تَعَافَيْتُ بِكَ

By ShamsMohamed969

14.9M 633K 218K

ظننتُ أن قلبي هذا لم يخلق له الحب، و ظننتُ أنني لم أملكُ يومًا قلب؛ إلا أن وقعت عيناي على عيناكِ ففرح قلبي بر... More

الاقتباس الاول
البارت الأول (عريس صالونات)
الفصل الثاني (كونه حنونًا)
الفصل الثالث (الليل و سماه)
الفصل الرابع(إعتذار)
الفصل الخامس (رؤية شرعية)
الفصل السادس (عقد قران)
الفصل السابع(اللقاء الأول)
الفصل الثامن(طبيبة نفسية)
الفصل التاسع(رُهاب إجتماعي)
الفصل العاشر (هل مستعد؟)
الفصل الحادي عشر (لا يريد الخِطبة)
الفصل الثاني عشر (هل وافقت؟)
الفصل الثالث عشر (فلنقرأ الفاتحة)
الفصل الرابع عشر (عيد ميلاد)
الفصل الخامس عشر (موعد اللقا)
تنويه🕊️
الفصل السادس عشر (هدير السبب)
الفصل السابع عشر (كُتبَ الكِتاب)
الفصل الثامن عشر ( مُقابلة)
الفصل التاسع عشر (من أين تعلم؟)
الفصل العشرون (لا تأتي)
الفصل الحادي والعشرين (لأنها فراشة)
الفصل الثاني والعشرون (شكرًا)
الفصل الثالث والعشرين (غرقتُ بعيناكِ)
الفصل الرابع والعشرين (طريقة علاج)
الفصل الخامس والعشرون (لأجلكِ)
الفصل السادس والعشرون (أول مرة)
الفصل السابع والعشرون (لن أتركك)
الفصل الثامن والعشرون (براءة قلبها)
الفصل التاسع والعشرون (ماضٍ لا يُنسى)
الفصل الثلاثون(عروس لعبة)
الفصل الواحد والثلاثون (قاعة زفاف)
الفصل الثاني والثلاثون (الحب القديم)
الفصل الثالث والثلاثون (من عاشر القوم)
الفصل الرابع والثلاثون (لن أستطع)
الفصل الخامس والثلاثون (قمرٌ ضائع)
الفصل السادس والثلاثون (في حمايتك)
الفصل السابع والثلاثون (بداية جديدة)
الفصل الثامن والثلاثون (ما إسمه)
الفصل التاسع والثلاثون (لا يقارن بأحدٍ)
الفصل الأربعون (يزيد حنقه)
الفصل الواحد وأربعون (أنا سأعرفك)
الفصل الثاني و الأربعون(أبو جميلة)
الفصل الثالث و الأربعون( مشيرة الرشيد)
الفصل الرابع و الأربعون (لن أريحكِ)
الفصل الخامس والأربعون (عروس مثل القمر)
الفصل السادس و الأربعون (زغروطة؟)
الفصل السابع و الأربعون (فرح)
الفصل الثامن و الأربعون (صرخةمن الماضي)
الفصل التاسع و الأربعون (العقارب على سمومها تقترب)
الفصل الخمسون (بك تعافيت)
الفصل الأول الجزء التاني (لن أستطع)
الفصل الثاني_الجزء الثاني (مريض)
الفصل الثالث_الجزء الثاني ( البقاء لله)
الفصل الرابع_الجزء الثاني(
الفصل الخامس_الجزء الثاني(لم يراعي شعوره)
الفصل السادس_الجزء الثاني (كتاب دين)
الفصل السابع_الجزء لثاني (وعد بالطلاق)
الفصل الثامن_الجزء الثاني (هل تعرفها؟)
الفصل التاسع_الجزء الثاني (كوب قهوة)
الفصل العاشر_الجزء الثاني(منذ ١٣عام)
الفصل الحادي عشر_ الجزء التاني (وضعهما غريب)
الفصل الثاني عشر_الجزء الثاني (مريض نفسي)
إعتذار رسمي
الفصل الثالث عشر _الجزء الثاني(اختبار صغير)
الفصل الرابع عشر_الجزء الثاني (خطيب الآنسة)
الفصل الخامس عشر_الجزء الثاني (مفاجأة)
الفصل السادس عشر_الجزء الثاني (إلحق)
الفصل السابع عشر_الجزء الثاني (يلقى مصيره)
الفصل الثامن عشر_الجزء الثاني ( ضربة سكين بمقتل)
الفصل التاسع عشر_الجزء الثاني( أنا مستعد)
الفصل العشرون_الجزء الثاني (من طُعن بالسكين ؟)
الفصل الحادي و العشرون_الجزء الثاني(عودة وليد الرشيد)
الفصل الثاني والعشرون_الجزء الثاني( لحظة ترقب)
الفصل الثالث و عشرون_الجزء الثاني( حول الهزيمة لنصرًا)
الفصل الرابع و العشرون_الجزء الثاني( هل جدير بالثقة؟)
الفصل الخامس و العشرون_الجزء الثاني(منك لله!)
الفصل السادس و العشرون_الجزء الثاني ( تخضعين للعلاج)
الفصل السابع و العشرون_الجزء الثاني ( أثر الفراشةِ)
الفصل الثامن و العشرون_الجزء الثاني (وضعت نفسها بمأذق)
الفصل التاسع و العشرون_الجزء الثاني (صفعةً مدويةً)
الفصل الثلاثون_الجزء الثاني (بالأدب)
الفصل الواحد و الثلاثون_الجزء الثاني( بأي ذنبٍ قُتل؟)
الفصل الثاني و الثلاثون_الجزء الثاني (الصبر على الابتلاء)
الفصل الثالث و الثلاثون_الجزء الثاني (صرخة ألم)
الفصل الرابع و الثلاثون_الجزء الثاني (ما هو إسمه)
الفصل الخامس و الثلاثون_الجزء الثاني (من حفر حفرةً لأخيه)
الفصل السادس و الثلاثون_ الجزء الثاني ( هل سيترك حقه؟)
الفصل السابع و الثلاثون_الجزء الثاني (وُضِعَ بمأذقٍ)
الفصل الثامن و الثلاثون_الجزء الثاني (فهم ظنونه)
الفصل التاسع و الثلاثون_الجزء الثاني (تسببت بمصيبةً)
الفصل الأربعون_الجزء الثاني (موعد الحق)
الفصل الواحد و الأربعون_الجزء الثاني (كيف يتصرف؟)
الفصل الثاني و الأربعون_الجزء الثاني (نجم شارد)
الفصل الرابع و الأربعون_الجزء الثاني (فرحة البيت)
الفصل الخامس و الأربعون_الجزء الثاني(ما لم يُحمد عقباه)
الفصل السادس و الأربعون_الجزء الثاني (تتعرفون عليها؟!)
اقتباس من الفصل القادم (تحت التهديد)
الفصل السابع و الأربعون_الجزء الثاني (ماذا يفعل هنا ؟!)
الفصل الثامن و الأربعون_الجزء الثاني (الحبايب هنا)
الفصل التاسع و الأربعون_الجزء الثاني (شر الدنيا)
الفصل الخمسون_الجزء الثاني (سبب الفرحة)
الفصل الواحد و الخمسون_الجزء الثاني(باح بالسر)
الفصل الثاني و الخمسون_الجزء الثاني (ما هي المفاجأة ؟)
الفصل الثالث و الخمسون_الجزء الثاني (عودة الحق)
الفصل الرابع و الخمسون_الجزء الثاني (الموعد المضبوط)
الفصل الخامس و الخمسون_الجزء الثاني (بالغصب)
الفصل السادس و الخمسون_الجزء الثاني (قنبلة موقوتة)
الفصل السابع و الخمسون_الجزء الثاني (طريقة خاصة)
الفصل الثامن و الخمسون_الجزء الثاني (فض شراكة)
الفصل التاسع و الخمسون_الجزء الثاني (فراق الحبيب)
الفصل الستون_الجزء الثاني (تمزق الروح)
الفصل الواحد و الستون_الجزء الثاني (عصفورٌ في اليد)
اقتباس من الفصل الجديد
الفصل الثاني و الستون_الجزء الثاني (حرية الاختيار)
الفصل الثالث و الستون_الجزء الثاني (وجهةٌ مصوبة)
الفصل الرابع و الستون_الجزء الثاني (عقل مريض)
الفصل الخامس و الستون_الجزء الثاني (لا حول ولا قوة)
الفصل السادس و الستون_الجزء الثاني (الكرة في ملعبه)
الفصل السابع و الستون_الجزء الثاني (ليلٍ لا يدوم)
الفصل الثامن و الستون_الجزء الثاني (بالطبع مستحيل)
الفصل التاسع و الستون_الجزء الثاني (السقوط في بئر الضياع)
الفصل السبعون_الجزء الثاني (مغيب عن الواقع)
الفصل الواحد و السبعون_الجزء الثاني (حرق أعصاب)
الفصل الثاني و السبعون_الجزء الثاني (لم يكن خيرًا)
الفصل الثالث و السبعون_الجزء الثاني (حالة صدمة)
الفصل الرابع و السبعون_الجزء الثاني (لمن النصر؟)
الفصل الخامس و السبعون_الجزء الثاني (الموت قادم)
الفصل السادس و السبعون_الجزء الثاني (فخورًا بنفسه)
الفصل السابع و السبعون_الجزء الثاني (حق الاستغلال)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (عوض الله)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (ماذا تريد)
الفصل الثمانون_الجزء الثاني (أول سحور)
الفصل الواحد و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفي بوعده؟)
الفصل الثاني و الثمانون_الجزء الثاني (عودة الروح)
الفصل الثالث و الثمانون_الجزء الثاني (انسحبت الروح)
الفصل الرابع و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفيد بشيءٍ)
الفصل الخامس و الثمانون_الجزء الثاني (بكل راحة و يسر)
الفصل السادس و الثمانون_الجزء الثاني (رحمة الله عليه)
الفصل السابع و الثمانون_الجزء الثاني (ألم فقدانها!)
الفصل الثامن و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيشعر به؟)
الفصل التاسع و الثمانون_الجزء الثاني (واقع أم حُلم؟)
الفصل التسعون_الجزء الثاني (إخطار من الوزارة)
الفصل الواحد و تسعون_الجزء الثاني (نظرةٌ قارنها العتاب)
الفصل الثاني و التسعون_الجزء الثاني (طوق نجاة)
الفصل الثالث و التسعون_الجزء الثاني (وحي الخيال)
الفصل الرابع و التسعون_الجزء الثاني (محاولة فاشلة)
الفصل الخامس و التسعون_الجزء الثاني (الزمن يُعاد)
الفصل السادس و تسعون_الجزء الثاني (غياهب الظلام)
الفصل السابع و التسعون_الجزء الثاني (ليلة الحنة)
الفصل الثامن و التسعون_الجزء الثاني (نهاية القصة)
تنويه هام🦋❤️
تجميعة الحلقات الخاصة

الفصل الثالث و الأربعون_ الجزء الثاني ( كيف هنا؟)

88.5K 3.5K 1.3K
By ShamsMohamed969

"الفصل الثالث و الأربعون"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
_________________________

كأنكِ مدارٌ أجمعت به عُمري، وجدت به ذاتي وجدت شمسي و قمري.
_________________________

"خُلقت جَميلة تَمُر أمام العَيْن فَيْنطقُ اللسانِ مُرددًا:
"سُــبــحانَ الـلـه"
تلِك التي أَوقعتْ الفُؤاد بِسهامْ عَينيها و كَأن قَلبها ألقىٰ بِسحرهُ عَلىٰ قَلبي و أمّام بَصري رَماه، فَسبحانهُ ربي وَهبها لي و أنا عبدٌ فقيرٌ لَكن بِكرمك وَ عَطفكَ وَجد بِها غِـناه، تِلك التي أتت لـ ميتًا مِثلي فَوجد بها الحياة، كُنت أنا الغَريقُ في مُنتصف البَحرِ و هيَ لي طَوْق النجاة، أنا من عاش طوال حياته مثل الشريد في الصحراء يشعر بالظمأ و يوم وجدتها كانت فرحتي مثل فرحة من وجد المياه، أنا كالنجم الشارد في لَيلي و هي نجمةٌ خُلقت له لتضيء سماه"

تفوه «ياسين» بذلك أمام الجميع بنبرةٍ هائمة مُتغزلًا في جمالها بحديثٍ أطرب آذان الجميع، و رافق حديثه حركته نحوها و كأن سحر عينيها يجذبه لها دون أن يعي هو لذلك، حتى اقترب منها يجثو على ركبتيه و هو يقول بنفس الهيام:
"فسبحانه ربي وهبها لي و أنا العبد الفقير، لكن بكرمك و عطفك وجد بها غِناه"

ترقرق الدمع في عينيها بحبٍ ممتزج بالتأثر و الدهشة، و الجميع حولهما في حالة هيام و شجن بعد حديثه، و هم يتابعونهما، فأضاف هو حينما رآى صمتها بمرحه المعتاد مع غمزة عينيه:
"خلاص يا ست الكل طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ"

حركت رأسها عدة مرات مع عبراتها التي نزلت من عينيها، و حينها صفق الشباب و الرجال مع أصوات البهجة و الضحكات من الفتيات و النساء و قام «عامر» حينها بالتصفير عاليًا بصوته و معه «أحمد» أيضًا، أما «ياسين» فرفع كفه يكفكف دموعها وهو يبتسم لها بسمته الصافية فوجدها تجهش في البكاء من جديد فسألتها «زُهرة» بتعجبٍ:

"بتعيطي ليه طيب يا خديجة ؟! هو مزعلك ولا إيه ؟! مالها يا ياسين؟!"

رد على والدته بسخريةٍ:
"دا العادي، لو مكانتش عيطت كنت استغربت أصلًا، على رأي وليد دي عندها قنوات النيل مش قنوات دمعية"

وكزته بيدها السليمة، فوجدته يقترب منها ثم قبل رأسها أمامهم جميعًا، حينها مال «حسن» على اذن «وليد» يقول هامسًا:
"قوم اطرد الواد دا من هنا، دي فيها خراب بيوت الليلة دي يا وليد، عامل فيها المُتنبي ؟!"

ضحك «وليد» عليه و هو يرى نظرات «هدير» الموجهة نحو زوجها و كأنها تُلقيه بِسهام حادة، فحينها غمز لها «حسن» بخبثٍ و هي ترمقه بغيظٍ، بينما «ياسين» ابتعد عنها ثم اعتدل واقفًا وهو يقول بفخرٍ:
"دا كان حكم عليا و دي أول مرة رياض يحكم عليا بحاجة حلوة كدا، كل كلام الدنيا مش كفاية يوفيكي حقك يا خديجة"

ابتسمت هي بحبٍ فوجدت «خلود» تحتضنها بفرحةٍ و الفتيات حولها يطلقن أصواتًا عالية مُبهجة، فتدخل «رياض» يقول بفخرٍ بابنه:
"شوفتوا حلاوته ؟! ابني دا مربيه على الغزل الأصيل من و هو يدوبك ابن شهور"

تدخل «عامر» يقول ساخرًا:
"يا راجل ؟! دا على أساس إننا كنا بنروح مدرسة و هو بيروح دار البلاغة ؟! و لا هو درسه كان عند امرؤ القيس ؟! أنتَ يا بني مش كنت بتكره العربي و عمرك ما كنت بتطيق تذاكره ؟!"

وجه استفساره لـ «ياسين» بحنقٍ فوجده يلتفت له وهو يقول ببراءةٍ زائفة:
"أنا ؟! أنا طول عمري بحب العربي و كلمات العربي و بحب اللي بيحب العربي"

تدخل «حسن» يقول بضجرٍ منه و من نظرات زوجته التي ترمقه بها:
"خلاص تعالى اترزع بقى، دا إحنا داخلين على مرار طافح، الله يسامحك يا شيخ"

عاد «ياسين» إلى موضعه السابق، فوجد «خالد» يقترب منه قائلًا بهمسٍ:
"اقسملك بالله لو طلبت مني كلمة بالعربي، لاربيك على إيدي"

طالعه «ياسين» بلامبالاةٍ، فرفعت «عبلة» صوتها تقول بخبثٍ:
"ياريت يا جماعة تزودوا من الأحكام دي، دي أحكام سكر خالص، واخد بالك يا عمو مرتضى ؟! واخد بالك يا عمو رياض؟!"

رمقها «وليد» بغيظٍ وهو يرفع حاجبه لها، فوجدها تحدجه بنظرها، حينها رفع صوته قائلًا:
"أنتِ بتبصيلي كدا ليه ؟! مشبعتيش غزل بالفصحى ؟! دا السطح دا شاهد عليا، دا لو الحيطان بتنطق كان زمانها قالت"

ضحك الجميع عليهما سويًا، أما هي فتوعدت له بإشاراتها، فتدخل «وئام» يقول مغيرًا للأجواء:
"يلا يا جماعة دول بيتلككوا، الدور على مين يلف الإزازة؟!"

تدخل «خالد» يقول بنبرةٍ هادئة:
"الدور عليا أنا، يا رب يطلع اللي في بالي ؟!"

قال جملته وهو يقوم بتدوير الزجاجة على الطاولة الأرضية، و حينها توقفت أمام «عامر»، فرفع «خالد» صوته مُتشفيًا به وهو يقول:
"الله أكبر !! أنا شمتان و الله شمتان، الحمد لله يا رب"

ضحك الجميع عليه حتى الفتيات، بينما «عامر» سأله بضجرٍ:
"ما خلاص يا عم !! هو أنتَ ماسك حرامي ؟! انجز إيه الحكم"

ابتسم له بخبثٍ وهو يقول:
"تحكيلنا عن الحب الأول في حياتك ؟! و قد إيه كانت قصة مؤثرة"

رفعت «سارة» حاجبها وهي تقول بغير تصديق:
"لأ و الله ؟! دا بجد دا ؟!"

رد عليها «عامر» بلامبالاةٍ:
"آه بجد، فيها إيه يعني ؟! دي قصة حب تتحفر في التاريخ"

تدخل «طارق» يقول بنبرةٍ ضاحكة:
"لأ سمعني بقى !! احكي يا عامر ابوس راسك يا شيخ"

رفع رأسه بشموخٍ وهو يقول:
"دي ميس برديس بتاعة العربي، كنت بحبها أوي و كانت الوحيدة اللي بذاكر ليها، بس يا خسارة كسرت قلبي بدري"

سأله «أحمد» بتعجبٍ:
"يا ستار يا رب !! ليه كدا يا عامر"

رد عليه بأسى زائفًا:
"أخر حصة مراجعة في تالتة إعدادي جابت حفيدها تعرفني عليه، و فين ؟! في المكان اتولد فيه حبنا"

تدخل «وليد» يقول بسخريةٍ:
"قصدك في المكان اللي بدأ فيه شرحنا، دي قصة عاطفية دي ؟! فين أهلك يربوك"

رد عليه هو بسخريةٍ:
"أنا كنت بحبها علشان ريحة الأكل بتاعها يا عم، كانت عليها صينية بطاطس بالفراخ يوم الجمعة، كانت بتجيب من أول الشارع لأخره"

تدخل «رياض» يقول بنبرةٍ ضاحكة:
"الحب في كل الدنيا بيبدأ من أول نظرة عند عامر بدأ من أول طَشة"

انتشرت الضحكات عليه بينما هو قال بقلة حيلة و طغى على نبرته الغُلب:
"أعمل إيه يا جماعة ؟! أنا عندي القلب و المعدة مفتوحين على بعض، مش ذنبي إن مشاعري بتتحرك بالأكل، تركيبتي كدا"

رد عليه «محمود» بتعجبٍ:
"لا حول ولا قوة إلا بالله !! دا مرض دا يا بني ؟! يعني لو قولنالك تقول كلام زي ياسين، هتقول إيه؟!"

تدخل «حسن» يقول بمرحٍ:
"هيبدع طبعًا، أكيد هيفتح قناة طبخ في وشنا"

تدخل «ياسين» يقول بخبثٍ:
"قولهم كدا يا عامر الشعر اللي قولته في عيد ميلاد مراتك، خليهم يشوفوا نبذة عن الرومانسية بتاعتك"

ابتسمت هي بخجلٍ بينما هو حمحم بقوةٍ ثم رفع رأسه بشموخٍ وهو يقول:

"ياللي قلبك أبيض زي اللبن و عيونك زبادوه، كل الناس عندي جبنة قديمة و أنتِ لوحدك جاتوه"

انتشرت الضحكات عليه بقوةٍ تزامنًا مع تصفيقهم نتيجة الضحكات و المرح، بينما «جميلة» سألت «سارة» بتعجبٍ:
"هو قالك كدا بجد ؟!"

حركت رأسها موافقةً و هي تضحك بخجلٍ طفيف، فتدخل «خالد» يقول بنبرةٍ ضاحكة:
"شوفوا ياسر بقى لما يحب بالطب، قسمًا بالله ما شوفت زيهم"

سأل «وئام» بدهشةٍ:
"حتى أنتَ يا ياسر ؟! قولت إيه"

رد عليه بخجلٍ طفيف:
"كلهم دوا مؤقت زي الأوجمنتين و أنتِ لوحدك ثابتة زي الفيتامين"

ضحكوا جميعًا مرةً أخرى و تلك المرة على «ياسر»، فسأل «محمد» بحيرةٍ:
"طب كدا سمعنا ياسين و عامر و ياسر، فين بقى خالد ؟!"

رد عليه «خالد» بتعجبٍ:
"لأ أنا بتاع مُحاسبة، هقول إيه يعني ؟!"

رد عليه «وليد» بسخريةٍ:
"يعني هي جت عليك قول أي حاجة يا عم، متبقاش قطاع أرزاق"

رد عليه «خالد» بثباتٍ:
"طب على فكرة بقى أنا يجي مني، بس أنا براعي مشاعر الأخوة اللي حواليا"

رد عليه «طارق» بضجرٍ طفيف:
"يا عم إخواتك مسامحين، قول بقى، حاسس إنك هتتحفنا"

رد عليه بنبرةٍ مرحة:
"كلهم مشغولين بالمالية و أنا مشغول بعيونك الحلوة ديا"

ضحكت «ريهام» بخجلٍ حينما سمعته بعدما رفع صوته حتى يصل لها، و حينها صفق الشباب له و تحديدًا «ياسين» الذي قال بنبرةٍ ضاحكة:
"دا مش سهل دا، طلع مخبي حاجات حلوة أهوه، بس الحمد لله إنه بيقول أصلًا"

تدخل «حسن» يقول بغلب:
"و الله العظيم  يا جماعة غصب عننا، الكلام الحلو مش سكتنا، بس لما بنقول بنقزل حاجات حلوة أوي"

ابتسمت «هدير» رغمًا عنها حينما استشعرت أن حديثه موجهًا إليها، فوجدته يعتذر لها بنظراته، حينها ابتسمت له هي و كأنها تطمئنه بذلك، أما «خديجة» فشعرت بالألم في عظامها و تحديدًا ذراعها الذي حملت عليه «فارس» و رغمًا عنها تألمت بصوتٍ و هي تجاهد بالثبات، فانتبهت لها «خلود» و «سلمى» معًا و قبل أن تقترب أيًا منهما تدخل «يونس» بلطفه المعتاد يربت على ذراعها ثم قبل وجنتها، فتحدثت «سلمى» تقول بتأثرٍ:
"بجد يا جماعة يونس دا عسل أوي، ربنا يحميه و يبارك فيه، دا مادة خام للُطف و الحلويات"

ردت عليها «خديجة» بصوتٍ متألم و هي تجاهد للحديث:
"يونس.... دا حبيبي.....بيهون عليا و الله، حتى لو تعبانة بجد، حنيته بتنسيني التعب"

لاحظت «زينب» صوتها المتقطع فسألتها بقلقٍ:
"مالك يا خديجة ؟! صوتك تعبان كدا ليه؟!"

انتبه «ياسين» لحديث حماته، حينها ترك مجلسه ثم اقترب منها يقف مقابلًا لها وهو يسألها بلهفةٍ:
"مالك يا خديجة ؟! فيه حاجة تعباكي ؟!"

حركت رأسها موافقةً بإيماءةٍ بسيطة و هي تقول بنفس الصوت المتقطع:
"ضلوعي وجعاني.... و حاسة إني مش قادرة اتنفس يا ياسين"

تدخل «حسان» يقول مُقترحًا:
"طب تنزلي ترتاحي شوية طيب؟! تلاقي البرد هو اللي تعبك"

وقف «طه» ثم اقترب منها يسألها بنبرةٍ هادئة يحاول بها إخفاء قلقه:
"طب تحبي انزلك ترتاحي شوية ؟! و هقعد معاكي تحت"

ردت عليه هي ترفض حديثه:
"لأ أنا كويسة الحمد لله....هو الدوا هاخده دلوقتي و هيهدي الألم شوية"

تدخلت «إيمان» تقول بضجرٍ:
"منها لله اللي كانت السبب، بجد أنا عاوزاها تقع تحت إيدي، مش مرتاحة إنها سليمة كدا"

تدخلت «جميلة» تقول بقلة حيلة:
"خلاص يا جماعة ربنا يسهلها بقى، لسه هتاخد عقابها من ربنا"

ردت عليها «عبلة» بحنقٍ:
"دا لو هي بتحس و عارفة يعني إيه عقاب من ربنا، إنما هي مكملة في الغلط، و ياريتها خارجة مكسورة و لا حتى مكسوفة، دي بتبجح فينا و بتدعي البيت يتهد فوق راسنا !! دي متستاهلش الرحمة"

طالعته «خديجة» بقلة حيلة و هي تفكر ماذ إذا علم أحدهم بتهديدها لـ «سلمى» و «خلود» ؟؟ بالطبع لن يستطع أيًا منهم تمالك أعصابه، طالعها «وليد» بتعجبٍ فعلم من نظرتها أنها تعلم سبب المشاجرة، و فى تلك اللحظة اقترب منها «ياسين» بالدواء يُعطيه لها و الحزن يرتسم على ملامحه لما آلت إليه و هي لم تقترف ذنبًا واحدًا يقع عليها، بعدما تناولت هي الدواء ابتسمت له ثم أغلقت عينيها تحاول استنشاق الهواء فحتى تلك العملية البسيطة لم تقوى عليها، فحمل هو «يونس» على ذراعه وهو يقف يتابعها بتمعن، بينما «طه» اقترب منها يجلس على ركبتيه أمامها وهو يربت على رأسها و ذراعها السليم، فتحت عينيها ظنًا منها أنه «ياسين» لكنها تفاجئت بوالدها، وهو يطالعها بعينيه الدامعتين، حينها تحدث «رياض» بضجرٍ:

"لولا أني عارف إنك طيبة يا خديجة، كنت سجنت منة دي و رفعت عليها قضية، بس أنا عارف إنك مش هتوافقي على حاجة زي دي"

ردت عليه هي بصوتٍ خافت:
"مقدرش يا عمو على حاجة زي دي، دي بنت برضه مينفعش تدخل قسم و تتبهدل بالشكل دا، و على فكرة م علشانها أنا معنديش شفقة عليها خالص، أنا بشفق على مامتها، اللي متستاهلش كل دا"

رد عليه «وليد» بضجرٍ:
"أنتِ طيبة يا خديجة و للأسف طيبتك بتظلمك، لا منة ولا أبوها و لا أمها يستاهلوا الشفقة، أبوها مدلعها و سايب لها الدنيا على البحري و أمها سلبية و شخصية غريبة قدام عمايل بنتها و هي نفسها معندهاش ضمير و لا ذرة ندم واحدة تخليني أحس بشفقة ناحيتها، مش كل الناس تستاهل الشفقة"

رد عليه «طه» بانزعاج:
"خلاص بقى يا وليد أهم غاروا في داهية تاخدهم، و يحمد ربنا إن بنته مشرفتش في الحبس بعد اللي حصل منها دا كله"

ردت عليه «هدى» تستفسر منه:
"هو فعلًا يا عمو كان ممكن تتسجن؟!"

تدخل «رياض» يقول مُفسرًا:
"آه طبعًا التقرير بتاع علاج خديجة أكتر من ٢١ يوم علاج، يعني دي جُنحة و ممكن تتسجن و أجبلها حكم محترم و ادفعها غرامة، بس علشان العِشرة و الجيرة أنا مدخلتش، و علشان متبقاش بنت رد سجون"

تدخلت «خلود» تقول بضجرٍ:
"ياريت تتحبس و ياريت عمرها يضيع في السجن و هفضل عايشة مستنية اليوم اللي حق خديجة يرجع فيه منها، علشان هي كانت قاصدة تزقها، و لحد اللحظة الأخيرة مشوفتش عندها رحمة و كمان بتبجح و تقول لأحمد أني أنا اللي زقيتها !! و قبلها حاولت تضرب سلمى، فيه إيه هي سايبة ؟!"

تدخل «طارق» يسأل بتعجبٍ:
"و ليه كل دا ؟! ليه تضرب سلمى و ليه تعمل كل دا، يا جدعان هي مش لسه في الجامعة ؟!"

ردت عليه «سلمى» بقلة حيلة:
"علشان عرفت إن أنا و خلود هنمنعها عن أحمد، و علشان خلود قالت ليها إن أحمد هيخطبني أنا، ساعتها حاولت تضربني بس أنا زقيتها و نزلت، و خلود فضلت معاها لحد ما خديجة طلعت"

تدخلت «سارة» تقول بأسى و حزن طغى على صوتها:
"زي بنت عمي برضه نفس البجاحة، جت ضربتني في المحل بتاعنا و راحت تعمل محضر فيا أني اتهجمت عليها، و فتحت راسها و اتهمتني أني عملت كدا"

طالعها الجميع بدهشةٍ فتدخل «عامر» يقول بفخرٍ:
"يعني هو أنا سكت ؟! روحت فتحت دماغ عمك بجد، علشان المحضر يستاهل"

سأله «حسن» بتعجبٍ:
"ليه حصل إيه علشان كل دا؟"

رد عليه مُردفًا:
"سارة لما والدها حس إنه تعبان و عرف إن أخوه هياكل حق بناته و يظلمهم ساعتها راح كتب المحل بتاعه و البيت ليهم، أخوه رفض و فضل يعمل مشاكل و حوارات و علشان هما مكانش معاهم راجل معرفوش ياخدوا معاه حق و لا باطل، لحد ما اتقدمت ليها و جه يتكلم عنها وحش و يتهمهم بالسرقة، على أساس أني ناقص رجولة يعني و هصدق و أسيبها، لما ماخدش معايا حق ولا باطل راح سلط بنته و شوية ستات عليها، و قبل ما القسم ياخد مراتي كنت مسيح دم الحج"

رد عليه «مرتضى» بفخرٍ:
"تصدق أنا عرفت دلوقتي حبيتك ليه ؟! جدع ياض يا عامر، ربنا يخليكم لبعض و اتعود اللي يجي على سكة مراتك تفرمه"

ابتسم له «عامر» بحب ثم حرك رأسه ينظر لزوجته التي ابتسمت له بفخرٍ، بينما «وليد» التقت عينيه بعيني «خديجة» فوجدها تشير له بعينيها تطلب الحديث معه في أقرب فرصة، و أبان ذلك «ياسين» كان واقفًا يحمل «يونس» على يده وهو يربت على ظهره حتى نام الآخر بين أحضانه مُشددًا قبضته على سترته فرفعت رأسها تبتسم له و هي تراه مع صديقه الصغير الذي احتل مكانةً كبرى في قلوب الجميع.
_________________________

بعد انتهاء تلك الأمسية رحل الغرباء عن البيت و ظل أهله فقط، و بعدها كلًا منهم توجه نحو مسكنه، و في غرفة «خديجة» بعدما أنزلها «ياسين» و «وليد» و جلست على الفراش و قبل رحيل «وليد» أمسكت يده و هي تقول بنبرةٍ جامدة:
"لأ استنى عاوزاك و عاوزة اتكلم معاك، اقعد"

تحدث «ياسين» بصوتٍ هادئ:
"طب هسيبكم تتكلموا شوية مع بعض، و هبقى آجي أشوفكم"

ردت عليه هي بنبرةٍ جامدة:
"لأ خليك يا ياسين، اقعد أنتَ كمان أنا عاوزاك"

جلس كليهما أمامها على الفراش، فتحدثت هي بنبرةٍ مقررة تسأل «وليد»:
"حصل إيه يا وليد مع منة بالظبط ؟! و الصور راحت فين؟! و عرفت إزاي باللي حصل"

انكمش ما بين حاجبي «ياسين» بينما «وليد» زفر بقوةٍ ثم قال:
"أنا كنت عارف إنك عارفة، و كنت عارف إن واحدة منهم  هتقولك، و أكيد دي سلمى"

ردت عليه هي مؤكدة:
"آه سلمى ، قولي بقى الزفتة دي كان معاها إيه و أنتَ عملت إيه"

تنحنح هو يُجلي حنجرته ثم قال بهدوء:
"لما ياسين خد الكرسي و دخل ليكي أوضة الجبس، ساعتها سلمى كلمتني و هي بتعيط و قالتلي إن كل اللي حصل دا بسببها هي و خلود و إن منة مهدداهم تفضحهم في السنتر و هتنزل صورها القديمة اللي معاها، الدم غلي في عروقي و زاد أكتر لما دخلت الأوضة و شوفت منظرك، جيت هنا لقيت خلود بتعيط و دي أول أشوف خلود في الحالة دي، ساعتها شاورت لمشيرة و هي فهمتني، أنا عارف إنك من الأول هتعترضي و هتزعلي بس أنا معرفش أنام و حقي برة، و منة جت على حقي بالجامد، علشان كدا كان لازم اتصرف"

تدخل «ياسين» يسأل منفعلًا بضجرٍ:
"كل دا هي عملته ؟! دا غير اللي عملته في خديجة ؟؟ بتهدد بنات تفضحهم ؟! هي إيه معندهاش دم؟!"

رد عليه «وليد» بقلة حيلة:
"مفيش دم و لا إحساس، دي واحدة معندهاش ذرة ندم على اللي عملته، أصل مراتك طيبة و فاكرة الناس كلها زيها"

ردت عليه هي بضجرٍ:
"لأ....أنا فرحانة فيها و في اللي اتعمل فيها كمان، عارف ليه علشان أنا كنت بشفق عليها و كنت بقول تربيتها السبب، بس هي خدت كل حاجة أي حد في سنها يتمناها، أهل و صحاب و فلوس و تعليم، حاجات غيرها كان بيتمناها، بس هي مش محترمة، علشان هددت أخواتي بحاجة هما ملهمش ذنب فيها"

تدخل «ياسين» يسألها بتعجبٍ:
"هي الصور دي فيها إيه ؟! فيها حاجة تضر يعني؟!"

رد عليه «وليد» مفسرًا:
"سلمى لسه متحجبة هي و خلود من قريب، سلمى كانت متصورة مع منة بشعرها و في البيت عادي زي أي بنات، بس منة هددتهم بيها، علشان هما مدوش خوانة ليها"

سأله «ياسين» بلهفةٍ:
"طب و الصور دي فين ؟!"

رد عليه يجاوبه مُطمئنًا له:
"متخافش مسحتهم، مشيرة و هي بتضربها عملت نفسها هتقع على الكنبة روحت أنا لحقت مشيرة و هي أدتني التليفون في إيدي لما خدته منها، خلصت اللي عاوزه و رجعته تاني، و أكيد هي فهمت حاجة زي دي"

ربت «ياسين» على كتفه بفخرٍ وهو يقول:
"إيه الدماغ دي ؟! أنا مبسوط إنك في حياتي يا وليد، صحيح دماغ معلم"

ردت عليه «خديجة» بقلة حيلة:
"لأول مرة أوافق على حاجة زي دي و أقوله أني فرحانة بيه، صحيح مينفعش نفتح تليفونات حد بس دي تستاهل"

رمقها «وليد» بغيظٍ وهو يقول:
"بس يا بت اسكتي، طيبة قلبك دي هتلبسك في الحيطة....و على إيه ما أنتِ لبستي أهوه"

قذفته بالعلبة المجاورة لها وهي تقول بضجرٍ منه:
"غور من وشي، غور بدل ما أقوم أضربك"

رد عليها هو بسخريةٍ:
"أنا عاوزك تقومي، و رب الكعبة أنا عاوزك تقومي يا ستي، وريني"

ردت عليه هي بنبرةٍ شبه باكية:
"بس هعيط !! و الله هبهدلك و أعيط، مش كل تفكروني أني مش قادرة أتحرك"

اقترب منها يجلس بجوارها وهو يقول بنبرةٍ متأثرة اتضح بها حزنه لأجلها:
" دي فترة و هتعدي، و أنتِ هترجعي تاني أحسن من الأول، أنا بهزر معاكي علشان مش عاوزك تتوجعي و لا عاوزك تزعلي يا خديجة، أنا أحارب الدنيا كلها علشانك أنتِ"

حركت رأسها موافقةً ثم تحدثت بصوتٍ خافت:
"أنا عارفة أني عندك حاجة تانية، و عارفة إنك بتحاول تداري زعلك علشاني و أنا و الله يا وليد لو فيه حاجة مخلياني متوجعش هو أنتَ علشان عارفة إنك مش هتستحمل"

قبل رأسها ثم اعتدل واقفًا يطالعها بأعين دامعة و «ياسين» يتابعهما بتأثرٍ هو الأخر فوجدها تقول بهدوء:
"معلش يا وليد هات ماما تسرحلي شعري، مش هقدر أسرحه"

اقترب هو من التسريحة الخاصة بغرفتها يأخذ منها فرشاة الشعر ثم عاد لها وهو يبتسم بهدوء و في تلك اللحظة دلف «طه» الغرفة و في يده الدواء و زجاجة المياه، لكنه تعجب حينما وجد «ياسين» جالسًا على الفراش مقابلًا لها و «وليد» يقف مجاورًا لها و في يده فرشاة الشعر الخاصة بها، فسأله بتعجبٍ:
"رايح فين يا وليد ؟! إيه اللي ماسكه في إيدك دا"

رد عليه مفسرًا:
"رايح اسرح لخديجة شعرها، خير يا عمي ؟!"

اقترب «طه» من الطاولة يضع عليها الدواء ثم جلس بجوارها وبعدها مد يده لـ «وليد»، فقطب جبينه بتعجبٍ و «ياسين» أيضًا فقال هو بخجلٍ:
"هات هسرحلها شعرها....أنا بعرف"

اتسعت أعين الثلاثة بعد حديثه بينما هو قال بنبرةٍ جامدة حتى يخفي خجله منهم:
"هات يا رخم أنا اللي هسرح ليها شعرها"

رد عليه «وليد» بوقاحةٍ:
"لأ أنا اللي هسرح ليها بقى، أنا متعود اسرح ليها من واحنا صغيرين"

تدخل «ياسين» يقول مُقترحًا:
"طب ممكن أنا أسرح ليها شعرها بدل ما تتخانقوا كدا؟! أسهل يعني"

رد عليه «وليد» معاندًا:
"لأ أنا بقى اللي هسرح ليها شعرها، أنا قديم في الموضوع دا، أنتم جداد لسه"

رد عليه «ياسين» بنبرةٍ جامدة:
"على فكرة دي مراتي"

_"على فكرة بقى دي أختي"
تفوه «وليد» بذلك بنفس الجمود، و هي تطالعهم بدهشةٍ حتى تدخل «طه» يقول بنبرةٍ جامدة:
"بس أنتَ وهو !! لا مراتك و لا أختك، أنا اللي هسرح شعر بنتي، و كلمة كمان هطردكم برة الأوضة"

حركت رأسها بسرعةٍ تنظر لوالدها فوجدته يخطف الفرشاة من «وليد» الذي ابتسم بخبثٍ وهو يطالع «ياسين» الذي ابتسم له هو الأخر بعدما توصلا لما يريده كليهما، بينما «طه» جلس خلفها ثم فك خصلات شعرها والعبرات تلمع في مقلتيه و هي أيضًا تحاول التحكم في دموعها، حتى بدأ «طه» في ترتيب خصلاتها، و قبل أن ينهي عمله تدخل «وليد» ثم سحب منه الفرشاة يقوم بصنع الجديلة المُفضلة لها، و قبل أن ينهيها أشار لـ «ياسين» حتى يُكمل ما بدأه هو، حينها ابتسم «ياسين» وهو يقول بسخريةٍ:
"دا علشان نبقى راضينا كل الأطراف يعني ؟! ماشي يا سيدي"
أكمل هو ما بدأه كليهما ثم حرك رأسه للأمام ينظر لها فوجدها شاردة الذهن تنظر للفراغ أمامها، أدرك هو حينها أنها على مشارف البكاء، فرفع نفسها ثم ربت على رأسها بهدوء، بينما «طه» توجه نحو الطاولة يأخذ الدواء ثم أعطاه لها بعدما انتبهت هي له و الدموع تلمع في عينيها، و بعدما تناولت الدواء انسحب هو من الغرفة محاولًا الهروب من ذكرى أليمة حفرت في قلبيهما سويًا، و لحقه «وليد» للخارج بعدما نظر لـ «ياسين» نظرةً التقطها الأخر ثم حرك رأسه موافقًا، و بعد فراغ الغرفة حولهما حملها هو ثم عدل وضعها على الفراش حتى تستطع فرد ظهرها، و بعدها جلس بجوارها يسألها بهدوء:

"مالك ؟! إيه اللي مزعلك و مخليكي مسهمة كدا قصادك"

حركت رأسها تنظر له وهي تقول له بنبرةٍ تائهة و الدمع يترقرق في عينيها:
"مسهمة علشان اللي حصل.....عارف اللحظة دي اتمنيتها قد إيه ؟! عارف كام مرة اقول لنفسي أني لا يمكن أوافق بعد العمر دا كله إنه يقرب مني بالدرجة دي؟! بس أنا ضعيفة أوي قدام حنيته عليا، حاسة إنها من حقي و حاسة أني عاوزة أكتر من كدا، بس الحاجة لما بتيجي متأخر بتبقى غريبة، أو جايز أنا اللي مش عارفة اتقبلها"

تنهد هو بعمقٍ ثم قال بهدوء:
"تيجي متأخر أحسن من مفيش يا خديجة، عارفة فيه كام واحد مات و ساب وراه عياله من غير ما يدوقوا حنانه؟! احمدي ربنا إنه فاق و ربنا يبارك في عمره لحد ما تعوضوا كل حاجة فاتتكم أنتو الاتنين"

حركت نفسها للأمام حتى تستطع الوصول له فوجدته هو يقترب منها ثم احضتنها بهدوء حتى لا تصطدم به بكتفها، فوضعت رأسها على كتفه ثم أغلقت جفنيها بشدة فوق عينيها، فرفع حينها كفه ثم ربت على ظهرها وهو يعلم مدى قسوة ما تشعر به.
_________________________

فوق سطح البيت ظل «طارق» جالسًا مع «وئام» و «فارس» حتى نزل «وئام» مع ابنه و تركه بمفرده، فرفع «طارق» رأسه للأعلى ثم رفع صوته يدندن بأريحية كلماتٍ لأغنية قديمة:

"على حسب وداد قلبي يا أبويا راح أجول للزين سلامات.... سلامات ....سلامات.... سلامات....سلامات....
سلامات... سلامات.... على حِسب وداد جَلبي يا أبويا......ضيعت عليه العمر يا أبويا دا أنا ليا معاه حكايات.... حكايات.... حكايات....على حسب وداد جَلبي يا أبويا.... على حسب وداد جَلبي يا أبويا راح أجول للزين سلامات....على حسب وداد جَلبي يا أبويا.....ضيعت عليه العُمر يا ابويا....دا أنا ليا معاه حكايات....حكايات..."

كان يدندن بصوته الرخيم الهادئ نسبيًا دون أن ينتبه لتلك التي تقف في الخلف و معها طبق حلويات صعدت له حتى يتناولاه سويًا، و حينما خطت بقدميها حتى تقترب منه حرك رأسه للخلف فوجدها تقول بخجلٍ طفيف:
"أنا أسفة أني طلعت فجأة كدا، بس قولت تدوق الحلويات اللي عملتها أنا و ماما، و قولت تدوقها علشان أنتَ معرفتش تاكل منها"

حرك رأسه موافقًا وهو يبتسم لها فوجدها تجلس بجواره على الأرض ثم وضعت الطبق على الطاولة و هو لازال يُطالعها ببسمةٍ هادئة حتى وصلت البسمة لعينيه و كأنها تبتسم هي الأخرى، فحركت رأسها باستفسارٍ لم تفصح عنه فوجدته هو يقترب منها ثم قبل وجنتها فجأةً، شعرت هي بارتفاع ضربات قلبها فوجدته يقول بهدوء:
"وحشتيني يا جميلة....الحصار هيتفك إمتى من علينا؟!"

حركت كتفيها بقلة حيلة فوجدته يشير برأسه نحو الطبق وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"طب كُلي معايا يلا، مبعرفش أكل لوحدي"

ابتسمت له و هي تحرك رأسها موافقةً ثم أمسكت قطعة الحلوى وهو أيضًا و قبل أن تتناولها سألته بنبرةٍ يشوبها مرحٍ طفيف:
"بس إيه الروقان دا ؟! على فكرة صوتك حلو"

ابتسم هو لها ثم ابتلع ما فمه ثم قال بخجلٍ طفيف:
"مش أوي، أنا بس بحب أدندن شوية كدا، و الأغنية دي ليها مَعزة خاصة عندي زيك كدا"

حركت رأسها و هي تبتسم له فوجدته يقول بنبرةٍ هادئة:
"عبد الحليم لخص حياتي معاكي في أغنية واحدة بتخليني أسرح فيها يا جميلة، من أول ما عيني شافتك على إيدي و أنتِ صغيرة لحد ما فارقتيني و أنتِ كل حاجة ليا، لحد ما رجعتيلي تاني و لحد ما الروح ردت فيا بكلمة منك، هي دي حياتي معاكي، كانت كلها ليكي"

ابتسمت هي بسمتها الهادئة فوجدته يدندن بصوته الهادئ:
"ضيعت عليه العُمر يا ابويا....دا أنا ليا معاه حكايات..... حكايات....حكايات.....ضيعت عليه العُمر يا ابويا....دا أنا ليا معاه حكايات.....موال..... موال الصبر أهو داب من يوم الحب ما غاب....ولا عمر يا ليلي يا عيني.... يا عيني....يا ليلي.....ما اتقرب لينا احباب....موال.....موال الصبر أهو داب من يوم الحب ما غاب....ولا عمر يا عيني.... يا ليلي.....يا ليلي....يا عيني....ما اتقرب لينا احباب.....و أنا صابر على المقسوم...يمكن يرجعلي في يوم....و أنا صابر على المقسوم....يمكن يرجعلي في يوم....و تكونلي معاه تاني يا أبويا....أيام حلوة و حكايات.... حكايات.... حكايات... حكايات...على حسب وداد جَلبي يا أبويا"

اتسعت بسمتها أكثر من قبل فوجدته يتنهد بعمقٍ ثم قال:
"أهو المقسوم اللي رضيت بيه، ربنا كرمني فيه، و رجعت الحكايات تاني معاكي"

ردت عليه هي بخجلٍ:
"دا نصيب و مكتوب يا طارق، مين كان يصدق إن الحكاية تكون نهايتها كدا، و مين كان يصدق أني أرجع تاني لحياتي و دنيتي هنا"

ابتسم وهو يحرك رأسه موافقًا فوجدها تخرج هاتفها له ثم قالت بخجلٍ:
"أنا كنت عاوزة أخد رأيك في الفستان....هو....بص شوف دول كدا، دول هيكون عليهم الخمار"

أخذ منها الهاتف بعدما فتحته له على الصور الخاصة بالفساتين الخاصة بالزفاف، و بعدما شاهدهم جميعًا أعطاها الهاتف دون أن يتحدث بكملةٍ واحدة حتى ملامحه لم تدل على شيئًا حتى شعرت هي بالإحباط فوجدته يخرج هاتفه ثم قام بفتحه على صورةٍ ما ثم مد يده لها به دون أن يتحدث، انكمش ما بين حاجبيها و هي تراه يمد يده لها بهاتفه و حينما أخذته منه شهقت بقوةٍ و هي ترى فستانًا باللون الأبيض و فوقه حبات تشبه اللؤلؤ منثورة على الكتفين و فوقه خمارًا باللون الأبيض الناصع، حركت رأسها له فوجدته يقول بنبرةٍ هادئة:
"دا الفستان اللي أنتِ هتلبسيه يا جميلة، طبعًا دا لو عجبك، بس أنا شوفته و مش متخيل حد غيرك يلبسه و مش متخيل إنك تلبسي حاجة غيره، عجبك ؟!"

ردت عليه هي بلهفةٍ:
"أوي يا طارق.... بجد حلو أوي و رقيق أوي، نفس اللي كنت عاوزاه بس معرفتش أوصل و جبت أقرب حاجة ليه، أنا افتكرتك مش مهتم بحاجة زي دي"

تحدث هو بتهكمٍ يسخر من حاله:
"دا أنا عايش علشان اليوم دا يجي، تيجي تقوليلي مش مهتم ؟! كل الحكاية بس أني تقيل شويتين، يعني بشتغل بروقان، من ساعة ما عرفت إن أنتِ و عبلة كلمتوا مرات عامر علشان فساتين الفرح و أنا عمال أدور على الفساتين اللي اتمنيت اشوفكم فيها اليوم دا"

أقتربت منه ثم أمسكت يده و هي تقول بلهفةٍ:
"طارق.... أنا بحبك أوي و الله، أنتَ أحلى مما تخيلت بكتير، كل الدعاء اللي كنت بدعي ربنا بيه استجابته كانت فيك أنتَ، و جيت أكتر ما تمنيت"

ابتسم هو باتساعٍ لها فوجدها تمسح دموعها ثم ابتسمت له بينما هو قال بنبرةٍ ضاحكة:
"على رأي حماقي، النهاردة كلامنا سُكيتي و بكرة تبقى في حضني و بيتي، هيجي يوم و أرد على الكلام الحلو دا"
ارتفع صوت ضحكاتها بقوةٍ عليه فوجدته يضحك معها هو الأخر و عينيه تراقبها بشغفٍ و كأنه يجبر عقله على استيعاب وجودها أمام عينيه بعد طول انتظارٍ و كأنها الغيث بعد سنين العجاف.
_________________________

في شقة «محمود» ذهب هو للنوم بعدما تناول العشاء مع ابنته و زوجها، بينما «هدير» قامت بتنظيف الطاولة و قبل أن تقوم بغسل الصحون وجدت «حسن» يأخذهم منها وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
" هاتيهم هغسلهم أنا يا هدير، متتعبيش نفسك أنتِ"

حركت رأسها بتعجبٍ وهي تقول:
"يا سلام ؟! طب ما أنا بغسلهم كل يوم يا حسن مفيهاش حاجة"

رد عليها هو مُسرعًا:
"هو أنتِ لو متعَبتنيش و جادلتي معايا يجرالك حاجة ؟! هاتي يا ستي"

ردت عليه هي بلهفةٍ ممتزجة بالحزن:
"أنا بتعبك ؟! بجد يا حسن بتعبك ؟!"

رد عليها هو مفسرًا حديثه:
"يا ستي بهزر معاكي، مالك خدتي الكلام على أعصابك ليه؟!"

زفرت هي بقوةٍ ثم قالت بصوتٍ تائه:
"مش عارفة يا حسن....حاسة أني مخنوقة أو يمكن متضايقة....و مش عارفة أقول إيه علشان مفيش حد هيفهمني، بس أنا محتاسة.... حاسة أني منعكشة"

أخفض رأسه ينظر على رأسها وهو يقول بنبرةٍ عادية ممتزجة بالامبالاةٍ زائفة:
"شعرك كويس أهوه مش منعكش و لا حاجة، مالك بقى"

ردت عليه هي بضجرٍ ممتزج بخبثٍ طفيف:
"مش بهزر يا حسن و الله....بس حاسة أني مخنوقة و الله، قولي يا حسن الإنسان يروح فين لما يحس نفسه مخنوق و مش لاقي مكان يقبله"

رد عليها هو مُقررًا:
"يروح زي الشاطر يتوضا و يصلي ركعتين لله و يلم نفسه"

طالعته بخجلٍ منه فوجدته يضيف بعدما ابتسم لها:
"بعدها يجي لأبو علي علشان يهون عليه"

اتسعت بسمتها أكثر حتى تحولت إلى ضحكةٍ عالية فوجدته يحدجها بنظرةٍ حادة وهو يقول:
"روحي صلي يلا لحد ما أجيلك، هغسلهم و أجي وراكي، و ادعيلي معاكي بلاش تدعي عليا"

ردت عليه هي بسخريةٍ:
"هدعيلك ربنا يجبر بخاطرك"

قالت جملتها ثم رحلت من أمامه بعدما رمقته بغيظٍ بينما هو حدث بتعجبٍ:
"شكلها بتلمح"

بعد مرور دقائق أنهت «هدير» صلاتها و دعائها ثم وقفت تخلع إسدال الصلاةِ و هي ترفع السجادةِ من على الأرض، ثم جلست على الفراش تنتظر قدوم «حسن»، و بعد مرور ما يقرب الدقيقتين من انتظارها دلف الغرفة و هو يبتسم لها و رافق بسمته تلك قوله:
"اتأخرت عليكي ؟!"

حركت رأسها نفيًا فوجدته يجلس مقابلًا لها على الفراش وهو يسألها بهدوء:
"مالك يا هدير ؟! ليه زعلانة و باين في عينيك كدا؟"

تنهدت هي بعمقٍ ثم قالت بصوتٍ حزين:
"زعلانة يا حسن....منة و اللي قالته النهاردة قدامك دا خلاني مكسوفة منك، مش زعلانة علشان أنا جربت الإحساس بس زعلانة علشان هو إحساس صعب، منة معاها حق، أنتَ متعرفش أنا كنت عاملة إزاي؟! أنتَ كنت بتشوفني من بعيد متعرفش حاجة عني، أنا دلوقتي حاسة أني عاوزة أقوم أضرب نفسي، حاجة جوايا بتقولي إن اللي زيي شخص وحش"

أمسك كفها بين كفيه وهو يقول بهدوء:
"لأ مش وحشة، أنتِ جميلة و حنينة يا هدير، صحيح كنتي بتحاولي تداري حنيتك دي بس هي موجودة، بلاش تخلي الشيطان يضحك عليكي و يفهمك إن توبتك مش نافعة علشان هو دا دوره إنه يعرفك إن توبتك مش نافعة و إنك مهما تعملي ربنا مش هيقبل منك، الشخص اللي إيمانه قوي و مؤمن بربنا و حكمته هو اللي ميستسلمش للشيطان و لـلعبه بدماغنا يا هدير، قولتلك مليون مرة أنتِ مش وحشة، بس أنتِ ملتقيش حد يشاورلك على الحلو اللي فيكي، زي الهدية اللي متغلفة بس من برة عليها تراب، و محدش قادر يجازف و يشيل التراب دا، رغم إن الهدية من جوة حلوة و تستاهل المجازفة، بس هي كانت هدية من نصيب واحد بس قِدر يشوف الحلو من قبل حتى ما يفتح الهدية"

ارتمت عليه تتشبث به بقوةٍ فوجدته يربت على ظهرها وهو يقول بعدما تنهد بعمقٍ:
"أنا و الله بحبك زي ما أنتِ كدا، قابلك بكل حاجة فيكي يا هدير، بالعيوب قبل المميزات، كفاية أني بلاقي نفسي معاكي و بلاقي فيكي الونس و أنا الغريب في الدنيا دي"

ابتعدت عنه تطالعه بعينيها الدامعتين و هي تسأله بصوتٍ باكٍ:
"أنتَ قولت إيه؟!"

ابتسم لها وهو يقول بصوته الرخيم:
"بلاقي نفسي معاكي و بلاقي فيكي الونس و أنا الغريب في الدنيا دي"

ابتسمت هي بفرحةٍ فوجدته يمسك يدها ثم قال بهدوء:
"تعالي معايا ثواني كدا عاوزك"

وقفت معه فوجدته يمسك جهاز التحكم الخاص بتشغيل الموسيقى في غرفتها فبدأت كلمات الأغنية الرومانسية بالكلمات الآتية:
"الدنيا بترتب صدف و كل قلب و إحساسه....فجأة الطريق بينا بيقف و الحب بيجمع ناسه.....الدنيا بترتب صدف و كل قلب و إحساسه.....فجأة الطريق بينا بيقف و الحب بيجمع ناسه..."

مد يده لها و هو يبتسم بهدوء حتى تمسك يده و يرقصان سويًا، فعانقت هي كفه بكفها و هي تبتسم له ثم شرعت معه في الرقص على كلمات الأغنية و تكملتها:
"و إحنا اتقابلنا و جه أواننا....شوفتك بقلبي اللي اتمنى....وريتني أيام الجنة...و مليت بحبك أوقاتي....حـــلم حَــــيــاتـــي.....و صحيت وياك على يوم عيدي....حَضنك قلبي و لمساك إيدي.... و الفرحة أهيه عرفت مواعيدي.....كتري يا سنين منها و هاتي...."

لفها بيده عند الكلمات الآتية تدور مثل العروس بيده و كليهما يبتسم بفرحةٍ و الكلمات ترتفع حولهما:
"حـــلــم حِـــيـاتــي...كان سيرة في عمري اللي اتقضىٰ...كان صورة ما بين نظرة و غمضة....و خلاص يا عيوني من اليوم دا على حضنه هتصحي و هتباتي....علشان لبعض اطمنا و خلمنا و قلوبنا مأمنة....قدرنا نمشي بحبنا و نوصله لبيت أحلامنا.....علشان لبعض اطمنا و حلمنا و قلوبنا مأمنة....قدرنا نمشي بحبنا و نوصله لبيت أحلامنا.....يا كلمة طول عمري بقولها.....يا دنيا كان نفسي أدخلها
....دلوقتي هلمسها و أطولها.....و هتبتدي معاك حكاياتي.....حِــلــم حَـــيـاتـي...."

لفها مرةً أخرى في يده و هي تضحك أكثر من السابق حتى وجدته يضحك هو الأخر ثم توقف و هو يقول بنبرةٍ هادئة بعدما واجهته هي:
"أنا محظوظ من الدنيا بيكي أنتِ ..."

أبتسمت هي له بفرحةٍ فوجدته يغمز لها وهو يقول بخبثٍ:
"طب إيه مش هتسمعيني حاجة تبل ريقي يا هدير ؟!"

ردت عليه هي بلامبالاةٍ:
"ربنا يسترك و يجبر بخاطرك يا رب يا حسن"

تلاشت بسمته شيئًا في شيء فوجدها تضحك عليه اقترب منه تشبك يدها بذراعه و هي تقول بهدوء:
"أنا لما كنت زمان بحس إن محدش هيقبلني و إني شخص معندوش مشاعر كنت بفتكر مين ممكن يجي يغيرني و يخليني شخص تاني راضي عن نفسه؟! بس الحمد لله الإجابة كانت فيك أنتَ، أقولك على حاجة أول مرة صليت فيها بعد كلامنا سوا غصب عني من غير ما أحس دعيتلك معايا، لقيت نفسي بطلب من ربنا يريح قلبك و يكرمك، بس حقك عليا بقى طلعت أنا نصيبك"

قالتها بمرحٍ طفيف حتى تشاكسه فوجدته هو يقترب منها ثم رفع ذراعيه يضعهما على كتفه و هو يقول بنبرةٍ هادئة ممتزجة بعاطفته:
"و أحلى نصيب كمان، أنا بفرح لما بشوفك بتصلي و لما بصلي و أنتِ ورايا يا هدير غصب عني بحس بإحساس تاني كأن الدنيا كلها بقت معايا، أنتِ أكتر من اللي طلبته، أنا لقيتك و أنتِ لقتيني"

أمسكت يده تسحبه نحو الفراش و هي تقول بمرحٍ:
"لأ تستاهل الدعاء و الله، اتعلمت أهوه الكلام الحلو يا ابن المهدي"

ضحك عليها بيأسٍ بعدما وصلا إلى الفراش، و قبل أن تتحدث هي وجدته يقول بسخريةٍ:
"هاخدك في حضني مش لازم تقولي..... أصل أنا مش أهبل"

ابتسمت هي باتساعٍ فوجدته يقبل رأسها ثم ربت عليها بعدما أخذها بين ذراعيه و البسمة الصافية لم تفارق وجهه دون أن يشعر بنفسه هو.
_________________________

بعد ذلك اليوم بثلاثة أيام و كانت الأوضاع كما هي لم تختلف عن السابق كثيرًا، حيث كانت «خديجة» كما هي في غرفتها طوال اليوم برفقة فتيات العائلة بأكملها، و في المساء مع «ياسين» يقص عليها تفاصيل يومه و عمله و هي تشاركه يومها أيضًا، بينما «وليد» كان يوطد علاقته بـ «عبلة» و هو يشاركها يومه و يقوم معها باختيار الأشياء اللازمة لزفافهما و اختيار الفستان أيضًا و في وسط اليوم في شركة الشباب، دلف «وليد» الغرفة الخاصة بكلًا من «حسن» و «أحمد» فوجد الأخير بها بمفرده يقوم بعمل بعض التصميمات، فجلس بجواره وهو يقول بتعجبٍ:
"حسن راح فين ؟! مش كان هنا من شوية ؟!"

رد عليه «أحمد» مفسرًا:
"وئام كلمه من المطبعة و محتاجه هناك، خير عاوزه في حاجة ؟!"

حرك رأسه نفيًا ثم قال بنبرةٍ عادية:
"لأ عادي علشان هو كان معاك هنا و اختفى مرة واحدة، المهم صحيح عاوز أسألك على حاجة مهمة"

حرك رأسه له بحذرٍ يحثه على التحدث فوجده يقول مستفسرًا منه:
"قولي صحيح اتكملت مع خلود ؟! يعني عرفت توصل لكلام زي الناس و لا خبطت زي البهايم ؟!"

رفع «أحمد» حاجبه له وهو يقول بضجرٍ منه:
"مش ممكن لو كملت جملة زي الناس يجرالك حاجة، متخافش اتكلمنا سوا و فهمتها و هي فهمتني، خلود عاقلة مش طايشة"

رد عليه بتهكمٍ:
"و لما الاستاذ حلو كدا كان إيه لازمته الشك من الأول ؟!"

رد عليه يجاوبه بنبرةٍ جامدة:
"أنا راجل و دمي حر يا وليد، داخل أصحي أختي لقيت صورة واحد مفتوحة على تليفونها، لازم التفكير يلعب في دماغي، العِبرة في تصرفي، و أنا مدرك إن خلود هتعرف تختار مصلحتها صح"

سأله «وليد» باهتمامٍ طغى على نبرته:
"هو أنتَ قولتلها إيه بالظبط؟!"

رد عليه مُفسرًا:
"قولتلها إنها صغيرة و إن سنها صغير على العلاقات و التفكير فيها، و إن مهما كان هي لسه صغيرة، يعني دي حاجة بتروح و تيجي و المشاعر في الوقت دا بتكون مش مُستقرة، خلود كان لازم تفهم حاجة زي دي"

ابتسم له «وليد» بتعجبٍ وهو يقول ساخرًا:
"إيه التناقض دا ؟! طب ما سلمى صغيرة و الفرق بينهم سنة، هي دي اللي فرقت يعني؟!، كدا أنا شايفك أناني"

ابتسم له «أحمد» وهو يقول بخبثٍ:
"لأول مرة متفهمنيش صح، لو عرفت أنا بفكر إزاي هتغير رأيك"

سأله بحيرةٍ:
"طب ريحني و قولي بتفكر إزاي، اعتبرني غبي يا سيدي"

ابتسم له وهو يقول مُفسرًا وجهة نظره:
"أنا لو روحت طلبت إيد سلمى بعد ما تخلص ثانوية عامة محدش هيعترض، أنا راجل مخلص تعليمي و معنديش جيش، و عندي شقتي و شغلي اللي يخليني أقدر افتح بيت و أكون مسئول عنها و هي معايا، لكن عمار دا معاه إيه ؟! و لا أي حاجة، شاب لسه في أولى جامعة قدامه سنين دراسة طويلة، و قدامه جيش و قدامه مصاريف كتير و حياة فوق حياته، لو أنا فتحت لخلود سكة في التفكير يبقى بحكم عليها تستنى كتير، كدا كدا هي مش هتعمل حاجة، بس علشان متبقاش عايشة على أمل السنين،   والله أعلم هو مشاعره ليها هتفضل كدا ولا هتتغير ؟! دا غير إن لا أنا ولا سلمى فيه كلام بيننا، إحنا مستنيين تخلص الثانوية و تدخل جامعة علشان أخطبها رسمي، و غير كدا محصلش حاجة مننا، إنما خلود هخاف ألاقيها بتعشم نفسها على الفاضي"

ابتسم له «وليد» رغمًا عنه وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"صح، كان معاهم حق لما قالوا إنك عامل زيي، أول مرة حد يقنعني بتفكيره، هما لسه صغيرين و لو ليهم رزق و نصيب مع بعض يبقى ربنا هيجمع بينهم بكل الطرق"

حرك رأسه موافقًا ثم أضاف:
"خد الباقي بقى، أنا هركز مع خلود الأيام دي علشان متحسش إن فيه حاجة نقصاها، أي بنت في سنها بتروح تدور على الإهتمام من برة علشان مش بيلاقوه في بيتهم، مش عاوز أختي تحس إنها غريبة في بيتها"

ترك «وليد» مقعده ثم اعتدل واقفًا وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"لو عملت كدا فعلًا يبقى أنتَ كدا بتختار الطريق الصح اللي هيخلي خلود طول عمرها مرتاحة حتى لو من غير عمار، المهم أنا خلصت اللي ورايا بعتلك حاجات شوفها كدا و ظبط الترجمة بتاعتها و أنا ورايا مشوار مهم، سلام"
رد عليه التحية وهو يبتسم له ثم عاد لعمله مرةً أخرى و هو يفكر في حديثه.
_________________________

في عيادة الطبيبة النفسية انتظر «وليد» موعده بعدما هاتفته مساعدة الطبيبة تطلب منه المجيء إلى العيادة في موعد جلسته، دلف هو بهدوء وهو يبتسم لها فوجدها تقول مرحبةً به:
"يا دي النور يا دي الهنا...العيادة نورت"

ابتسم لها وهو يقول بنبرةٍ هادئة تزامنًا مع حركة يده وهو يشير بالجنون:
"منورة بأهلها يا دكتورة"

ردت عليه بيأسٍ:
"مفيش فايدة فيك، ماهو أنتَ بتتعالج هنا، يعني أنتَ مجنون؟!"

حرك رأسه نفيًا وهو يقول مفسرًا:
"خالص، على فكرة أي حد بيجي هنا بيصعب عليا، علشان هو جاي يتعالج من السبب اللي وصله لهنا، و السبب نفسه برة عايش حياته و نتيجة أفعاله ناس بتعاني منها"

حركت رأسها موافقةً ثم أشارت له على المقعد و هي تقول بنبرةٍ هادئة:
"طب يلا نبدأ جلستنا ؟! جاهز صح؟!"

حرك رأسه موافقًا ثم توجه نحو موضع إشارتها، لحقته هي حتى جلست على المقعد المجاور له و في يدها دفترها الصغير ثم سألته بنبرتها العملية:
"ها يا سيدي بقى، قولي الفترة اللي فاتت من بعد الجلسة حصل إيه؟! علاقتك باللي حواليك بقت عاملة إزاي؟!"

ابتسم لها وهو يقول بسخريةٍ:
"اكتشفت أني غبي، كان قدامي راحتي و أنا بدور عليها بعيد، بس منكرش إن لما سمعت كلامك ارتحت شوية"

سألته باهتمامٍ اتضح في نبرتها:
"إزاي بقى ؟! طمني و قولي إنك بدأت تسمع كلامي ككل"

حرك رأسه موافقًا ثم قال بقلة حيلة:
"أهم حاجة إن الأيام اللي فاتت أنا كنت بشارك عبلة يومي بكل تفاصيله، و فرحت أوي لما وصلنا لمرحلة أختيار الجهاز مع بعض، اكتشفت إن هروبي منها كان هو السبب اللي تاعبني في حياتي، بس لما بقيت بشاركها يومي و حياتي حاسس إن فيه حاجة أكبر من حبي ليها بتحركني"

ابتسمت له و هي تقول بفرحةٍ ظهرت في حديثها:
"بالظبط، هو دا يا وليد اللي أنا كنت عاوزاك تحسه في علاقتك معاها، عاوزاك تلقائيًا تشارك عبلة في يومك و تأمن ليها، لو العلاقة الرئيسية دي هي اللي بقت أمان ليك، يبقى تلقائيًا أي علاقة في حياتك هتاخد عندك فرصة تانية، دلوقتي بقى أقدر أركن عبلة على جنب"

حرك رأسه يطالعها بعدما انكمش ما بين حاجبيه بتعجبٍ، فأضافت هي مُفسرةً:
"بمعنى أني مش بعالجك علشان عبلة بس، لأ أنا بعالجك كشخص محتاج يصالح دنيته كلها، مينفعش أخلي عبلة محور العلاج، أنا هنا بستخدمها عامل مساعد في اللي جاي، بما إنها الشخص اللي عنده مكانة أكبر في حربك مع نفسك، قولي بقى كنت حاسس بإيه قبل كدا"

تنهد بعمقٍ ثم قال بأسى:
"أنا واحد الدنيا زعلته، و لما معرفش هو يزعلها دمرت نفسيته"

ابتسمت هي بحزنٍ ثم قالت بهدوء:
"تفتكر المُشكلة فين؟! فيها كدنيا و لا فيك كوليد؟! و لا في الاتنين مع بعض ؟!"

حرك رأسه يطالعها وهو يقول بصوتٍ خافت:
"مش فارقة المشكلة فين، اللي فارق إن فيه حد بيتعذب بسببها، كل ما اقعد مع نفسي كدا و أركز بسأل، الـ ٢٦ سنة دول أنا شوفت فيهم كل دا، اللي جاي هشوف فيه إيه؟! أنا شخص مكلكع لدرجة أني لما اتحبيت بجد و حد حارب علشاني أنا رفضت أصدقه، أنا مش وحش، بس دنيته هي اللي وحشة"

ردت عليه هي مُقررةٍ:
"و علشان كدا لازم تحارب و تتعافى، لو فضلت تسأل نفسك هي عاملة معايا كدا ليه مش هتلاقي حل، دلوقتي بقى هنركز أنا و أنتَ على حُسن النية"

قطب جبينه بتعجبٍ فوجدها تقول بنبرةٍ هادئة تفسر مقصدها:
"دلوقتي أي علاقة في الدنيا مهما كانت هي إيه لازم يكون فيه حسن نية، يعني حتى علاقتك بنفسك لازم تكون فيها النية خير، لأن مفيش حد في الدنيا هيقدر يتعامل مع حد من غير ما تكون نيته خير تجاهه، حتى لو نفسك"

نظر لها بتمعن فوجدها تقول بنفس الأسلوب:
"الفكرة في إضطرابات الثقة يا وليد قايمة كلها على النية، و هي إن نيتك دايمًا بتخمن الأسوأ، و دا بيأثر على العقل الباطن بمعنى إنه بيتملي بأفكار سلبية كتيرة، و عند المواجهة في العلاقات بتاخد وضع هجوم، الهجوم هنا بيكون بشكك فيهم، و التقليل منهم كأفراد، يعني لو حد قدم ليك مساعدة هتلاقي عقلك بينبهك إنه أكيد بيعمل كدا علشان مصلحة شخصية، و الأفكار السلبية كلها هتفضل تهجم عليك، لو رجعنا لأصل الحكاية و هي كم الخذلان اللي اتعرض له من اللي حواليك، علاقتك بقرايبك و علاقتك بصحابك و علاقتك بالحب، حتى علاقتك بنفسك اللي بيجي عليك وقت تلومها إنها السبب في اللي حصلك"

رد عليها هو يقطع حديثها:
"مش يمكن علشان أنا فعلًا ظلمتها ؟!
أنا مش هقدر ألوم الدنيا إنها ظلمتني علشان أنا معرفتش أنصف نفسي"

جاوبته هي بنبرةٍ عملية:
"و جايز كل دا يكون من غير ما تدخل أنتَ، مش كلنا ردود أفعالنا واحدة يا وليد، فيه غيرك وقف عند أول خبطة و غيرك استسلم و ساب الحرب كلها و فيه اللي زيك كمل و عافر للأخر، صحيح طريقته ممكن تكون غلط و هو بيأسى على نفسه، بس هو مش عارف يستسلم"

حرك رأسه موافقًا فوجدها تضيف من جديد:
"نرجع بقى لموضوعنا، عاوزاك تركز أكتر على حسن النية في كل حاجة حواليك، يعني تبني الفكرة في عقلك الباطن يا وليد، تبدأ أنتَ تملى العقل دا إن مش كلهم مؤذيين، و أن مش كله يستاهل تشك فيه، و حاول توسع دايرة علاقاتك على قد ما تقدر، يعني تدي فرصة لناس أكتر تكون بتتعامل معاها، ناس تحس وسطهم إنك مش محتاج تفكر في طريقتهم دي بجد و لا تستاهل الشك"

حرك رأسه موافقًا فوجدها تسأله بنبرةٍ مقررةٍ:
"قولي بقى مين موضع الشك الأيام دي، خلاص عبلة بقت في أمان عندك، شاكك في مين؟!"

رد عليها هو بنبرةٍ ضاحكة:
"هو أنا بقيت واضح للدرجة دي قدامك ؟! خلاص بقيتي حفظاني؟؟"

ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة نتيجة حديثه و طريقته:
"بيقولوا أني دراسة علم نفس، يعني قراءة الأشخاص دي مهنتي أصلًا، ريحني بس و قولي"

تنهد هو بعمقٍ ثم قال:
"هو مش شك بس استغراب، هدير و عمتو مشيرة و عبد الرحمن، التلاتة دول أكتر ناس ببذل مجهود و أنا بفكر فيهم"

سألته هي بتعجبٍ:
"هدير و مشيرة و معروفين، مين عبد الرحمن ؟!"

جاوبها هو بنبرةٍ هادئة:
"عبد الرحمن صاحب عمار، شاب ابن ناس كدا و محترم، الغريب أني مرتاحله و لما حاولت أشك فيه مقدرتش و حسيت أني بظلمه، و مش عارف ليه متطمن له؟! "

ردت عليه هي بنبرةٍ مقررةٍ:
"يمكن علشان هو يستاهل كدا فعلًا ؟! بمعني إنه ممكن يكون شخص حسن النية و حكمك عليه كان غلط"

سألها هو بتعجبٍ:
"طب لو أنا بحكم عليه غلط هو قرب من عمار ليه؟! أصل أنا بحكم تجربتي السابقة أكيد فيه سبب ورا كدا"

جاوبته هي بنبرةٍ عملية:
"و ممكن يكون هو عنده نفس التجربة اللي تخليه يمسك في صداقة واحد زي عمار، يعني لقى إنه صديق يقدر يأمن ليه في وسط الحياة الجامعية اللي بتكون عالم جوة عالم، أقولك، أنتَ تقرب من عبد الرحمن دا و عمار"

قطب جبينه بتعجبٍ فوجدها تقول مؤكدةً:
"زي ما سمعتني كدا تقرب منهم و تعتبرها من ضمن خطوات العلاج، بما إنهم أفراد جديدة في حياتك، أنا واثقة إنهم هيكونوا سبب مهم إنك تغير وجهة نظرك تدريجيًا"

حرك رأسه موافقًا فوجدها تقول بتعجبٍ:
"طب هدير و مشيرة إيه مشكلتهم معاك ؟! مالهم ؟!"

سألها هو بتعجبٍ:
"تغييرهم بالطريقة دي غريب، أنا بقيت مستني اللحظة اللي هشوفهم فيها زي الأول و أكتر، و خصوصًا هدير، هي متعالجتش بس اتغيرت تغيير ملحوظ حتى مع خديجة"

ردت عليه هي تجاوبه:
"هدير مكانتش وحشة زي ما أنتَ متصور، يعني هدير مش مريضة نفسيًا بالأذى زي ما أنت متخيل، هدير كانت معمول ليها غسيل مخ، زي المكتب المترب و محدش شال التراب منه، بس لما جت فرصة مناسبة على هيئة حسن مسكت فيها بإيديها و سنانها، هتحارب تاني علشان تثبت إنها حلوة من جوة و إنها شخص يستاهل حد زي حسن، فبالتالي هدير بقت أمر مفروغ منه في التفكير"

سألها بتعجبٍ:
"طب و مشيرة ؟! برضه زي هدير؟!"

حركت رأسها نفيًا ثم قالت:
"لأ خالص، مشيرة لسه جواها مشيرة شرسة شوية، بس هي بتحاول على قدر ما تقدر تخفيها منكم، و هتحاول تندمج وسطكم علشان تعوض إحساس الوحدة و الغربة اللي كانت عايشة فيها وسطكم، واحدة واحدة هتلاقيها نسخة من أهل البيت، هتبدأ تقلدهم و تبدأ تعمل زيهم، لأن هي مش قصادها حاجة تانية غير دي، المهم إن التلاتة دول يكون عندك ناحيتهم حسن النية علشان دول هيبدأوا يشغلوا العقل الباطن بتفكير سلبي و إحنا مش عاوزين كدا"
حرك رأسه موافقًا و هو يبتسم لها و بعد ذلك انتهت الجلسة ثم خرج هو من العيادة، فتفاجأ بـ «عبلة» تنتظره في الخارج كما المرة السابقة، اقترب منها و هو يبتسم تزامنًا مع قوله:
"أنا كدا هحس أني عيل في حضانة و أمي جاية تاخدني، خير جيتي ليه ؟!"

ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة:
"جاية أخد ابني من الحضانة، هو أنا أم قاسية علشان أسيب ابني يمشي لوحده ؟! مش أخلاق أمهات دي"

أمسك يدها بيأسٍ وهو يقول:
"يلا يا عبلة ربنا يهديكي، أنا شكلي لبست بجد فيكي"

ضحكت هي عليه و هي تتحرك معه حتى وصلا للسيارة، ركب هو أولًا و هي بجواره، فسألها هو بنبرةٍ مرحة:
"جيتي ليه يا عبلة ؟! مش قولتلك أني هاجي بعد ما أخلص شغلي؟! و بعدين الساعة دلوقتي ٦ و الدنيا هتليل، بتنزلي إزاي ؟!"

ردت عليه بلامبالاةٍ:
"عادي هو أنا هتخطف يعني ؟! و بعدين قولتلك أنا هلازمك زي ضلك عاجبك عاجبك، مش عاجبك مش مشكلتي بقى"

ضحك عليها هو بيأسٍ فوجدها تسأله بنبرةٍ هادئة:
"قولي بس عملت إيه النهاردة ؟! ارتحت شوية؟! و لا لسه تعبان"

ابتسم هو بهدوء ثم قال:
"لأ الحمد لله مرتاح و بقيت برتاح أكتر علشان مع بعض، أقولك على حاجة ؟! و أنا جوة عندها اتمنيت أطلع أشوفك، و حاجة جوايا أكدتلي إنك هتيجي و مش هتخذليني"

اتسعت بسمتها أكثر فوجدته يحرك مقود السيارة وهو يقول بمرحٍ:
"بما أني مبسوط و بما إنك مبسوطة كدا تعالي أفسحك على مزاجي"

سألته بحماسٍ و لهفة:
"بجد !! فين طيب ؟!"

ضيق جفنيه فوق عينيه و كأنه يفكر ثم قال بمرحٍ:
"خليها مفاجأة، بس واثق إنك هتفرحي بيها، هكلم عمي و أعرفه علشان ميزعلش"

أمسكت وجهه بيدها ثم قبلته على وجنته بشدة ثم تركت وجهه و هي تقول بنبرةٍ حماسية:
"بحبك....بحبك....بحبك"

ابتعد عنها وهو يقول بضجرٍ:
"يا بنت الهُبل ، فيه حد يعمل كدا؟! إيه السفالة دي ؟!"

حركت كتفيها بلامبالاةٍ وهي تقول:
"جوزي و براحتي ، هو أنتَ حد غريب يعني ؟! سوق بس يلا"

رد عليها هو بتهكمٍ:
"أنا بقول نروح لعم محمد و هو يشوف حوار جوزي دا، يا...يا سوبيا"
ردت عليه هي بيأسٍ:
"يا عم يارب أكون عرق سوس، اتحرك يلا الحماس هيموتني"

فور انتهاء جملتها صرخت عاليًا بعدما تحرك هو مندفعًا بسيارته و كأنه يصارع الأسفلت بإطارات السيارة، و هو يضحك بقوةٍ و هي جواره تصرخ من الخوف حتى قام هو بتهدئة السرعة بعدما رأى خوفها و علت نبرة صراخها.
_________________________

في شقة «ميمي» اجتمع الشباب عندها بعد عملهم حتى يطمئنوا عليها و يجلسون برفقتها، حتى قام «عامر» بمشاكستهم ثم ركض نحو الطاولة وفي يده طبق حلويات و هم خلفه يحاولون الإمساك به، فضحك و هو يقول بمرحٍ:

"بقولكم إيه اللي هيطلع هنا هزقه، هاكل طبق المهلبية دا و أنزل أشوف مين عاوز يضربني"

رد عليه «ياسر» بضجرٍ:
"انزل يا حيوان كلت الطبق بتاعي ليه ؟! يعني على ما أخلص شغلي أرجع ألاقيك واكل حقي ؟!"

رد عليه «عامر» بحنقٍ منه:
"ما خلاص يا ياسر هو أنا كلت مال اليتيم ؟! قومي يا ميمي اعملي لينا تاني"

ردت عليه هي بضيقٍ منه:
"و لما أجي اضربك بالعصاية بقى على راسك يا حيوان أنتَ ؟! مفيش دم خالص؟!"

رد عليها «خالد» بضجرٍ:
"دم مين ؟! دا عنده مياه ساقعة، أقولك ؟! أنا هطلب لينا كلنا دلوقتي طبق حلويات من عند حودة، يمين بالله هحسرك يا عامر على قلة أدبك"

شهق «عامر» بقوةٍ وهو يقول بحذرٍ:
"خالد !! هتجيب رموش الست؟!"

حرك رأسه موافقًا ثم أضاف:
"و كنافة بالمانجا علشان اقهرك، علشان تاكل طبقي بعد كدا"

تبدلت ملامحه إلى البكاء الزائف و هو يقول بقلة حيلة:
"اقسم بالله هدعي عليكم يجيلكم مغص، الحاجات دي مفيهاش هزار"

تدخل «ياسين» يقول بحنقٍ:
"خلاص بقى منك له، انزل يا عامر أنا هأكلك من اللي هيجيبه، انزلوا بقى أنا دماغي مصدعة"

رد عليه «عامر» بفرحةٍ:
"الله يباركلك يا ابن الشيخ، صحيح أنتَ الغالي عندي و هما تمر هندي"

ضحكوا عليه بيأسٍ بينما هو جلس على الطاولة و هو يقول بأريحيةٍ:
"كدا بقى هاكل المهلبية و أنا مرتاح و أنتَ يا خالد كتر رموش الست و خليه يزود المانجا على الكنافة"

نظر ثلاثتهم إلى بعضهم ثم هجموا عليه و هم يتوعدون له و هو يصرخ عاليًا باسم «ميمي» طالبًا منها انقاذه، بينما هي انفجرت في الضحكات عليهم و على مشاكستهم لبعضهم المعتادة و للحق هي تشعر بالأمان و السعادة عن هذا المنظر.
_________________________

في شقة «ميرفت» والدة «ياسر» كانت جالسة برفقة «عفاف» والدة خالد و كلتاهما تتابع التلفاز حيث المسلسل الذي جذب انتباههما بشدةٍ و أمامهما طبق التسالي، و كلًا منهما تعطي مقترحاتها في هذا المسلسل، حتى طُرق باب الشقة فتحدثت «ميرفت» تقول بضجرٍ:
"هقوم أنا افتح، هتلاقيها أم إسراء جايبة فلوس الجميعة"

حركت «عفاف» رأسها موافقةً و هي تحرك رأسها نحو التلفاز بينما الأخرى توجهت نحو باب الشقا تفتح الباب بعدما لفت حجابها و بعدما فتحت الباب قطبت جبينها بتعجبٍ فوجدت أمامها رجلًا يقول بنبرةٍ هادئة:
"إزيك يا ميرفت عاملة إيه؟!"

اتسعت حدقتيها بعدما تعرفت عليه و على ملامحه تزامنًا مع كلمتها التي خرجت بصوتٍ متهدج:
"أنتَ؟! .... هنا إزاي؟!"

تعجبت «عفاف» من صمت رفيقتها فاقتربت منها بعدما تركت موضعها و هي تقول بصوتٍ عالٍ:
"إيه يا ميرفت مين على البابـ..."

توقفت عن الحديث حينما رآته أمامه و لم تحتاج وقتًا طويلًا حتى تتعرف عليه، فتحدثت تقول بغير تصديق:
"سمير !!"

يُتَبَع
#الفصل_الثالث_و_الأربعون_الجزء_الثاني
#رواية_تَعَافَيْتُ_بِكَ

Continue Reading

You'll Also Like

110K 11.5K 14
تَبدأ حِكايتِنا بَين بِقاع اراضٍ يَسكنُها شَعبّ ذا اعدادٍ ضئيلَة ارضٌ تُحَكم مِن قِبل ثلاث قِوات و ثالِثُهم أقواهُم الولايات المُتحدَة | كوريا الجنوب...
615K 50.7K 65
‏لَا السَّيفُ يَفعَلُ بِي مَا أَنتِ فَاعِلَةٌ وَلَا لِقَاءُ عَدُوِّيَ مِثلَ لُقيَاكِ لَو بَاتَ سَهمٌ مِنَ الأَعدَاءِ فِي كَبِدِي مَا نَالَ مِنَّيَ م...
307K 5.8K 76
•روايتي هي بطولة جماعيه لأكثر من شخصية ولكن الأهم "القمر وسمائها" • بطلتنا التي مُنذ أن كانت طفلة طلبت من أبن عمّها أن يكون هو سمائها وتكون هي قمره...
1.8M 53.7K 55
إحترق قلبه وهو يراها عروسًا لرجُل آخر لكن ماذا لو شاء القدر وجمعهما مره أخرى بطفله من صُلبهُ