تَعَافَيْتُ بِكَ

By ShamsMohamed969

14.9M 637K 219K

ظننتُ أن قلبي هذا لم يخلق له الحب، و ظننتُ أنني لم أملكُ يومًا قلب؛ إلا أن وقعت عيناي على عيناكِ ففرح قلبي بر... More

الاقتباس الاول
البارت الأول (عريس صالونات)
الفصل الثاني (كونه حنونًا)
الفصل الثالث (الليل و سماه)
الفصل الرابع(إعتذار)
الفصل الخامس (رؤية شرعية)
الفصل السادس (عقد قران)
الفصل السابع(اللقاء الأول)
الفصل الثامن(طبيبة نفسية)
الفصل التاسع(رُهاب إجتماعي)
الفصل العاشر (هل مستعد؟)
الفصل الحادي عشر (لا يريد الخِطبة)
الفصل الثاني عشر (هل وافقت؟)
الفصل الثالث عشر (فلنقرأ الفاتحة)
الفصل الرابع عشر (عيد ميلاد)
الفصل الخامس عشر (موعد اللقا)
تنويه🕊️
الفصل السادس عشر (هدير السبب)
الفصل السابع عشر (كُتبَ الكِتاب)
الفصل الثامن عشر ( مُقابلة)
الفصل التاسع عشر (من أين تعلم؟)
الفصل العشرون (لا تأتي)
الفصل الحادي والعشرين (لأنها فراشة)
الفصل الثاني والعشرون (شكرًا)
الفصل الثالث والعشرين (غرقتُ بعيناكِ)
الفصل الرابع والعشرين (طريقة علاج)
الفصل الخامس والعشرون (لأجلكِ)
الفصل السادس والعشرون (أول مرة)
الفصل السابع والعشرون (لن أتركك)
الفصل الثامن والعشرون (براءة قلبها)
الفصل التاسع والعشرون (ماضٍ لا يُنسى)
الفصل الثلاثون(عروس لعبة)
الفصل الواحد والثلاثون (قاعة زفاف)
الفصل الثاني والثلاثون (الحب القديم)
الفصل الثالث والثلاثون (من عاشر القوم)
الفصل الرابع والثلاثون (لن أستطع)
الفصل الخامس والثلاثون (قمرٌ ضائع)
الفصل السادس والثلاثون (في حمايتك)
الفصل السابع والثلاثون (بداية جديدة)
الفصل الثامن والثلاثون (ما إسمه)
الفصل التاسع والثلاثون (لا يقارن بأحدٍ)
الفصل الأربعون (يزيد حنقه)
الفصل الواحد وأربعون (أنا سأعرفك)
الفصل الثاني و الأربعون(أبو جميلة)
الفصل الثالث و الأربعون( مشيرة الرشيد)
الفصل الرابع و الأربعون (لن أريحكِ)
الفصل الخامس والأربعون (عروس مثل القمر)
الفصل السادس و الأربعون (زغروطة؟)
الفصل السابع و الأربعون (فرح)
الفصل الثامن و الأربعون (صرخةمن الماضي)
الفصل التاسع و الأربعون (العقارب على سمومها تقترب)
الفصل الخمسون (بك تعافيت)
الفصل الأول الجزء التاني (لن أستطع)
الفصل الثاني_الجزء الثاني (مريض)
الفصل الثالث_الجزء الثاني ( البقاء لله)
الفصل الرابع_الجزء الثاني(
الفصل الخامس_الجزء الثاني(لم يراعي شعوره)
الفصل السادس_الجزء الثاني (كتاب دين)
الفصل السابع_الجزء لثاني (وعد بالطلاق)
الفصل الثامن_الجزء الثاني (هل تعرفها؟)
الفصل التاسع_الجزء الثاني (كوب قهوة)
الفصل العاشر_الجزء الثاني(منذ ١٣عام)
الفصل الحادي عشر_ الجزء التاني (وضعهما غريب)
الفصل الثاني عشر_الجزء الثاني (مريض نفسي)
إعتذار رسمي
الفصل الثالث عشر _الجزء الثاني(اختبار صغير)
الفصل الرابع عشر_الجزء الثاني (خطيب الآنسة)
الفصل الخامس عشر_الجزء الثاني (مفاجأة)
الفصل السادس عشر_الجزء الثاني (إلحق)
الفصل السابع عشر_الجزء الثاني (يلقى مصيره)
الفصل الثامن عشر_الجزء الثاني ( ضربة سكين بمقتل)
الفصل التاسع عشر_الجزء الثاني( أنا مستعد)
الفصل العشرون_الجزء الثاني (من طُعن بالسكين ؟)
الفصل الحادي و العشرون_الجزء الثاني(عودة وليد الرشيد)
الفصل الثاني والعشرون_الجزء الثاني( لحظة ترقب)
الفصل الثالث و عشرون_الجزء الثاني( حول الهزيمة لنصرًا)
الفصل الرابع و العشرون_الجزء الثاني( هل جدير بالثقة؟)
الفصل الخامس و العشرون_الجزء الثاني(منك لله!)
الفصل السادس و العشرون_الجزء الثاني ( تخضعين للعلاج)
الفصل السابع و العشرون_الجزء الثاني ( أثر الفراشةِ)
الفصل الثامن و العشرون_الجزء الثاني (وضعت نفسها بمأذق)
الفصل التاسع و العشرون_الجزء الثاني (صفعةً مدويةً)
الفصل الثلاثون_الجزء الثاني (بالأدب)
الفصل الواحد و الثلاثون_الجزء الثاني( بأي ذنبٍ قُتل؟)
الفصل الثاني و الثلاثون_الجزء الثاني (الصبر على الابتلاء)
الفصل الثالث و الثلاثون_الجزء الثاني (صرخة ألم)
الفصل الرابع و الثلاثون_الجزء الثاني (ما هو إسمه)
الفصل الخامس و الثلاثون_الجزء الثاني (من حفر حفرةً لأخيه)
الفصل السادس و الثلاثون_ الجزء الثاني ( هل سيترك حقه؟)
الفصل السابع و الثلاثون_الجزء الثاني (وُضِعَ بمأذقٍ)
الفصل الثامن و الثلاثون_الجزء الثاني (فهم ظنونه)
الفصل التاسع و الثلاثون_الجزء الثاني (تسببت بمصيبةً)
الفصل الأربعون_الجزء الثاني (موعد الحق)
الفصل الواحد و الأربعون_الجزء الثاني (كيف يتصرف؟)
الفصل الثاني و الأربعون_الجزء الثاني (نجم شارد)
الفصل الثالث و الأربعون_ الجزء الثاني ( كيف هنا؟)
الفصل الرابع و الأربعون_الجزء الثاني (فرحة البيت)
الفصل الخامس و الأربعون_الجزء الثاني(ما لم يُحمد عقباه)
الفصل السادس و الأربعون_الجزء الثاني (تتعرفون عليها؟!)
اقتباس من الفصل القادم (تحت التهديد)
الفصل السابع و الأربعون_الجزء الثاني (ماذا يفعل هنا ؟!)
الفصل الثامن و الأربعون_الجزء الثاني (الحبايب هنا)
الفصل التاسع و الأربعون_الجزء الثاني (شر الدنيا)
الفصل الخمسون_الجزء الثاني (سبب الفرحة)
الفصل الواحد و الخمسون_الجزء الثاني(باح بالسر)
الفصل الثاني و الخمسون_الجزء الثاني (ما هي المفاجأة ؟)
الفصل الثالث و الخمسون_الجزء الثاني (عودة الحق)
الفصل الرابع و الخمسون_الجزء الثاني (الموعد المضبوط)
الفصل الخامس و الخمسون_الجزء الثاني (بالغصب)
الفصل السابع و الخمسون_الجزء الثاني (طريقة خاصة)
الفصل الثامن و الخمسون_الجزء الثاني (فض شراكة)
الفصل التاسع و الخمسون_الجزء الثاني (فراق الحبيب)
الفصل الستون_الجزء الثاني (تمزق الروح)
الفصل الواحد و الستون_الجزء الثاني (عصفورٌ في اليد)
اقتباس من الفصل الجديد
الفصل الثاني و الستون_الجزء الثاني (حرية الاختيار)
الفصل الثالث و الستون_الجزء الثاني (وجهةٌ مصوبة)
الفصل الرابع و الستون_الجزء الثاني (عقل مريض)
الفصل الخامس و الستون_الجزء الثاني (لا حول ولا قوة)
الفصل السادس و الستون_الجزء الثاني (الكرة في ملعبه)
الفصل السابع و الستون_الجزء الثاني (ليلٍ لا يدوم)
الفصل الثامن و الستون_الجزء الثاني (بالطبع مستحيل)
الفصل التاسع و الستون_الجزء الثاني (السقوط في بئر الضياع)
الفصل السبعون_الجزء الثاني (مغيب عن الواقع)
الفصل الواحد و السبعون_الجزء الثاني (حرق أعصاب)
الفصل الثاني و السبعون_الجزء الثاني (لم يكن خيرًا)
الفصل الثالث و السبعون_الجزء الثاني (حالة صدمة)
الفصل الرابع و السبعون_الجزء الثاني (لمن النصر؟)
الفصل الخامس و السبعون_الجزء الثاني (الموت قادم)
الفصل السادس و السبعون_الجزء الثاني (فخورًا بنفسه)
الفصل السابع و السبعون_الجزء الثاني (حق الاستغلال)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (عوض الله)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (ماذا تريد)
الفصل الثمانون_الجزء الثاني (أول سحور)
الفصل الواحد و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفي بوعده؟)
الفصل الثاني و الثمانون_الجزء الثاني (عودة الروح)
الفصل الثالث و الثمانون_الجزء الثاني (انسحبت الروح)
الفصل الرابع و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفيد بشيءٍ)
الفصل الخامس و الثمانون_الجزء الثاني (بكل راحة و يسر)
الفصل السادس و الثمانون_الجزء الثاني (رحمة الله عليه)
الفصل السابع و الثمانون_الجزء الثاني (ألم فقدانها!)
الفصل الثامن و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيشعر به؟)
الفصل التاسع و الثمانون_الجزء الثاني (واقع أم حُلم؟)
الفصل التسعون_الجزء الثاني (إخطار من الوزارة)
الفصل الواحد و تسعون_الجزء الثاني (نظرةٌ قارنها العتاب)
الفصل الثاني و التسعون_الجزء الثاني (طوق نجاة)
الفصل الثالث و التسعون_الجزء الثاني (وحي الخيال)
الفصل الرابع و التسعون_الجزء الثاني (محاولة فاشلة)
الفصل الخامس و التسعون_الجزء الثاني (الزمن يُعاد)
الفصل السادس و تسعون_الجزء الثاني (غياهب الظلام)
الفصل السابع و التسعون_الجزء الثاني (ليلة الحنة)
الفصل الثامن و التسعون_الجزء الثاني (نهاية القصة)
تنويه هام🦋❤️
تجميعة الحلقات الخاصة

الفصل السادس و الخمسون_الجزء الثاني (قنبلة موقوتة)

68K 3.4K 1K
By ShamsMohamed969

"الفصل السادس و الخمسون"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
_________________________

"يا ليتكَ بجواري...يا ليت دارك داري"
_________________________

يدفعني كل الشوق لأيامٍ كنت أظنني بها بلا شعورٍ، كنت أظن نفسي غريبًا عن تلك الدنيا، كنت بسيطًا و هادئًا، الآن غدوت أكثر خوفًا و أكثر تأثرًا، خشيت الخوف يتملكني فيضيع ثباتي مني، و ها أصبح أكثر ما خشيته ملموسًا و في قلبي محسوسًا.

"في بيت آلـ الرشيد"
هدأ توتر «سلمى» قليلًا بعد حديث «عمار» و تعليماته التي ألقاها عليها، ثم عادت لاستذكار دروسها و البدء في عمل الجدول الخاص بمذاكرتها، و في أثناء ذلك كان «أحمد» يتصفح هاتفه بهدوء و بين الحين و الآخر يرفع رأسه يراقب كلتاهما ثم يخفضها من جديد.

كانت «خلود» جالسة و أمامها الكتب الخاصة بها و رغمًا عنها شخص بصرها للجهة الأخرى نحو الأريكة الخالية من وجوده، لمعت العبرات في عينيها و هي تتذكر جلوسهما سويًا عليها و مشاكستهما سويًا، و دون أن تعي لما هو آتٍ، انصاعت لرغبة قدميها حتى تركت موضعها ثم توجهت نحو الأريكة، و حينها زاد وخز الدموع في عينيها بعدما هدأ البيت من مرحه و مشاكسته لهم، مالت بجسدها نحو الكتاب الموضوع على الطاولة الخشبية الصغيرة بجوار تلك الأريكة.

فتحت أول صفحاته و هي تبتسم بشوقٍ حتى وقع بصرها على العبارة التي دونها بخط يده في أول صفحات ذلك الكتاب و هي:
"و ها قد انتهت رحلة جديدة غوصت فيها بداخل طيات هذا الكتاب، و كل ما استنتجته من تلك الرحلة، أنني لو ما كنتُ تألمت....لما كنتُ تعلمتُ، قد ابدو  لك من الخارج فارغًا و رأسي من الداخل يعج مثل ضجيج مدينة متكدسة السكان.... أو مثلما التائه في حالة الحرب يسير بحثًا عن الأمان"

تنهدت هي بعمقٍ ثم احكمت حصار جفونها فوق مقلتيها حتى تتحكم في تلك الدموع التي أوشكت بفضح أمرها، حتى هي لم تستطع الذهاب لتوديعه و مباركاته، أغلقت الكتاب مرةً أخرى و هي تفكر به غافلةً عن زوج الأعين التي تراقبها، بينما هي أمسكت الكتاب ثم ارتمت على الأريكة و قررت الغوص في تلك الرحلة التي سبق و غاص هو بها؛ على الرغم من مللها و ضجرها من القراءة، إلا أنها قررت الهروب من شوقها له في تلك الصفحات.

ابتسم «أحمد» بتأثرٍ حينما فهم ما تفكر به و اتضح عليها أكثر حينما أمسكت الكتاب و قررت الخوض في تلك التجربة، تنهد حينها بقلة حيلة و هو يعلم أن تلك الفترة ستكون أشد صعوبة عليها نظرًا لكثرة تعلقها بـ «وليد»

على الجهة الأخرى و بعد وصولهم للبيت الخاص بهم في محافظة "الأسكندرية" كان يحاول مرارًا الوصول لها و لكن النتيجة كما هي الهاتف مغلق، تنهد بضجرٍ ثم دلف الشرف بعدما فشل في التوصل إليها، حتى أقتربت «عبلة» منه تضع يدها على كتفه و هي تسأله بتعجبٍ:

"مالك يا وليد ؟! متضايق كدا ليه ؟! فيه حاجة مزعلاك؟!"

حرك رأسه نفيًا ثم أخفضها هاربًا منها، فهو لم يقوى على اخبارها بشوقه لعائلته و خصوصًا «خلود»، المشاعر التي يشعر بها غريبة و يكاد يجزم بأنه أول مرة يشعر بها، على الرغم من انه تركهم قبل سابق لكن تلك المرة شعوره يختلف عما سبق، رفعت وجهه و هي تبتسم له ثم قالت بهدوء:
"وحشوك صح ؟! و وحشوني أنا كمان على فكرة، بس ليه شكلك زعلان؟!"

حرك كتفيه وهو يقول:
"خلود !! هتتعب من غيري، يمكن خديجة معاها ياسين و غير كدا هي اتعودت علشان هي متجوزة، إنما خلود مكانش حد قريب منها غيري و تليفونها مقفول، عاوز حتى اتطمن عليها"

قلبت عينيها بتوازي يمينًا و يسارًا و هي تفكر حتى تحدست بنبرةٍ حماسية:
"عرفت !! هنكلم سلمى و أكيد هي معاها، أو ممكن نكلم أحمد"

حرك رأسه موافقًا ثم أخرج رقم «سلمى» يهاتفها مُسرعًا حتى وصله الرد منها و اطمأن عليها ثم أعطى الهاتف لزوجته حتى تهاتف شقيقتها، فتحدثت بفرحةٍ كبرى:
"وحشتيني اوي يا سلمى، أخباركم إيه و ليه مجتيش علشان تشوفيني؟! كنت عاوزة اسلم عليكي قبل ما أسافر"

ردت عليها الأخرى بحرجٍ منها:
"حقك عليا يا عبلة، بس الدروس اتراكمت عليا و كان لازم أروح قبل ما الحصص تفوتني، لما تيجي أن شاء الله هكون خدت الأجازة اللي قالوا عليها و هقعد معاكم في البيت"

ردت عليها موافقةً بحماسٍ ثم طلبت منها تعطي الهاتف للأخرى، و بعد مرور ثوانٍ أمسكت «خلود» الهاتف بعدما توجهت لها «سلمى» دون أن تنبت ببنت شفة، أخذت منها الهاتف بتعجبٍ فتفاجأت بـ «عبلة» تمازحها بقولها:
"جرى إيه يا كاريزما هانم ؟! مجتيش تباركيلي و قافلة تليفونك و كمان مش عاوزة تكلمينا؟؟ قتلتلك قتيل ؟!"

ردت عليها «خلود» بقلة حيلة ممتزجة بالسخرية:
"وحشتيني اوي يا عبلة، مش لاقية حد ارخم عليه، طب تعالي أعصبك و ارجعي تاني"

ابتسمت الأخرى على الطرف الآخر ثم تنهدت بعمقٍ تبعته بقوله:
"و أنتِ وحشتيني و وحشني رخامتك عليا، بس وعد هرجعلك و يوم العزومة هجيبك من شعرك"

ابتسمت «خلود» رغمًا عنها فرفعت كفها تمسح على خصلاتها السوداء، فتفاجأت بصوته يسألها بصوتٍ مختنقٍ:
"كدا مش عارف أوصلك ؟! وحشتيني يا خوخة"

اجهشت في البكاء عند استماعها لصوته بتلك النبرة التي أظهرت شوقه لها، فتابع هو مُهدئًا لها:
"بــس....بـس علشان خاطري بلاش تعيطي، جرى إيه يا خلود ؟! أنتِ طلعتي عندك مشاعر؟!"

ردت عليه هي بصوتٍ مختنقٍ من كثرة البكاء:
"علشان البيت رخم من غيرك و ملوش حس، بقى زي القبر، و كلكم مشيتوا منه مرة واحدة، عبلة مش هنا و لا جميلة بعد ما اتعودت عليها، و خديجة و هدير مش موجودين، و سلمى بتذاكر، أنا مكانش ليا غيرك هنا، حتى أنتَ مشيت"

بكى هو على الطرف الآخر ثم مسح دموعه وهو يقول:
"وعد مني و كلمة شرف؛ أجازة نص السنة بتاعتك كلها هتكون عندي، مش هسيبك فيها و هتيجوا تقعدوا معانا، اعتبريها مكافأة لحد ما تخلصي امتحاناتك، و أنا عمري ما أسيبك أبدًا، أنتِ بنتي"

بكت بقوةٍ و هي تستمع له و خاصةً عند تلك الكلمة الأخيرة، فضحك هو حتى يغير تلك الأجواء و هو يضيف:
"و بعدين بطلي عياط بقى علشان أجيبلك أم خلود اللي بتحبيها دي، بتحبي حاجات غريبة"

ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة من بين بكائها:
"اسمها ام الخلول، أم خلود دي تبقى خالتك زينب يا خفيف"

ضحك هو بيأسٍ منها فوجدها تقول بشوقٍ بالغٍ:
" وحشتني أوي بجد، بس ربنا يفرحك يا وليد و يكرمك بنونو حلو زيك كدا علشان اربيه أنا، هخليه خليفتك في الملاعب"

رد عليها هو مُسرعًا:
"يا بخته بيكي يا خلود، هيبقى محظوظ علشان أنتِ هتكوني في ضهره، زي ما طول عمرك في ضهر أبوه"

ابتسمت هي بفرحةٍ فوجدته يطلب منها إعطاء الهاتف لشقيقها إن كان بالقرب منها، تحركت حتى وصلت إلى «أحمد» و هي تعطيه الهاتف، ابتسم الآخر ثم أخذ منها الهاتف و هو يقول بمرحٍ:
"إيه يا عريس ؟! اخبارك إيه؟! اديني نبذة كدا لحد ما ربنا يكرم"

رد عليه الأخر بسخريةٍ:
"و ليه نبذة ؟! أنا لو منك انزل دلوقتي اكتب كتابي، دي ثانوية عامة يعني أقصى طموحاتها حاليًا تودوها بيت حبيبها تعيش معاه، قبل ما تنفجر من الضغط"

وكزته «عبلة» في كتفه فأضاف هو بجديةٍ:
"بهزر يا عم علشان عبلة متضربنيش، المهم إيه أخبارك ؟؟ عامل إيه في الأجازة؟!"

رد عليه بضجرٍ:
"زهقان...مش لاقي حاجة أعملها، و بصراحة شكلي هلبس و أروح للعيال على الكافيه، القعدة كدا خنقاني"

رد عليه مسرعًا يحذره:
"أحمد !! بلاش و أعقل كدا، مش كل شوية تقول هروح اقعد معاهم، خليك في البيت علشان مفيش غيرك أنتَ و وئام، و مش هوصيك على سلمى و خلود، الاتنين وضعهم صعب، سلمى علشان دروسها و خلود علشان أنا مش معاها"

رد عليه يطمئنه بالحديث و يخبره بتنفيذ تعليماته ثم أغلق الهاتف معه، كانت «خلود» تجلس بجواره و بعدما أغلق الهاتف وجدته يحتضنها و هو يبتسم لها ثم رفع كفه يمسح على خصلات شعرها بحنوٍ بالغٍ، و «سلمى» تراقبهما بعينيها حتى التقت نظراتهما سويًا، فابتسمت هي له بتوترٍ حينما ابتسم لها هو الأخر.

تنهد «وليد» بأريحيةٍ حينما اطمأن عليهم، فوجدها تسأله بحماسٍ:
"ها ارتاحت ؟؟ شوفت أنهم كويسين بس مكتئبين شوية؟"

حرك رأسه موافقًا و هو يبتسم لها فوجدها تصفق بكفيها معًا و هي تقول:
"ربنا يحميني أنا فرحتك و طمنتك أهوه، إيدك على الحلاوة بقى"

سحبها نحوه يحتضنها بقوةٍ و هو يتمسك بها، فـ تفاجأت هي من رد فعله فوجدته يقول بنبرة صوتٍ هادئة تجمع بين العاطفة و التأثر:
"أنتِ و عيونك أحلى ما في الدنيا يا عبلة، مفيش أحلى منكم علشان ينسيني طعم المر"

اتسعت بسمتها بين ذراعيه، فوجدته يربت على ظهرها ثم تحدث بنبرةٍ هادئة:
"ربنا يباركلي فيكي يا سوبيا و أقدر أعوضك عن أي حاجة زعليتك في يوم"

ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة:
"طب و الله كل حاجة في الجهاز جيبتها بالسوبيا علشان متزعلش"

ابتعد عنها وهو يقول بحزمٍ من خلال وجهه المبتسم:
"أوعي تغيريها !! دي بقيت مزاج عندي مش بهزر، بحس أني متطمن لما بشمها"

ضحكت عليه هي بقوةٍ فوجدته يقول مشاكسًا لها:
"دا احنا شكلنا داخلين على أيام عسل"
_________________________

في قسم الشرطة أوشك  «رياض» على الوصول خلف الشباب مع زوجته بعدما هاتفته «إيمان»،
و في غرفة الضابط وقف الشباب بجانب بعضهم و نظرات الشر تنبثق في أعينهم تجاه ذلك الجالس أمامهم، و الضابط يحاول جمع نقاط الموضوع والحل بالطرق الودية، حتى تحدث أخيرًا بثباتٍ يحاول التحلي به:

"طب و أخرتها ؟! أنا بقول الموضوع يخلص و خلاص كدا، حضراتكم محترمين و ناس ليها وظايف محترمة، على ما أظن يعني ليكم مكانة خاصة"

قالها و هو يتفحص «عامر» الذي وقف أمامه بعدما تمزقت ازرار سترته و كشفت عن "التيشيرت" الذي يرتديه بالاسفل حيث طُبع عليه رسمة كرتونية للقط و الفأر معًا، تلك الرسمة العائدة لذلك الكرتون الشهير، حينها مال «ياسين» على أذنه و هو يقول هامسًا بسخريةٍ:
"اقفل أم القميص دا جايبلنا الكلام، يخريبت أهلك كلهم"

اقترب «عامر» خطوةً من مكتب الضابط و هو يقول بثباتٍ و وقارٍ يتنافى مع هيئته:
"يا فندم مع حضرتك عامر فهمي المدير العام لشركة الفاروق للسياحة"

حرك الضابط رأسه للأعلى يطالعه ثم مرر بصره نحو السترة القطنية و تلك الرسمة المطبوعة عليها، حينها حمحم «عامر» بخشونةٍ ثم ضم طرفي القميص محاولًا اخفاء تلك الرسمة، فتحدث الضابط بضجرٍ:

"بقولكم إيه ؟! دي مش أول تحصل و تيجيلي خناقة من النادي الزفت دا، خلصونا و أمضوا على محضر الصلح"

تحدث الرجل برفضٍ قاطعٍ:
"مستحيل !! أنا قولت لأ يعني لأ، و هربيهم و هعرفهم ازاي يتعاملوا بالاسلوب الهمجي دا، احنا فين ؟! في غابة؟! أنا رئيس مجلس إدارة مجموعة الشركات كلها، و هعرفهم ازاي يتعاملوا كدا مع الناس"

اقترب «خالد» بجسده للأمام في محاولةً منه للهجوم عليه لولا وجود ذلك العسكري الذي حال بينه و بين الرجل حتى تحدث مفعلًا بلهجةٍ حادة:
"هو أنتَ يا ناقص عاوز تبص لمراتي و تلطف و أنا أسكتلك؟! قسمًا بالله لولا الحكومة كان زماني مطلع روحك في ايدي"

ضرب الضابط بيده على سطح المكتب و هو يقول:
"بس أنتَ و هو ؟! معاكم ١٠ دقايق لو مفيش حد فيكم قرر تتصالحوا ولا لأ أنا هرميكم في الحجز، خلصونا بقى"

تحدث «ياسين» منفعلًا و بنبرة صوتٍ جهورية:
"أنا مش فاهم حاجة ؟! يعني إيه احنا و هو نتساوى في كفة واحدة، واحد بيعاكس بنات الناس و بيتطاول عليهم، و مش محترم حتى وجود الرجالة اللي واقفة، حط نفسك مكاني يا حضرة الظابط و خلي مراتك تتعاكس من واحد معندوش نخوة و لا دم، و مش بس كدا دا بيعاكس في البنات اللي معانا كلهم، لو أنتَ قابل حاجة زي دي و دمك مغليش، يبقى أنا ممكن اقبل عادي"

طالعه الضابط لعدة ثوانٍ بنظراتٍ ثاقبة، يتفهم حديث «ياسين» ثم زفر بقوةٍ فهو يعلم أن تمام الحق معهم، لكن ذلك الأخر يملك صلاحياتٍ تجعله يستغل نفوذه ضد الشباب، زفر هو بقوةٍ و في تلك الاثناء فُتح الباب ليطل منه «رياض» بوقاره المعهود و هو يقول:

"مع حضرتك رياض الشيخ، المحامي الحاضر عن الأساتذة و والد البشمهندس ياسين الشيخ"

أشار له الضابط بالجلوس و هو يقول:
"اتفضل يا فندم، ياريت حضرتك تحاول معاهم، الجهتين رافضين الصُلح، أنا بقول الصلح أفضل و كل واحد يروح لحاله"

تحدث «ياسر» بضجرٍ:
"يا فندم ازاي بس ؟! هو من الطبيعي إن لما راجل مراته تتعاكس في الشارع يسكت و يتنازل عن حقها ؟! طب ازاي بس؟! المفروض هو اللي يتعاقب علشان يلم نفسه و يتعلم يبقى راجل"

تحدث الرجل منفعلًا بغيظٍ:
"أنا راجل غصبٍ عنك يا حيوان أنتَ"

تحدث «عامر» بسخريةٍ:
"بأمارة إيه راجل ؟! طالما مش عارف تسيب الستات تمشي في شارع بأمان يبقى زي زيك الحيوان"

صفق الثلاثة شباب فخرًا به، بينما هو رفع كفه يحييهم باعتزازٍ بنفسه، و هو يراقص حاجبيه للرجل مُعاندًا له، تحدث «رياض» بهدوء و رزانةٍ:
"يا فندم حضرتك عارف التربية الشرقية و صفاتها كويس، و هما اتربوا على الشهامة و إن عينهم متترفعش في عين اي ست، فطبعًا لما يشوفوا حاجة زي دي قدام عنيهم طبيعي أنهم ينفعلوا، و بعدين القانون حاليًا بيجرم التعديات اللفظية و المعاكسات و أنا بصفتي محامي ممكن ارفع قضية و هما ساعتها مش مضرورين في حاجة لأنه دفاع عن النفس دا أولًا، و تواجدهم كان في مكان عام دا ثانيًا، و لا إيه يا هشام بيه؟! مش حضرتك برضه هشام السيد رئيس مجلس إدارة مجموعة الشركات ؟!"

ظهر التعجب على أوجه الجميع بعدما تعرف عليه «رياض» فتحدث مُضيفًا من جديد:
"أنا و الأستاذ هشام اشتغلنا سوا في فترة من الفترات، و على ما أظن كدا هو عارفني، و لا إيه؟!"

تذكره ذلك الرجل حينما قام بمضايقة فتاةٍ ما في احدى الشركات الخاصة بهم، و حينها تدخل «رياض» يقف في صف الفتاة بعدما طلب منه صديقه «فاروق» ذلك، خاصة أن ذلك الجالس دائم المشاكسات و المضايقات للفتيات و النساء، يشبه في غريزته الحيوانات في عدم سيطرتها على تلك الغريزة،

تعرف عليه ذلك الرجل فتحدث على مضضٍ مُجبرًا على ذلك:
"أنا موافق على الصلح و دا علشان ولاد عمي مش أكتر، رياض برضه صديق قديم للعيلة و أنا لو كنت أعرف إنه والد البشمهندس، أكيد ماكنتش اتصرفت كدا"

تنهد الضابط براحةٍ ثم تحدث أخيرًا و كأن حجرًا أزيح من على صدره:
"طب الحمد لله، و أظن برضه الشباب هيتنازلوا عن المحضر هما كمان، علشان حتى الستات اللي معاكم برة دول"
نظروا لبعضهم البعض و كلًا منهم يحاول فهم نظرة الأخر.
_________________________

في الخارج وقفت الفتيات و بجوارهن «زهرة» و هي تضلل عليهن كما الأم و هي تضلل على صغارها، و كانت أكثرهم خوفًا «خديجة» التي كانت ترتجف من كثرة خوفها و ذلك لرهبة الموقف و المكان الذي وقفت به.

و ازداد خوفها أكثر حينما رآت المجرمين و هم يتحركون مع العساكر و الأصفاد الحديدية تجمع كفوفهم سويًا، ابتلعت ريقها بخوفٍ و هي ترى النظرات حولها موجهةً نحوهم، تمسكت بذراع «زهرة» بخوفٍ، فربتت الأخرى على يدها و هي تقول:
"أهدي يا حبيبتي بلاش تخافي كدا أنا معاكي، مالك كدا؟!"

حركت رأسها نفيًا دون أن تقوى على التحدث و كأن صوتها رفيقًا تركها و فل بعيدًا، و بعد مرور بعض الدقائق التي مرت كما الدهر كاملًا؛ خرج «رياض» بالشباب من غرفة الضابط و خلفه «هشام»، حتى وقفا كليهما أمام بعضهما و هو يطالع الأخر بثباتٍ، فتحدث «رياض» بتهكمٍ:

"ازيك يا هشام ؟! لسه يا أخي برضه مبتعرفش تلم نفسك ؟! دا أنتَ عيلتك بيتضرب بيها المثل في الرجولة"

ابتسم له بخبثٍ و هو يشير نحو «ياسين» و يتحدث مُخمنًا:
"ابنك دا مش كدا ؟! يتربى في عزك يا رياض"

رد عليه «رياض» بثباتٍ:
"آه ابني و دول اخواته و أظن مش محتاج تتعرف عليهم، هما عرفوك بنفسهم و زيادة"

حرك رأسه موافقًا بسخريةٍ فتحدث «رياض» مُضيفًا:
"ممتاز عرف كل حاجة يا هشام، و اعمل حسابك إنك مش هتقدر تأذي واحد فيهم، بقوا في حمايته خلاص"

حرك رأسه موافقًا ثم تحدث بثقةٍ وثباتٍ مُقللًا من شأنهم:
"و هو أنا عيل علشان أحط شوية عيال في دماغي برضه؟! أنا أكبر من كدا بكتير"

قبل أن يهجم أيًا منهم عليه و يندفع بعنفوان، أشار لهم «رياض» بالتوقف و هو يقول:
"العيال اللي مش عاجبينك دول هما اللي ماشيين شغلكم، الواحد فيهم يتفك بـ ٥ غيره، و أظن برضه إنك من غيرهم مش هتلاقي اللي يخلص شغلكم اللي أنتم مش سألين فيه، أنا ربيتهم على الحق، طبيعي إن أهل الباطل زيك كدا يكرههم"

ربت على كتفه مرةً أخرى و هو يقول بنفس الهدوء:
"يتربى في عزك يا رياض"

تحرك من أمامهم بعدما رمق الفتيات بوقاحةٍ ثم أطلق صفيرًا متناغمًا من فمه و هو يتابع سيره نحو الخارج، بينما «رياض» تحدث بضجرٍ و قلة صبرٍ:
"يلا خلونا نروح، العربيات بتاعتكم فين؟!"

تحدث «عامر» يجاوبه:
"موجودة في جراج النادي، كلها دقايق من هنا علشان نوصل"

حرك رأسه موافقًا بينما «ياسين» سأله بضيقٍ:
"هي ماما جت معاك ليه يا بابا؟! ازاي تجيبها معاك مكان زي دا؟!"

رد عليه والده ساخرًا:
"نعم يا أخويا ؟؟ على أساس إنك كنت مع مراتك في البيت الأبيض؟! يلا يا يالا قدامي"

كانت الفتيات تقف على مقربةٍ منهم و لكن حينما نظر لهم «رياض» بعدم تقدمهم، فهموا تلك النظرة و وقفوا بمكانهم، حتى أشار لهم و سبقوهم نحو الخارج.

ابتعدوا قليلًا عن القسم حتى تحدث «خالد» مُستفسرًا:
"تعرف الراجل دا منين يا رياض ؟! أنتَ كل معارفك نضاف"

رد عليه بايجازٍ:
"هشام يبقى ابن عم ممتاز الفاروق، راجل سمعته زي الزفت، و أنا برة قبل ما ادخل ليكم عرفت اسمه من العسكري و كلمت ممتاز علشان لو فيه حاجة هينوي يعملها، يوقفها"

سأله «ياسر» بتعجبٍ ممتزج بالضجر:
"هو ممكن يعمل حاجة كمان ؟! يعني مش بس حيوان و قذر كمان معدوم الضمير؟"

رد عليه موافقًا:
"كان هيعمل، بس ممتاز طالما عرف يبقى خلاص مستحيل يقدر يتصرف، هو بيخاف منه علشان منصبه، و علشان دي مش أول مشكلة يتسبب فيها"

تحدث «عامر» بسخريةٍ:
"ما شاء الله دا قديم و خبرة بقى، بس يستاهل وشه اللي بقى شوارع دا، المرة الجاية فكروني نصفي عينه"

ابتسم الشباب بقلة حيلة، فتحدثت «زهرة» بخوفٍ:
"مفيش مرة تانية، و مفيش نوادي أنا مش مستغنية عنكم، و لا عن البنات، خلاص كدا"

تحدث «ياسين» بضجرٍ:
"يعني إيه أنا مش فاهم، علشان واحد تربيته ناقصة الناس تتحبس في بيوتها؟! النادي دا احنا بيتخصم من شغلنا و تعبنا فلوسه، و هو و اللي زيه بياخدوا حق مش حقهم، مش عارف يلم نفسه يبقى ميزعلش لما الرجالة تلمه"

تدخلت «إيمان» تقول لأخيها بسخريةٍ مقلدةً طريقته في الحديث:
"قولتلك امسك اعصابك شوية، بطلي تنفعل على كل حاجة كدا، امسك نفسك شوية، و بعدين يمكن صدفة"

توقف عن السير و هو يرمقها بغيظٍ حتى وجدها تتمسك بيد زوجها و هي تقول بخوفٍ:
"الحقني يا ياسوري، هيمد أيده عليا"

تحدث «ياسر» بضجرٍ:
"نفسي و الله يا إيمان...أمنية حياتي علشان تتهدي"

شهقت هي بقوةٍ فوجدت «خالد» يقول متشفيًا بها:
"شوفتي ؟! يعني لو جيبتك من شعرك دلوقتي هو نفسه هيبيعك"

تحدث «ياسر» بحنقٍ منه:
"مش للدرجة دي يا بغل أنتَ، على الله حتى تبصلها، هزعلك"

توقفت عن السير و هي تقول بمرحٍ:
"تصدق يا ياسر أنتَ راجل ابن حلال؟! روح ربنا يكرمك بتوأم يا رب، و يكونوا حلوين زيك كدا عاملين زي القطط الشراسي و عينهم زرقا"

ابتسم بيأسٍ منها، فتحدث «عامر» مستفرًا:
"هو إيه اللي معاكي دا يا حجة زهرة؟! أنتِ كنتي جايبة زيارة للظابط؟!"

ردت عليه هي بسخرية:
"لأ يا خفيف، كنا بنجيب حاجات من السوبر ماركت لما المكالمة جت لنا، معرفتش احط الحاجة فين، جيبتهم و جيت"

سألها «ياسين» بايجازٍ:
"فيهم جبنة رومي ؟!"

حركت رأسها موافقةً بتعجبٍ فاشار هو لـ «عامر» و هو يقول:
"لما نوصل الجراج اعملنا سندوتشات يا عامر، أنا جوعت"

طالعته «خديجة» بدهشةٍ من لامبالاته، فسألها هو بهدوء:
"مالك بتبصيلي كدا ليه؟!"

ردت عليه هي بتهكمٍ:
"و الله ؟؟ ياسين احنا خارجين من القسم و الموقف كله يموت من الخوف، و أنتَ هتعمل سندوتشات جبنة رومي؟!"

رد عليها هو بسخريةٍ:
"لو مزعلاكي الجبنة الرومي يبقى خليها لانشون يا خديجة، حايب لانشون يا بابا ؟!"

رد عليه والده بنفس البرود:
"جايب لانشون يا حبيبي، هتلاقوا كل حاجة عندكم"

تحدث «خالد» بنبرةٍ جامدة:
"الليلة دي فيها تبلع؟؟ و لا هنروح مكتومين؟!"

تحدثت «سارة» بسخريةٍ:
"هو أنا ليه حاسة إننا خارجين من مسرح العرايس؟! جماعة إحنا كنا في القسم"

رد عليها «عامر» بتهكمٍ:
"ما خلاص انتم هتعايرونا؟! بنفسحكم اهوه، روحوا بقى نزلوا استوري على أغنية بياخدني معاه لأماكن عمري ما روحتها"

ضحكوا عليه جميعًا حتى توقفوا أمام الجراج فتحدث «عامر» بمرحٍ:
"نقف نعمل السندوتشات الأول بعدها نتحرك، أنا جعان و واخد مضاد حيوي مهبطني"

أيده الشباب معًا و بعد مرور ثوانٍ كان المنظر عبثيًا، حيث وقف الشباب مع بعضهم يقومون بصنع الشطائر و هم يمررونها لبعضهم و وقفوا يتناولون الطعام و كأن ما سبق كان سرابًا، فمن يراهم منذ الوهلة يظن أنهم خرجوا لـ توهم من رحلةٍ بحرية
و الفتيات ينظرن لهم بتعجبٍ و حيرةٍ من لامبالتهم الغريبة، حتى اقترب منهن «ياسين» يقدم لهن الطعام من يده و هو يبتسم بخفةٍ، حتى اخذت «زهرة» الطعام من يده و قامت بتوزيعه على الفتيات، ثم وقفوا جيمعًا يتناولون الطعام في جوٍ يملئه المرح وسط مزاح «عامر» و سخرية الشباب.
_________________________

توقفت سيارة «حسن» أمام الشاليه الخاص به أخيرًا و تلك النائمة بجواره تتمسك بذراعه و كأنها تخشى مفارقته، تنهد هو بقلة حيلة ثم ربت على وجهها و هو يقول بصوته الرخيم:
"هدير....هدير يلا وصلنا، يا بنتي قومي"

استيقظت أخيرًا و هي تحاول فك حصار جفنيها، فوجدته يضيف بسخريةٍ:
"إيه يا هدير ؟؟ كل دا نوم و سايباني طول الطريق لوحدي؟!"

ردت عليه هي بضيقٍ بنبرةٍ مبحوحة:
"هعمل إيه يعني مش فاهمة ؟! إحنا صاحيين من الصبح يا حسن، و أنا بكره طريق السفر بليل"

حرك رأسه موافقًا ثم أشار برأسه و هو يقول:
"طب يلا علشان ننزل و لا هنعيش هنا في العربية؟!"

حركت رأسها موافقةً ثم خرجت من السيارة، و هو أيضًا، حتى وقفت تنظر حولها تتفحص المكان، و تفاجأت هي مما وقع بصرها عليه، فلم تتخيل أن بيته يكون مثل ذلك، حيث توقعت أن تجد شيئًا رديئًا، لكن الهيئة الخارجية كانت مرتبة و منمقة إلى حدٍ كبير، و الاضواء هادئة، لم تكن الأجواء مبالغًا بها، و في نفس الوقت ذات ذوقٍ رفيعٍ، وقفت تتابع المنظر حولها حتى اقترب منها يقف بجوارها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"واقفة متسمرة كدا ليه؟! خايفة و لا إيه ؟!"

ردت عليه هي تستفسر بتشككٍ:
"حسن هو دا بيتك بجد؟! و لا دي اشتغالة منك بقى ؟!"

رفع حاجبيه معًا بغير تصديق فوجدها تقول بتهكمٍ:
"يا بتشتغلني، يا أنتَ تاجر مخدرات، أصل البيت جامد ما شاء الله"

أمسك كفها و هو يقول بضجرٍ ممتزجٍ بالسخريةٍ:
"يلا يا هدير ربنا يشفيكي من كل عبط بيأذيكي"

سار بها حتى دلفا معًا للداخل، فوقع بصرها على الشرفة المطلة على البحر، فسألته هي بنبرةٍ جامدة:
"لأ أنا اقسم بالله بدأت اترعب،.. حسن ؟!... إيه المكان دا؟ دي بيوت الأغنيا بس، هو أنتَ غني"

ردد كلمتها مرةً أخرى و هو يقول بتهكمٍ:
"غني ؟! كلنا فقرا لله يا ختي، بس اشمعنا بتقولي كدا يعني؟"

ردت عليه مُردفةً:
"علشان كل حاجة بتقول إنك غني، بيتك في القاهرة يا حسن، أنا تخيلت إن يوم ما هروح بيتك هلاقي شقة عادية و بسيطة زي شققنا كدا، بس اتفاجأت بالشقة، و عربيتك اللي ما شاء الله عليها، و شغلك اللي اكتشتفت إنك شريك فيه، و دلوقتي بيت زي دا، مش أي حد يقدر يبنيه هنا، لازم اقلق"

ابتسم لها بيأسٍ ثم أمسك كفها يتوجه بها نحو الأريكة الموضوعة، جلس هو أولًا ثم أجلسها بجواره، و هو يقول شارحًا لها الأمر:
"كل الحكاية يا ستي إن أبويا كان شغله حلو في الامارات و زي ما بيقولوا كدا كان عاملهم، و كان عندنا البيت بتاع أهل أمي قبل ما حنان تبيعه، و ماما كانت بتشتغل في مصلحة الضرائب، كل دا اتجمع في نصيبي و اتحط في البنك لحد ما كبرت و بقى ليا صرفة فيهم، حطيت ورثي من أبويا على حقي من البيت على نصيبي من فلوس أمي، على نصيبي من ورثي في خالي اللي كان في الجيش، كل دول جمعوا مبلغ محترم، صرفت منهم على نفسي جزء و جزء راح لأهل المرحومة، و جزء شايله في البنك مش باجي جنبه"

قطبت جبينها بتعجبٍ بعد جملته تلك و ظهر الاستفسار على وجهها دون أن تفصح عنه شفاهيًا، فالتقط هو ذلك الاستفسار بفطنته، فتحدث هو يجاوب ذلك الاستفسار بقوله:
"حطيته في البنك علشان المستقبل، أنا الأول كنت سايبهم في البيت علشانك بس أنتِ مكنتيش بتيجي جنبهم رغم إنك عارفة الرقم"

ردت عليها هي مسرعةً:
"بس دي حاجة مش من حقي يا حسن، منكرش إن ساعة هدى أختي أنا اتفاجئت بيك بتفتحها قدامي و تعمدت إنك تخليني أشوف الرقم، بس أنا مقدرش أخد حاجة مش من حقي"

تحدث هو بلهجة صوتٍ حادة:
"يعني إيه مش من حقك؟! إذا كنت أنا كلي من حقك يا هدير، فلوسي و كل حاجة بتاعتي بتاعتك أنتِ"

سألته هي بترقبٍ خوفًا من أن يسيء فهمها:
"طب ممكن أسألك سؤال ؟! و متفهمنيش غلط ؟!"

حرك رأسه موافقًا و عينيه كما هي مُثبتة عليها، فسألته هي من جديد:
"ليه لما اتجوزت شيلتهم من البيت؟! لو زي ما بتقول كدا أنا و أنتَ واحد و كل واحد فينا حق التاني؟!"

حرك رأسه موافقًا بتفهمٍ و هو يقول:
"علشان يا هدير قبل ما اتجوزك أنا ماكنش عندي أي حاجة تخليني أفكر في أي حاجة لقدام، كنت تمثال بيتحرك، كل يوم كنت بدعي من كل قلبي يكون أخر يوم ليا، كنت باكل و أشرب و اصلي و أعمل كل حاجة و من جوايا رغبة واحدة مفيش غيرها، أروح للي سابوني لوحدي، كنت كل يوم بسأل نفسي اللي زيي عايش ليه؟! بس في يوم و ليلة كل حاجة اتغيرت و كل حاجة بقت العكس تمامًا"

ظهرت حركة خافتة بالكاد تدل على تحرك رأسها تريد منه الاسترسال حتى وجدته يمسك كفها بين كفيه و هو يقول مُفسرًا:
"اليوم اللي بقيتي معايا فيه، أنا تفكيري كله اتغير يا هدير، بقيت بحلم كل يوم ببيت زي أي حد طبيعي، لقيت تفكيري بقى في بكرة و ازاي أأمن مستقبلك، تفكيري ساحبني لأكتر من كدا لو ربنا كرمني و خلفتي مني، أكيد ليها حسابات تانية، أحلام بقت غريبة و متلونة، لواحد حياته كلها كانت سواد، تفتكري بقى أنا ممكن أضحي بكل الأحلام دي اللي لونت حياتي؟! دا أنا ابقى مجنون"

ابتسمت له هي ثم تنهدت بعمقٍ بعد حديثه، ثم سألته بثباتٍ لا تقبل رفض جوابها:
"طب ممكن أعرف هنعمل إيه مع أختك؟! حسن لازم الوضع يتحل، أكيد هي هتزعل و أكيد هتضايق، هروبك منها مش حل، ممكن أكلمها أنا؟!"

حرك رأسه مُسرعًا بنفيٍ و هو يقول رافضًا حديثها:
"لأ... أنا هكلمها و هعرفها، لازم كل حاجة تحصل تكون بالهدوء، الصدمات مش هتنفع معاها خالص"

حركت رأسها موافقةً بقلة حيلة فوجدته يسحبها من يدها و هو يقول بمرحٍ:
"قومي معايا علشان تشوفي بيتك، كل حاجة هنا ذوقي أنا، يا رب يعجبك"

سارت معه و هي تبتسم و هو يقوم بعرض المنزل لها مارًا بكل أركانه، و هي تضحك على سخريته و جهله ببعض الأشياء أثناء مهمة التعريف، حتى حملها على يده بمرحٍ و هو يقول:
"بقولك ايه احنا نطلع نرتاح أحسن و بكرة نشوف البيت، أنا ميت من التعب"

ردت عليه هي ببساطةٍ:
"أطلع يا أبو علي، أنا لو سيبتني هنام هنا على السلم"

رد عليها و هو يصعد بها على الدرجات الكبيرة بتوعدٍ له:
"طول عمري بكره دلع أبو علي دا، و عمري ما حبيته إلا منك أنتِ"

سألته هي بدلالها المعتاد:
"و ماله مني أنا بقى؟! بقيت بتحبه؟!"

حرك رأسه نفيًا ثم أضاف:
"بقيت بدعي ربنا يكرمني بـ علي إن شاء الله، علشان ابقى حتى اسم على مسمى"

ابتسمت هي بيأسٍ منه، فوجدته يقول مقررًا:
"اعملي حسابك هسميه علي، دي مفيهاش نقاش على فكرة"

حركت رأسها موافقةً و هي تبتسم و رغمًا عنها شعرت بخجلٍ منه، و هي تفكر هل يمكنها أن تنفذ تلك الرغبة و تصبح أمًا لأبنائه بعد كل ما مررت به؟! إذا حدث ذلك ستكون حصلت على أكثر ما تمنت بكثيرٍ، فبعد زواجها منه رأت حياةً أخرى، فكيف إذن إذا اكتملت تلك الحياة بطفلًا صغيرًا ينمو في أحشائها منه هو؟!.
_________________________

وصل الشباب منطقة سكنهم بعدما قاموا بتوصيل «رياض» و زوجته، توقفوا جيمعًا معًا، حتى تحدث «ياسين» بسخريةٍ:
"رحلة سعيدة يا شباب، اتمنى تكون عجبتكم الفُسحة، وعد مني المرة الجاية هنروح محكمة الأسرة"

ضحكوا عليه جميعًا، فتحدث «عامر» بنبرةٍ ضاحكة:
"يا خوفي ترسى في مرة على محكمة الجنايات"

تحدث «خالد» بضجرٍ:
"يلا يا خفيف أنتَ و هو على شققكم، هنفضل واقفين كدا؟!"

تحدث «ياسر» بسخريةٍ:
"دلوقتي مينفعش نقف؟؟ و في الجراج و السندوتشات رايحة جاية دا كان عادي؟!"

زفر هو بقوةٍ ثم حمل ابنه النائم على ذراع «إيمان» ثم تحدث بضجرٍ:
"يلا يالا منك ليه، ورانا شغل بكرة الصبح و مش هستنى حد"

بعدها انسحبوا جميعًا نحو شققهم و كلًا منهم يصطحب زوجته معه، و أول من صعد شقته كان «خالد» الذي دلف اولًا و زوجته خلفه حتى أغلقت هي الباب، و اقتربت منه بخوفٍ و هي تقول بنبرةٍ مهتزة:
"هـ..هات يونس أنيمه جوة يا خالد ...هاته"

اخذت ابنها من يده ثم هرولت تجاه الغرفة هروبًا منه و خوفًا من حديثه، حتى تبعها نحو الداخل و هو يسألها بتعجبٍ من حالتها:
"مالك يا ريهام ؟! خايفة كدا ليه؟! هو أنا جيت جنبك ؟!"

ردت عليه هي بتوترٍ:
"خايفة.... خايفة منك يا خالد، لو اتكلمت و زعلتني و قولتلي أنتِ السبب هتضايق منك، بهرب منك علشان متكلمنيش"

رفع حاجبيه بذهولٍ و هو يقول بغير تصديق:
"ازعلك ؟؟ و أنتِ مالك أنتِ يا ريهام؟! هو أنتِ عملتي حاجة؟"

ردت عليه هي بقلة حيلة:
"اومال اللي حصل دا كان مين سببه؟! مش دا هيبقى كلامك ؟!"

رد عليها بنبرةٍ جامدة:
"اللي حصل سببه إن الأستاذ عينه عاوزة تتخزق، و أنا بغير و دامي حُر و اللي يبصلك أنا ممكن أقفله عينه عمره كله"

ابتسمت رغمًا عنها مثل البلهاء بعد حديثه، فابتسم هو بخبثٍ و هو يقترب منها حتى جلست على الفراش بعدما سارت للخلف بظهرها و هي تطالعه بعينيها، فمال عليها و و هو يضع كلتا يديه بجانبيها و هو يتحدث هامسًا بهدوء:
"و هي الضحكة الهطلة دي علشان هقفل عيون الناس؟؟ و لا علشان سبب تاني؟!"

ردت عليه هي بتوترٍ من قربه بتلك الطريقة:
"علشان....علشان بتغير عليا يا خالد، صحيح روحنا القسم و اتبهدلنا، بس أنا فرحانة و مش هقدر أخبي حاجة زي دي"

رفع حاجبيه و هو يبتسم لها فسألته هي بحنقٍ طفيفٍ:
"ممكن أعرف بتضحك على إيه ؟! مش عاجبك كلامي"

حرك رأسه نفيًا و هو يقول بنبرة صوته الرخيمة الهادئة:
"خالص.... أنا بضحك على تفكير الستات عمومًا، لازم شوية أكشن علشان تفرحي كدا ؟!"

حركت رأسها موافقةً بخجلٍ من طريقة تفكيرها، فوجدته يضيف برزانةٍ:
"لو على الاكشن فأنا ممكن أخزق كل العيون اللي تفكر بس تبصلك، و لو على الفرحة فأنا عمري كله يروح قصاد فرحتك عادي"

رمشت بأهدابها عدة مراتٍ تحاول استيعاب من يقف أمامها ؟؟ فوجدته يميل عليها أكثر و هو يقول هامسًا:
"أومال المعلم اللي كان ناوي ييجي يتقدملك مين اللي كسرله مناخيره؟!"

سألته هي بدهشةٍ من وقع كلماته عليها:
"هو أنتَ اللي عملت كدا ؟! قاله إن بلطجي اتهجم عليه و ضربه"

أومأ لها بأهدابه و هو يقول بثباتٍ:
"ماهو أنا بقى البلطجي دا، قولتله إنك بقيتي تخصيني و هو مصمم ييجي، هو اللي مفهمش بقى"

ظهرت الفرحة على تعابير وجهها و هي تقول بنبرةٍ حماسية:
"تصدق طلعت تستاهل إنك تتحب من أول مرة شوفتك فيها فعلًا، صحيح كنت تنح و معرفش حبيتك ليه، بس دلوقتي عرفت"

اعتدل في وقفته يبتعد عنها و هو يقول بضيقٍ زائفٍ:
"طب خليكي نايمة جنب ابنك بقى، على الأقل ميبقاش تنح زي أبوه"

خرجت خلفه تناديه بمرحٍ و هي تقول:
"استنى بس يا بني...هقولك بحبك ليه....يا خالد....يا أبو يونس"
ركضت خلفه و هو يضحك عليها في الأمام حتى وصلت له و هي تتحدث بمرحٍ جعله يشرد فيها دون أن يعي بماذا تتحدث.
_________________________

دلف «ياسين» شقته و معه «خديجة» و دون أن تتحدث أو تتفوه بجملتها المعتادة خلعت حذائها الرياضي ثم جلست على الأريكة بانهاكٍ واضحٍ، فتحدث هو بسخريةٍ من صمتها:

"جرى إيه يا كتكوتة ؟! ساكتة ليه؟! فين جُملتك النحس؟! خلي البيت يقع على دماغنا"

رمقته بغيظٍ و هي تقول:
"هو أنتَ ليك عين تهزر يا ياسين ؟! فوق يا بني إحنا جايين من القسم، ليه محسسني إننا كنا بنتكرم، اقترب منها يقف مقابلًا لها و هو يقول بلامبالاةٍ:
"طب ما الموضوع خلص و كل حاجة عدت على خير، مالك بقى؟!"

هبت منتفضة من جلستها و هي تقول بضجرٍ:
"علشان أنا كنت خايفة عليك و أنتَ جوة، اتعودوا تمسكوا نفسكم شوية، دي تاني مرة تروح فيها أقسام من ساعة ما اتجوزنا، ليه ؟! متجوزة ابراهيم الأبيض؟"

صرخت في وجهه بانفعالٍ جعله يحاول جاهدًا كتم ضحكته على هيئتها الغاضبة، من المفترض تجعله يتراجع عن بروده، لكن هيئتها جعلته يريد الانفجار ضاحكًا، حتى وكزته في ذراعه و هي تقول بضجرٍ:
"بطل تستفز فيا بقى، بتضحك على إيه يا بارد ؟!"

رد عليها مُردفًا ببساطةٍ:
"بضحك عليكي يا خديجة، شكلك يموت من الضحك و أنتِ متعصبة"

اتسعتا حدقتيها بقوةٍ مع لمحة اندهاش اصابتها و أصابت حواسها، فأضاف هو مُفسرًا:
"يا خديجة الله يرضى عليكي، بلاش تنكدي على نفسك و علينا، و لا هي روح تامر عاشور حضرت ؟؟ إحنا كلنا كويسين و زي الفل"

ردت عليه هي بقلة حيلة:
"ياسين بطل عصبية شوية، أنتَ لما بتفلت منك الدنيا بتبوظ و دا أنا شوفته كام مرة، اهدوا شوية و بعدها اتصرفوا"

رد عليها بتهكمٍ:
"ليه يا خديجة متجوزة أباجورة؟عاوزاني اسمي على واحد بيعاكسك؟! مش مالي عينك أنا؟"

ردت عليه هي بنبرةٍ منفعلة:
"أنا مش قصدي كدا، بس عمو اللي كان واقف برة قال إن الراجل دا واصل و حصل كتير و اتخانق في النادي و كل الناس اللي وقعوا تحت أيده هو عرف ازاي يضايقهم"

قطب جبينه و هو يسألها بتعجبٍ:
"عمو اللي كان واقف برة ؟! مين ياختي عمو اللي كان واقف برة دا؟!"

ردت عليه هي بحيرةٍ:
"عمو كدا كان لابس جاكيت جلد بني، و كان عمال ياخد من كل الناس فلوس، أنا شكيت أنه صاحب القسم و الله و مأجره للناس"

حرك رأسه في عدة جهات يحاول استيعاب ما تحدثت به، فوجدها تسأله بتعجبٍ:
"أنتَ بتعمل إيه؟! مالك يا سيدي؟!"

سألها هو بغموضٍ ممتزج بالسخرية:
"خديجة هو سؤال واحد و تجاوبي عليه، هو أنتِ قاصدة اللي أنتِ بتقوليه دا؟! و لا دي تلقائية؟! أنتِ مدركة أنتِ بتقولي إيه؟!"

سألته هي بتوجسٍ:
"هو أنا قولت إيه؟! مش عارفة بس بتهيألي أني معكيتش الدنيا"

رفع حاجبيه معًا بغير تصديق، فابتسمت هي بتوترٍ ثم قالت بلمحة حزنٍ ظهرت بصوتها:
"بص....أنا عارفة إن كلامي أهبل و منعكش و ساعات بيوصل لدرجة الهطل، بس و الله أنا مكنتش بتكلم أصلًا، و لما شوفتك لقيت نفسي بحب اتكلم معاك، بس أنا مبعرفش أتكلم أصلًا يا ياسين، و قولتلك أنا خايفة يجي يوم و تزهق من النعكشة دي"

سألها هو بنبرةٍ جامدة:
"و هو أنا قولت حاجة يا خديجة ؟؟ أنا بسألك من باب الهزار مش أكتر"

حركت رأسها بتفهمٍ و هي تقول بنبرةٍ هادئة:
"تصبح على خير يا ياسين، عن اذنك علشان أنا تعبانة و دماغي صدعت"

تحركت من أمامه نحو الداخل و لأول مرة تشعر أن عفويتها سببت لها إحراجًا معه، بدلت ثيابها ثم ارتمت على الفراش تندثر تحت الغطاء، هي لم تقصد أن تحزنه أو تحزن منه، حتى أنها لا تدري لماذا شعرت بالضيق من تلك الكلمة، و قبل أن تندمج في التفكير شعرت به ينام بجوارها حتى سحبها نحوه و هو يقول بنبرةٍ هادئة:

"بصيلي يا برطمان النكد، بصيلي يا ولية يا مفترية، دا أنتِ لو في الصعيد يطخوكي عيارين علشان تسيبي جوزك و تنامي كدا"

حاولت كتم ضحكتها فوجدته يقول مشاكسًا لها:
"طب متضحكيش و بصيلي، يلا بدل ما اتصل بأخوكي و أنكد عليه في شهر العسل، أنا باصصله فيه أساسًا"

التفتت له و هي تقول بحنقٍ:
"نعم ؟! خير ؟!"

رد عليها بثباتٍ:
"أنعم الله عليكي يا ست الكل"

رفعت حاجبيها له فأضاف هو مُفسرًا:
"فيه حد بيأجر قسم شرطة في الدنيا؟! يعني التفكير دا جالك ازاي؟!"

سألته هي بضجرٍ:
"اومال ببعملوا إيه يا فذة يللي مفيش منك اتنين؟"

وكزها في كتفها وهو يقول بسخريةٍ:
"بيملكوه علطول يا عبيطة، الايجار مبيأكلش عيش"

حاولت كتم ضحكتها لكنها فشلت فشلًا ذريعًا في ذلك، فوجدته يقول بمرحٍ:
"شوفتي بقى لما الليلة بتختم بضحك بتبقى حلوة إزاي ؟!"

سألته هي بنبرةٍ ضاحكة:
"طب تقدر تقولي هو بياخد الفلوس دي كلها ليه؟! و بعدين هو قاعد بثقة كبيرة"

رد عليها ببساطةٍ من خلال قسمات وجهه الساخرة:
"مرتشي حقير، بياخد فلوس علشان الناس تمشي امورها، بيستغلهم"

سألته هي بذهولٍ من حديثه فتابع هو من جديد:
"و الله مش بهزر، فيه ناس يعيني مقبوض عليهم و عاوزين يدخلوا ليهم زيارة أو أكل أو أي حاجة، هما بقى بيظبطوهم بس بياخدوا فلوس على كل حركة، هو مش حقه أصلًا، بس حاجة الناس مش هتخلص غير برضاه هو"

حركت رأسها موافقةً بتفهمٍ فوجدته يسألها:
"بقولك إيه خلاص مش زعلانة؟! و لا لسه هتنكدي عليا؟!"

رفعت رأسها تقبله على وجنته و هي تقول بنبرةٍ هادئة:
"أنا مبعرفش ازعل أصلًا، و أنتِ تحديدًا مينفعش ازعل منك"

ابتسم  لها و هو يقول بخبثٍ:
"قربي يا خديجة، تعالي عاوز أقولك حاجة"

اقتربت منه و هي تبتسم بخجلٍ حتى وجدته يمسك أذنها و هو يقول بضجرٍ:
"و لما هو أنتِ متزعليش و مني أنا بالتحديد، بتسوي دراما ليه و توقعي قلبي في رجلي، هو أنا لبست في واحدة هطلة"

صرخت بألمٍ ممتزجٍ بضحكاتها و هي تقول بتأوهٍ:
"سيب ودني يا أهبل، يخربيت الهبل، سيب يالا"

ردد خلفها كلمتها بتهكمٍ:
"يالا ؟! أسمي حضرتك يا أستاذ ياسين"

تركها على مضضٍ بعد جملته الأخيرة، فوجدها تخطف الوسادة من خلفها ثم قذفته بها في وجهه، حتى تحدث هو بغير تصديق:
"يا بنت الهُبل ؟! طب لو مسمعتش حضرتك يا أستاذ ياسين دلوقتي هروح أغير كلمة السر بتاعة الراوتر، بلاش"

أقتربت منه تقول بخوفٍ:
"لأ خلاص خلاص، اؤمر يا مهلبية"

سألها هو بسخريةٍ:
"هي الناس اللي عاوزة تشوف عيالنا دي عندهم فكرة عن الهطل دا؟! هما مُدركين إنتاج الجوازة الهطلة دي إيه؟!"

ردت عليه هي بمرحٍ:
"دا هيبقى انتاج مهلبية"
ضحك كليهما معًا حتى احتضنها و هو يبتسم باتساعٍ ثم قبل رأسها و هو يمسد على عليها بحنانه المعتاد دومًا.
_________________________

(بعد مرور أسبوع)

اللحظات السعيدة في بعض الأحيان تُشبه قطرات المطر، و ردود الأفعال تتعدد بين الحين و الآخر، ففي بعض الأحيان ينجرف بعض الناس وراء مشاعرهم في الاسمتاع بتلك القطرات الندية، و في بعض الأحيان الأخرى يخشى الناس الاقتراب من المطر خوفًا من الغرق بها، هكذا هي اللحظات السعيدة؛ تشبه المطر، و هو أخيرًا استطاع التخلي عن خوفه و انصاع لرغبته في الاسمتاع أخيرًا بتلك اللحظات السعيدة.

جلس في الشرفة أثناء الغروب و هو يفكر في الاسبوع المنصرم، و كيف عاش به أسعد أيام حياته، معها هي و كيف كان يمر اليوم بقربها، حيث كان وجهها أول ما يراه في صباحه و أخر ما تراه العين قبل اغلاقها، شعر بسعادةٍ تغمره، و تجتاحه بالكامل و خاصةً و هو يفكر في تلك اللحظات التي يقف فيها بين يدي الله سبحانه و تعالى و هي خلفه و كليهما يدعو الله أن يديم وجود الأخر له.

استنشق «وليد» الهواء بعمقٍ، سامحًا لنفسه الاستمتاع بتلك الأجواء و خاصةً مع النسمات الشتوية المنبعثة من مياه البحر المواجه له، و هو يبتسم بهيامٍ عند وصول صوت مطربته المفضلة لأذنه و هي تقول:
"أنا لحبيبي و حبيبي إلي....يا عصفورة بَيضة لا بقى تسألي.... لا يعتب حدا....و لا يزعل حدا....أنا لحبيبي و حبيبي إلي.... أنا لحبيبي وحبيبي إلي"

كلمات الأغنية مع صوت موجات البحر مع كوب القهوة الموضوع أمامه و مع محافظة الأسكندرية تحديدًا، كل تلك الأجواء استطاعت التغلغل لأعماقه و سبر أغواره المُحصنة، حتى استنشق عبيرها و هي تقترب منه من الخلف، ففاجأها هو حينما انتفض من مقعده ثم وقف مقابلًا لها، رمقته هي ببلاهةٍ فوجدته يمسك يدها و يسحبها نحوه و هو يقول بنبرةٍ عابثة:

"سامعة فيروز بتقول إيه؟! أنا لحبيبي و حبيبي إلي ؟! طلع كلامها صح"

ابتسمت له و هي تقول:
"اشمعنا يا سيدي؟!"

اقترب بوجهه منها و هو يقول:
"مش بقالنا اسبوع سوا؟؟ الاسبوع دا مصدقتيش كلامها؟!"

ردت عليه هي بضجرٍ:
"متفكرنيش إن الأسبوع خلص يا وليد، أنا عاوزة أعمل كتاب مخصوص للاسبوع دا، كانوا شوية فسح و خروجات و حاجات كتير صعبان عليا أسيبها"

ابتسم لها بقلة حيلة و هو يقول:
"أنا بقى كوليد الرشيد هخلي كل أيامك أحسن من الأسبوع دا، يمكن لما نرجع بيتنا نحبه أكتر من هنا، بس أنا إن شاء الله ناوي أفرح و أفرحك معايا، علشان لا أنا و لا أنتِ نستاهل الزعل"

حركت رأسها موافقةً فتحدث هو بنبرةٍ هادئة:
"طب يلا غيري هدومك علشان ننزل نجيب الحاجات اللي هناخدها معانا ليهم، يلا علشان طارق و جميلة زمانهم جهزوا"

حركت رأسها موافقةً ثم قبلت وجنته و بعد تحركت من أمامه بحماسٍ، فتحدث هو من خلفها بنبرةٍ ضاحكة:
"هبلة بس عسل"
_________________________

دلفت «هدير» شقتها في محافظة القاهرة و مع زوجها، ارتمت على أول مقعد يقابلها و هي تتنهد بتعبٍ واضحٍ، فجلس هو بقربها و هو يقول بنبرةٍ منهكة:
"أنا مش عارف اقولهم ازاي أني مش مستعد انزل الشغل دلوقتي، أنا هاين عليا أنام أسبوع محترم كدا، و لا أنتِ إيه رأيك؟!"

ردت عليه هي بتيهٍ:
"أنا عمومًا عاوزة أنام بجد، أسبوع أو سنة بقى مش هتفرق معايا، بس الاسبوع دا كان جامد اوى، مش عارفة هو كان حلو علشان احنا في الساحل و لا حلو علشان كنا سوا، و لا حلو علشان أنتَ السبب، بس دي حاجة مش جديدة، كل حاجة معاك بقت حلوة"
ابتسم لها ثم فتح أحد ذراعيه و هو يوميء لها حتى تقترب منها، اقتربت منه تبتسم بسعادةٍ بالغة، حتى طُرق باب الشقة، اعتدلت هي في جلستها و هي تسأله بتعجبٍ:
"مين اللي هيجي و إحنا لسه واصلين كدا ؟!"

رد عليها مُخمنًا:
"أكيد أم أمل شافت العربية واقفة تحت و جاية تسأل لو عاوزين حاجة، اطلبي منها اللي محتاجاه و أنا هدخل أغير هدومي"

حركت رأسها موافقةً ثم توجهت نحو باب الشقة تفتحه، فتفاجأت بسيدةً يبدو عليها الوقار، و الهيبة ترتدي بدلة نسائية سوداء، و حجاب كشف عنقها و بعض خصلات شعرها، فتحدثت تسألها بتعجبٍ بعدما رآت نظراتها الثاقبة نحوها:
"أيوا مين حضرتك ؟! نعم؟!"

سألتها الأخرى بثباتٍ:
"أنتِ اللي مين؟! و بتعملي إيه في شقة أخويا؟!"

تعرفت عليها «هدير» فورًا فتحدثت بثقةٍ و هي تقول:
"أهلًا و سهلًا معاكي هدير الرشيد مرات حسن....أخوكي"
وقف «حسن» في الخلف يشاهد تلك المقابلة و هو يكاد يجزم أنها مثل انفجار القنبلة الموقوتة.

يَتَبَع
#الفصل_السادس_و_الخمسون_الجزء_الثاني
#رواية_تَعَافَيْتُ_بِكَ

Continue Reading

You'll Also Like

293K 18K 28
كان الحب بالنسبة له مكروها في حياته ليس وكأنه شخص تعرض للخيانة او التعذيب او عاش ظروفا قاسية ،، لا بالعكس لقد عاش في كنف قصة حب نقية تستحق الذكر والت...
1.4M 103K 77
هي عنيدة.. متمردة.. تُحب الظهور بشكل لائق يسر الناظرين.. بشكل متبرج..! لاتعرف شيئـًا عن الله أو الإسلام... كل ماتعلمه هو أنها مسلمة فقط! تحب نفسها...
528K 17K 36
لقد كان بينهما إتفاق ، مجرد زواج على ورق و لهما حرية فعل ما يريدان ، و هو ما لم يتوانى في تنفيذه ، عاهرات متى أراد .. حفلات صاخبة ... سمعة سيئة و قلة...
145K 5.4K 27
مالك اكبر مصنع سيارات وصاحب اكبر شركه استيراد قطع غيار يقع فى حب السكرتيرة