تَعَافَيْتُ بِكَ

By ShamsMohamed969

14.9M 635K 219K

ظننتُ أن قلبي هذا لم يخلق له الحب، و ظننتُ أنني لم أملكُ يومًا قلب؛ إلا أن وقعت عيناي على عيناكِ ففرح قلبي بر... More

الاقتباس الاول
البارت الأول (عريس صالونات)
الفصل الثاني (كونه حنونًا)
الفصل الثالث (الليل و سماه)
الفصل الرابع(إعتذار)
الفصل الخامس (رؤية شرعية)
الفصل السادس (عقد قران)
الفصل السابع(اللقاء الأول)
الفصل الثامن(طبيبة نفسية)
الفصل التاسع(رُهاب إجتماعي)
الفصل العاشر (هل مستعد؟)
الفصل الحادي عشر (لا يريد الخِطبة)
الفصل الثاني عشر (هل وافقت؟)
الفصل الثالث عشر (فلنقرأ الفاتحة)
الفصل الرابع عشر (عيد ميلاد)
الفصل الخامس عشر (موعد اللقا)
تنويه🕊️
الفصل السادس عشر (هدير السبب)
الفصل السابع عشر (كُتبَ الكِتاب)
الفصل الثامن عشر ( مُقابلة)
الفصل التاسع عشر (من أين تعلم؟)
الفصل العشرون (لا تأتي)
الفصل الحادي والعشرين (لأنها فراشة)
الفصل الثاني والعشرون (شكرًا)
الفصل الثالث والعشرين (غرقتُ بعيناكِ)
الفصل الرابع والعشرين (طريقة علاج)
الفصل الخامس والعشرون (لأجلكِ)
الفصل السادس والعشرون (أول مرة)
الفصل السابع والعشرون (لن أتركك)
الفصل الثامن والعشرون (براءة قلبها)
الفصل التاسع والعشرون (ماضٍ لا يُنسى)
الفصل الثلاثون(عروس لعبة)
الفصل الواحد والثلاثون (قاعة زفاف)
الفصل الثاني والثلاثون (الحب القديم)
الفصل الثالث والثلاثون (من عاشر القوم)
الفصل الرابع والثلاثون (لن أستطع)
الفصل الخامس والثلاثون (قمرٌ ضائع)
الفصل السادس والثلاثون (في حمايتك)
الفصل السابع والثلاثون (بداية جديدة)
الفصل الثامن والثلاثون (ما إسمه)
الفصل التاسع والثلاثون (لا يقارن بأحدٍ)
الفصل الأربعون (يزيد حنقه)
الفصل الواحد وأربعون (أنا سأعرفك)
الفصل الثاني و الأربعون(أبو جميلة)
الفصل الثالث و الأربعون( مشيرة الرشيد)
الفصل الرابع و الأربعون (لن أريحكِ)
الفصل الخامس والأربعون (عروس مثل القمر)
الفصل السادس و الأربعون (زغروطة؟)
الفصل السابع و الأربعون (فرح)
الفصل الثامن و الأربعون (صرخةمن الماضي)
الفصل التاسع و الأربعون (العقارب على سمومها تقترب)
الفصل الخمسون (بك تعافيت)
الفصل الأول الجزء التاني (لن أستطع)
الفصل الثاني_الجزء الثاني (مريض)
الفصل الثالث_الجزء الثاني ( البقاء لله)
الفصل الرابع_الجزء الثاني(
الفصل الخامس_الجزء الثاني(لم يراعي شعوره)
الفصل السادس_الجزء الثاني (كتاب دين)
الفصل السابع_الجزء لثاني (وعد بالطلاق)
الفصل الثامن_الجزء الثاني (هل تعرفها؟)
الفصل التاسع_الجزء الثاني (كوب قهوة)
الفصل العاشر_الجزء الثاني(منذ ١٣عام)
الفصل الحادي عشر_ الجزء التاني (وضعهما غريب)
الفصل الثاني عشر_الجزء الثاني (مريض نفسي)
إعتذار رسمي
الفصل الثالث عشر _الجزء الثاني(اختبار صغير)
الفصل الرابع عشر_الجزء الثاني (خطيب الآنسة)
الفصل الخامس عشر_الجزء الثاني (مفاجأة)
الفصل السادس عشر_الجزء الثاني (إلحق)
الفصل السابع عشر_الجزء الثاني (يلقى مصيره)
الفصل الثامن عشر_الجزء الثاني ( ضربة سكين بمقتل)
الفصل التاسع عشر_الجزء الثاني( أنا مستعد)
الفصل العشرون_الجزء الثاني (من طُعن بالسكين ؟)
الفصل الحادي و العشرون_الجزء الثاني(عودة وليد الرشيد)
الفصل الثاني والعشرون_الجزء الثاني( لحظة ترقب)
الفصل الثالث و عشرون_الجزء الثاني( حول الهزيمة لنصرًا)
الفصل الرابع و العشرون_الجزء الثاني( هل جدير بالثقة؟)
الفصل الخامس و العشرون_الجزء الثاني(منك لله!)
الفصل السابع و العشرون_الجزء الثاني ( أثر الفراشةِ)
الفصل الثامن و العشرون_الجزء الثاني (وضعت نفسها بمأذق)
الفصل التاسع و العشرون_الجزء الثاني (صفعةً مدويةً)
الفصل الثلاثون_الجزء الثاني (بالأدب)
الفصل الواحد و الثلاثون_الجزء الثاني( بأي ذنبٍ قُتل؟)
الفصل الثاني و الثلاثون_الجزء الثاني (الصبر على الابتلاء)
الفصل الثالث و الثلاثون_الجزء الثاني (صرخة ألم)
الفصل الرابع و الثلاثون_الجزء الثاني (ما هو إسمه)
الفصل الخامس و الثلاثون_الجزء الثاني (من حفر حفرةً لأخيه)
الفصل السادس و الثلاثون_ الجزء الثاني ( هل سيترك حقه؟)
الفصل السابع و الثلاثون_الجزء الثاني (وُضِعَ بمأذقٍ)
الفصل الثامن و الثلاثون_الجزء الثاني (فهم ظنونه)
الفصل التاسع و الثلاثون_الجزء الثاني (تسببت بمصيبةً)
الفصل الأربعون_الجزء الثاني (موعد الحق)
الفصل الواحد و الأربعون_الجزء الثاني (كيف يتصرف؟)
الفصل الثاني و الأربعون_الجزء الثاني (نجم شارد)
الفصل الثالث و الأربعون_ الجزء الثاني ( كيف هنا؟)
الفصل الرابع و الأربعون_الجزء الثاني (فرحة البيت)
الفصل الخامس و الأربعون_الجزء الثاني(ما لم يُحمد عقباه)
الفصل السادس و الأربعون_الجزء الثاني (تتعرفون عليها؟!)
اقتباس من الفصل القادم (تحت التهديد)
الفصل السابع و الأربعون_الجزء الثاني (ماذا يفعل هنا ؟!)
الفصل الثامن و الأربعون_الجزء الثاني (الحبايب هنا)
الفصل التاسع و الأربعون_الجزء الثاني (شر الدنيا)
الفصل الخمسون_الجزء الثاني (سبب الفرحة)
الفصل الواحد و الخمسون_الجزء الثاني(باح بالسر)
الفصل الثاني و الخمسون_الجزء الثاني (ما هي المفاجأة ؟)
الفصل الثالث و الخمسون_الجزء الثاني (عودة الحق)
الفصل الرابع و الخمسون_الجزء الثاني (الموعد المضبوط)
الفصل الخامس و الخمسون_الجزء الثاني (بالغصب)
الفصل السادس و الخمسون_الجزء الثاني (قنبلة موقوتة)
الفصل السابع و الخمسون_الجزء الثاني (طريقة خاصة)
الفصل الثامن و الخمسون_الجزء الثاني (فض شراكة)
الفصل التاسع و الخمسون_الجزء الثاني (فراق الحبيب)
الفصل الستون_الجزء الثاني (تمزق الروح)
الفصل الواحد و الستون_الجزء الثاني (عصفورٌ في اليد)
اقتباس من الفصل الجديد
الفصل الثاني و الستون_الجزء الثاني (حرية الاختيار)
الفصل الثالث و الستون_الجزء الثاني (وجهةٌ مصوبة)
الفصل الرابع و الستون_الجزء الثاني (عقل مريض)
الفصل الخامس و الستون_الجزء الثاني (لا حول ولا قوة)
الفصل السادس و الستون_الجزء الثاني (الكرة في ملعبه)
الفصل السابع و الستون_الجزء الثاني (ليلٍ لا يدوم)
الفصل الثامن و الستون_الجزء الثاني (بالطبع مستحيل)
الفصل التاسع و الستون_الجزء الثاني (السقوط في بئر الضياع)
الفصل السبعون_الجزء الثاني (مغيب عن الواقع)
الفصل الواحد و السبعون_الجزء الثاني (حرق أعصاب)
الفصل الثاني و السبعون_الجزء الثاني (لم يكن خيرًا)
الفصل الثالث و السبعون_الجزء الثاني (حالة صدمة)
الفصل الرابع و السبعون_الجزء الثاني (لمن النصر؟)
الفصل الخامس و السبعون_الجزء الثاني (الموت قادم)
الفصل السادس و السبعون_الجزء الثاني (فخورًا بنفسه)
الفصل السابع و السبعون_الجزء الثاني (حق الاستغلال)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (عوض الله)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (ماذا تريد)
الفصل الثمانون_الجزء الثاني (أول سحور)
الفصل الواحد و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفي بوعده؟)
الفصل الثاني و الثمانون_الجزء الثاني (عودة الروح)
الفصل الثالث و الثمانون_الجزء الثاني (انسحبت الروح)
الفصل الرابع و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفيد بشيءٍ)
الفصل الخامس و الثمانون_الجزء الثاني (بكل راحة و يسر)
الفصل السادس و الثمانون_الجزء الثاني (رحمة الله عليه)
الفصل السابع و الثمانون_الجزء الثاني (ألم فقدانها!)
الفصل الثامن و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيشعر به؟)
الفصل التاسع و الثمانون_الجزء الثاني (واقع أم حُلم؟)
الفصل التسعون_الجزء الثاني (إخطار من الوزارة)
الفصل الواحد و تسعون_الجزء الثاني (نظرةٌ قارنها العتاب)
الفصل الثاني و التسعون_الجزء الثاني (طوق نجاة)
الفصل الثالث و التسعون_الجزء الثاني (وحي الخيال)
الفصل الرابع و التسعون_الجزء الثاني (محاولة فاشلة)
الفصل الخامس و التسعون_الجزء الثاني (الزمن يُعاد)
الفصل السادس و تسعون_الجزء الثاني (غياهب الظلام)
الفصل السابع و التسعون_الجزء الثاني (ليلة الحنة)
الفصل الثامن و التسعون_الجزء الثاني (نهاية القصة)
تنويه هام🦋❤️
تجميعة الحلقات الخاصة

الفصل السادس و العشرون_الجزء الثاني ( تخضعين للعلاج)

93.3K 3.6K 1.8K
By ShamsMohamed969

"الفصل السادس و العشرون"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
_________________________

مَر حُبكِ على قلبي كلمح البصرِ....فـ هامت الروح بِكِ من بين كل البشرِ
_________________________

ستكتب لنا أحلامًا جديدة، بحياةٍ أخرى نحياها حتى تشهد قلوبنا على النعيم، فـ لا البأس يبقى و لا الفرح يفنى، إنما هي حياةٍ مختلفة المسارات، و نحن بها ندور في مداراتٍ، يُكتب لنا بها مرةً الهلاك و مرةً أخرى نحظى بالنجاة، لذلك قيل عدة مرات؛ إنما هي دُنيا تفنىٰ و نحن بها إما نضحك و نفرح إما نبكي و نزرف العبرات.

التفت «عامر» يقول لـ «رياض» بخجلٍ:
"عمو رياض !! إحنا شكلنا لبسنا في حاجة"
حينها تحدث «رياض» يقول بنبرةٍ شبه باكيةٍ:
" شكلنا !! منك لله يا عامر"

بعدها اجتمعت المنطقةِ بأكملها حتى تقوم بـ ايقافهما و عدل الوضع حولهما، بينما صاحب المخبز اقترب منهما بشررٍ يتطاير من عينيه نحوهما، فاختبأ حينها «عامر» خلف «رياض» بقلقٍ واضح و المنطقةِ بأكملها تقترب منهما بتوعدٍ لما حدث منهما.

(عودة إلى الوقت الحالي)

كانت الضحكات مرتفعة على الموقف أثناء سرد «ياسين» و «عامر» للموقف، و أكثرهم ضحكًا كان «وليد» الذي أوشك على السقوط من الأريكة أبان ضحكاته حتى أوقف الضحكات وهو يقول بنبرةٍ لازالت ضاحكة:

"طب و حصل إيه بعد كدا؟ أصل لو أنا مكانهم بصراحة هدخل عامر الفُرن و أساويه على نار هادية"
رد عليه «عامر» بحنقٍ:
"صمم يا سيدي ياخد فلوس، و جمع أبويا و عمي رياض، و لولا عمي فهمي طلع نسيبه و مراته طلعت بنت عمه، كان زماني مرمي في الحبس، يلا حصل خير الحمد لله، بس عارف إيه اللي مضايقني؟"

سأله «وليد» باهتمامٍ بالغ:
"طالما فيه حاجة ضايقتك يبقى كدا كويس، إيه اللي ضايقك؟"

رد عليه بنبرةٍ ظهر بها الندم:
"إن أنا للأسف خبطت البوتيفور، لو كان كحك عادي مكنتش اتأثرت، بس يلا الندم مش هيفيد بحاجة"

ضحكوا عليه جميعًا، بينما «خالد» قال بنبرةٍ ساخرة:
"متفتكرش إن ديه حاجة كبيرة يا وليد، إحنا شوفنا أكتر من كدا، فيه عيد روحنا كلنا القسم بسببه و كانت خناقة كبيرة، ولولا عم رياض كان زمانا رد سجون، يا أخي دا ليلة السحور مسلمتش منه"

تدخل «ياسر» يقول مغيرًا لمجرى الحديث:
"صحيح أنا هصحيكم بدري يوم الحد، علشان محدش يتخض و بعدها هنطلع على الشغل عادي"

سأله «ياسين» بتعجبٍ:
"ليه يوم الحد ورانا إيه يعني؟"

تدخل «عامر» بنبرةٍ مندهشة ممتزجة بالحنق:
"يا نهارك مش فايت؟ نسيت إن عمار أول يوم ليه في الجامعة يوم الحد؟ مش هتيجي معانا؟"

تدخل «وليد» يسأله بنبرةٍ متعجبة:
" وهو عمار صغير محتاج حد يروح يوصله يعني؟ دا راجل في جامعة يا رجالة"

ردت عليه «ميمي» بنبرةٍ ضاحكة:
"مش كدا يا وليد، الفكرة كلها إنهم اتعودوا يشاركوا بعض كل حاجة، و أي واحد فيهم بياخد خطوة جديدة بيكونوا معاه، و عمار بيحقق حلمه أهو"

ابتسم لها بتفهمٍ من خلال حركة رأسه الموافقة، بينما «خالد» قال بنبرةٍ مرحة:
"فكرني بأول يوم روحنا نوصل عامر الجامعة، عيط علشان إحنا مش معاه، و مكانش عاوز يدخل، ساعتها دفعنا فلوس للأمن و دخلنا معاه علشان ميفضلش لوحده"

رد عليه «عامر» بحنقٍ:
"علشان المكان جديد عليا، و بعدين من إمتى بنسيب بعض يا خالد؟ كنت عاوزني أروح الجامعة لوحدي من غيركم معايا؟ أنا فضلت أول سنة مروحش نص المحاضرات علشان أنتم مش معايا"

رد عليه «ياسر» بنبرةٍ مُحبة:
"طول عمرك أكتر واحد فينا مشاعره ظاهرة، ربنا ما يبعدنا عن بعض أبدًا، و معانا وليد كمان"
تدخل «ياسين» يقول بمرحٍ:
"اعمل احسابك هتيجي معانا يا وليد، هصحيك بدري علشان تسبقنا على هنا، عمار هيجي يسلم على ميمي"

أومأ له موافقًا وهو يبتسم براحةٍ كبرى لم تخفى على الجميع، بينما «ياسر» قال بفخرٍ:
"الأكل النهاردة عليا، و أنا قولت بما إن وليد معانا، يبقى يدوق المشوي اللي بنحبه، و طلبت ليكم الأكل، متاخدوش على كدا، حلو دا؟"

رد عليه «عامر» بنبرةٍ مرحة:
"والله أنتَ اللي حلو و عيونك حلوة، دي مش عدسات لاصقة صح؟"

ضرب «ياسر» وجهه بكفيه معًا، بينما الجميع ضحكوا عليه بقوة، وفي ذلك الوقت ضُرب باب الشقة بواسطة شخصٌ ما، نظروا لبعضهم بحيرةٍ، بينما «ياسر» قال مُخمنًا:
"غالبًا دا بتاع الأكل، بس جاي بدري ليه كدا؟ أنا يدوبك وصيت و أنا بجيب الفطار"

رد عليه «خالد» ببساطة:
"هتلاقيه أفتكرك مستعجل عليه، افتح مش مشكلة بقى"

أومأ له موافقًا ثم تحرك يفتح باب الشقة، لكنه تفاجأ حينما رآى سيدةً من سكان المنطقة تقف أمامه بوجهها البشوش، و قبل أن يتحدث هو، تفوهت هي تقول بنبرةٍ مبتهجة:
"مساء الخير يا دكتور ياسر، دا أنا حظي حلو الحمد لله إنكم هنا، كدا هتبقى الفرحة اتنين"

رد عليها هو مرحبًا بطريقةٍ مهذبة:
"مساء النور يا ست أم أيمن، خير أؤمريني، عاوزة حاجة، اتفضلي ميمي جوة تعالي"

أومأت له موافقةٍ ثم اقتربت من الباب تتبعه نحو الداخل، و بمجرد دخولها رفعت ذراعيها ترحب بالشباب وهي تقول بفخرٍ:
"مساء النور على نور المنطقة كلها، زينة الشباب كلهم ربنا يبارك فيكم"

ردوا عليها بامتنانٍ وهم يبتسمون لها و يرحبون بها، بينما هي جلست بجانب «ميمي» و بعد الترحيب بينهما، قالت بنبرةٍ ظهر بها العشم وهي تقول:
"أنا جيت بس استأذن الشباب ينورونا في حنة أيمن، بما إنه أخوهم و هما عارفينه"

رد عليها «خالد» بنبرةٍ هادئة:
"ألف مبروك يا أم أيمن، عنينا ليكِ و لأيمن كمان، إمتى الحِنة"

ردت عليه هي بنبرةٍ متحمسة:
"النهاردة يا أستاذ خالد، بعد صلاة العشا علشان نكون براحتنا، أكيد هتيجوا تشرفونا قصاد الناس و لا إحنا مش قد المقام بقى؟"

رد عليها «ياسين» ينفي حديثها بقوله:
"لأ يا ست أم أيمن متقوليش كدا، إحنا عنينا ليكِ، أيمن دا أخونا ربنا يعلم، استنينا هنيجي من أول الليلة لأخرها كمان"

تدخل «عامر» يقول مستفسرًا:
"أهم حاجة عملتي ترمس زي اللي عملتيه في فرح أخته"

ردت عليه هي بفخرٍ:
"و أحسن كمان يا أستاذ عامر، دا أيمن أول فرحتي و مكوجي المنطقة كلها، أكيد لازم أتوصى بيه، طب دا عليه تطبيقة تيشيرت ميعرفوش بطبقوها على الأسعار في البورصة"

ضحكوا جميعًا عليها وعلى طريقتها الشعبية وهي معهم أيضًا، بعدها وقفت وهي تقول بنبرةٍ مقررة تؤكد حديثها:
"هستناكم بجد أوعوا متجوش الفرح، أنا متعشمة فيكم إنكم ترفعوا راسي قدام أهل العروسة"

قالت جملتها ثم نظرت لـ «وليد» و حينها قالت له بنبرةٍ مرحة:
"هستناك معاهم يا أستاذ شكلك إبن حلال زيهم، أوعى متجيش"

قالت جملتها الأخيرة بتحذيرٍ واضح له، بينما «ياسين» تدخل يقول بنبرةٍ هادئة:
"دا وليد أخو مراتي يا ست أم أيمن، و أخونا برضه، يعني نفس المعاملة بتاعتنا، هيجي متخافيش"

أومأت له موافقةٍ ثم رحلت وهي تقول:
"يلا اقعدوا بالعافية، أنا جيت ليكم مخصوص لما عرفت إنكم هنا، الحارة كلها لازم تعرف إن زينة الشباب هينوروني في حنة إبني"

رد عليها «ياسر» بنبرةٍ هادئة:
"دا شرف لينا يا ست أم أيمن، هنيجي إن شاء الله، متخافيش"

رحلت هي من أمامهم بينما «وليد» سألهم بتعجبٍ:
"أنتَ بجد هتروحوا؟ ولا بتقولوا كدا؟ أصل كلامكم مش كدب"

رد عليه «ياسين» مؤكدًا:
"طبعًا هنروح يا وليد، الست جت و قدرتنا، أكيد هنروح علشان نقف مع أيمن، دا حبيبنا برضه"

تدخل «عامر» يقول بنبرةٍ متحمسة:
"دا أنتَ هتشوف ليلة فرح شعبي، مشوفتهوش في حياتك كلها، حِنة أيمن دي هتبقى ليلة فل"
شعر بحماسٍ هو الأخر لذلك حرك رأسه موافقًا عدة مرات، بينما «ميمي» طالعته بوجهٍ مبتسم وهي تفهم ما يفكر به و ما يدور برأسه، لذلك حركت رأسها موافقةٍ عدة مرات وهي تنظر لـ «ياسين» الذي بادلها النظرةِ وهو يومأ لها بأهدابه.
_________________________

في شقة «رياض» نزل هو مع الصغير و ترك الشقة لزوجته و زوجة ابنه، جلست «زُهرة» أمام «خديجة» وهي تصنع لها الجديلة مثل التي قام أخيها بصنعها لها، بينما «زهرة» كانت تبستم بحبٍ وهي تنظر أمامها، حتى أنهت «خديجة» ما تفعله ثم قالت بنبرةٍ ظهر بها المرح:
"أنا كدا خلصت يا ماما روحي شوفي كدا الضفيرة حلوة ولا لأ"
حركت رأسها للخلف وهي تقول بنبرةٍ متأثرة:
"حلوة أكيد، فكرتيني بأمي و أختي الله يرحمهم، لما ماما ماتت أختي كانت هي اللي بتعملي الضفيرة دي، دلوقتي أنتِ عملتهالي، شكرًا يا خديجة"

ردت عليها هي ببسمةٍ هادئة:
"متقوليش كدا، أنا بنتك برضه، ولا أنا غريبة عنك يعني؟ أنا فرحت والله إن الضفيرة دي عجبتك"
اعتدلت «زُهرة» في وقفتها ثم اقتربت منها تجلس بجوارها على الأريكة وهي تقول بنبرةٍ هادئة:
"أنا عارفة إنك بنتي و عارفة كمان إنك أحن قلب في الدنيا، أنا أصلًا من أول مرة شوفتك فيها حبيتك أوي يا خديجة، حسيت إنك هتبقي بنتي"

ردت عليها هي بنبرةٍ مهتزة:
"هو يعني بصراحة على حسب أول مقابلة بيننا أنا كنت شخص تاني، علشان كدا مستغربة إزاي حبتوني و إزاي بقيت كدا بالنسبة ليكم، خدت منكم حب مخدتوش من الدنيا كلها"

وهي تتحدث تأثرت بما حدث لها و من كثرة المشاعر التي داهمتها مرةً واحدة، حتى فرت دموعها، بينما «زُهرة» اقتربت منها ثم أمسكت كفها تحضتنه بين كفيها وهي تقول بنبرةٍ متأثرة:
"العين مراية للقلب يا خديجة، و أنتِ أصلًا مش محتاجة مراية علشان تتحبي، أنتِ تدخلي القلب من غير استئذان، أنتِ الوحيدة اللي اتمنيت ربنا يكرم ابني بيها، يوم ما رجعنا من عندك أول مرة و قالي حددوا ميعاد تاني، كنت فرحانة أوي، علشان قلبي ارتاحلك"

ابتسمت لها «خديجة» من بين دموعها، فوجدتها تقول بنبرةٍ هادئة:
"أنا طلعت عين الواد بصراحة علشان يتجوز، و لما اختارك أنتِ عرفت إنه كان معاه حق ميرتحش لغيرك علشان أنتِ نصيبه، زي ما رياض برضه حبني و حارب علشاني"

ردت عليها هي بنبرةٍ مرحة:
"لأ و عمو رياض بيحبك أوي بجد، دا أنتِ نور عنيه، ربنا يخليكم لبعض و تفضلوا معانا علطول"

ردت عليها بخجلٍ:
"رياض واخدني عيلة صغيرة و كنت لسة مخلصة ثانوية عامة، و اتجوزته و خلاني كملت تعليمي و حملت و خلفت و هو كان لسه محامي صغير، بس كملنا مع بعض و خلفت ياسين بعدها ربنا كرمه و خدلنا الشقة دي، و أنا وهو عملناها سوا مع بعض، عيشت مع أهلي ١٩ سنة و مع رياض ٣٠ سنة، بقى كل حاجة ليا غصبٍ عني، و طول حياته كان عاوز يربي ياسين صح، كان أبوه و صاحبه و أخوه، لسه فاكرة أول مرة ياسين غلط فيها رياض قاله إيه، كأنه قدام عيني"

سألتها «خديجة» بنبرةٍ ظهر بها الاهتمام، رغم تأثرها بحديث حماتها:
"قاله إيه؟ أو ياسين نفسه عمل إيه غلط؟ علشان مظنش إن ياسين ممكن يغلط"

ردت عليها هي بوجهٍ مبتسم:
"كلنا بشر و بنغلط يا خديجة، و ياسين بشر بس بيحاول يبقى ملاك، ساعتها كان في ٦ ابتدائي و مكانش لسه عرف الشباب، كان لوحده، ساعتها خرج من غير ما يقولنا كان أخر يوم امتحانات، خرج لوحده و أكل لوحده و فرح نفسه، و رجع متأخر و لما سألناه قال إنه تعب و كان مع صحابه، هو كدب علشان خاف من رد فعلنا، و احنا كان خوفنا هو اللي محركنا، المهم ساعتها رياض عرف إنه بيكدب، جابه و قعد معاه قعدة رجالة و ساعتها قاله:

(قبل ذلك بعدة سنوات)

كان «ياسين» جالسًا يفرك كفيه معًا بخوفٍ و وجهه يتصبب عرقًا، بينما رياض كان يجول أمامه بخطواتٍ رتيبة، جعلته يزدرد لُعابه بخوفٍ، و فجأة التفت له والده وهو يقول بنبرةٍ بثت الرعب بداخله رغم هدوئها:
"مش عاوز كدب يا ياسين، قولي كنت فين؟ و خرجت لوحدك روحت فين؟ وعد مني مش هزعلك، بس أعرف صاحبي راح فين من غيري"

كانت «زهرة» تتابع الموقف من خلف الباب و هي تشعر بالخوف على ابنها، على الرغم من علمها بأن زوجها حكيمًا في تصرفاته، إلا أن الموقف جعل أعصابها تنفلت من الخوف وهي تتابعهما، بينما «ياسين» اتخذ قراره ثم قال بنبرةٍ حاول صبغها بالثبات لكنها رغمًا عنه خرجت خائفةً:
"أنا والله مكانش عندي صحاب أخرج معاهم، و النهاردة أخر يوم في المدرسة دي، علشان كدا خرجت أنا لوحدي بس والله مروحتش بعيد، روحت كلت كشري و شربت عصير قصب، بعدها فضلت اتمشى و جيت تاني، و الله مقولتش ليكم علشان خوفت منكم"

كان يتحدث بنبرةٍ شبه باكيةً من خوفه، بينما «رياض» زفر بقوةٍ ثم جلس بجانبه وهو يقول بنبرةٍ متريثة و وجهٍ مبتسم:
"أنا اللي يهمني إنك تكون صريح يا ياسين، و فكرة إنك تخاف مني، أبقى كدا أب فاشل، اللي يهمني إنك تخاف على زعلي أكتر من إنك تخاف مني، بس أنا هعتبرها غلطتي أنا علشان مركزتش معاك، و يلا قوم و تعالى معايا"

طالعه بريبةٍ فوجده يمسك يده وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"متخافش غير هدومك دي و تعالى معايا، و أنا هطلع أقول لماما تلبس و تيجي معانا"

حرك رأسه موافقًا عدة مرات بقوةٍ نتيجة خوفه، بينما والده ربت على رأسه ثم خرج من غرفته، نظرت له زوجته بخوفٍ فوجدته يقول بهدوء:
"غيري هدومك يا زُهرة علشان تيجي معانا، يلا و مش عاوزك تخافي كدا قصاده، خليكي طبيعية علشان هو ميخافش"

أومأت له موافقةٍ، بينما هو سار من أمامها نحو الداخل، و بعد مرور نصف ساعة نزلت الأسرةِ بأكملها من الشقة ثم ساروا على أقدامهم حتى توقف بهم «رياض» أمام محل كُشري، فطالعاه هما بدهشةٍ، حينها ضحك وهو يقول بنبرةٍ ضاحكة:
"جايين ناكل كشري سوا، طالما هو معندوش صحاب يبقى نخرج احنا معاه و نكون صحابه، ها يا ياسين مش عاجبك أكون صاحبك؟"

رد عليه هو بخوفٍ:
"لأ طبعًا دا شرف ليا يا بابا، بس أنا افتكرت إنك هتعاقبني علشان كدا خوفت مش أكتر، متزعلش مني"

أومأ له موافقًا ثم قال بنفس النبرة الهادئة و وجهه المبتسم:
"طب يلا ندخل علشان أنا جعان بصراحة، و خلونا نتكلم سوا بعدها"

بعدها توجهوا داخل المحل ثم خرجوا منه بعدما تناولوا طعامهم في مرحٍ حتى نسى «ياسين» ما صار حينما رآى بسمة والديه، بعدها أخذهما «رياض» ثم توجه بهم نحو محل العصير وهو يقول بمرحٍ بعدما جلسوا معًا:
"حظك حلو يا واد يا ياسين، في يوم واحد كلت كشري مرتين و عصير قصب مرتين، ابسط"

ابتسم له وهو يقول بنبرةٍ مرحة:
"على فكرة بقى اللي كلته لوحدي مكانش ليه طعم زي اللي كلته معاكم، علشان أنا مش بعرف آكل لوحدي"

تدخلت والدته تقول بنبرةٍ معاتبة:
"كدا توجع قلبي عليك؟ كل دا دماغي عمالة تجيب حاجات أخطر من بعض و أنتَ عارف أني مليش غيرك يا ياسين؟"

رد عليها بخزي من فعلته:
"و الله يا ماما كنت عاوز أخرج أخر يوم زي كل صحابي، و هما راحوا أماكن بعيدة علشان كدا مروحتش مع حد فيهم، أنا أسف بس كدبت و قولت أني تعبت علشان خوفت منكم"

رد عليه والده بنبرةٍ عملية ظهرت بها حكمته في الأمور:
"أنا علشان أكون أب صح يا ياسين هيبان من خوفك، لو بتخاف مني أبقى كدا فشلت في تحقيق دوري، لكن لما تخاف على زعلي يبقى كدا أنا قدرت أكون صاحبك، غير كدا فيه حاجة كمان عاوزك تعرفها، أنا مش شايفك يا ياسين، بس ربنا سبحانه و تعالى شايفك و عالم باللي جواك حتى، يبقى الأصح تخاف مني ولا تخاف من ربنا؟"

رد عليه بخجلٍ:
"لأ طبعًا أخاف من ربنا، علشان علاقتي بـ ربنا عندي أهم من كل العلاقات"

أومأ له موافقًا ثم أضاف مؤكدًا:
"بالظبط، علاقتك بربنا أهم من كل العلاقات، و افتكر دايمًا يا ياسين الكلام دا،
{ و لا تجعل الله اهون الناظرين اليك} يعني افتكر إن ربنا شايفك و عالم أنتَ بتعمل إيه، أنا مش شايفك بس ربنا سبحانه وتعالى عالم بكل حاجة فيك، حتى جواك، عاوز وعد منك متكدبش عليا تاني و متخبيش عليا حاجة بعد كدا، وعد؟"

حينها ترك «ياسين» الكوب الخاص به، ثم اقترب من والده يحتضنه بقوةٍ وهو يقول بنبرةٍ شبه باكيةً من تأثره:
"وعد...أنا بحبك أوي يا بابا، شكرًا يا رب علشان هو بقى بابا و صاحبي"

احتضنه «رياض» ثم قال بعاطفةٍ:
"و شكرًا إنك وعدتني و احترمت كلامي، أنا صاحبك علطول يا ياسين، و هفضل أول صاحب ليك في الدنيا"

طالعتهما هي بحبٍ ثم رفعت كفها تمسح دموعها، فوجدت زوجها يغمز لها بطرف عينه، فابتسمت هي بخجلٍ ثم أخفضت رأسها للأسفل.

(عودة إلى الوقت الحالي)

قصت «زُهرة» على «خديجة» الموقف بأكمله ثم أضافت بفخرٍ:
"أنا وقتها اتأكدت يا خديجة أني اخترت زوج صح، ساعتها عرفت إن ياسين هيعيش عمره بالكامل يشكرني على اختياري لـ «رياض»"

ردت عليها هي بنبرةٍ مؤكدة:
"هو بصراحة ياسين و مصر كلها عاوزة تشكرك على الاختيار دا، و اسمحيلي أشكرك أنا على تربيتكم لياسين، علشان لو فيه حد استفاد من الموضوع دا يبقى أنا و الله"

احتضنتها «زُهرة» بقوةٍ ثم قالت بحبٍ بالغ ممتزج بالمرح:
"و احنا كمان والله يا بنتي، كفاية إن بقى عندي بنوتة حلوة زيك، بعد عمر كامل عايشة مع اتنين نسخة واحدة لما قربت اتجلط والله، الواد و أبوه طلعوا عيني يا خديجة"
ضحكت هي بين ذراعيها فوجدتها تربت على ظهرها ثم قبلت قمة رأسها و كأنها تتمسك بها بفعلتها تلك، بينما الأخرى استكانت بين ذراعيها وهي تبتسم ببلاهةٍ.
_________________________

في أحد الكافيهات العامة كان «حسن» و «أحمد» جالسين معًا و معهما بعض العملاء يقومون بالاتفاق على العمل و على التصميمات الجديدة لهم، و بعدها انسحب العملاء من أمامهما، بينما «أحمد» زفر بقوةٍ ثم قال:
"يا ربي على الناس !!، إيه دا يا عم حسن بيدقق في كل حاجة، حتى الحرف مركز في حجمه؟"

رد عليه «حسن» بنبرةٍ ضاحكة:
"و لسه أنتَ شوفت حاجة؟ اصبر بس، وليد هيعمل التصميم و أنا أظبطه بعدها و هيقولي أنا عاوزه ناحية الشمال أكتر، أنا بقى هبعتله أخر تعديل، مش أول مرة اتعامل معاه، علشان كدا بيصدروني أنا و وليد للتعامل معاه"

أومأ له موافقًا ثم أضاف:
"الله يكون في عونكم والله، دا أنا ضغطي علي منه و من طريقته، كويس إنك جيت معايا والله، فرقت كتير بصراحة"

وقف «حسن» ثم قال بنبرةٍ مرحة:
"طب أنا هستأذن بقى علشان ورايا مقابلة مهمة، و بصراحة خايف اتأخر تروح مني، سلام"

رد عليه «أحمد» بدهشةٍ ممتزجة بحنقه:
"يا ليلتك كُحلي يا حسن؟ أنتَ بتخون هدير؟ رايح تقابل من وراها؟ طب راعي مشاعري و أني قاعد قصادك"

رد عليه هو بلهفةٍ قاطعة:
" الله ياخدك يا بعيد، خلتني أخونها و أنا رايح اقعد معاها يا متخلف؟ رايح أقابل هدير نفسها"

أومأ له «أحمد» بتفهمٍ وهو يقول:
"آااه فهمت، مقابلة رومانسية يعني، الله يسهلك يا عم، خلاص براءة روح و عيش بقى"

ابتسم له «حسن» ثم حرك رأسه بيأسٍ منه، بعدها خرج من المكان تاركًا «أحمد» خلفه يضحك عليه، ثم فتح حاسوبه يفتحه يرسل الإيميلات الخاصة بالعمل، على الحساب الخاص بشركتهم، و أبان انغماسه في العمل، سمع صوتها تدلف المكان بنبرةٍ حماسية وهي تتحدث مع أحد الشباب ، قطب جبينه ثم رفع رأسه فوجدها هي تلك التي كان يظن نفسه أحبها، حينها اتسعت حدقتيه بقوةٍ وهو يراها تتمسك بيد الشاب و تتحدث معه بنبرةٍ حماسية، رمقها هو بتقززٍ حينما وجهت بصرها نحوه ثم تحرك من المكان بعدما أجمع حاجته، و بعد خروجه من الكافيه، أخرج هاتفه ثم فتحه على صورة «سلمى» و بمجرد ظهورها أمامه وجد نفسه يبتسم تلقائيًا لرؤية وجهها، ثم حدث الصورة و كأنه يحدثها هي:
"إياكَ أن تُعطي ذلك القلب لغير أهله، و الحمد لله إنه فاق و عرف إنك أنتِ أهله"

بعدها أخرج هاتفه ثم هاتف شقيقته و حينما وصله الرد منها قال بنبرةٍ ظهرت بها اللهفة:
"ألو يا خلود أنتِ؟"

_"أنا في البيت يا أحمد قاعدة مع سلمى، فيه حاجة و لا إيه؟"
ردت عليه هي بذلك فوجدته يزفر بقوةٍ ثم قال لها:
"خلاص كمان شوية كدا تعالوا فوق السطح، أنتو الاتنين سوا"

وافقت هي على حديثه ثم أغلقت معه الحديث، بينما هو ابتسم بفرحةٍ ثم وقف يسأل نفسه بتعجبٍ:
"هو أنا ليه فرحان كدا؟ طب والله ما ليا غير سلمى، كفاية ضحكتها ليا بس، و إن جينا للحق مينفعش اقارن بينهم أصلًا، سلمى"
بعد انتهاء حديثه انتبه لنفسه و أنه يحدث نفسه، لذلك قال بسخريةٍ:
"كمان بتكلم نفسك؟ دا أنتَ بقيت تصعب على الكافر"

بعد جملته تلك رحل من المكان حتى يتوجه نحو بيتهم، و قبل أن يذهب إلى هناك جلب بعض الأشياء ثم توجه نحو البيت، و بعدها صعد فوق السطح و جد الأثنتين في انتظاره، حينها جلس هو مقابلًا لهما على المقعد على نفس الطاولة أمامهن، كانتا الاثنتين تتابعا ملامحه المتوترةِ بتعجبٍ، بينما هو قال بنبرةٍ هادئة:
"بصوا أنا عاوز أقولكم حاجة بما إنكم معايا علطول و عارفين عني كل حاجة"

تحدثت «خلود» تقول بنبرةٍ منزعجة:
"خلص يا سيدي، نعم عاوز إيه في ليلتك دي، هو احنا فاضيين"

زفر بقوةٍ ثم قال:
"أنا عاوز أقولكم أني فخور بيكم أوي، علشان أنتو مش بتعملوا حاجة غلط، و علشان محافظين على تربيتكم، علشان كدا جبتلكم هدية بسيطة كدا ليكم أنتو الاتنين"
اتسعت حدقتي كلتاهما بدهشةٍ، بينما هو رفع الحقيبة المجاورة لقدمه ثم وضعها على الطاولة، وهو يقول بنبرةٍ أهدأ:
"بصراحة عارف إنكم بتذاكروا و بتروحوا الدروس علشان كدا جبتلكم الازايز اللي عليها دبدوب دي مش عارف من فيكم كان نفسها فيها، و معاها مج حراري علشان الشتا و الدروس، عجبوكم"

كان يتحدث و هو يفرغ الحقيبة أمام نظرهن، و يقدم أمام كل واحدةِ الأشياء الخاصةِ بها، حينها شهقت «خلود» ثم ركضت له تحضنه بقوةٍ وهي تقول بنبرةٍ مرحة:
"بحبك يا أحمد، و الله العظيم أنتَ أحسن أخ في الدنيا كلها، و علطول حنين على كل اللي حواليك"

ربت هو على ظهرها ثم قال بنبرةٍ ظهرت بها عاطفته:
"و أنا بحبك يا خلود و علطول فخور بيكي، و على فكرة الحاجات دي علشان تذاكري"

ابتعدت عنه تقول بحماس:
"دا أنا هاكل الكتب، أنتَ وفرت عليا فلوس كتير أوي كنت هدفعها في الحاجات دي"

ابتسم هو لها ثم اقترب منها يقبل قمة رأسها، بينما «سلمى» طالعته بتعجبٍ ممتزج بدهشتها، فقال هو لها بنبرةٍ ساخرة:
"خير يا أستاذة سلمى؟ مش عاجبك الهدية ولا إيه؟"

ردت عليه هي بنبرةٍ تائهة:
"ها....لأ عجباني، بس ليه يا أحمد؟ لازمتها إيه الهدية دي دلوقتي؟ قبل كدا جبتلي شنطة و خدتها منك"

رد عليها هو مُردفًا بثباتٍ:
"و فيها إيه يعني أنتِ زي خلود يا سلمى و قبل ما تبحلقي كدا، زي خلود مؤقتًا لحد ما نخلص أم السنة دي، بعدها هيبقى فيها كلام تاني، أعتبريه تشجيع للمذاكرة يا ستي، مالك؟"

ابتسمت له هي ثم قالت له بوجهها البشوش:
"شكرًا يا أحمد تسلم، و على فكرة الحاجات حلوة أوي و ذوقك حلو كمان، ربنا يقدرنا على رد جمايلك دي يا سيدي"

ابتسم هو لها، فتدخلت «خلود» تقول بمرحٍ:
"بقولك إيه يلا ننزل علشان حلقة المسلسل النهاردة الجمعة و علشان وراكي درس بكرة"

أومأت لها موافقةً ثم قامت وهي تأخذ الأشياء من على الطاولةِ، بينما هو نظر في أثرهن بأريحيةٍ ثم أخرج هاتفه و طلب من «جميلة» الصعود له، و بعد مرور دقائق أتت له وهي تقول بتعجبٍ:
"خير يا أحمد عاوز إيه خضتني لما قولتلي إنك كنت محتاج تتكلم معايا، أنتَ كويس صح؟"

ابتسم هو لها ثم قال بمرحٍ:
"يا ستي أنتِ علطول مخضوضة كدا؟ اقعدي خليني أتكلم معاكي"

جلست على المقعد المقابل له ثم قالت بضيقٍ من قلقها:
"ها يا أحمد، متخوفنيش أكتر من كدا، خلصني بقى"

ابتسم هو بيأس ثم تنهد بعمقٍ، بعدها قال بنبرةٍ متريثة:
"أنا عاوز أقولك حاجة، هحكيلك دلوقتي موقف و تقوليلي أنا ليه كنت بفكر في كدا، و ليه دلوقتي مرتاح و فرحان"

انكمش ما بين حاجبيها بتعجبٍ، فوجدته يسرد لها تفاصيل قصته مع «منة» و من بعدها «سلمى»، أنهى هو سرده ثم أضاف:
"أنا محبتش منة دي، بس عاوز أفهم ليه كنت فاكر نفسي بحبها، و في نفس الوقت إزاي مرتاح كدا علشان معايا سلمى و إزاي الموقف دا مزعلنيش، بالعكس حسيت نفسي مرتاح أوي"

حركت رأسها هي بتفهمٍ ثم قالت:
"أنتَ محبتهاش يا أحمد، هي بس كانت حاجة جديدة قدام عينك، أنا شوفتها مرتين و لقيت لبسها ضيق و ساعات بحجاب و ساعات من غيره، مش ثابتة على موقف، أنتَ كنت واهم نفسك بيها و لما حصل موقفها مع خديجة، عرفت إنها مش شبهك، و علشان سلمى قصادك علطول، أنتَ متوقعتش إنك عندك مشاعر ليها، ساعات بتحصل يا أحمد و الإنسان بيتلغبط في مشاعره، بس لما سلمى موضوع إن فيه حد تاني عاوزها غيرك ساعتها أنتَ فسرت مشاعرك، دلوقتي بقى أنتَ حاسس بإيه؟"

ابتسم هو لها ثم قال بنبرةٍ هائمة:
"حاسس براحة غريبة و كأن قلبي بيقولي كويس إنك حافظت عليا، أو بالظبط زي اللي كان هيتوه و أمه لحقته على أخر لحظة، أنا لو كنت صممت على علاقتي بـ منة كنت هغرق و كنت هضيع سلمى من إيدي، و لما سألت خديجة قالتلي إن القلوب لما تروح لأهل غير أهلها بتتعب و تبقى زي اللي اتحكم عليه بالغربة، و أنا الحمد لله قلبي هيعيش مع أهله طول العمر"

ابتسمت له هي ثم قالت بفخرٍ:
" أنا فخورة بيك أوي يا أحمد، بجد علشان مؤخرًا الشباب دماغهم بقت غريبة في اختيار البنت، بيختاروا حسب الشكل و الجسم و الموضة، كأنها سلعة مثلًا، بس الراجل بجد هو اللى بيفكر بحكمة إزاي يختار واحدة تكون شريكة عمره و يساندوا بعض، كون إنك فوقت لنفسك و عرفت تفسر مشاعرك صح و بعدين يا سيدي سلمى مننا و علينا و بتحبك و أنتَ عينك فضحاك إنك بتحبها أنتَ كمان"

أومأ لها موافقًا ثم أخفض جزعه لها بعدها أخرج الحقيبة الخاصة بها وهو يقول بمرحٍ:
"أنتِ بنت حلال مصفي يا جميلة و مش خسارة فيكي المَج الحراري دا علشان تشربي فيه النيسكافيه في المدرسة، خلاص بقيتي مدرسة رسمي"

اتسعت حدقتيها بقوة وهي تراه يقدم لها الهدية، بينما هو قال بنبرةٍ مؤكدة:
"خُدي يا جميلة، مالك يا ستي تنحتي كدا ليه؟ في إيه يا جدعان هو أنا بخوفكم ولا إيه"

أخذته منه وهي تقول بنبرةٍ تائهة من مفاجئتها:
"دا ليا بجد؟ طب ما أنتَ جبتلي قبل كدا هدية و خدتها منك، لازمته إيه بقى دا كمان"

امتعض وجهه وهو يقول بنبرةٍ حانقة:
"بت !! متقعديش مع سلمى تاني كرفتوا على بعض انتو الاتنين، هاتي أنا غلطان هشرب فيه شاي في الشركة"

قال جملته تزامنًا مع حركة كفه يخطفه منها، بينما هي أخذته منه وهي تقول بلهفة:
"خلاص خلاص، قلبك أبيض يا سيدي، هات و الله دا أنا كنت لسه بفكر أجيبه"
ابتسم هو لها ثم قال بنبرةٍ مُحبة:
"عاملة زي القطط و الله، لازم حد ينكشك علشان تسمعي الكلام بعد كدا،كويس إنه عجبك"

أخذته هي منه ثم تحركت من أمامه بعدما لوحت له بكفها، بينما هو نظر في أثرها بعاطفةٍ بعدها ابتسم ثم قال مُحدثًا نفسه:
"يلا على قد ما فلست على قد ما أنا فرحان لفرحتهم و لسه هدية خديجة دي ميزانية تانية خالص"
_________________________

تقابل «حسن» مع «هدير» في الشارع بعدما انتظرته هي، نزل هو من سيارته ثم سار على قدميه حتى اقترب منها، بينما هي طالعته بلومٍ وهي تقول:
"ما شاء الله على مواعيدك يا حسن، زفت، بقالي ربع ساعة مستنية سيادتك هنا، خير"

اقترب منها يقول بتعالٍ:
"هو أنا أي حد ولا إيه دا أنا حسن المهدي، يعني تستني و أنتِ فرحانة أصلًا إنك هتخرجي معايا"

حركت رأسها وهي تطالعه بوجهٍ ممتعض يعبر عن استنكارها، بينما هو ابتسم ثم قال بنبرةٍ ضاحكة:
"خلاص خلاص هتاكليني بعينك يا ستي، بهزر بس كنت متأخر علشان كنت بجبلك حاجة، تعالي بس اركبي العربية و أنتِ هتعرفي إنك ظلماني"

تنهدت هي بقلة حيلة، ثم تبعته نحو السيارة حتى تركب بجواره، و بالفعل دلفت السيارة، فوجدته يحرك جسده للخلف ثم عاد لها من جديد و في يده باقة زهور، حركت رأسها باستنكارٍ واضح فوجدته يمد يده لها به، لذلك سألته بتشوشٍ غير مدركة فعلته:
"ثانية واحدة بس لمين دا؟ علشان مش مستوعبة والله"

_"لأمي الله يرحمها، و معاها شوية قُرص بالعجوة طالعين على روحها"
رد عليه هو بذلك بنبرةٍ ساخرة على حديثها، فحركت رأسها وهي تقول بحنقٍ:
"لأ و الله؟ بتتريق عليا يا حسن"

رد عليها مُعقبًا:
"ما هو أنتِ بتتغابي يا هدير، راكبين عربية سوا إحنا الاتنين و جايبلك بوكيه ورد و مش معايا غيرك، يبقى لمين يعني"

أبتسمت له هي ثم أخذته منه وهي تقول بنبرةٍ هادئة:
"أنا بصراحة عمري ما حد جابلي ورد يا حسن، علشان كدا مستغربة، بس ذوقك حلو أوي"

ابتسم لها هو الأخر ثم قال بمرحٍ:
"و لسه بقى هاخدك مكاني المُفضل، أكتر مكان بحب أكل منه يا هدير"

حركت رأسها باستفهامٍ واضح في نظرتها، فوجدته يغمز لها، حينها حركت رأسها للأمام وهي تنظر أمامها و في يدها باقة الزهور تُشدد مسكتها عليها، بينما هو انغمس في القيادة و هي بجانبه بين الحين والآخر تحرك رأسها تراقبه و تراقب ملامحه، و بعد القيادة أوقف السيارة أمام أحد المطاعم الشهيرة وهو يقول بمرحٍ:
"جبتك mac، عارفة ليه علشان أنا بحبه أوي يا هدير، و حبيت ناكله سوا"

ردت عليه هي بنبرةٍ ظهرت بها فرحتها:
"والله العظيم أنتَ بتفهم، أنا كان نفسي أكل في mac من بدري، و صدفة حلوة أوي إنك طلعت بتحبه يا حسن"

ابتسم هو لها ثم نزل من السيارة و هي تتبعه حتى دخلا المطعم سويًا، بعدها انتقت هي الطاولةِ المجاورة للزجاج حتى ترى منه المكان في الخارج بينما هو قال لها بنبرةٍ هادئة يحاول بها وأد توتره:
"طب أطلبيلنا أنتِ بقى يا هدير بما إنك طلعتي من مُحبين المكان دا، ها هتختاري إيه؟"

ابتسمت له هي تقول بنبرةٍ هامسة:
"مبدأيًا يا حسن mac كله برجر، بس بتختلف على حسب الإضافات و العروض، قولي بقى تختار إيه أنتَ بما إنك بتحبه و حبيت تشاركني فيه"

حمحم هو بقوةٍ ثم قال بنبرةٍ خافتة:
"بصي يا هدير على الدُغري كدا علشان أنا مش ملاوع، بعد ٣ أيام قضيتهم عندك في الانستجرام لاحظت إن صورك كلها في المكان دا، و في مكان تاني مش قادر استوعب هو إيه بس بيعمل قهوة بتلج تقريبًا"

ابتسمت هي عليه حتى تحولت بسمتها إلى ضحكةٍ مرتفعة و لكنها كتمتها من خلال كفها الذي وضعته على فمها، بينما هو نظر حوله ثم قال بحنقٍ:
"ضحكتك يا ختي، أنتِ مش خارجة مع ابن اختك، أنا دمي حامي يا هدير"
أومأت له موافقةٍ ثم قالت بنبرةٍ هادئة:
"أنا أسفة يا حسن، بس ثقتك في نفسك و أنتَ بتتكلم عن المكان دا حسستني كأني خارجة مع العضو المؤسس للمكان دا، و بعدين المكان التاني دا مش قهوة بتلج، دا ice coffee نيسكافيه بتلج و لبن"

رد عليها هو بضجرٍ:
"أنا مش هشاركهم يا هدير، بس أنتِ بتحبيهم صح؟"

حركت رأسها موافقةً فوجدته يضيف:
"طب حاجة كمان علشان أنا مش كداب، الدونتس اللي جبتهولك امبارح دا، أنا أول مرة أكله إمبارح أصلًا، بس لما عرفت إنك بتحبيه جبتهولك، أصلًا كنت فاكرها قُرص بالشيكولاتة"

طالعته هي بيأسٍ وهي تضحك عليه و على حديثه، فوجدته يقول بضجرٍ منها:
"شوفتي بقى؟! مكنتش عاوز أقولك أصلًا علشان متضحكيش عليا، كنت خايف أسقط من نظرك لما تعرفي أني مليش في الحاجات دي"

تنفست هي بعمقٍ ثم قالت:
"أنا عارفة إنك مبتحبش الحاجات دي، و عرفت كمان إنك أول مرة تيجي هنا من ساعة ما وصلنا يا حسن"

طالعها هو بدهشةٍ فوجدها تومأ برأسها ثم قالت مفسرةً له بفخرٍ:
"يعني، الدونتس لما جبته أنتَ جبت باكدج على بعضه و دا دليل إنك معندكش نوع مفضل و الباكدج كله غالي و كتير، ساعتها عرفت إن أنتَ جايبه علشاني بس خوفت أوهم نفسي يعني، بالنسبة للمكان دا، فيه فرع قريب من بيتك، بس أنتَ جبتنا الفرع اللي أنا بحبه و دا يؤكد برضه إنك جيت هنا علشاني"

ضيق جفنيه وهو يقول لها بتوعدٍ:
"آه يا سوسة !! صحيح تربية مشيرة و ابن عمك وليد هستنى منكم إيه يعني؟ ماشي يا ستي"

ابتسمت هي عليه فوجدته يقول بنبرةٍ هادئة:
"طب اطلبي لينا أنتِ بقى و اطلبي ليا زيك بما أني أول مرة أدخل هنا أساسًا"

أومأت له موافقةً، ثم وقفت هي حتى تذهب و تدلي بمطلبها فوجدته يسألها بتعجبٍ:
"أنتِ راحة فين يا هدير؟ هتمشي ولا إيه؟"

ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة:
"هروح أطلب يا حسن، الطلبات من هناك، بتروح تطلب بنفسك"

حرك رأسه للخلف فوجد المكان مزدحمًا بشدة و خاصةً بالشباب، حينها وقف هو يقول بنبرةٍ جامدة:
"لأ خليكي أنتِ بقى و أنا هطلب، المكان مليان شباب و أنا مرضاش بكدا"

ردت عليه هي تبسط الأمور:
"ما هما كلهم بيطلبوا يا حسن، فيها إيه يعني؟ و بعدين هتروح تطلب أنتَ إزاي؟"

زفر هو بقوةٍ ثم أخرج من جيبه ورقةً و قلمًا يمد يده لها وهو يقول بنبرةٍ جامدة:
"اكتبي هنا طلبك و أنا هروح أديله الورقة يا هدير، حلو كدا؟"

ابتسمت هي باتساعٍ له وهي تستشعر غيرته عليها، ثم رفعت كفها تأخذ منه الورقةِ و القلم تدون طلبها لها و له، وهو يتابعها باهتمامٍ حتى مدت يدها له وهي تقول بنبرةٍ هادئة و وجهٍ مبتسمًا:
"اتفضل يا سيدي، ممكن تديله الورقة و هو هيديك الطلب عادي"

أومأ لها موافقًا ثم ذهب من أمامها، بينما هي جلست تتابعه بـ اهتمامًا وهو يجلب لهم الطعام، بينما هو قدم الورقة للعامل و أخبره بالانتظار حتى يقوم بأخذ الطلب ثم أعطاه ورقةً بهما الرقم الخاص بطلبه، وقف هو أمام طاولة الطلبات و هي في الخلف تراقبه حتى وجدت فتاةٍ أخرى تطالعه حينها رفعت حاجبها بحنقٍ و للحق ما أثلج نيرانها هو عدم ملاحظته للفتاةِ بل أخرج هاتفه حتى يحين وقت استلامه للطعام، في ذلك الوقت اقتربت منه الفتاة تسأله برقةٍ مصطنعة:
"لو سمحت هو حضرتك رقم كام؟"

رفع رأسه هو يقول بنبرةٍ جامدة:
"أفندم !! يعني إيه رقم كام؟"

حركت رأسها تشير نحو الورقة وهي تقول بنفس الطريقة:
"رقم طلبك، هو كام؟ أصل أنا بقالي كتير مستنية وهما بيدوروا على صاحب طلب و مش موجود"

رفع حاجبه هو لها و قبل أن يتفوه، اقتربت منهما «هدير» تقول بنبرةٍ جامدة:
"خير يا حسن؟ فيه مشكلة ولا حاجة؟ أؤمري يا آنسة؟"
قالت جملتها الأخيرة للفتاة بعدما رفعت حاجبها لها ترمقها بشررٍ، فتدخل «حسن» يقول بنبرةٍ متريثة:
"لأ الآنسة غلطت في طلبها يا روحي، تقريبًا كدا بتشبه عليا"

تعجبت هي من كلمة "روحي" التي حدثها بها، بينما الفتاة قالت بنفس التصنع:
"معلش أنا كنت فاكرة إن الأستاذ هو صاحب الطلب اللي بيدوروا على صاحبه، Sorry"

ابتسمت لها «هدير» باقتضابٍ وهي تقول بنبرةٍ أثارت استفزازها:
"لأ يا حبيبتي ولا يهمك، بتحصل عادي، ابقي ركزي بس بعد كدا، علشان مش كل الستات طيبة زيي و بتفهم الموضوع صح"

كان هو خلفها يطالعها ببسمةٍ خبيثة و تسلية واضحة في عينيه، بينما هي انتظرت حتى اختفت الفتاة من أمامها ثم التفتت له تقول بنبرةٍ حانقة:
"ممكن أفهم إيه دا يا أستاذ حسن؟ خير إن شاء الله"

رد عليها هو بثباتٍ:
"و أنا مالي يا ستي، هي اللي جاية تتمسح فيا، لكن أنا ملاك بريء و الله"

حركت رأسها موافقة بطريقةٍ تمثيلية ثم اندفعت في فعلتها حينما وقفت بجانبه تتمسك بذراعه بقوة، فحرك رأسه للأسفل ينظر لكفها المحاوط ذراعه، بينما هي فسرت فعلتها تلك بقولها الثابت:
"علشان بس عيون البنت دي و اللي معاها، و لا إيه تحب أروح أقول لهم إنك مش مرتبط؟"

ابتسم هو لها ثم قال بخبثٍ:
"ما شاء الله، حلوة و أنتِ مكسوفة و أحلى و أنتِ غيرانة، هدير أنتِ و عيونك حلوين"

حركت رأسها تطالعه بدهشةٍ فوجدته يبتسم لها ثم قال بنفس النبرةِ الهادئة:
"أنا مخدتش بالي منها أصلًا غير لما أنتِ جيتي، و بعدين بتغيري ليه؟ أنا جاي معاكي أنتِ"

ردت عليه هي بتوترٍ:
"ها...لأ أنا مش غيرانة و لا حاجة، هو علشان منظري يعني، و علشان مينفعش هي تقف تتكلم معاك...يعني، مش عارفة أنا ليه غيرت يا حسن؟"

قالتها بنبرةٍ حائرة و وجهٍ مُحبط، بينما هو ابتسم لها ثم قال:
"غيرتي عليا علشان أنا جوزك يا هدير، زي ما أنا غيرت عليكي لما لقيت المكان مليان شباب و يلا روحي اقعدي لحد ما أجبلك الأكل"

أومأت له موافقةً ثم رحلت من أمامه تعود إلى الطاولة و بعد مرور دقائق اقترب هو منها و في يده الطعام، ثم جلس مقابلًا لها وهو يقول بسخرية:
"حتى الأكل صعبتوه علينا؟ الإسم أصعب من معادلات الكيميا و الله، و التعامل أصعب من نظام الثانوية العامة، مالها عريبات الكبدة اللي في الشارع يا هدير؟ على الأقل فيها تقدير"

ضحكت على طريقته بقوةٍ، بينما هو حرك رأسه نفيًا بحيرةٍ، لذلك سألته هي بنبرةٍ لازالت ضاحكة:
"يعني mac بالنسبة ليك صعب و الدونتس قرص بالشيكولاتة و ice coffee قهوة بتلج، أومال لو شوفت السينابون هتقول إيه بقى؟"

سألها هو بتعجبٍ:
"هو إيه دا كمان، عبارة عن إيه يا هدير؟ أنا حاسس أني جاهل قصادك ولا أنتِ علشان خريجة ألسن هتشوفي نفسك علينا؟"

ردت عليه تفسر له ما تفوهت عنه بقولها:
"يا حسن السينابون دا عبارة عن حاجة زي المُعجنات كدا بس بالقرفة و عليها صوص الكراميل"

أومأ لها موافقًا ثم قال بتفهمٍ:
"آااه، بسيطة يبقى قُرص بالقرفة و الكراميلة، سهلة أهو يا هدير"

ضحكت هي عليه فوجدته يضيق منفعلًا بطريقة زائفة:
"شوفي يا هدير، أنا أحدث حاجة وصلتلي في الحلويات هي عربية الوافل اللي على أول الشارع بتاع الشركة و عرفتها صدفة لما وئام عزمنا عليها بمناسبة إنه هيبقى أب"

أومأت له موافقة فوجدته يسألها بنبرةٍ مهتزة نتيجة توتره:
"هدير هو بجد أنتِ مش زعلانة علشان أنا مليش في الحاجات دي؟ يعني مش حاسة بملل؟"

ردت عليه تنفي حديثه بقولها المقرر:
"لأ طبعًا يا حسن، بص علشان مبقاش كدابة، لو كنت هدير التانية كنت بصراحة هتريق و ممكن أفضل أضحك و أسخف، لكن دلوقتي هبقى غبية لو عملت حاجة زي دي، صدقني يا حسن قيمة الناس مش بالحاجات دي خالص، الإنسان قيمته بقلبه و أنتَ قلبك جميل أوي يا حسن، و بعدين دا حظي الحلو علشان نروح الأماكن دي سوا، و تتعرف عليها معايا"
ابتسم لها بفخرٍ من طريقة تفكيرها التي فاجئته بها، فوجدها تقول بمرحٍ:
"طب يلا قبل ما الأكل يبرد أكتر من كدا، و علشان الصودا متروحش أكتر من كدا"

أومأ لها موافقًا ثم عاد بذاكرته إلى ذكرياته المريرة برفقة زوجته المتوفية
( منذ فترة طويلة من الزمن)

كان هو في السيارة وهي بجانبه بعدما عادا سويًا من سهرتهما، حرك رأسه هو يطالعها فوجدها تحرك قدميها بتشنجٍ من ضيقها منه، بينما هو أوقف السيارةِ ثم سألها بتعجبٍ:
"فيه إيه يا ريم؟ إيه اللي مزعلك كدا، مش شايف حاجة حصلت لكل دا يعني؟"

ردت عليه بنبرةٍ منفعلة في وجهه:
"دا كل و مش واخد بالك يا حسن؟ احرجتني قدام صحابي و مش واخد بالك؟ البنت بتقولك أكيد بتحب المكان دا، تقولها أنا أول مرة أجي الأماكن دي؟ و بعدين بتقدم لها الهدية و تقولها ربنا يطول في عمرك؟؟ هو أنتَ بتكلم جدتك؟"

رد عليها هو بضجرٍ من طريقتها:
"بالراحة يا ريم، أنا مش شغال عندك، دي طبيعتي و مش هغيرها، و أنا قولتلك مليش في جو الصحاب و عيد الميلاد و الهبل دا، مش ذنبي إنكم مش قابلين الناس بطبيعتها"

ردت عليه هي بحنقٍ:
"يبقى تحاول تتغير يا حسن، علشان حتى نكون مناسبين قدام الناس لبعض، مش معقول الناس كلها تبقى عارفة أني بحب الأماكن دي و حفظاها و أنتَ متعرفش حاجة عنهم"

حرك مقود السيارة وهو يقول بنبرةٍ جامدة بعدما قرر هو:
"و أنا زي ما أنا مش هتغير، اللي عاجبه طريقتي أهلًا و سهلًا، مش عاجبه هو حُر في نفسه"

(عودة إلى الوقت الحالي)

خرج من شروده في ذكرياته المريرة على صوتها وهي تقول بنبرةٍ مرحة:
"يا أبو علي، روحت فين؟ الأكل مش عاجبك ولا إيه؟ تحب نغير المكان طيب"

انتبه لها وهو يقول بنبرةٍ تائهة:
"ها...لأ....المكان تمام أوي، أنا بس علشان مش متعود على الأماكن، غاوي عشوائية بصراحة"

ردت عليه هي ببساطة:
"مفيش مشاكل، ممكن برة نجرب العشوائية دي مع بعض، زي ما جربنا الأماكن دي سوا"

حرك رأسه موافقًا لها ثم قال بعدما حمحم بقوةٍ:
"طب يلا ناكل علشان البتاع دا جوعني و ريحته حلوة بصراحة"
_________________________

في شقة «فهمي» والد «عامر» كان «عمار» واقفًا في شرفة شقتهم، يبتسم براحةٍ كبرى على وجهه، حتى تنفس بعمقٍ و حينها اقتربت منه والدته و في يدها كوبًا من العصير وهي تقول بنبرةٍ مرحة:
"عمار روح قلب ماما، إيه يا حبيبي قاعد لوحدك ليه؟ و كنت فين النهاردة؟"

ابتسم لها وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"تعالي يا ماما، أنا كنت بجيب هدوم للجامعة و جيت كنتي أنتِ بتجيبي حاجات من تحت، اقعدي معايا بقى"

جلست أمامه وهي تقول بنبرةٍ هادئة:
" تتهنى بيهم يا دكتور عمار، تصدق جملة حلوة أوي، محسساني بالفخر و أنا بقولها"

سألها هو بتشككٍ:
"يعني بجد فخورة بيا؟ و لا بتجبري بخاطري و خلاص؟"

ردت عليه هي بلهفة:
"طبعًا فخورة بيك، كفاية إنك مش تاعب قلبي يا عمار، سنك دا صعب أوي و بسمع فيه بلاوي يا بني، بس أنتَ ربنا يطمن قلبك مخليني أنام مرتاحة، لما بشوفك نازل الجامع تصلي بفرح أوي، و لما أشوفك نايم بدري علشان تصحى تروح شغلك بفرح أكتر، و خلاص كلها بكرة و بعده الصبح هلاقيك نازل تروح جامعتك"

اقترب منها ثم قبل رأسها بحبٍ وهو يقول بنبرةٍ متأثرة:
"و أنا بحبك و فخور بيكي أوي، و بصراحة أنا بحبكم كلكم، و البركة في أخواتي علشان بقيت كدا، أنا شخصيتي بقت كدا بسببهم هما يا ماما، حتى عامر طول عمره بيقول أني ابنه، أنا مليش غيرهم هما"

ابتعد عنها بعد حديثه يجلس أمامها من جديد، ثم رفع رأسه يطالع السماء فوجد القمر بها مُكتملًا، حينها ابتسم بحبٍ فوجد والدته تقول بخبثٍ:
"جرى إيه يا دكتور؟ واد يا عمار أنتَ بتحب يالا؟"

حرك رأسه ينظر لها بتوترٍ، فالتقطت هي نظرته لذلك قالت تؤكد صدق حديثها السابق:
"بتحب، شكلك يا واد غرقان فيها، قولي يا عمار هي مين، متخافش"

ابتسم لها ثم قال بنبرةٍ متريثة:
"بحب و قلبي دَق كمان، مشكلة ابنك إن الوقت غلط، الحب عرف طريقه وهو صغير أوي، تخيلي أقابل الشخص الصح بس وقتي يكون غلط، و مجبر أكمل طريقي و أنا بعيد عنها"

سألته هي بتعجبٍ:
"و لما هو الوقت غلط حبيتها ليه يا عمار؟ ليه تعمل في نفسك كدا يا حبيب أمك؟"

تنفس بعمقٍ ثم قال بنبرةٍ متألمة:
"علشان لو بإيدي مكنتش حبيتها أصلًا يا ماما، بس أعمل إيه شغلتني لدرجة خلتني مش قادر أنساها، شخصية غريبة و مكلكعة بس تتحب، قوية و يعتمد عليها و في نفس الوقت تحسي فيها بحنية غريبة ناحية الناس، شكلها حلو و طولها حلو بس أكيد قلبها أحلى، شاطرة و لماحة بس بتكسل تجهد مخها، حبيت شغلي في السنتر علشان جمعني بيها، أخر مكان في الأرض كنت ممكن اتخيل يجمعني بيها، طلع باب علشان يفتحلي سِكة معاها طول العمر"

تحدثت هي بتهكمٍ وهي تحرك كفيها معًا بطريقةٍ شعبية:
"وكسة على ابنك يا سيدة، دا أنتَ وقعتك وقعة ملهاش حل، غرقت فيها خلاص"

ابتسم هو لها ثم قال بعدما تنفس بعمقٍ:
"القلب اتكتب عليه حيرة حبها و غُلب بعدها...و أنا بين دا و دا قلبي تايه و دايب فيها هي، هي و بس، خلود طه فايز الرشيد"

اتكأ على حروف اسمها بقوةٍ بينما والدته ضيقت جفنيها ثم رفعت كفها تمسك ذقنها وهي تقول بتفكير عميق:
"واد يا عمار أنا الإسم دا مش غريب عليا، أو إسم شبهه يمكن"

ابتسم هو لها ثم اقترب بجسده يميل عليها وهو يقول بنبرةٍ هادئة يذكر إسمها من جديد:
"خلود طه فايز الرشيد، أخت خديجة مرات ياسين"

شهقت هي بقوة فوجدته يقول بحيرةٍ:
"شوفتي بقى أني اتكتب عليا الحيرة؟ و من يوم كتب كتاب ياسين و أنا مش شايف غيرها، بس و الله أنا براعي ربنا علشان يجمعني بيها على خير، و الله معملتش و لا هعمل حاجة غلط"

أمسكت هي كفيه بين كفيها وهي تقول بنبرةٍ هادئة:
"شوف يا عمار، أنا ربيتكم على الرجولة، صحيح مخلفتش بنات بس بخاف على بنات الناس، لو زي ما بتقول إن قلبك مشغول بيها يبقى تحافظ عليها، و تسعى و تطور نفسك علشان تكون معاها، خليك الدكتور عمار فهمي علشان لما نروح نخطبها، أحط رجل على رجل و أنا بقول ابني الدكتور عمار طالب إيد بنتكم خلود، طب والله الجملة حلوة"

قالت جملتها الأخيرة بمرحٍ، بينما هو احتضنها بقوة، فوجدها تربت على ظهره وهي تقول بنبرةٍ ظهرت بها عاطفة أمومتها:
"يا حبيب قلب أمك أنتَ، ربنا يريح قلبك من الحيرة يا عمار و يكتبلك السعادة زي ما كتبها لأخوك و يجمعك باللي تقدر قيمتك، و يارب تطلع تستاهلك"

وضع رأسه على كتفها ثم ابتسم وهو يقول بنبرةٍ خافتة:
"و يا رب يجمعني بيها في بيتي بحلاله يا ماما، علشان بغرق فيها كل يوم أكتر"
_________________________

في شقة «محمود» تحديدًا داخل غرفة «هدى» كانت جالسة على الفراش وهي تربت على بطنها بكفيها معًا تستشعر حركة الجنين داخل بطنها، فوجدته يدخل غرفتها وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"هدى فيه دلوقتي ميعاد دوا، قبل الأكل، خديه علشان تاكلي الزبادي"

ردت عليه هي بنبرةٍ مُحبة:
"تعالى يا وئام، تعالى اقعد جنبي كدا عاوزاك ثواني"

أومأ لها موافقًا رغم التعجب البادي على ملامح وجهه، ثم اقترب يجلس بجانبها على المقعد المجاور للفراش، فوجدها تأخذ كفه ثم وضعته على بطنها وهي تقول بنبرةٍ هادئة:
"بيتحرك يا وئام، بيتحرك و أنا حاسة بيه، دا طلع إحساس حلو أوي، سبحان الله، قلبين بيدقوا في جسم واحد"

استشعر هو حركة الجنين أسفل كفه و حينها شعر برجفةٍ تسير في جسده كالكهرباء، فوجدها تقول بنبرةٍ متأثرة:
"ماما مروة قالتلي إن أنا كدا بقيت أم رسمي علشان الأم بتحس بابنها من ساعة ما بتعرف بحملها، على عكس الأب، بيحس بس لما يمسك الطفل في إيده"

رفع رأسه يطالعها وهو يقول بنبرةٍ متأثرة و كأنه على وشك البكاء:
"هدى أنا حاسس بحركته، و خايف في نفس الوقت، احساس غريب أوي، هما بيعملوا إيه طيب في الحالات دي؟"

سألته هي بتعجبٍ:
"مش فاهمة يا وئام، مالك بس"

ابتسم لها وهو يقول بنبرةٍ حائرة:
"مش عارف أخاف و لا أفرح؟ و لا أحس بإيه؟ طب السؤال الأهم هقدر اربيه و يطلع إنسان سوي نفسيًا؟ أنا خايف يطلع مُعقد يا هدى؟"

ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة:
"حد غيرك يقول كدا بالله عليك، أنتَ برضه هتربي طفل مُعقد؟ أنتَ ما شاء الله عليك يا وئام رزق ليا و ليه هو، أتطمن"

تنهد هو بعمقٍ ثم قال:
"أنا عاوزه يطلع جدع و دي أهم حاجة، عاوزه يطلع بيساعد الناس و بتاع خير، عاوزه يطلع زي ما هو يحب نفسه، مش عاوزه يجي يوم و يخاف مني"

أضافت هي تؤكد حديثه:
"و دا اللي هيحصل، صدقني أنتَ هتبقى أب شاطر أوي و هو بنفسه بكرة يأكدلك كلامي دا، و هتشوف بنفسك، و بعدين الواد دا محظوظ أوي، أنتَ أبوه و وليد عمه، يعني هياخد الحنية بالمعلقة"

حرك رأسه موافقًا وهو يبتسم، ثم سألها بنبرةٍ هادئة:
"هدى !! هو ينفع أخلي وليد هو اللي يسميه؟ ممكن ولا دي حاجة تزعلك؟"

ردت عليه هي بنبرةٍ متحمسة:
"طبعًا و من غير كلام، وليد دا أخويا و اللي عمله علشان هدير و اللي عمله مع ماما قبل وفاتها كان كتير، صدقني يا وئام وليد مقامه كبير أوي عندي"

اقترب منها ثم قبل رأسها بهدوء و تبع فعلته تلك قوله الهادئ:
"أنا كنت عارف إنك مش هترفضي طلب زي دا ليا، شكرًا يا هدى"
_________________________

في المسجد المجاور لمنزل «ميمي» خرج الشباب مع بعضهم تباعًا حتى يتوجهوا نحو الفرح، فتحدث «وليد» يقول ساخرًا:
"طالعين من صلاة العشا و رايحين حِنة شعبي في حارة؟ دا إيه التذبذب دا؟"

رد عليه «عامر» بسخريةٍ مماثلة:
"احنا آسفين يا شيخ وليد، المرة الجاية هنقولهم يلغوا الحنة و يعملوا كتب كتاب بس في المسجد، و بعدين الناس دي محترمة أجلوا الحنة لبعد الصلاة علشان ميقفلوش الأغاني ساعة الآذان"

رد عليه «ياسر» بنفس السخرية:
"شوفت الأخلاق؟ و الله احرجوا الشيطان بأخلاقهم دي، و نعم الأدب"

ضحك الجميع عليه، بينما «خالد» قال بنبرةٍ جامدة:
"بقولك إيه ياض أنتَ وهو، هنقعد شوية صغيرين و نمشي علشان مراتي العيانة دي، و مفيش رقص، هنعمل الواجب و ننقط و نمشي تمام !!"

_"تـــمـام"
ردوا عليه جميعًا بذلك يؤكدون حديثه، ثم دلفوا للفرح معًا متراصين بجانب بعضهم، و حينها أمسك أحد الأشخاص مُكبر الصوت وهو يقول مُرحبًا بهم من خلال المكبر:
"و نسمع أحلى تحية لزينة شباب المنطقة، أستاذ خالد عم محاسبين مصر كلهم، يعني البورصة يعني و أنتو بتذاكروا واحد اتنين كان الباشا بيدرب محاسبين، و أنتَ خايف من غلاء الأسعار كان الباشا بينزل بسعر الدولار"

رفع «خالد» ذراعه يقوم بتحيته، و أصدقائه يضحكون عليه، بينما أكمل الراجل حديثه يقوم بالترحيب بـ «ياسين» وهو يقول:
"سمعني نفس التحية للبمشهندس ياسين، يعني الهندسة و المعمار، يعني كل الدنيا زاويتها حادة، إلا هو زاويته قايمة علشان هو على الصح و المظبوط، يعني و أنتَ راجع من المدرسة كان الباشا عمدة في الهندسة"
وقف «ياسين» يقول مُجاملًا له:
"حبيبي يا عمدة تسلم"

رفع الرجل كفه فوق رأسه يحييه ثم أكمل من جديد:
"نيجي لعمنا الأستاذ عامر، يعني خفة الدم و المرح، يعني السياحة و العملة الخضرا يعني و أنتَ في بيتك نايم مرتاح كان الباشا بيجيب لمصر سياح"

وقف «عامر» يقول بمرحٍ:
"حبيبي يا عمدة، أجمد نبطشي في مصر يعني و أنتَ في بيتك فاكر البلح طرح، كان هو هنا واقف بيحيي الفرح"

ضحك الجميع على جملة «عامر» بينما هو جلس من جديد، فتابع الشخص قوله:
"نيجي لعمنا و عم دكاترة المنطقة، الدكتور ياسر، يعني الحنية و الأدب و الأخلاق، يعني العيون الزرقا، يعني و أنتِ كتكوت صغير و بتحب، الباشا كان بيذاكر في كلية الطب"

رفع «ياسر» يده يقوم بتحية الرجل وهو يحاول جاهدًا كتم ضحكته، بينما تابع الراجل حديثه بقوله:
"و أخيرًا و ليس أخرًا نيجي لضيفنا اللي مشرفنا، الأستاذ وليد الرشيد، يعني وجوده في حتتنا زي بهجة العيد، و سمعني تحية للرجالة"

بعدها تم تشغيل الأغاني الشعبية بصخبٍ و بعدها اقترب منهم العريس ثم احتضن كلًا منهم على حدة، ثم قال بعدها:
"يلا يا رجالة علشان ترقصوا معايا و توجبوا مع أخوكم، يلا و لا إيه بقى؟ مشرفكوش ترقصوا معايا؟"

شعروا هم بالحرجِ منه لذلك ذهبوا معه إلى المنتصف في ساحة الرقص، و مع حماس الشباب و صخب الأجواء حولهم اندمجوا في الرقص الشعبي مع الشباب خاصةً بعدما اجتمع شباب المنطقةِ بأكملها حولهم و ذلك لأنهم يحظون بمكانةٍ عالية في قلوب الجميع، و استمر هذا الحال حتى انتهت الليلة أخيرًا في الواحدة صباحًا، حينها اقترب العريس وهو يقول متوسلًا لهم:
"معلش يا رجالة نصاية كمان بس، الاستاذ ياسين يغني لينا مهرجان شعبي كدا بصوته و الدنيا هادية و بعدها روحوا"

طالعوه جميعهم بتعجبٍ فقال هو بنفس النبرة المتوسلة:
"بالله عليك يا باشا متكسفنيش، الناس بتوع الفِراشة عاوزين حد يطربهم، وجب مع أخوك أيمن يا هندسة"

لم يستطع «ياسين» الرفض أمام توسله لذلك أومأ له موافقًا ثم توجه نحو الداخل يجلس برفقة الشباب و على غِرار المرةِ السابقة قام «ياسين» بالغناء و الشباب حوله يرقصون و يصفقون بحرارةٍ و بعد الانتهاء، اقترب منه أحد الشباب يقول متوسلًا له:
"علشان خاطرنا يا هندسة غني مهرجان سور الجدعان و خلاص دي أخر حاجة"

رد عليه «عامر» بمرحٍ:
"أيوا يا ياسين بالله عليك، بحب الأغنية دي يلا علشان خاطري"

عض «ياسين» على شفته السفلى بينما «خالد» أشار له متوعدًا بيده، حينها شرع «ياسين» في الغناء من جديد، و الشباب حوله يرقصون و «عامر» كعادته يقف على الكرسي و في يده دُفًا يطرق عليه نغماتٍ رتيبة تتناسب مع الأغنية، و بعد مرور دقائق انتهت تلك الأمسية حتى خرج الشباب من الفرح، و حينها اجتمعوا بجانب بعضهم أسفل شقة «ميمي» فقال «خالد» بسخريةٍ:
"هو دا اللي عشر دقايق !! احنا حيينا الليلة كلها لحد بتوع الفِراشة، لأ و مفيش رقص و إحنا محدش فينا قعد أصلًا"

تدخل «وليد» يقول بنبرةٍ حائرة:
"اللي محيرني هما عرفوا إسمي منين؟ علشان التحية الجامدة دي"

رد عليه «عامر» بمرحٍ:
"أنا، أيمن كلمني علشان يسألني على إسمك إيه، قولتله و هو حياك معانا، دي أصول مينفعش تكون داخل معانا و تتعامل زي الغريب"

تدخل «ياسر» يقول وهو يتثاءب:
"طب يلا بقى خلونا نروح علشان نشوف كل واحد فينا هيعمل إيه في التحقيق اللي جاي علينا دا، دي فيها نكد ٣ أسابيع"

سأله «ياسين» بتعجبٍ:
"نكد ؟! ليه فيها إيه دي"

رد عليه «عامر» بسخريةٍ:
"جرى إيه يا هندسة؟ هما المعازيم شربوا و أنتَ اتسطلت؟ هتقول لمراتك إيه و أنتَ راجع ليها في نص الليل كدا؟"

اتسعت حدقتي «ياسين» بقوةٍ تزامنًا مع رفعه لكفيه يضعهما على رأسه وهو يقول بخوفٍ:
"يا ليلتك السودا يا ياسين، هو أنا نسيت مراتي؟ أنا نسيت أني متجوز !!"

ضحكوا عليه بقوة و على طريقته، فقال هو بنبرةٍ تائهة:
"طب أروح فين و أجي منين أنا؟ بقولكم إيه خدوا وليد معاكم علشان ياخد عربيته من عند بيتنا وأنا هروح لخديجة عند أمي ربنا يعدي الليلة دي على خير"

أومأ له الجميع بموافقةٍ، بينما هو ركب سيارته يركض بها على الأسفلت متوجهًا نحو شقة والده، و صل إلى الشقة هو فوجد الجميع بها نائمون، حينها دلف غرفته فوجدها بها تنام على الأريكة و في يدها صورته حينما كان طفلًا صغيرًا في عمر التاسعة، ابتسم هو على هيئتها ثم حملها وهو يتوجه بها نحو الفراش، و بعدما دثرها جيدًا بالغطاء، تحمم ثم بدل ثيابه و بعدها خرج ينام بجوارها على الفراش فوجدها توليه ظهرها، اقترب هو منها يتأكد من نومها و حينها أرجع ظهره للخلف يستند على ظهر الفراش وهو يغني بصوته الهادئ:
"يا ترى يا حبيبي....يا ترى؟ قريب ولا بعيد....و لا....حزين ولا سعيد؟....ولا....فاكر سنيني ولا....قلبك ناسيني ولا....الحب زاد و لا بعاد... ولا؟"
وكزها في ذراعها أثناء نومها، فوجدها تتململ في نومها، حينها عاد لموضعه وهو يقول بمرحٍ:
"دخل الحرامي و أنا نايمة شوف قلة أدبه؟!....و أنا نايمة، قرب عليا....و أنا نايمة شوف قلة أدبه....خد مني بوسة و أنا نايمة..... شوف قلة أدبه؟ و أنا عاملة نفسي نايمة و أنا عاملة نفسي نايمة...و أنا عاملة نفسي نايمة"

اعتدلت هي تصرخ في وجه بحنقٍ:
"بس يا بارد عاوزة أنام، دا أنتَ رخم أوي، إيه الهبل دا؟"

طالعها هو بتعجبٍ، فوجدها ترتمي على الفراش من جديد، حينها اقترب منها يقول هامسًا:
"طب يعني أنا لو سكت مين هيتكلم يا ست الكل؟ و بعدين مالك قفشة كدا ليه؟ إيه يعني اتصلتي بيا ٣٤ مرة و أبويا زيهم و أمي ١٦ و مردتش عليكم؟"

ردت عليه هي بضجرٍ منه:
"طب أنتَ مقتنع بكلامك دا أصلًا؟ نام يا ياسين و عدي ليلتك على خير علشان أنا عاوزة أنام"

زفر بقوةٍ فوجدها تغلق النور من جانبها ثم شدت الغطاء عليها حتى انسحب من عليه، فوجدته يقول بحنقٍ:
"لأ بقى على فكرة دي أوضتي و دا سريري و غطايا، الكلام دا هناك في شقتك"

اعتدلت هي من نومها ثم أمسكت الوسادة الصغيرة تضربه بها وهي تقول بنبرةٍ منفعلة:
"يابني اسكت بقى و خلصني، عاوزة اتخمد، هو أنتَ فاضي يالا؟"

رد عليها هو بسخريةٍ:
" يالا !! الله يرحم حضرتك يا أستاذ ياسين؟ فاكرة ياختي؟"

زفرت هي بقوةٍ ثم قالت بنبرةٍ مسموعة:
"استغفر الله العظيم، اللهم طولك يا روح، نام يا ابن الحلال و عدي ليلتك معايا، بدل ما أطلع جناني عليك يا ياسين، نام يا بابا"

زفر بقوةٍ ثم قال مُعاندًا لها:
"طب نامي أنتِ بقى و أنا مش هنام، أنا حر، بيتي و سريري و الراجل صاحب الشقة دي أبويا"

ابتسمت هي بسخريةٍ:
"آه طبعًا، طب خليك عارف بقى إن أبوك دا حط المفتاح في الباب من ورا علشان متعرفش تدخل هنا، و أنا علشان قلبي طيب قومت شيلته ليك، وريني بقى هتسد بكرة قصاده إزاي يا....بابا"
قالت كلمتها الأخيرة بسخريةٍ ثم ارتمت على الفراش من جديد، بينما هو حرك فمه يمينًا و يسارًا بحركةٍ شعبية ثم ارتمى على الفراش هو الآخر وهو يفكر في حلًا لتلك المشكلة.
_________________________

وصل «وليد» بيته و ما أثار تعجبه هي الإضاءة المُضاءة فوق سطح البيت، تعجب هو في بداية الأمر ظنًا منه أنها «عبلة» تنتظر قدومه، لذلك توجه نحو سطح البيت، لكنه تفاجأ حينما رآى «مشيرة»، قطب جبينه بتعجبٍ، ثم اقترب منها وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"غريبة يعني؟ بتعملي إيه هنا يا مشيرة؟"

ردت عليه هي بنبرةٍ هادئة:
"زهقت من القعدة في الشقة و كنت عاوزة أشم شوية هوا، لو متضايق ممكن أنزل عادي، أنا عارفة إنك بتحب السطح أوي"

رد عليها وهو يجلس مقابلًا لها يرفض حديثها:
"لأ طبعًا خليكي، دا سطحك برضه، قوليلي أنتِ إيه أخبارك دلوقتي؟"

حركت رأسها موافقةٍ ثم أضافت بنبرةٍ خافتة:
"الحمد لله أحسن كتير، الجرح متخيط صح و جميلة مش سايباني هي و عبلة علشان كدا أنا حاسة أني مرتاحة"

أومأ لها موافقًا ثم حرك رأسه ينظر للسماء وهي أيضًا، فـ زفر كليهما بقوة في نفس الوقت، بينما هي حركت رأسها تسأله بنبرةٍ مترددة:
"وليد !! هو بجد أنتَ سامحتني؟ يعني خلاص صفيت ليا؟"

حرك رأسه يطالعها وهو يقول بثباتٍ:
"سامحتك آه، صفيت ليكي لأ، اللي شوفته منك مكانش شوية علشان يروح في يوم و ليلة"

ابتلعت هي غصة مريرة في حلقها وهي تقول بنبرةٍ شبه باكية:
"طب أعمل إيه تاني علشان تسامحني، أعمل إيه علشان تصفالي أنتَ و خديجة؟"

حرك كتفيه ببساطة وهو يقول:
"أنا عن نفسي عارف، بس الكلام سهل و الفعل أصعب، مشيرة أنا بسببك شوفت كتير، و دخلت في أدوار مش بتاعتي، بسببك فيه واحدة ضاع من عمرها ١٦ سنة في الهوا، تقدري تقوليلي نرجع العمر دا إزاي؟"

ردت عليه هي بنبرةٍ متألمة:
"و أنا عرفت غلطي، و حاولت أكفر عنه، و قولتلك أني كنت رد فعل للي حصل فيا، أعمل إيه تاني يا وليد؟ أعمل إيه علشان أبطل أشوف نظرتكم دي ليا"

مال عليها وهو يقول بنبرةٍ متريثة:
"المساواة في الظلم؛ عدل....زي ما بسببك بقينا مرضى نفسيين، أنتِ كمان لازم تتعالجي نفسيًا، لازم تجربي اللي غيرك جربه، لو عاوزة تثبتي صدق كلامك، يبقى تتعالجي نفسيًا من كلاكيع مشيرة القديمة"

طالعته هي بحدقتين متسعتين فوجدته يضيف:
"زي ما سمعتي كدا، لازم تتعالجي يا مشيرة، لازم تخلصي من دور الضحية اللي عندك دا، على الأقل علشان نفسك"

يُتَبَع
#الفصل_السادس_و_العشرون_الجزء_الثاني
#رواية_تَعَافَيْتُ_بِكَ

Continue Reading

You'll Also Like

350K 6.6K 76
•روايتي هي بطولة جماعيه لأكثر من شخصية ولكن الأهم "القمر وسمائها" • بطلتنا التي مُنذ أن كانت طفلة طلبت من أبن عمّها أن يكون هو سمائها وتكون هي قمره...
938K 59.5K 103
" فرحات عبد الرحمن" شاب يعمل وكيل نيابة ويعاني من مرض اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع مع ارتباط وثيق باضطراب النرجسية مما يجعله ينقاد نحو كل شيء معاك...
486K 8.9K 84
نظل ما بين تلك الحرب القويه ما بين مشاعرنا... لم يتوقعا ان يقعا في عشق بعضهما البعض... بعد قسوة وزواج مجبران عليه تحولا الى عاشقين لا يستطيعا ان يتفر...
85.4K 5.2K 18
احبك مو محبه ناس للناس ❤ ولا عشگي مثل باقي اليعشگون✋ احبك من ضمير وگلب واحساس👈💞 واليوم الما اشوفك تعمه العيون👀 وحق من كفل زينب ذاك عباس ✌ اخذ روحي...