تَعَافَيْتُ بِكَ

By ShamsMohamed969

15.3M 645K 221K

ظننتُ أن قلبي هذا لم يخلق له الحب، و ظننتُ أنني لم أملكُ يومًا قلب؛ إلا أن وقعت عيناي على عيناكِ ففرح قلبي بر... More

الاقتباس الاول
البارت الأول (عريس صالونات)
الفصل الثاني (كونه حنونًا)
الفصل الثالث (الليل و سماه)
الفصل الرابع(إعتذار)
الفصل الخامس (رؤية شرعية)
الفصل السادس (عقد قران)
الفصل السابع(اللقاء الأول)
الفصل الثامن(طبيبة نفسية)
الفصل التاسع(رُهاب إجتماعي)
الفصل العاشر (هل مستعد؟)
الفصل الحادي عشر (لا يريد الخِطبة)
الفصل الثاني عشر (هل وافقت؟)
الفصل الثالث عشر (فلنقرأ الفاتحة)
الفصل الرابع عشر (عيد ميلاد)
الفصل الخامس عشر (موعد اللقا)
تنويه🕊️
الفصل السادس عشر (هدير السبب)
الفصل السابع عشر (كُتبَ الكِتاب)
الفصل الثامن عشر ( مُقابلة)
الفصل التاسع عشر (من أين تعلم؟)
الفصل العشرون (لا تأتي)
الفصل الحادي والعشرين (لأنها فراشة)
الفصل الثاني والعشرون (شكرًا)
الفصل الثالث والعشرين (غرقتُ بعيناكِ)
الفصل الرابع والعشرين (طريقة علاج)
الفصل الخامس والعشرون (لأجلكِ)
الفصل السادس والعشرون (أول مرة)
الفصل السابع والعشرون (لن أتركك)
الفصل الثامن والعشرون (براءة قلبها)
الفصل التاسع والعشرون (ماضٍ لا يُنسى)
الفصل الثلاثون(عروس لعبة)
الفصل الواحد والثلاثون (قاعة زفاف)
الفصل الثاني والثلاثون (الحب القديم)
الفصل الثالث والثلاثون (من عاشر القوم)
الفصل الرابع والثلاثون (لن أستطع)
الفصل الخامس والثلاثون (قمرٌ ضائع)
الفصل السادس والثلاثون (في حمايتك)
الفصل السابع والثلاثون (بداية جديدة)
الفصل الثامن والثلاثون (ما إسمه)
الفصل التاسع والثلاثون (لا يقارن بأحدٍ)
الفصل الأربعون (يزيد حنقه)
الفصل الواحد وأربعون (أنا سأعرفك)
الفصل الثاني و الأربعون(أبو جميلة)
الفصل الثالث و الأربعون( مشيرة الرشيد)
الفصل الرابع و الأربعون (لن أريحكِ)
الفصل الخامس والأربعون (عروس مثل القمر)
الفصل السادس و الأربعون (زغروطة؟)
الفصل السابع و الأربعون (فرح)
الفصل الثامن و الأربعون (صرخةمن الماضي)
الفصل التاسع و الأربعون (العقارب على سمومها تقترب)
الفصل الخمسون (بك تعافيت)
الفصل الأول الجزء التاني (لن أستطع)
الفصل الثاني_الجزء الثاني (مريض)
الفصل الثالث_الجزء الثاني ( البقاء لله)
الفصل الرابع_الجزء الثاني(
الفصل الخامس_الجزء الثاني(لم يراعي شعوره)
الفصل السادس_الجزء الثاني (كتاب دين)
الفصل السابع_الجزء لثاني (وعد بالطلاق)
الفصل الثامن_الجزء الثاني (هل تعرفها؟)
الفصل التاسع_الجزء الثاني (كوب قهوة)
الفصل العاشر_الجزء الثاني(منذ ١٣عام)
الفصل الحادي عشر_ الجزء التاني (وضعهما غريب)
الفصل الثاني عشر_الجزء الثاني (مريض نفسي)
إعتذار رسمي
الفصل الثالث عشر _الجزء الثاني(اختبار صغير)
الفصل الرابع عشر_الجزء الثاني (خطيب الآنسة)
الفصل الخامس عشر_الجزء الثاني (مفاجأة)
الفصل السادس عشر_الجزء الثاني (إلحق)
الفصل السابع عشر_الجزء الثاني (يلقى مصيره)
الفصل الثامن عشر_الجزء الثاني ( ضربة سكين بمقتل)
الفصل التاسع عشر_الجزء الثاني( أنا مستعد)
الفصل العشرون_الجزء الثاني (من طُعن بالسكين ؟)
الفصل الحادي و العشرون_الجزء الثاني(عودة وليد الرشيد)
الفصل الثاني والعشرون_الجزء الثاني( لحظة ترقب)
الفصل الثالث و عشرون_الجزء الثاني( حول الهزيمة لنصرًا)
الفصل الرابع و العشرون_الجزء الثاني( هل جدير بالثقة؟)
الفصل الخامس و العشرون_الجزء الثاني(منك لله!)
الفصل السادس و العشرون_الجزء الثاني ( تخضعين للعلاج)
الفصل السابع و العشرون_الجزء الثاني ( أثر الفراشةِ)
الفصل الثامن و العشرون_الجزء الثاني (وضعت نفسها بمأذق)
الفصل التاسع و العشرون_الجزء الثاني (صفعةً مدويةً)
الفصل الثلاثون_الجزء الثاني (بالأدب)
الفصل الواحد و الثلاثون_الجزء الثاني( بأي ذنبٍ قُتل؟)
الفصل الثاني و الثلاثون_الجزء الثاني (الصبر على الابتلاء)
الفصل الثالث و الثلاثون_الجزء الثاني (صرخة ألم)
الفصل الرابع و الثلاثون_الجزء الثاني (ما هو إسمه)
الفصل الخامس و الثلاثون_الجزء الثاني (من حفر حفرةً لأخيه)
الفصل السادس و الثلاثون_ الجزء الثاني ( هل سيترك حقه؟)
الفصل السابع و الثلاثون_الجزء الثاني (وُضِعَ بمأذقٍ)
الفصل الثامن و الثلاثون_الجزء الثاني (فهم ظنونه)
الفصل التاسع و الثلاثون_الجزء الثاني (تسببت بمصيبةً)
الفصل الأربعون_الجزء الثاني (موعد الحق)
الفصل الواحد و الأربعون_الجزء الثاني (كيف يتصرف؟)
الفصل الثاني و الأربعون_الجزء الثاني (نجم شارد)
الفصل الثالث و الأربعون_ الجزء الثاني ( كيف هنا؟)
الفصل الرابع و الأربعون_الجزء الثاني (فرحة البيت)
الفصل الخامس و الأربعون_الجزء الثاني(ما لم يُحمد عقباه)
الفصل السادس و الأربعون_الجزء الثاني (تتعرفون عليها؟!)
اقتباس من الفصل القادم (تحت التهديد)
الفصل السابع و الأربعون_الجزء الثاني (ماذا يفعل هنا ؟!)
الفصل الثامن و الأربعون_الجزء الثاني (الحبايب هنا)
الفصل التاسع و الأربعون_الجزء الثاني (شر الدنيا)
الفصل الخمسون_الجزء الثاني (سبب الفرحة)
الفصل الواحد و الخمسون_الجزء الثاني(باح بالسر)
الفصل الثالث و الخمسون_الجزء الثاني (عودة الحق)
الفصل الرابع و الخمسون_الجزء الثاني (الموعد المضبوط)
الفصل الخامس و الخمسون_الجزء الثاني (بالغصب)
الفصل السادس و الخمسون_الجزء الثاني (قنبلة موقوتة)
الفصل السابع و الخمسون_الجزء الثاني (طريقة خاصة)
الفصل الثامن و الخمسون_الجزء الثاني (فض شراكة)
الفصل التاسع و الخمسون_الجزء الثاني (فراق الحبيب)
الفصل الستون_الجزء الثاني (تمزق الروح)
الفصل الواحد و الستون_الجزء الثاني (عصفورٌ في اليد)
اقتباس من الفصل الجديد
الفصل الثاني و الستون_الجزء الثاني (حرية الاختيار)
الفصل الثالث و الستون_الجزء الثاني (وجهةٌ مصوبة)
الفصل الرابع و الستون_الجزء الثاني (عقل مريض)
الفصل الخامس و الستون_الجزء الثاني (لا حول ولا قوة)
الفصل السادس و الستون_الجزء الثاني (الكرة في ملعبه)
الفصل السابع و الستون_الجزء الثاني (ليلٍ لا يدوم)
الفصل الثامن و الستون_الجزء الثاني (بالطبع مستحيل)
الفصل التاسع و الستون_الجزء الثاني (السقوط في بئر الضياع)
الفصل السبعون_الجزء الثاني (مغيب عن الواقع)
الفصل الواحد و السبعون_الجزء الثاني (حرق أعصاب)
الفصل الثاني و السبعون_الجزء الثاني (لم يكن خيرًا)
الفصل الثالث و السبعون_الجزء الثاني (حالة صدمة)
الفصل الرابع و السبعون_الجزء الثاني (لمن النصر؟)
الفصل الخامس و السبعون_الجزء الثاني (الموت قادم)
الفصل السادس و السبعون_الجزء الثاني (فخورًا بنفسه)
الفصل السابع و السبعون_الجزء الثاني (حق الاستغلال)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (عوض الله)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (ماذا تريد)
الفصل الثمانون_الجزء الثاني (أول سحور)
الفصل الواحد و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفي بوعده؟)
الفصل الثاني و الثمانون_الجزء الثاني (عودة الروح)
الفصل الثالث و الثمانون_الجزء الثاني (انسحبت الروح)
الفصل الرابع و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفيد بشيءٍ)
الفصل الخامس و الثمانون_الجزء الثاني (بكل راحة و يسر)
الفصل السادس و الثمانون_الجزء الثاني (رحمة الله عليه)
الفصل السابع و الثمانون_الجزء الثاني (ألم فقدانها!)
الفصل الثامن و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيشعر به؟)
الفصل التاسع و الثمانون_الجزء الثاني (واقع أم حُلم؟)
الفصل التسعون_الجزء الثاني (إخطار من الوزارة)
الفصل الواحد و تسعون_الجزء الثاني (نظرةٌ قارنها العتاب)
الفصل الثاني و التسعون_الجزء الثاني (طوق نجاة)
الفصل الثالث و التسعون_الجزء الثاني (وحي الخيال)
الفصل الرابع و التسعون_الجزء الثاني (محاولة فاشلة)
الفصل الخامس و التسعون_الجزء الثاني (الزمن يُعاد)
الفصل السادس و تسعون_الجزء الثاني (غياهب الظلام)
الفصل السابع و التسعون_الجزء الثاني (ليلة الحنة)
الفصل الثامن و التسعون_الجزء الثاني (نهاية القصة)
تنويه هام🦋❤️
تجميعة الحلقات الخاصة

الفصل الثاني و الخمسون_الجزء الثاني (ما هي المفاجأة ؟)

82.5K 3.5K 1K
By ShamsMohamed969

"الفصل الثاني و الخمسون"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
_________________________

"جميلةٌ هي عيونها...تُشبه السماء بِـ نجومها"
_________________________

سِرٌ أرّقَ ليلي و أتعب مضجعي، سرٌ كتمته ليكون سببًا في الوجعِ، ليتردد حالًا في ذهني هل جديتُ من البوح نفعِ؟ أم أنك فقط تُخالف السَمعِ؟ و لكن كيف لي أن أقص ذلك؟ كَيف لي أقول أنني مُرهقًا بما يعتل به قلبي لكنه يفيض مِن عيناي؟ كيف لي أقول أن البوح لن يُفيد و الشكوى لن تُجيد؟

تنفس هو بحدة و كأنه النفس الأخير ثم قال مُفسرًا:
"افهمي يا دكتورة !! واحد مدمن مخدرات واخد حقنة و دماغه وزته على واحدة، يبقى إيه؟!"

شهقت هي بقوةٍ بينما هو أخفض رأسه خجلًا منها و في تلك اللحظة لعن نفسه و حظه و تسرعه على البوح بذلك السر، بينما هي تابعت رد فعلها بقولها بقولها:

"ازاي ؟! لازم تحكيلي كل حاجة حصلت، و لازم كل التفاصيل، أي حاجة زي دي لازم أكون عرفاها، احكي يا وليد"

رد فعلها المُبالغ به جعله يشعر بالخوف و أرشده إلى ثِقل ما يحمله في قلبه، لذلك سحب الهواء داخل رئتيه و كأنه يُخرج نفسه الأخير، ثم رفع رأسه لها مُجددًا و هو يقول بصوتٍ مُهتز الوتيرة و كأن نبرته تهتز بين الصمت و السرد و هو يقول بصوتٍ موجوعٍ:

"أنا حاربت نفسي علشان أقدر أطلع حاجة زي دي..... و أحكيهالك..... متعرفيش حصل فيا إيه علشان أخرج حاجة زي دي من جوايا"

ردت عليه هي بتفهمٍ:
"فاهمة، بس ياريت تخرج كل حاجة جواك و تقولهالي، أنا لا يمكن آذيك"

حرك رأسه موافقًا ثم رفع كفه يمسح دموعه ثم قال بنفس الصوت المتقطع الذي تحشرج من اختناق البكاء من تلك الأحداث التي جاهد حتى ينساها:
"يومها كانت أول مرة أخد حُقنة..... لما لقيت الوجع زاد في جسمي و قربت أصرخ قدام البيت كله....روحت لـ عمرو و قولتله أني مش قادر أستحمل....ساعتها قالي..."

توقف عن الحديث حينما تهدج صوته و أنضمت جفونه تخفي أسفلها مُقلتاه التي حاوطهما الإحمرار، بينما هي كانت على علمًا بكل ذلك، لذلك تحدثت تحثه على الاسترسال بقولها:

"كمل يا وليد، ها حصل إيه بعد كدا ؟؟ افتكر إن كل حاجة هتخرجها بتقربنا خطوة لعلاجك و للتعافي، كمل !!"

حرك رأسه موافقًا ثم فتح عينيه بتروٍ و هو يقول بنفس التحشرج الذي غلق نبرته:
"ساعتها قالي إن اللي موجود حُقن بس، و سعرها أغلى من البرشام بس مفعولها جامد و هيقعد أطول..... الفلوس ساعتها كانت معايا...قعدت جنبه و علمني إزاي أخدها و عرفني الطريقة لما ادهالي أول مرة.....خلصت سهرتي معاهم و روحت البيت ساعتها....."

توقف عن استطراد حديثه ثم تابع من جديد بقوله:
"رَوحت الفجر و البيت كله كان نايم.....قعدت على السرير جسمي كله مشلول و مش حاسس بيه.....روحي طايرة في السما و حسيت إني عاوز أكمل الجو دا بحاجة تانية.....دماغي أول حاجة رسمتها عبلة و هي معايا...."

كانت هي تنصت له بكامل طاقتها و تركيزها و هي تتابع تعبيراته الجسدية التي انعكست على هيئته نتيجة حديثه، و اتضح ذلك من خلال ارتجافة شفتيه و ارتعاشة كفه الذي وضعه على يد المقعد، و حركة عينيه التي جالت في العيادة بأكملها هروبًا من النظر إليها و مواجهة نظراتها و كأنه يرى الماضي مُتجسدًا أمام ناظريه، فتابع من جديد مُستطردًا حديثه بـقوله:

"لقيت دماغي عمالة تجيبلي صور بَشعة و كل صورة فيهم عاوزة الحرق للي يفكر فيها، حاولت أنام و أهدى، بس مقدرتش أسكت دماغي و حسيت إن اللي جوايا بيزيد، ساعتها خرجت التليفون أكلم "عمرو" أسأله ليه المرة دي كدا؟! ساعتها قالي إن النوع دا بيعلي و بيطلب حاجات تانية، و أحسنلي أتصرف..... ساعتها رميت التليفون و أنا عمالة ألف في الأوضة بحاول أسكت نفسي و لما مقدرتش كسرت كل حاجة فيها..... و اللي صحي على الصوت دا كان وئام......"

بكى عند وصوله لتلك النقطة في حكايته، لم يتخيل أن البوح يؤلمه بتلك الطريقة، فماذا إذًا بالكتمان، حرك رأسه ينظر لها و الدموع تعرف سبيلها على وجنتيه و كأنها تشق ذلك الطريق لمرتها الأولى، فتحدث بصوتٍ باكٍ:

"مش هقدر أكمل !! صعب....صعب احكي حاجة مضيعة مني حياتي كلها..."

حثته هي بقولها الجامد الذي لا يقبل المُناقشة:
"لو مش علشان وليد القديم، يبقى علشان الجديد يرتاح، و لو هما مش فارقين معاك، عبلة أكيد فارقة معاك !!"

حرك رأسه موافقًا بعدما أغلق عينيه ثم عاد بذاكرته لذلك اليوم المشئوم كما يلقبه هو

(منذ عدة أعوامٍ)

دار «وليد» الغرفة بأكملها مثل الأسد الجريح محاولًا كبح جماح طاقته و خاصةً مع تلك الخيالات التي هيئها له عقله مع حبيبته، و حينها أمسك كل الأشياء التي قابلته يقوم بتدميرها، حتى انقلب كل شيءٍ رأسًا على عقبٍ، سمع أخيه أصوات التكسير و الجلبة التي أحدثها بالغرفة، ففتح الباب بقوةٍ و قبل أن يُصيح به يُعنفه على ذلك ظنًا منه أنه يشاهد التلفاز، لكنه أنصدم حينما وقع بصره على الغُرفة المُدمرة كُليًا، حتى استقر بصره أخيرًا على أخيه يرتمي على الأرض بجوار الفراش في وضعٍ تُدمىٰ القلوب دمعًا عليه، حيث وجده يضم ركبتيه إلى جذعه العلوي و كفيه يمسك بهما رأسه و كأنه بذلك يُحد من كل ما فعلته به و هو يضعها فوق ركبتيه، حتى ركض إليه شقيقه يسأله بقلقٍ بالغٍ بعد رؤيته له بذلك الوضع:

"ولـــيـد !! فيك إيه ؟! عامل ليه كدا في نفسك و مبهدل الأوضة كدا ليه ؟! وليد أنتَ كويس ؟!"

رفع رأسه بخوفٍ بعدما خمدت نيرانه الداخلية و فور رؤيته للهفة أخيه عليه، حرك رأسه نفيًا و الدمع يسيل على وجنتيه كما الشلالات التي انفجرت من منابعها و هو يحرك رأسه نفيًا بخوفٍ، لم يجد أخيه حلًا سوى أن يأخذه بين ذارعيه و هو يبكي دون أن يفهم شيئًا، فيكفيه رؤيته لنصفه الآخر بذلك الوضع، بينما «وليد» تحدث بصوتٍ مُنكسرٍ:
"إلــحقني.....أبوس رجلك إلحقنـ..ني من نفسي، أنا مش كويس...."

حرك «وئام» رأسه يطالعه و الدموع تلمع في عينيه و هو يسأله بنبرة صوتٍ أظهرت وجعه على شقيقه و هو يقول:
"فيك إيه ؟! ريحني و قولي مالك ؟! مين مزعلك ؟!"

حرك رأسه نفيًا و هو يقول بصوتٍ متقطعٍ:
"أنا اللي مزعلني......أنا بقيت مُدمن، أبوس رجلك اتصرف....مش عاوز أموت و أنا كدا"

وقعت الكلمات على سمع أخيه و كأنها سوطًا نزل على جلده في ليالي الشتاء القارسة، أحس فورًا بنفس الشعور و قبل أن ينطق مُكذبًا حديث أخيه و ينهره عن ما تفوه به، وجده يسحب كفه محاولًا تقبيله و هو يقول بلهفةٍ:

"أبوس إيدك الحقني.... أنا مش عارف اتصرف، لو مفعولها خلص أنا هموت.....الحقني"

خطفه «وئام» بين ذراعيه مُجددًا و كليهما ينهار باكيًا بقرب الآخر و بين ذراعيه، حتى أمسك «وليد» ثياب أخيه و هو يقول ببكاءٍ مزق نياط قلب أخيه:
"أنا خايف.....خايف أموت كدا.... اتصرف علشان خاطري....مش عاوز أموت و أنا كدا...."

(عودة إلى الوقت الحالي)

سحب نفسًا عميقًا بعدما أرجع رأسه للخلف و دموعه كما هي على وجنتيه، و بعدما هدأ قليلًا استطرد حديثه قائلًا:
"ساعتها فضلت ماسك في وئام و كأنه طوق النجاة ليا، و كل اللي عليا أقوله يلحقني من نفسي، كنته عاوزه يفوقني قبل ما أعمل حاجة غلط و أخسر نفسي عمري اللي جاي كله"

سألته هي بحذرٍ:
"و هو أنتَ كنت هتعمل حاجة؟!"

شَخص ببصره نحوها بخزيٌ من نفسه ثم حرك رأسه موافقًا بإيماءةٍ بالكاد رأتها هي و هو يقول:
"كنت هعمل، عمرو قالي في التليفون لو معرفتش اتصرف و فضلت زي ما أنا، اروحله و هو هيبسطني، بس أخدله فلوس معايا"

حركت رأسها موافقةً بتفهمٍ، بينما هو مسح دموعه، ثم مرر كفيه على وجهه بعنفٍ يمسحه، ثم حرك رأسه يطالعها ظنًا منه أنه سيرى البُغض و النفور في نظرتها، لكنه وجد بسمة تشق وجهها، فحرك رأسه مُستفسرًا بصمتٍ لم يخرجه من مصدره، فاتسعت بسمتها أكثر و أستشف هو نظرة خُبث في عينيها تطل منها له، فسألها هو بحيرةٍ من حالتها تلك:

"هو إيه رد فعلك دا !! بتضحكي ليه؟! أنتِ غريبة ليه ؟! كل دا مش مأثر فيكي ؟! أنا قولت إنك هتطرديني من هنا"

ردت بثقةٍ على حديثه بعدما اعتدلت في مقعدها:
"بضحك عليك علشان كل مرة بتثبتلي أني لازم أتعامل معاك بطريقتك، أنا أصلًا كنت متوقعة حاجة زي دي، و كنت متوقعة إنك عملت حاجة أصلًا مش مجرد تفكير، لما جيت تحكيلي و تقولي إنك هتقولي سر مهم، أنا كنت في قمة سعادتي"

ردد هو خلفها بحنقٍ:
"قمة سعادتك !! علشان جاي أحكيلك حاجة زي دي؟! هو أنا ليه مش فاهمك؟! و بعدين رد فعلك كان مبالغ فيه، المفروض إنك متتأثريش، بس لما خوفتيني أنا اضطريت أحكيـ.....ثانية واحدة !!"

توقف عن الحديث بعدما التقط طرف الخيط في طريقتها، بينما هي ابتسمت له بخبثٍ ثم تركت مقعدها و توجهت نحو الثلاجة الموضوعة بالعيادة ثم عادت له مرةً أخرى في يدها زجاجة عصير، ثم مدت يدها له و هي تقول مـبتسمة:
"اتفضل اشرب العصير دا علشان ريقك ناشف و باين إنك تعبت"

رد عليها هو بنبرةٍ جامدة:
"أنا مش عاوز حاجة، أنا عاوز أفهم، طريقتك دي ليه؟!"

جلست مرةً أخرى بموضعها من جديد و هي تقول بتريثٍ و ثقةٍ لأول مرةٍ يعهدها منها:
"طريقتي دي اتعلمتها منك، أنتَ عمال تحط حواجز بيننا و رافض فكرة إنك المريض و أنا اللي بعالجك، فضلت أخوفك من التراكمات و حذرتك أكتر من مرة، كان لازم أكون رد فعل معاكس ليك، تنكر أني لو كنت اتعاملت مع الموضوع بهدوء كنت هتحكيلي ؟!"

رد عليها هو مُسرعًا:
"ما هي دي المشكلة، أنا لما أنتِ اتخضيتي حسيت إنها كارثة و حسيت إني لازم أقولك، أنا أصلًا مكنتش هقول تفاصيل، بس أنتِ غريبة أوي، بتخليني أحكيلك"

عقبت هي على حديثه بقولها:
"علشان دا اللي المفروض يحصل، و هي إن العلاقة بينا علاقة مريض بدكتورته، لازم يكون فيه بينا ثقة، أنا أقسمت يمين أني أحافظ على أسىرار المرضى، و لازم تعرف أني أخر واحدة تفكر تأذيك"

حرك رأسه موافقًا ثم أضاف:
"أنا علشان أجي أقولك السر دا اتعذبت، كل ما فرحي بيقرب و افتكر إن قربي منها هيزيد، الصورة دي بتيجي في دماغي، احساسي أني كنت هتسبب في عذابها العمر كله بيموتني، فكرة أني كنت هستسلم و أروح أعمل حاجة حرام، بتكرهني في نفسي، كل ما بفتكر إن اللي أنا حبيتها من صغري فكرت فيها بالطريقة دي، أنا كنت هطلع خلاص أقولها أني.....أني..."

صمت و توقف عن الحديث، فأمسكت «هناء» زجاجة العصير تمد يدها بها له و هي تقول:
"اشرب بس العصير..... أشرب علشان نقدر نكمل"

حرك رأسه موافقًا على مضضٍ ثم ارتشف العصير من الزجاجة و هو يشعر بالجفاف في حلقه، بينما هي ابتسمت له ثم تابعت حديثها بقولها:

"بص يا وليد، من أول مرة جيت ليا هنا و طلبت فيها العلاج أنا كنت متأكدة إن فيه سر كبير أكبر من طاقتك، و السر دا بان في عينيك اللي كانت بتهرب مني و أنا بكلمك و في الغموض اللي خلاك تطلب العلاج،

لإن ساعتها مكانش طبيعي إنك تعرف و تتعالج بسرعة غير لو كنت شوفت حاجة صعبة، و أنا فاهمة كويس أنتَ شوفت إيه، شوية المواعين اللي كنت بشرحلك عليها دي مش فراغ و لا طيش مني، بس دا كان تغذية للعقل، بنبهك بطريقةٍ ما إنك كل ما هتفضل مخبي جواك،

الوجع و الأثر هيكتر، كونك وثقت فيا و جيت لحد عندي تعترفلي بحاجة زي دي، دي خطوة عظيمة في تقدمك تجاه العلاج، مشكلتك إنك اتعودت تخاف، كل ما تحصل حاجة تخوفك و تنبهك بالخطورة دي تبدأ تعيد حساباتك في الحياة من جديد، كل اللي أنا عاوزاه منك إنك تخرج كل الأسرار و تفتح كل الصناديق السودا اللي جواك، عاوزاك تطمن"

حرك رأسه موافقًا ثم تنهد بعمقٍ و أضاف هو براحةٍ:
"بصراحة أنا عمري ما تخليت أني لما أخرجه من جوايا هرتاح كدا، أنا كنت خايف و مازلت برضه خايف، خايف أخسر كل حاجة و كان خوفي الأكبر لو عبلة عرفت حاجة زي دي و أني فكرت فيها بطريقة مش كويسة، عرفتي ليه بكرهني كدا !!"

حركت رأسها نفيًا ثم أضافت:
"بص يا وليد، ربنا سبحانه و تعالى حرم الخِلوة بين أي راجل و ست و دا علشان الشهوات هي اللي بتتحكم في المواقف اللي زي دي، حتى اللي كاتبين الكتاب برضه لو حصل بينهم خلوة بيكون ليهم عدة احترازية، في حالتك أنتَ مينفعش تكره نفسك، بالعكس لازم تحبها و تبقى فخور بيها، واحد زيك كان عمل اللي فكر فيه و استسلم و مكانش حتى طلب من أخوه مساعدة، واحد تاني زيك كان كمل في سكة المخدرات و وصل للي هو عاوزه بمليون طريقة، بس رجولتك أنتَ اتغلبت عليك في كل دا و بقيت وليد اللي اختار بارادته إنه يكون راجل يعتمد عليه"

سألها هو بصوتٍ مُنكسرٍ استشفته هي في حروفه:
"يعني أنا مش وحش ؟!"

حركت رأسها نفيًا ثم أضافت:
"اطلاقًا، أنتَ مستحيل تكون وحش، للأسف يا وليد، المُخدرات بأنواعها فيه جزء منها بيكون منشط، دا غير إن هي أصلًا غطاء للعقل، يعني أنتَ بتكون شخص مُغيب ساعتها، اللي بيتحرك فيك الجسم بس، إنما العقل فهو في عالم تاني خالص، علشان كدا ربنا حرم الحاجات دي، لأن ضررها كبير أوي على الإنسان، تخيل أنتَ بقى في حالتك دي شخص مُغيب تمامًا و عقلك مش حاضر فيك، كان طبيعي تفكر في كدا، و كان طبيعي يكون فيه رد فعل خطر، أنا مش ببرر عملتك، بس يكفي إنك معملتش حاجة غلط و إنك لما لقيت أخوك قدامك روحت طلبته ينجدك"

حرك رأسه موافقًا ثم زفر بقوةٍ فابتسمت هي له ثم قالت:
"صدقني أنا فرحانة أوي بيك و فرحانة إنك خدت خطوة زي دي علشان تحكيلي كل حاجة"

ابتسم لها بسمة طفيفة لم تصل إلى عينيه و هو يقول:
"كنت عاوز أخلص من أخر إحساس كانت مموتني، سر زي دا لو اتعرف عني أنا مش هقدر أرفع عيني في وش حد فيهم، مش هقدر أشوف نفسي مكروه في عينهم، رغم إني بفكر دلوقتي أعرف عبلة حاجة زي دي"

حركت رأسها نفيًا ثم أضافت بصوتٍ قويٍ:
"اسمع يا وليد و ركز معايا، إنك تحكيلي أنا شيء و إنك تحكي لعبلة دا شيء تاني خالص، أنا قولتلك أني الدكتورة بتاعتك، يعني دور أني اسمعك و أفهمك و أسلمك الدلائل اللي تتحرك عليها، إنما عبلة مراتك، و خصوصًا في وقتكم دا، كلها أيام و هتكون معاك و في بيتك و مقفول عليكم سقف واحد، بلاش تخلي دماغك تأثر عليك و تخرب حياتك بنفسك، عبلة ممكن تخاف منك لو عرفت حاجة زي دي، يبقى الحل إن السر يفضل زي ما هو سر"

سألها هو بتيهٍ:
"أنا عامل زي اللي مفروض عليه الحرب و هو معهوش أي سلاح"

جاوبته هي بثقةٍ:
"مش كل الحروب مفروض عليك إنك تدخلها يا وليد، فيه حروب لما بتنسحب منها بتفقد قيمتها و بتبقى ملهاش لازمة، لإن قيمتها في وجودك أنتَ، هل بقى مستعد إنك تدخل حرب خسرانة زي دي؟!"

حرك رأسه نفيًا بالسلب ثم أضاف:
"أنا اللي كان مخوفني هو الفكرة نفسها، يمكن دي أكتر حاجة تعبتني و هي إني كنت هبقى مؤذي أكتر بكتير مما أتأذيت، خصوصًا إن كل حاجة كنت مجبور عليها"

ردت عليه هي مُسرعةً:
"بالظبط، أنتَ كنت المأذي و مش المؤذي، يعني كل دا كان غصب عنك، المهم أنتَ بقيت إيه و عملت إيه، لو وقفت عند كلمة كنت، كل حاجة هتضيع منك"

اعتدل هو واقفًا ثم تنفس بعمقٍ و قال بعدها بغلبٍ:
"كفاية اللي ضاع مني لحد كدا، العمر مش باقي فيه حاجة تانية علشان تضيع مني، يدوبك الحق أفرح باللي فاضل ليا علشان أنا اللي معايا دي جابت أخرها خلاص، كفاية إنها عمالة تشوف مني كتير، أنا مدخلتش حياتها علشان أكون عبء، أنا عاوز أبقى سندها في الدنيا، عاوز عبلة تفرح من قلبها بجد من غير فرحتها ما تنقص بسبب وجعي، على ما أظن دي أبسط حقوقها عليا كراجل"

اتسعت بسمة «هناء» بعد استماعها لحديثه، فابتسم لها هو الأخر ثم قال بعدما تنفس بعمقٍ:
"شكرًا ...شكرًا علشان كل حاجة حصلتلي كنتي السبب بعد ربنا أني أفهمها و أعديها، شكرًا علشان فيه واحد تاني اسمه وليد اتولد هنا في المكان دا"

رمشت بأهدابها عدة مرات و كأنها تجبر عقلها للانصياع في صدقه و صدق ما تفوه به، فوجدته يقول بنفس الطريقة:
"كل مرة خرجت فيها من هنا خرجت سر أكبر من قلبي و أكبر من عقلي إن واحد فيهم يشيله، أنا اتعلمت هنا حاجات كتير أوي أهمها يعني إيه إنسان يرجع حي تاني بعد موته، حتى بالمناسبة أنا جايبلك معايا هدية"

تحدثت هي بغير تصديق تقول:
"لأ دا كتير عليا و الله، كدا هشوف نفسي بعلاجك، دا إعجاز علمي"

ابتسم لها ثم مد يده في جيب بنطاله الخلفي يُخرج لها هديتها و هي تبتسم له و سرعان ما تلاشت بسمتها عند رؤيته ما أمسكه في يده، فسألته هي بضجرٍ:
"إيه دا يا وليد !! جايبلي إيه؟"

مال هو عليها يمد يده لها بما يسمكه في يده و هو يقول بجديةٍ تتنافى مع ما يمسكه:
"دا كيس صابون علشان المواعين اللي مجنناكي دي، و على رأي المثل الشيء لزوم الشيء، و أنتِ أشيائك محتاجة منه نقطة"

أغلقت عينيها و هي تقول بيأسٍ منه:
"دا أنا اللي هيجيلي منك نقطة يا شيخ، تعبت....تعبت منك"

ابتسم لها ثم وضع الكيس البلاستيكي على الطاولة و هو يقول بخبثٍ:
"لو أنتِ فهمتي طريقتي، فأنا بقيت حافظ تفكيرك، كنت متأكد أني لما أجيلك هوصل للنتيجة دي، هستناكي في فرحي....على عبلة"
غمز لها بعد حديثه بثقةٍ
فرفعت حاجبيها بذهولٍ منه حينها غمز مرةً أخرى لها ثم فتح الباب و خرج من العيادة، بينما هي رفعت كفيها تضعهما فوق رأسها بقلة حيلة و هي تقول:
"لأ بجد مش طبيعي....أنا قربت اتشل منه، الله يصبرك يا عبلة"
_________________________

خرج «وليد» من العيادة يشعر و كأن جبلًا تمت ازالته من فوق صدره، لم يتوقع بالمرة أن البوح بما أرق ليله و أتعبه طوال الفترة الماضية أن تكون نتيجتها بتلك الراحة التى تخللت ثنايا روحه، و بعد خروجه من العيادة توجه نحو عمله حتى يتم الانتهاء من كل شيءٍ خاص بالعمل قبل موعد الفرح و بداخله يرقص فرحًا، لطالما تأكد أنه لم يكن بذلك الشخص السيء الذي كان يظنه بنفسه، حتى وجد نفسه يُخرج هاتفه ثم فتح شاشته على صورتها التي ثبتها هو دومًا، و حينها ابتسم بسعادةٍ غمرته و هو يلتمس اقتراب ذلك اليوم بما تمناها من كل دنياه، حتى دلف المكتب له «أحمد» و كان كما هو على وضعه، فجلس مقابلًا له و هو يقول:
"يا عمنا !! سرحت في إيه ؟!"

رفع رأسه له و هو يقول بضجرٍ:
"عاوز إيه يالا ؟! دا أنتَ عامل زي عمك محمد بصحيح"

رد عليه «أحمد» بسخريةٍ:
"هو دا ليه مثيل ؟! بس خليني محترم نفسي لحد ما يجوزني بنته"

ابتسم له «وليد» بيأسٍ و هو يقول:
"طب أنتَ عاوز إيه دلوقتي؟! سايب الهم اللي ورانا و جاي ليه"

رد عليه بهمسٍ و كأنه يُدلي بسرًا حربيًا:
"عرفتلك سر محدش لسه وقع عليه في العيلة، سر من حبيبتك خلود"

حرك رأسه للخلف بعدما عقد ما بين حاجبيه، فوجده يتابع حديثه بقوله:
"فيه حنة بنات هتتعمل ليلة الفرح بليل، هيطردوا الشباب من البيت و يسيبوا الرجالة الكبار، أي خدمة"

سأله «وليد» باهتمامٍ:
"أنتَ متأكد ؟! و لا خلود بتلعب بيك علشان تشتغلك؟!"

حرك رأسه نفيًا و هو يقول:
"عيب عليك، شوفولنا بقى مكان نعمل فيه حِنة رجالي، أنا عندي طاقة و عاوز أخرجها"
ابتسم «وليد» بخبثٍ ثم حرك رأسه موافقًا و هو ينظر لذلك الذي يجلس أمامه.
_________________________

في منتصف اليوم بعدما انتهاء العمل عاد «ياسين» من عمله ثم توجه نحو شقته، فوجدها تنتظره، اقترب منها يقبل قمة رأسها ثم سألها بهدوء:
"عاملة إيه ؟! عرفتي تتعاملي و لا احتاستي؟!"

ردت عليه هي مُسرعةً لثقةٍ:
"عيب عليك وراك رجالة، الحمد لله متحركتش من الصبح"

تلاشت بسمته و هو يضرب وجهه بكفيه، فأضافت هي بمرحٍ:
"يا عم خلاص قلبك أبيض، قومت صليت الحمد لله و سخنت الأكل و كلت و بعدها زهقت حطيت الهدوم في الغسالة و شغلتها، و بعدها بقى عملت ليك شوربة و عملـ...."

توقفت عن الحديث حينما تحدث هو يقاطعها بتعجبٍ:
"بــس !! كل دا عملتيه و أنتِ تعبانة ؟! إيه يا ستي مضحية بنفسك ؟!"

حركت رأسها نفيًا و هي تحاول كتم ضحكتها عليه، فتحدث هو مُسرعًا:
"أنا هدخل أغير و ناكل و هاجي علشان هننزل كمان شوية سوا، ماشي ؟!"

سألته هي بتعجبٍ:
"هنروح فين ؟! أنا ماصدقت اترمي هنا على الكنبة، شوف مشوارك أنتَ و خليني هنا"

حرك كتفيه ببساطةٍ و هو يقول:
"براحتك، كنت هاخدك تشوفي فساتين العرايس، مش كلتي دماغي علشان عاوزة تشوفيهم اليوم دا ؟!"

شهقت هي بفرحةٍ لكنها وأدت تلك الفرحة و هي تقول:
"بس سارة قالت إنها عاوزاهم بكرة مش النهاردة ؟! هيروحوا إزاي ؟!"

رد عليها هو مُفسرًا:
"وليد قالي إنها كلمتهم علشان يروحوا النهاردة علشان لو عاوزين حاجات تروح تجيبها ليهم بكرة قبل ما الوقت يفوت"

حركت رأسها موافقةً بحماسٍ ثم سألته بخبثٍ:
"طب و أنا هلبس إيه ؟! فكر معايا كدا ؟! محتارة بصراحة"

رد عليها هو يشاكسها:
"مش عارف بصراحة شوفي كدا هتلبسي إيه لسه معاكي وقت"

رمقته بغيظٍ و هي تنظر له فوجدته يقترب منها يقبل رأسها ثم قال :
"هدخل أغير هدومي و ناكل علشان نروح لهم، هما هيتجمعوا هناك"
حركت رأسها موافقةً و هي تبتسم له، و بعد اختفاء أثره من أمامها تحدثت تقول بضجرٍ:
"طلع زيه زي أي راجل مصري أصيل، اتغير أبو طويلة بعد الجواز"

بعد حديثها حركت رأسها تنظر لقدمها المُقيدة بداخل الجبس، فحدثت نفسها بسخريةٍ:
"اتوكسي أنتِ كمان باللي في رجلك دا، هتقيسي ازاي يا هطلة؟!"

بعد مرور ساعة تقريبًا و بعد تناولهما العشاء سويًا، نزلا كليهما معًا حتى يتجها نحو محل «سارة»، ولجت هي أولًا و هو بجوارها بعدما تأكد من اعتدال وضعها، و بعد جلوسه سألها بهدوء:

"مرتاحة و لا تقعدي ورا و تفردي رجلك ؟! علشان لو وجعاكي كدا"

حركت رأسها نفيًا و هي تقول:
"لأ أنا تمام متقلقش مرتاحة الحمد لله، هو صحيح الجبس تقيل و رخم بس تمام يعني"

حرك رأسه موافقًا ثم حرك مقود السيارة فتحدثت هي بنبرةٍ ضاحكة:
"أقولك حاجة و متضحكش عليا ؟! بس اوعدني متضحكش"

حرك رأسه يطالعه و هو يقول:
"بصراحة مقدرش، أصل أنتِ كل حكاياتك مُضحكة، سامحيني"

تذمرت و هي تنظر أمامها مع قولها:
"تصدق مش هحكيلك حاجة أصلًا، خليك كدا وريني مين هيسليك"

وكزها في يدها و هو يقول بمرحٍ:
"خلاص يا كتكوتة بقى متبقيش قفوشة كدا، ها قالي و يا رب مضحكش"

حركت رأسها له و هي تقول بحماسٍ:
"هقولك يا سيدي، كنت و أنا صغيرة نفسي اتجبس أوي و متسألش ليه !! بس كان نفسي أجرب إحساس الجبس أوي، و كنت بفضل أدعي ربنا علشان اتجبس"

حرك رأسه يطالعها و هو يقول بسخريةٍ:
"و مش عاوزاني أضحك !! متجوز واحدة ربنا واخد منها نعمة العقل و مش عاوزاني أضحك؟! اتوكسي"

ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة:
"أعمل إيه كنت فكراها حاجة حلوة، مش ذنبي أني تفكيري بريء، لو حد كان فهمني مكنتش دعيت بحاجة زي دي أكيد يعني"

رد عليها هو بحنقٍ:
"أنا نفسي تسكتي و تبطلي هبل، فضلتي تدعي تتجبسي و سبحان الله على الفقر اللي أنا فيه، الدعوة تتحقق و أنا جوزك و لسه بقول يا هادي عاوز أفرح رياض و وليد، أعمل إيه فيكي؟!"

ردت عليه هي منفعلةً في وجهه:
"الله !! هو دا جزائي علشان بحكيلك يعني ؟! محدش قالي إن الجبس مستفز كدا، على العموم حصل خير"

ابتسم هو لها ثم سألها بسخريةٍ:
"طب و دلوقتي بتدعي بإيه؟!"

ردت عليه هي مُسرعةً:
"أقولك و متضحكش ؟!"

لطم على وجهه و هو يصرخ منفعلًا:
"يادي النيلة عليا و على أقولك و متضحكش بدري، ما هي أنتِ اللي كلامك يضحك"

حاولت جاهدةً كتم ضحكتها، لكن دون جدوى تحدث و هي تقول بنبرةٍ ضاحكة:
"خلاص خلاص، من امبارح عمالة ادعي ربنا يكرمني بتوأم بنات علشان ألحق أأمن مستقبلهم"

عقد ما بين حاجبيه و هو يسألها بتعجبٍ:
"تأمني مستقبلهم !! ازاي مش فاهم؟!"

ردت عليه هي تجاوبه بمرحٍ:
"واحدة تتجوز يونس و التانية تتجوز فارس، و الله الفكرة عاوزاني أخلف بكرة الصبح"

حرك رأسه ينظر لها فالتقت نظراتهما سويًا، حينها انفجرا معًا في الضحك و هي تميل عليه حتى اسندت رأسها على كتفه و هي تقهقه بقوةٍ و هو بجوارها يحاول جاهدًا التحكم في ضحكته، فوجدها تقول من بين ضحكاتها:

"بجد الفكرة مش سيباني و الله، حسيت نفسي شريرة كدا و ست ديكتاتورية بس غصب عني بحب يونس و فارس أوي"

أوقف الضحكات ثم تنفس بعمقٍ و لازال وجهه كما هو مُبتسمًا، فتحدثت تسأله هي بخجلٍ:
"تحسه تفكير أهطل خارج من عيلة صغيرة شوية"

حرك رأسه نفيًا ثم قال:
"بالعكس هو تفكير حلو، كونك حبيتي أطفال و عاوزة تخليهم معاكي العمر كله دي حاجة حلوة، أنا من رأيي بس نستنى لحد ما نشوف خلفة ياسر و عامر، يمكن ساعتها تدعي بأربعة توأم"

ردت عليه هي بجرأةٍ:
"مش أنتَ هتكون أبوهم !! عادي و الله، يا رب يبقوا حلوين و قلبهم حلو زيك"

ابتسم هو بسعادةٍ بالغة فوجدها تقول بمرحٍ:
"أقولك حاجة و متضحكش ؟!"
حرك رأسه ينظر لها ثم ضحك عليها بعدما رآى نظرتها له.
_________________________

في محل «سارة» الخاص بتصميم فساتين الزفاف، اجتمعت نساء العائلة مع الفتيات و في الخارج «وليد» و «طارق» مع الشباب حتى اقترب منهم «ياسين» بسيارته و «حسن» خلفه مع زوجته، و بعد الترحاب و التحيات دلف «خديجة» مع «هدير» للداخل و ظل الشباب كما هم بالخارج.

في الداخل قامت «عبلة» بتجربة الفستان الأبيض الذي ناسب جسدها بانسيابية و كأنه لا يليق بسواها، كانت أكمامه من خامة ناعمة خاصة مع تصميمهما المتسع حول الذراع، و تصميمه المغلق على كامل الجسد بانسيابيةٍ حتى اتسع من بعض الخِصر، للحق كانت رقيقةً به و كأنها نجمة من السماء، فدارت حول نفسها بسعادةٍ بالغة و الناس حولها يطلقن الزغاريد حتى اقتربت منها والدتها تحتضنها و هي تبكي، فتشبثت بوالدتها هي الأخرى تحاول جاهدةً اخفاء دموعها

حتى دلف «وليد» يرى زوجته بفستان الزفاف، كانت هي توليه ظهرها و هو على أعتاب الباب الكبير للمحل، حتى قال بمرحٍ:

"لفي بدل ما أجي أخطفك قدامهم كلهم، أنا كدا كدا مش لازمني الفرح"

ابتسمت هي بيأسٍ ثم دارت له بعدما وضعت الطرحة الخاصة بالفستان فوق رأسها، حتى ابتسم هو فور وقوع بصره عليها تأثرًا لرؤيتها، و دون أن يعي لنفسه تحركت قدمه تسوقه نحوها و نظرات الخبث تتوجه له من الجميع، بينما هو اقترب يقبل رأسها ثم طالع عينيها وهو يقول بصدقٍ كعادته:
"زي القمر و أحلى منه كمان، اليوم دا مكانش ينفع واحدة غيرك تمسك إيدي فيه، زي القمر فيه يا سوبيا"

ابتسمت هي بخجلٍ فتنهد هو بثقلٍ ثم حرك رأسه ينظر لوالدته و هو يقول بسخريةٍ:
"مش كنت علطول بعيط و بقولك عاوز حاجة حلوة و أنتِ جاية ؟! اتصرفي و هاتيهالي معاكي بقى"

انتشرت الضحكات عليه حتى هي نفسها، فوجدته ينصرف في هدوء بعدما ابتسم لها ثم تحرك من أمام الجميع فقفزت هي عدة مرات بفرحةٍ ثم ركضت على «هدير» تحتضنها و هي تقول بصوتٍ مختنقٍ:
"أنا فرحانة أوي..... أوي كمان"

ربتت «هدير» على ظهرها و هي تبتسم بسعادةٍ هي الأخرى و زادت تلك السعادة بارتماء «عبلة» بين ذراعيها.

بعد مرور دقائق بدلت «عبلة» ثيابها ثم جلست تنتظر خروج «جميلة»، التي خرجت بعد مرور دقائق من الصراع مع الذات نتيجة خجلها من الجميع، فخرجت بـ طلتها الرقيقة التي تشابهت مع الزهور البيضاء في البساتين الواسعة، حيث كان فستانها أشبه بتلك الزهور البيضاء بحبات اللؤلؤ الصغيرة التي تناثرت فوق كتفيها مع اتساعه من عند منطقة الخصر مع الخمار الأبيض الذي أضاء وجهها و كأنها ترتدي نورًا فوق رأسها، حينها صفقت الفتيات بمرحٍ و انطلقت الزغاريد على هيئتها و هي تشعر بتدفق الدماء في رأسها بسبب الخجل منهم جميعًا، حتى دلف «طارق» بعدما هاتفته شقيقته، فدلف هو بخجلٍ من النساء و وجودهن حتى وقع بصره عليها و تعلقت عينيه بها فورًا، حينها شقت البسمة البلهاء وجهه و هو يقترب منها حتى توقف أمامها و هي تطرق برأسها للأسفل خجلًا منه، حينها اقترب هو ثم أمسك وجهها حتى يتسنى له رؤيتها ثم طالع عينيها بعينيه و هو يقول بهدوء:

"دلوقتي بس عرفت يعني إيه اللي بيصبر بينول و أنا صبرت كتير و أنتِ كنتي الخير اللي نولته في الدنيا دي، دلوقتي بس عرفت يعني إيه الحياة جميلة، دلوقتي بس بقت ليا جميلة"

ابتسمت له هي و اختلطت بسمتها بعبراتها فوجدته يقترب منها يقبل رأسها ثم أمعن النظر في عينيها مرةً أخرى و هو يقول:
"ربنا يباركلي فيكي يا جميلة"

قال جملته ثم خرج من المكان فاقتربت هي من والدتها تحتضنها و «مشيرة» تبكي معها، لا تصدق أن ابنتها بين ذراعيها الآن و تراها أمامها عروس مثل القمر، فكم كان الله لطيفًا بها و رائفًا بقلبها.

في الخارج وقف الشباب يمزحون سويًا و يشاكسون بعضهم و خاصةً «وليد» الذي شعر بالحنق و هو يشعر بطيلة المُدة خاصةً بعد رؤيته لها بتلك الطلة المُهلكة لقلبه.

و الفتيات و النساء في الداخل يتحدثن بمرحٍ و فرحةٍ كُبرى، و هن يخططن للقادم و لتجهيز الشقق السكنية الخاصة بهما.
_________________________

رحل الجميع إلى وجهتهم بعد انتهاء التجربة في محل «سارة»، و الحماس يعتلي قلوبهم جيمعًا بتلك المناسبة التي ظهر أثرها على الجميع.

انقضت الأيام سريعًا بسرعة البرق في تجهيزات الفرح و الشقق في بيت الشباب و القاعة، و كان العمل في تلك الفترة على قدمٍ و ساقٍ من قِبل الجميع حتى «خديجة» التي تعافت تمامًا بعدما حررت أسر قدمها، و كانت طوال اليوم تشارك الفتيات في العمل و الاستعداد للفرح، و في المساء تجلس في بيتها  مع زوجها تحدثه بحماسٍ عن فرحتها بأخوتها و هي تشاركه تفاصيل يومها.

و في اليوم المُخصص قبل الفرح بدأت الفتيات تستعد لإقامة الليلة الخاصة بهن في الاحتفال، و مع حلول الليل بدأت سهرتهن مُبكرًا مع «ميمي» و العائلة بأكملها و «زُهرة» و زوجات الشباب، بعدما قام «محمود» بطرد الشباب جميعهم من البيت و ظل فقط الرجال في الأسفل، بينما في الطابق الأول كانت الفتيات أكثر حُرية و راحةٍ خاصةً مع فساتيهن القصيرة التي اختلفت بين كل نوعٍ و لونٍ و الآخر حتى «خديجة» التي ارتدت مثلهن بعدما أجبرتها «هدير» على ذلك، فجلست متذمرةً تضم ذراعيها أمام صدرها، حتى تحدثت «هدير» بحنقٍ:

"افردي وشك يا بت بدل ما أجيبك من شعرك، مالك مكشرة ليه؟!"

ردت عليها بحنقٍ:
"يا هدير الفستان قصير أوي، أنا بتكسف يا جماعة، و بعدين إيه اللي أنتِ حطاه في وشي دا !! مين دي ؟!"

تدخلت «إيمان» تقول بخبثٍ:
"جرى إيه يا بومة !! بنعلمك علشان ميبصش برة، خليكي كدا لحد ما يتجوز عليكي إن شاء الله"

قذفتها بوسادة الأنتريه و هي تقول بحنقٍ منها:
"دا بعينك أنتِ، ياسين عمره ما يبص برة و محدش يملى عينه غيري"

اقتربت منها «خلود» تمسك كتفيها و هي تقول بنبرةٍ جامدة:
"بت !! ركزي معايا، أنتِ لازم تدلعي، لازم تكوني واحدة تانية، هو محترم مقولناش حاجة و تفكيره كويس، خليكي أنتِ كدا روشة و فُكي و البسي و عيشي، قبل ما يجي عيل يخنقك في عيشتك"

ضحك الجميع عليها بينما «خديجة» سألتها بذهولٍ:
"بت !! يخربيتك عرفتي الحاجة دي منين ؟!"

ردت عليها بثقةٍ:
"هو أنا عيلة صغيرة زيك ؟! خديجة ابوس راسك أكبري كدا و خليكي واحدة قوية و مفترية"

سألتها «خديجة» بحيرةٍ:
"طب أعمل إيه طيب ؟!"

نظرت «هدير» إلى «إيمان» ثم نظرن كلهن لبعضهن بخبثٍ، و بعد مرور دقائق كانت «خديجة» في غرفتها بعدما بدلت الفستان بأخرٍ يصل إلى ركبتيها و عاري الكتفين و خصلاتها منسدلة خلف ظهرها، و مع اللمسات النهائية التي وضعتها لها الفتيات، كانت تشعر بأنها أخرى تم تبديلها بها، جلست تفرك كفيها معًا بعد رحيلهن، حتى استمعت لصوت الطرقات على باب غرفتها، رفرفت بكفيها أمام وجهها لعلها تُهديء من النيران التي اشتعلت في وجهها، و قبل أن تسمح للطارق بالدخول، فتح الباب ليطل هو منه، هبت هي منتفضة من جلستها فوجدته يحرك رأسه يتفحص هيئتها بذلك الفستان الأسود القصير الذي اتسع من أسفل منطقة الخصر حتى ركبتيها، فاقترب منها و هو يبتسم ببلاهةٍ، فوجدها تقول مُسرعة:
"بص بقى !! هما اللي عملوا فيا كدا و حاسة أني واحدة غريبة أوي، مش فاهمة مين دي، شكلي وحش !!"

سألته بحذرٍ، فاقترب هو منها أكثر حتى وقف أمامها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"عاملة زي الفراشة، روحك حلوة و طلتك أحلى"

رفعت رأسها تبتسم له و هي تقول بنبرةٍ هادئة لم تخلو من الاهتزاز بسبب الخجل:
"أنا...أنا مش عارفة هما حطوني هنا ليه و مش عارفة أعمل إيه، بس خايفة تتعود على شكلي و هو كدا و تكره التاني"

مال برأسه ثم قبل وجنتها دون أن يرد على حديثها، ثم حرك رأسه يطالع عينيها و هو يقول:
"مين اللي يكره خديجة ؟! أنا مليش غير خديجة و عيون خديجة، و قلبي ميعرفش بيت تاني غير حضن خديجة، كدا أو كدا حلوة"

اتسعت بسمتها أكثر حتى وصلت إلى عينيها فاعتدل هو في وقفته ثم أمسك يدها يقوم بتدويرها و هو يطلق صفيرًا متناغمًا من بين شفتيه، حتى ضحكت هي عليه بفرحةٍ و بعدما واجهته في وقفتها من جديد، سألته بمرحٍ:

"يعني خلاص نعتمده لوك كل أسبوع ؟! مرة كدا نجبر بيها بخاطرك ؟! إيه رأيك؟! و لا هتعيب بقى ؟!"

حرك رأسه نفيًا و هو يبتسم لها ثم اقترب من أذنها يقول هامسًا بعاطفةٍ أجمعت مشاعره بها:

"وَ كَأنَّكِ رَبِيِعٌ حُلَّ عَلّىٰ أَرّضٍ أَنهَكَهَا الخَرّابِ، أَو كَأنَّكِ كَمّا الحُلّوِ للِرَوحِ مُستَطَابِ، فَكَيْفَ مُثلُكِ فِي الحَيْاةِ يُعابْ؟ فَـواللّٰهِ فَورَ رُؤيْةُ قَلّبِيِّ لِـ جَمَّالك وَ زَهَّوْ رَوْحكِ أَقْسَمَ أنَّهُ فِي دِرّوبْ العِشّقْ كَمَنْ رَآىٰ الحَقيِّقةِ وَسطَ السَرَّابِ"

حركت رأسها نحوه تطالعه بصمتٍ على عكس عينيها التي قالت الكثير و الكثر، فغمز لها هو بطرف عينه ثم قال هامسًا بمرحٍ كعادته:
"خلاص يا ست الكل طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ"

لم تجد أجدر من العناق ترد عليه به، فابتسم هو باتساعٍ ثم شدد عناقه لها و هو يشعر بتلك المضخة التي أوشكت على الخروج من مكانها بسبب تلك الفتاة مُتقلبة المزاج كما يلقبها في بعض الأحيان.
_________________________

في الأسفل عند الفتيات جلسن معًا، تارةٍ يرقصن و تارةٍ أخرى يجلسن سويًا يلتقطن بعض الصور الخاصة لهن سويًا، حتى تحدثت «خلود» بعدما اقتربت من «عبلة»:
"عبلة !! الأوضة اللي عند المنور روحي هاتي منها العصير و هاتي الكُولمن التاني علشان نحطه فيه"

سألتها بحنقٍ منها:
"يا جاموسة النهاردة حنتي، روحي أنتِ"

ردت عليها بنفس الطريقة:
"مش هعرف أروح علشان بعمل معاهم هنا حاجات، و سلمى جوة بتحضر معاهم الحاجة و هدير مع جميلة و البنات و خديجة الله يسهلها بقى"

زفرت «عبلة» بقوةٍ ثم سحبت العباءة من جوارها و هي تقول لتلك التي تقف بجوارها:
"أنا بكرهك.... أقولك ؟! هخلي وليد يقاطعك بعد الجواز"

ردت عليها بثقةٍ:
"عادي !! هخليه يطلقك و أنا أقدر أعملها، اتحركي و اخلصي"

دفعتها من وجهها ثم خرجت من الشقة تتوجه للشقة المجاورة لها حتى تستطيع الوصول لتلك الغرفة، و بعدما وصلت لهناك وقفت بحيرةٍ تبحث عن ما طلبته منها «خلود» فوضعت ذراعيها على خصرها و هي تقول بحنقٍ:

"هي البت دي بتشتغلني و لا إيه؟! فين الحاجة اللي طلبتها ؟! آه يا مهزقة !!"

وقبل أن تغادر الغرفة وجدت الشباك المُطل على مسقط البيت يُدفع بواسطة أحدهم و على الرغم من خوفها إلا أن صوته بثها الطمأنينة و هو يقول:
"دا أنا يا سوبيا متخافيش، دا أنا ليدو"

اقتربت منه بلهفةٍ و هي تقول بخوفٍ:
"يخربيتك !! بتعمل إيه هنا ؟! هما مش طردوكم من البيت كله؟!"

قفز للداخل و هو يقول بفخرٍ:
"يطردوا مين ؟! دا أنا ليدو، كنتي عاوزاني أفوت الحلويات دي كلها ؟!"

ردت عليه هي بنبرةٍ جامدة:
"لو حد شافك هتبقى وقعة سودا، أمشي بقى علشان متعملش مشاكل، بابا ممكن يتضايق"

اقترب منها يقول هامسًا بخبثٍ:
"هو أنا مقولتلكيش !! مش عمك مرتضى الله يجبر بخاطره خده و راحوا مشوار لحد ليبيا و راجعين ؟! و عمك طه مثبت عمك محمود تحت"

اتسعتا حدقتيها بقوةٍ بعد حديثه فمال هو يقبل وجنته، حتى تحدثت هي بخجلٍ:
"بس بقى عيب يابني، يخربيتك قلة أدبك"

رفع رأسه يطالعها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"وحشتيني يا عبلة....اللي مصبرني إن كلها الليلة دي و خلاص هتكوني معايا و في حضني علطول، حلو العُمر هيبدأ بكرة معاكي"

حركت رأسها تنظر له فوجدته يقول بنفس الهدوء:
"غمضي عينك يا عبلة"

حركت رأسها باستنكارٍ، فأضاف هو مُسرعًا:
"غمضي عينك بس بسرعة"

أغمضت عينيها و هي تبتسم باتساعٍ حتى شعرت بملمس شيئًا على عنقها، فتحت عينيها فوجدته يلتصق بها ثم أغلق قفل السلسلة على رقبتها ثم تحرك للخلف حتى يراها، ثم ابتسم و هو يرى تلك السلسلة الذهبية التي زينت عنقها، حركت رأسها الأسفل حتى ترى ما وضعه هو بعنقها، فشهقت بفرحةٍ حينما وجدت مجرةً ذهبية تُشبه الفضاء من خامة الذهب الخالص"

رفعت رأسها له من جديد و هي تقول بنبرةٍ مختلطة المشاعر:
"إيه دا !! دي مجرة ؟! حلوة أوي"

ابتسم لها ثم اقترب يشبك ذراعيه خلف ظهرها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"أهو أنتِ الدنيا كلها في عيني"

رفعت عينيها تطالعه بحبٍ فوجدته يقول هامسًا بهدوء:
"رَأيْتُكِ مَدَارٌ و كَأنكِ بِهِ قَمَري....الحُبُ فيكِ و أنّتِ رِزقِي وَ قَدَري"

ابتسمت هي باتساعٍ حتى تحولت بسمتها إلىٰ ضحكاتٍ مُرتفعة، و هو يبتسم لها فوجدها تلف ذراعيها حول عنقه ثم قالت بهدوء:
"أنتَ اللي قدري يا وليد، مش مصدقة إن بعد كل حاجة خلاص هنكون مع بعض بكرة، مش مصدقة إن كلها ساعات و أكون في بيتك"

حرك رأسه موافقًا و هو يبتسم و رافق بسمته تلك قوله:
"لأ صدقي، أنا خلاص بكرة إن شاء الله هكون حققت كل اللي اتمنيته و هو بيت هادي معاكي، أبدأ فيه حياة جديدة بيكي قدام ربنا"

قبل أن ترد عليه هي، وجدت أخيها يتحدث بضجرٍ:
"ما تخلصوا يخربيت أبوكم، يلا قبل ما أبويا يطلع، انجز يا زفت الطين"

شهقت بقوةٍ عند رؤيتها لأخيها فسألته بذهولٍ:
"طارق !! بتعمل إيه هنا ؟! انزل علشان متقعش"

رد عليها بحنقٍ:
"علشان أنتِ و الزفت البارد دا عالم رغاية، روحي هاتي جميلة يلا، خلصوا، عمك مرتضى قال هيرجع خلاص"

حركت رأسها موافقةً و قبل أن ترحل قبلت «وليد» على وجنته ثم ركضت من أمامهما، فالتفت هو ينظر ببلاهةٍ لـ «طارق» و هو يقول ساخرًا:
"مؤدبة أوي عبلة ما شاء الله"

ضحك «طارق» رغمًا عنه ثم أشار له حتى يخرج من الغرفة مثلما سبق و دخلها، و بعد مرور دقائق، دلفت «جميلة» الغرفة بعدما أرسلتها «عبلة»، دون أن تفهم شيئًا، هي فقط دلفت الغرفة و قبل أن تلتفت حتى تدخل الغرفة، شعرت بكف أحدهم يمسك كفها ثم أغلق الباب، قبل أن تصرخ هي بخوفٍ وضع كفه على فمها و هو يقول هامسًا:
"بس اسكتي هتفضحينا...أنا طارق، متخافيش"

اتسعتا حدقتيها بقوةٍ، فتحدث هو محذرًا لها:
"لو شيلت إيدي و صرختي هتغابى عليكي، خليني ألحق أقول الكلمتين، ماشي ؟!"

حركت رأسها موافقةً بقوةٍ، فازاح هو كفه من على فمها ثم حرك رأسه هبوطًا و صعودًا و هو يتفحصها ثم قال يُثني على جمالها:
"إيه الحلاوة دي كلها ؟! دي طلعتي جامدة، الخمار كان مداري عني حاجات حلوة أوي"

سألتها هي بحنقٍ زائفٍ:
"أنتَ عاوز إيه ؟! أنا قولتلهم جاية أخد حاجة من هنا و راجعة تاني، كدا هبقى كدابة"

حرك كتفيه ببساطةٍ و هو يقول:
"لأ مش كدابة و لا حاجة، أنتِ فعلًا هتاخدي حاجة، بس بصراحة أنتِ وحشتيني أوي"

ردت عليه هي بقلة حيلة:
"و أنتَ كمان وحشتني أوي يا سيدي، ها عاوز إيه بقى ؟!"

تنفس هو بعمقٍ ثم اقترب منها يخرج من سترته خاتمًا من الذهب يتوسطه رمزًا دليلًا إلى علامة إلى ما لا نهاية، حركت رأسها له تستفسر منه بصمتٍ، فأمسك هو كفها يضع بداخله الخاتم ثم قال بنبرةٍ هادئة:

"دي هديتك مني يا جميلة، جيت علشان أقولك إن أنا و قلبي محظوظين بيكي، حلم حياتي و البنت اللي اديتها عمري كله، بكرة هتبقى معايا و في بيتي، عاوز أقولك إن طول عمري مش مكفيني الصبر، بس أنتِ تستاهلي إن الحياة كلها تضيع قدام نظرة من عينيكي"

ابتسمت هي له ثم قالت بنبرةٍ متحشرجة:
"عمري ما كنت أتخيل إن ممكن يكون حد زيك من نصيبي، حد لقيت فيه كل حاجة أي بنت ممكن تحتاجها يا طارق، ربنا يخليك ليا و يجعلني زوجة صالحة ليك و تقدر تتباهى بولادك منها"

ابتسم لها ثم تحدث مُسرعًا بقوله:
"هتباهى، زي ما أنا بتباهى بيكي من أول يوم شوفتك فيه، و واثق إن فيه طارق جديد هيتولد على إيديكي يا جميلة"

حركت رأسها موافقةً، فصدح صوت هاتفه عاليًا، تحدث هو بقلقٍ:
"طب سلام أنتِ بقى علشان دي شكلها كبسة علينا، مع السلامة"

لوحت له بكفها و هي تضحك عليه، ثم رفعت كفها تنظر للخاتم الذي يتوسط اصبعها، بعدها دارت حول نفسها ثم خرجت من الغرفة و هي تشعر بارتفاع ضربات قلبها.
_________________________

في الأسفل خرجا «وليد» و «طارق» من باب المسقط سويًا، و هما يزحفا بجانب بعضهما حتى يستطيعا الخروج من البيت و قبل خروجهم تمامًا من جهة المسقط، استمعا لـ نبرةٍ جامدة و هي تقول:
"بـتعمل إيه عندك أنتَ يا صايع منك ليه ؟!"

رفع كليهما رأسه بخوفٍ ظنًا منهما أنه «محمد»، لكنهما تفاجئا حينما وجدا «ياسين» أمامها، فتحدث «وليد» بخوفٍ:

"يا شيخ منك لله، خضتني يا زفت، افتكرتك عم محمد"

سأله «طارق» ببلاهةٍ:
"هو قلد صوته كدا إزاي ؟! أنا افتكرته أبويا و الله"

مد ذراعيه لهما حتى يستندا عليه و هو يقول:
"قوم اقف أنتَ و هو و اظبطوا نفسكم، يلا علشان عامر مستنينا برة"

سأله «وليد» بحيرةٍ:
"هو عامر هيودينا فين ؟! أنا مش متفائل"

تدخل «طارق» يقول بضجرٍ منه:
"طب يلا نمشي من هنا قبل ما أبويا و عمك محمود ياخدوا بالهم !! مش ناقصة عكننة، خلونا فرحانين زي ما إحنا"

خرج الثلاثة من البيت بهدوء ثم ركضوا خلف بعضهم على مقدمة الشارع حتى لا يراهم أيًا من رجال البيت، حتى وصلوا إلى بداية الشارع لكنهم تفاجئوا حينما وقع بصرهم على سيارةٍ كبيرة الحجم تابعة لاحدى الشركات السياحية، فنزل «عامر» منها يقول بضجرٍ من تأخرهم:

"ما تخلص يا عم روميو منك ليه، يلا علشان الساعة بقت ٧ هنعمل الحِنة إمتى احنا ؟!"

اقترب منه «وليد» يسأله بتعجبٍ:
"هو إيه دا لامؤاخذة يا عامر ؟! اتوبيس مين دا ؟!"

تحدث «عامر» يجاوبه بفخرٍ:
"دا اتوبيس من الشركة اللي أنا مديرها و على وشك الرفد منها يعني، جيبتوا علشاننا"

ضغط «حسن» في الداخل على مقود السيارة يلفت نظرهم، فدلفوا خلف بعضهم، و كانت السيارة بها الشباب جميعهم دون أن ينقصهم أحدًا، و معهم سائق تابعًا للشركة، و بعد إغلاق الباب، تحدث «عامر» مُفسرًا بفخرٍ:

"بما أني دلوقتي بقيت متخصص البهجة و السرور بشهادة الكل و بلا فخر، حاليًا انتم عالم كئيبة مش عارفين هتعملوا إيه، بس العبد لله معاكم"

تحدث «حسن» بسخريةٍ:
"أنتَ يا عم سعد زغلول اخلص، هنروح فين ؟! ورانا فرح بكرة و هم ما يتلم"

أشار له بالتريث و هو يقول:
"اهدا يا حبيبي مش كوسة هي، اسمعوني بقى، دلوقتي أنا عاملكم ليلة هتخلينا ننسى أي هم فكر بس يهوب ناحيتنا"

صفق له الجميع بحرارةٍ، فتحدث «عمار» يقول بفخرٍ:
"روح يا بني ربنا يكرمك، أنا طالع من أسبوع امتحانات داس على وشي أنا و عبدالرحمن"

تدخل «عبدالرحمن» يقول مؤيدًا له:
"معاه حق، أنا اتهرست معاه، عامر عاوزك تدلعنا، بص اعتبرنا كراسي معاك"

حرك رأسه موافقًا ثم ابتسم بفخرٍ و هو يقول:
"طبعًا دا مش علشان سواد عيونكم، دا علشان يونس حبيب قلبي اللي صمم يجي معانا و يسيب قعدة الستات، راجل من ضهر راجل"

رد عليه «خالد» متباهيًا بصغيره و هو ينظر له بجواره:
"دا حبيب أبوه دا، صح يا يونس؟!"

حرك رأسه موافقًا و هو يبتسم لوالده، فحمله «ياسر» على يده و هو يقول مُداعبًا له:
"يونس دا حبيب الكل، مش خسارة الليلة دي تتعمل على شرفه"

تدخل «أحمد» يسأل موجهًا سؤاله لـ «وئام»:
"مجيبتش فارس ليه يا وئام ؟! أنا متعلق بيه، كان خد على قعدة الرجالة"

رد عليه بحنقٍ:
"افرض عيط و لا جاع مين هيرضعه ؟! و بعدين هدى بتخاف تخليني أخده معايا في مكان علشان منساهوش.... معرفش ازاي بس هي علطول تقولي كدا"

ضحك الجميع عليه بشدة، بينما «عامر» أخفض جسده نحو أحد المقاعد الشاغرة ثم أخرج منه الدُف الخاص به، و فور رؤيتهم له صرخوا جميعهم مُهللين بفرحٍ، فتحدث هو بلمحة خبثٍ:

"ياسين !! المثل بيقولك إيه ؟! من حق العريس يتدلع، دلعلنا العرسان بقى و مزجنا"

وقف «ياسين» بجواره يمسك الدف و هو يقول بمرحٍ:
"و أنا عيوني للعرسان، يلا ياض أنتَ و هو هسمعكم عمكم عبد الباسط حمودة"
اختلفت التعابير بين التصفيق بمرحٍ و التصفير عاليًا من الشباب بأكملهم، و بعد مرور ثوانٍ وقفوا جميعهم يرقصون مع بعضهم وسط الغناء من «ياسين» و الطرق على الدف من قِبل «عامر» بعدما أخذه منه و «يونس» الذي وقف يقفز على المقعد بفرحٍ من تلك الأجواء الغريبة عليه و خاصةً عند رؤيته لوالده وسط الشباب و هو يرقص و معه «ياسر» حتى حمله «خالد» على كتفيه و استمرت تلك الأجواء لحين موعد وصولهم إلى المكان الذي خصصه «عامر» فإلى أي وجهةً جهتهم ؟!
_________________________

لم تختلف الأجواء في بيت آلـ «الرشيد» عن الأجواء لدى الشباب، خاصةً مع زيادة عدد الفتيات بعدما قامت «عبلة» و «خلود» بدعوة صديقاتهن باعتبارهن أكثر الفتيات يمتلكن رفيقات من بين فتيات العائلة، و بعدما تم التعارف بين الفتيات بدأ الجو يسوده المرح و الرقص و كانت الجلسة بأكملها يسودها الفرح و خاصةً «خديجة» التي كانت تتابع كل تلك الأجواء بفرحةٍ كبرى و اندمجت كثيرًا وسط تلك الأجواء و معها «زهرة» التي شعرت بالألفة وسط الجميع، جلست «هدير» بجانب «إيمان» تسألها بتعجبٍ:

"تفتكري ممكن يكونوا راحوا فين ؟! اختفائهم فجأة كدا مش مريحني"

ردت عليها «إيمان» بلامبالاةٍ:
"هتلاقيهم راحوا فين يعني ؟! أكيد هيروحوا يقعدوا على قهوة و لا ماتش كورة، أصل دا أخرهم"

ردت عليها بتشككٍ:
"أنا خايفة يكونوا راحوا يخربوها من غيرنا"

تدخلت «ريهام» تقول بمرحٍ:
"لأ اطمني، يونس معاهم مش هيقدروا يعملوا حاجة"

تحدثت «إيمان» تؤيد حديثها بقولها المتوعد:
"أصل لو حد فيهم فكر يخربها، أنا هخربها عليهم كلهم، و خصوصًا ياسوري"

تدخلت «زهرة» تقول مُحذرةً لها:
"اتلمي يا إيمان و سيبي العيال تشم نفسها شوية، بطلي تكتمي عليه"

رددت خلفها بغير تصديق:
"أنا !! أنا بكتم عليه ؟! هو علشان أنا بسأله رايح فين و جاي منين و كلم مين و متكلمش مين و بخليه يعملي تقرير يومي يبقى كدا بكتم عليه ؟! مكانش العشم يا زوزو"

ضحك الجميع عليها، فتدخلت «سلمى» تقول بسخريةٍ:
"عالم ظالمة يا إيمان متشغليش بالك أنتِ، اخس علينا، ماهي الست سايباله مُطلق الحرية اهوه"

ردت عليها بتنصعٍ:
"قوليلهم يا سلمى، عرفيهم أني غلبانة و الله"

تدخلت «خلود» تثني عليها بقولها:
"أنتِ جامدة يا إيمان، أنا ناوية أخدك قدوة ليا إن شاء الله، أصل معلش يعني أنا إيه لازمتي لو مش هبقى كل الدنيا؟! دا مبدأي، إن شاء الله ربنا يكرمني بواحد يشوفني كل الدنيا، بدل ما أزعله من الدنيا"

انتشرت الضحكات عليها، فتحدثت «جميلة» بقلة حيلة:
"و الله صعبانين عليا، تلاقيهم زعلانين علشان مش بيحتفلوا زينا، ياريتنا ما كنا عملنا الحنة دي"
_________________________

في وسط أحد المراكب متوسطة الحجم التي تكون مختصة في التحرك داخل مياه النيل، و في بعض الأحيان تكون مخصصة للاحتفالات، قام «عامر» بتأجير واحدةً منها بألوانها المُبهجة و أضوائها المرتفعة و صوت أغانيها المرتفعة، تجولت بهم المركب وسط المياه و هم كما هم على وضعهم السابق بنفس المرح و البهجة و رقصهم سويًا حتى قام «ياسين» بحمل «وليد» على كتفيه و قام «حسن» بحمل «طارق» وسط ضحكات البقية عليهم، فتحدث «وليد» بنبرةٍ ضاحكة:

"نزلني يا ياسين، يا عم ضهرك هيتقطم ، نزلني"

رفع «ياسين» رأسه له و هو يقول:
"يا عم أنتَ مش عريس ؟! خليني أوجب معاك، دي هي مرة في العمر مبتحصلش تاني"

ربت على كتفه بفخرٍ، فتحدث «طارق» يوجه حديثه لرفيقه:
"نزلني يا حسن، احنا كدا هنتقلب"

رد عليه بضجرٍ:
"يا عم بقى خلينا نفرح، دا أنتَ عيل وش نكد، يلا يا جدعان علوا الأغاني"
بدأت الأغاني ترتفع مرةً أخرى و بدأ الشباب الرقص من جديد في جوٍ ازداد بالمرح و غمرته السعادة و في الجهة الأخرى يطابقه نفس الوضع، بصخب المهرجانات الشعبية و الاغاني التي جعلت الحماس يحتل تلك  التجمعات.
_________________________

انتهى ذلك اليوم بأحداثه و بهجته على الجميع و أتى اليوم المنتظر، اليوم الذي عاشوا جميعهم يمنون نفسهم به، و هو يوم الزفاف الخاص بكلًا من «طارق» و «وليد»، أسفل بيت آلـ «الرشيد» و مع حلول الغروب، وقف «عامر» بنفس السيارة التي خصصها لرحلتهم بالأمس حتى تنقل أفراد العائلة الكبار معًا و معهم والدته و «عفاف» و «ميرفت» و «زهرة» و جميع رجال عائلة الرشيد الكبار، و «ميمي» أيضًا و بعدها تحركت السيارة، و بعدها نزلت «خديجة» و هي تمسك بيد «ياسين» الذي ارتدى مثل باقي الشباب نفس الحِلة السوداء حتى القميص أسفلها بذلك اللون، بينما هي ارتدت فستانًا من خامة القطيفة باللون الأسود يتناسب مع منحنيات جسدها و فوقه حجابًا باللون البيج و حذاء و حقيبة بنفس اللون، كانت الفتيات بأكملها ترتدي نفس نمط الفستان و ما جعل كل واحدة تتميز عن الأخرى هو اللون، و كأنهن أميرات، فتحدث «عامر» فور رؤيته له:

"ما تخلص يا عم ياسين !! هو أنتَ العريس ؟! دا وليد و طارق خلصوا"

رمقه بغيظٍ، فتحدثت «خديجة» تقول بصوتٍ هاديءٍ:
"بصراحة خلود هي اللي اخرتنا، هي نازلة ورايا أهيه، معلش بقى"

رد عليها مُسرعًا:
"خلود !! لأ دي تعمل اللي هي عاوزاه عادي براحتها"

عقدت ما بين حاجبيها ، فتحدث «ياسين» بضجرٍ:
"بيهزر، بيحب يهزر ابن سيدة، خليه يهزر كتير كدا علشان ياخد على دماغه في الأخر"
لوح له بيده و بعد مرور دقائق نزل البقية ثم توجهوا نحو القاعة بسيارات الشباب.

في القاعة وصلا كلًا من «وليد» و «طارق» بعدما وصلت العائلة بأكملها قبل وصولهما ثم نزل كلًا منهما من سيارته و هو يبتسم بسعادةٍ بالغة، حتى احتضنا كليهما الأخر، فتحدث «وليد» بتأثرٍ:
"ألف مبروك يا طارق، أنتَ ابن حلال و تستاهل إنك تفرح و تستاهل إن ربنا يكرمك بيها"

ربت على ظهره و هو يقول بنفس درجة التأثر:
"و أنتَ برضه تستاهل عبلة و تستاهل إنها تكون من نصيبك، ربنا يفرحك يا حبيبي و يكرمكم سوا"

حرك رأسه موافقًا له و هو يبتسم باتساعٍ، فاقترب منهم أحد العمال بالمكان و هو يقول:
"العرايس جاهزين، اتفضلوا حضراتكم معانا"

ابتسم كليهما له ثم تبعاه نحو الداخل، فوقف «محمد» بيد ابنته و بمجرد اقتراب «وليد» منه تحدث بضجرٍ زائفٍ:
"اسمع يا ابن مرتضى، أنا مليش غير عيالي في الدنيا دي، عبلة هي كل حاجة ليا، صاحبتي و بنتي و نور عيني، عاوزك تحافظ على الأمانة يا وليد، أنا مليش غيرهم، متقطمش ضهر عمك في بنته"

اقترب من عمه يقبل رأسه أمام الجميع الذين يقفون في الخلف ثم حرك رأسه ينظر لها يطالعها بحبٍ و هو يقول:
"عبلة في عيني مش عاوزك تخاف عليها معايا، و الله العظيم أنا مش طالب غير وجودها هي من الدنيا، اتطمن، أنا مستحيل أأذيها أو ازعلها، و لو حصل و الله العظيم أنا بنفسي هجيلك تاخد حقك مني"

ربت «محمد» على كتفه بثقةٍ، ثم مد يد ابنته له، حينها اقترب منها «وليد» برهبةٍ أثرت عليه و هو يقبل قمة رأسها ثم ابتسم لها و هي الأخرى تبتسم له

و بعدما أمسك يدها، اقترب «حسان» بابنته من «طارق» الذي وقف يتعلق بها بنظره، و هي أيضًا، فتحدث والدها يقول بخجلٍ:
"أنا مش هوصيك عليها علشان أنتَ عملت كتير علشانها، جميلة طول عمرها متعلقة بيك لسبب محدش كان يعرفه غير ربنا، و سبحان الله هي مكتوبة ليك من يوم ما اتولدت، أنا مليش غيرها هي و أي حاجة عملتها في يوم كانت علشانها هي يا طارق، حطها في عينك و راعي ربنا فيها، أنتَ واخد جوهرة، جميلة مفيش منها أصلًا"

حرك رأسه موافقًا ثم اقترب منها يأخذه من يده و هو يقول بنبرةٍ هادئة محاولًا اخفاء تأثره:

"أنا عارف كل الكلام دا، متخافش جميلة مكانها في محفوظ و زي ما هو، مش هتوصيني على الوحيدة اللي اتمنيتها من كل الدنيا دي"

صفق الشباب لهم جميعًا و قبل خروجهم لإلتقاط الصور بالخارج قبل بداية الفرح، دلف «عامر» يقول بمرحٍ:
"يلا علشان المفاجأة اللي أنا محضرها، تعالوا بسرعة"

نظروا له جميعًا بخوفٍ و ترقبٍ من مفاجأته، بينما هو وضع كفيه بجيب بنطاله و هو يبتسم بثقةٍ، و الجميع يفكرون ما هي المفاجأة ؟!
________________________

أنا بعتذر لحضراتكم جدًا علشان
دا أخر بارت هينزل الفترة دي لحد ما أخلص امتحانات علشان فيه كام يوم ورا بعض كدا، و إن شاء الله البارت الجاي يوم ١/٢٦
دمتم بخير.

يُتبَع
#الفصل_الثاني_و_الخمسون_الجزء_الثاني
#رواية_تَعَافَيْتُ_بِكَ

Continue Reading

You'll Also Like

3M 199K 62
تنوية القصه ليست نهوة حقيقيه من ارض الجنوب بَين النَهوةُ وعَشقِ العَسكري والآن أشهد أن حضورك موت وأن غيابك موتان.
633K 27.3K 40
[ ADULT CONTENT ] لَم أَتَوَقَّع آنِنيَ سأقع في حُبِّ شقيقُ زوجيِ مِن النَّظرَة الْأَوَّليّ كانَ رَجُلٌ مَهِيب يَسْرق الْقُلُوب قَبل الْعُقُول . اعل...
5M 150K 103
في قلب كلًا منا غرفه مغلقه نحاول عدم طرق بابها حتي لا نبكي ... نورهان العشري ✍️ في قبضة الأقدار ج١ بين غياهب الأقدار ج٢ أنشودة الأقدار ج٣
3.6M 53.3K 66
تتشابك أقدارنا ... سواء قبلنا بها أم رفضناها .. فهي حق وعلينا التسليم ‏هل أسلمك حصوني وقلاعي وأنت من فرضت عليا الخضوع والإذلال فلتكن حر...