقتى وأعرف،أدينا قاعدين جمبك
رفع"غيث" أحد حاجبيه قائلًا بتذمر:
دا أنت مصر بقى
رد"أحمد "عليه بنبرة جامدة:
ما هو مش هسيبك إلا لما تقول ،كلنا قولنا والدور دلوقتى عليك
هتف"غيث"بإعتراص قائلًا:
هو playstation5 ومقسمين اللعب بالدور يا ابنى
لكن "آدم" تدخل فى الحوار قائلًا بنبرة لاتقبل النقاش:
غيث انجز وأتكلم
زم "غيث" شفتيه  قائلًا بتبرم :
حتى أنت يا آدم
رد "آدم" عليه قائلًا بإبتسامة صفراء :
آه حتى أنا ،وبطل فرك وأنطق

تنهد "غيث" بحرارة ثم هتف بصوت يكاد يُسمع :
مش عارف لو حبيت هبقي عامل إزاى؟ بس اللى متأكد منه أنى هبقى حد تانى، هبقى عصبى أكتر وخايف أكتر ،هخاف عليها من كل حاجه،حتى أنا ،هحب أشوفها فى  كل ثانية ، هخدها لمكان بعيد،بعيد عن كل الناس والمشاكل والصراعات، هخدها ونهرب أنا وهى بس ،مش هسمح بحد تالت يدخل بينا ، هتبقى بنتى وأختى وصاحبتى وأمى ومراتى ، هتبقي كل حاجه فى حياتى ،مستعد عشانها أحارب كل الأرض بس هى توافق بس وأنول رضاها
هدأ"غيث" قليلًا يحاول ضبط وتيرة تنفسه ثم أكمل بهيام واضح:
مش هيبقي فى أنا وأنتِ هيبقي فى أحنا وبس ،جسدين بروح واحدة ،لو أطول كنت دخلتها جوايا ومخليش أى حد يشوفها ،هتفضل عينى عليها، خايف فى أى لحظة تمشى وتسيبنى ،ولما تسيبنى هموت
حين قال تلك الكلمة توقف عن الحديث فشبح الماضى تجسد أمامه ،نظر لأعين الجالسين مُبتسمًا بسخرية ثم قال :
عارفين أوقات كتير بقول أنا مليش فى الحب ،بس فى الحقيقة أنا خايف منه ، خايف أحب وأتعلق وأتعود على أن يبقي فى حد ف حياتى ،حد أنا اللى اختارته بكامل إرادتى ،أنا مفيش أى حاجة فى حياتى  من اختيارى حتى أنتم الظروف اللى حطتنا قدام بعض لك هى هتبقى الوحيدة ،الوحيدة وبس
أنا خايف تروح منى وأنا لسه حتى ملقتهاش ،مابالك لو لقتها هبقي عامل إزاى ؟
لا ياجماعه غيث مينفعشى فى الحب
نظر له "أحمد" بتعجب صريح ،لا يصدق كل ما تفوه به صديقه، لم يكن يعرف بأن ذلك الجانب موجود به ،غيث والكلام العاطفى فى جملة واحدة شىء لا يصدق على الإطلاق، فصاح متزمرًا :
بعد كل الكلام اللى قاله دا ويقولك مينفعشى فى الحب ، مينفعشى فى البطيخ ، دا أنت ماشى تحب على نفسك يالا
جز "غيث"على أسنانه بضيق ،ثم قال مهددًا إياه : 
أحترم نفسك أحسنلك
نظر"أحمد"  له بسخريةً متلاعبًا بحواجبه ثم قال بلا مبالاة :
هتعمل ايه يعنى ؟ هتضرينى ،عادى أضرب براحتك بس كله إلا الوش ،وسامتى أهم شىء عشان البنانيت حبايبى
صاح "آدم" قائلًا بحنق :
أضربه يا غيث بجد، الولد دا فاقعلى المرارة من زمان
هتف"أحمد" قائلًا بإعتراض واستنكار :
أنت مش شايل المرارة يا ابنى ؟ولا هو أى تلزيق فيا وخلاص
لمعت عين"آدم" حين طرأ بعقله تلك الفكرة الشيطانية فقال موجهًا حديثه" لغيث":
تيجى نتراهن اللى يضرب الواد دا أكتر يطبخ للتانى أسبوع كامل
نال ذلك الإقتراح استحسانه لذلك عقب "غيث "على حديثه قائلًا بخبث:
الرهان حرام ،بس خلينا نقول أن جائزة ضربة أكل لمدة أسبوع حلوة دى
غمز "آدم" له ،ثم قال بمرح بعد أن سلط نظره نحو فريسته المنتظرة :
تعجبنى
شعر "أحمد" ببعض الخوف من تلك النظرات الموجهة له ،لذلك هتف متسائلًا بنبرة مضطربة:
أنتم بتبصولى كدا ليه ؟ أنتم عايزين منى ايه؟!

لم يجبه أحد  بل بدأوا  فى الإقتراب منه رويدًا رويدًا و على وجههم نظرة مخيفة و سعادة غريبة
و بمجرد أن رأى ذلك  نهض مسرعًا من فوق مقعدة ،بات يجرى بكل أنحاء الشقة هُروبًا منهم و لكن ما باليد حيلة فطعام أسبوع كامل على شرفه .

........................................................................

(بمنزل الست فاطمة)
خرجت من الغرفة بعدما لم تتمكن من النوم جيدًا فعقلها مشغول بابنتها التى لم تهاتفها مساءًا كالمعتاد ،لكنها شعرت بببعض الحركات الآتيه من المطبخ ،لم تكن تعتقد أن هناك من استيقظ بخلافها ،وحين دخلت  لتتبين حقيقة تلك الأصوات والحركات وجدت تلك الشقية وأمامها طبق كبير يحمل العديد من الطعام ،لم تتمالك نفسها وانفجرت ضاحكة مما سبب الفزع للآخرى لتهتف بضيق:
خضتينى يا طنط منى ، فى ايه ؟
هتفت "الست منى "بإعتراض واضح :
أنا اللى فى ايه برده ؟،بقى يابت أسيب شقتى وأنام معاكم هنا عشان فاكرينك زعلانه وبتاع وفى الآخر قاعدة فى المطبخ تاكلى سندوتشات جبنه رومى
أجابتها "وعد" قائلةً بتبرم :
ما أنا بحبها ،وبعدين أنتم سديتوا نفسى وقت العشا، يرضيكى أنام جعانه يعنى
ابتسمت "الست منى "على طريقتها،ثم أردفت بسخرية :
لا ميرضنيش يا لمضة ،أمك شافتك وأنتى خارحه من الأوضة؟
حركت "وعد" رأسها بالنفى ثم قالت لها تشرح ما فعلته :
لا اتسحبت من جمبها براحة عشان مقلقش نومها،ست كبيرة بردة وشقيانه طول اليوم
أومأت"الست منى " برأسها واتجهت ناحية الموقد لإعداد  مشروبًا ساخنًا ثم سألتها :
تمام ، أعملك كوباية شاى معايا ونقضيها فى البلكونه للفجر
ابستمت "وعد" بخجل مزيف قائلةً بإبتسامة مشرقة:
أنتِ عارفه أنى محدش بيفهمىن فى البيت دى غيرك صح ؟

قهقهت "الست منى"  على حديثها بشدة ،فتلك الفتاة حقًا لا يمكنك معرفة ما يدور بعقلها ومتى تكون مطيعة ووديعة؟  ومتى تتحول لوحش كاسر قد يفتك بمن أمامه ؟ ثم قالت من بين ضحكاتها :
بكاشه بس بحبك يا وعد

أعدت الشاى وخرجا سويا للشرفة ،كان الجو هادئ للغاية والسماء صافية يشوبها بعض النجوم المضيئة
سألتها وعد بينما كانت تلتهم ما  بيدها :
أنت سهرانه ليه يا طنط منى ؟
ردت عليها بحزن دفين والقلق يسيطر عليها بشكل بشع   :
رنا مرنتش عليا النهارده قبل ما تنام  زى عادتها ،وقلقانه قوى ، ورنيت كذا مرة أدانى مغلق ،خايفة يكون حصلها حاجة
ربتت "وعد" على كتفها قائلة بحنان :
متقلقيش ياطنط ،هتلاقيها نامت بدرى والفون فصل ولا حاجه، أكيد يعنى أنت عارفه رنا لو فى حاجة  حصلت كانت كلمتك علطول
أكدت على حديثها  قائلةً بالدعاءِ:
يارب يا وعد ،يارب قلبى مش هيستحمل
حاولت "وعد" التخفيف عنها وإشعارها ببعض الطمأنينة لذلك قالت بهدوء:
تفائلوا بالخير تجدوه ياطنط منى
ابتسمت "الست منى "على حديث تلك الصغيرة لاتنكر أنها نجحت بالفعل فى تهدئتها ؛لذلك قالت :
والله وكبرتى وبقيتى تنصحينى يا قردة
ابتسمت "وعد"على هذا المدح ثم قالت بفخر:
لا أعجبك أنا
حركت رأسها موافقةً ثم قالت بمرح :
واضح واضح

وظلا سويًا إلى أن أشرق الصباح ،كانا يتحدثان بالكثير من الأمور ،مجرد الدردشة مع شخص آخر تريح المرء قليلًا لكنها مسكن مؤقت لألام الماضى التى لا يمكن تسكينها

......................................................................

حل الصباح آخيرًا ولم يستيقظ أحد سوها،خرجت من غرفتها متجهةً لشرفة المنزل ،أخرجت هاتفها من جيب بنطالها ثم ضربت عدة أرقام ،انتظرت لثوانى معدودة ثم أجابها الطرف الآخر قائلًا:
ها طمنينى،عملتى ايه؟ اتصرفتى فى الفلوس ولا لسه ؟
هسمت"ديما" بصوت خافت كى لا يسمعها أحدًا من أهل المنزل:
أيوه اتصرفت ،الأسبوع الجاى هيكونوا عندك
رد عليها بسعادةوخبث:
حلو قوى كدا
لكنها هتفت بتوتر من أن يطالبها بمال مجددًا:
بس اسمعنى دى آخر مرة ،مش هقدر اتصرف بعد كدا ، دى القيامة قامت هنا عشان الفلوس دى بس
تأفف من ذلك الحديث فهى لن تكون الآخيرة بالتأكيد ،ثم قال بكذب:
تمام،سلام
التفت عائدةً لغرفتها  لكنها صُدمت بالواقفة أمامها و وجهها لا يبشر بالخير على الإطلاق

_يتبع_
_الجزء الأول، الفصل الثاني و العشرون _
_مريض نفسى بالفطرة _

______________________________________

Don't forget the vote, please
أتمنى الفصل يعجب حضراتكم و مستنيه أرائكم، تصبحوا على خير

Continue Reading

You'll Also Like

3.4K 94 11
رواية سودانية بقلم ام الخلفاء
7.6K 330 32
كيف تحيي الفتاة فى حماية المتملك، فهو متملك يعشقها ويحبها حد الجنون، وهى تحتاج الامان والحماية ولكنها لاتعرف الحب فهل ستتعلم الحب على يد المتملك ام س...
11.6K 974 32
" مشاعرهم النقيه والتى وُلِدت فى ظلام الخوف والفقدان ، مشاعراً كُتِب لها أن تَكبُر ، كُتِب لها أن تنتصر على قسوة الأيام " -تَزول آلامُ جِراحنا وتبقى...
5M 443K 50
• حقيقة.!!! يتشاءمون بالغُراب إِذا نعق ويتشاءمون من الغربيب إذا زهقّ بـكّرَ بُـكُورَ الغُـرابِ أذا تَـوهَق ماكـر وحـذر، شـرس، وسـفاحٌ جاء لِيشرق ويغ...