تَعَافَيْتُ بِكَ

By ShamsMohamed969

15.2M 642K 220K

ظننتُ أن قلبي هذا لم يخلق له الحب، و ظننتُ أنني لم أملكُ يومًا قلب؛ إلا أن وقعت عيناي على عيناكِ ففرح قلبي بر... More

الاقتباس الاول
البارت الأول (عريس صالونات)
الفصل الثاني (كونه حنونًا)
الفصل الثالث (الليل و سماه)
الفصل الرابع(إعتذار)
الفصل الخامس (رؤية شرعية)
الفصل السادس (عقد قران)
الفصل السابع(اللقاء الأول)
الفصل الثامن(طبيبة نفسية)
الفصل التاسع(رُهاب إجتماعي)
الفصل العاشر (هل مستعد؟)
الفصل الحادي عشر (لا يريد الخِطبة)
الفصل الثاني عشر (هل وافقت؟)
الفصل الثالث عشر (فلنقرأ الفاتحة)
الفصل الرابع عشر (عيد ميلاد)
الفصل الخامس عشر (موعد اللقا)
تنويه🕊️
الفصل السادس عشر (هدير السبب)
الفصل السابع عشر (كُتبَ الكِتاب)
الفصل الثامن عشر ( مُقابلة)
الفصل التاسع عشر (من أين تعلم؟)
الفصل العشرون (لا تأتي)
الفصل الحادي والعشرين (لأنها فراشة)
الفصل الثاني والعشرون (شكرًا)
الفصل الثالث والعشرين (غرقتُ بعيناكِ)
الفصل الرابع والعشرين (طريقة علاج)
الفصل الخامس والعشرون (لأجلكِ)
الفصل السادس والعشرون (أول مرة)
الفصل السابع والعشرون (لن أتركك)
الفصل الثامن والعشرون (براءة قلبها)
الفصل التاسع والعشرون (ماضٍ لا يُنسى)
الفصل الثلاثون(عروس لعبة)
الفصل الواحد والثلاثون (قاعة زفاف)
الفصل الثاني والثلاثون (الحب القديم)
الفصل الثالث والثلاثون (من عاشر القوم)
الفصل الرابع والثلاثون (لن أستطع)
الفصل الخامس والثلاثون (قمرٌ ضائع)
الفصل السادس والثلاثون (في حمايتك)
الفصل السابع والثلاثون (بداية جديدة)
الفصل الثامن والثلاثون (ما إسمه)
الفصل التاسع والثلاثون (لا يقارن بأحدٍ)
الفصل الأربعون (يزيد حنقه)
الفصل الواحد وأربعون (أنا سأعرفك)
الفصل الثاني و الأربعون(أبو جميلة)
الفصل الثالث و الأربعون( مشيرة الرشيد)
الفصل الرابع و الأربعون (لن أريحكِ)
الفصل الخامس والأربعون (عروس مثل القمر)
الفصل السادس و الأربعون (زغروطة؟)
الفصل السابع و الأربعون (فرح)
الفصل الثامن و الأربعون (صرخةمن الماضي)
الفصل التاسع و الأربعون (العقارب على سمومها تقترب)
الفصل الخمسون (بك تعافيت)
الفصل الأول الجزء التاني (لن أستطع)
الفصل الثاني_الجزء الثاني (مريض)
الفصل الثالث_الجزء الثاني ( البقاء لله)
الفصل الرابع_الجزء الثاني(
الفصل الخامس_الجزء الثاني(لم يراعي شعوره)
الفصل السادس_الجزء الثاني (كتاب دين)
الفصل السابع_الجزء لثاني (وعد بالطلاق)
الفصل الثامن_الجزء الثاني (هل تعرفها؟)
الفصل التاسع_الجزء الثاني (كوب قهوة)
الفصل العاشر_الجزء الثاني(منذ ١٣عام)
الفصل الحادي عشر_ الجزء التاني (وضعهما غريب)
الفصل الثاني عشر_الجزء الثاني (مريض نفسي)
إعتذار رسمي
الفصل الثالث عشر _الجزء الثاني(اختبار صغير)
الفصل الرابع عشر_الجزء الثاني (خطيب الآنسة)
الفصل الخامس عشر_الجزء الثاني (مفاجأة)
الفصل السادس عشر_الجزء الثاني (إلحق)
الفصل السابع عشر_الجزء الثاني (يلقى مصيره)
الفصل الثامن عشر_الجزء الثاني ( ضربة سكين بمقتل)
الفصل التاسع عشر_الجزء الثاني( أنا مستعد)
الفصل العشرون_الجزء الثاني (من طُعن بالسكين ؟)
الفصل الحادي و العشرون_الجزء الثاني(عودة وليد الرشيد)
الفصل الثاني والعشرون_الجزء الثاني( لحظة ترقب)
الفصل الثالث و عشرون_الجزء الثاني( حول الهزيمة لنصرًا)
الفصل الرابع و العشرون_الجزء الثاني( هل جدير بالثقة؟)
الفصل الخامس و العشرون_الجزء الثاني(منك لله!)
الفصل السادس و العشرون_الجزء الثاني ( تخضعين للعلاج)
الفصل السابع و العشرون_الجزء الثاني ( أثر الفراشةِ)
الفصل الثامن و العشرون_الجزء الثاني (وضعت نفسها بمأذق)
الفصل التاسع و العشرون_الجزء الثاني (صفعةً مدويةً)
الفصل الثلاثون_الجزء الثاني (بالأدب)
الفصل الواحد و الثلاثون_الجزء الثاني( بأي ذنبٍ قُتل؟)
الفصل الثاني و الثلاثون_الجزء الثاني (الصبر على الابتلاء)
الفصل الثالث و الثلاثون_الجزء الثاني (صرخة ألم)
الفصل الرابع و الثلاثون_الجزء الثاني (ما هو إسمه)
الفصل الخامس و الثلاثون_الجزء الثاني (من حفر حفرةً لأخيه)
الفصل السادس و الثلاثون_ الجزء الثاني ( هل سيترك حقه؟)
الفصل السابع و الثلاثون_الجزء الثاني (وُضِعَ بمأذقٍ)
الفصل الثامن و الثلاثون_الجزء الثاني (فهم ظنونه)
الفصل التاسع و الثلاثون_الجزء الثاني (تسببت بمصيبةً)
الفصل الأربعون_الجزء الثاني (موعد الحق)
الفصل الواحد و الأربعون_الجزء الثاني (كيف يتصرف؟)
الفصل الثاني و الأربعون_الجزء الثاني (نجم شارد)
الفصل الثالث و الأربعون_ الجزء الثاني ( كيف هنا؟)
الفصل الرابع و الأربعون_الجزء الثاني (فرحة البيت)
الفصل الخامس و الأربعون_الجزء الثاني(ما لم يُحمد عقباه)
الفصل السادس و الأربعون_الجزء الثاني (تتعرفون عليها؟!)
اقتباس من الفصل القادم (تحت التهديد)
الفصل السابع و الأربعون_الجزء الثاني (ماذا يفعل هنا ؟!)
الفصل الثامن و الأربعون_الجزء الثاني (الحبايب هنا)
الفصل التاسع و الأربعون_الجزء الثاني (شر الدنيا)
الفصل الخمسون_الجزء الثاني (سبب الفرحة)
الفصل الواحد و الخمسون_الجزء الثاني(باح بالسر)
الفصل الثاني و الخمسون_الجزء الثاني (ما هي المفاجأة ؟)
الفصل الثالث و الخمسون_الجزء الثاني (عودة الحق)
الفصل الرابع و الخمسون_الجزء الثاني (الموعد المضبوط)
الفصل الخامس و الخمسون_الجزء الثاني (بالغصب)
الفصل السادس و الخمسون_الجزء الثاني (قنبلة موقوتة)
الفصل السابع و الخمسون_الجزء الثاني (طريقة خاصة)
الفصل الثامن و الخمسون_الجزء الثاني (فض شراكة)
الفصل التاسع و الخمسون_الجزء الثاني (فراق الحبيب)
الفصل الستون_الجزء الثاني (تمزق الروح)
الفصل الواحد و الستون_الجزء الثاني (عصفورٌ في اليد)
اقتباس من الفصل الجديد
الفصل الثاني و الستون_الجزء الثاني (حرية الاختيار)
الفصل الثالث و الستون_الجزء الثاني (وجهةٌ مصوبة)
الفصل الخامس و الستون_الجزء الثاني (لا حول ولا قوة)
الفصل السادس و الستون_الجزء الثاني (الكرة في ملعبه)
الفصل السابع و الستون_الجزء الثاني (ليلٍ لا يدوم)
الفصل الثامن و الستون_الجزء الثاني (بالطبع مستحيل)
الفصل التاسع و الستون_الجزء الثاني (السقوط في بئر الضياع)
الفصل السبعون_الجزء الثاني (مغيب عن الواقع)
الفصل الواحد و السبعون_الجزء الثاني (حرق أعصاب)
الفصل الثاني و السبعون_الجزء الثاني (لم يكن خيرًا)
الفصل الثالث و السبعون_الجزء الثاني (حالة صدمة)
الفصل الرابع و السبعون_الجزء الثاني (لمن النصر؟)
الفصل الخامس و السبعون_الجزء الثاني (الموت قادم)
الفصل السادس و السبعون_الجزء الثاني (فخورًا بنفسه)
الفصل السابع و السبعون_الجزء الثاني (حق الاستغلال)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (عوض الله)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (ماذا تريد)
الفصل الثمانون_الجزء الثاني (أول سحور)
الفصل الواحد و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفي بوعده؟)
الفصل الثاني و الثمانون_الجزء الثاني (عودة الروح)
الفصل الثالث و الثمانون_الجزء الثاني (انسحبت الروح)
الفصل الرابع و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفيد بشيءٍ)
الفصل الخامس و الثمانون_الجزء الثاني (بكل راحة و يسر)
الفصل السادس و الثمانون_الجزء الثاني (رحمة الله عليه)
الفصل السابع و الثمانون_الجزء الثاني (ألم فقدانها!)
الفصل الثامن و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيشعر به؟)
الفصل التاسع و الثمانون_الجزء الثاني (واقع أم حُلم؟)
الفصل التسعون_الجزء الثاني (إخطار من الوزارة)
الفصل الواحد و تسعون_الجزء الثاني (نظرةٌ قارنها العتاب)
الفصل الثاني و التسعون_الجزء الثاني (طوق نجاة)
الفصل الثالث و التسعون_الجزء الثاني (وحي الخيال)
الفصل الرابع و التسعون_الجزء الثاني (محاولة فاشلة)
الفصل الخامس و التسعون_الجزء الثاني (الزمن يُعاد)
الفصل السادس و تسعون_الجزء الثاني (غياهب الظلام)
الفصل السابع و التسعون_الجزء الثاني (ليلة الحنة)
الفصل الثامن و التسعون_الجزء الثاني (نهاية القصة)
تنويه هام🦋❤️
تجميعة الحلقات الخاصة

الفصل الرابع و الستون_الجزء الثاني (عقل مريض)

72.6K 3.5K 1.3K
By ShamsMohamed969

"الفصل الرابع و الثلاثون"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
_________________________

"رحل عني الحبيب و تركني و ذهب، فياليته لم يغادرني و يا ليت الماء قادرًا على إطفاء ما بي من لهب.
_________________________

"خطأٌ وقع عليَّ إثمه، فلا أنا بمذنبٍ و لا أنا بفاعله، فما ذنبي أنا أعاني من خطأ الآخرين لـ أظل واقفًا كما لو أنني مَهين، ثمة بعض أخطاءٍ يقترفها غيرك و تنغرس بها قدمك و يحاسبونك عليها جميعهم كما لو أنك اقترفت الفعل المشين، و لكن على الرغم من وقوع الإثم ستبقى أنتَ دائنًا و ليس بـ المدين"

وقف «ياسين» في الأرض ثابتًا و الرجال المسلحون حوله و حول العُمال، و فجأة خرجت الطلقة من فوهة السلاح الآلي و لكن قبل أن تصل لمصدرها الموجهة نحوه كان «ياسين» يلتصق بالأرض و فوقه «يوسف» و قد هجم عليه من الخلف حتى يحول بينه و بين الرصاصة، و قد نجح في ذلك قبل أن تخترق جسد «ياسين».

زفر العمال براحةٍ حينما تحرك «ياسين» و «يوسف» معًا مما دل عن نجاة كليهما من ذلك الاختراق، فتحدث «يوسف» منفعلًا في وجهه:
"أنتَ مجنون ؟! واقف قدامه و هو ماسكلك السلاح؟! أنتَ بتفكر ازاي؟!"

رد عليه «ياسين» بضجرٍ و انفعالٍ:
"أنا مبهربش و مبخافش غير من اللي خلقني يا يوسف، بس أنا مش فاهم مين دول ؟!"

كانت حالة الصدمة و الذهول تسيطر على الجميع بعد تلك الواقعة و الرجال كما هم بسلاحهم حتى اعتدل «ياسين» بعدما استند على يوسف و اعتدل كليهما في تزامنٍ مع بعضهما، فتحدث الرجل الذي سبق و أطلق السلاح بعدائيةٍ شديدة:
"فلت منها يا بشمهندس، مع أني كان بِـ ودي اجيبها في دماغك، بس ملحوقة الرجالة موجودة و هياخدوا حقهم"

أشار لرجاله بعد حديثه حتى يقتربوا من «ياسين» و يطرحوه ارضًا، و لكن قبل أن تمتد قدم أيًا منهم رفع «يوسف» صوته قائلًا بلهجةٍ حادة:
"اقـف م في مكانك أنتَ و هو، اقسم بربي اللي هيقرب خطوة مننا أنا هفلقه نصين"

تحدث الرجل بصوتٍ منفعلٍ:
"ملكش دعوة أنتَ بالكلام دا، خليك في شغلك و احنا هناخد الهندسة نتفاهم معاه لحد ما اللي مشغلينه يظهروا"

حينها و بُغتةً أخرج «يوسف» سلاحًا يشبه السكين "مطوة" ثم حركها في كفه حتى ظهر نصلها الحاد ة بعدها اشهره في وجه الرجال و هو يقول بنفس الحِدة:
"طب اللي قلبه جايبه ييجي هنا، موضوعك مع صحاب الشغل، و ياسين ملوش علاقة بكل دا، و البشمهندس في حمايتي"

طالعه «ياسين» بتعجبٍ، فتحدث الرجل بحدةٍ و غلظةٍ:
"و هو حقي أنا و حق الرجالة ة العطلة اللي بينا فيها دي مين يحاسبنا عليها؟! أنتَ ترضاها ؟! أنا هاخد البشمهندس لحد ما اللي شغلوه يظهروا"

رد عليه «ياسين» منفعلًا:
"يا عم ناس مين دول ؟! فيه حاجة في مخك؟؟ أنتَ تعرفني يا عم أنتَ؟! فــيه إيــــه"

نطق بنبرةٍ جهورية عالية تجمع الحزم و الشدة، حتى اقترب منه الرجل و هو يشير برأسه نحو العُمال و قال:
"ابقى اسأل الناس اللي معاك و هما يعرفوك و لحد ما المشكلة دي تتحل و ناسك يظهروا الراجل هتفضل محاوطاكم هنا، ولو الشغل بدأ، روحك هترجع تاني لربك"

اتسعتا حدقي العُمال بخوفٍ، بينما «يوسف» تحدث بتهكمٍ:
"اعملها علشان روحك تطلع قبل روحه، اقسملك بربي لو ياسين حد قرب منه بس لأموته، و روحي و روح اللي يتشددله تروح قبل روحه"

كان كما هو لازال يمسك السلاح بيده "المطوة" و هو يشهرها في وجه الرجال، فتحدث «ياسين» مُسرعًا بنبرةٍ أهدأ:
"يا حج، بالهدوء بس و نتفاهم، أنا معرفكش و معنديش أي فكرة عن كلامك، و مشوفتكش قبل كدا، قولي إيه مشكلتك؟!"

رد عليه بنبرةٍ جامدة:
"لأ، زي ما هما رفضوا يتكلموا و فكرونا عيال صغيرة معاهم، يبقى يستحملوا بقى، و أنتَ هتفضل هنا بس رجالتي هيفضلوا معاكم هنا، و لو فكرت تبدأ شغل بس ههده فوق دماغك"

قبل أن يتفوه بكلمةٍ واحدة أطلق الرجل رصاصةً في الفراغ بسلاحه حتى يُنهي الحوار ثم توجه نحو السيارة يركبها و الرجال كما هم وقفوا جميعًا بجانب بعضهم، و السلاح في أيديهم، يشهرونه في وجه «ياسين» و العُمال الذين وقفوا بخوفٍ و الرجال حولهم يحاوطونهم حتى نظر لهم «ياسين» بتيهٍ و «يوسف» أغلق سلاحه ثم وضعه في جيب بنطاله.
_________________________

صرخت «حنان» في وجهيهما بهياجٍ واضحٍ و انفعالٍ بعد حديث «وليد»، فتحدث هو مُتشفيًا بها بقوله:
"قولتلك بلاش أنا علشان مزعلكيش، لو أنا واطي زيك كان زماني مطلقهم من بعض و مخلي أختي محفوظة في بيت أهلها و أنتِ هنا، و أخوكي الدنيا كلها مقفولة في وشه، بس أنا جدع علشان خاطر اخوكي قبل خاطر أختي"

تحدثت هي بتهكمٍ تسخر منه و من حديثه:
"آه ما هو واضح فعلًا، بدليل إنك نصبت عليه و خدت منه كل حاجة و مش بعيد تكون متفق مع بنت عمك علشان تاخد ورثه و تسلمه ليك، بس أنا مش هسكت، هرفع قضية و هاخد حقي و هتهمك إنك بتستغل أخويا"

غمز لها بثباتٍ و هو يقول:
"خدي دي كمان بقى ، بحطله حاجة أصفرة و بغرغر بيه علشان يسمع كلامي، روحي ارفعي القضية و أنا بنفسي هاجي أشهد معاكي"

اعتلى الغل قسمات وجهها و بات الحقد الدفين واضحًا على وجهها و نظرتها، فأضاف هو بدهاءٍ:

"أي عقد علشان تروحي تطعني فيه لازم يبقى على الأقل فيه نسبة بطلان، و العقد اللي معايا سليم مفهوش خدش حتى، خرج من حسن و هو كامل الأهلية و بالغ راشد دون اكراه أو اجبار، و راح لهدير البالغة العاقلة الراشدة من غير اي ضغط عليهل، يعني عندنا عقد متكامل الأركان، المحل و الرضا و علاقة السببية بينهم و هو أنها مراته و اشترت كل حاجة منه و هو قبض التمن، هاتي أخرك بقى علشان اللي قدامك ملوش أخر يتجاب"

بصقت في وجهه بغلٍ واضحٍ على وجهها حتى أغلق هو عينيه محاولًا التحكم في غضبه فتحدثت هي بعد فعلتها تلك بقولها:
"أنتم عالم حرامية و أنا هوديكم في ٦٠ داهية، و أنتَ بالذات يا صايع يا ابن***** مش هسيبك"

قبل أن يرد عليها هو أمسكت «مشيرة» وجهها بيدها و القبعة الشتوية فوق رأسها و قد قبضت عليها و على خصلاتها أسفل تلك القبعة حتى تأوهت بألمٍ من تلك التي تمسك بوجهها و رأسها، فتحدثت «مشيرة» بصوتٍ حاد:

"اسمعي يا ولية !! تغلطي في حد يخصني أنا ممكن أخلصك من الدنيا كلها يا عين أمك، و ابن أخويا اللي بتغلطي فيه و في أبوه دا أنا ممكن أخليه يربيكي بجد، و لا ليه؟! أنا موجودة و ممكن أربيكي في ايدي، و أسألي حتى اللي سبقوكي و الزمن رماهم تحت أيدي، جرى أيه يا حلوة ؟! فاكرة الدنيا كلها هتفضل تحت طوعك؟! حقك و خلصتيه من اخوكي زمان و حتى مهانش عليكي تأمني مستقبله و تقفي جنبه، بس نقول إيه؟! قلة الأصل على الكيف و أنا هربيكي يا حنان"

انقضت عليها «مشيرة» تقوم بعض رقبتها و الأخرى تصرخ بين ذراعيه حتى سحبها «وليد» و هو يحاول كتم ضحكته تزامنًا مع قوله الذي جاهد هو حتى يتحدث به:
"خلاص....خلاص يا مشيرة، سيبك منها يا ستي، قومي"

سحبها من ذراعها و هي تحاول التملص من بين يديه حتى تضرب تلك المزعومة «حنان» حتى صرخت في وجهه:
"سيبني اربيها يا وليد، دي بتغلط في شرف بنتي، بقى أنا بنتي غلطت مع واحد و لزقناها لأخوكي؟! أنتِ تطولي يا معفنة إنك تناسبينا؟! اتفو عليكي"

بصقت في وجها فتحدث «وليد» مهددًا لها:
"أنا كدا خدت حق أختي تالت و متلت، كفاية قهرتك على الفلوس اللي راحت منك، زي ما زعلتي كدا إن أخوكي عايش مرتاح بعيد عنك، بالشفا"

التفت حتى يغادر الشقة و هو يمسك بيد عمته لكنه حرك رأسه للخلف يقول بنبرةٍ هادئة:
"آه، أظن كدا أنتِ متأكدة إن الشقة مش شقتك و لا شقة أخوكي، ياريت تروحي مطرح ما جيتي، أصل أنا مش هخلي أختي تبات برة ملكها كتير، واخدة بالك ؟! مـلـكـها"

اتكأ على حروف كلمته الأخيرة بتروٍ و ثباتٍ ثم غادر الشقة مع عمته، و هي في الخلف تشعر بالحقد عليهم جميعًا و لوهلةٍ تأكدت أنها خسرت كل شيءٍ حتى رابطة الدم مع أخيها، و لكن هل حقًا خسرت أمواله؟! لطالما كانت تود السيطرة عليه و على ممتلكاته جميعها حتى تصبح الآمرة الناهية عليه، لكنه كسر كل توقعاتها تلك حينما عاش مع عائلة الرشيد و ترعرع بكنفهم، حتى و إن لم يكن من نفس الدم، لكنه استطاع أن يعيش وسطهم كما لو أنه أحد ابناء العائلة، ليثبت أن رابطة الحب و المودة اقوى من روابط الدم حتى و إن كانت فرضًا عليك، ما لم تقترن بها الرحمة و يرافقها الود، فالحياة بدونها أحق.
_________________________

نزلا كليهما سويًا و «مشيرة» تشعر بالنيران تزداد بداخلها حقدًا على «حنان» التي أثارت حنقها و اضرمت النيران بداخلها نتيجة تفكيرها و طريقتها، كانت في السيارة تهز قدميها بانفعالٍ واضحٍ حتى سألها «وليد» بعدما حرك السيارة بجديةٍ زائفة و كلماته ينبثق منها الهزل:
"اهدي يا مشيرة و ريحي نفسك، مالك؟! مش خلاص خدتي حقك منها و عضتيها في رقبتها ؟! خلاص هو أنا واخد معايا زومبي؟!"

ردت عليه بانفعالٍ و غيظٍ:
"مش مكفيني، لولا وجودك بس كنت قلعت شعرها في ايدي، مبقاش غير حنان دي كمان تشتمك و تقول عليك صايع، صايع في عينك، نسيت نفسها لما كانت أرفع من خلة السنان؟! بس ماشي الزمن يينا طويل، مش هسيبها"

رد عليها هو بنبرةٍ هادئة:
"و الله العظيم هي كدا اتقهرت صح، طالما الورق دا هي شافته بعينها و اتأكدت إنها امضة أخوها كدا هي هتتجنن، طول عمرها عاوزة تكسب كل حاجة، بيتها و جوزها و ورثها و حياتها تستقر و فوق البيعة دي كمان حسن بفلوسه و ورثه"

تنهدت هي بعمقٍ ثم تحدثت بعدما استعادت رابطة جأشها:
"يلا في داهية تاخدها، بس مش مشكلة كفاية أوي إنها اتقهرت ة بان في عنيها كدا، زي ما قهرت بنتي و خليتها تنزل تجري في الشارع، منها لله، جوعتني و هبطتني"

ابتسم «وليد» بيأسٍ ثم غمز لها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"عليا أنا دي، متقلقيش"

ضربته على صدره و هي تقول بسخريةٍ:
"يا خويا اتلهي على عينك، فين شهامتك دي اللي بيقولوا عليها، ألا ما شوفت منك كوباية عصير حتى، عيل بوق"

رد عليها هو بنبرةٍ عالية:
"اصبري عليا و اديني فرصة، أنا قولت هخرجك قبل ما تروحي، لو صبر القاتل على المقتول ؟!"

ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة ممتزجة بالمرح:
"كان مات لوحده، بس قولي تفتكر حنان هتموت لوحدها؟!"

حرك رأسه ينظر لها و حينما التقت نظراتهما قال بثباتٍ:
"بعد عضتك دي؟! الله يرحمها بقى"

ضحكا كليهما في آنٍ واحدٍ حينما تذكرا هيئة «حنان» بين ذراعي «مشيرة»
_________________________

جلست «هدير» بجوار زوجها و هي تقول بنبرةٍ هامسة حتى لا يستمع لهم الجالسون:

"يا حسن مضيت ليه طيب ؟! و مضيت مكاني ليه ؟! أنا مش موافقة على الكلام دا، أنتَ جوزي و دي فلوسك، و أنا مسامحة في الحق دا، إنما اللي بيحصل دا مينفعش، دي فلوسك و حقك أنتَ"

زفر هو بقوةٍ ثم تحدث هامسًا بحنقٍ حتى تحولت نبرته تدريجيًا:
"لأ دا حقك و أنا راضي أني أعمل كدا، و زي ما وليد قالك أني في الشغل طلبت منهم يمضوا عن فض الشراكة علشان تدخلي مكاني في الشركة، لكن بعد عمايل حنان فيكي و كلامها عن شرفك و توصل إنها تتهمك تهمة زي دي، يبقى كدا فيها كلام تاني، و بعدين أنا النهاردة قولتلها أني مختارك أنتِ، يعني أنا كُلي ليكي أنتِ، بكل حاجة فيا، شوية فلوس على كام حاجة متسواش مش هتخليني اقف افكر في وجودك في حياتي، أنتِ عندي بكل حاجة حلوة في الدنيا و كفاية أني لقيت ونسي معاكي، كنتي عاوزاني أرجع غريب تاني في الدنيا دي؟! حرام عليكي"

ابتسمت له هي و هي تطالعه بعينيها التي خلى منهما العتاب، و حل محله الود و الحب، فاقترب هو قبل رأسها ثم تحدث بنبرةٍ هادئة:

"صحيح هي كانت حرب و حرب صعبة كمان، بس علشانك أنا أعمل أي حاجة يا هدير، أنا معاكي زي العيل اللي مع أمه، من غيرك غريب تايه في بلد ملهوش فيها عزيز، و قولتلك قبل كدا أنا مكانش ليا عزيز في الدنيا دي و أنتِ خدتي مكان الكل"

حركت رأسها تنظر حولها هروبًا من حديثه الذي يخرج عفويتها فوجدت «وئام» يجلس بجوار زوجته و على يده «فارس» و «طارق» يجلس بجوار «جميلة» و هما يتحدثان سويًا، تنهد «حسن» بعمقٍ ثم رفع ذراعه يربت على ظهرها و هو يبتسم لها حتى يُطمئنها، فتحدثت هي بنبرة صوتٍ هادئة:
"بس أنا مش هاخد حاجة و لا هاجي جنب فلوسك دي، أنا عاوزة اتدلع صحيح بس مش كدا، اصرف أنتَ و أنا اعيش على حسك"

اخفض رأسه حتى مال على أذنها و هو يقول هامسًا بنبرةٍ هادئة:
"و أنا عيني كلها ليكي، عيشي و اتدلعي و طول ما أنا موجود معاكي مش عاوزك تخافي و لا تزعلي من حاجة، و كل ما تضايقي افتكري إن فيه واحد اسمه حسن المهدي، معرفش الحياة غير بوجودك"

القت رأسها على كتفه دون أن تتحدث بكلمةٍ واحدة فقط بسمة هادئة تزين ثغرها، فحرك فمه حتى قبل رأسها ثم تنهد بعمقٍ.

كانت «هدى» تراقبهما بطرف عينيها حتى زفرت براحةٍ حينما رأتهما سويًا، فتحدث «وئام» و هو يداعب صغيره بنبرةٍ هادئة بالكاد وصلت لمسامعها:
"ريحي نفسك هما كويسين، حسن مش غبي علشان يضيع هدير من أيده، الحمد لله انهم سوا و انهم عارفين قيمة بعض"

ردت عليه هي بحزنٍ لأجل اختها:
"هدير صعبت عليا أوي يا وئام، كنت حاسة انها مكسورة، كل ما أشوفها هنا و هي بتعيط أو في الاوضة عند عبلة تحت كنت بتقهر عليها، دي بنتي مش أختي الصغيرة، كان صعب عليا اشوفها مكسورة كدا"

تنهد هو بعمقٍ ثم التفت لها يقول بثباتٍ:
"الاتنين أخواتي يا هدى، هي حنان دي اللي حرباية و مهزقة، المهم بس عاوزك بليل تباتي عند عبلة و وليد و حسن يباتوا معايا تحت و طبعًا فارس معاكي علشان وليد ميطردناش"

حركت رأسها موافقةً ثم أمسكت كفي «فارس» تربت عليهما تبثه بعض الدفء، فراقبهما «وئام» بامعانٍ و سرعان ما رُسمت بسمة عذبة تزين ثغره فقال بنبرةٍ متأثرة:
"تعرفي إن المنظر دا كنت بحلم بيه طول عمري ؟! و لما اتخطبنا أنا كنت دايمًا بحلم بفكرة أني أكون أب بس و أنتِ أم ابني، كنت برضه  افضل سرحان كدا و اقول هل هقدر في يوم احقق اللي اتمنيته و أخد الحاجة اللي تخيلتها في أحلامي؟! دلوقتي بقى أنا و أحلامي قاعدين مع بعض، حبيبة عمري اللي ربنا خلقها من ضلعي، و ابني و حتة مني، على ما أظن كدا إن الإنسان المفروض ميكونش عاوز حاجة تاني أكتر من كدا"

ابتسمت هي بحبٍ لهما و هي توزع النظرات بينهما، حتى اخفض هو رأسه يقبل يد «فارس» ثم تحدث هامسًا حتى يشاكسها بقوله:
"هبوسك بقى لما ننزل شقتنا"

ابتسمت بيأسٍ و هي تسأله بتعجبٍ:
"نفسي أعرف ازاي أنتَ و وليد إخوات، بجد، دا سر زي أرض برمودا كدا"

ضحك هو بخفةٍ ثم أمعن النظر في وجه ابنه الذي بدأت ملامحه ترتسم و تظهر معالمها حتى وجد التشابه بينه و بين ملامح «وليد».

تحدث «طارق» يسألها بحنقٍ:
"يا جميلة و إيه لازمتها ؟! شغل إيه اللي هتنزليه دلوقتي ؟؟ مش قولتي إنك واخدة إجازة مفتوحة و الحمد لله إنها مدرسة خاصة علشان تعرفي تتحركي فيها براحتك ؟! يعني تنزلي تصحيح؟!"

ردت عليه هي تستجديه:
"يا طارق علشان خاطري وافق بقى، دا شغل مش لعب عيال، هما عاوزني علشان التصحيح و تجميع الدرجات، و بعدين خلاص أنتَ نزلت شغلك، يبقى أنا أنزل شغلي أنا كمان"

زفر هو بقوةٍ ثم تحدث بنبرةٍ حانقة:
"ما تخليكي في بيتك متستتة كدا و أنا ارجع من الشغل و نقعد سوا، لازمتها إيه بقى المرمطة دي؟"

تحدثت هي بنبرةٍ اهدأ:
"علشان دا شغلي يا طارق، شغلي و أنا بحبه، و بعدين أنا بحبك و بحب تفكيرك مش عاوزة اغيره و أغير الفكرة دي"

سألها هو بتعجبٍ يستنكر حديثها:
"تغيري فكرتك؟! تغيريها إزاي يعني؟! هي بنطلون يا جميلة؟!"

فسرت حديثها بقولها الهاديء:
"أنا بحب طريقتك يا طارق، بحب إنك طموح و هادي و عندك حلم و إصرار لكل حاجة في حياتك و أهمهم كان حبك ليا اللي كله بيشهد بيه هنا و قبلهم الغرب، و أدبك و شهامتك معايا، و طريقتك اللي بقى فيها شوية وقاحة و أنا مراتك و حلالك، بحب فيك إنك عمال تجاهد معايا و إنك وقفت الأغاني و بقيت بتدور على حاجات في الدين، كل دا مخليني أعرف أنك مش عادي، و أهم حاجة إنك أنتَ اللي ساعدتني علشان الشغل دا، علشان خاطري وافق علشان اعرف اروح من بكرة"

أبتسم هو لها رغمًا عنه و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"علشان كلامك دا و علشان طريقة تفكيرك فيا، أنا موافق، بس بشرط أنا هوصلك بكرة و ابقي كلميني أجي أخدك، غير كدا مش هوافق"

ردت عليه بحنقٍ:
"ما أطلب أوبر و خلاص، متتعبنيش بقى"

حرك رأسه نفيًا فزفرت بقوةٍ ثم تحدثت على مضضٍ بكلماتٍ مقتضبة:
"ماشي، سلمت أمري لله و وافقت انك توصلني و تجيبني، عيلة صغيرة أنا و هتوه منه"

حرك رأسه بسخريةٍ و هو يقول:
"لا يا حلوة بتتعاكسي كتير، لابسة خمار و بيعاكسوكي، مش فاهم أنا ازاي دي"

ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة:
"مرضى نفسيين بقى تقول إيه، علشان تعرف إن المشكلة في اللبس، و إنها في العقول يا طارق"

سألها هو بصيغةٍ مبطنة محاولًا سبر أغوار تفكيرها:
"يعني لو الموضوع زاد عن حده هتقلعي الخمار ؟! طالما كدا كدا بتتعاكسي بيه"

ردت عليه هي مُسرعةً:
"لأ طبعًا، أنا مش بفكر كدا، أنا لبساه علشان ربنا أمرني بيه و علشان دا فرض عليا كمسلمة، أن جمالي يتدارى عن العيون علشان فيه عيون واحدة بس هي اللي تستحق كل الجمال دا، و هي عيون جوزي بالحلال، حتى لو كل الرجالة اتعمت و لو كلهم بقوا من غير عيون، هيفضل فرض عليا أني اداري الجمال دا عن الكل، ربنا مفرضش علينا حاجة غير و الحكمة منها كانت واضحة و موجودة، و الحكمة من الحجاب و الخمار هو إن مش كل الناس تستاهل تشوف الجمال دا علشان فيه ناس بتطمع يا طارق"

أبتسم هو بفخرٍ ثم قبل رأسها و تبع فعلته تلك بقوله:
"ربنا يحفظك و يرزقك بالثبات، و يبارك في عقلك و أشوفك دايمًا في أعلى المراتب يا جميلة"
ابتسمت له بتأثرٍ و هي تطالعه بعينيها اللاتي خرج منها الحب و هي تحاوطه بنظراتها.

جلس كليهما على طاولة الطعام في أحد شوارع وسط البلد فحركت «مشيرة» رأسها تتفحص المكان المزدحم حولها ة خاصةً عربة تسوية الطعام، فسألها هو بسخريةٍ:
"إيه يا عمتو ؟؟ المكان مش عاجبك ؟! و لا يكون مش قد المقام ؟!"

حركت رأسها حتى تقابلت نظراتهما و هي تقول بنبرةٍ هادئة و وجهٍ مبتسمٍ:
"لأ مش كدا، مستغربة الزحمة بس، كل دول جايين هنا علشان ياكلوا على العربية دي؟!"

رد عليها هو بنبرةٍ ضاحكة:
"قولتلك تاكلي في مطعم و لا تاكلي على عربية، قولتلي مكان ما بتحب تاكل، و أنا بحب أكل هنا"

حركت رأسها موافقةً ثم أضافت:
"يا عم مقولتش حاجة، أنا حاسة إن الأكل هنا هيبقى حلو، بس عاوزين نخلص علشان نشوف ورانا إيه"

حرك رأسه موافقًا ثم فاقترب العامل في تلك اللحظة يضع أطباق الطعام أمامهما ثم تحرك بعدما استأذنهما بذلك، اخفضت بصرها نحو الأطباق ثم رفعتها من جديد تسأله بذهولٍ:
"إيه كل دا ؟! أنا قولت حاجة خفيفة، أيه كل دا ؟!"

أبتسم هو بهدوء و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"كلي يا عمتو، الأكل دا مبيشعبش أصلًا، و بعدين كتر خيرك تعبتي معايا و حنان حرقت دمك"

ردت عليه هي بقهرٍ:
"متفكرنيش بقى، دي ولية عقربة، أنا مش عارفة ازاي فيه ناس كدا؟!"

رفع أحد حاجبيه و حرك رأسه مُستنكرًا حديثها و قال بتهكمٍ:
"شوف مين بيتكلم ؟!"

ردت عليه هي بتلعثمٍ:
"مـ...ماشي... أنا فاهمة إن قصدك عليا أنا، بس أنا كان عندي هدف و مبرر يخليني اتصرف كدا و دا كان مغطي على تفكيري، علشان أنا غذيت عقلي الباطن بالانتقام، إنما حنان دي إيه هدفها؟! يعني بتتصرف كدا ليه ؟! كارهة راحة اخوها ليه ؟!"

زفر هو بقوةٍ ثم قال:
"علشان الجشع و الطمع بعيد عنك، عاوزة تاخد كل حاجة ليها هي، عيلتها و بيتها و حسن و فلوس حسن، عرضت عليه يشارك جوزها في شغله في قطع غيار السيارات، بس حسن مبيفهمش في الحاجات دي و خاف الفلوس تضيع منه، ساعتها عرضنا عليه يشارك طارق و وئام، بس يعلم ربنا مكانش فيه في دماغنا اننا ناخد فلوسه و لا الهبل دا، احنا كان كل همنا نخليه يلهي نفسه في حاجة و في نفس الوقت يكون عنده مصدر ثابت، و من ساعتها حنان مش طايقة حد فينا"

حركت رأسها بتفهمٍ فاشار برأسه نحو الطعام و هو يقول:
"كلي يلا يا عمتو متقلقيش، يلا علشان متتأخريش و لسه ورانا مشوار تاني"
_________________________

دلف «ياسين» غرفته مع «يوسف» الذي جلس على طرف الفراش و في يده السيجار ينفث هوائها خارج أنفه، بينما «ياسين» كان يتحرك في الغرفة و هو يجول بها ذهابًا و إيابًا، و الغضب بلغ أشده في داخله، حتى ضرب خزانة الملابس بقدمه من شدة غيظه، ففزع الأخر حتى تحدث بضجرٍ:
"ما تهمد بقى يا عم أنتَ !! اقعد خايلت أمي معاك، مش عارف أشرب السيجارة، اتـــهــد"

جلس «ياسين» بجانبه و هو يقول مُسرعًا بانفعالٍ:
"أنتَ مش شايف إن من حقي اتضايق و ازعل يا يوسف؟! مش شايف إن من حقي النوم يطير من عيني و أنا مرمي هنا و الرجالة برة محاوطني بالسلاح وسط الصحرا و الجبل ؟! دا مش وضع يخوف ؟!"

زفر «يوسف» بقوةٍ ثم قال بنبرةٍ جامدة:
"لأ دا مش وضع يخوف، دا وضع يقرف، و يقرف الكلب كمان، بس اهدا علشان نعرف نفكر و نتصرف صح، طريقتك دي هتوترنا و مش هنعرف تتصرف"

سأله «ياسين» باهتمامٍ واضحٍ:
"طب قولي اتصرف ازاي ؟! أنا بشيل مصيبة مش بتاعتي و مش فاهمها، و في نفس الوقت أنا مليش دخل بكل دا، و في نفس الوقت فيه عُمال في رقبتي و أنا المسئول عنهم، ذنبي إيه أنا علشان حياتي تتهدد في لحظة كدا؟؟"

رد عليه ببرود:
"ذنبك إنك جيت هنا من الأساس، لو فاكر أول ما وصلت الجبل هنا أنا قولتلك عملت إيه علشان يرموك هنا؟! كنت متأكد إن فيه كارثة تخليهم يحدفوك على هنا، بس متخيلتش إنهم يخلوك الضحية"

رد عليه بضجرٍ و نبرةٍ عالية:
"ضحية إيه ؟؟ أنا راجل مهندس معماري جاي هنا علشان أشرف على مشروع غرف صناعية، مالي أنا و مال العرب و البدو و السلاح دا؟! هو دا جزائي؟!"

زفر «يوسف» بقلة حيلة ثم تحدث بنبرةٍ هادئة:
"هحكيلك أنا إيه الحوار و أصله علشان تفهم، و أنتَ بقى فكر هببت إيه يخليك تيجي هنا الجبل و تشوف كل دا؟!"

زفر «ياسين» على مضضٍ مُجبرًا على ذلك، حتى بدأ الأخر قوله:
"العرب اللي شوفتهم و اللي واقفين برة دول، اصلهم من قبائل البدو، نصهم متهجر من ارضه و نصهم التاني جاي هنا علشان لقمة العيش، الراجل اللي رفع في وشك السلاح دا اسمه "صالح الحويني" الراجل دا جمع الرجالة دي و عمل بيهم شغل مقاولات كأنه مقاول بنا، بس طول ما هما هنا مفيش حد يقدر يدخل شغلهم و أرضهم، المهم إن لما رؤساء مشروعك وصلوا هنا، قابلهم صالح دا و اتفق معاهم يجيب لهم العمال اللي هما عاوزينهم و قالهم إن الفترة اللي هما يطلبوها هو و رجالته يخلصوها في نص الوقت"

سأله «ياسين» باهتمامٍ واضحٍ في قوة نبرته و كلماته:
"طب و هما فعلًا يقدروا على كدا ؟! يعني شغل البنا مش سهل و محدش يقدر يحدده في البداية، دا حوار كبير"

رد عليه مقررًا بنبرةٍ ثابتة:
"إلا دول يا ياسين، دول عندهم ارادة و عزيمة غريبة، طبيعتهم كدا أصلًا، العرب و البدو رجالة اتربت على ظروف صعبة، فطبيعي إن شغلهم يكون واخد على الصعوبة، و المشكلة كلها بدأت بسبب كلامهم و عاداتهم"

استطاع بكلماته جذب انتباه الأخر حيث أنصت له بكامل حواسه، فأضاف هو مُفسرًا:
"ساعتها صالح دا جمع عماله و آلاته و أدواته و أي حد من رجالته كان عنده شغل خلاه يسيبه علشان شغلهم في المشروع دا، و فعلًا محدش فيهم كدب خبر، و جمع جيش رجالة يسدوا عين الشمس، و من هنا بدأت المشكلة"

سأله «ياسين» باهتمامٍ أكثر:
"إيه هي بقى ؟! و ظهرت ليه؟!"

جاوبه بثباتٍ:
"المشكلة إن رئيس المشروع اللي هو اسمه "توربوشر" في شغلنا هنا، مردش عليهم سمع عرضهم و سكت و خلاص، هما اعتبروا السكوت دا موافقة، عرفهم و عاداتهم كدا، و الرجالة جهزت و حضرت نفسها و سابوا مصالحهم، المهم يا سيدي، الرجالة وصلوا هنا علشان يبدأوا الشغل، اتفاجئوا بالعمال اللي هنا شغالين و معاهم الادوات كمان، قامت بينهم مشكلة كبيرة و كان أخرها أن رئيس المشروع خلع و المهندس كمان و جه مكانهم رأفت"

سأله «ياسين» مُسرعًا بلهفةٍ:
"أيوا و رأفت دا بقى هبب إيه ؟! أكيد عك الدنيا و بوظها معاهم"

رد عليه ببساطةٍ:
"رأفت جبان أوي يا ياسين، خاف منهم لدرجة أنه كان هيسلمهم رقبة العمال اللي معاه، و أخر ما زهق مشي و ساب الدنيا تضرب تقلب، حتى العمال اللي تبعك هنا محدش مأمن عليهم، لأن زي ما أنتَ شايف كدا المكان هنا جبل و صحرا، و شمال سينا بعيد عن هنا، يعني محدش فيهم يقدر يروح هناك علشان حتى يتكلم في التليفون"

زفر هو بقوةٍ ثم سأله بنبرةٍ مشوشة و تائهة:
"طب و بعدين ؟! اخرتها إيه يا يوسف ؟! هفضل هنا و الناس دي في رقبتي؟!"

رد عليه ببساطةٍ و لا مبالاةٍ:
"رَوح يا ياسين، رَوح بلدك تاني و ارجع لناسك و أهلك، دول عرب مبيهزروش، مش خناقة مع عيال في حارة، دول مش مبيهزروش"

رد عليه بنبرةٍ جامدة:
"كدا اسمه هروب يا يوسف، لما أسيب الدنيا تضرب تقلب و اخلع ايدي من حاجة أنا مسئول عنها، كدا ابقى جبان و مش راجل، شوف حل تاني غير دا، و بعدين أنتَ دافعت عني ليه؟!"

سأله بنبرةٍ أهدأ من قبلها حتى رد عليه الأخر مُفسرًا:
"دافعت عنك علشان دا حقك، بعدين شكلك قلبك جامد و مبتتهزش، بدليل إنك فضلت واقف في وش السلاح من غير حتى ما تتهز، أنا مش قليل الأصل و بعدين شكل حبايبك كتير"

ابتسم له «ياسين» بتأثرٍ و هو يقول:
"حبايبي و الغاليين عندي كتير يا يوسف، علشان كدا أنا طول عمري في حالي و شاري دماغي من التعب، عمري ما كنت اتخيل إن ممكن اشوف كل دا، بس برضه متعودتش أني اهرب من حاجة حتى لو مش ذنبي، غصب عني بحس بالمسئولية، صدقني الهروب مش حل"

حرك «يوسف» رأسه موافقًا على مضضٍ، فباغته «ياسين» بفعله حينما احضتنه بامتنانٍ و هو يربت على ظهره، تفاجأ «يوسف»  بفعلته تلك فقبل «ياسين» رأسه ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"دا علشان حياتي اللي أنتَ انقذتها و لحقتها يا يوسف، متعرفش أنتَ عملت إيه، ربنا يكرمك يا يوسف"

ابتلع غصة مريرة في حلقه ثم تحدث بنبرةٍ مهتزة:
"ياسين ممكن أقولك حاجة، بس دماغك متروحش لبعيد، ينفع ؟!"

حرك رأسه موافقًا فسحب نفسًا عميقًا داخل رئتيه و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"أنا أول مرة حد يحضني أو يبوس راسي كدا، هو فيه ناس بتحضن ناس تانية عادي كدا؟! و من غير طلب؟!"

حرك رأسه موافقًا و هو يتابعه بعينيه، حتى زفر «يوسف» ثم رفع كفه يمسح وجهه بعنفٍ، فسأله «ياسين» بنبرةٍ هادئة:
"هو أنتَ إيه حكايتك؟! و ليه مش عاوز تكلم أهلك يا يوسف ؟! احكيلي يمكن ترتاح"

حرك كتفيه ببساطةٍ و هو يقول بنبرةٍ ثابتة بزيفٍ:
"هقولك إيه ؟! كل الحكاية إن أبويا و أمي ماتوا في حادثة و أنا صغير و معاهم أختي، و روحت أنا أعيش مع عمي و عمتي و جدتي، بس برضه غريب وسطهم، مهما كان مش هيكونوا زي أهلك نفسهم، كبرت وسطهم في جفا و قسوة، لحد ما كبرت و جيت هنا و للحق بقيت أهرب من الدنيا هنا علشان مش لاقي مكان ليا وسطهم"

شعر «ياسين» بالحزن لأجله خاصةً و هو يتحدث بتلك الطريقة الموجعة، فتحدث «ياسين» بنبرةٍ هادئة:
"تعالى معايا يا يوسف، تعالى معايا و أنا هخليك تشتغل و تفرح و تاكل الشهد كمان"

تبدل حاله خلال ثوانٍ و هو يقول بتقززٍ:
"بلاش الاسم دا لو سمحت، مجروح منه و مش قادر انسى"

حرك رأسه باستفسارٍ و هو يسأله:
"شهد جرحتك ؟! جرحتك ازاي يعني؟!"

رد عليه بنبرةٍ جامدة:
"سابتني و باعتني مع أول مشكلة بيننا، كنت في تالتة جامعة و هي في تانية، بس سابتني"

سأله «ياسين» بتعجبٍ:
"ليه ؟! عملت ليها إيه ؟!"

رد عليه بايجازٍ:
"كانت قماصة و سابتني علشان خنتها و كلمت عليها بنتين"

اتسعتا حدقتي «ياسين» بذهولٍ، فأضاف «يوسف» بسخريةٍ:
"سابتني علشان بنتين، مع إن اللي بيحب حد بيبلعله الزلط"

تحدث «ياسين» بسخريةٍ:
"يبلعله الزلط، مش النسوان اللي بيكلمها يا غالي"

حرك «يوسف» رأسه ينظر له نظراتٍ ثاقبة حتى ضحكا كليهما بقوةٍ ضحكاتٍ أقرب للهيسترية من كثرة ما عايشوه من ضغطٍ.
_________________________

وصلت «مشيرة» مع «وليد» لبيت الشباب حتى تنهي عملها، بينما «وليد» دلف شقته أولًا حتى يقابل زوجته، دلف و هو يقول بصوتٍ عالٍ:
"يـا ســـوبــيـا....ســوبـيـا"

خرجت له من الداخل بعدما عقدت ما بين حاجبيها من طريقته، فتحدثت هي بسخريةٍ:
"إيه يا فضيحة أنتَ؟! خير يا سيدي نعم؟!"

أبتسم هو بهدوء ثم اقترب منها يقول بنبرةٍ هادئة:
"وحشتيني، و أنا سايبك طول اليوم لوحدك"

رفعت حاجبيها بذهولٍ، فتنهد هو بعمقٍ ثم اقترب منها و رفع كفه خلف ظهرها يُقربها منه برفقٍ حتى التصقا ببعضهما و هي تطالعه بدهشةٍ، فاقترب هو يقبل رأسها ثم قال بهدوء:
"الحلو في الدنيا زاد بوجودك في بيتي يا عبلة"

ابتسمت هي باتساعٍ له فرفع هو ذراعه و هو يقول بنبرةٍ هادئة رغم البسمة الهادئة التي تزين وجهه:
"دي سندوتشات من اللي بتحبيها، كلتهم مع مشيرة، بس جيبتلك منهم، كليهم و تعالي فوق السطح علشان مشيرة فوق و شوية و هتمشي"

سألته هي بحماسٍ عن أخر حديثه متجاهلةً الشق الأول:
"عمتو ؟؟ هي عمتو فوق يا وليد؟! طب يلا نطلعها"

قربها منه أكثر و هو يقول هامسًا:
"ركزي معايا بدل ما أطلع أطردلك مشيرة من فوق، بقولك جايب الأكل علشانك، يعني محتاجك تشجعيني"

حاولت جاهدةً كتم ضحكتها و هي تطالعه بلامح وجه ساخرة، فتحدث هو بنبرةٍ هادئة:
"يعني خلي عندك دم، احضنيني، طبطبي عليا و قوليلي إنك بتحبيني، هاتي بوسة؟! أي تشجيع كدا علشان اقدر أكمل"

قبلت احدى وجنتيه بحماسٍ ثم قالت و هي تتملص من بين ذراعيه:
"بوسة حلوة أهيه لـ ليدو و يلا علشان كلهم فوق مستنيينيا، و أكيد كلهم هيفكروا اننا مش عاوزين نطلع"

تحدث هو بتهكمٍ:
"طب ما احنا فعلًا مش عاوزين نطلع، تحبي اتصل اقولهم كدا؟!"

ركضت هي من أمامه و هي تصرخ باسمه حتى يتوقف، بينما هو ابتسم بشرٍ و هو يقول بنبرةٍ خافتة:
"شكلي كدا هطلع اكسر السطح على دماغهم كلهم، بس مشكلتي أني متربي"

في الأعلى احتضنت «مشيرة» «هدير» بين ذراعيها و الأخرى تتشبث بها و هي تبكي حتى تحدثت «مشيرة» تُطمئنها و تؤازرها بقولها:
"خلاص يا هدير، خلاص يا حبيبتي بطلي عياط بقى، أنا معاكي أهوه و محدش يقدر يزعلك، حتى لو حسن نفسه"

رد عليها هو مُسرعًا:
"طبعًا يا عمتو، أنا و الله مقدرش على زعلها، بس مش عارف هي عمالة تعيط ليه؟!"

ردت «هدير» بنبرةٍ باكية:
"علشان كنت حاسة أني لوحدي يا حسن، و أنا بحب عمتو زي ماما، كنت حاسة أني محتاجاها أوي"

ربتت على ظهرها و هي تبتسم بحبٍ ثم قالت:
"و عمتو معاكي اهوه يا حبيبتي، دا أنتِ بنتي يا هدير، و اللي يزعلك أكله بسناني، اوعي تزعلي نفسك يا حبيبتي"

حركت رأسها موافقةً بعدما رفعت رأسها فاقتربت منها «مشيرة» تقبل رأسها ثم ربتت على ذراعها و هي تقول:
"بطلي عياط بقى عينك ورمت، و بعدين معاكي حسن أهو و الواد بيحبك و شاريكي و طول بعرض و عنده بيت في الساحل"

رد عليها «طارق» بسخريةٍ:
"جرى إيه يا حماتي؟! أنتِ هتدللي عليه و لا إيه؟"

رمقته بغيظٍ و هي تقول:
"بلاش كلمة حماتي دي، و بعدين بفكرها يا خويا أحسن دماغها تلعب بيها ولا حاجة، و كتر بقى علشان أخد بنتي و أنا ماشية"

ضحكت «جميلة» بخفةٍ فأمسك «طارق» كفها و هو يقول معاندًا لها:
"كانت بنتك أنتِ لحد ما دخلت بيتي، حاليًا بقت مراتي و بنتي أنا، يعني ملكيش بنات عندنا"

ضحكوا عليه جميعًا، فصعد «وليد» و «عبلة» معه ثم القيا التحية على الجميع، و حلسا بجانب بعضهما، فسأله «وئام» بنبرةٍ هادئة:
"ها عملتوا إيه؟! روحتوا مشواركم سوا ؟!"

حرك رأسه موافقًا ثم تحدث مُردفًا:
"آه روحنا و كويس بصراحة اننا عملنا كدا، كان لازم تقف عند حدها، و تبعد عن سكة حسن و هدير"

كانوا جميعًا على علمٍ مسبقٍ بما يقوم به «وليد»، بينما هو اقترب من «حسن» يسأله بهدوء:
"حسن ؟! هو أنتَ ليه وافقت تمضي على كل حاجة لهدير؟!"

رد عليه بثباتٍ:
"علشان دا حقها يا وليد، حق هدير و حق شرفها اللي أختي غلطت فيه، حق نزولها بليل في الشوارع و هي معيطة من غير فلوس، صحيح الفلوس مش حاجة، بس دا جزء بسيط من كرامتها اللي اتجرحت بسببي"

سأله بنبرةٍ أكثر ثباتًا:
"طب و ليه اخترتنا إحنا مش اختك؟! ليه اخترت ناس مش منك على حساب دمك، مش ممكن نخاف منك كدا؟!"

وقف «حسن» مقابلًا له و هو يقول بنبرةٍ جامدة:
"لأ طبعًا، أنا اخترتكم أنتم علشان أنا عندي أصل يا وليد، لو هختار يبقى اختار الناس اللي ضحت علشاني،هختار العيلة اللي اعتبرتني ابنهم، هختار اللي آمنوا ليا و سلموني بنتهم، اخترت اللي كانوا معايا في مشكلتي قبل حتى ما أختي اللي من دمي تكون معايا، أخترت اللي لحقوني من الموت مرتين يا وليد، اخترت الناس اللي كنت معاهم في رمضان و العيد و اللي بقيت معاهم انسان، اخترت الناس اللي معاهم لقيت البنت اللي بحبها، اخترت الونس اللي لقيته في الدنيا بسببكم، مكانش ينفع المقارنة دي من الأساس، حتى لو حنان اختي، بس هي أخت بالاسم بس"

كانت الأعين جيمعها تطالعه بمشاعر مختلطة بين الفخر و الحزن و التأثر بحديثه، حينها أخرج «وليد» العقود ثم قام بتمزيقها أمامهم جيمعًا، حينها اتسعت الأعين بدهشةٍ تستنكر فعلته، فتحدث هو بهدوء:
"أنا مضيتك على العقود علشان كنت عاوزهم لغرض تاني، لكن مش أنا اللي اقهر راجل على ملكه و فلوسه، حتى لو روحه في مراته، بس برضه أنا مرضاش ليك إن هدير تكون صاحبة الأملاك و أنتَ لأ، عاوز تهادي مراتك يبقى دا بينك و بينها و أنتم احرار مع بعض، و على فكرة هدير عارفة أني هقطعهم بعد ما أخد حقها، و شرطها كان إن الحاجة ترجعلك تاني يا حسن"

اقترب منه يسأله منفعلًا:
"بس أنا مش عاوزهم أصلًا، الفلوس دي هي اللي بتخلي الناس تاكل في بعض يا وليد، مش دي الفلوس اللي خلت حنان تدوس على كرامة مراتي؟! و مش دي الفلوس اللي كانت هتضيع مني هدير؟! رجع الفلوس لهدير علشان لو مُتت ابقى ضامن حقها"

ردت عليه هي بلهفةٍ:
"بعيد الشر عنك يا حسن، أنا مش عاوزة فلوس أنا عاوزاك أنتَ و بس، أنتَ عندي أهم من كل دا، الفلوس دي فلوسك أنتَ و حقك أنتَ"

حرك رأسه ينظر لها فتدخلت «مشيرة» تقول بثباتٍ:
"اسمع كلام مراتك يا حسن، دي فلوسك و حقك يابني، لو خايف أوي كدا، ربنا يطول في عمرك يعني، هات حتة عيل صغير"

تحدث «وليد» بسخريةٍ:
"شوفت دماغ شجرة الدر دي؟! عاوزاك تجيب عيل علشان لو حصل و خلعت، أختك متورثش، مش سهلة عمتي دي"

ضحكوا جميعًا عليه و على حديثه، فربت هو على كتف «حسن» ثم قال بهدوء:
"ربنا ما يكتب عليك القهرة يا حسن، و الفلوس بالذات لو دخلت بين راجل و مراته بتخرب الدنيا، و الحكاية مش ناقصة كفاية أختك علينا"

طالعه «حسن» بتأثرٍ و هو يقول:
"ربنا يخليك ليا وليد، و تفضل في ضهري زي ما أنتَ كدا"

وقف «وئام» بجوارهما و هو يقول بصوتٍ مختنقٍ:
"أكتر اتنين مشيلني الهم في الدنيا دي، ربنا يحفظكم ليا و يبعد عنكم التعب و الزعل و افرح بعيالكم يا رب"

وقف «طارق» بجوارهم هو الأخر و هو يقول مُقلدًا الأخر:
"اكتر تلاتة في حياتي مشيلني الهم، ربنا يخلصني من اشكالكم العِرة دي علشان ارتاح"

ضحكت عليه الفتيات، بينما الشباب نظروا لبعضهم و على حين غرة حملوا «طارق» و هو يقهقه على أيديهم حتى القوه على الأريكة الموضوعة و هم يضحكون عليه و «وليد» و «حسن» يقومان بدغدغته في جسده و هو يتوسلهم بالتوقف

بعد قليل من تلك الجلسة نزلت «مشيرة» مع «وليد» حتى يعيدها لبيت الرشيد من جديد و قبل أن تخرج من السيارة أوقفها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"عمتو....."

توقف عن الحديث حينما التفتت له، فزفر هو بعمقٍ ثم قال:
"شكرًا، شكرًا إنك جيتي معايا و إنك دافعتي عني"

رمشت هي ببلاهةٍ فتحدث هو مضيفًا على قوله:
"أنا بحبك يا مشيرة مش بكرهك، و مسامحك من كل قلبي، كفاية أني أشوفك بتحاولي علشاننا"

حركت رأسها موافقةً ثم رفعت كفها تمسح دموعها، ففاجئها هو حينما اقترب منها يقبل وجنتها ثم تحدث بنبرةٍ هادئة:
"ربنا يخليكي لينا و تفضلي كدا تدافعي عننا، و أأكلك أنا كبدة"

ابتسمت هي باتساعٍ ثم فتحت ذارعيها له و هي تبتسم حتى اقترب منها و هو يبتسم بخفةٍ فاحتضنته و هي تربت على ظهره ثم قالت بهدوء:
"ربنا يخليك أنتَ ليا يا وليد، و يفرحني بعوضك و تجيب عيال شقية زيك كدا"

أبتسم هو بين ذراعيها حتى قبلت رأسه ثم قالت بهدوء:
"ربنا يحفظكم يابني، و يبعد عنكم غدر الدنيا و شرها"

ردد هو خلفها بصوتٍ عالٍ:
"يا رب، يا رب اسمع منها، علشان أنا تعبت من قلة الأدب، عاوز اعيش محترم يا ناس"

وكزته في كتفه و هي تقول:
"اتوكس يا أهبل، دا أنتَ ما صدقت تخرج طاقة الشر اللي عندك، بلا دوشة"
_________________________

انسحبت من امامهما بعدما تناولت وجبة العشاء و قامت بغسل الصحون و جليها، و مع انشغال كليهما في عمله قررت هي الهروب من ذلك الفراغ ثم توجهت نحو غرفته كعادتها، جلست على الفراش و هي تنفس بعمقٍ ثم أخرجت صورتهما سويًا تطالعه بشوقٍ و هي تقول:

"مش عارفة ازاي اقولهم أني قلقانة عليك، بس أنا قلبي مقبوض و الله و دي مش طبيعتي، يا رب تكون كويس و مفيش حاجة تعباك و لا مزعلاك، يا رب قلبي المرة دي يكون بيكدب عليا و أنتَ تكون بخير و ترجعلي تاني"

فرت دمعة من بين اهدابها فقالت بصوتٍ مختنقٍ متحشرجٍ:
"مكانش ينفع محبكش يا ياسين، مكانش ينفع أنتَ تكون عادي في حياتي، أنا بقيت بحب حياتي علشان أنتَ بقيت فيها، مجرد فكرة أني كنت هرفضك و أضيع من ايدي فرصة وجودك بحس أني عاوزة اضرب نفسي، لقيت فيك كل حاجة تخليني حتى انسى الزعل"

طرق باب غرفتها فتحدثت هي تسمح للطارق بالدخول، حتى دلف «رياض» و هو يبتسم لها، فتحدثت هي بصوتٍ مختنقٍ:
"اتفضل يا عمو، تعالى أنا منمتش"

اقترب منها يجلس مقابلًا لها و البسمة الهادئة تزين ثغره حتى سألها بنبرةٍ هادئة:
"دخلتي تقعدي لوحدك ليه ؟! ما كنتي قعدتي معانا شوية"

ردت عليه هي بتوترٍ:
"لأ أبدًا بس قولت علشان لو نمت فجأة، بس مش قصدي حاجة خالص"

أشار نحو الهاتف الذي تقبض عليه بين كفيها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"يعني مش علشان تدخلي تفتحي صوره و تتكلمي معاه براحتك ؟! و مش علشان تهربي مننا لأوضته هنا ؟!"

اخفضت رأسها بخجلٍ فرفع هو وجهها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"مكسوفة ليه يا خديجة ؟! مش دي الحقيقة ؟! إنك بتهربي مننا علشان تقعدي في أوضته و تكوني مع كل حاجة تحسس بوجوده ؟!"

حركت رأسها و هي تبكي، فسألها هو بهدوء:
"بتعيطي ليه طيب ؟! حد زعلك؟"

ردت عليه بنبرةٍ باكيةٍ:
"علشان وحشني أوي يا عمو، و علشان قلبي مقبوض و حاسة أني خايفة عليه، و علشان هو قبل كدا قالي إنه طول ما هو لوحده بيكون زعلان و مخنوق، مش عاوزة يكون فيه حاجة تزعلني"

رد عليها هو يُطمأنها بالحديث:
"متقلقيش يا حبيبتي، هو كويس مش عيل صغير، بلاش تخلي الشيطان يلعب بدماغك كدا، و بعدين أنتِ بتحبيه أوي كدا؟! دا محظوظ ابو طويلة على كدا"

ابتسمت هي من بين دموعها فسألها هو مُقررًا:
"تعرفي أني طول عمري نفسي اشوف اللي ياسين هيحبها، و كان نفسي تكون هي كمان بتحبه، ياسين دا كل حاجة ليا في الدنيا، بحبه و بحب اللي يحبه، و بحبك علشان هو كمان حبك، و أكيد أنتِ بتحبيه، صح؟"

حركت رأسها موافقةً بحماسٍ و هي تقول مُسرعةٍ:
"بحبه أوي يا عمو، أصلًا بحب ماكنتش أعرف يعني إيه حب، ماكنتش اعرف يعني إيه حد يجي يصلح كل حاجة مكسورة فيك حتى لو هو ملوش ذنب فيها، ياسين جه حياتي يصلح كل حاجة وجعتني حتى من غير ما يعرف سبب المشكلة، جه سبق الكل حتى نفسي، شوفت معاه حنية و طيبة و أمان، علطول يقولي أنا العبد الفقير اللي لقى رزقه و غناه فيكي، بس الحقيقة إن أنا اللي لقيت رزقي فيه، لقيت حياتي كلها معاه، لقيت خديجة كانت ضايعة مني و كان مستحيل الاقيها، بس هو جه و كل حاجة حلوة ظهرت معاه، طب أقول لحضرتك على حاجة، حتى لو ماكنش عمل علشاني أي حاجة، كنت برضه هحبه، علشان هو جميل و قلبه جميل أوي"

رفع «رياض» كفه يحاوط صفحة وجهها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"أنتِ و هو رزق لبعض يا خديجة، و حياتكم اتخلقت علشان كل واحد فيكم يكون مع التاني، ربك عادل أوي، ياسين عاش حياته بيدور على بنت الكل شك أنها موجودة في دماغه هو وبس، و أنتِ عيشتي حياة من قبله ممكن تكون صعبة، و لما ربنا جمعكم سوا كل واحد فيكم حس إنه لقى اللي ناقصه، أي علاقة جواز لو مش هتكون كدا، يبقى بلاش منها أحسن، و أنا كأب شايف إن ولادي الاتنين نجحوا سوا"

ابتسمت له بتأثرٍ فاقترب منها يقبل رأسها ثم اعتدل واقفًا و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"هسيبك بقى علشان تحبي في صورته براحتك، بس حوشي شوية علشان لما يرجع دا واد غلبان"

حركت رأسها موافقةً و هي تبتسم بخجلٍ و تتابع خروجه من الغرفة ثم تنهدت براحةٍ كبرى و فتحت الهاتف على صورته و هي تقول بنبرةٍ هادئة:
"أقولك على حاجة ؟؟ عمري ما فهمت يعني إيه حد يوحشني، حتى دي عرفتها معاك أنتَ"

نزلت بجسدها على الفراش و بصرها لازال معلقًا بالهاتف و هي تشعر بالفراغ يزداد حولها دون وجوده، خاصةً أنها كانت تنام بين ذراعيه مطمئنة هادئة البال.

و في الجهة الأخرى كان «ياسين» متسطحًا على الفراش و صورتها عليه حتى قام بتكبير الصورة و رأى بسمتها الهادئة التي زينت ثغرها و عينيها معًا و كأن عينيها تضحك له هي الاخرى، أمعن النظر في الصورة ثم ازدرد لُعابه بقلقٍ و هو يفكر في حاله و في الرجال المسلحون الذين يقفون بالخارج حتى إذا قام بمخالفة اتفاقهم، قلب الصور في هاتفه حتى وقع بصره على صورته وسط اخوته حينما قام «عامر» بامساك الهاتف و هو يلتقط لهم الصورة، تنهد بعمقٍ و هو يقول:
"فينك يا صايع أنتَ و هو، يمين بالله لو انتوا معايا الحوار دا كان خلص في خمس دقايق، كان عامر رمى افيه من بتوعه موتهم من الضحك، او عصبهم و خلاهم موتونا"

ضحك بسخريةٍ بعد حديثه ثم أغلق الهاتف و اعتدل في جلسته و هو يقول بنبرةٍ هادئة:

"لا إله إلا أنتَ سبحانك إن كنتُ من الظالمين"

تذكر ذلك الذِكر الذي كانت والدته تخبره به في صغره و تذكر حديثها ذات مرةٍ:
"أي مشكلة تقع فيها افتكر إن ربنا سبحانه وتعالى معاك يا حبيبي، و افتكر إنك في حفظه، ممكن تحصلك مشكلة و أنتَ لوحدك و محدش فينا يكون معاك، بس خليك فاكر إن سيدنا يونس كان في بطن الحوت، بس ميأسش من رحمة ربنا عليه، و قال ذِكر عظيم، كل ما تحس إن دنيتك قفلت عليك قوله، أول ما تحس إن فيه مشكلة بتقرب منك و شر بيحوم عليك، قوله و ردده من كل قلبك بيقين إن ربنا قادر على كل شيءٍ و إنه قادر ينهي مشكلتك لان كل حاجة بأيده هو، متأسش من رحمة ربنا عليك، و بلاش تجحد فضل ربنا عليك"

لمعت العبرات في عينيه فرفع كفه يمسح وجهه ثم أخرج المصحف من الدرج المجاور للفراش و بدأ في القراءة حتى يطمئن قلبه.
_________________________

في صبيحة اليوم التالي و خاصةً أمام إحدى الجامعات الحكومية الكبيرة توقفت سيارة «أحمد الرشيد» فزفر بقوةٍ و هو يطالع تلك التي تجلس بجواره تبتسم بانتصارٍ بعدما أتت معه إلى هنا، رمقها بغيظٍ و هو يقول بضجرٍ منها:
"أنا مش عارف أنتِ سحرالي و لا إيه ؟! وافقت ازاي انك تيجي معايا مش عارف، أنتِ إيه حكايتك يا بت ؟!"

ابتسمت له بخبثٍ و هي تقول:
"أنا معملتش أي حاجة، هما دعوتين من اللي قلبك بيحبهم و أنتَ وافقت، و بعدين جاية اتفسح معاك، متبقاش أناني"

رد عليها هو بضجرٍ:
"تتفسحي في الجامعة يا خلود؟! أنتِ هطلة يا بت؟! فوقي و بطلي هيافة، حاسس أني مخلفك و ناسيكي"

ردت عليه هي بمرحٍ:
"طب ما أنتَ أبويا يا أحمد، عيب عليك يا جدع ، دا أنتَ نور عيني"

أبتسم بيأسٍ منها ثم زفر بقوةٍ و هو يفتح باب السيارة حتى ينزل منها و هي معه، فتحدث هو بنبرةٍ جامدة:
"هاتي بطاقتك علشان تدخلي"

أخرجتها له بثقة و هي تبتسم باتساعٍ فطالع هو البطاقة بدهشةٍ و هو يقول متعجبًا من حالها:
"هو أنتِ راشياهم في السجل المدني ؟! صورة بطاقتك حلوة كدا ليه؟! و بتضحكي و وشك منور أوي"

غمزت له بثقةٍ و هي تقول:
"دي حلاوة أني خدت معايا وليد، دخل للراجل و ظبطه و الراجل ظبط الصورة"

عقد ما بين حاجبيه و هو يسألها بسخريةٍ:
"ظبطك إزاي يعني ؟! حطلك فلتر على الصورة ياختي؟!"

غمزت له و هي تقول:
"شرب سجاير و شاي"

حرك رأسه بيأسٍ منهما ثم أقترب من فرد الأمن يعطيها البطاقتين، فسألته الفتاة بهدوء:
"طب حضرتك متخرج جاي هنا تعمل إيه ؟!"

رد عليها مسرعًا بصوتٍ هاديء:
"جاي استلم شهادة التخرج الأساسية، أنا اللي معايا المؤقتة، ممكن حضرتك تسألي كمان جوة"

حركت رأسها نفيًا و هي تقول:
"لأ خالص مفيش داعي لكدا، هو فعلًا فيه طلاب كتير دخلوا علشان شهادة التخرج، بس الآنسة جاية ليه؟؛"

اقتربت منها «خلود» تقول بنبرةٍ مرحة:
"اصلي ثانوية عامة و محتارة في كلية، قولت اجي كدا و اللي قلبي يختارها ادخلها، معلش أصل دماغي تعبانة"

حدجها «أحمد» بشررٍ يقدح من عينيه فابتسمت لها الفتاة ثم أشارت لهما بالدخول، دلفا كليهما و بعد ابتعادهما عن البوابة، تحدث هو بنبرةٍ جامدة:
"أعمل فيكي إيه يا جاموسة ؟! أولع فيكي؟! داخلة تنقي فستان فرح يا عين أمك؟!"

ردت عليه بغضبٍ:
"الله ؟! خوفت متخلنيش ادخل، قولت استعطفها، تقدر تقولي كنت هدخل إزاي؟!"

زفر بقوةٍ ثم وقف و هو يقول:
"خليكي واقفة هنا، طارق مكلم صاحبه جوة علشان يسلمني الشهادة علطول، مش هتأخر عليكي"

قبل أن يتحرك هو أوقفته حينما أمسكت ذراعه و هي تقول:
"استنى بس يا عم، فين كافتيريا الجامعة علشان استناك فيها و أضمن انك تفطرني؟!"

زفر هو بقلة حيلة ثم أشار لها بيده و هو يقول:
"يمين في يمين اخره شمال، هناك الكافتيريا، اترزعي فيها و أنا مش هتأخر، هتلاقيها عند علوم و أداب كدا"

حركت رأسها موافقةً ثم سألته بحماسٍ:
"فيها شاورما ؟! دي أهم حاجة"

ضغط على جفنيه و عض على شفته السفلى بغيظ منها، فتحدثت هي بخوفٍ من هيئته:
"خلاص بلاش شاروما، خليها بطاطس سوري و أمري لله"

أسرعت الخطى من أمامه بخوفٍ بينما هو رغمًا عنه ضحك بقوةٍ و يأسٍ من حركاتها الغربية التي تبعد كل البعد عن النضج و العقل.

جلسا في الكافتيريا سويًا فتحدث «عبدالرحمن» بضجرٍ:
"أنا مش فاهم لازمته إيه أكل الجامعة، حبكت يعني ناكل هنا؟!"

حرك «عمار» رأسه موافقًا ثم قال بهدوء:
"جعان يا بودي، و عاوز أكل، و بعدين دي يدوبك شاورما، يعني لحد ما نروح هنكون جوعنا"

تحدث «عبدالرحمن» يسأله بتعجبٍ:
" و هو سبحان الله الشاورما احلوت مرة واحدة؟! عجايب"

رفع «عمار» حاجبه، فتفاجأ بفتاةٍ تسحب المقعد حتى تجلس بجاورهما و هي تقول بحماسٍ:
"أنا مش هسيبكم غير لما حد فيكم يشرحلي السؤال بتاع السيكشن اللي انتو حلتوه صح، حد فيكم يشرحوا ليا"

طالعا بعضهما البعض بتعجبٍ، فتحدثت تلك الفتاة مسرعةً:
"أنا عاوزة حد منكم بس يقف معايا أنا و صحابي علشان كل السكاشن واقعة مننا، و الدكتور معقد و هيعقدنا معاه، ممكن؟!"

تحدث «عبدالرحمن» مسرعًا:
"طبعًا ينفع، احنا كدا كدا بعتناه للدفعة كلها، بس مش مشكلة نشرحه تاني"

ردت عليه بحماسٍ:
"طب الحمد لله، يا بنات تعالوا"

رفعت صوتها لثلاثة فتياتٍ يقفن على بعدٍ منها حتى اقتربن مع بعضهن نحو الطاولة، كل ذلك كان «عمار» يتابعه بضجرٍ، حتى جلست الفتيات و تحدثت احداهن برقةٍ مصطنعة:
"سوري يا شباب، بس فعلًا الاسئلة بتاعة الدكتور دا صعبة جدًا، و انتم بس اللي بتحلوها، سوري لو بنتقل عليكم"

تحدث «عبدالرحمن» بنبرةٍ هادئة:
"مفيش مشاكل احنا كلنا زمايل و بنساعد بعض، عمار دلوقتي هيشرح لينا كلنا، هو بيوصل المعلومة أسهل و احسن"

اتسعتا حدقتي «عمار» بقوةٍ فسألته فتاةٍ أخرى بمرحٍ:
"إيه يا عمار ؟! مكسوف و لا إيه ؟؟ احنا زي أخواتك يعني، اشرح يا عم"

زفر هو بقوةٍ ثم أخرج من حقيبة ظهره الدفتر الخاص بمحاضراته ثم شرع في شرح المسائل الخاصة بالمحاضرة.

جلست «خلود» على اقرب مقعد قابلها و هي تزفر بضيقٍ من الشمس التي زاد لهيبها، ثم أخرجت هاتفها تتفحصه حتى يأتِ أخيها، و سرعان ما وصل على مسامعها ضحكةٍ عالية من فتياتٍ فعقدت ما بين حاجبيها بتعجبٍ و هي تفكر كيف أن تكون مثل هذه الأصوات في الجامعة و هذه الأفعال لا تتناسب مع المكان، فحركت رأسها للخلف نحو مصدر الصوت، حتى وقع بصرها على أربعة فتياتٍ يضحكن بقوةٍ و معهما شابين، و لكن مهلًا، هل هما مجرد شابين عاديين، أم أنهما هما حقًا ؟! اتسعتا حدقتيها بقوةٍ حتى تستبين هويتهما و تتمنى أن تكذب بصرها، لكنها تأكدت من هويتهما حقًا حتى وجدت احدى الفتيات تزداد في الضحكات بشكلٍ غريبٍ و أمسكت بيد «عمار» و هي تضحك، حينها شعرت «خلود» بالضيق و الحزن و هي تشعر بغيرةٍ غريبة نحو شخصٍ لم يحق لها أن تغار عليه، فهل من الممكن أن يشعر الشخص بمشاعر نحو شيئًا لم يكن له؟! و هل حقًا هي تريده أن يكون لها ؟! أم أنها توهمت بذلك و عقلها المريض هو الذي صور لها ذلك؟!"

يُتَبَع
#الفصل_الرابع_و_الستون_الجزء_الثاني
#رواية_تَعَافَيْتُ_بِكَ

Continue Reading

You'll Also Like

252K 13.1K 25
احبك مو محبه ناس للناس ❤ ولا عشگي مثل باقي اليعشگون✋ احبك من ضمير وگلب واحساس👈💞 واليوم الما اشوفك تعمه العيون👀 وحق من كفل زينب ذاك عباس ✌ اخذ روحي...
523K 9.6K 85
نظل ما بين تلك الحرب القويه ما بين مشاعرنا... لم يتوقعا ان يقعا في عشق بعضهما البعض... بعد قسوة وزواج مجبران عليه تحولا الى عاشقين لا يستطيعا ان يتفر...
312K 6.2K 128
"هل اقتربت مني عمدا منذ البداية؟" "...... نعم." "لابد أنه كان من الصعب التظاهر بحب ابنة العدو." أنيت، من الدم الملكي والابنة الوحيدة لجنرال عسكري. وب...
1.3M 4.1K 64
⚠️ القصة دي شبه واقعية وتحكي أحداث معظمها حدث معي شخصياً بالفعل،⚠️ يعني معظم الشخصيات اللي فيها موجودة بمواصفتها لكن الخيال فيها إن مش كلهم بل معظمه...