مريض نفسى بالفطرة

By Hader3112

724K 30.6K 9.8K

مريض حُكِمَ عليه بعيش الازدواجية فى كل شىء ، إلى أن قابلها، منحته قلبها رغم معاناتها السابقة ولكنه رفض البوح... More

اقتباس1( لست ليث،أنا غيث)
_١_ (صفعةُ تعارف)
_٢_ (جدى يريد عودتى)
_٣_(صدمةٌ مُبرمجةٌ )
_٤_ (أنا القاتل)
_٥_ (الإنفصالُ فرصة ثانية )
_٦_ (لا أريدك يا أمى )
_٧_ ( حب ناضج لمراهقة صغيرة )
_٨_(بيت جدى مجددًا)
_٩_( ما ذنبى إن كنت تحب فتاة تحبنى؟)
التعريف بمرض غيث
_١١_ (نوبة غضب)
_١٢_(بقاءٌ قسرى)
_١٣_( أب برتبة عدو)
_١٥_ عشر(عائد لكِ يا حبيبتى)
التعريف بمرض الطبيبة منال
_١٤_( دماءُ زوجتى الراحلةُ )
_١٦_ (ذلك الوغد مجددًا)
_١٧_(لست ليث، أنا غيث)
التعريف بمرض ديما
_١٨_(حب من طرف واحد)
_١٩_(غارق فى دمائه)
_٢٠_( وحشتنى عنيكى )
_٢١_ (الكل عاشق )
_٢٢_(حقائق بالجملة)
_٢٣_(الانتقام الحلو)
_٢٤_(رصاصة خائنة)
_٢٥_( المواجهةالحاسمة)
التعريف بمرض مالك
_٢٦_(كان ضحية بالأمس)
_٢٧_ (وداعًا بيت جدى)
_٢٨_ ( تطاول بما فيه الكفاية)
_٢٩_ (الحقيقة المؤلمة)
_٣٠_(قابلها مجددًا)
_١_( الانطباع خاطىء)
_٢_(مشاغبة من الطرفين )
_٣_( غيث واحد لا يكفى)
_٤_ ( من المصاب ؟)
_٥_(الغيرة اللذيذة)
_٦_(باغتها بعقد القران)
_٧_(أشباح الماضى تطاردها)
_٨_(فارق الحياة )
_٩_( رفضها يصيبنى بالجنون)
_١٠_(فرصة ثانية للفؤاد)
_١١_( اكتئاب حاد )
_١٢_ (أحبك رغم أنف قبيلتى)
_١٣_(هل تقبلين الزواج بى؟)
_١٤_ (خطوبة و جثة )
التعريف بمرض مالك ٢
_١٥_( فليحترق العمل أمام حُسنكِ)
_١٦_ (حُلو مرى)
_١٧_ (أخوض لأجلكِ ألف حرب )
_١٨_(أقبلينى كما أنا )
_١٩_ (تطاول على صغيرتى أمام عينى )
التعريف بمرض محمد العدلى
_٢٠_ (أريدك رغم استحالة ذلك)
_٢١_ (زوجى السابق )
_٢٢_ (قُبلة و مجموعة جُثَثٌ)
_٢٣_ (الإختطاف السعيد)
_٢٤_ (باتت حلالى و كل حالى)
_٢٥_(معركة دموية)
_٢٦_(ليلة زفاف كارثية)
_٢٧_(ليلة عيد)
_٢٨_ (كان القبول طوق نجاة)
_٢٩_ (كلانا لدية تجربة سابقة)
_٣٠_ (العديدُ من المعاركِ)
_٣١_ (كُتِبَ علينا الفراق)
_٣٢_(أحدهم يبكى و الآخر يرفرف عاليًا )
اقتباس٥ ( فتاتى الصغيرة)
(التعريف بمرض مايا)
_٣٣_ (نتعايش أم نتداعش ؟!)
_٣٤_ (راقصة بمبادئ)
_٣٥_ ( قصيدةٌ جميلةٌ )
_٣٦_(الغضب الساطع آت)
_٣٧_(رفض من جميع الجهات)
_٣٨_(نَقَشَ فوق جسدها)
_٣٩_( لاجئ أم خائن ؟!)
_٤٠_(مَلاَك مُحْتَجَز)
_٤١_(نُقُوشٌ مُتبادلةٌ)
_٤٢_(ثلاثة قُبْل فوق ضريح الصقيع)
اقتباس_٦_ (لحن النهاية)
_٤٣_(الفَرِيسَةُ و الصَّيَّادُ)
_٤٤_(ليلةٌ مُلطخةٌ بالماضى)
_٤٥_(اختطاف أرعن)
_٤٦_(جسدٌ مُدنسٌ وروحٌ مُفارقةٌ )

_١٠_( قامت بخيانتى)

7.6K 399 18
By Hader3112

عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( تسحروا؛ فإن في السحور بركة ))
[متفق عليه] .
___________________________________

٢٧/١٢/٢٠٢٢
(قامت بخيانتى)

ما نفع المال إن كان أصحابه فقراء ؟
أبسط المشاعر لا يمتلكونها، الجشع و الظلم و الكراهية المتبادلة هى أشياء عادية "كصباح الخير" على مائدة الطعام كل يوم.
و طعام اليوم و كل يوم ما هو إلا نميمة و تصرفات بدائية حتى و إن ارتدى أصحابها بذل منمقة للغاية ذات ماركة عالمية .
جو سام، لا يمكن لشخص سوي التعامل معه
فكيف لفتاة صغيرة مازالت تعانى من ندبات عميقة بداخلها التعامل مع ذلك الوضع؟
حتى و إن حاولت مجاراتهم ففى النهاية ستسقط فى الوحل بدموع باكية
أيمكنها مواكبة ما يحدث؟ أم ستكتشف طريقًا معاكسًا تستطيع من خلاله تغيير مجرى الأحداث و وضع بصمة خاصة لجعل كل شىء يصب فى مصلحتها ؟
لا نعرف ما تخبئه لنا الأيام ؟
فيوم تكون مشرق كالشمس لايمكن لأحد مجاراة إشراقك، و يوم أخر يكون الكسوف حالك، لا أحد يراك و لا يريد أحد الإقتراب منك كأنك مصاب بمرض جلدى معدى

المرة السابقة كانت تجربة قاسية، لا يمكن محوها ، خمسون يومًا أشبه بالموت، عانت فيهم حتى حد الهلاك و حين تحررت كان إفراجًا مشروطًا بألم دائم و جرح ينزف باستمرار و الأسوأ أن لا مستقبل بعد ذلك اليوم، فقط مجرد أيام تمضى حتى رحيل روحها

مؤسف مصير تلك الصغيرة لكن هل يمكن أن يلعب القدر بحياتها؟ أيمكن أن تجد السعادة حتى و إن كانت مقرونة بالتعاسة؟ أيجتمع الشىء و نقيضه معًا؟

______________________________________

(منزل عائلة الحج راشد )

استيقظت"رنا" مجددًا بعد أن شعرت بأن جسدها لن يخونها اليوم، تحسنت قليلًا و تمكنت من النهوض. أراحت ظهرها للخلف على الفراش لكنها تعجبت من ذلك الأثاث الغريب، هذه ليست غرفتها، مكان مختلف كانت تلتفت يمينًا و يسارًا لعلها تجد شىء تعرفه، تريد أن تطمئن بأن ما حدث بالأمس لم يكن سوى كابوس، بدأ الخوف يتسرب لعقلها إلى أن فُتِحَ الباب و تجسد الخوف بأبشع صورة أمامها
إنه هو ،جدها العزيز
دخل جدها بهدوء و قال و هو يضرب بعصاه على الأرض  :
كويس أنك فوقتى، الغداء خلاص جهز يلا قومى

نهضت "رنا" من فوق الفراش، شعرت بدوران بسيط لكنها تمالكت نفسها و هتفت متسائلةً بحدة
أنا جيت هنا ازاى ؟ و ليه؟ دا مش بيتى، أنا عايزه أرجع لبيتى
رد عليها بحدة بينما كان يتجه لنافذة الشرفة و يفتحها على مصرعيها بواسطة عصاه الغليظة :
عمك شالك و جابك، و بالنسبه ليه؟ فدا بيتك فطبيعى تعيشي هنا مش فى مكان تانى يا "رنا"

تحركت مبتعدة عن فراشها بعجالة حتى كادت تسقط مجددًا بفعل الدوران الغريب الذى يداهمها مؤخراً  لكنها تمسكت بالطاولة الصغيرة التى تتوسط الغرفة  و قالت :
بس أنا مش عايزه أعيش هنا، دا بيت حضرتك مش بيتى
حدجها بنظرة حارقة و قال   :
مش مهم أنتِ عايزه ايه؟ المهم أنا شايف ايه و مش عايز كلام كتير فى الموضوع دا

أغرورقت عيناها بالدموع و قالت بألم و مازالت يدها تمسك بالطاولة تخشى أن تسقط فى أى لحظة بفعل الداور المصاحب لها  :
وحضرتك شايف ايه بقي؟ أنى أرجع للمكان اللى ..

لم تستطع أن تكمل جملتها، كأن عقلها يمنعها
فمجرد النطق بها يعنى ألمًا مضاعفًا و هى أساسًا غير قادرة على تحمل الجرعة الأولى، فكيف بجرعة إضافية و مركزة ؟!
لكن جدها أجابها سريعًا بنبرة حادة جافة لا عاطفة  بها :
هو مش هنا يا "رنا، مسافر فى شغل و مش هيرجع دلوقتى  خالص.
و دا بيت أبوكى و جدك، ملكيش مكان غير هنا، أى مكان تانى كانت محطة مؤقته مش دايمه
بدأت "رنا"تضحك بطريقة غريبة حتى ظن جدها أنها أصيبت بحالة جنون ما، لكنها توقفت فجأة و قالت  بتهكم ساخر :
بيت أبويا؟!
أبويا اللى رفضت تدفع فلوس علاجه لغاية ما اتوفى زيه زى "عدى"  بالظبط و يمكن أنا كمان أحصله ما أنت عارف المرض دا ليه نسبه وراثه، بس ياترى و قتها هتفرح أنك خلصت علينا كلنا  يا جدى ؟!
هتفرح أنك خلصت على نسل ابنك الكبير بطمعك و حبك للفلوس أكتر حتى من حياة ابنك و أحفادك
لم يتحمل حديثها أكثر من ذلك و صالح بغضب :
أنتِ مش فاهمة حاجة، أبوكى....

ولكنه توقف لا يريد الإفصاح عن الحقيقة كاملة، هذة الورقة  الرابحة لبقائها هنا و سيساوم والدتها عليها
إن عرفت ستترك الجميع و ترحل وهذا آخر ما يريده امخططه لم يكتمل بعد حتى رغم معرفته باستحالته لكنه يحاول كفرصة أخيرة لإنقاذ العائلة التى أفسدها بنفسها

عقدت ما بين حاجبيها متسائلةً بترقب و دهشة  مغلفة بالسخرية:
مش فاهمة ايه؟، مش لا فى حاجه تقولها صح ؟
تهرب منها و قال بينما كان يتجه لباب الغرفة:
و لا حاجة و مفيش  خروج دا اللى عندى
لو بس قربتى من الباب برا، البواب هيمنعك، فبلاها تعب و مناهدة على الفاضى لأن مكانك هنا و مش هتخرجى غير بإذنى أنا
تركها وخرج من الغرفة للحظات و لكنه عاد مجددًا

دهشت حين وجدته أمامها مجددًا لتهتف متسائلةً بحيرة :
رجعت ليه؟ أى أوامر تانية حابب تفرضها عليا

ضرب بعصاه الغليظة على الأرض و قال بحدة  :
مش محتاج أفكرك بالغدا لو مأكلتيش دلوقتى هتستنى للعشا، الأكل هنا بمواعيد و كلنا بناكل سوا غير كدا مفيش أكل

وانصرف تاركًا إياها و الغضب يأكلها
لاتريد الإجتماع معهم، تريد فقط الفرار من هذا الجحيم بأسرع وقت و العودة لمنزلها و والدتها هذا كل ما يهمها فى تلك اللحظة
بدأت  تهدأ نفسها بتلك العبارات الخافتة، بينما كانت تجلس بوضع القرفصاء بإحدى زوايا الغرفة
"ماما زمانها جاية"
يالها من حياة مؤلمة.

______________________________________

لم تتناول الغداء معهم، فضلت حبيسة غرفتها تفكر فى طريقة للخروج من هذا المستنقع و لكن أين والدتها؟ أحتى هذه اللحظة لم تكتشف الأمر بعد؟ أم اكتشفت و منعها ذلك الوحش ؟
شعرت بالخوف على والدتها حين ذهبت لتلك النقطة
أيمكن أن يعنفها ذلك الرجل و يمنعها من الدخول؟
كانت تجوّل فى الغرفة ذهابًا وايابًا لا تعرف ماذا تفعل ؟ فقط تفكر إلى أن شعرت بأن عقلها سينفجر
و لكنها سمعت أصوات حادة بالأسفل كأن هناك صراع دائر مع أهل المنزل.
خرجت من غرفتها و سارت خلف تلك الأصوات إلى أن وصلت لمصدرها
إنه هو، منقذها جاء آخيرًا
هتفت"رنا"بفرحة عارمة ما أن رأته  :
عم" جمال " أخيرًا جيت
نظر لها و ابتسم و هو يقول بحنان بينما كام يتقدم لها  :
و هو أنا ينفع أسيب "رنا "لوحدها برده؟ بنت صاحبى مكانها جمبى
أسرعت لتحتمى به و تتقدم ناحيته هى الآخرى لكن يد غليظة منعتها ساحبة جسدها للخلف لتصدم بأقرب حائط و صاح بحدة :
عاير ايه يا"جمال"؟ جاى تتهجم على حرمة بيتى هى دى الاصول برده يا ابن البلد؟!

رد عليه بهدوء غريب بينما كان  يرمقه بنظرات حارقة :
هاخدها و امشي يا "راشد" و مش هتمنعنى
طالعه  الحاج "راشد"بنصف عين و هتف متسائلًا بسخرية :
بصفتك ايه؟
أبوها، أخوها، عمها، جدها، ابن جوز بنت خالتها ؟!
ثم ضحك بصوت عالى و أكمل و كأنه يتعمد التطرق لتلك النقطة بالتحديد أمام الجميع قاصدًا رسالة غاية فى الوضوح :
و لا نقول جوز أمها المستقبلى؟!
احتدت نظراته، قابضًا على يده بقوة حتى برزت عروقه من الغضب و المقت الشديد لذلك الراجل، لهيتف فى النهاية بضيق شديد مهددًا إياه بشكل خفى :
بطل كلام فاضى، أنت عارف أنا جاى أخدها ليه؟ لو متأكد إن المكان دا أمان ليها كنت سبتها و أنا مطمن،  لكن أنا و أنت عارفين أن دا جهنم بالنسبالها يا "راشد " بلاش تحط النار جمب البنزين و تستغرب ولع ليه؟
كفاية اللى حصل زمان أوى، مظنس أنك حابب تكررها و تأذى الكل، و لا ايه رأيك؟!
ثم اقترب منه و همس بجانب أذنه :
كل اللى هنا بيكرهوها، لو قدرت تحميها يوم و لا اتنين مش هتحميها العمر كله، فبلاش نلعب بالنار، رجعها لأمها هى أحن حد عليها و هتعرف ترعاها كويس، هنا ممكن تموت
افتكر زمان كانت هتموت و أنت اللى جتلى عشان أخدها، أنت اللى قولت هسيبها معاكم، أمانه عندكم

دفعه "الحج راشد "بعيدًا عنه و قال بغلظة :
ملكش دعوى، حفيدتى و أنا هعرف إزاى أحميها
كان سيسقط على آثر تلك الدفعة و لكنه استند على الحائط خلفه سريعًا و ما أن اتزن قليلًا قال بوعيد:
على فكرة والدتها كلها دقايق و تجى مع البوليس
أنت يعتبر خطفتها، فبلاش شوشرة يا "راشد"، منظرك كراجل كباره هيتهز .
حدجه بعدم اكتراث و اتجه يجلس على المقعد واضعًا قدمًا فوق الآخرى و هو يقول بثبات :
حلو ياريت تيجى فعلًا عشان تعرفوا كلكم أن "رنا" مكانها هنا و مش هتخرج إلا بإذنى أنا

قاطعتهم "رنا" متحدثةً بنبرة مضطربة تميل للبكاء بين اللحظة و الآخرى  :
بس أنا مش عايزة أفضل هنا، مش عايزاك ياجدو
أنا عايزة ماما و عم "جمال "و صحابى و حياتى اللى برا السجن دا، أنا مش هعرف أعيش فى المكان دا
ضرب بعصاة على الأرض و قال بصرامة :
مش كل اللى بنعوزه بناخده، و أدخلى أوضتك دلوقتى أحسنلك، أنا مش عايز دوشة

"يتعامل مع الكل كدمى خاصة به، يريد التلاعب بهم دفعة واحدة و لا يمكن لأحد ردعه "

______________________________________

صوت سيارة الشرطة بالخارج لفت انتباه كل من بالحي، معلنًا عن نيران أوشكت على الإندلاع بين كل  لحظة و الآخرى
وقف شامخًا، يرفع رأسه و ينظر بأعين الصقر ممسكًا بتلك العصى التى يستند عليها
حين دخلت  "منى "المنزل، اضطربت من نظراته ليس  خوفًا و لكن كأن هناك شىء لا تعرفه شىء سيجعله يربح تلك الحرب.
أراد أن يشعرها بضعف موقفها و أنها لا تساوى بنظره فلسًا واحدًا، فالفوز سيكون حليفه بالنهاية و ستعود وحيدة مهزومة، منكسة الرأس.

حرب النظرات تلك لم تنتهى إلا حينما صرخت الصغيرة قائلة بخوف و فرح فى نفس الوقت :
ماما
اسرعت لها، لم تهتم بأحد سواها، وقفت أمامها بأعين  مليئة بالدموع
احتضنت وجها بكلتا يديها، كأنها مناديل ورقى ، تزيل اثار البكاء الواضحة و فى نفس الوقت تحاول تهدئتها
كأن يديها تقول لها
"أنا هنا بقربك صغيرتى لا تقلقي، سنرحل سويًا من هذا الوكر"

أخرجهم من لحظة الأمومة تلك صوت الأفعى و هى تبخ سمها قائلةً:
هى حصلت تجيبى البوليس لبيت الحاج "راشد"
أنتِ خلاص اتجننتى زى بنتك
صاحت "الست منى" بغضب و حدة بعد أن  اتجهت لها مباشرة و أمسكت  بساعدها تضغط عليه  بقوة كى تؤلمها  :
مفيش مجنونة هنا غيرك، عايزانى أسيبلكم بنتى تموتها بالحيا ولا ايه؟
ثم التفت "للحاج راشد " و قالت بثبات:
بص يا حاج بنتى هاخدها معايا من غير كلام كتير، أنا أمها و اولى بيها

رد"الحج راشد " عليها بقوة غريبة لا تلائم الموقف بتاتًا:
و مين بقى اللى هيخرجها من هنا ؟
أنتِ و لا  الظابط و لا حبيب القلب  اللى سحباه وراكى
إلى هنا و تدخل الشرطى فى الحوار، قائلًا بعملية شديدة :
يا "حاج راشد" أنت خدت البنت من غير ما والدتها تعرف، و دا مينفعشي خاصة أنها الواصية عليها و معاها ورق يثبت دا و  أنت موقع عليه فمن غير مشاكل لو سمحت البنت ترجع مع أمها و خلاص

رد عليه بخبث  :
كلامك على عينى و على رأسى بس أستأذنك بس أتكلم مع "الست منى "لوحدنا فى أوضة المكتب
حرك الشرطى رأسه موافقا و قال بجدية  :
لو هتحلوا الموضوع و دى معنديش مشكلة و دا الأفضل لكل الأطراف طبعًا
لكن"الست منى " صاحت بغضب و رفض  :
لا أنا عايزة بنتى حالًا
حدجها "الجد راشد "بنصف عين ثم صاح بحقارة :
طب حيث كدا نتكلم قدام البنت مفيش مشكلة عندى ،أنتِ الخسرانه يا "منى "
رفعت حاجبها الأيسر متسائلةً باستنكار :
هتتكلم تقول ايه يعنى؟
اقترب منها و قال بهمس خافت بالقرب من أذنها :
هقول مثلًا على حقيقة موت أبوها، ايه رأيك؟ مش نتكلم فى المكتب أحسن و لا ايه ؟

صُدِمت للغاية، أوصل به الأمر لتلك الدرجة؟ حقارته و وقحاته لا حدود لها.
كيف يمكن له أن يدمر حفيدته؟ أيريد جعلها تعانى للأبد؟ ما هذا الرجل ؟

لاحظ "الحج راشد "صدمتها، فابتسم بغرور و قال  :
هسبقك على المكتب يا "منى"، متتأخريش كله من وقت بنتك
لحقت به كالجثة، مسلوبة القرار و الإرادة، و تعرف بقرارة نفسها أن هذا الحديث لن يكون سوى قنبلة موقوتة تتهيأ للانفجار فى أى لحظة.

______________________________________

(بداخل غرفة المكتب )

دخلت"الست منى " و القلق و التوتر يعتريها من كل اتجاه لكنها حاولت التظاهر بالقوة و صاحت بحدة :
هى بقت كدا يا حاج؟ عايز تموتها بالحيا مش كان اتفاق زمان و ردمنا عليه عشان خاطر الكل ؟!
أراح ظهره للخلف على مقعده و قال بحقارة شديدة :
و غيرت رأى، يا تعيش هنا معايا تحت سقف بيتى
يا أعرفها كل حاجة و مين السبب الحقيقي فى موت أبوها ؟!
و أن كل اللى حواليها هناك ساهموا فى موته بالبطئ
ردت عليه سريعًا بنفى قاطع على حديثه  :
أنا مليش ذنب و أنت عارف إنى مظلومة، أنا عمرى ما كنت أفكر و لو للحظة أنى أجرح "حسام" مجرد جرح صغير، فإزاى تتهمنى بانى قصدت أموته ؟!
ابتسم بسخرية و قال و عصاه الغليظة مازالت تضرب الأرض  :
ولا أنا ليا ذنب يا "منى "لكن هقلب الطرابيزة على الكل و أنتِ اللى خسرانه فى الآخر .
هى كدا كدا بتكرهنى فمش هيفرق معايا حاجة لكن أنتِ يفرق معاكِ جدًا
ابتلعت ريقها بتوتر شديد و قالت :
أنت عايزاها ليه يا "راشد" ؟ دماغك فيها ايه؟ عمرك ما تعمل حاجه كدا من غير سبب و أكيد فى حاجة أنا مش عرفاها، هدفك ايه ؟

احتدت نظرته و صاح بعنف بعد أن ضرب بكف يده على مكتبه  :
ملكيش فيه يا" منى "
و مش هسبها فى حارة و هى عندها قصر زى دا، و من الاخر  هتعيش معايا و مفيش كلام تانى .
لم تتحمل أكثر من ذلك و صاحت بغضب و هى تضرب على مكتبه هى الآخرى :
المرة اللى فاتت رجعتهالى شبه ميتة و لحقناها بالعافية، حياتها و قفت سنتين كاملين  من مستشفي لمستشفي و دلوقتى عايز تعمل فيها ايه تانى ؟ حرام عليك سبهالى، أنا مليش غيرها
أزاح يدها مستخدمًا عصاه و كأنه يشمئز من مجرد لمس كفها لممتلكاته ثم قال بخبث:
عندك "جمال" يونسك و ملل الفراغ العاطفي اللى عندك، لكن "رنا " هتفضل هنا
ردت عليه سريعًا مستنكرة كلماته الوقحة :
أفهم بقى أنا مليش علاقه بيه، أفهم حرام عليك خلتنى أخسر جوزى بسبب كدبك و خداعك أنت و "سهير" و دلوقتى عايز تاخد بنتى منى، لا مش هسمحلك، دا أنا أموت فيها 
حرك كتفه بعدم اكتراث و قال بعد أن نهض من مقعده متظاهرًا بتقدمه  ناحية الباب :
خلاص نخرج و نعرفها أبوها مات ازاى؟ و ايه آخر حاجة شافها قبل ما يموت يا "منى "؟  و ساعتها بنتك لا هتختارنى و لا هتختارك
و يا حرام مش هتلاقى مكان تعيش فيه، الشارع هو اللى هيقويها بعدين و كله بسببك

رغم ضعف موقفها و إدراكها بأن الورقة الرابحة معه لكنها كأى أم لا تفكر سوى بسعادة أطفالها لذلك ارتمت تحت قدمه و قالت بألم  :
لا بلاش، هتكرهنى كدا و  هتتبهدل
هعملك اللى أنت عايزه بس بلاش تأذيها بالشكل  دا، بوس ايدك و رجلك يا "راشد"
تراقصت البسمة على ثغره فقد حقق هدفه لذلك قال  بزهو:
يبقي تسمعى كلامى، "رنا "هتفضل هنا، و مش هتخرج حتى لما تبقي عروسه هتفضل هنا
واصلت"الست منى "  فى توسلها و قالت و عيناها ممتلئة بالدموع  :
طب أفضل معاها لو حتى خدامة بس معاها
شعر بنشوة الانتصار عليها و قال بينما كان يزيحها بعيدًا عن قدمه بعصاه :
أنت رجعتى تحنى لأمك و أصلك  و لا ايه يا "منى"؟ ما هى كانت خدامة هنا برده بس عارفة لا برده
مش مسمحولك تعيشي فى البيت دا بعد ما قتلتى ابنى جايه تعيشي فى نعيمه اللى اتحرم منه بسببك
لا يا "منى"، بنتك هتفضل هنا و أنت تمشي زى ما جيتى، و نصيحه منى سبيها و هى بتحبك بدل ما تسيبك و هى بتكرهك يا "منى"
و عند هذا الحد زرفت الدموع بغزارة و ألم و هى تقول   :
أنا مقتلتوش، أنت ليه مش قادر تصدقنى ؟و الله ما قتلته .
رد عليها بينما كان يتقدم و يفتح الباب ليخرج منتصرًا :
معدش يفرق الكلام دا، اللى عندى قولته و أنتِ بقى اللى تختارى، تخسرى مين ؟ و تكسبى ايه ؟

خرجت محطمة، لم يُسعفها صوتها، أرادت قول الكثير أمام نظرات ابنتها المستعطفة.
كيف يمكنها أن تتحدث ؟ كيف تخبرها بأنها ستظل بأكثر الأماكن رعبًا لها ؟
طالعته بلهفة شديدة و الكل ينتظر الرد، إما حياة أو هلاك على الكل .

تحدثت أخيرًا و كأنها تهرب من مواجهة ابنتها و قالت بهدوء قاتل:
خلاص يا حضرة الظابط أنا هسحب البلاغ
أومأ الشرطى برأسه متفهمًا و قال :
تمام يعنى خلاص تم الصلح، و بنتك هتروح معاكى
حركت رأسها نافيةً و قالت و هى تغمض عينها بألم تخشى مقابلة ابنتها  :
لا هتفضل هنا فى بيت جدها، دا بيتها الوحيد

وقفت غير منصتة لأى شىء آخر سوى تلك الجملة، أتتركها الآن هنا ؟ أحقًا نطقت بها ؟! عادت لجحيم الماضى مجددًا
حتى لم تكلف نفسها عناء الشرح تركتها و رحلت دون أى مبرر.
ذهبت "رنا"خلف والدتها  و دموعها تنهمر بشدة
حاول جدها و عمها منعها من اللحاق بسيارة الشرطة و لكنها كانت الأسرع، ظلت تهرول خلفها و تبكى بغزارة، تصرخ بشده لعل صوتها يخترق تلك الأذن التى تركتها و رحلت :
ماما، يا ماما متسبنيش، هبقي بنت كويسة و الله، هصحى بدرى و أعمل الفطار و  هشتغل و هساعدك
يا ماما
كان صوتها عاليًا لدرجة أن كل سكان الحى خرجوا من منازلهم متعجبين.
ماذا يحدث فى منزل الحاج راشد و فى وضح النهار ؟

و لم يرد ذلك الجاحد إحداث البلبلة، أدخلها بالقوة إلى المنزل و أغلق الباب
وقبل أن يتفوه بأى كلمة وجدها تسقط أرضًا مجددًا منهكة من الصراخ و الركض، محطمة، تم خيانتها من أقرب الأشخاص لها
والدتها

" من كان يظن بأن الخيانة قد تأتى من الأهل؟ كيف و هم أقرب الأشخاص لروحك وجسدك ،رابطة مقدسة بين الأم و ابنتها كيف تنكسر بتلك السهولة؟
و ماذا بعد الانكسار ؟ أيلتئم الجرح أم يستمر فى نزيفه الى أن ينتهى بالبتر أو الموت ؟كلاهما سىء وربما الأسوء لم يأتِ بعد "

_يتبع_
_الجزء الأول ،الفصل العاشر _
_مريض نفسي بالفطرة _
________________________________

Don't forget the vote, please
أتمنى الفصل يعجب حضراتكم و مستنيه أرائكم، تصبحوا على خير

Continue Reading

You'll Also Like

15.2K 986 16
"شيروفوبيا" "رهاب السعاده.." _ وانا صغيره كنت بسمع اغنيه بتقول "ده القلب يحب مره ميحبش مرتين" كنت بحبها وبحب ادندنها كتير، لكن بما كبرت اتغيرت نظرتي...
9.8K 617 39
• بعد إنهاء المكالمه سهيله بتذهب الي مكان تواجد فارس عند الاستدج وبتصفعه صفعه قويه علي وجهه تحت نظرات تعجب من الجميع... • وقال بنبره مخيفه وساخره : ا...
5.7K 416 42
مُنذ الصِغر ونحنُ نعلم جيداً أن الخطان المتوازيان لا يلتقِيان أبداً ، فـ هل مِن المُمكن أن تتغير تِلك القاعِدة لـ يجتمِع قلبين معاً؟!. لما لا ؟ .. فـ...
152K 12K 48
ما بينَ محاولة نسيان خذلانٍ قديم، ومحاولة الالتفات لحُبٍ جديد.. كان التناقض طرفٌ ثالث، فأضحت هذه العلاقةُ أكثر الأمور تعقيدًا. Cover by Anobeass.