تَعَافَيْتُ بِكَ

由 ShamsMohamed969

15.2M 643K 220K

ظننتُ أن قلبي هذا لم يخلق له الحب، و ظننتُ أنني لم أملكُ يومًا قلب؛ إلا أن وقعت عيناي على عيناكِ ففرح قلبي بر... 更多

الاقتباس الاول
البارت الأول (عريس صالونات)
الفصل الثاني (كونه حنونًا)
الفصل الثالث (الليل و سماه)
الفصل الرابع(إعتذار)
الفصل الخامس (رؤية شرعية)
الفصل السادس (عقد قران)
الفصل السابع(اللقاء الأول)
الفصل الثامن(طبيبة نفسية)
الفصل التاسع(رُهاب إجتماعي)
الفصل العاشر (هل مستعد؟)
الفصل الحادي عشر (لا يريد الخِطبة)
الفصل الثاني عشر (هل وافقت؟)
الفصل الثالث عشر (فلنقرأ الفاتحة)
الفصل الرابع عشر (عيد ميلاد)
الفصل الخامس عشر (موعد اللقا)
تنويه🕊️
الفصل السادس عشر (هدير السبب)
الفصل السابع عشر (كُتبَ الكِتاب)
الفصل الثامن عشر ( مُقابلة)
الفصل التاسع عشر (من أين تعلم؟)
الفصل العشرون (لا تأتي)
الفصل الحادي والعشرين (لأنها فراشة)
الفصل الثاني والعشرون (شكرًا)
الفصل الثالث والعشرين (غرقتُ بعيناكِ)
الفصل الرابع والعشرين (طريقة علاج)
الفصل الخامس والعشرون (لأجلكِ)
الفصل السادس والعشرون (أول مرة)
الفصل السابع والعشرون (لن أتركك)
الفصل الثامن والعشرون (براءة قلبها)
الفصل التاسع والعشرون (ماضٍ لا يُنسى)
الفصل الثلاثون(عروس لعبة)
الفصل الواحد والثلاثون (قاعة زفاف)
الفصل الثاني والثلاثون (الحب القديم)
الفصل الثالث والثلاثون (من عاشر القوم)
الفصل الرابع والثلاثون (لن أستطع)
الفصل الخامس والثلاثون (قمرٌ ضائع)
الفصل السادس والثلاثون (في حمايتك)
الفصل السابع والثلاثون (بداية جديدة)
الفصل الثامن والثلاثون (ما إسمه)
الفصل التاسع والثلاثون (لا يقارن بأحدٍ)
الفصل الأربعون (يزيد حنقه)
الفصل الواحد وأربعون (أنا سأعرفك)
الفصل الثاني و الأربعون(أبو جميلة)
الفصل الثالث و الأربعون( مشيرة الرشيد)
الفصل الرابع و الأربعون (لن أريحكِ)
الفصل الخامس والأربعون (عروس مثل القمر)
الفصل السادس و الأربعون (زغروطة؟)
الفصل السابع و الأربعون (فرح)
الفصل الثامن و الأربعون (صرخةمن الماضي)
الفصل التاسع و الأربعون (العقارب على سمومها تقترب)
الفصل الخمسون (بك تعافيت)
الفصل الأول الجزء التاني (لن أستطع)
الفصل الثاني_الجزء الثاني (مريض)
الفصل الثالث_الجزء الثاني ( البقاء لله)
الفصل الرابع_الجزء الثاني(
الفصل الخامس_الجزء الثاني(لم يراعي شعوره)
الفصل السادس_الجزء الثاني (كتاب دين)
الفصل السابع_الجزء لثاني (وعد بالطلاق)
الفصل الثامن_الجزء الثاني (هل تعرفها؟)
الفصل التاسع_الجزء الثاني (كوب قهوة)
الفصل العاشر_الجزء الثاني(منذ ١٣عام)
الفصل الحادي عشر_ الجزء التاني (وضعهما غريب)
الفصل الثاني عشر_الجزء الثاني (مريض نفسي)
إعتذار رسمي
الفصل الثالث عشر _الجزء الثاني(اختبار صغير)
الفصل الرابع عشر_الجزء الثاني (خطيب الآنسة)
الفصل الخامس عشر_الجزء الثاني (مفاجأة)
الفصل السادس عشر_الجزء الثاني (إلحق)
الفصل السابع عشر_الجزء الثاني (يلقى مصيره)
الفصل الثامن عشر_الجزء الثاني ( ضربة سكين بمقتل)
الفصل التاسع عشر_الجزء الثاني( أنا مستعد)
الفصل العشرون_الجزء الثاني (من طُعن بالسكين ؟)
الفصل الحادي و العشرون_الجزء الثاني(عودة وليد الرشيد)
الفصل الثاني والعشرون_الجزء الثاني( لحظة ترقب)
الفصل الثالث و عشرون_الجزء الثاني( حول الهزيمة لنصرًا)
الفصل الرابع و العشرون_الجزء الثاني( هل جدير بالثقة؟)
الفصل الخامس و العشرون_الجزء الثاني(منك لله!)
الفصل السادس و العشرون_الجزء الثاني ( تخضعين للعلاج)
الفصل السابع و العشرون_الجزء الثاني ( أثر الفراشةِ)
الفصل الثامن و العشرون_الجزء الثاني (وضعت نفسها بمأذق)
الفصل التاسع و العشرون_الجزء الثاني (صفعةً مدويةً)
الفصل الثلاثون_الجزء الثاني (بالأدب)
الفصل الواحد و الثلاثون_الجزء الثاني( بأي ذنبٍ قُتل؟)
الفصل الثاني و الثلاثون_الجزء الثاني (الصبر على الابتلاء)
الفصل الثالث و الثلاثون_الجزء الثاني (صرخة ألم)
الفصل الرابع و الثلاثون_الجزء الثاني (ما هو إسمه)
الفصل الخامس و الثلاثون_الجزء الثاني (من حفر حفرةً لأخيه)
الفصل السابع و الثلاثون_الجزء الثاني (وُضِعَ بمأذقٍ)
الفصل الثامن و الثلاثون_الجزء الثاني (فهم ظنونه)
الفصل التاسع و الثلاثون_الجزء الثاني (تسببت بمصيبةً)
الفصل الأربعون_الجزء الثاني (موعد الحق)
الفصل الواحد و الأربعون_الجزء الثاني (كيف يتصرف؟)
الفصل الثاني و الأربعون_الجزء الثاني (نجم شارد)
الفصل الثالث و الأربعون_ الجزء الثاني ( كيف هنا؟)
الفصل الرابع و الأربعون_الجزء الثاني (فرحة البيت)
الفصل الخامس و الأربعون_الجزء الثاني(ما لم يُحمد عقباه)
الفصل السادس و الأربعون_الجزء الثاني (تتعرفون عليها؟!)
اقتباس من الفصل القادم (تحت التهديد)
الفصل السابع و الأربعون_الجزء الثاني (ماذا يفعل هنا ؟!)
الفصل الثامن و الأربعون_الجزء الثاني (الحبايب هنا)
الفصل التاسع و الأربعون_الجزء الثاني (شر الدنيا)
الفصل الخمسون_الجزء الثاني (سبب الفرحة)
الفصل الواحد و الخمسون_الجزء الثاني(باح بالسر)
الفصل الثاني و الخمسون_الجزء الثاني (ما هي المفاجأة ؟)
الفصل الثالث و الخمسون_الجزء الثاني (عودة الحق)
الفصل الرابع و الخمسون_الجزء الثاني (الموعد المضبوط)
الفصل الخامس و الخمسون_الجزء الثاني (بالغصب)
الفصل السادس و الخمسون_الجزء الثاني (قنبلة موقوتة)
الفصل السابع و الخمسون_الجزء الثاني (طريقة خاصة)
الفصل الثامن و الخمسون_الجزء الثاني (فض شراكة)
الفصل التاسع و الخمسون_الجزء الثاني (فراق الحبيب)
الفصل الستون_الجزء الثاني (تمزق الروح)
الفصل الواحد و الستون_الجزء الثاني (عصفورٌ في اليد)
اقتباس من الفصل الجديد
الفصل الثاني و الستون_الجزء الثاني (حرية الاختيار)
الفصل الثالث و الستون_الجزء الثاني (وجهةٌ مصوبة)
الفصل الرابع و الستون_الجزء الثاني (عقل مريض)
الفصل الخامس و الستون_الجزء الثاني (لا حول ولا قوة)
الفصل السادس و الستون_الجزء الثاني (الكرة في ملعبه)
الفصل السابع و الستون_الجزء الثاني (ليلٍ لا يدوم)
الفصل الثامن و الستون_الجزء الثاني (بالطبع مستحيل)
الفصل التاسع و الستون_الجزء الثاني (السقوط في بئر الضياع)
الفصل السبعون_الجزء الثاني (مغيب عن الواقع)
الفصل الواحد و السبعون_الجزء الثاني (حرق أعصاب)
الفصل الثاني و السبعون_الجزء الثاني (لم يكن خيرًا)
الفصل الثالث و السبعون_الجزء الثاني (حالة صدمة)
الفصل الرابع و السبعون_الجزء الثاني (لمن النصر؟)
الفصل الخامس و السبعون_الجزء الثاني (الموت قادم)
الفصل السادس و السبعون_الجزء الثاني (فخورًا بنفسه)
الفصل السابع و السبعون_الجزء الثاني (حق الاستغلال)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (عوض الله)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (ماذا تريد)
الفصل الثمانون_الجزء الثاني (أول سحور)
الفصل الواحد و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفي بوعده؟)
الفصل الثاني و الثمانون_الجزء الثاني (عودة الروح)
الفصل الثالث و الثمانون_الجزء الثاني (انسحبت الروح)
الفصل الرابع و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفيد بشيءٍ)
الفصل الخامس و الثمانون_الجزء الثاني (بكل راحة و يسر)
الفصل السادس و الثمانون_الجزء الثاني (رحمة الله عليه)
الفصل السابع و الثمانون_الجزء الثاني (ألم فقدانها!)
الفصل الثامن و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيشعر به؟)
الفصل التاسع و الثمانون_الجزء الثاني (واقع أم حُلم؟)
الفصل التسعون_الجزء الثاني (إخطار من الوزارة)
الفصل الواحد و تسعون_الجزء الثاني (نظرةٌ قارنها العتاب)
الفصل الثاني و التسعون_الجزء الثاني (طوق نجاة)
الفصل الثالث و التسعون_الجزء الثاني (وحي الخيال)
الفصل الرابع و التسعون_الجزء الثاني (محاولة فاشلة)
الفصل الخامس و التسعون_الجزء الثاني (الزمن يُعاد)
الفصل السادس و تسعون_الجزء الثاني (غياهب الظلام)
الفصل السابع و التسعون_الجزء الثاني (ليلة الحنة)
الفصل الثامن و التسعون_الجزء الثاني (نهاية القصة)
تنويه هام🦋❤️
تجميعة الحلقات الخاصة

الفصل السادس و الثلاثون_ الجزء الثاني ( هل سيترك حقه؟)

85.1K 3.7K 2.2K
由 ShamsMohamed969

"الفصل السادس و الثلاثون"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
_________________________

ليتكِ لقلبي الدواء كما كان حُبك الداء.
_________________________

ألم أخبركِ سابقًا أنني سِرت وحيدًا لا أبالي حتى ظفرتُ بكِ يا من سَكنتِ القلب الخالي؟ ألم أقول لكِ أنكِ أحلى ما مر بعمري و أقبحه كان غيابك؟ الآن أنا أمامك و كأني مُذنبٌ و أنتِ تُلقين عِتابك، الآن قلبي يسأل صارخًا هل ستقبلين بي حبيبك أم أنكِ سَتُغلقين بوجهي بابك؟

_"من حفر حفرةً لأخيه"
تلك الجملة التي رددها الجميع بعدما قام «عامر» بِـ فك الحبل من رقبة الماشية حتى تركض خلف من يحاول سرقتها و لكنه لم يضع في الحُسبان تحركها بقرب الباب و بمجرد فتحه للباب انقلب كل شيءٍ رأسًا على عقبٍ و ركضت خلفهم في الشارع و خاصةً الشباب نظرًا لعلمها بتواجدهم بجابنها طيلة اليوم، و لكن حينما انعكس الوضع و ركضت خلف «عامر» حينها صعد هو فوق الحوض الرخامي خوفًا منها و من نظرتها له و هو يصرخ بملء صوته:
"يـــا خـــالــد....يــا يـاســيـن....يــا يــاســر....الحقونـــي"

في الخلف كان كلًا من «ياسين» و «ياسر» يرتمي أرضًا من كثرة الضحكات و «خالد» يجاهد حتى يستطع انقاذ ذلك "الأبله" قبل هجومها عليه، و حينها توجه للماشية يحاول مسكها و هو يقول منفعلًا في صديقيه:

"قــوم يــا حَــيوان مِــنك ليه.. الحوض هيتكسر بيه و لطفي هيجي يولع في أهالينا"

كان «عامر» واقفًا فوق الحوض و هو يقول بطريقةٍ درامية:
"يا حظك الأسود يا عامر....هتموت على إيد جاموسة يا عامر !!....كل دا علشان كنت طمعان في الكوارع ؟!... خلاص مش هحطك على الفَتة هاكلك لوحدك"

بعدما استطاعا كليهما الوقوف ارتميا مرةً أخرى على الارض من الضحكات على حديث «عامر» و الاطفال في الخارج يصرخون من الخوف و الرجال يشرأبون برأسهم يحاولون مطالعة ما يحدث داخل المخزن، حتى انفعل «خالد» من جديد وهو يقول:
"يا بني منك ليه قوموا بقى، بقينا فُرجة يا بهايم، ربنا ياخدكم كلكم في ساعة واحدة"

كتم كليهما ضحكته و هو يعتدل في وقفته ثم ذهبا إلى «خالد» الذي كان يحاول جاهدًا التحكم بها حتى يقوم بربطها مرةً أخرى و حينما ساعده «ياسين» في ذلك، حينها ذهب «ياسر» إلى «عامر» ثم عاونه في النزول من على الحوض و من بعدها سادت لحظة صمت عليهم و من بعد نظرتهم لبعضهم انتشرت ضحكاتهم بقوةٍ على الموقف بأكمله حتى «خالد» الذي نزلت دموعه رغمًا عنه.

(عودة إلى الوقت الحالي)

كانت الجلسة يحتلها الضحكات و الصخب منهم جميعًا أثناء حديث الشباب عن الذي حدث في ذلك اليوم، فتحدثت «سارة» تقول بتعجبٍ:

"يا جماعة بجد إزاي صابرين عليه ؟! فيه حد يعمل كدا يا عامر، بتفكها ليه يا بني؟"

رد عليها هو بحنقٍ من حديثها:
"ما هو لو حد كان دخل يسرقها كان هيتفاجأ بيها مفكوكة، و هي كانت في أخر المخزن، معرفش إنها هتتحرك لحد الباب و تجري ورانا كدا"

رد عليه «ياسر» بنبرةٍ ضاحكة:
"كله كوم و منظرنا بالجلاليب دا كوم تاني و احنا بنجري، معرفش هي كانت مستنيانا و لا إيه؟"

رد عليه «ياسين» مفسرًا بسخريةٍ مَرِحة:
"هي علشان كانت عارفة إننا عندها الصبح، متعرفش هي جريت ورانا غالبًا من العِشرة اللي بقت بيننا من ٣ أيام"

ردت عليه «خديجة» بصوتها الذي يضحك ببراءةٍ:
"مرة في العيد الكبير قبل الدبح أول ما نيموها و لسه الجزار هيدبح ساعتها هي وقفت من تاني و ساعتها ضربت الجزار براسها و كسرت ماسورة المياه بتاعة شقة عمتو مشيرة، كان يوم مسخرة والله"

سألها «عامر» بلهفةٍ بصوته الضاحك:
"طب و عمتك عملت إيه و وليد عملها إيه؟"

زادت ضحكاتها وهي تقول:
"عمتو فضلت تتعصب و زعقت علشان نجيب سباك و قالت إنها مش هتسكت بس الحقيقة إن وليد هو اللي مسكتش"

(عودة إلى الماضي)

وقفت «مشيرة» بعد كسر تلك الماسورة تصرخ بملء صوتها و هي تنفعل في وجه العائلة:
"يعني هي سابت كل المواسير و كسرت ماسورة شقتي ؟! كلم حد يا محمد يجي يصلحها، المياه مقطوعة عن البيت كله"

رد عليها «مرتضى» بضجرٍ:
"هنكلم مين يا مشيرة ؟! الناس كلها أجازة و إحنا في عيد"

ردت عليه هي بحنقٍ:
"هنفضل من غير مياه يعني ؟! و بعدين هي كسرت ماسورة شقتي أنا يعني لو حد فيكم شغل المياه أنا شقتي هتخرب، هقول إيه بهيمة بصحيح"

تدخل «وليد» يقول ببروده المعتاد أمامها في تلك المواقف:
"يلا بقى اتبلي على الجاموسة و قولي إنها عاملة كدا قاصدة، حتى الجاموسة مفيش عَمار بينك و بينها"

تحدثت هي تقول بصراخٍ:
"بقولك إيه يا ابن مروة ؟! ابعد عني و عن وشي الساعة دي، مش ناقصة قلة أدبك هي، شوف ابنك يا مرتضى، بدل ما اربيهولك"

رد عليها هو بوقاحةٍ:
"اسمي وليد مش ابن مروة، و لما تجيبي سيرة أمي تتكلمي عِدل، و كلمة كمان هفتح المياه و أخلي شقتك تبقى زي الترعة، ها ؟!"

تدخل «مرتضى» يقول منفعلًا في وجهه:
"خلاص بقى يا وليد !! عيب و لم نفسك و ابعد من وشي دلوقتي، و أنتِ يا مشيرة اهدي، طارق قال هيكلم حد و أحمد راح لواحد يشوفه"

كانت «خديجة» تتابع ذلك الموقف من على درجات السلم و حينما اقتربت منها «مشيرة» طالعتها بحنقٍ و قبل أن تلقي بحديثها اللاذع وجدت «وليد» يركض خلفها وهو يقول ساخرًا:
"حاسبي لعمتو يا خديجة، أصل الجاموسة لسه معلمة عليها"

التفتت له عمته و هي تقول ساخرةً منه:
"و بتجيب سيرة نفسك ليه بس يا وليد؟"

ابتسم هو بثقةٍ وهو يقول:
"و الله لو أنا علشان علمت عليكي هبقى جاموسة أنا معنديش مانع لو بالحق، أحسن ما أبقى حرباية بالباطل"

زفرت هي بقوةٍ ثم تركته و رحلت من أمامه حينما التقطتت تلميحه بكلمته الأخيرة لها، فضحك هو بقوةٍ عليها و هو يطالع «خديجة» التي وقفت مذهولة مما تراه أمام عينيها.

(عودة إلى الوقت الحالي)

لم تقص عليهم مشاكسته الأخيرة مع عمتها، إنما اكتفت بسرد محور الحوار و اكتفت إنهما تشاكسا سويًا دون الإفصاح عن تلك الأحاديث فهي لن تقص تاريخ تلك العائلة أمام الجميع حفاظًا على مظهرهم، و بعدها أنهت حديثها وهي تقول:

"فضلوا يتناقروا سوا مع بعض و هي مسكتتش غير لما جبنا السباك من عند أهل مراته و بعدها دبحنا"

رد عليها «ياسين» بسخريةٍ:
"مش سهلة برضه عمتو مشيرة دي بس حاليًا بقت طيبة خالص"

ضحكوا عليه جميعًا ثم انخرطوا في الأحاديث الأخرى المرحة و الساخرة.
_________________________

في بيت آلـ «الرشيد» لم تستطع «مروة» الصمود أكثر من ذلك فركضت خلف «وليد» إلى شقتها، و حينما دلفتها توجهت مباشرةً إلى غرفته فوجدته يجمع حاجته داخل الحقيبة الخاصة بالسفر، حينها وجدت نفسها تركض نحوه وهي تسأله بنبرةٍ مختنقة ممتزجة بلهفتها و حزنها:
"بتعمل إيه يا وليد....بتلم حاجتك و رايح فين كدا؟..... وليد !!"

أغمض عينيه بألمٍ و هو يجاهد نفسه بالثبات، بينما هي أمسكت كتفيه و هي تقول ببكاءٍ:
"علشان خاطري خليك معايا هنا، أنتَ ليه بتبعد عني يا وليد؟ أنا أمك و مليش غيرك، لو عبلة هي اللي مزعلاك نكلمها، هي بتحبك أوي، بس بلاش تمشي"

أحتضنها هو بقوةٍ فوجدها تنهار باكيةً بين ذراعيه، بينما هو ربت على ظهرها وهو يقول بنبرةٍ متحشرجة من اختلاط كلماته ببكائه:
"عبلة مش مزعلاني، أنا اللي مزعلها و مزعل نفسي معاها، خدت واحدة من بيتها و خلصت طاقتها و ظلمتها، و دلوقتي هي جابت أخرها خلاص، و أنا هريحها من اللي عملته فيها"

ابتعدت عنه والدته حتى تستطع مطالعته، فوجدته يتنهد بقلة حيلة ثم قال بنبرةٍ باكية بعدما طلق العنان لدموعه:

"أنا من خوفي أذيتها أوي، كلامها ليا فوقني و خلاني أعرف إن العلاقة دي صعب تكمل، زي اللي بيشد حَبل من بير عمال يدبح في كف إيديه و فاكر نفسه هيطلع بدهب، بس في النهاية هو عارف إن اللي هيطلعله هي الخيبة، و هي شدت كتير و طلع ليها الخيبة في الآخر"

ردت عليه والدته بطيبتها المعتادة من صوتها الباكي:
"يا وليد كل اتنين مع بعض لازم يحصل بينهم مشاكل، و هما بيعدوا المشاكل دي سوا، خليك معانا متغيبش عني...."

تهدج صوتها و نزلت دموعها فوجدته يحرك رأسه نفيًا وهو يقول:
"صعب ... و الله صعب أوي، لازم ابعد عنها علشان إحساسي بالذنب يقل، مش هقدر أفضل في مكان واحد هي فيه و أنا عارف إن دموعها نازلة بسببي"

قال حديثه ثم التفت يهرب من توسل والدته التي استمرت في التوسل له بالبقاء و هو يستمر في جمع حاجته حتى أغلق الحقيبة ثم أنزلها من على فراشه، و قبلها قبل جبين والدته ثم قال كلمةً واحدة بصوتٍ موجوع أخذ خيبات العالم في نبرته:
"ادعيلي..."

بكت و هي تستمع لصوته المكسور، فوجدته يأخذ الحقيبة و هو يتحرك من أمامها، ركضت هي خلفه و هي تصرخ بأسمه، فوجدته يترك الحقيبة ثم ركض عاد لها وجدها تقول بنفس الوجع:
"متمشيش.....طب أقولك !! تعالى نروح عند خالك السويس.... غير جو و أنا أكون معاك....بس بلاش"

تنفس هو بعمقٍ ثم قال بصوتٍ مبحوح:
"أنتِ عارفة أني لازم أكون لوحدي، و عارفة أني مش هقدر أقعد وسط الناس و أنا زعلان، بلاش تصعبي عليا موقفي بقى، ادعيلي"

لم تجد حلًا أخر غير «فارس» لذلك سألته بلهفةٍ و هي تأمل في اقناعه:
"طب عقيقة فارس مش هتحضرها ؟! مش هتفرح معانا بابن أخوك؟ هتنكد عليا في يوم زي دا ؟!"

رد عليها هو بقلة حيلة:
"لسه فاضل أسبوع، محدش عارف الاسبوع دا بيحصل فيه إيه، سلميها لله"

بكت من جديد و هي ترى عناده فوجدته يبتعد عنها ثم اقترب من الحقيبة يمسكها و هو يحاول التحكم في تلك الدموع و هي خلفه ارتمت على الأريكة و هي ترى إصراره بتلك الطريقة و لولا خوفها من العواقب لكانت صرخت بملء صوتها، لكنه آثرت راحته في نهاية الأمر حتى يستطع التفكير في معضلته، نزل هو من شقته ثم توجه نحو شقة «محمد» و التي كان بها هو و أسرته، فتحت «سلمى» له الباب فوجدته هو أمامها يقف بثباتٍ و الحقيبة بجواره، طالعته بريبةٍ في باديء الأمر، فوجدته يقول بنبرةٍ متحشرجة:
"عبلة موجودة يا سلمى ؟"

حركت رأسها بخفوتٍ فوجدته يغمض جفنيه بشدةٍ يحاول الاتصاف بالثبات، ثم دخل الشقة فوجدها بين ذراعي «طارق» تبكي و هو يحتضنها، ابتسم هو بسخريةٍ وهو يتذكر ذلك العناق الذي من المفترض تأخذه منه، ثم اقترب منهما، فرفعت هي رأسها تطالعه بعينيها الدامعتين، فوجدته يقول بنبرةٍ هادئة:

"أنا عمري ما قصدت أوجعك و لا عمري قصدت آذي حد، بس غصب عني نقلت العدوى ليكي و بقيتي زعلانة بسببي، أنا اتوجعت مرة بسببك قبل كدا و يعلم ربنا ما كانت نيتي إني أزعلك أو أخليكي تحسي في يوم بحاجة وحشة، و لا أنا و لا قلبي قصدنا الشر لحد في يوم، للمرة الأخيرة هقولهالك حقك عليا و على قلبي بجد يا عبلة، حقك عليا علشان دموعك اللي منزلتش غير بسببي، و حقك عليا من الهَجر و البُعد اللي شوفتيهم مني، و قبل ما أمشي هقولك إنك كنتي الحلو اللي مستني أنسى بيه طعم المُر"

أجهشت في البكاء بعد كلماته تلك فوجدته يميل عليها ببكاءٍ هو الأخر ثم قبل رأسها و من بعدها طالع عينيها و هو يقول بوجعٍ:
"ياريت قُربك لقلبي كان الدوا، زي ما حُبك كان العِلة"

اعتدل في وقفته بعد تلك الجملة و قبل أن يواجه نظراتهم ركض نحو الخارج حتى لا تشتبك نظراتهم سويًا، بينما هي ارتمت في حضن أخيها مرةً أخرى فوجدته يشدد عناقه لها و هي تصرخ بقهرٍ بعدما رأت رحيله أمام عينيها، بينما والدها تحدث يقول بحزنٍ:
"مش قادر ألومه و لا قادر ألومك يا عبلة، بس من الأول وليد كان لازم حياته تتصلح قبل ما يدخل حياتك، ربنا يريح قلوبكم يا بنتي"

ردت عليه زوجته بقهرٍ:
"هما عملوا إيه يا محمد علشان يحصل فيهم كدا ؟! اتنين بيحبوا بعض و عاوزين بعض، ليه كدا ؟"

رد عليها هو بتهكمٍ و هو يسخر من نفسه و حزنه:
"اللي حصل زمان معاكي بيحصل مع بنتك يا سهير، افتكري كدا لما كنا بنحب بعض و أهلك رفضوني، الدنيا هي اللي عاوزة كدا ليهم"
تنهد «طارق» بوجعٍ ثم قبل رأسها و هي بين ذراعيه تبكي بحرقةٍ على ما وصلت الأمور إليه، بينما هو ركض من البيت بأكمله و في يده حقيبته ثم ركب سيارته و من بعدها حرك المَقود و إطارات السيارة تحتك بالأرض الأسفلتية و كأنه يصارع مع الأرض، ثم أخرج هاتفه و هو يقود السيارةِ يطلب رقمه، و على الجهةِ الأخرى، كان «ياسين» وسط عائلته يضحك بقوةٍ مع الشباب و هو يداعب «يونس» على يده، حتى صدح صوت هاتفه برقم «وليد» حينها ابتعد هو من الجلسة وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"ازيك يا وليد ؟! إيه فينك يا بني مجيتش ليه تقعد معانا شوية؟"

تنفس «وليد» بعمقٍ ثم قال:
"معلش يا ياسين، مش هقدر، بس ممكن لو خديجة عندك تنزلها ليا؟ أنا هقف بالعربية تحت شقة ميمي، مش أنتو عندها زي ما قولتلي امبارح؟"

رد عليه الأخر بنبرةٍ يحاول صبغها بالثبات:
"آه إحنا عندها لسه، تعالى اقعد معانا شوية علشان شكلك مش كويس و صوتك ميطمنش"

رد عليه بنبرةٍ جامدة:
"لأ أنا كويس متخافش عليا، عاوزك بس تنزلي خديجة، لو مش هينفع خلاص مفيش مشاكل، أنا بس كنت محتاجها"

رغم قلقه من فكرة تواجدهما سويًا و بالتالي ستتم مشاركته في الجرح، لكنه يعلم مكانتها عنده و أنه في أمس الحاجة إليها، لذلك وافق بقلة حيلة على مطلبه، ثم أغلق الهاتف معه و من بعدها توجه نحو التجمع و هو يقول بنبرةٍ حاول جعلها طبيعية قدر الإمكان:
"خديجة تعالي علشان وليد هيجي تحت و عاوزك ضروري، عن إذنكم يا جماعة، و هرجع تاني"

وافق الجميع على حديثه بمرحٍ ظنًا منهم أن الأمر على ما يرام، بينما هو حاول الهروب من نظراتها المُتسائلة، ثم تحرك أمامها و هي تتبعه بعدما ودعت الجالسين، ثم نزلت تقف بجواره بجانب باب البيت و هي تتحدث بقلقٍ و خوف:

"فيه إيه يا ياسين ؟! وليد هيجي ليه حصل حاجة؟"

رد عليها هو بنبرةٍ حائرة:
"مش عارف و الله يا خديجة، بس هو كلمني و قالي إنه محتاجك معاه، و أنا طبعًا مقدرش أحوشك عنه، هو زمانه جاي، و هنعرف منه"

تنفست هي بخوفٍ و كأن الخوف يدب في أوصالها حتى أوشكت على الصراخ، بينما هو حرك رأسه حتى يراه و بالفعل لمح السيارة تدخل الشارع، و قتها أمسك كفها ثم خطى خطوةً واحدةً حتى يراهما و حينها اقترب هو بسيارته و بعد توقفه مال «ياسين» على نافذة السيارة وهو يقول بنبرةٍ حاول جعلها هادئة:

"مالك يا وليد ؟! فيك إيه يا صاحبي؟"

ابتسم هو بوجعٍ وهو يقول:
"صاحبك ضهره اتقطم و حمله تِقل يا ياسين، كل ما أمشي خطوة أرجع قصادها عشرة"

تبدلت نظرته إلى الشفقة عليه فوجده يقول مُغيرًا للحديث:
"مش مهم، قولي خديجة هينفع تيجي معايا مشوار مهم ؟! مش هأخرها عليك"

سأله «ياسين» بتعجبٍ:
"و هو أنتَ عاوزها فين ؟! و عاوزها ليه أصلًا؟"

رد عليه هو بتهكمٍ ممتزج بالآلم:
"حتى السؤال دا مش عارف أجاوب عليه، بس هو عارف إن الإجابة عندها هي، زي ما راحته عندها هي"

حرك رأسه موافقًا ثم اعتدل في وقفته و هو يشير لها حتى تقترب تركب السيارة، و رغم قلقها و توترها إلا أنها جلست بجانبه بعدما دلفت السيارة فوجدته يميل نحو نافذتها وهو يقول له:
"مش هأخرها عليك يا ياسين، شوية و هرجعهالك هنا تاني"

أومأ له موافقًا دون أن يتحدث، ثم تحرك للخلف و هو يتابع تحرك السيارةِ من أمامه، بعدها زفر بقوةٍ ثم دخل البيت مرةً أخرى، و في السيارة طالعته هي بتعجبٍ من صمته، و أخيرًا سألته بنبرةٍ خافتة و كأنها تخشى التحدث أمام حالته تلك:
"مالك يا وليد ؟! و ليه كلمت ياسين و طلبتني؟ انطق يا بني"

تنفس هو بعمقٍ ثم قال دون أن يحرك رأسه و يطالعها:
"هنطق اقولك إيه ؟! معنديش حاجة تتقال، بس مكانش ينفع أمشي من غير ما أشوفك، مكانش ينفع أغيب و أسيبك قلقانة عليا"

بكت هي رغمًا عنها وهي تقول بنبرةٍ متحشرجة:
"أنتَ هتغيب تروح فين ؟! هو إيه اللي حصل علشان تمشي يا وليد؟"

أوقف هو السيارةٍ ثم
أغمض جفنيه بشدة وهو يقول بنبرةٍ متقطعة:
"عبلة...عاوزة تطلق مني، جابت أخرها من المريض النفسي اللي اتجوزته"

اتسعتا حدقتيها بقوةٍ و الدموع تسيل على وجنتيها رغمًا عنها، فوجدته يقول بوجعٍ على حاله و حالها:
"ظلمت قلب حبني و جيت عليه، ضمنت وجودها و بقيت بروحلها وقت ما أحس أني مرتاح، طلبت مني أحاول و أنا وافقت، بس مع موافقتي دي ظلمتها هي، لا عرفت ارتاح في القُرب و لا قدرت اتخطى البُعد يا خديجة"

ردت عليه بلهفةٍ من بكائها:
"هي بتحبك يا وليد، حرام عليك تسيبها من غيرك، حرام عليك تظلم نفسك"

صرخ هو في وجهها بألمٍ:
"و الحب مش كفاية مع واحد مريض زيي، هيعمل إيه الحب لواحد مش عارف يأمن لنفسه؟ هيعمل إيه الحب لواحد كل ما يحاول يديها فرصة يجيله كابوس اللي فات يفوقه؟ هيعمل إيه الحب لواحد كل ما يطلب حاجة تروح منه؟ أنا كل حاجة طلبتها كانت سهلة و عادية، و من الغُلب مفيش حاجة منهم جاتلي...."

ردت عليه ببكاءٍ:
"يبقى الحل إنك تهرب ؟! الحل إنك تسيب كل حاجة؟ هو دا وليد اللي لو ليه حاجة في بوق الأسد بياخدها؟ هتخسر حبك قدام الدنيا؟"

حرك كتفيه وهو يقول بلامبالاةٍ واهية تشبه المحارب المستسلم:
"أحسن ما يجي يوم و ألاقيني بخسر نفسي هي كمان، مش كل الناس عايشة مع اللي بيحبوهم، أنا لازم أبعد يا خديجة علشان مبقاش مرض غريب بينتشر و نهايته تبقى بموت الجسم كله"

مسحت دموعها بكفيها وهي تقول بنبرةٍ متحشرجة:
"و هو أنتَ ليه عاوز تمشي؟ علشان إيه أصلًا؟ جاي دلوقتي و عاوز تمشي؟ دلوقتي و عاوز تسيب كل حاجة من إيدك؟ بعد كل حاجة مرينا بيها يا وليد؟ نسيت عياطنا سوا؟ نسيت خديجة القديمة اللي مكانتش بتخرج من البيت؟ نسيت هزايمنا مع بعض؟"

رد عليها هو بوجعٍ و دموعه تنهمر على وجنتيه:
"أنا همشي علشان مفيش مكان تاني أتوجع منه، كل حاجة بقت بايخة و مفيش حاجة نصفتني يا خديجة، كان ذنبنا إيه في كل اللي حصل؟ كان إيه ذنبنا نتوجع منهم؟ كان إيه ذنبنا ننام معيطين كل يوم؟ كان ذنبنا إيه يظلمونا و إحنا نخاف عليهم من الوجع؟ اللي تاعبني أني أنا اللي كنت سبب وجعها يا خديجة، اللي عيشت طول عمري أخاف منه حصل و جرحت عبلة و ظلمتها، عينها قالت كلام اللسان ميقدرش يقوله، بس العقل ترجمه و فهمه، أنا اتقبلت كل حاجة في حياتي إلا أني أكون شخص مؤذي"

بكت هي مع بكائه فوجدته يقول بنفس الألم البادي عليه:
"أنتِ الوحيدة اللي قلبي مش عارف يشيل منها يا خديجة، من العالم منصفنيش غيرك أنتِ، شكرًا علشان متعبتيش مني"

ردت عليه بسخريةٍ من بين دموعها و تأثرها:
" اتعب منك أنتَ ؟! أتعب من اللي شايل همي طول عمره؟ أنا شوفت فيك كل حاجة يا وليد، كنت أبويا و أخويا و صاحبي، أنتَ هتفضل طول عمرك غير الكل عندي"

تنفس بعمقٍ و هو يقول ساخرًا:
"و بيسألوني بحبك ليه ؟! علشان محدش فيهم زيك، و أنا عارف إنك فهماني يا خديجة"

حركت رأسها موافقةً فوجدته يتنفس الصعداء فسألته هي بحذرٍ:
"طب أنتَ هتعمل إيه يا وليد؟ عبلة أكيد هتتوجع في بُعدك عنها"

رد عليها هو بوجعٍ ظهر على محياه و نبرة صوته:
"هعملها الحاجة اللي هي عاوزاها يا خديجة، لا يمكن أجبرها تفضل في وضع مش هيريحها، أنا مش ظالم، هي طلبت و أنا هنفذ"

اتسعتا حدقتيها بقوةٍ فوجدته يومأ لها بقلة حيلة ثم حاول ح جاهدًا التحكم في دموعه، و لكن دون جدوى، فنزلت منه و هو يشهق بقوةٍ فوجدها تخطفه بين ذراعيها و هي تبكي معه و كعادتها شاركته الهزيمة حتى امتزج البكاء بصوتهما سويًا.
_________________________

في بيت آلـ «الرشيد» صرخ «وئام» في والدته وهو يقول منفعلًا:
"يعني إيه مشي ؟! راح فين يا ماما؟ سبتيه يمشي إزاي؟ مقفلتيش الباب ليه و طلبتيني أنا ولا بابا؟"

ردت عليه هي بنبرةٍ باكية:
"مشي علشان تعب، جاب أخره، كل ما يستنى حاجة تروح منه و تكسر بخاطره، ابني بقى مكسور، أخوك تعب يا وئام، سيبته يمشي علشان عارفة إن كل حاجة هنا بتوجعه"

ردت عليها «هدى» ببكاءٍ:
"يا ماما وليد مينفعش يفضل لوحده، وليد كدا هيراكم أكتر و يتوجع أكتر، هو إيه اللي حصل بس؟"

تدخل «مرتضى» يقول بوجعٍ على صغيره:
"اللي حصل إنه شال كتير أكتر من طاقته، اللي حصل إنه كان بيتوجع و هو عمال يضحك و يهزر و يتكلم علشان مناخدش بالنا، بقى واحد كله تعب و خلاص لازم بجيب أخره، بس المرة دي أخره جه متأخر أوي، علشان يفوقه على كل اللي فات"

بكت «مروة» بحرقةٍ وهي تقول بنبرةٍ متألمة:
"قلبي وجعني عليه أوي يا مرتضى، زي اللي انطفى نور عينيها، عاوزة ابني يا مرتضى، عاوزاه يرجع تاني ليا"

جلس بجانبها وهو يبكي هو الأخر فوجدها تبكي بقهرٍ و هي تقول ببكاءٍ:
"منها لله الدنيا دي، وجعته و هو قلبه طيب، ليه تيجي عليه و هو مأذاش حد طول عمره؟ ليه هو يحصله كدا يا مرتضى؟ ليه اللي زيه و زي خديجة مش بيعرفوا يفرحوا؟ غلطتنا إننا عودناهم على الطيبة؟ كان المفروض أخليهم قاسيين؟ كان المفروض اقولهم دوسوا على اللي يجي جنبكم؟ اقولهم اللي يقرب منكم كلوه بسنانكم؟"

نظر إليها ثلاثتهم، فقالت هي بنبرةٍ متألمة:
"والله عملت كدا علشان يعرفوا يعيشوا، يارتني كنت قسيت قلبهم، يارتني كنت خليتهم يتجاحدوا، طلعت الاتنين طيبين علشان يتجرحوا و يكتموا جواهم، يا رب ريحني و ريحهم"
صرخت بجملتها الأخيرة فوجدت زوجها يحتضنها بقوةٍ ثم شاركها البكاء هو الآخر حتى انهارت هي بين ذراعيه.
_________________________

في غرفة «عبلة» انهارت هي بين ذراعي «هدير» و الفتيات حولها يطالوعها بشفقةٍ، حتى تحدثت «هدير» تقول بنبرةٍ باكية:
"ليه تيجي عليه كدا يا عبلة ؟! وليد زي القنبلة الموقوتة و ما صدق الوقت جه انفجر، ليه تدوسي على الجرح كدا؟"

ردت عليها هي بصراخٍ من بين شهقاتها:
"مكانش قُدامي غير كدا يا هدير، دا الحل الوحيد علشان يتكلم.....
كان لازم يخرج كل اللي جواه و يقول هو شايل إيه في قلبه؟..... كان لازم يعرف أن الجروح مفتوحه مقفلتش
.......، هي بس متخدرة و أول ما المفعول هيروح الوجع هيبقى الضعف .....كان لازم يدوق طعم الخسارة علشان يعرف المكسب، أنا مكنتش مستنية منه يسيبني، أنا كنت مستنية منه يصلح كل حاجة فاتتنا.....بس هو خسرني"

ردت عليها «جميلة» بنبرةٍ جامدة:
"مين قالك إن هو سابك و مشي ؟! هو أكيد بيعيد حساباته، كان لازم يهرب مننا كلنا هنا، كان لازم يفصل بين جروحه، كلامه و هو بيشكي همه و حزنه خلاني أعذره، واحد زي دا إزاي أصلًا قادر يكمل و يعافر؟ واحد زي دا إزاي أصلًا فيه حيل يتمسك بحد؟ ماظنش إنه ظالم يا عبلة، لو رجعنا لنقطة الأصل هنلاقي إن دا العدل، علشان تعرفي هو حس بإيه، يمكن دا يكون لصالحكم شوية"

ردت عليها «هدير» بخجلٍ ممتزج بالبكاء:
"اللي حصل زمان كان بسببي، و دي أنا مش هقدر أنكرها، و لولا اللي عملته فيكم كان زمان الوضع غير أصلًا"

ردت عليها «خلود» بنبرةٍ جامدة:
"و عبلة لو وافقت على الكلام دا تبقى غبية، مش أي حد بيقولنا حاجة بنصدقها يا هدير، و هي فين ثقتها فيه؟ مواجهتش ليه؟ سكتت ليه و صدقت اللي اتقال؟ نسيت بسبب الهروب حصل إيه؟ عمو حسان مشي و خد جميلة معاه و كلكم كنتوا شاهدين على علاقة جميلة بطارق، عبلة موثقتش فيه و صدقت أول حاجة تتقالها عليه علشان هي خايفة منه، و اللي بيحصل دا رد حق لوليد، هو مردش حقه، بس ربك عادل أوي و الإحساس اللي غيرك داقه منك مسيرك تدوقيه و هتحسيه، لو لسه شايفة إنه ظالم يبقى متستاهليش وليد أصلًا"

بكت هي رغمًا عنها من جديد، بينما «خلود» تركتها ثم رحلت من الغرفة و هي تبكي بقوةٍ لأجل رفيق دربها كما تلقبه هي، و من بعدها توجهت نحو شقتهم و بمجرد رؤيتها لـ «أحمد» ارتمت بين ذراعيه تبكي بقوةٍ وهي تقول:
"خايفة عليه أوي يا أحمد....وليد تعب و لسه هيتعب تاني.....مظلوم أوي في الدنيا"

ربت على ظهرها وهو يتمتم بخفوتٍ:
"ربنا يريح قلبه يا خلود....هو هرب من الوجع هنا، ادعيله أحسن، تليفونه أتقفل من بدري"
استمرت في البكاء بين ذراعي شقيقها و هو يبكي هو الأخر على «وليد» الذي رحل تاركًا خلفه الحياة بأكملها.
_________________________

رحل الشباب جميعهم من عند «ميمي» و «ياسين» أيضًا توجه نحو شقته بعدما هاتف «خديجة» و أخبرها بذلك، فأغلقت هي معه المكالمة فوجدت «وليد» يقول بنبرةٍ هادئة:
"هروحك بيتك و أشوف طريقي من بعدها، خلينا نخلص بقى من الهم دا"

ردت عليه بتوسلٍ:
"بلاش يا وليد....أقولك سيب كل حاجة كدا و تعالى اقعد معايا أنا و ياسين، أنتَ بتحبنا إحنا الاتنين......علشان خاطري"

حرك رأسه نفيًا ثم قال بإصرارٍ:
"مستحيل يا خديجة، أنا عاوز أرتاح بقى، أنا كنت متأكد إن قعادي معاكي هيجي بفايدة، و أنا ارتاحت لما شوفتك، كدا هقدر أمشي"

بكت من جديد فوجدته يقبل رأسها ثم طالعها بعاطفةٍ أخوية وهو يقول:
"لأول مرة تحصل و أوصيكي أنتِ يا خديجة، خلي بالك منهم، و خلي بالك على نفسك، أنا كدا مليش غيرك أنتِ"

ردت عليه هي بنبرةٍ باكية:
"خليك معايا و متمشيش، أقولك ؟! خدني معاك، ياسين طيب أوي زيك و الله، لو قولتله مش هيقولك حاجة، هو كمان ممكن يجي معانا و نهرب من كل الناس اللي مش زينا"

ابتسم لها وهو يقول بسخريةٍ من ألمه و طيبتها:
"ملهاش حل غير الانتحار دي، علشان كلهم مش زينا، محدش فيهم شبهنا يا خديجة، خليكي مع ياسين علشان هو أحق واحد بيكي، هو اللي شبهنا و يستاهل قلبك"

حركت رأسها موافقةً فوجدته يربت على يدها، و من بعدها حرك السيارة حتى تعود إلى مسكنها، و هي بين الحين و الآخر تطالعه بأعين دامعة، بينما هو من خلال نظراتها نحوه يكاد يجزم أن الحزن يخيم عليهما سويًا، الوحيدة التي استطاعت مشاركته ذلك الآلم و الوحيدة التي لم تلقي اللوم عليه، هي فقط تفهمت الوضع و استطاعت تجميله في عينيه، و بعد القيادة و صل هو أمام بيتها وهو يقول بنبرةٍ خافتة:
"اطلعي يلا الجو برد يا خديجة، و طمني ياسين و أنا هبقى أعتذرله، يلا علشان أخرتك عليه"

سألته هي بصوت حزين منكسر:
"طب هتعمل إيه دلوقتي ؟!"

حرك كتفيه وهو يقول بقلة حيلة:
"هعمل اللي مفروض يتعمل، هسلمها راحتها يا خديجة، أنا قولتلها اللي عاوزاه هيحصل، و أنا مبرجعش في كلامي، أنا مش قابل فكرة أني ظالمها معايا، و مش هتقبل إنها تفضل معايا زي الأسيرة، ربنا يكرمها إن شاء الله و يعوض عليا"

لمعت العبرات في مقلتيها فوجدته يمد يده يمسحها وهو يقول متوسلًا:
"بلاش عياط يا خديجة، بلاش وجع قلب بقى، كفاية تعب قلب"

ردت عليه هي من بين دموعها:
"من إمتى حد فينا عيط لوحده؟! من إمتى مشاركتش حزنك؟ عاوزني افرح إزاي؟"

ابتسم لها وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"افرحي علشان أفرح يا خديجة، طول عمري فرحتي مربوطة بفرحتك، خلي واحد فينا يضحك على الدنيا بدل ما هي بتضحك علينا كدا، افرحي بجوزك و بحياتك معاه علشان ياسين مش هتلاقي زيه تاني و تعب معانا أوي و كتر خير متحمل كتير"

طالعته هي بقلة حيلة فوجدته يحثها على النزول من السيارة، امتثلت هي لما يريد و هي تطالعه بعدة مشاعر و الدموع تسيل على وجنتيها، فوجدته يقول بمرحٍ:
"اللي بيحصل دا ميمنعش أني عاوز أبقى خال برضه، متضحكيش عليا"

ضحكت هي رغمًا عنها من بين دموعها فوجدته يلوح لها بيده ثم رحل من أمامها بسيارته حتى لا يضعف مرةً أخرى، بينما هي ركضت نحو الداخل حتى لا تنهار هنا، و بمجرد دلوفها شقتها بعدما فتح الباب لها، ارتمت بين ذراعيه و هي تبكي بقوةٍ، فوجدته يغلق الباب ثم لف ذراعيه حولها و هو يقول بصوتٍ خافت ممتزج بالحزن:
"كنت عارف و متأكد إنك هترجعي عاملة كدا يا خديجة، كنت عارف إن جروحك هتتفتح مع جروحه"

حركت رأسها تطالعه وهي تقول من بين شهقاتها:
"صعب عليا أوي يا ياسين، اللي حصله كتير أوي...... إن إنسان يتحمله، وليد عمال يتظلم من كل حاجة و مفيش حاجة نصفته في الدنيا.....طول عمرنا بنحزن مع بعض، ليه أنا فرحت و هو لأ ؟"

حرك يده على ظهرها وهو يقول بنبرةٍ مقررةٍ:
"دا نصيب و مكتوب، يمكن علشان يتعلم من اللي جاي و يمكن علشان يفوق لنفسه، وليد مش عارف يأمن للي هتبقى مراته يا خديجة، مش عارف يسلمها قلبه و يتأكد إنها هتصونه، وليد بيهرب منها و فاكر إنه بيحميها، اللي حصل دا كان لازم يحصل"

طالعته بدهشةٍ وهي تقول بصوتٍ ضائع:
"دا كان لازم يحصل ؟! كان لازم يتوجع علشان يفوق ؟! كان لازم يتكسر بالمنظر دا علشان يعرف يعدي حياته ؟! هو دا الحل ؟! طب ليه ؟!"

رد عليها هو بقلة حيلة:
"علشان الجروح النفسية اللي عنده و اللي هو أهمل علاجها و بقت جرح فوق الجرح و كل واحد فيهم بيوجع أكتر من اللي قبله، أحيانًا لازم نتألم علشان نفوق و علشان نتعلم"

ابتعدت عنه وهي تقول بنبرةٍ منفعلة ببكاءٍ:
"غلط يا ياسين....الكلام دا غلط، لا أنا و لا هو ولا اللي زينا يستاهلوا حتى العياط، ليه إحنا اللي نعيط و هما لأ ؟! ليه هما اللي يفرحوا بوجعنا و إحنا نسهر كل يوم نتوجع و نعيط من كلامهم ؟!

ليه هما يشوفونا المذنبين و إحنا المجني علينا ؟! ليه إحنا بنسكت و هما بيدوسونا؟ مين نصفنا منهم ؟! مين وقف يطلب بحقنا ؟! مين شاف الجروح اللي محدش عارف يداويها، لا أنا و لا هو لينا ذنب في حاجة.....أنتَ مشوفتوش و هو بيعيط قصادي، مشوفتوش و هو بيقول إنه مش هيتعشم تاني، وليد بيهرب من الدنيا كلها و ناسي إن اللي هو بيهرب منه عايش جواه"

نزلت دموعه رغمًا عنه مع دموعه و هو يراها أمامه تنهار بتلك الطريقة حتى ارتمت على الأرض تجلس القرفصاء، فوجدته يجلس بجوارها وهو يقول ببكاءٍ و بصوتٍ متحشرج:

"علشان هما برة مرضى نفسيين، كل واحد فيهم عنده عقدة ماشي يطلعها على غيره، كل واحد فيهم زعل من حاجة يستخسر الفرحة في الناس و يزعلهم، أنتِ فاكرة أني متوجعتش أنا كمان ؟! أنا اتعاملت معاهم و شوفت منهم برضه، شوفت واحد في الجامعة بقى معيد على قفايا لما خلاني أساعده في مشروع التخرج و استغل أني سوي نفسيًا، واحد داس عليا و راح سرق فكرة مشروعي و بقى معيد بالواسطة و أنا قبلها بأيام مهزوم و مش عارف هعمل مشروع تاني إزاي،

و لا لما مرة واحد عمل لأبويا مشكلة في الشغل و بات في الحبس و دا كله علشان رفض الغلط منهم و حافظ على الأمانة و ساعتها روحت زي العيل الصغير اترجاه يقف معانا و أنا فاكره محترم و ساعتها قالي إنه لو يقدر يجبله تأبيدة مش هيتأخر و لولا إن أبويا مأمن نفسه و خلاني سلمت الورق لصاحب المصنع كان زمان عمره ضاع في السجن، أنا مغلطتش لما قفلت حياتي على ابويا و أمي و أخواتي و ميمي، و مش عاوز غيرهم، و كنتي أنتِ الوحيدة اللي كسرت الحاجز دا علشان أنتِ زيهم، الوحيدة اللي أمنت بيها و القلب اطمن قدام عنيها، كلهم كانوا قاسيين بس أنتِ عينك كان فيها حنية الدنيا كلها"

حركت رأسها لليمين قليلًا حتى تستطع رؤيته فوجدته يقول بنبرةٍ باكية و هو ينظر أمامه:
"كل اللي كنت عاوزه هو أني أعيش مع واحدة بنت أصول تصوني و أصونها، واحدة أهرب من الدنيا برة ليها هي، لقيت دا فيكي أنتِ بس الفرق إن أنتِ جاية مجروحة منهم يعني حرام عليا أجرح فيكي تاني، ساعتها اتحولت من واحد عاوز مأوى لواحد بيحارب علشان يكون ليكي أمان، و كل همي أني أبعد أذى الدنيا عنك"

رفعت كفها تمسح دموعها ثم مدت كفيها تمسح دموعه هو الآخر فوجدته يبتسم وهو يقول ساخرًا:
"و اللحظة دي كان نفسي أجربها برضه، بس و هي دموع الفرح"

ابتسمت رغمًا عنها فوجدته يتنهد بقوةٍ ثم قال بصوتٍ متحشرج:
"عارفة أنا كاتم دا كله بقالي قد إيه؟ كتير أوي و الله، الوحيدة اللي شهدت على الهزيمة دي هي أنتِ"

تنفست هي بعمقٍ ثم فتحت له ذراعيها وهي تقول بصوتٍ مبحوح:
"و لو هتقدر تعيط تاني عيط علشان ترتاح يا ياسين، عيط علشان متراكمش و ترجع تتفاجأ بجروحك زينا"

ارتمى هو بين ذراعيها و لأول مرّةٍ تنعكس الأدوار و تربت هي على ظهره و هو يبكي بصمتٍ يعلن ضعفه أمامها بعدما عاش يخفيه حتى من نفسه.
________________________

في شقة «محمود» و تحديدًا بغرفة «هدير» جلست على الفراش تسب نفسها و تلقي اللوم على عاتقها بعدما رأت ما تسببت به بفعلتها الماضية، جلست القرفصاء على الفراش و هي تُخفي رأسها بذراعيها لا تستطع الهروب من الشعور بالذنب، دلف «حسن» الغرفة بعدما اقنع والدها في الخارج أنها طبيعية و لكن ركضها نحو الغرفة بتلك الطريقة جعل قلبه ينفطر عليها، لذلك جلس بجانبها بهدوء و هو يستمع لصوت شهقاتها فرفع يده يربت على ظهرها وهو يقول بصوته الرخيم:
"ممكن تعرفيني بتعيطي ليه طيب؟ حصل إيه علشان تجري كدا قدامنا بعياطك دا ؟"

رفعت رأسها وهي تقول بوجعٍ:
"علشان أنا السبب يا حسن، وليد و عبلة بيتعذبوا بسببي و بسبب أنانيتي زمان، كانت النتيجة إن فيه قلبين موجوعين، أنا كرهت نفسي أكتر من الأول بكتير، عياطها بين إيدي كان صعب"

رد عليها هو رافضًا حديثها:
"كنتي سبب مش السبب، و دي تفرق كتير، صحيح غلطتي و أنا مش هبرر غلطك دا لإنه كبير في حقهم، بس فيه حاجات تانية كتير يا هدير غيرك، فيه الحياة اللي وليد عاشها و أحلامه اللي ضاعت منه، فيه قلة ثقة عبلة من الأساس و من قبل اللي أنتِ عملتيه هي أصلًا كانت بتعامله معاملة جافة، بدل ما نقعد نندب حظنا و غلطنا اللي عملناه يبقى الأفضل إننا نقوم نصلح الغلط دا، إحنا كل يوم بنتطور و نتغير و ننضج أكتر، مينفعش نقف عند غلطة من سنين ألوم نفسي و أحكم بعقل و خبرة النهاردة، قولتلك إحنا بشر، و ربنا سبحانه وتعالى بيغفر الذنوب مين إحنا علشان منغفرش و نتوب؟ مين إحنا علشان نحكم إن الغلط ميتسامحش فيه؟ قومي يا هدير و حاربي علشانك قبل أي حد، جلد الذات مش هيفيدك بحاجة لو أنتِ مش بتحاولي تساعدي نفسك، رفعت كفيها تمسح دموعها و هي تستغفر في سرها، فوجدته هو يربت على ظهرها وهو يقول بنبرةٍ خافتة:
"تعالي معايا برة علشان عم محمود قلقان عليكي و كان مكسوف يدخلك"

حركت رأسها موافقةً ثم نزلت من الفراش فوجدته هو قبل خروجه سحب منديلًا ورقيًا ثم وقف مقابلًا لها يمسح وجهها و دموعها العالقة بأهدابها، فابتسمت هي رغمًا عنها له، فبادلها هو البسمة بمثيلتها فوجدها تقول بنبرةٍ هادئة:

"كنت فاكرة نفسي ربنا مبيحبنيش علشان اللي عملته و اللي كنت بعمله و لحد وفاة ماما كنت متأكدة أني مستاهلش حد يحبني، بس وجودك أثبتلي إن ربنا بيحبني، علشان يكرمني بيك أنتَ، طلعت أحلى من الحلو نفسه"

شعر بضربات قلبه تتسارع بقوة لكنه رسم الثبات بجديةٍ و هو يقول بمرحٍ طفيف:
"روحي ربنا يجبر بخاطرك يا رب يا هدير، الله يفرحك"

امتعض وجهها من طريقته لكنها قالت بقلة حيلة:
"شكرًا على الدعوتين الحلوين، بس مش معايا فَكة ليك، أنتَ بتشحت يا حسن ؟!"

رد عليها هو بنبرةٍ ضاحكة:
"شوفتي ؟! فكيتي أهو الحمد لله، و الله قولت كدا علشان أضحكك و أخليكي تغيري جو الكئابة دا يا نكدو"

شهقت بقوةٍ و هي تقول بغير تصديق:
"أنا برضه اللي نكدو ؟! طب و الله لأجريك من هنا بطولك دا"

قالت جملتها ثم التفتت خلفها تحمل زجاجة المياه فوجدته يركض في الغرفة وهو يقول بنبرةٍ ضاحكة:
"يا بنت المجانين، بهزر خلاص يا بومة"

ضحكت هي رغمًا عنها و هي تركض خلفه تحاول قذفه بالمياه و هو يضحك و يتجول بين ارجاء الغرفة الواسعة و هي خلفه حتى وجدها ترتمي على الفراش و هي تقول بانهاكٍ:

"الله يسامحك يا حسن....معندكش وسط يا انهيار و عياط يا ضحك و مسخرة ؟! قلبنا الأوضة مراجيح"

اقترب منها يجلس بجوارها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"لو عليا مش هخلي فيه حزن أصلًا و لا عياط، هخليه كله ضحك و هزار، لو بإيدي مش عاوزك تزعلي و الله أصلًا، ضحكتك حلوة أوي بترد الروح"

ابتسمت هي بخجلٍ فوجدته يقترب منها ثم قبل وجنتها و من بعدها غمز لها و هو يقول بمرحٍ:
"أنا هستناكي علشان ناكل و علشان عم محمود ميزعلش"

ردت عليه هي بسخريةٍ:
"عم محمود !! عمك محمود عند فارس دلوقتي يا حسن، أنتَ فاكره هيستنى هنا ؟!"

ابتسم هو بقلة حيلة فوجدها تقترب منه بخبثٍ و على حين غرة قامت بنثر المياه على وجهه من الزجاجة التي كانت تمسكها و حينها شهق هو بقوةٍ و قبل أن تركض من جواره وجدته يمسكها و هو يتوعد لها بمرحٍ حتى ضحكت هي بقوةٍ عليه و على هيئته.
_________________________

في محافظة الأسكندرية و بعد منتصف الليل وصل «وليد» البيت الخاص بالعائلة في تلك المحافظة، و دلف شقتهم تحديدًا و يشعر أن ذلك المكان سيكون له الفضل في بدايته الجديدة، دلف غرفته أول شيء ثم قام بفتح الشرفة التي تطل مُباشرةً على البحر و هو يتنفس الصعداء و يستنشق الهواء الممتزج برائحة البحر في تلك البدايات الخريفية، و فجأة أغلق أهدابه و هو يستمع لصوت تلاطم الأمواج خلف بعضها بصوتها الذي زلزل كيانه و هي تذكره بنفسه، حينما ترك نفسه لموجات الحزن دون أن يوليها ظهره، إنما ترك نفسه للحزن، و لكن قبل أن يتعمق بتفكيره وجد نفسه يتطرق بالتفكير بها و في حالها بدونه؟ هل شعرت بالراحة بعد رحيله؟ هل تلك النهاية التي رضتها و رضت هواها؟! أين حديثه عن انتصاره و تمسكه بها ؟! هي من رغبت بذلك و هو سيلبي تلك الرَغبة، شدد قبضة أهدابه فوق عينيه حينما وجد صورتها ترتسم أمامه و كأن خياله يذكره بخلودها في وجدانه، لم تكن مجرد شخصٌ عابر في الحياة إنما كانت له كل الحياة، لكن تلك النتيجة هو أحق بها بعدما عاشته هي بسببه، و فجأة رفع رأسه للسماء و هو يقول بصراخٍ وجعٍ:
"كــدا خــلصت صـــح ؟! لــيه أنـا اللي عمال أتوجع؟! ليه كلهم ظلموني، ليه مش عارف أرتاح زي ما بريح الكُل ؟! طب أنا مش صعبان عليهم ؟! نفسي تعبت من كتر ما بتصعب عليا... لو فيه حكمة في كدا أنا راضي بيها و الله راضي حتى لو قلبي بيموت و حزين بس.....هفضل لحد أخر نفس فيا راضي"

انفجر في البكاء من بعدها ارتمى على الأرض الرخامية في الشرفة يضم ركبتيه أمامه ورأسه على الحائط خلفه، و الدموع كما هي على وجنته، و لكن ما حدث جعله في حالة غريبة بين التيه و اليَقظة حينما نزل المطر فجأةً دون إنذارٍ مُسبق، حرك رأسه فوجد السماء تنزل بالسيول، لم تكن مجرد قطرات المطر، إنما سيول تشبه تلك التي يبكي بها منذ الأمس، و فجأة ركض من موضعه ثم خرج من الشقة بأكملها و منها ركض نحو البحر مُباشرةً تحت قطرات المياه و هو يتلمس منها إزالة جروحه و في الخلف في أحد الكافيهات الموجودة على البحر مباشرةً أغنيةً تصف جرحه و كأنها بتلك الطريقة تضاعف الجرح و مع هدوء المطر وصلته الكلمات الأتية:
"من البداية قولتِلك.....إن مش دايمًا يكون الحب كافي.....و الحياة ليها حِسبة تانية يومها نزلت دمعة منك فوق كتافي.....قولتي حاول قولت حاضر....بس أوعي متمكليش....لو هتمشي أمشي حالًا....لو فضلتي متبعديش.....قولتي حاول.....قولت حاضر بس أوعي متمكليش....لو هتمشي....أمشي حالًا .....لو فضلتي متبعديش"

"أنا مكنتش عاوز أعلق نفسي بحب نهايته جروح.....ليالي ابني في وهم و حلم و ييجي في ثانية دا كله يروح.....و أديني خدت نصيبي من حبيبي....جرح قاسي كبير.....ساعات لما الجرح بيجي بسرعة بيبقى أهون بكتير"

عند تلك الكلمات وجد نفسه يجهش في البكاء و كأن كل شيء حوله يعارضه في التخطي و التعافي، يبدو أن تلك القصة ستبصبح من قصص المُخلدين، قصةٌ سُطرت منذ بدايتها بالحبر الخاطيء حتى أصبحت إزالته أمرًا مُستحيلًا، قصته تُشبه قصص الأساطير، تلك القصص التي كتب عليها الفشل المُحتم، و مع انهياره باكيًا ارتمى على ركبتيه أمام البحر و هو يبكي و حبات المطر تنزل عليه و الكلمات خلفه تزداد ارتفاعًا:
"قولتي حاول.....قولت حاضر ...بس أوعي متمكليش.....لو هتمشي....أمشي حالًا لو فضلتي متبعديش.....قولتي حاول....قولت حاضر..... بس أوعي متمكليش.....لو فضلتي متبعديش"
تنفس بعمقٍ نفسًا أخرجه على مهلٍ بعدما رفع رأسه و هو يبكي و يُصدق نهاية تلك القصة التي كُتِبَت نهايتها بالدمع نتيجة القهر الذي أصابه و أصاب قلبه نتيجةً لماضٍ عجز هو عن تخطيه.
_________________________

و كأن الوجع يشتد حينما تشعر به بمفردك، لولا أكتاف من نحبهم في المِحن لكانت الحياة مثل شوك الصبار، و أكبر دليل لذلك هو بكاء «خديجة» بين ذراعي «ياسين» طوال الليل حزنًا على توأم روحها كما لقبته هي، لكن ما بيدها حيلة، هي مدركة أنه لن يتهاون في ذلك الجرح، و على الجهة الأخرى كانت «عبلة» تتشبث بـ «طارق» تبكي بين ذراعيه وهي بجانبها يبكي لأجلها و في الأسفل نظر «حسن» بجانبه لتلك الغافية بين ذراعيه بعدما بكت مرةً أخرى و هي تشعر بالذنب، بينما هو رفع يده يربت على خُصلات رأسها و داخله يتمنى أن يتبدل ذلك الوضع، فأين تلك الفرحة التي رآها منذ ميلاد «فارس»؟ يبدو و كأن الحزن أقسم بالبقاء في ذلك البيت و من بعد تلك الليلة القاسية استمرت بعدها عدة أيام على نفس المنوال حتى خيم الحزن عليهم و كسا الدمع أعينهم و انقلب كل شيءٍ رأسًا على عقبٍ، حتى أتى يوم الخميس و من المفترض اليوم التالي هو اليوم المُخصص لعقيقة «فارس» و لكن كيف تتم تلك الفرحة بعد غياب أحد أهم أفراد تلك العائلة ؟! كيف ستكتمل الفرحة و هناك فردًا من المفترض أنه يشارك الجميع في تلك الفرحة خصيصًا بعد فشلهم في التوصل إليه و حينما تواصل «طارق» مع حارس البيت أخبره أنه لم يراهُ بعد، و أن البيت كما هو فارغًا.

في كلية الصيدلة كان «عمار» يجلس بجوار صديقه يقوم بمراجعة المُذكرة التي يمسكها بيده و الآخر يفعل المثل، و فجأة صرخ «عبد الرحمن» مُهللًا:
"صح !! طلعت صح يا عمار، مش قولتلك موجودة في الملزمة، احنا هنبقى دكاترة جامدة يا عمار"

نظر «عامر» في المذكرة و هو يقول بلهفةٍ:
"وريني كدا الله يطمنك يا شيخ"
و بعدما طالع السؤال تنهد بعمقٍ ثم قال براحةٍ كبرى:
"الحمد لله.... دكتور جاحد، فيه حد يعمل امتحان سؤال واحد ؟! و يقولك هو كدا ؟!"

رد عليه «عبد الرحمن» بنبرةٍ ساخرة:
"مش أحسن ما كان سأل شفوي و كنا روحنا في داهية؟ دا كدا فُل أوي و الله"

أومأ له بقلة حيلة ثم قال:
"معاك حق هو معقد أساسًا، فيه معيد يعمل كدا ؟! دا ركبلي العصبي"

وضع «عبد الرحمن» يده على كتفه و هو يقول بفخرٍ:
"بس إيه رأيك في المحشي بتاع أمي ؟! شوفت كانت فرحانة بيك إزاي لما جيت ؟! و الله يا بني عمر ما جالنا ضيوف غيرك"

ابتسم له و هو يقول بمرحٍ:
"لأ بصراحة كان حاجة مفيش زيها، تسلم إيدها و الله، مامتك ست عسل أوي"

رد عليه الأخر بضجرٍ زائف:
"أنتَ هتعاكس أمي قصادي يا عمار ؟! خلي بالك أبويا رجع من السفر و هيفرمك دا عقيد شرطة ومبيرحمش"

رد عليه هو بنبرةٍ ضاحكة:
"طب والله أبوك طيب و فضلت تخوفني منه و طلع هَشكة زي عامر أخويا، دا داخل عليكم بورد يا عبد الرحمن"

لوح له بيده وهو يقول بحنقٍ:
"كان دخل بفرختين و لا كيلو جمبري أحسن، قال ورد قال"

اتسعت ضحكة «عمار» و هو يقول بمرحٍ:
"نفسي تقابل عامر أخويا و الله العظيم هتبقوا جامدين مع بعض أوي"

رد عليه الأخر بنبرةٍ آملة:
"أنا بقيت عاوز أشوف أخواتك من كتر كلامك عنهم، عاوز أشوف اللي ربوك كدا عاملين إزاي؟"

تمتم هو بنبرةٍ خافتة و كأنه يحدث نفسه:
"هما أحسن حاجة في الدنيا كلها، لو شوفتهم هتعتبرهم أخواتك يا عبد الرحمن و هما هيحبوك"

رد عليه الأخر بحزنٍ:
"مجربتوش أنا الإحساس دا قبل كدا يا عمار، أنا ولد و أختي أكبر مني في أكاديمية الطيران، و بتيجي أجازات و تمشي و بابا زيها، مليش غير ماما، علشان كدا مسكت فيك و طلبت منك تصاحبني رغم أني عمري ما عملتها مع حد، أنا معنديش صحاب نهائي، و لما جيت عندنا كنت فرحان، دا أنا روقت أوضتي علشانك يا عمار"

قالها بمرحٍ و هو يسخر من نفسه فوجد «عمار» يحتضنه وهو يقول بنبرةٍ ضاحكة:
"يا بني تعبتني بقى، يا بتاع مريم ها أكمل ؟!"

وضع يده على كفه و هو يقول بضجرٍ:
"بس يخربيتك !! إيه الفضايح دي ؟! أقول عليك إيه يا بعيد ؟!"

أبعد كفه و هو يقول بنبرةٍ ضاحكة:
"خلاص و الله بهزر، بس أنتَ بطلت تكلمها صح ؟! سمعت كلامي و لا لسه برضه"

رد عليه هو بلهفةٍ:
"و الله بطلت و عملت زي ما قولتلي كلمت أخوها و طلع محترم و قالي ركز في دراستك و هي هنا في بيتنا، و لما تكون مستعد تعالى أطلبها و دا شجعني و احترم أني بطلت أكلمها"

رد عليه بفخرٍ:
"قولتلك أسأل مجرب، نصايح الشيخ أيوب دي عمرها ما تزعل حد، علطول هي الدليل للقلب و راحة العقل، ربنا يكرمه هو كمان"

أومأ له «عبد الرحمن» ثم قال متمنيًا ما يرجوه القلب:
"يا رب بس تخلص زي ما أنا رسمت و اتمنيت يا عمار، مريم هي كل حاجة ليا و الله، صحابي و أنا معنديش صحاب و أهلي و أختي، أمي بتحبها أكتر مني أصلًا، علشان كدا أنا متفائل"

ربت على كتفه وهو يقول بحكمةٍ تسبق سنه:
"طالما سبت الحاجة الحرام يبقى الحلال هيجيلك لحد عندك، و طالما سبتها لربنا يبقى هتشوف العوض و تفرح بيه، دا وعد ربنا سبحانه وتعالى لينا، مش كلامنا، ادعي بقى ربنا يجبر بخاطرنا كلنا"
_________________________

في أحد الكافيهات العامة جلس «حسن» و معه «أحمد» و هما يتفقا على دعاية وإعلان لذلك المكان و هو من أقدم الاماكن التي تقوم شركتهم بالدعاية عنها، و بعد الاتفاق على التفاصيل تركهم صاحب المقر ثم خرج من المكان، بينما «حسن» قال بمرحٍ:

"أنا عرفت هقضي رأس السنة فين خلاص، هنا بعون الله، اللي عاوز يجي معايا يتفضل، تيجي معايا يا أحمد ؟!"

رد عليه «أحمد» بتشككٍ:
"يعني أنتَ هتسيب هدير و تجبني أنا ؟!"

رد عليه الأخر بحنقٍ:
"إيه القرف دا ؟! لأ طبعًا مش هيحصل ، بقى أسيب هدير روح قلبي و أجيبك أنتَ بدقنك دي ؟! طب أبوسك إزاي ؟"

ضحك «أحمد» بقوةٍ و الأخر معه فتحدث الأول يقول بعدما أوقف الضحكات بنبرةٍ حزينة:

"فكرتني بوليد، البيت وحش أوي من غيره يا حسن، و قلبي واكلني عليه و أنا مش عارف حاجة عنه، هي الرسالة اللي باعتها في جروب العيلة و من ساعتها محدش عارف عنه حاجة، قلبي كلني عليه أكتر"

رد عليه «حسن» بنفس الحزن:
"يمكن يفوق يا أحمد من اللي هو فيه، خليه لوحده يمكن يعيد حساباته و يرجع من تاني أقوى من الأول"

رد عليه بلهفةً و هو يخمن:
"و يمكن يرجع أضعف من الأول، الحكاية خلصت يا حسن، عبلة عينها دابت من الحزن و وليد غاب، و خديجة كل يوم تعيطلي علشانه و علشان غايب عنها، تفتكر فيه أمل ؟!"

تنهد «حسن» بقلة حيلة ثم قلب شفتيه للاسفل كدلالةً منه عن الحيرةِ، بينما «أحمد» مسح وجهه بكفيه ثم شرع في جمع أدوات عملهم، و الأخر معه، و بعد خروجهما من المكان و قبل أن يدلفا السيارة وجدا مشاجرةٍ بين عدة أشخاصٍ أمام ذلك "الكافيه" فحركا رأسهما ينظرا لتلك المشاجرة و التي يبدو أنها بين عدة شباب مراهقين، و بعدها اقتربا من المكان و كانت بين مجموعة أصدقاء و كانت بينهم «منة» ابنة الجيران، و حينما رآها «حسن» مال على أذن «أحمد» و هو يقول ساخرًا:
"إلحق....مش دي بنت الجيران ؟! هي البت دي مبتقعدش في بيتهم؟! إيه دا"

رد عليه «أحمد» بسخريةٍ:
"أنا كنت بفكر إزاي لما افتكرت اني بحبها ؟! أكيد كنت مسطول"

رد عليه بخبثٍ:
"هقولك كنت بتفكر إزاي بس مش هنا علشان متزعلش"

طالعه «أحمد» بريبةٍ فوجده يضحك عليه و قبل أن يرفع يده حتى يشاكسه، ارتفع صوت فتاةٍ من الفتيات التي تقف وسط تلك المشاجرةِ، فاقتربا كليهما و نطق «حسن» بطريقته الشعبية:

"فيه إيه يا وحش منك ليه؟! عالهادي يا رجالة كدا عيب ؟"
رد عليه أحد الشباب يقول بضجرٍ:
"دا حوار صحاب مع بعض يا سيدي، لو سمحت خليك برة الموضوع دا"

اقترب منه «أحمد» و هو يقول بسخريةٍ:
" هو فيه صحاب برضه بيعملوا في بعض كدا ؟! دا أنتو فاضحين بعض و كدا عيب علشان بنات الناس اللي معاكم حتى"

طالعته هي بخوفٍ و ريبةٍ فوجدته ينظر لها بتقززٍ كارهًا حتى النظر إليها حتى أخفضت رأسها بخجلٍ منه و من نظراته، بينما «حسن» تحدث يقول بنبرةٍ جامدة:
"فيه إيه يا شباب بس علشان الموضوع يكبر كدا ؟! أعتبروني أخوكم الكبير"

رد عليه أحد الشباب بتبجحٍ:
"الحوار كله علشان حاجة بيننا و يلا سيدي اتفضل من هنا"

رفع «حسن» حاجبه و هو يقول بنبرةٍ متهكمة:
"هي بقت كدا ؟! طب الآنسة منة دي بقى ابوها صاحبي و معايا رقمه، تحبوا أكلمه و يجي هو بنفسه يشوف الحوار دا؟ استاذ سالم أنا عارفه"

ازدردت لُعابها بخوفٍ فوجدته يخرج هاتفه و هو يقول بخبثٍ:
"أنا بقول نكلمه أحسن، هو أكيد هيجي جري علشان بنته"

تحدث الشاب الثالث وهو يقول بخوفٍ:
"بلاش خلاص، الحوار كله علشان منة و صاحبتها، الاتنين بيتخانقوا عليها، أنا مليش دعوة يا عم، أنا هاخد صاحبتي و أمشي"

نظر «حسن» إلى «أحمد» أولًا ثم وجه بصره لها بعتابٍ فوجدها تخفض رأسها منه، بينما هو قال بنبرةٍ جامدة:
"روح يا حبيبي أنتَ و هو و كدا عيب، علشان ابوها لو وصل هنا و شاف المنظر دا هيفرمكم و هي قبلكم، يلا يالا منك ليه، غوروا"

ركض الشابين من أمامه بينما هو نظر لها بجمودٍ وهو يقول لها:
"و الحلوة اللي مدوخة العدارة وراها ؟! يلا علشان أوصلك لأهلك، و كلمة كمان هجيب أبوكي بجد"

حركت رأسها بخوفٍ موافقةً ثم حركت رأسها تنظر لـ «أحمد» فوجدته يتجاهلها ثم تحرك نحو سيارة «حسن» الذي ركبها هو و قبل أن تفتح الباب المجاور لمقعد القيادة، وجدت «حسن» يسألها بتهكمٍ:
راحة فين أنتِ ؟! المكان دا مفيش ست تقعد عليه غير مراتي ربنا يطولي في عمرها و أمي و دي الله يرحمها، أنتِ إيه ؟! روحي اقعدي ورا"

أغلقت الباب بحدةٍ ثم فتحت الباب الخلفي، بينما «أحمد» انتظر حتى جلست هي في الخلف ثم جلس هو بجانب «حسن» الذي قال ساخرًا و هو يطالعها في المرآة:
"عندي ليكي عريس و الله ما يستاهل غيرك، لو هو معجبكيش صاحبه موجود، اختاري منهم، زيكا و ديشا"

حاول «أحمد» كتم ضحكته و لكنه فشل في ذلك، فوجد «حسن» يحرك رأسه نفيًا بيأسٍ ثم ضحك هو الأخر و هي تطالعهما بحنقٍ، و حينما زادت ضحكاتهما قالت بضجرٍ:
"على فكرة أنا مش مادة للسخرية منكم، أنا ركبت معاكم بس علشان متتحرجوش قدامهم، لكن أنا محدش يمشي كلامه عليا"

التفت لها «أحمد» و هو يقول بتهكمٍ و سخريته اللاذعة:
"علشان كدا العيار فالت، على العموم إحنا اتدخلنا علشان خاطر أهلك مش علشان سواد عيونك، لولا كدا كنا مشينا عادي أصلًا"

سألته هي بتعجبٍ ممتزجًا بالحزن:
"أحمد أنتَ بتكلمني كدا ليه ؟! هو أنتَ زعلان مني؟"

رفع حاجبه وهو ينظر لـ «حسن» الذي حاول كتم ضحكته الساخرة، بينما هي عادت للخلف تضم ذراعيها أمام صدرها و هي تقول بخجلٍ:
"على فكرة أنا ماليش علاقة بالخناقة دي، هما اللي اتخانقوا عليا، هما صحابي بس مش أكتر"

رد عليها «حسن» بوقاحةٍ تناسب فظاظتها:
"محدش سألك أصلًا و دا أولًا، ثانيًا بقى مفيش حاجة اسمها صحابي، إسمها محدش رباني إن عيب ولاد و بنات يخرجوا بمناظركم دي و يقفوا يتخانقوا على بنت في الشارع، و الله لولا الوقت كنت جبتلكم عمار يعرفكم يعني إيه تربية، بس أخاف عليه"

سألته هي بحنقٍ:
"أنتَ مين أنتَ و بتتكلم كدا ليه؟"

رد عليها هو بتعالٍ أنهاه بالسخريةِ:
"أنا حسن المهدي جوز هدير الرشيد، مين أنتِ بقى ؟! إيه مميزاتك يعني ؟! آه نسيت
.. منة حارقة قلوب العدارة"
نفخت هي وجنتيها بقوةٍ، بينما «أحمد» ابتسم له بيأسٍ فوجده يغمز له بعدما استطاع إثارة حنقها.
_________________________

في محافظة الأسكندرية جلس هو على شاطئ البحر و هو يفكر في حال من تركهم خلفه دون أن يسأل عن أحوالهم، حتى «فارس» اشتاق إليه، و اشتاق لصوت بكائه، حياته التي هرب منها يشعر بالشوق يقتله لها، لكنه لن يستسلم لذلك الأبله الذي يضرب بين جنبات صدره يطلب منه العودة لما تركه، تنفس بعمقٍ و هو يتذكر كيف مرت تلك الأيام عليه، بعدما يقضي يومه بأكمله أمام البحر و في المساء أمام التلفاز و هو يشعر بالملل، و حينما يشتد ضجره، يتجول في المدينة ليلًا على قدميه و إن تذكر معدته يقوم بشراء بعض الطعام حتى يستطع اسكاتها، و في القاهرة كانت «عبلة» كما هي تنعي حظها و استسلامها لـ رغبة «هناء» فها هي أكملت ستة أيام دون تراه أو حتى تستمع إلى صوته، طلبت منه الوصال و رد عليها بالهجر، و على الرغم من أنها تشعر بالحزن منه، إلا أن قلبها يصرخ خوفًا عليه، تود فقط الاستماع لخبرًا يُطمئنها على صحته و أنه بخير، و لكن كل ما يأتيها فقط الصمت مما يدل على عدم التوصل له، و حال البيت بأكمله من حالها، حالة حزن تخيم على الجميع حتى الصغير الذي ارتفع صوت بكائه عن السابق و كأنه يشارك الجميع في الوجع.

أوقف «حسن» سيارته أمام البيت و هو يقول لتلك التي تجلس في الخلف:
"اسمعي علشان أنا كلامي مبكرروش، الحقي نفسك قبل ما الطريق يخلص بيكي و أنتِ كدا، يدوبك لسه فـ جامعة و عندك فرص كتير غيرك نفسه في ربعها، عندك أهل و عندك فلوس و عندك بيت يلمك، فوقي يا بنت الحلال علشان هتصحي في يوم تضربي نفسك ١٠٠ جزمة على اللي ضاع من إيدك"

أنهى حديثه فوجدها تخرج من السيارةِ ثم أغلقت الباب بقوةٍ و هي تمتم بعدة كلماتٍ غير مفهومة و لكن يبدو تبرمها و ضيقها من خلال ملامح وجهها، فالتفت «حسن» حينها لـ «أحمد» و هو يقول بغير تصديق:

"إيه البت دي يا عم ؟! مفيش ذوق و لا أدب خالص ؟! أهلها ناس محترمة أوي، إيه التربية دي؟"

رد عليه «أحمد» بلامبالاةٍ:
"نعملها إيه يعني يا حسن ؟! هي حرة طالما متخصناش يبقى مع السلامة، مش قضيتنا"

سأله «حسن» بحذرٍ و خوفٍ:
"أحمد هو أنتَ مش حاسس بحاجة ناحيتها صح ؟! أوعى تكون بتهرب من إحساسك دا"

ابتسم له يطمئنه و هو يقول:
"اللي مفرحني إني مبحسش بحاجة أصلًا و هو دا الانتصار بعينه، و لو على الإحساس اطمن، قلبي حاسس بسلمى و مستنيها كمان"
ابتسم له «حسن» بفخرٍ ثم ربت على كتفه، و بعدها دلفا البيت كليهما معًا

و بعد مرور بعض الوقت أتى الشباب حتى يقوموا بالتجهيز للغد بعدما طلب منهم «ياسين» ذلك، و فجأة تحدث «عامر» يسأله بتعجبٍ:
"مش هما قالوا طالما وليد مش هنا يبقى ملهاش لازمة ؟! إحنا جايين نعمل إيه هنا ؟!"

رد عليه «ياسين» مُردفًا:
"جايين نجهز للعقيقة زي ما قولتا و زي ما وئام قالي، لو على وليد هو مش راجع دلوقتي خالص"

حرك رأسه موافقًا ثم ابتسم حينما وجد رجال العائلة يرحبون بهم بقوةٍ، و بعد جلوسهم سويًا تحدث «خالد» مستفسرًا:
"لسه مفيش أخبار عنه ؟! محدش فيكم حاول يوصله ؟!

رد عليه «وئام» بنبرةٍ حزينة:
"لسه يا خالد، طارق عمال يلف عليه حتى بيت اسكندرية راحه بس لقى البيت فاضي و كل حاجة فيه زي ما هي، و خالي إسماعيل قال إنه مجاش السويس"

رد عليه «طارق» بقلة حيلة:
"أنا لو بإيدي كنت فضلت هناك بس للأسف عبلة بليل بتتعب و أنا لازم أفضل معاها، أنا عاوز أتطمن عليه بس مش عاوز حاجة تانية، عاوزه يفرح وسطنا"

رد عليه «ياسر» بألم لأجله:
"سيبوه يمكن دا أحسن ليه، بس وليد جدع و أكيد مش هيقدر يبعد عن ناسه، هو مش واخد على الخسارة"

رد عليه «مرتضى» بوجعٍ:
"بس المرة دي الخسارة صعبة أوي، مرة واحدة كل حاجة اتسحبت منه و بقى زي المَضروب على راسه، وحشني أوي، بس وليد خسر و خسر كتير أوي المرة دي"

في تلك اللحظة دلف «وليد» وهو يقول بنبرةٍ واثقة و شموخٍ:
"وليد مبيخسرش...يريح حبة و يفوق أجمد من الأول، قال يخسر قال"

وقفوا جميعًا بدهشةٍ فقال هو ساخرًا منهم جميعًا:
"كنتو عاوزين تأكلوا الفتة من غيري ولا إيه ؟! عيب عليكم"

ركض إليه «وئام» يحتضنه وهو يبكي بقوةٍ فوجد يعانقه هو الآخر، فقال الأول بمعاتبةٍ:
"سحبت روحي مني لما مشيت من هنا، حرام عليك قلبي اللي بقى بيشوف الويل بسببك دا"

رد عليه هو بأسفٍ:
"حقك عليا و الله، بس أنا كان لازم أرتاح شوية من اللي حصل، و علشان أعرف افكر في اللي جاي"

ابتعد عنه شقيقه و هو يقول بنبرةٍ خافتة:
"و عرفت هتعمل إيه ؟!"

ابتسم بسخريةٍ و هو يقول:
"معروفة من الأول، حكاية غلط في غلط يبقى لازم تخلص"

أغمض جفنيه بشدة فوجد الشباب يقتربون منه يحتضنوه بقوةٍ و هم يرحبون به و بين الترحيب و المعاتبة، أتى «طارق» أخيرًا و هو يقول بنبرةٍ حاول صبغها بالثبات:
"كويس إنك رجعت كويس، حمدًا لله على سلامتك يا وليد"

ابتسم له بمجاملةٍ ثم حرك رأسه موافقًا و فجأة وجدها تصرخ باسمه من الخلف، فابتسم هو بيأسٍ ثم التفت لها فوجدها تركض نحوه تتشبث به بقوةٍ و هي تجهش في البكاء، فوجدته يربت على ظهرها و هو يقول بشوقٍ إليها:
"كفاية عياط يا خديجة، أنا رجعت خلاص، بلاش زعل بقى"

ردت عليه هي من بين شهقاتها:
"لما شوفت العربية مصدقتش نفسي.....وحشتني أوي يا وليد، هونت عليك ؟! طب بلاش هان عليك نفسك طيب ؟!"

ابتعد عنها وهو يقول بنبرةٍ موجوعة:
"أنتِ متهونيش و عمرك ما تهوني عليا أبدًا، لو على نفسي فهي هانت من زمان، على الله بس أقدر أعالجها"
ربتت على كتفه وهي تبتسم له بخفةٍ فوجدته يقبل قمة رأسها ثم ابتسم لها و من بعدها وجد أفراد العائلة بأكملها بنسائها حتى «هدى» التي أعطته «فارس» على يده و هي تبكي، أخذه هو منها ثم شدد عناقه عليه و هو يتنفس بعمقٍ، بينما والدته ابتسمت باتساعٍ ثم أمسكت رأسه تقبلها بحبٍ، و من بين كل هؤلاء العين لم تلقطها، و كأنها أفلتت يدها بالكامل منه، من المفترض إنه حتى يحررها من قبضته، لكن أين هي حتى تحصل على مرادها؟ و فجأة وجدها أمامه تلهث بقوةٍ و كأنها تصارع حتى تصل إليه، لما أصبحت جميلة بتلك الطريقة ؟ ملامحها الشاحبة و تلك الكنزة البيضاء التي ترتديها و حجابها الأسود الذي يلائم درجة بشرتها، و عينيها تلك التي يرى بهما دنيته الأخرى التي تمنى أن يحصل عليها، هل كل ذلك سيحصل عليه غيره؟ هل تلك التي تأسره بنظرةٍ ستعتقل الآخرين؟"

مع شروده بها و هي تقترب عليه بتوترٍ و جد والدته تأخذ الصغير من يده، بينما هو تحرك لها فوجدها تمد يدها و هي تقول له بتوترٍ و هي تجاهد للسيطرة على شوقها الذي جعلها تركض إليه بتلك الطريقة:
"إزيك يا وليد ؟!.... طمني عليك، أنتَ كويس ؟!"

نظر ليدها الممدودة له ثم رفع عينيه ينظر لها، فوجدها تحاول خفض بصرها للأسفل، فتنهد هو ثم مد كفه يعانق كفها و هو يقول بنبرةٍ خافتة:
"أنا كويس الحمد لله .... أنتِ كويسة ؟"

حركت رأسها موافقةً و الدموع تلمع في عينيها، فوجدته يترك يدها ثم التفت يوليها ظهره بينما هي لعنت نفسها و شوقها و نزولها أمامه الذي جعلها تقف أمامه بتلك الطريقة، أما هو وجد عمه «محمد» يتحدث بتهكمٍ:
"و هو أنتَ غايب كل دا و رجعت النهاردة علشان الفتة ؟! جيت ليه يا سي وليد؟!"

نظر البعض له بتعجبٍ و حنقٍ من البعض الأخر، فقال هو بعدما زفر بقوةٍ:
"جيت علشان أصلح الوضع و علشان أخد بقيت حاجتي اللي هنا، خلاص نويت استقر و كل حاجتي هنا، همشي بعد العقيقة"

عاد الحزن من جديد يخيم عليهم، فتنهد هو بقلة حيلة ثم قال:
"قبل ما أمشي بس عاوز أقول لعبلة حاجة، علشان ممكن متشوفنيش تاني هنا"
طالعته هي بترقبٍ فوجدته يقترب منها يقول بنبرةٍ هادئة يحاول صبغها بالثبات لكن دون جدوى:
"أنا محبتش غيرك في كل حياتي دي، و كنت راسم لينا صورة مع بعض و كنت كل يوم بنام و أصحى عليها، بس الحياة استكترت عليا الصورة دي زي كل حاجة اتاخدت مني، أنا قلبي مش زعلان منك علشان أنتِ مغلطتيش، أنتِ كتر خيرك لحد أخر نفس فيكي كنتي ماسكة فيا و أنا بسيب، يبقى حرام عليا أني ألومك"
بكت و هي تسمع كلماته و نبرته الموجوعة فوجدته يضيف بنفس الطريقة:
"أنا جيت علشان أحررك من إيدي اللي عاملة زى ماسكة النار على رقبتك، جيت علشان أنفذ طلبك يا عبلة"

طالعته هي بخوفٍ من القادم فوجدته يتنفس بعمقٍ ثم قال بألم نبع من داخله:
"الكام يوم اللي فاتوا من غيرك كانوا صعبين، بس اللي زود صعوبتهم أني عرفت أني بظلمك، و إن دي علاقة لا يمكن تكمل بالشكل دا، دلوقتي أو بعدين كان لازم حد فينا إيده تفلت من التاني، بس و الله عرفت قيمتك و عرفت إن اللي زيك خسارة في واحد زيي"

أغلقت جفونها بقوةٍ، فوجدته يسألها بنبرةٍ هادئة:
"أنا عاوز أسألك بس....لو حصل و اتطلقنا هتعملي إيه ؟! هتروحي فين و اعتبريه فضول"

مسحت دموعها ثم رفعت رأسها تجاوبه بشموخٍ:
"يوم ما تطلقني أنا هتحرر منك، و هشوف حياتي مع حد ابن حلال يقدرني يا وليد، مش هتقف عليك"

_"ليه هو ابن حرام يا عين أمك و لا إيه ؟! يمين بالله ما فيه طلاق، أنتِ شكلك مجنونة"
رد عليها هو بذلك أمام الجميع و نظرات الدهشة تعتلي ملامح وجههم، فأضاف هو بثقةٍ:

"أنا خسرت كتير من الدنيا و معنديش استعداد أخسرك أنتِ، علشان أنتِ حقي يا عبلة و وليد الرشيد مبيسبش حقه، كل خساير الدنيا تهون قصادك عيونك و دنيتي فيهم، أنا المرة دي اللي هتمسك، سيبي براحتك و أمشي و ارفضي، بس هتلاقيني قتيل عليكي، زي ما طول عمري قتيل على حقي، تفتكري وليد عمره هيسيب حقه"

يُتَبَع
#الفصل_السادس_و_الثلاثون_الجزء_الثاني
#رواية_تَعَافَيْتُ_بِكَ

繼續閱讀

You'll Also Like

4.9M 148K 102
في قلب كلًا منا غرفه مغلقه نحاول عدم طرق بابها حتي لا نبكي ... نورهان العشري ✍️ في قبضة الأقدار ج١ بين غياهب الأقدار ج٢ أنشودة الأقدار ج٣
184K 17.2K 49
من رحم الطفوله والصراعات خرجت امراءة غامضة هل سيوقفها الماضي الذي جعلها بهذة الشخصيه ام ستختار المستقبل المجهول؟ معا لنرى ماذا ينتضرنا في رواية...
2.4M 154K 83
ولكل منا جداراً يستند عليه
992K 80K 77
‏لَا السَّيفُ يَفعَلُ بِي مَا أَنتِ فَاعِلَةٌ وَلَا لِقَاءُ عَدُوِّيَ مِثلَ لُقيَاكِ لَو بَاتَ سَهمٌ مِنَ الأَعدَاءِ فِي كَبِدِي مَا نَالَ مِنَّيَ م...