تَعَافَيْتُ بِكَ

Galing kay ShamsMohamed969

15.3M 644K 221K

ظننتُ أن قلبي هذا لم يخلق له الحب، و ظننتُ أنني لم أملكُ يومًا قلب؛ إلا أن وقعت عيناي على عيناكِ ففرح قلبي بر... Higit pa

الاقتباس الاول
البارت الأول (عريس صالونات)
الفصل الثاني (كونه حنونًا)
الفصل الثالث (الليل و سماه)
الفصل الرابع(إعتذار)
الفصل الخامس (رؤية شرعية)
الفصل السادس (عقد قران)
الفصل السابع(اللقاء الأول)
الفصل الثامن(طبيبة نفسية)
الفصل التاسع(رُهاب إجتماعي)
الفصل العاشر (هل مستعد؟)
الفصل الحادي عشر (لا يريد الخِطبة)
الفصل الثاني عشر (هل وافقت؟)
الفصل الثالث عشر (فلنقرأ الفاتحة)
الفصل الرابع عشر (عيد ميلاد)
الفصل الخامس عشر (موعد اللقا)
تنويه🕊️
الفصل السادس عشر (هدير السبب)
الفصل السابع عشر (كُتبَ الكِتاب)
الفصل الثامن عشر ( مُقابلة)
الفصل التاسع عشر (من أين تعلم؟)
الفصل العشرون (لا تأتي)
الفصل الحادي والعشرين (لأنها فراشة)
الفصل الثاني والعشرون (شكرًا)
الفصل الثالث والعشرين (غرقتُ بعيناكِ)
الفصل الرابع والعشرين (طريقة علاج)
الفصل الخامس والعشرون (لأجلكِ)
الفصل السادس والعشرون (أول مرة)
الفصل السابع والعشرون (لن أتركك)
الفصل الثامن والعشرون (براءة قلبها)
الفصل التاسع والعشرون (ماضٍ لا يُنسى)
الفصل الثلاثون(عروس لعبة)
الفصل الواحد والثلاثون (قاعة زفاف)
الفصل الثاني والثلاثون (الحب القديم)
الفصل الثالث والثلاثون (من عاشر القوم)
الفصل الرابع والثلاثون (لن أستطع)
الفصل الخامس والثلاثون (قمرٌ ضائع)
الفصل السادس والثلاثون (في حمايتك)
الفصل السابع والثلاثون (بداية جديدة)
الفصل الثامن والثلاثون (ما إسمه)
الفصل التاسع والثلاثون (لا يقارن بأحدٍ)
الفصل الأربعون (يزيد حنقه)
الفصل الواحد وأربعون (أنا سأعرفك)
الفصل الثاني و الأربعون(أبو جميلة)
الفصل الثالث و الأربعون( مشيرة الرشيد)
الفصل الرابع و الأربعون (لن أريحكِ)
الفصل الخامس والأربعون (عروس مثل القمر)
الفصل السادس و الأربعون (زغروطة؟)
الفصل السابع و الأربعون (فرح)
الفصل الثامن و الأربعون (صرخةمن الماضي)
الفصل التاسع و الأربعون (العقارب على سمومها تقترب)
الفصل الخمسون (بك تعافيت)
الفصل الأول الجزء التاني (لن أستطع)
الفصل الثاني_الجزء الثاني (مريض)
الفصل الثالث_الجزء الثاني ( البقاء لله)
الفصل الرابع_الجزء الثاني(
الفصل الخامس_الجزء الثاني(لم يراعي شعوره)
الفصل السادس_الجزء الثاني (كتاب دين)
الفصل السابع_الجزء لثاني (وعد بالطلاق)
الفصل الثامن_الجزء الثاني (هل تعرفها؟)
الفصل التاسع_الجزء الثاني (كوب قهوة)
الفصل العاشر_الجزء الثاني(منذ ١٣عام)
الفصل الحادي عشر_ الجزء التاني (وضعهما غريب)
الفصل الثاني عشر_الجزء الثاني (مريض نفسي)
إعتذار رسمي
الفصل الثالث عشر _الجزء الثاني(اختبار صغير)
الفصل الرابع عشر_الجزء الثاني (خطيب الآنسة)
الفصل الخامس عشر_الجزء الثاني (مفاجأة)
الفصل السادس عشر_الجزء الثاني (إلحق)
الفصل السابع عشر_الجزء الثاني (يلقى مصيره)
الفصل الثامن عشر_الجزء الثاني ( ضربة سكين بمقتل)
الفصل التاسع عشر_الجزء الثاني( أنا مستعد)
الفصل العشرون_الجزء الثاني (من طُعن بالسكين ؟)
الفصل الحادي و العشرون_الجزء الثاني(عودة وليد الرشيد)
الفصل الثاني والعشرون_الجزء الثاني( لحظة ترقب)
الفصل الثالث و عشرون_الجزء الثاني( حول الهزيمة لنصرًا)
الفصل الرابع و العشرون_الجزء الثاني( هل جدير بالثقة؟)
الفصل الخامس و العشرون_الجزء الثاني(منك لله!)
الفصل السادس و العشرون_الجزء الثاني ( تخضعين للعلاج)
الفصل السابع و العشرون_الجزء الثاني ( أثر الفراشةِ)
الفصل الثامن و العشرون_الجزء الثاني (وضعت نفسها بمأذق)
الفصل التاسع و العشرون_الجزء الثاني (صفعةً مدويةً)
الفصل الثلاثون_الجزء الثاني (بالأدب)
الفصل الواحد و الثلاثون_الجزء الثاني( بأي ذنبٍ قُتل؟)
الفصل الثاني و الثلاثون_الجزء الثاني (الصبر على الابتلاء)
الفصل الثالث و الثلاثون_الجزء الثاني (صرخة ألم)
الفصل الرابع و الثلاثون_الجزء الثاني (ما هو إسمه)
الفصل الخامس و الثلاثون_الجزء الثاني (من حفر حفرةً لأخيه)
الفصل السادس و الثلاثون_ الجزء الثاني ( هل سيترك حقه؟)
الفصل السابع و الثلاثون_الجزء الثاني (وُضِعَ بمأذقٍ)
الفصل الثامن و الثلاثون_الجزء الثاني (فهم ظنونه)
الفصل التاسع و الثلاثون_الجزء الثاني (تسببت بمصيبةً)
الفصل الواحد و الأربعون_الجزء الثاني (كيف يتصرف؟)
الفصل الثاني و الأربعون_الجزء الثاني (نجم شارد)
الفصل الثالث و الأربعون_ الجزء الثاني ( كيف هنا؟)
الفصل الرابع و الأربعون_الجزء الثاني (فرحة البيت)
الفصل الخامس و الأربعون_الجزء الثاني(ما لم يُحمد عقباه)
الفصل السادس و الأربعون_الجزء الثاني (تتعرفون عليها؟!)
اقتباس من الفصل القادم (تحت التهديد)
الفصل السابع و الأربعون_الجزء الثاني (ماذا يفعل هنا ؟!)
الفصل الثامن و الأربعون_الجزء الثاني (الحبايب هنا)
الفصل التاسع و الأربعون_الجزء الثاني (شر الدنيا)
الفصل الخمسون_الجزء الثاني (سبب الفرحة)
الفصل الواحد و الخمسون_الجزء الثاني(باح بالسر)
الفصل الثاني و الخمسون_الجزء الثاني (ما هي المفاجأة ؟)
الفصل الثالث و الخمسون_الجزء الثاني (عودة الحق)
الفصل الرابع و الخمسون_الجزء الثاني (الموعد المضبوط)
الفصل الخامس و الخمسون_الجزء الثاني (بالغصب)
الفصل السادس و الخمسون_الجزء الثاني (قنبلة موقوتة)
الفصل السابع و الخمسون_الجزء الثاني (طريقة خاصة)
الفصل الثامن و الخمسون_الجزء الثاني (فض شراكة)
الفصل التاسع و الخمسون_الجزء الثاني (فراق الحبيب)
الفصل الستون_الجزء الثاني (تمزق الروح)
الفصل الواحد و الستون_الجزء الثاني (عصفورٌ في اليد)
اقتباس من الفصل الجديد
الفصل الثاني و الستون_الجزء الثاني (حرية الاختيار)
الفصل الثالث و الستون_الجزء الثاني (وجهةٌ مصوبة)
الفصل الرابع و الستون_الجزء الثاني (عقل مريض)
الفصل الخامس و الستون_الجزء الثاني (لا حول ولا قوة)
الفصل السادس و الستون_الجزء الثاني (الكرة في ملعبه)
الفصل السابع و الستون_الجزء الثاني (ليلٍ لا يدوم)
الفصل الثامن و الستون_الجزء الثاني (بالطبع مستحيل)
الفصل التاسع و الستون_الجزء الثاني (السقوط في بئر الضياع)
الفصل السبعون_الجزء الثاني (مغيب عن الواقع)
الفصل الواحد و السبعون_الجزء الثاني (حرق أعصاب)
الفصل الثاني و السبعون_الجزء الثاني (لم يكن خيرًا)
الفصل الثالث و السبعون_الجزء الثاني (حالة صدمة)
الفصل الرابع و السبعون_الجزء الثاني (لمن النصر؟)
الفصل الخامس و السبعون_الجزء الثاني (الموت قادم)
الفصل السادس و السبعون_الجزء الثاني (فخورًا بنفسه)
الفصل السابع و السبعون_الجزء الثاني (حق الاستغلال)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (عوض الله)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (ماذا تريد)
الفصل الثمانون_الجزء الثاني (أول سحور)
الفصل الواحد و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفي بوعده؟)
الفصل الثاني و الثمانون_الجزء الثاني (عودة الروح)
الفصل الثالث و الثمانون_الجزء الثاني (انسحبت الروح)
الفصل الرابع و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفيد بشيءٍ)
الفصل الخامس و الثمانون_الجزء الثاني (بكل راحة و يسر)
الفصل السادس و الثمانون_الجزء الثاني (رحمة الله عليه)
الفصل السابع و الثمانون_الجزء الثاني (ألم فقدانها!)
الفصل الثامن و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيشعر به؟)
الفصل التاسع و الثمانون_الجزء الثاني (واقع أم حُلم؟)
الفصل التسعون_الجزء الثاني (إخطار من الوزارة)
الفصل الواحد و تسعون_الجزء الثاني (نظرةٌ قارنها العتاب)
الفصل الثاني و التسعون_الجزء الثاني (طوق نجاة)
الفصل الثالث و التسعون_الجزء الثاني (وحي الخيال)
الفصل الرابع و التسعون_الجزء الثاني (محاولة فاشلة)
الفصل الخامس و التسعون_الجزء الثاني (الزمن يُعاد)
الفصل السادس و تسعون_الجزء الثاني (غياهب الظلام)
الفصل السابع و التسعون_الجزء الثاني (ليلة الحنة)
الفصل الثامن و التسعون_الجزء الثاني (نهاية القصة)
تنويه هام🦋❤️
تجميعة الحلقات الخاصة

الفصل الأربعون_الجزء الثاني (موعد الحق)

73.3K 3.6K 2K
Galing kay ShamsMohamed969

"الفصل الأربعون"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
_________________________

تائهٌ وجد في عينيك العنوان، خائفٌ عرف بكِ معنى الأمان.
_________________________

و ما الخطأ تلك المرة في كوني لا أؤذي الآخرين؟ ما الخطأ بأنني اخترت بملء إرادتي أن أكون لطيفًا بالآخرين؟ ذلك الشخص الأخر الذي يعيش بداخلي يود لو انتقم أشد الانتقام لذاته، و ذلك الأخر يرفضه و يود العيش في سلام حتى لا تتكرر معاناته، أنا و بملء ارادتي اخترتُ أن أكون كاظمًا للغيظ عافيًا عند المقدرة، أخترت أن أكون أنا..

كل شيء حدث بلمح البصرِ، سقطت «خديجة» من على درجات السلم الكثيرة حتى وصلت منتصفها قبل الدرجة العريضة و حينها اصطدم جبينها بطرف الدرجة عند اندفاع باقي جسدها للاسفل بتلك الطريقة، و كل ما خرج منها فقط تأوهًا بصوتٍ منخفض فحتى ذلك الصوت لم تستطع على إخراجه و كل ما يصل لها فقط صرخات شقيقتها باسمها و هي تركض نحوها بعدما دفعت «منة» من طريقها، و مع صوت صرخات «خلود» صعد المعظم من الأسفل و كان أولهم «أحمد» الذي ركض درجات السلم و ما إن رأى الدماء تنزل على وجهها و هي بين التيه و الواقع بتلك الطريقة حينها اندفع نحوها بلهفةٍ يذكر إسمها بخوفٍ و هو يربت بكفه على وجنتها حتى أتى «وئام» و الشباب خلفه و عند رؤيتهم لذلك الوضع تحدث «طارق» بلهفةٍ هو الأخر:

"بسرعة يلا على المُستشفى، انتو لسه هتتفرجوا دماغها اتفتحت"

و في تلك اللحظة كأن حديثه هو جرس الإنذار لعقلهم، حتى حاول «أحمد» رفعها من على الدرجات ولكنها صرخت بألمٍ حينما وضع يده أسفل ركبتيها، فتدخل «خالد» يقول مقررًا:

"الرِجل ممكن يكون فيها كسر، حد يشيلها عِدل كدا مش هينفع"
حينئذٍ اندفع «وئام» بخوفٍ نحوها حتى أحكم مسكته لها و حملها على يده بخوفٍ و حينها لم يسعفه عقله باستخدام المِصعد حتى ركض بها درجات السُلم و البقية خلفه، بينما «أحمد» انتبه لحالة «خلود» التي وقفت تبكي بقوةٍ و كأنها في عالمٍ أخر، حينها اقترب منها يمسك مرفقها وهو يسألها بنبرةٍ جامدة و مشاعر متخبطة في بعضها:
"حصل إيه يا خلود يخليكي تعيطي كدا ؟! انطقي مالك واقفة كدا ليه ؟! مين عمل كدا في خديجة ؟!"

رفعت عينيها تطالعه ببكاءٍ و تشنج في ملامح وجهها بل و جسدها بالكامل، فهزها هو بعنفٍ و هو يقول بنفس الجمود:
"انطقي يا خلود !! مين عمل كدا و أختك وقعت إزاي من على السلم"

قبل أن تجاوبه هي تدخلت «منة» بعدما ركضت إليه و هي تقول بتبجحٍ و كأنها لم تفعل شيئًا:
"خلود هي اللي زقتها !! كانت بتضربني و خديجة حاولت تبعدها عني و هي زقتها من على السلم"

اتسعتا حدقتي «خلود» و هي توجه رأسها نحو «منة» التي رسمت الثبات بنجاح على هيئتها، بينما «أحمد» حرك رأسه نحو شقيقته و هو يسألها منفعلًا في وجهها:
"الكلام دا حصل يا خلود !! انطقي أنتِ اللي زقيتي أختك كدا؟!"

ردت عليه هي بصراخٍ في وجهه:
"أنـــتَ اتـــجــننـت !! أنا هعمل كدا في خديجة ؟! هتصدق البجحة دي، هي اللي زقتها و أنا مسكاها"

ردت عليها بنفس الوقاحة:
"أنتِ كدابة !! أنتِ اللي زقتيها من على السلم علشان كانت بتبعدك عني"

قبل أن تتحدث «خلود» صرخ «أحمد» في وجهيهما:
"بــــس !! مش عاوز أسمع صوت منكم، بس قسمًا بربي اللي مش هحلف بيه كدب، اللي هعرف إنها عملت كدا في أختي لأخليها تترحم على نفسها في إيدي"

رمى بحديثه أمامهما ثم رحل للأسفل راكضًا لشقيقته، و «خلود» تتبعه هي الأخرى تاركة خلفها تلك الحمقاء حتى يحين موعد تربيتها من جديد، بينما هي نفسها ركضت خلفهما تتوجه نحو شقتهما و خاصةً أن والديها مع العائلةِ بالأسفل يحضرون تلك المناسبة.

في الأسفل وقف «طه» مذعورًا و هو يرى فتاته على يد أخيها و «مروة» تحاول كتم دمائها التي تنزف من رأسها و والدتها التي كانت تبكي بقوةٍ و هي تمسك يدها و تصرخ بإسمها، أما هي فكانت في حالةٍ مشوشة من قوة الصدمة على جسدها و والدها يبكي و هو يربت على وجهها قائلًا بصوتٍ باكٍ:

"خـديجة !! فوقي يا خديجة و متوجعيش قلبي عليكي، فوقي طيب و كلميني"

رد عليه «وئام» بقلقٍ اتضح في نبرته و صوته:
"هتفوق و هتبقى كويسة، يلا يا طارق تعالى بسرعة سوق العربية"

أومأ له «طارق» موافقًا ثم ركض نحو الأسفل يفتح السيارة حتى دلفها «وئام» و هي على ذراعه و في الأمام جلس «حسن» بجوار «طارق» و في السيارة الخاصة بالشباب ركبوا سويًا ثلاثتهم خصيصًا بعدما حاولوا التوصل لـ «ياسين» أو «وليد» لكن النتيجة واحدة و هي أن هواتفهما مغلقة و خلفهم سيارة «طه» هو بها و «أحمد» و «عبد الرحمن» الذي صمم على الذهاب معهم، بينما في البيت بقيت النساء حول «زينب» التي استمرت في البكاء و الصراخ على صغيرتها و الفتيات حولها يحاولن تهدئتها، و لكنها استمرت في البكاء خاصةً بعدما رفضوا جميعًا ذهابها معها بتلك الطريقة.
_________________________

في السيارةِ التي كان يقودها «طارق» كان «وئام» في الخلف و هي بين ذراعيه و هو يحدثها ببكاءٍ:
"فوقي يا خديجة طيب و ردي عليا !! إيه بيوجعك طيب ؟! حاسة بإيه"

حركت رأسها للجهة الأخرى لم تستطع التحدث بعد كل تلك الآلام التي تشعر بها في عظامها و جسدها، حتى أغلقت أهدابها تستسلم لتلك الحقبة السوداء التي هربت بها من الوجع التي تشعر به، بينما «وئام» صرخ في رفيقه:
"دوس يا طارق شوية دي أغمى عليها، دوس بسرعة"

رد عليه «طارق» بخوفٍ:
"بدوس أهو يا وئام، بس خايف جسمها يوجعها، أنا بحاول أهوه"

تدخل «حسن» يقول مؤيدًا:
"دوس بس بسرعة خلينا نوصل قبل الدم ما ينزف أكتر، بسرعة يلا"
عند حديثه ضاعف «طارق» السرعة وهو يصارع الأرض أسفل سيارته، و لحقته سيارة الشباب و سيارة «طه» التي قادها «أحمد»، حتى سأله والده ببكاءٍ:
"هو إيه اللي حصل يا أحمد !! مين عمل في أختك كدا ؟!"

رد عليه هو بنبرةٍ منفعلة:
"مش عارف يا بابا، أنا طلعت لقيتها على السلم واقعة و مش حاسة بحاجة و خلود جنبها بتعيط و منة بتـ....منة !!"

انتبه لتوه على حالة «منة» و تخبطها و كأن لحظة التشوش التي وقف بها أمامها زال أثرها الآن، و انتبه على حالة تلك الحمقاء التي تُدعى «منة»، بينما والده سأله:
"ها كمل !! مالها منة يا أحمد"

لمعت عينيه بنظرة توعد لكنه محاها سريعًا و هو يرد على والده بنبرةٍ جامدة:
"لما خديجة تفوق يا بابا هنعرف، متخافش بس أنتَ"

رد عليه والده ببكاءٍ و ضعف تمكن منه و من صوته:
"مخافش !! مخافش و أنا شايفها على إيد وئام غرقانة في دمها ؟! مخافش عليها إزاي بس ؟! أنا تعبت ليها و الله من الدنيا دي"

تدخل «عبد الرحمن» يقول مؤازرًا له بخجلٍ:
"اطمن يا عمو هتبقى كويسة إن شاء الله، متخافش ربنا يطمن قلوبكم عليها، ادعولها بس"

رفع رأسه يدعو الله ببكاءٍ و وجع في نبرته نابعًا من ألم جوفه و هو يقول:
"يــا رب....يــا رب"

في سيارة الشباب حاول «عامر» مرارًا و تكرارًا الوصول إلى صديقيه لكن دون جدوى و كأن تلك الهواتف لا تنفع بشيء، فنفخ وجنتيه بضجرٍ و هو يقول:

"راحوا فين بس !! ما حد فيهم يرد عليا و يجي ورانا"

رد عليه «ياسر» بقلة حيلة:
"كدا أحسن يا عامر بدل ما يتخضوا، أنتَ عارف الاتنين ملهمش غيرها، يعني لو محدش فيهم جه كمان يبقى أحسن"

أيده «خالد» من خلال قوله:
"ياسر معاه حق، ممكن واحد فيهم يتهور و لا حاجة في السواقة، خلينا بس نوصل و نطمن عليها و بعدها نكلمهم و نشوف كدا"
_________________________

في المسجد تحدث الشيخ «أيوب» مُكملًا حديثه بنفس الحكمة قائلًا:
"يقول الشافعي "إذا حارَ أمرُكَ في مَعْنَيَيْن ولم تدرِ حيثُ الخطأ والصوابُ؛ فـخَالِفْ هَوَاكَ فإنَّ الهوَى يقودُ النفوسَ إلى ما يعابُ"
يعني نفسك دايمًا هتقودك للخطأ و للحاجة اللي تُهلكك يا وليد، بيبقى قصادك نِعم كتير و غصب عنك بتدور على اللي مش عندك، ربنا سبحانه و تعالى قسم لنا أرزاق و كرمنا بيها، بس كل واحد على قد مقدرته، تلاقي واحد فقير و معندوش أي حاجة، بس مقابل دا عنده زوجة رحيمة بيه و بظروفه و أولاد مصبرينه على الدنيا،

تلاقي واحد تاني ملهوش أهل و لا عيلة و لا أي حد في الدنيا بس ربنا مهون عليه بأصحاب معاه في الوحش قبل الحلو، تلاقي واحد عنده كل حاجة فلوس و بيت و صحاب بس عنده مشكلة في صحته، كل واحد ليه رزقه زي ما ربنا قدره ليه، لا فاتك بتاعك و لا اللي ليك هيضيع منك، يبقى أنتَ خايف ليه أصلًا ؟!

كلية مجاتش ليك تبقى مش بتاعتك، ملكش رزق فيها، ربنا مختارلك كلية تانية أحسن علشان تبدع فيها، اصحابك غدروا بيك مع السلامة هما مكانوش شبهك و لا شبه قلبك، و مين عارف يمكن تتعرف على ناس غيرهم و تبقى نهايتك اصعب، ممكن تتعرف على ناس تانية و فيه ضرر برضه يحصلك و عواقبه تكون أكتر، ثق في ربك و حكمته علشان تقدر تفهم حياتك و ترتاح فيها، مع إنها دنيا لم تخلق للراحة، إنما الراحة في الجنة، ربنا يوعدنا و يوعدك بيها يا رب"

ابتسم له «وليد» و هو يقول بصوتٍ ظهرت به الراحة و تخللت قسمات وجهه:
"يمكن لو كنت جيتلك من بدري كنت فهمت حاجات كتير، و يمكن لو كنت قعدت مع نفسي و سمعت ليها كان زماني مرتاح في حياتي شوية، بس الحمد لله، أكيد ربنا له حكمة في كدا علشان اتعرف عليك و أشوفك يا شيخ أيوب"

رد عليه هو بنبرةٍ هادئة:
"أنا فرحان أني شوفتك أوي، بالمناسبة أنا مش شيخ ولا حاجة، أنا أيوب بس، أخوك و صاحبك لو حبيت و وقت ما تتعب أو تتوه تعالى ليا هنا"

رد عليه هو بسخريةٍ:
"أتوه !! هتوه و أنا كبير كدا ؟"

رد عليه هو بأسى:
"للأسف إحنا متوهناش غير لما كبرنا يا وليد، اسأل ياسين و هو يقولك على توهة الكبار، لما تتوه روح بيت ربنا و خصوصًا لما تكبر"
فهم هو مقصد حديثه فابتسم له بتفهمٍ تزامنًا مع حركة رأسه بالإيجاب، بينما «ياسين» ابتسم براحةٍ هو الأخر حينما تأكد أن تلك الجلسة أتت بالنتائج التي ظنها هو.

خرجا سويًا من المسجد بعدما أعطوا الطعام للشيخ «أيوب» حتى يعطيه للناس الذين يعرفهم هو بقرب المسجد، و بعدها ركبا السيارة مرةً أخرى، فتحدث «وليد» يقول بنفس الراحة:

"إيه الراجل دا يا ياسين ؟! كان فين من بدري ؟! كلامه حلو أوي و ريحني أوي"

رد عليه «ياسين» بنبرةٍ مرحة:
"دا الشيخ أيوب، دا اللي بيلحقنا لما نتوه يا وليد، عارفينه من و إحنا في ثانوي، بس هو سافر فترة و رجع و استقر هنا من قريب، عرفت مكانه أهوه لما تتوه و تتعب تعالى هنا"

حرك رأسه موافقًا ثم تنهد بعمقٍ و هو يفكر في حديثه مرةً أخرى، بينما «ياسين» حرك مقود السيارة حتى يتوجه نحو البيت مرةً أُخرى.

في المستشفى وصلت السيارات تباعًا، فنزل «وئام» و هي على يده يركض بها نحو الداخل حتى قابلته إحدى الممرضات و هي تسأله بلهفةٍ:
"خير يا فندم مالها بس !!"

رد عليها هو بتشوشٍ في حديثه:
"بصي هي وقعت من على السلم و أنا مش عارف حصل إيه، بس جسمها بيوجعها...شوفيها كدا"

أشارت له نحو الغرفة حتى يدخلها بها، وضعها على الفراش فوجد الطبيبة تدلف الغرفة و هي تقول بنبرةٍ عملية:
"اتفضل حضرتك برة علشان نقدر نكشف عليها، هي وقعت من إمتى ؟!"

رد عليها «طارق» مسرعًا:
"ميكملش ساعة لحد ما جينا هنا، شوفيها يا دكتور بعد إذنك ؟!"

سألتهما هي بنبرةٍ جامدة:
"مين فيكم جوزها !! و إيه اللي وقعها وقعة زي دي؟"

رد عليها «وئام» منفعلًا:
"هنقعد نسأل كتير !! ما تشوفيها دماغها متعورة، و بعدين نجاوبك"

سألته هي بنفس الجمود:
"أنتَ شكلك جوزها و أنتَ اللي عملت فيها كدا، مش أول مرة تيجي حالة كدا ليا، بس هنشوف"

طالعها كليهما بدهشةٍ فتدخل «حسن» يقول بنبرةٍ جامدة:
"يا ستي محدش فيهم جوزها، احنا اخواتها و جوزها في الشغل، شوفيها و بعدين طلعي روح المرأة الحُرة اللي جواكي"

أشارت لهم و هي تقول بضيقٍ:
"برة !! اتفضلوا برة انتو التلاتة يلا و على فكرة أنا هعمل محضر لو لقيت كسور"

خرج الثلاثة من الغرفة خلف بعضهم و «خديجة» على الفراش نائمة لا حول لها و لا قوة غافية كعادتها مسالمة لتلك الحياة و لما تفعله بها، حتى اقتربت منها الطبيبة تبدأ فحصها، بينما في الخارج وقف الشباب بجانب بعضهم، و «طه» على ارتمى على المقعد يبكي بحرقةٍ عليها و قلبه يصرخ خوفًا عليها، لم يستطع تمالك و هو يتذكر هيئتها على ذراع «وئام» و في تلك الحظة مر شريط حياته معها بذكرياته الأليمة، تلك العصفورة الصغيرة التي كسرت الحياة جناحيها حتى افقدتها القدرة على الطير بواسطته هو، و ها هو يرى ضعفها من جديد، بينما «وئام» رغمًا عنه بكى حينما تذكر ضعفها بين ذراعيه، فتنهد بعمقٍ و صديقيه بجواره يربتا على كتفيه، بينما «أحمد» وقف مصدومًا و هو يفكر فيما حدث، و في كل الحالات هو المتسبب الوحيد في أذيتها، بينما الشباب اقتربوا منهم يقفون بجوراهم منتظرين خروجها من غرفة الكشف.
_________________________

في بيت آلـ «الرشيد» كانت «خلود» تبكي بين ذراعي «جميلة» و هي تشهق بقوةٍ فحتى الآن لم تستطع أن تتفوه بما حدث، بينما «مشيرة» سألتها منفعلة في وجهها:
"ما تنطقي يا خلود !! مين عمل كدا و خديجة وقعت إزاي ؟! بتعيطي ليه طيب ؟"

ردت عليها هي بصراخٍ:
"علشان وقعت بسبب غبائي يا عمتو، لو مكنتش أنا اتعصبت و مسكت منة مكانش دا حصل"

سألتها «زُهرة» بتمعن و اهتمام:
"و هو إيه دخل منة في الموضوع ؟! و خديجة وقعت ازاي؟"

مسحت دموعها بعدما خرجت من بين ذراعي «جميلة» و هي تقول بصوتٍ مختنق:
"كنت بتخانق مع منة فوق السطح، و خديجة طلعت شافتنا سوا، و لما حاولت تدخل منة شتمتها، دمي اتحرق علشان خديجة و مسكت منة من شعرها و خديجة بتحاول تدافع عنها ضربتها بالرجل و خديجة وقعت و خدت السلالم كلها لحد ما راسها اتخبطت في السلم"

انتفضت «مشيرة» من جلستها تسألها بجمود:
"و هي بنت وفاء اللي عملت كدا في بنتنا !! ردي عليا يا خلود"

حركت رأسها موافقةً و هي تقول ببكاءٍ:
"هي و الله يا عمتو، أنا كنت مسكاها في إيدي و خديجة قدامها على طرف السلم راحت ضارباها برجليها و دراعها لحد ما خديجة وقعت"

طالعها الجميع بدهشةٍ مما وقع على مسامعهم فحتى الآن لم يأتي بمخيلتهم أن «منة» تفعل ذلك بكل جرأة، بينما في الأعلى كانت «وفاء» جالسة في شقتها و هي تمصمص شفتيها إشفاقًا على «خديجة» تزامنًا مع قولها:

"أنا مش عارفة البت دي حظها عامل كدا ليه ؟! دي طيبة و عمرها ما زعلت حد، ربنا يسترها عليها و تطلع حاجة بسيطة"

ردت عليها «منة» بلامبالاةٍ:
"عادي يعني متكبروش الدنيا هتبقى كويسة، هتلاقيها بتمثل و لا بتعمل الشويتين بتوعها"

طالعتها والدتها بضجرٍ و هي تقول:
"أنتِ إيه يا بت ؟! جايبة الجحود اللي قلبك دا منين ؟! هقول إيه ما أنتِ ستك أمينة، طبيعي تطلعي جاحدة زيها، جتك القرف"

ردت عليها هي بجمودٍ:
"آه ما هي الست خديجة حبيبتك، خليكي زي خديجة يا منة، نفسي أشوفك زيها يا منة، خديجة مفيش منها اتنين، باردة أصلًا و أنا مبطيقهاش"

صرخت والدتها في وجهها و هي تقول بحنقٍ:
"بـــس أنتِ إيه ؟! يطلع يشوفله صرفة معاكي أنا جيبت أخري منك، روحي ربنا يخلصني من قرفك بقى"

ردت عليها بوقاحةٍ:
"و هو أنتِ لو بتحبيني أنا مش كنتي جبتيلي أنا ياسين دا اتجوزه ؟! و لا تروحي تجبيه لحبيبة القلب؟"

أمسكتها والدتها من ذراعها و هي تقول لها بضجرٍ و تقززٍ منها:
"أنتِ متربتيش و سافلة، بس دي مش غلطتك، دي غلطتي علشان سيبتك لستك تربيكي على الجحود، كنتي عاوزاني اجبلك ياسين تتجوزيه أنتِ بإمارة إيه ؟! متربية أوي و هترفعي راسي ؟! ريحي نفسك هو كان عاوز واحدة محترمة مش زيك"

نظرت لوالدتها بحقدٍ و غل دفين سيطر على نظرتها و حركة فمها، بينما والدتها دفعتها على الأريكة و هي ترمقها بتقززٍ و شفقة، فوقفت هي حتى تدلف غرفتها لكن صوت الباب و قوة الصفع عليه أوقفها مكانها، بينما «وفاء» فتحت الباب بتعجبٍ فوجدت «مشيرة» في وجهها و هي تقول بصوتٍ أقرب للصراخ:

"بنتك فين يا وفاء ؟! فين المحروسة ست الحسن و الجمال؟"
طالعتها «وفاء» بتعجبٍ من هيئتها و عنفها البادي عليها، فصرخت في وجهها من جديد بقولها:
"انطقي !! فين بنتك يا وفاء"

أقتربت «منة» تقف بجوار والدتها و هي تقول لها بصراخ:
"عاوزة إيه يا ست أنتِ ؟! هي مش زريبة علشان تخبطي كدا"

ردت عليها «مشيرة» بصوتٍ عالٍ:
"لأ زريبة يا روح أمك، و أنا هقطع رقبة الجاموسة اللي مطلوقة على الخلق، بتزقي خديجة ليه يا بت أنتِ"

تدخلت «وفاء» تقول بذهول:
"بتقولي إيه يا مشيرة !! منة هتزق خديجة ليه يعني؟"

ردت عليها بتبرمٍ و سخريةٍ:
"اسألي ست الحسن بنتك، انطقي يا بت ضربتيها ليه؟ الله في سماه ما هسيبك؟"

ضمت «منة» ذراعيها أمام صدرها و هي تقول بسخريةٍ و تهكمٍ:
"و دي إيه الطيبة دي كلها يا طنط يا مشيرة !! خلاص خديجة بقت حبيبتك كدا ؟! بقيتي طيبة و بتحبيها؟"

لمعت عيني «مشيرة» بخبثٍ و هي تقول:
"لأ طيبة إيه بقى ؟! مبتأكلش عيش يا حلوة، يا بختك يا منة أول واحدة هتتعامل مع مشيرة القديمة من جديد"

قبل أن تعي كلتاهما معنى حديثها، هجمت على «منة» تمسكها من شعرها و هي تقول:
"نسيتي يا بت لما كنتوا جايين مش لاقيين مكان بعد ما ستك طردتكم من البيت ؟! نسيتي يا حلوة لما كنا بنقعدك وسط عيالنا هنا، مش هسيبك يا ناكرة الجميل أنتِ"

صرخت في يدها بينما والدتها حاولت الدفاع عن ابنتها من يد «مشيرة»، لكن الأخرى صرخت في وجهها و هي تقول:
"ابعدي يا وفاء علشان مجبكيش مكانها، يا أنا يا عديمة التربية دي"

صرخت «منة» في يدها بقوةٍ و في تلك اللحظة صعدت «جميلة» و «هدير» نتيجة الصوت المرتفع، فتحدثت «منة» تتوسل لـ «هدير» بقولها:
"الحقيني يا هدير، خليها تسيبني، شعري آااه"

شدت «مشيرة» مسكته و هي تقول بتوعدٍ:
"دا أنا هقطعه في إيدي شعرك دا، هخليكي زي عساكر الجيش، علشان تمدي إيدك على حد تبعنا بعد كدا"

دفعت «مشيرة» نحو الحائط حتى صرخت بقوةٍ حينما اصطدم ظهرها بالحائط، حينها شهقت «جميلة» بينما «هدير» صرخت في وجهها و هي تقول:

"يا ليلة أهلك السودا !! بتضربي عمتي، كدا جبتيه لنفسك يا بنت وفاء"

هجمت عليها «هدير» هي الأخرى و هي تحاول ابعادها عن عمتها و في نفس الوقت تضربها بيدها الأخرى، بينما «جميلة» اقتربت من والدتها حينما رآت شحوب وجهها نتيجة الاصطدام بالحائط، فصرخت «وفاء» بقوةٍ تطلب المساعدة حتى صعد زوجها و معه «محمود» و «محمد»، تدخل «محمود» يسحب شقيقته و الفتاتين، بينما «سالم» اقترب نحو ابنته و هو يسأل بصوتٍ منفعل:

"حصل إيه ؟! فيه إيه يا جماعة و إيه اللي إحنا شوفناه دا ؟!"

ردت عليه «هدير» مفسرةً بجرأة:
"بنتك ضربت خديجة و هي اللي وقعتها من على السلم و مش بس كدا، دي زقت عمتي، ربيها بدل ما أربيهالك أنا"

تدخل «محمود» يقول أمرًا لهم:
" بس !! يلا على تحت كلكم، خدهم يا محمد و انزل، يلا"

أومأ له «محمد» موافقًا ثم أخذ الجميع معه، بينما «محمود» وقف أمام «سالم» يقول بنبرةٍ جامدة:
"لو كلام هدير صح هيبقى فيها حساب تاني يا سالم"
طالعه «سالم» بخجلٍ منه و خاصةً من خلال قسمات وجه ابنته التي تؤكد صدق حديثهم بينما «محمود» رحل من أمامهم بعد رمقهم بتوعدٍ لم يفصح عنه بلسانه، بل اكتفى بنظرته.
_________________________

في الأسفل جلست «مشيرة» تتأوه من آلام ظهرها، فتحدثت «إيمان» تقول بضجرٍ:
"هي ملهاش كبير البت دي ؟! مش عاملة اعتبار للجيرة و العشرة حتى ؟! بس خلوها شكلها هتحصل بنت أم عمرو على إيدي"

  تأوهت «مشيرة» من جديد بوجعٍ أكثر فسألتها«ميمي» بقلة حيلة:
"و بتطلعي ليه يا مشيرة ؟! كنتي استني لما خديجة ترجع و نطمن عليها، استفدتي ايه بقى؟"

ردت عليها هي بإنهاكٍ من ألمها:
"دي بت قليلة الرباية و بجحة، الله في سماه ما هرحمها، بقى تعمل كدا في خديجة ؟! دي الوحيدة اللي كانت بتدافع عنها لما أمها تتخانق معاها، نسيت نفسها بنت وفاء، ربنا يسترها و خديجة ترجع بالسلامة"

قالتها بتوسلٍ و تمني حتى رد عليها «ياسين» من على عتبة الشقة و هو يقول بنبرةٍ جامدة:
"ترجع بالسلامة منين ؟! هو حصل إيه و فين خديجة؟"

سألهم بعدما حرك رأسه يبحث بعينيه عنها في المكان و لكن ما وصله كان الصمت من قِبلهم جميعًا، و ما لفت نظره هو بكاء والدتها بين ذراعي والدته فسأل بنبرةٍ منفعلة:

"ما حد ينطق فيكم حصل إيه ؟! خديجة مالها و طنط زينب بتعيط ليه؟! مـــا تـــردوا"

صرخ في وجههم جميعًا حتى صعد «وليد» من الأسفل و هو يسأل بتعجبٍ:
"فيه إيه صوتك عالي ليه ؟! مالكم يا جدعان إيه العزا دا"

رد عليه «ياسين» بنبرةٍ منفعلة أقرب للصراخ:
"مش عاوزين يردوا عليا، انطقوا في إيه و خديجة مالها، قولي أنتِ يا ماما"

طالعته والدته بخجلٍ و حينما كرر هو سؤاله من جديد ردت عليه «مشيرة» بقلة حيلة:
"خديجة وقعت من على السلم و راحوا بيها المُستشفى"

وقف كليهما و كأن صاعقة رعدية مست جسديهما سويًا من هول الصدمة، فتحدث «وليد» يسأل منفعلًا في وجههم:
"خديجة مين دي اللي وقعت ؟! أنتو هتهزروا ؟! وقعت إزاي حد ينطق؟!"

ردت عليه «عبلة» بنبرةٍ تائهة:
"منة وقعتها من على السلم، و الشباب و عمو طه راحوا بيها المُستشفى"

تحدث «ياسين» يسأل بصوتٍ حاد:
" و محدش فيكم قالنا !! مراتي وقعت و خدوها المستشفى و أنا أخر من يعلم ؟!"

ردت عليه والدته بضجرٍ:
"يا حبيبي تليفونك مقفول و تليفون وليد كمان، إن شاء الله خير متخافش"

تحدث «وليد» يسأل بصراخٍ:
"راحوا مستشفى إيه بسرعة !! انطقوا ؟!"

ردت عليه «هدير» بقلقٍ واضح:
"راحوا بيها المُستشفى الحكومي اللي جنبنا هنا، كلمت حسن و قالي إنهم هناك بس خرجوهم برة"

فور انتهاء حديثها ركض كليهما نحو الأسفل يسابق الزمن حتى يصل لها، و بعد مرور ثوانٍ كان إطار السيارة يحتك الأرض حتى أوشك على خروج نيران نتيجة الاحتكاك، بينما «وليد» أخرج هاتفه حتى يقوم بفتحه و ما إن فتحه حتى وجد الرسائل تصل إليه خلف بعضها من الشباب بأكملهم، أما «ياسين» فتملك منه خوفًا غريبًا على زوجته، لا يدري لماذا دماغه لم تسعفه و تنصفه في تفكيره، بل ظلت ترسم له آلاف السيناريوهات و كلًا منهم أكثر سوءًا عن الأخر، حينها ضغط على مكابح السيارة بقوة حتى اصطدم «وليد» في نافذة السيارة نتيجة التحرك العنيف الذي اصدره «ياسين»، و بعد مرور دقائق ركض كليهما في الرواق المؤدي إلى داخل المشفى حتى وقع بصر «ياسين» على الشباب يقفون بالخارج دون «وئام» و «أحمد» ، فركض إليهم و هو يلهث بقوةٍ و الأخر يلحقه حتى وقف أمامهم وهو يقول بنفسٍ متقطع:
"خديجة !! خديجة فين يا عم طه ؟! هي كويسة طيب ؟!"

وقف «خالد» بجواره يربت عليه محاولًا تهدئته و هو يقول:
"بالراحة طيب يا ياسين، خد نفسك، إهدا"

رد عليه بانفعالٍ في وجهه:
"أهدا إزاي يا خالد ؟! أنا مش فاهم حاجة و مش عارف مراتي فيها إيه و فينها ؟! حد فيكم يقولي هي فين؟"

رد عليه «طه» بصوتٍ تائه:
"مش عارف يا بني، محدش هنا عارف يكلمهم و لا حد عارف يتفاهم معاهم، خيطوا دماغها مكان الفتح و قالوا هنعملها إشاعات علشان نشوف العضم لو فيه كسور و أحمد و وئام معاها جوة"

فتح «ياسين» عينيه على وسعيهما بعد استماعه لجملة حماه، بينما «وليد» صرخ في وجهه قائلًا بخوفٍ:
" يــعـني إيه ؟! هو إيه اللي كسور و فتح في الدماغ، ليه بلدوزر موقعها ؟! هما فين"

رد عليه «طارق» بضيقٍ:
"جوة محدش فينا عارف يدخل، كل شوية حد فيهم يطردنا، احنا دافعين فلوس علشان نقف هنا بدل ما يخرجونا في الشارع"

ركض «ياسين» نحو الداخل دون أن يستمع لأيًا منهم، و حينما اوقفه عامل الأمن، حينها أخرج من جيبه ورقة مالية فئة الـمئتين جنيه و هو يقول له بصراخٍ:

"خد دي خليها معاك، مبسوط كدا !! قولي فين أوضة الاشاعات اللي هنا"

رد عليه بطريقةٍ مهذبة:
"اتفضل يا باشا....ربنا معاك، هتلاقيها في الدور الأول تاني أوضة على إيدك اليمين"

ركض هو و «وليد» خلفه نحو الطابق الذي أخبرهم هو به، و بعد سؤالهم للجميع على الغرفة تحديدًا وصلا أمامها و كان حينها «وئام» و «أحمد» يقفا بالخارج في انتظار خروجها، حينها اقترب منه «ياسين» يسأله بخوفٍ:
"هي فين ؟! فين خديجة يا وئام ؟! هي كويسة صح؟"

رد عليه هو بإنهاكٍ واضح على صوته و هيئته:
"كويسة يا ياسين متخافش، دلوقتي بيجبسوا رجليها فيها كسر من عند الكف، و إيدها الشمال اتجزعت هيعملها جبيرة و الباقي كدمات في العضم، بس هي كويسة متخافش"

رد عليه هو بحزنٍ اتضح في نبرته و لمعة عينيه:
"كل دا و مخافش ؟! استغفر الله العظيم يا رب"

اقترب «وليد» يسأله بصوتٍ متهدج و هو على مشارف البكاء:
"أنتَ شوفتها طيب !! طمني عليها أنتَ عارف هي عندي إيه؟"

رد عليه «أحمد» بنبرةٍ باكية:
"أخر مرة شوفناها و هما ناقلينها على الأوضة دي علشان الأشعة، بس لما فاقت صرخت من وجع رجليها و هما بيعملوا الأشعة"

بكى «وليد» رغمًا عنه و هو يستمع لحديث «أحمد»، فوجد «وئام» ينهره قائلًا:
"أنتَ هتعيط أنتَ كمان !! وليد امسك نفسك شوية و فوق كدا"

صرخ في وجهه منفعلًا:
"أفوق !! أنتَ عارف خديجة عندي إيه يا وئام مش حاجة جديدة، أنا عاوز أفهم هي بتعمل إيه علشان تشوف كل دا ؟! دي بتأذي مين علشان تعاني كدا؟"

ضغط «ياسين» على جفنيه بشدة يحاول ردع الدموع التي تهدد بالنزول، و زاد وغزها عند حديث «وليد» فهو محقًا، ما ذنبها في كل تلك المعاناة ؟! هي أبرأ ما قابل في حياته، كتب عليها فقط المعاناة منذ طفولتها حتى الآن، خرج من شروده على خروج سيدة سمينة الجسد من الغرفة و هي تقول بغلظةٍ لهم:

"يلا يا فندي أنتَ و هو حد فيكم يروح يجيب كرسي متحرك علشان تخرجوها عليه"
نظروا لها بدهشةٍ من طلبها الذي أوقع قلوبهم، فتابعت هي بنفس الطريقة:
"يوه !! ما حد فيكم يتحرك هتخرج إزاي هي من الأوضة ؟! روحوا هاتوا كرسي ، اتحركوا"

تحرك «وليد» نحو موضع إشارتها نحو رجلًا في العقد الرابع من عمره بالتقريب يجلس بالقرب من المقاعد المتحركة التي يستخدمها المرضى في التحرك في المشفى يتصفح هاتفه دون أن يكترث لما حوله، سار حتى توقف أمامه يسأله بنبرةٍ هادئة إلى حدٍ ما:
"لو سمحت يا أستاذ عاوز كرسي من دول علشان هنقل أختي عليه"

لوح له بيده و هو يقول:
"محجوزين يا أستاذ، اطلع شوف واحد عند الإسعاف برة"

رفع «وليد» حاجبه و هو يسأله بنبرةٍ جامدة:
"هو إيه اللي محجوز ؟! بقولك هات كرسي من اللي جنبك علشان انقل اختي عليه، مبقولكش هات بهيمة من المواشي اللي مربيها"

رد عليه الأخر بتأففٍ:
"يوه !! أنا مش فايقلك يا جدع أنتَ، فيه ناس حاجزة دول و سايبين بطايقهم، روح هات واحد من برة عند الإسعاف، مش بعيد يلا"

سأله هو بخبثٍ:
"قولتلي سايبين بطايقهم ؟! معاك واحد مقطع بطاقته و مش باقي على حاجة"
فور انتهاء جملته أمسكه من تلابيبه يسحبه من مقعده تزامنًا مع قوله:
"ولا !! هات الكرسي بدل ما اقعدك عليه العمر كله، هات يلا أنا مجنون و مش فارقلي حاجة"

اجتمع الرجال حولهما و «وئام» الذي ركض نحو أخيه قائلًا بحدة:
"بس يا وليد كدا مينفعش، سيب الراجل خلينا نشوف أختك، بس"

رد عليه بصراخ:
"ماهو يحترم نفسه و يديني الكرسي علشان نغور من الزريبة دي، دا بيساومني على الكرسي !!"

اقترب «ياسين» منه يقول بضجرٍ:
"خلاص يا وليد، سيبه و هناخد الكرسي برضه، بس مش كدا، سيبه بقى أنا اللي فيا مكفيني"

صرخ في وجهه بتعبٍ و نبرة صوتٍ أوشكت على البكاء، فتركه «وليد» على مضضٍ حينما دفعه على المقعد مرةً أخرى و انسحبت الناس من حولهم، فأخرج «ياسين» بعض الأموال من محفظة نقوده يعطيها له و هو يقول بقلة حيلة:
"ممكن تديني الكرسي خليني أخدها من هنا ؟!"

قام بفتح القفل الذي سبق و أغلق به على المقاعد و هو يقول بخجلٍ منه بعدما رأى الأموال وأخذها منه:
"مش القصد يا باشا، بس فيه ناس ولاد حرام بياخدوا الكراسي و دي عُهدة عليا، مترضاش ليا الأذى برضه"

رد عليه «وليد» بتبجحٍ:
"الأذى دا هو أنتَ بعينك، لو أنتَ متلقح تشوف شغلك كويس و تسيب المحروق اللي في إيدك محدش هياخد حاجة منك و يديك على قفاك"

رمقه الرجل بحنقٍ وهو يقول:
"أنا هسكتلك علشان الراجل الكُبرة دا، غير كدا ليا كلام تاني"

حاول «وليد» الاقتراب منه وهو يقول له بتوعدٍ لكن «وئام» وقف حائل بينهما:
"لو جدع قرب مني علشان و رب الكعبة أخليك قاعد على الكرسي دا الباقي من عمرك متفارقوش و ساعتها أنا بنفسي اللي هقعدك عليه"

أخذ «ياسين» المقعد و هو يزفر بقوةٍ حتى يتوجه نحو الغرفة، وقف أمامها فوجد الطبيبة تخرج له و هي تقول بذوقٍ منعدم:
"يلا يا أستاذ هي جوة على السرير اتفضل خدها يلا خلينا نشوف حد غيرها"

حدجها هو بتقززٍ من طريقتها الفظة، و قبل أن يدلف الغرفة سألته هي باهتمام:
"هو أنتَ مين ؟! فين الأستاذ التاني اللي كان معاها من الأول"

رد عليها هو بصوتٍ خافت:
"أنا جوزها، الأستاذ التاني يبقى أخوها، ممكن بقى ادخل ؟!"

سألته هي باتهامٍ واضح:
"هو سيادتك اللي عملت فيها كدا ؟! منك لله يا بعيد"

سألها هو بحنقٍ:
"أنتِ بتقولي إيه ؟! أعمل كدا في مين يا مجنونة أنتِ ؟؟"

ردت عليه هي بنفس الطريقة:
"كلهم كدا، يضربوا ستاتهم و يجوا هنا يعملوا غلابة، و طبعًا حضرتك هتهددها و تاخدها غصب عنها"

اقترب منها «وليد» وهو يقول بطريقته المعتادة:
"هو أنتِ فيه حاجة في مخك ؟! جوزها مين دا اللي يعمل فيها كدا؟ وسعي من وشي خليني أخد أختي"

لوحت له بيده وهي تقول بضجرٍ:
"انتو احرار، أنا كنت شايلة همها، هي شكلها غلبانة و مش هتاخد معاكم حق و لا باطل، بقولك بس ابقى أكلها و شربها عصير علشان شكلها مهبطة"

سألها هو بتهكمٍ:
"و العصير اللي هنا فين ؟ شربتيه أنتِ و لا طلعتيه رحمة و نور على روح المرحوم ؟!"

رمقته بغيظٍ ثم تركته و رحلت من أمامه، بينما في داخل الغرفة كانت «خديجة» جالسة على طرف الفراش، و لكن حالتها جعلتها تطالع نفسها بتعجبٍ، ذراعها الشمال موضوعًا داخل حاملة الأذرع و كفها أيضًا داخل تلك "الجبيرة" و جبينها وضع عليها الشاش الطبي يخفي جرحها أسفله، أما عن قدمها اليسرى، فهى لم تستطع رؤيتها بسبب ذلك الجبس الذي يقيد حرية قدمها، تنهدت هي بقلة حيلة و هي تطالع نفسها لكنها تذكرت أن الأمر كله بيد الله سبحانه وتعالى حينها رفعت رأسها تتمتم بعدة كلمات تحمد الله بها حتى فُتح الباب بواسطته و المقعد في يده، رفعت رأسها هي بسرعةٍ ظنًا منها أنها الطبيبة، لكنها تفاجأت به يقف على اعتاب الغرفة يطالعها بعدة مشاعر مختلطة، و رغمًا عنه بكى فور وقوع بصره عليها، أما هي حركت كتفيها بقلة حيلة لكنه ألمها عند تلك الحركة حينها تأوهت بصوتٍ منخفض، فركض هو لها يسألها بصوتٍ متقطع:

"أنتِ...أنتِ كويسة صح؟! طمنيني عليكي بالله عليكي يا خديجة، كويسة !!"

ابتسمت له و هي تقول بنبرةٍ خافتة:
"أنا كويسة الحمد لله، اطمن وراك رجالة، بس مش أوي يعني بصراحة"

حاولت صبغ حديثها بالمرح حتى تطمئنه و تزيل ذلك الخوف من على وجهه، لكنه اقترب منها يجلس على ركبتيه أمامها و هو يقول بصوتٍ مختنق:
"حقك عليا و الله أني سيبتك و مشيت، لو كنت أعرف إن فيه حاجة ممكن تزعلك كنت فضلت معاكي، مكنتش سيبتك أصلًا"

ابتسمت له و هي تقول:
"دا نصيب و مكتوب، كان ممكن تكون موجود معايا و برضه كنت هقع، محدش عارف الخير فين، و بعدين عادي كلها أيام و كل حاجة ترجع زي ما كانت، متشغلش بالك يا ياسين"

رد عليها هو مُسرعًا يقطع حديثها بصوتٍ باكٍ:
"مشغلش بالي بيكي ؟! خديجة أنتِ مش عارفة أنتِ عندي إيه ؟! أنا و قلبي ملناش غيرك أنتِ، و الدنيا كلها تغور قصاد إنك تكوني كويسة، أعيش ازاي و أنتِ مش معايا، دا أنا ما صدقت لقيتك"

تنهدت هي بعمقٍ، فوجدت «وليد» يدخل الغرفة فجأةً و حينما رآها تجلس بذلك الوضع اقترب منها بأعين باكية حتى وقف بجوارها فوجدها تبتسم له و هي تحاول جاهدةً منع العبرات من النزول، فوجدته يميل على رأسها يقبلها و حينها نزلت دموعه رغمًا عنه، فهو لم يتخيل أن يراها بتلك الحالة، الجانب الأيسر في جسدها تحمل ضررًا كبيرًا، بعدها حرك رأسه ينظر لها فوجدها تبتسم له ببراءةٍ ممتزجة بخجلٍ طفيف فوجدته يسألها بمعاتبةٍ:
"ليه تعملي في نفسك كدا ؟! ليه يا خديجة مفكرتيش في نفسك و فيا ؟! لو جرالك حاجة هعيش إزاي ؟! هان عليكي نفسك ؟! هان عليكي توقعي قلبي بالشكل دا ؟! أنا كنت هموت علشانك"

خرجت كلماته الأخيرة بصوتٍ متقطع نتيجة دموعه، بينما هي ردت عليه بنبرةٍ باكية:
"اللي حصل حصل خلاص، الحمد لله أنا كويسة و زي الفل، مشوني بس من هنا علشان هما عصبيين أوي و بصراحة خوفوني"

سألها «ياسين» بنبرةٍ جامدة:
"حد فيهم زعلك ؟! انطقي حد قالك حاجة تضايقك؟!"

ردت عليه هي مسرعةً:
"لأ و الله خالص، هي بس فضلت تقولي جوزك اللي عمل فيكي كدا، قولي و كانت عاوزة تعمل محضر، بس قولتلها إني وقعت لوحدي علشان الدنيا كانت ضلمة، و هي مصممة إن جوزي ضربني و عمل فيا كدا"

اعتدل «ياسين» في وقفته ثم قال لـ «وليد»:
"يلا يا وليد اعدل الكرسي خلينا نمشي من هنا، لما نشوف أخرتها"

أومأ له موافقًا ثم قام بفتح المقعد، فحملها «ياسين» و قام بوضعها عليه برفقٍ و هي تتأوه بخفوتٍ، ثم حرك المقعد لخارج الغُرفة و ما إن رآها «أحمد» حتى ركض إليها يجلس أمامها على ركبتيه و هو يقول ببكاءٍ:

"حقك عليا أنا، بس طمنيني عليكي يا خديجة، طمني قلبي و ريحيه إن روحه بخير، خديجة أنتِ كويسة صح؟"

رفعت كفها السليم تحاوط به وجهه و هي تقول بتأثرٍ:
"أنا كويسة متخافش هما شوية حاجات بسيطة تترد على البارد و كل حاجة هتبقى فل، أنتَ ملكش دعوة يا أحمد، دا نصيب"

تدخل «وئام» يقول بتأثرٍ هو الآخر:
"خضتيني يا خديجة، أنا قلبي وقف عليكي، القطة بتاعتي اللي مربيها على إيدي وقعت كدا ؟! أنا بحبك أوي والله، مش ناسي أني أنا اللي مربيكي على إيدي أنتِ و الواد وليد، ربنا يبعد عنكم التعب و الشر كله"

ردت عليه هي بامتنانٍ له:
"ربنا يخليك ليا يا وئام، فضلت شايلني و رايح جاي بيا، أنا كنت حاسة طشاش كدا، ربنا يديم وجودكم كلكم ليا"

حرك «ياسين» المقعد و هو يقول:
"طب يلا يا ست الكل البيت كله مستني، عاوزين نطمن الباقي عليكي"

حرك المقعد نحو الخارج حيث ساحة الانتظار الذي وقف بها الشباب و «طه» معهم و ما إن عبر «ياسين» بالمقعد نحو الخارج حتى وجدهم يركضون نحوها و أولهم «طه» الذي اقترب منها يقبل جبينها و كف يدها بشوقٍ لصغيرته التي بكت عند رؤيته له في تلك الحالة فلم تتوقع مهما عاشت و مهما رسمت بخيالها أن يأتي اليوم الذي يبكي به «طه» لأجلها بتلك الطريقة، بينما هو رفع رأسه يطالعها و هو ببكاءٍ و هو يقول:

"ألف سلامة عليكي يا نور عين طه، يارتني أنا و لا أنتِ يا خديجة، متزعليش مني حقك عليا أنا"

ردت عليه هي ببكاءٍ:
"أنا كويسة و الله يا بابا متزعلش نفسك، خلاص و الله اقوم أقف على رجلي بس بلاش تعيط"

أقترب منها يقبل جبينها ثم نظر في عينيها و هو يقول بصوتٍ مختنق:
"لو هتتعبك بلاش تعملي حاجة و لو هيريحك اشيلك على اكتافي مش هتأخر، و فوق راسي كمان، بس تكوني كويسة يا خديجة"

تدخل «عامر» يقول ممازحًا له:
"طب شيلها يا عم طه يلا، و لا هو كلام بس؟!"

ضحكوا عليه فتحدث «وليد» يسأل بضجرٍ:
"مين الحيوان اللي جه الخرابة دي؟! هي دي مستشفى ؟!"

رد عليه «حسن» بقلة حيلة:
"النهاردة الجمعة يا حلو، يعني دي أقرب حاجة لينا و للبيت و دماغها كانت بتنزف، أنتَ كنت فين بقى؟"

رد عليه هو بنبرةٍ جامدة:
"كنت مع ياسين بنوزع الحاجة، و بعدين مروحتوش المستشفى اللي ياسر بيشتغل فيها ليه؟!"

رد عليه «ياسر» بحنقٍ:
"أنا مش فاهم دي مستشفى ازاي؟! ربنا يشفي كل مريض علشان ميقعش تحت إيدهم هنا"

انهى جملته فوجد إحدى الممرضات تركض نحوهم بلهفةٍ و هي تقول:
"يا أساتذة الأشعة خدوها معاكم، أهو ربنا يطمنكم عليها"

أخذها منها «وليد» فوجدها تقول بحرجٍ زائف:
"أنا شيلتها في عيني و الله و كنت حنينة معاها، اسألها حتى، مش كدا يا عسل ؟!"

ردت عليها «خديجة» تشكرها:
"متشكرة لحضرتك جدًا يا طنط، ربنا يكرمك و يجبر بخاطرك"

ردت عليها هي مسرعةً:
"ياختي على العسل !! بسكوتة و الله، أنا كنت واقفة جنبها يا أستاذ و الله مسبتهاش"

فهم «ياسين» مقصدها من الحديث و حينها أخرج ورقة مالية يعطيها لها فوجدها ترفع يديها للسماء و هي تدعو الله بقولها:
"روح ربنا يباركلك فيها و يخليكم لبعض و ميخضكش عليها تاني، بنت الأصول المتربية دي، يعلم ربنا أدب و أخلاق و مطيعة و بتسمع الكلام"

رد عليها «وليد» بسخريةٍ:
"ما خلاص أنتِ بتدوريلها على عريس ؟! دي مراته يعني هو عارف كل دا"

ابتسمت هي لـ «ياسين» وهي تقول بمرحٍ:
"ياختي على العسل !! و الله حلوين و لايقين على بعض، أنتَ مش عاوز عروسة يا أستاذ؟"

سألت «وليد» بسؤالها الاخير فوجدته يرد عليها بسخريةٍ:
"عروسة إيه يا حجة !! دي مستشفى و لا مكتب جوزني شكرًا ؟! أنا متجوز للأسف"

رمقته بحنقٍ و هي تقول بندمٍ:
"يادي الخسارة، حصل خير، بقولك يا أجنبي أنتَ مش عاوز عروسة ؟! هجبلك عروسة سورية قمر زيك كدا، شكلك سوري"

وجهت حديثها لـ «ياسر» فوجدته يرد عليها بنبرةٍ ضاحكة:
"لأ أنا مصري و الله، و متجوز الحمد لله و مراتي مصرية برضه، اجيبلك عيالي بقى، للأسف حظك إننا كلنا متجوزين"

لوحت لهم بيدها ثم تحركت من أمامهم و هي تغمغم بعدة كلمات لم يفهم أيًا منهم منها شيئًا، بينما «عامر» تحدث يقول ساخرًا:
"عاوزة توفق راسين في الحلال بأي طريقة، مش دي المشكلة، المشكلة إنها واقفة تنقي، تقريبًا فكرانا بالجُملة؟! بس خسارة للأسف"

سأله «خالد» بتعجبٍ:
"خسارة إيه دي ؟!"

رد عليه هو ببساطةٍ يفسر قوله:
"كانت جابت لينا العروسة السورية ناخد منها طريقة التومية بدل ما بنجبها من برة"

ضحكوا عليه جميعًا بقلة حيلة من مزاحه فتدخل «عمار» يقول بتهديدٍ صريح:
"أنا بقول نجيب سارة تشوف بنفسها و مين عارف مين هيتعمل منه تومية"

رمقه بغيظٍ و هو يلوح له برأسه، بينما «وليد» سأله بتعجبٍ:
"صاحبك فين صح ؟! هو كان موجود ساعة اللي حصل؟"

حرك رأسه موافقًا ثم أضاف:
"مامته كلمته علشان عندها دكتور النهاردة و هو كان معانا هنا و لسه ماشي من شوية"

تدخل «طارق» يقول بفخرٍ به:
"محترم أوي عبد الرحمن دا، مسبناش و كان مصمم يدخل جوة علشان يخلي والده يكلم الدكاترة يوصيهم، بس إحنا قولنا مش مستاهلة"

تحدثت «خديجة» تقول بنبرةٍ متعبة:
"ممكن نروح علشان بجد صدعت و الله، مش قصدي حاجة بس الجو برد أوي"

خلع «ياسين» سترته الجينز ثم وضعه عليها و هو يحاول تغطئتها به و ظل هو بقميصه الأسود حتى وصل بها السيارة ثم حملها و وضعها بها، و في الأمام جلس «وليد» و «ياسين» على مقعد القيادة، بينما «أحمد» أخذ المقعد ثم أعاده للداخل مرةٍ أخرى، و منها توجه نحو سيارة والده يقودها و معهما «عمار» و سيارة الشباب خلفهم، بينما في سيارة «ياسين» رفع رأسه يطالعها في المرآةِ يسألها بحنوٍ بالغ الأثر:
"أنتِ كويسة و لا فيه حاجة تعباكي ؟؟ الجاكت دا مدفيكي ؟!"

ردت عليه هي بنبرةٍ هادئة:
"آه و الله مدفيني، بص الدكتورة قالتلي إن جسمي هيوجعني بليل و هحس بصداع نتيجة الخبطة، بس الإشاعات مفيهاش حاجة، و قالتلي فيه دوا المفروض أخده من عندهم بس هو مش موجود، كتبت إسمه في ورقة هتلاقيها مع الأشعة"

رد عليها «وليد» بتعجبٍ:
"هو إيه دا !! يعني إيه دوا مش موجود ؟! ياسين اطلع على المستشفى اللي ياسر بيشتغل فيها، خلينا نتطمن عليها"

ردت عليه هي بلهفةٍ قاطعة:
"لأ !! روحني ابوس رجلك يا وليد مش قادرة خلاص، كفاية اللي عملوه فيا هنا، علشان خاطري بجد تعبت خلاص"

سألها «ياسين» بنبرةٍ جامدة:
"هما عملوا فيكي إيه يا خديجة ؟! انطقي بدل ما ادخل أكسرهم هما"

ردت عليه هي بقلة حيلة:
"يوه يا ياسين !! جابولي صداع، كل شوية اسمع صويت و زعيق و ادتني حقنة غبية أوي، روحني بقى خليني اريح شوية"

حرك رأسه موافقًا على مضضٍ، بينما «وليد» سألها مباشرةً دون أن يقوم بتزييف الحقيقة:
"هي منة زقتك ليه يا خديجة !! حصل إيه علشان تحدفك الحدفة دي من على السلم؟"

طالعته هي بتوترٍ و هي تقول بنبرةٍ مترددة:
"محصلش حاجة و بعدين منة مزقـ..."

توقفت عن الحديث حينما صرخ في وجهها قائلًا:
"متعصبنيش !! زقتك ليه بنت وفاء بدل ما أخلي أمها تلبس الأسود متقلعهوش تاني، انطقي"

اغمضت جفنيها بشدةٍ ثم فتحتهما على مضضٍ و هي تقول:
"كانت بتتخانق مع خلود و خلود مسكتها من شعرها، و لما حاولت ابعدهم عن بعض زقتني برجليها لحد ما وقعت من على السلم و خدت الدرجات كلها على جنبي الشمال"

نظر كليهما لبعضهما البعض و هي في الخلف تطالعهما بخوفٍ من تلك النظرات، بينما في سيارة «طه» هاتف شقيقته و طمأنها على «خديجة» و قبل إغلاق المكالمة سألها بنبرةٍ جامدة لا تقبل النقاش:

"مين اللي زق خديجة يا خلود ؟!"

ردت عليه هي بنبرةٍ مختنقة إثر كتم الدموع:
"منة و الله العظيم منة يا أحمد، و عمتو مشيرة و هدير طلعوا ضربوها، هي اللي ضربتها بالرجل"

أغلق الهاتف في وجهها فور استماعه لحديثها ثم ضغط على مكابح السيارة بقوة حتى يصل للبيت، بينما والده نظر له بقلة حيلة فصوت «خلود» وصلهما من الهاتف، أما هو فكأنه في وادٍ أخر يفكر في كيفية أخذ حق شقيقته و والدته الأخرى كما يلقبها في بعض الأحيان.
_________________________

في بيت آلـ «الرشيد» طمأنتهم «خلود» على شقيقتها و أخبرتهم بعودتهم إلى البيت، فوقفت «زينب» في الشرفة تراقب عودة ابنتها حتى تشبع شوقها لها، و أول سيارة وصلت كانت سيارة «طه» نتيجة ركض «أحمد» نحو البيت مُسرعًا، فنزل هو منها و خلفه والده و «عمار» و كان رجال العائلة بأكملها يقفون في الأسفل انتظارًا لهم و معهم «رياض»، بينما «أحمد» ركض نحو الأعلى دون أن ينتبه للجميع ، و منها توجه نحو شقة «سالم» و قبل أن يطرق الباب أخرج هاتفه يطلب رقمها و ما إن وصله الرد حتى قال لها بنبرةٍ جامدة:
"اطلعي أنا واقف برة، و لو مجتيش أنا هطلع جناني عليكي و على ابوكي دلوقتي، ورايا على السطح"

أغلق في وجهها ثم توجه نحو الأعلى يسبقها و هو متيقن أنها ستتبعه نحو الأعلى، و بعد مرور ثوانٍ خرجت من الشقة نحو الاعلى حيث مكان تواجده، شعر هو بحركتها خلفه فالتفت لها يسألها بثباتٍ حاول جاهدًا الإتصاف به:
"حصل إيه يا منة ؟! خلود ضربتك ليه؟! و زقيتي خديجة ليه؟"

ردت عليه هي ببكاءٍ زائف:
"خلود ضربتني علشان فكراني بجري وراك، و خديجة وقعت و هي بتحاول تبعد خلود عني، بس خلود زقتها و وقعتها"

سألها هو بتمعن:
"يعني مش أنتِ اللي زقيتي خديجة ؟! و خلود هي اللي عملت كدا؟!"

ردت عليه هي ردًا منطقيًا:
"يعني هي تدافع عني و أنا أزقها !! مش منطقي يا أحمد، هي خلود اللي عملت كدا بس طبعًا علشان خافت منهم جابتها فيا و كانـ....."

توقفت عن الحديث حينما وجدته يدفع الطاولة بقدمه، حينها شهقت بقوةٍ، فوجدته يقترب منها يقول بهمسٍ بث الرعب بداخلها دون أن يمسها:
"أنا ممكن دلوقتي أخليكي تنزلي من هنا واحدة تانية و اوريكي قلة أدب و سفالة من واحد متربي في الشوارع، بس مش هوسخ نفسي بسبب واحدة زيك، انطقي حصل إيه بدل ما أنطقك أنا"

طالعته هي بخوفٍ فوجدته يصرخ في وجهها:
"انــطـقـي !! حصل إيه"

ردت عليه هي بصوتٍ متقطع:
"قولتلك خلود هي اللي زقتها، مش أنا.....و لا هو انتو هتلزقوها فيا يعني علشان أختك متتأذيش؟!"

اقترب منها و على حين غرة أمسك ذقنها بكفه و هو يقول بنبرةٍ جامدة:
"اكدبي كدا كمان و لاوعي معايا علشان أطلع روحك في إيدي، قسمًا بربي مش هيكفيني عيلتك كلها قصاد ضافر منها، اللي بسببك دخلت المستشفى النهاردة دي ضافرها اللي بيطير بعينة مليون زيك، أنطقي يا بت بدل ما أنطقك أنا"

ضغط على فكها من جديد فوجدها تقول بوجعٍ:
"آه....خلاص....خلاص هقول، أنا اللي زقيتها و الله مش خلود....خلاص"

دفعها هو بتقززٍ من لمستها وهو يقول لها بحديث يشبه نصل السكين الحاد:
"للأسف لمستك و أنا عمري ما عملت حاجة زي دي و سلمت حتى على واحدة، بس دي حاجة مش غريبة عليكي، أظن أنتِ خرباها بما فيه الكفاية"

طالعته هي بدهشةٍ من طريقته التي يحدثها بها فوجدته يضيف:
"إيه زعلانة !! هو أنتِ بتحسي أصلًا ؟! أنتِ اللي زيك لازم رقبته تتقطم، و أنا هقطمها بنفسي"

اقترب منها أكثر فوجدها تلتصق بالحائط خلفها بخوفٍ منه، بينما هو أبتسم بسخريةٍ وهو يقول لها بنفس الهمس السابق:
"خايفة !! دي أقل حاجة أنا ممكن أعملها فيكي و هو خوفك دا، هخليكي تشوفي أحمد تاني مني يطير النوم من عينك"

قال حديثه ثم بصق في وجهها و بعدها نزل للأسفل مرةٍ أخرى، بينما نظرت في أثره بدهشةٍ سرعان ما تحولت للتوعد بعد حديثه حتى دلفت السطح مرةً أخرى و هي تفكر في كيفية استغلال الوضع لصالحها.

في الأسفل نزل «أحمد» يقف في أمام البيت فوجد السيارات تصف أمام البيت، نزل «ياسين» أولًا ثم فتح الباب الخاص بها يحملها على يده، بينما هي كانت تشعر بخجلٍ من ذلك الموقف و خاصةً أمام اعمامها و «رياض»، أما هو فلم يكترث لخجلها حتى صعد بها الطابق الأول و هي على ذراعه، و العائلة بأكملها تقف في انتظارها، حتى وضعها على الأريكة فالتفوا حولها جميعهم و كلًا منهم يرحب بها بطريقتهم و حديثهم، بينما «زينب» جلست أمامها على ركبتيها و هي تقول بصوتٍ مختنق نتيجة عبراتها:

"طمنيني عليكي....أنتِ كويسة صح؟؟ فيكي إيه بيوجعك علشان أنا قلبي وجعني عليكي"

ردت عليها هي تطمئنها:
"أنا كويسة يا ماما و الله، مالكم يا جماعة مخوفني كدا ليه ؟! دي حاجات بسيطة و هتروح لحالها"

ردت عليها «مروة» بحنقٍ:
"طول عمرك تفضلي تتريقي على نفسك و تعبك كأنك مبتحسيش، بنتي و أنا اللي مربياكي، جسمك بيوجعك صح ؟!"

ابتسمت لها و هي بقلة حيلة:
"أوي بصراحة مش هكدب يعني، تقريبًا دي وقعة من على السلم الموسيقي"

ابتسموا على سخريتها، فتحدثت «إيمان» تقول بفخرٍ:
"بقولك إيه يا كتكوتة شدي حيلك كدا، و قومي علشان تربي البت دي، مع إن عمتو مشيرة و هدير عملوا الواجب و زيادة"

حركت «خديجة» رأسها نحوهما فتحدثت عمتها تقول بتوعدٍ:
"و لسه هو أنا هسيبها بنت وفاء ؟! دي بت سفلة متربتش، تربية ستها أمينة بصحيح، المهم يا خديجة أنتِ كويسة؟!"

ابتسمت لها و هي تقول بنبرةٍ هادئة:
"كويسة يا عمتو الحمد لله، شكرًا علشان اللي عملتيه، مكانش ليه لزوم"

ردت عليها هي ترفض حديثها:
"شكرًا إيه ياختي ؟! هو إحنا عندنا كام خديجة يعني ؟! هي واحدة"

مال «ياسين» على أذنها يقول بسخريةٍ:
"الحقي اشبعي من مشيرة دي قبل ما تتحول علينا، دي أحلام العصر صح؟؟"

ابتسمت هي بخفةٍ فوجدته يعتدل في وقفته مرةً أخرى، و لكن ما أثار ريبته هو اختفاء «وليد» من محيط بصره، لكنه رجح أنه مع الشباب و بقية الرجال بالأسفل، أما «ميمي» فاقتربت منها تستند على عكازها حتى جلبت لها «عبلة» المقعد تجلس عليه أمامها حاولت «خديجة» الاعتدال أمامها فوجدتها تنهرها بقولها:

"بس بتعملي إيه ؟! هو أنتِ فيكي نفس يا خديجة؟؟ طمنيني عليكي حاسة بإيه"

ابتسمت لها و هي تقول بنبرةٍ هادئة حاولت صبغها بالمرح:
"أنا الحمد لله و الله كويسة أوي، و بعدين فرحانة علشان شوفتك يا ميمي، دا أنتِ منورانا"

ردت عليها هي بنبرةٍ متأثرة:
"ربنا ميوجعش قلبي عليكي و لا على حد فيكم يا خديجة، حرقة قلب الضنا وحشة أوي و أنتِ بنتي"

أيدتها «زهرة» من خلال قولها:
"معاكي حق يا ميمي، بنتنا كلنا، منها لله منة بقى، حارقة قلب أمها طول عمرها و قلب كل اللي يعرفها"

ردت عليها «سهير» بقولها:
"طول عمرها بت براوية كانت تدخل بين بنات العيلة تفرق بينهم و تعمل مشاكل بينهم و تغير كدا لو لقت اتنين حلوين مع بعض، حاولت تفرق بين عبلة و هدير و بين سلمى و خلود، زي الحية كدا"

ردت عليها «هدير» بندمٍ:
"كان نفسي أكمل بيها مسح السلم بس أبوها طلع و بابا معاه، بس على مين أنا قعدة هنا هروح فين يعني؟"

ردت عليه «خديجة» بتعجبٍ:
"هو أنتِ عملتي إيه يا هدير ؟! هي وصلت إنك تمسحي بيها السلم؟!"

ردت عليها «جميلة» بفخرٍ:
"الاتنين قطعوا شعرها في إيدهم، بس بصراحة البت تستاهل كل خير، مشوفتش كدا في حياتي و الله، بجاحة غريبة، مامتها بجد سكر و محترمة، دي حاجة صعب"

كل ذلك و «خلود» تقف في الداخل لم تقوى على الخروج أمام شقيقتها ظنًا منها أنها من تسبب في ذلك، بينما «خديجة» بحثت عنها بعينيها لكنها لم تجدها، فذكرت إسمها بنبرةٍ عالية:
"يا خلود !! خلود فين يا سلمى؟! خلود....خــلود"

خرجت لها «خلود» من الداخل بخجلٍ و هي تبكي، فتحدثت هي بمعاتبةٍ بمرحٍ:
"كدا !! مش عاوزة تيجي تشوفيني يا خلود ؟! صحيح ناس مني و من دمي محدش فيهم شال همي"

تحدث «ياسين» بسخريةٍ:
"هي الخبطة أثرت على المخ ولا إيه يا ست الكل ؟! طالبة معاكي بقناة المولد ليه؟! آه صح نسيت إنك واقعة من على السلم الموسيقي"

ابتسموا جميعًا على سخريته، بينما هي أشارت لشقيقتها بذراعها الحر، حتى ارتمت «خلود» عليها تبكي بحرقةٍ على ما وصلت إليه شقيقتها بسببها، بينما «خديجة» رفعت ذراعها تربت عليها و هي تقول بوجهٍ مبتسم:
"بتعيطي ليه طيب ؟! هو أنا زعلتك يا خلود ؟! أنتِ عارفة أني مبحبكيش تعيطي، بتعيطي ليه"

ابتعدت عنها تطالعها بحزنٍ و هي تقول:
"علشان اللي حصلك بسببي، لو مكنتش اتهورت و مديت إيدي عليها كان زمانك مروحتيش المستشفى و لا كان زمانك حصلك كدا، بس و الله مستحملتش إنها تغلط فيكي يا خديجة"

مسحت «خديجة» وجه شقيقتها و هي تقول بنبرةٍ هادئة:
"دا نصيب يا خلود، بيكي من غيرك كان هيحصل، أنتِ بس سبب من ضمن الأسباب، كان ممكن اتكعبل و اقع من غير ماحد يكون فوق و كان ممكن افضل فوق وقت أطول، و برضه كان ممكن أركب الأسانسير و يقع بيا، برضه دا كان وارد يحصل، الحمد لله على كل حال، احنا اتعودنا نحمد ربنا على كل حاجة و إحنا مش فاهمين علشان لما نفهم هنشكره أكتر، متزعليش نفسك يا خلود"

حركت رأسها موافقةً لها فوجدتها تحتضنها مرةً أخرى ثم قبلت جبينها، و في تلك اللحظة اقترب «يونس» يسألها ببراءة الأطفال:
" أنتِ واوا !!"

تلك الكلمة التي يطلقها الاطفال على الإصابات نطقها هو أمامها، فحركت رأسها هي بتأثرٍ له، فوجدته يخفض نفسه ثم قبل ذراعها موضع الجبيرة، ثم رفع نفسه يقبل رأسها حينها أمسكت وجهه ثم قبلته و هي تقول بمرحٍ تحاول به إخفاء دموعها:

"أنا بدوب في جمالك يا يونس، يارب تفضل كدا طول عمرك، إيه السكر دا"

أخرج من جيب بنطاله قطعة حلوى يضعها لها على ذراعه المُصاب و هو يبتسم لها بنفس البراءة، فتحدثت هي تقول لوالدته بتأثرٍ:
"ريهام أمشي أنتِ و خليه يبات معايا، الحلويات دي مينفعش تسيبني"

ردت عليها «ريهام» بنبرةٍ ضاحكة ممتزجة بالسخرية:
"خديه يا حبيبتي، بس كدا نصك اليمين هيحصل نصك الشمال، يونس لو نام جنبك هيكمل عليكي"

ردت عليها «سارة» مسرعةً:
"لأ خلاص هي لما تفك كل الحاجات دي تبقى تاخده براحتها، يونس بس يكتفي بشوية اللطافة دي و إحنا هنفرح كلنا"

ضحكت «خديجة» عليهما فوجدت «يونس» يضع رأسه على قدمها و هو يربت على موضع الألم، حينها ابتسمت رغمًا عنه و الجميع يطالعونه بتأثرٍ من موقفه ذاك، بينما «ياسين» تنهد بعمقٍ وهو يرى ثمرة جهده و جهد أخوته يتم حصدها الآن أمام ناظريه و نتيجتها مُبشرة
_________________________

فوق سطح البيت جلست «منة» كما هي تتصفح هاتفها دون أن تكترث لما تسببت به، حتى وجدت الباب يُدفع بقوةٍ و حينما رفعت رأسها وجدته أمامها يطالعها بسهام عينيه، و حينما وجدها أمامه حينها شعر أنه وجد فريسته التي سينقض عليها، بينما هي وقفت بلامبالاةٍ واهية على عكس ما تشعر به من خوفٍ بداخلها، و قبل أن تمر من عتبة الباب وجدته في لمح البصر يغلق الباب بقدمه، فصرخت هي في وجهه:

"أنتَ مجنون !! افتح الباب خليني انزل من هنا بدل ما ألم عليك الناس"

ابتسم هو لها بشرٍ و هو يقول:
"صوتي و هاتي الناس، و أنا هفرح و اتكيف و اللي يسألني هقوله هي اللي طالعة و مستنياني، هاتي أخرك بقى علشان وليد ملوش أخر"

رمقته هي بحنقٍ و هي تقول بتهكمٍ:
"دا أنتَ جامد بقى و مش همك !! طب بلاش، مش خايف على منظرك قدام عبلة؟! مش دي برضه حبيبتك ؟!"

تبدلت نظرته إلى الثقة و هو يقول بثباتٍ:
"أديكي قولتي حبيبتي، يعني مستحيل تصدقك لو رقصتيلها على صوابع إيدك، عملتي إيه في خديجة يا منة؟!"

نفخت هي وجنتيها بضيقٍ:
"يادي النيلة عليا و على خديجة بدري !! هو مفيش في الدنيا كلها غير ست خديجة، ما تكبروا شوية بقى"

حاول تمالك نفسه عند حديثها عن أخته بتلك الطريقة، فوجدها تتابع بنفس الطريقة:
"حضرتك بقى سايب اللي وراك و اللي قدامك و جاي علشان تسألني على ست خديجة، اقولك علشان أريحك، يمكن تريحني أنتَ كمان ؟!"

رد عليها هو مُسرعًا بوقاحةٍ:
"لأ يا روح أمك الراحة دي مش هتشوفيها غير في قبرك، مع أني أشك بصراحة، و بعدين أنا مش مخدة فايبر علشان أريحك، انطقي يا بت"

اغتاظت هي من طريقته فردت عليه بتبجحٍ زائد عن حده:
"طب هريحك أنا، آه زقتها و آه كنت قاصدة و آه أنا اللي عملت كدا، ارتحت؟! واخدة أكبر من حجمها بصراحة خديجة دي، مش هي رجعت بالسلامة خلاص"

ابتسم هو لها بخبثٍ وهو يقول:
"هو خلاص فعلًا يا منة، و بما إنه خلاص أنا كنت بختار من يومين مكان عزا لحد غالي عليا، و الله مش خسارة فيكي"

طالعته هي بثباتٍ بينما هو أخفض جسده للأسفل و خاصةً بجوار الأريكة الموضوعة خلف الباب ثم اعتدل واقفًا و في يده عصا كبيرة الحجم، ازدردت هي لُعابها بخوفٍ فوجدته يسألها بنبرةٍ هادئة بثت الرعب بداخلها:

"قوليلي بقى كلامك كدا تاني ؟؟ ها زقيتي خديجة ليه؟!"

رفعت رأسها بثباتٍ تحسد عليه و هي تقول بنفس الطريقة الوقحة:
"أنتَ هتخوفني باللي في إيدك دي؟! روح يا بابا هزر بيها مع عيل صغير، بدل ما أصوت و أخلي الناس كلها تطلع و هقولهم إنك حاولت تتهجم عليا، ابعد عني و سبني انزل أحسنلك"

حرك العصا في يده و هو يقول بنفس الهدوء المرعب:
"مرة زمان عيل ضربني و أنا في ابتدائي و علشان كنت لوحدي مقولتش لحد و هو فضل شايف نفسه عليا لحد سنة رابعة كدا، هو كان فاكرني ناسي و مش فاكر، بس هو غبي علشان أنا فضلت بحوشله علشان يوم ما يجي معاد حقي أخده صح، قولتلك قبل كدا اخرجي من سكتنا و اطلعي برة حتتنا مصممة تُحشري نفسك، الواد يوم ما جه تحت إيدي أنا كسرت رجله و مش بس كدا أنا خليته طول السنين الباقية يخاف يرفع عينه فيا، أنتِ زيك زيه، بس الفرق بقى إنك مجتيش عليا، أنتِ جيتي على الغالية عندي، و دي عقابها ضعفين، صوتي بقى علشان هاخد حقي و حق الغالية، يا....يا غالية"

يُتَبَع
#الفصل_الأربعون_الجزء_الثاني
#رواية_تَعَافَيْتُ_بِكَ

Ipagpatuloy ang Pagbabasa

Magugustuhan mo rin

3.4M 175K 39
الحُب لا يجمع المُتشابهين ، الحُب يجمع المُختلفين فقـط ، كأثنان بـينهُما فارق العُمر ، أو أحدهُم يعشق الإهتمام ، وأخر يحتويه البُرود ، أو قد تغيـر ن...
3M 198K 62
تنوية القصه ليست نهوة حقيقيه من ارض الجنوب بَين النَهوةُ وعَشقِ العَسكري والآن أشهد أن حضورك موت وأن غيابك موتان.
2.3M 34.5K 46
أَيُّهَا المُتمَرد علي عِشْقِي .. عُذْرًا فإنْ كُنْتَ ابنَ آدمِ فأنَا ابْنَةُ حَواء وإنْ كَانتْ شِيمَتُكَ التَّمَرُدُ .. فشِيمَتِي الكِبْرِيَا...
628K 27.1K 40
[ ADULT CONTENT ] لَم أَتَوَقَّع آنِنيَ سأقع في حُبِّ شقيقُ زوجيِ مِن النَّظرَة الْأَوَّليّ كانَ رَجُلٌ مَهِيب يَسْرق الْقُلُوب قَبل الْعُقُول . اعل...