تَعَافَيْتُ بِكَ

By ShamsMohamed969

14.9M 636K 219K

ظننتُ أن قلبي هذا لم يخلق له الحب، و ظننتُ أنني لم أملكُ يومًا قلب؛ إلا أن وقعت عيناي على عيناكِ ففرح قلبي بر... More

الاقتباس الاول
البارت الأول (عريس صالونات)
الفصل الثاني (كونه حنونًا)
الفصل الثالث (الليل و سماه)
الفصل الرابع(إعتذار)
الفصل الخامس (رؤية شرعية)
الفصل السادس (عقد قران)
الفصل السابع(اللقاء الأول)
الفصل الثامن(طبيبة نفسية)
الفصل التاسع(رُهاب إجتماعي)
الفصل العاشر (هل مستعد؟)
الفصل الحادي عشر (لا يريد الخِطبة)
الفصل الثاني عشر (هل وافقت؟)
الفصل الثالث عشر (فلنقرأ الفاتحة)
الفصل الرابع عشر (عيد ميلاد)
الفصل الخامس عشر (موعد اللقا)
تنويه🕊️
الفصل السادس عشر (هدير السبب)
الفصل السابع عشر (كُتبَ الكِتاب)
الفصل الثامن عشر ( مُقابلة)
الفصل التاسع عشر (من أين تعلم؟)
الفصل العشرون (لا تأتي)
الفصل الحادي والعشرين (لأنها فراشة)
الفصل الثاني والعشرون (شكرًا)
الفصل الثالث والعشرين (غرقتُ بعيناكِ)
الفصل الرابع والعشرين (طريقة علاج)
الفصل الخامس والعشرون (لأجلكِ)
الفصل السادس والعشرون (أول مرة)
الفصل السابع والعشرون (لن أتركك)
الفصل الثامن والعشرون (براءة قلبها)
الفصل التاسع والعشرون (ماضٍ لا يُنسى)
الفصل الثلاثون(عروس لعبة)
الفصل الواحد والثلاثون (قاعة زفاف)
الفصل الثاني والثلاثون (الحب القديم)
الفصل الثالث والثلاثون (من عاشر القوم)
الفصل الرابع والثلاثون (لن أستطع)
الفصل الخامس والثلاثون (قمرٌ ضائع)
الفصل السادس والثلاثون (في حمايتك)
الفصل السابع والثلاثون (بداية جديدة)
الفصل الثامن والثلاثون (ما إسمه)
الفصل التاسع والثلاثون (لا يقارن بأحدٍ)
الفصل الأربعون (يزيد حنقه)
الفصل الواحد وأربعون (أنا سأعرفك)
الفصل الثاني و الأربعون(أبو جميلة)
الفصل الثالث و الأربعون( مشيرة الرشيد)
الفصل الرابع و الأربعون (لن أريحكِ)
الفصل الخامس والأربعون (عروس مثل القمر)
الفصل السادس و الأربعون (زغروطة؟)
الفصل السابع و الأربعون (فرح)
الفصل الثامن و الأربعون (صرخةمن الماضي)
الفصل التاسع و الأربعون (العقارب على سمومها تقترب)
الفصل الخمسون (بك تعافيت)
الفصل الأول الجزء التاني (لن أستطع)
الفصل الثاني_الجزء الثاني (مريض)
الفصل الثالث_الجزء الثاني ( البقاء لله)
الفصل الرابع_الجزء الثاني(
الفصل الخامس_الجزء الثاني(لم يراعي شعوره)
الفصل السادس_الجزء الثاني (كتاب دين)
الفصل السابع_الجزء لثاني (وعد بالطلاق)
الفصل الثامن_الجزء الثاني (هل تعرفها؟)
الفصل التاسع_الجزء الثاني (كوب قهوة)
الفصل العاشر_الجزء الثاني(منذ ١٣عام)
الفصل الحادي عشر_ الجزء التاني (وضعهما غريب)
الفصل الثاني عشر_الجزء الثاني (مريض نفسي)
إعتذار رسمي
الفصل الثالث عشر _الجزء الثاني(اختبار صغير)
الفصل الرابع عشر_الجزء الثاني (خطيب الآنسة)
الفصل الخامس عشر_الجزء الثاني (مفاجأة)
الفصل السادس عشر_الجزء الثاني (إلحق)
الفصل السابع عشر_الجزء الثاني (يلقى مصيره)
الفصل التاسع عشر_الجزء الثاني( أنا مستعد)
الفصل العشرون_الجزء الثاني (من طُعن بالسكين ؟)
الفصل الحادي و العشرون_الجزء الثاني(عودة وليد الرشيد)
الفصل الثاني والعشرون_الجزء الثاني( لحظة ترقب)
الفصل الثالث و عشرون_الجزء الثاني( حول الهزيمة لنصرًا)
الفصل الرابع و العشرون_الجزء الثاني( هل جدير بالثقة؟)
الفصل الخامس و العشرون_الجزء الثاني(منك لله!)
الفصل السادس و العشرون_الجزء الثاني ( تخضعين للعلاج)
الفصل السابع و العشرون_الجزء الثاني ( أثر الفراشةِ)
الفصل الثامن و العشرون_الجزء الثاني (وضعت نفسها بمأذق)
الفصل التاسع و العشرون_الجزء الثاني (صفعةً مدويةً)
الفصل الثلاثون_الجزء الثاني (بالأدب)
الفصل الواحد و الثلاثون_الجزء الثاني( بأي ذنبٍ قُتل؟)
الفصل الثاني و الثلاثون_الجزء الثاني (الصبر على الابتلاء)
الفصل الثالث و الثلاثون_الجزء الثاني (صرخة ألم)
الفصل الرابع و الثلاثون_الجزء الثاني (ما هو إسمه)
الفصل الخامس و الثلاثون_الجزء الثاني (من حفر حفرةً لأخيه)
الفصل السادس و الثلاثون_ الجزء الثاني ( هل سيترك حقه؟)
الفصل السابع و الثلاثون_الجزء الثاني (وُضِعَ بمأذقٍ)
الفصل الثامن و الثلاثون_الجزء الثاني (فهم ظنونه)
الفصل التاسع و الثلاثون_الجزء الثاني (تسببت بمصيبةً)
الفصل الأربعون_الجزء الثاني (موعد الحق)
الفصل الواحد و الأربعون_الجزء الثاني (كيف يتصرف؟)
الفصل الثاني و الأربعون_الجزء الثاني (نجم شارد)
الفصل الثالث و الأربعون_ الجزء الثاني ( كيف هنا؟)
الفصل الرابع و الأربعون_الجزء الثاني (فرحة البيت)
الفصل الخامس و الأربعون_الجزء الثاني(ما لم يُحمد عقباه)
الفصل السادس و الأربعون_الجزء الثاني (تتعرفون عليها؟!)
اقتباس من الفصل القادم (تحت التهديد)
الفصل السابع و الأربعون_الجزء الثاني (ماذا يفعل هنا ؟!)
الفصل الثامن و الأربعون_الجزء الثاني (الحبايب هنا)
الفصل التاسع و الأربعون_الجزء الثاني (شر الدنيا)
الفصل الخمسون_الجزء الثاني (سبب الفرحة)
الفصل الواحد و الخمسون_الجزء الثاني(باح بالسر)
الفصل الثاني و الخمسون_الجزء الثاني (ما هي المفاجأة ؟)
الفصل الثالث و الخمسون_الجزء الثاني (عودة الحق)
الفصل الرابع و الخمسون_الجزء الثاني (الموعد المضبوط)
الفصل الخامس و الخمسون_الجزء الثاني (بالغصب)
الفصل السادس و الخمسون_الجزء الثاني (قنبلة موقوتة)
الفصل السابع و الخمسون_الجزء الثاني (طريقة خاصة)
الفصل الثامن و الخمسون_الجزء الثاني (فض شراكة)
الفصل التاسع و الخمسون_الجزء الثاني (فراق الحبيب)
الفصل الستون_الجزء الثاني (تمزق الروح)
الفصل الواحد و الستون_الجزء الثاني (عصفورٌ في اليد)
اقتباس من الفصل الجديد
الفصل الثاني و الستون_الجزء الثاني (حرية الاختيار)
الفصل الثالث و الستون_الجزء الثاني (وجهةٌ مصوبة)
الفصل الرابع و الستون_الجزء الثاني (عقل مريض)
الفصل الخامس و الستون_الجزء الثاني (لا حول ولا قوة)
الفصل السادس و الستون_الجزء الثاني (الكرة في ملعبه)
الفصل السابع و الستون_الجزء الثاني (ليلٍ لا يدوم)
الفصل الثامن و الستون_الجزء الثاني (بالطبع مستحيل)
الفصل التاسع و الستون_الجزء الثاني (السقوط في بئر الضياع)
الفصل السبعون_الجزء الثاني (مغيب عن الواقع)
الفصل الواحد و السبعون_الجزء الثاني (حرق أعصاب)
الفصل الثاني و السبعون_الجزء الثاني (لم يكن خيرًا)
الفصل الثالث و السبعون_الجزء الثاني (حالة صدمة)
الفصل الرابع و السبعون_الجزء الثاني (لمن النصر؟)
الفصل الخامس و السبعون_الجزء الثاني (الموت قادم)
الفصل السادس و السبعون_الجزء الثاني (فخورًا بنفسه)
الفصل السابع و السبعون_الجزء الثاني (حق الاستغلال)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (عوض الله)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (ماذا تريد)
الفصل الثمانون_الجزء الثاني (أول سحور)
الفصل الواحد و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفي بوعده؟)
الفصل الثاني و الثمانون_الجزء الثاني (عودة الروح)
الفصل الثالث و الثمانون_الجزء الثاني (انسحبت الروح)
الفصل الرابع و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفيد بشيءٍ)
الفصل الخامس و الثمانون_الجزء الثاني (بكل راحة و يسر)
الفصل السادس و الثمانون_الجزء الثاني (رحمة الله عليه)
الفصل السابع و الثمانون_الجزء الثاني (ألم فقدانها!)
الفصل الثامن و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيشعر به؟)
الفصل التاسع و الثمانون_الجزء الثاني (واقع أم حُلم؟)
الفصل التسعون_الجزء الثاني (إخطار من الوزارة)
الفصل الواحد و تسعون_الجزء الثاني (نظرةٌ قارنها العتاب)
الفصل الثاني و التسعون_الجزء الثاني (طوق نجاة)
الفصل الثالث و التسعون_الجزء الثاني (وحي الخيال)
الفصل الرابع و التسعون_الجزء الثاني (محاولة فاشلة)
الفصل الخامس و التسعون_الجزء الثاني (الزمن يُعاد)
الفصل السادس و تسعون_الجزء الثاني (غياهب الظلام)
الفصل السابع و التسعون_الجزء الثاني (ليلة الحنة)
الفصل الثامن و التسعون_الجزء الثاني (نهاية القصة)
تنويه هام🦋❤️
تجميعة الحلقات الخاصة

الفصل الثامن عشر_الجزء الثاني ( ضربة سكين بمقتل)

84.3K 3.8K 2.6K
By ShamsMohamed969

"الفصل الثامن عشر"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
_____________________

تأتي لحظاتٍ على المرء كل ما يوده فقط الشعور بالأمان، و أنتِ روية عيناكِ كالغيث على صحراءٍ جارفة.
____________________

أنا الآن المخطيء الوحيد في حق نفسه، أنا من أختارتُ نهايةٍ لا تليقُ بي، اندفعت و تماديت و كانت النتيجة أنني عانيت...لو تُرك لي منذ البداية الخيار، لـ كنتُ بنفسي أكتفيت...الآن أقف مدهوشًا مما حل على رأسي، و لساني فقط يُردد يا ليتني ما أتيت....بعدما ظننتُ أنني تعافيت.

وقف «وليد» مَشدوهًا مما سمع و قبل أن يدرك ما يصير حوله حدث ما هو غير متوقع، حيث صوت تصادمٍ قوي أتىٰ من الخارج، جعل الدهشة تأخذ محلها على وجوه الجميع فاقترب أثنين من «وليد» يمسكاه من ذراعيه حينما تحدث «ابراهيم» آمرًا أحدهم:
"بص شوف في إيه برة يا هاني"

أومأ له ثم أشرأب برأسه للخارج و حينها زفر بقوة ثم جاوبه بنبرةٍ عادية:
"دا محروس قفل البوابة يا حج إبراهيم، أنا قولتله لما ندخل إحنا يقفلها هو و يروح"

نظر «وليد» له بغلٍ واضح وهو يقترب منه أكثر يقول بخبثٍ:
"شوفت أنا طيب إزاي ؟ خليتهم قفلوا البوابة الكبيرة و سيبتلك الصغيرة علشان البرد، أصل أنا بعزك بصراحة"

بصق «وليد» في وجهه بقوة حتى يُشفي غليله منه بذلك، فمسح هو وجهه ثم قال بتريثٍ:
"مش قولتلك عاوز تتربى يا ابن الرشيد؟ و حظي الحلو إنك هنا لوحدك"

_"و هو إبن الرشيد هيجي لوحده من غير ما ابن الشيخ يأمن ضهره؟ تفتكر ياسين هيسيب أخوه برضه؟"

تفوه «ياسين» بذلك بفخرٍ بعدما عبر من البوابة الحديدية الصغيرة المؤدية لردهة البيت حتى وقف خلف رجال «ابراهيم» الذي وقف مَصعوقًا حينما سمع صوت «ياسين» أما «وليد» فابتسم باتساع و هو يحرك رأسه بيأسٍ، بينما «ياسين» دلف من وسط الرجال الذين أشار لهم «ابراهيم» بتركه حتى يصل أمامه، اقترب منه «ياسين» يقول بثقة:
"غبي أنتِ يا هيما و فاكر الناس كلها غبية زيك، عامل زي المعدة الجعانة؛ صوت على الفاضي"

ابتسم له «ابراهيم» وهو يقول بسخريةٍ:
"لأ حلوة منك، بس الغبي هو أنتَ علشان أنا كدا كدا كنت هجيبك، أصلك زي وليد صنف ملطوط شهامة بغباوة، كدا هخلص منكم أنتو الاتنين طالعة واحدة"

رد عليه «ياسين» متشدقًا بنذقٍ:
"لأ يا راجل؟ طب وهو أنا جيت جنبك علشان تخلص مني؟"

_"دخولك بيت ابراهيم راشد بالطريقة دي غلط، البيت تدخله بأدبك و احترامك"
رد عليه «ابراهيم» بذلك بلهجةٍ صارمة مما أدى إلى اتساع بسمته ثم نظر حوله بطريقةٍ درامية و كأنه يتفحص المكان و هو يقول ساخرًا:
"غريبة يعني يا هيما، عامل حوار في دخول البيت، إلا ما شوفت حتى سجادة صلاة و لا مأذنة ولا سبحة في إيدك، ماهو أنا مش داخل جامع دا أنا داخل مكان ***"

ابتسم له «ابراهيم» بتهكمٍ وهو يرد عليه:
"كُتر قاعدتك مع وليد خليتك قليل الأدب زيه، أنا كنت فاكرك خام"

_"لأ و أنتَ الصادق خمام، ميغركش الأدب اللي عندي، علشان بصراحة مش مستنضف أني أحترمك"
تفوه «ياسين» بذلك ردًا على حديثه الساخر، مما جعل «ابراهيم» يومأ لرجاله حتى يمسكوا «ياسين» فامتثلا لأوامره وهو يضيف:
"وماله، بس أنا بقى ما صدقت تكونوا قصادي أنتو الاتنين علشان أخلص منكم طالعة واحدة، و كدا تبقى بنت طه اتكسرت صح، لما حبيب القلب و أخوها يروحوا منها، عيلة الرشيد هتخسر كتير، شوفوا نفسكم كدا؟ اتنين قصاد خمسة، يعني ابن الشيخ و ابن الرشيد في إيدي أنا"

نظر «وليد» إلى «ياسين» بيأسٍ و قبل أن يبدأ الشجار أو يتحرك «ابراهيم» من موضعه، فُتح الباب الصغير الذي يقع أسفل درجات السلم، ثم خرج منه «خالد» هاجمًا على «ابراهيم» من الخلف واضعًا سكين صغير الحجم على عنقه وهو يقول بنبرةٍ جامدة:
"وهو خالد هيسيب أخواته برضه من غير ما يجي يعرفك مقامك يا هيما؟ يلا يا حلو أنتَ وهو سيبوهم بدل ما رقبة العمدة تطير في إيدي"

اتسعت حدقتي «وليد» بينما «ياسين» ابتسم بثقة خاصةً حينما تحدث «ابراهيم» صارخًا لرجاله:
"محدش يسيبهم، هما تلاتة و احنا أكتر منهم، سمعتوا؟ محدش فيكم يسيبهم"

_"أنتَ غبي ليه يا عم ابراهيم؟ طالما ياسين هنا و خالد هنا يبقى أكيد عامر و ياسر هنا، بطلوا غباء بقى"
ذلك ما تفوه به «عامر» ردًا على حديث «ابراهيم» بعدما خرج من الباب الصغير و في يده عصا كبير الحجم و «ياسر» في يده خنجرًا يلمع نصله بشدة، فأضاف «عامر» بمرحٍ:
"كنا محترمين و بطلنا الشقاوة خلتونا نطلع السلاح و نرجع تاني زي ما كنا، يلا يا حلو أنتَ وهو سيبوا أخواتي بدل ما أخلي الدكتور ياسر يتدرب عليكم في التشريح"

نظر الرجال إلى بعضهم بحيرةْ و «ابراهيم» يصيح في وجوههم:
"خليكم زي ما أنتو وأنا هحاسبكم الضعف، اســمـعـوا الكــلام"

قفز «ياسر» في تلك اللحظة من الخلف حتى وصل أمام الرجال و في يده الخنجر وهو يقول بنبرة حادة:
"عاوز واحد فيكم يقرب من واحد فيهم كدا و أنا هخليه يجرب إحساس الفنانة لما قالت فيه حاجات تتحس و متتقالش، هطلع شغل الطب عليكم، ها تجربوا حظكم معايا؟"

وهو يتحدث أشار بأهدابه لـ «ياسين» الذي حرك رأسه موافقًا دون أن ينتبه عليه أحد، و كرر الكرة مع «وليد» الذي حرك أهدابه موافقًا، و في لمح البصر أصبح المكان رأسًا على عقب، حيث إندفع «ياسين» و «وليد» للخلف يعرقلان حركة الرجال حتى أنضم لهما «عامر» و «ياسر» و أصبحت المعادلة موزونة، حيث كان «ياسين» و «ياسر» أمام رجلين يقوما بضربهما و لكمهما، و «عامر» و «وليد» أمام رجلين يكرران الكرة في اللكمات و الضربات، و «خالد» كما هو يكبل حركة «ابراهيم»من خلال السكين الموضوع على عنقه و حينما لاحظ حركة يده حتى يُخرج شيئًا من جيبته، قام بإمساكه من يده وهو يقول بهمسٍ مُخيف:
"عاوزك تلم نفسك علشان لما يخلصوا على رجالتك نفضالك كلنا، دا أنتَ هتدلع، سمعت يا هيما ؟!"

ازدرد الأخر لُعابه بخوفٍ وهو يرى ذلك المشهد أمامه وسط الضربات و الصوت العالي و كأنه مشهدًا دراميًا على التلفاز، و بعد مرور دقائق، قام «ياسين» بربط الرجال ببعضهم بمساعدة البقية، بعدما جلب له «عامر» الحبل من الداخل، بعدها ترك «خالد» ذلك المكبل بين يديه و دفعه نحو الشباب الذين وقفوا في شكل دائرةٍ حوله، أما هو طالعهم بخوفٍ حقيقي، فوجد «وليد» يقترب منه يمسكه من تلابيبه وهو يصيح في وجهه:
"انطق يا إبراهيم، عيالك فين؟ أنا اللي حايشني عنك فرق السن غير كدا أنا هموتك في إيدي"

ابتسم له باستفزازٍ وهو يقول:
"الواد راشد ابني دا غبي و يستاهل، أنا اللي رميت قصاده الطُعم علشان يجيبك ليا هنا، ماهو ضيع مني كل حاجة، ضيع مني بنت طه بعد ما كنت هاخدها أخليها خدامة هنا علشان أكسر بيها ولاد فايز، لو كان صبر عليها كانت قبلته، بــ...."

قبل أن يُكمل حديثه وجد «ياسين» يهجم عليه حتى ألصقه بالحائط خلفه وهو يحدثه بلهجةٍ حادة:
"لو سيرتها جت على لسانك دا أنا هطلع روحك في إيدي، ســامـع، هقتلك و أخلص الدنيا من قرفك"

اقترب منه الشباب يبعدوه عن ذلك المستفز الذي أثار حنقهم، أما «ياسين» فتحدث بنبرةٍ آمرة:
"انطق العيال فين بدل ما أنطقك أنا، فين خلفتك يا عرة الرجالة؟"

رد عليه هو بحنقٍ وهو يدلك عنقه:
"ملكوش دعوة بعيالي .... أنا حر فيهم.....مصارين البطن بتتعارك، اطلعوا منها أنتو"

في تلك اللحظة هجم «ياسر» عليه يلصقه بالحائط وسط نظرات الدهشة من البقية ثم رفع الخنجر على رقبته وهو يقول بنبرةٍ منفعلة:
"اسمع كدا علشان مش هكرر كلامي، أنا فيه واحد مغلول منه و لو وقع تحت إيدي هموته، دلوقتي أنا شايفك هو زبالة زي بعض، يمين بالله لو ما قولت العيال فين لـ أشرح وش أمك دا و أخليك تعيط عمرك كله، أنــطــق"

تحدث «ابراهيم» بنبرةٍ مختنقة إثر السكين الموضوع على عنقه:
"عيالي....في المخزن القديم.... موجودين هناك"

_"زيـــزو"
صرخ «ياسين» بها لذلك الواقف في الخارج يقوم بتأمين المكان لهم، دلف «زيزو» وهو يقول:
"إيه يا ياسين، أؤمر"

سأله «خالد» بلهفةٍ:
"بقولك إيه يا زيزو تعرف مكان المخزن القديم اللي بيقول عليه؟"

أومأ له موافقًا بقوة وهو يقول:
"دا المخزن القديم اللي جنب المخزن بتاعنا كنت بروحه أنا و وليد "
تذكر «وليد» المكان فقام بسحب «ابراهيم» وهو يقول بلهجةٍ قوية:
"يلا ورايا علشان أخلي عيالك يشوفوا العِرة أبوهم، بقولكم إيه، أنا عارف المكان"

وقف «زيزو» مقابلًا له يسأله بلهفةٍ وخوف:
"أنتَ رايح فين؟ المخزن القديم دا هناك عند الفنار القديم يعني وجودكم هناك صعب، الرجالة هناك تبع بعض كلهم، كفاية بقى لحد كدا"

رد عليه «ياسين» بنبرةٍ مقررة:
"احنا جايين هنا علشان فيه واحد عاوزنا نلحقه، يبقى نروحله و نلحقه؟ و لا نمشي و نسيبه لواحد زبالة زي دا"

رد عليه «ابراهيم» منفعلًا وهو مكبلٌ بين يدي «وليد» و الشباب حوله:
"لم نفسك يالا و بطل تشتم، بدل ما أبعتك لحبيبة القلب متكيس"

نظر «ياسين» في أوجه الشباب ثم قال بهدوء مُخيف:
"طب و الله ما حد هيكيسك غيري"
قالها ثم هجم على «ابراهيم» ينهال عليه باللكمات و الضرب و الشباب يحاولون إبعاده عنه، حتى ابتعد أخيرًا حينما لاحظ وجهه ممتلئًا بالدماء، بعدها اعتدل في وقفته و هو يلهث بقوة قائلًا بلهجةٍ حادة:
"روح يا زيزو هات عربية وليد، احنا كلنا هنروح لراشد، و أنتَ خليك هنا أمن الدنيا"

أومأ له موافقًا ثم ركض من أمامهم، بينما خرجوا هم من البيت حتى ساروا نحو البوابة الكبيرة و وقفوا بجانب سيارة «ياسين» في الخارج حتى أتى «زيزو» بسيارة «وليد»، تحدث «خالد» حينها:
"احنا نقسم نفسنا، أنا و وليد و الزفت ابراهيم في عربية، و ياسين و ياسر و عامر في عربية، و زيزو هنا يراقب الدنيا"

أومأ له الجميع بموافقة ثم شرعوا في التنفيذ و تحركت السياراتين تِباعًا، أما «زيزو» فأخرج هاتفه يتحدث مع أحد أصدقائه قائلًا بلهفة:
"إيه يا نور، بقولك هات العيال و تعالى ورايا على المخازن القديمة، وليد ابن عمتي هناك و أنا مش ضامن الدنيا، هنمشي وراه نأمنه، بس من غير ما أبوك يعرف علشان ميقولش لأبويا"
________________________

في شقة «ياسين» و قبل أذان الفجر بدقائق بسيطة فتحت عينيها على مضضٍ كعادتها تستيقظ في ذلك الوقت حتىٰ تقوم بتأدية فرضها، نظرت بجانبها حتى تطالعه لكنها تفاجأت حينما وجدت «إيمان» بجانبها، اندهشت هي و ظنت في البداية أنها داخل حُلمًا، لكنها مدت ذراعها حتى تقوم بإيقاظ تلك النائمة بجانبها وهي تقول بنبرةٍ مندهشة:
"إيمان...إيمان...أصحي أنتِ بتعملي إيه هنا؟"

استيقظت «إيمان» بضجرٍ وهي تقول بضيقٍ منها:
"إيه يا خديجة، نايمة هكون بعمل إيه يعني؟"

_"يا شيخة؟ افتكرتك بتتمشي، ما أنا عارفة إنك نايمة، نايمة هنا إزاي و الفجر هيأذن أهوه، و فين ياسين، و ياسر فين أصلًا؟"
ردت عليها «خديجة» بذلك ساخرةً منها
زفرت «إيمان» بقوة وهي تجاوبها:
"اتخانقت مع ياسر و هو كان بيكلم ياسين، ساعتها ياسين قالي أنام عندك هنا و هو هينام عندنا"

على الرغم من أن حديثها مقنع إلا أنه لم ينطوي عليها لذلك سألتها بنبرةٍ لا تقبل النقاش:
"إيـمـان !! ياسين فين؟، و قوليلي حصل إيه علشان أصحى من النوم ألاقيكي نايمة جنبي كدا، ردي عليا"

تحولت نبرتها إلى الخوف وهي تسألها عن ما حدث، و أمام خوفها و قلق الأخرى التي لم تجد سبيلًا للرفض أو الكذب و اضطررت إلى مشاركتها القلق وهي تقول بنبرةٍ مهتزة:
"بصي أنا خايفة أنا كمان، و قلقانة زيك، بس هقولك علشان...علشان مش هعرف أكدب عليكي"

نظرت لها «خديجة» باستنكارٍ تود منها الافصاح أكثر عن ما تفوهت به، فأضافت «إيمان» تقول بنفس التردد:
"ياسين خد اخواته و راحوا يلحقوا وليد أخوكي"

اتسعت حدقتيها بقوة عند ذكر أخوها فتابعت «إيمان» حديثها:
"وليد راح عند راشد قريبكم و ياسين و الشباب راحوا علشان يلحقوه"

_"أنتِ بتقولي إيه !! ياسين و وليد و راشد إزاي، ردي عــليـا"
صرخت في وجهها بتلك الكلمات بنبرةٍ باكية و رغمًا عنها فرت دموعها، فاقتربت منها «إيمان» تقول بنبرةٍ متوسلة:
"إهدي بس هما مع بعض و إن شاء الله خير، متخافيش عليهم طول ما هما سوا"

ردت عليها بنفس البكاء:
"أنتِ بتقولي إيه ؟ دا أخويا و جوزي رايحين يرموا نفسهم في وش راشد و ابراهيم....بعد اللي حصل في بيتنا أكيد مش هيسكتوا و مش هتعدي على خير"

احتضنتها «إيمان» ببكاء هي الأخرى وهي تقول:
"طب ما هو أنا زيك، أخويا و جوزي برضه هناك، ومش خالد بس اللي أخويا، كلهم اخواتي، اهدي و تعالي نصلي الفجر و ندعيلهم"

ردت عليها «خديجة» ببكاء:
"طب ينفع أكلمه أتطمن عليهم، علشان خاطري و الله عاوزة أتطمن عليهم"

حركت رأسها نفيًا وهي تمسح دموعها ثم ردت عليها:
"مينفعش، هما أكدوا عليا محدش يتصل بيهم علشان ميتوتروش، قومي بس علشان نصلي"

بكت هي من جديد و هي تشعر بالخوف يتسرب إليها، كيف لا و الآن أكثر من أحبتهم في حياتها أمام مصيرًا مجهولًا في انتظارهما.
_______________________

في شقة «حسن» استقيظ كليهما حتى يقوما بتأدية صلاة الفجر، و بعد الانتهاء من الصلاة، دخل كليهما الغرفة فخلعت هي إسدالها ثم تمددت على الفراش الكبير و هو مُقابلًا لها على الفراش الصغير، و قبل أن تتدثر بالغطاء، سألها هو بخبثٍ:
"عرفتي تنامي على السرير لوحدك يا هدير؟"

رفعت جسدها حتى تطالعه فوجدته يضيف باحراجٍ:
"أقصد يعني طول الفترة اللي فاتت كنت بنام جنبك علشان الكوابيس، عرفتي تنامي النهاردة من غير كوابيس؟"

ادركت مقصده من الحديث لكنها آثرت التجاهل وهي تجاوبه:
"آه الحمد لله عرفت أنام، غالبًا الكوابيس دي علشان مكنتش عارفة أتكلم، لو أنتَ عاوز تنام هنا على السرير الكبير تعالى و أنام قصادك أنا على السرير الصغير"

حرك رأسه نفيًا ثم رد عليها بهدوء:
"لأ أنا مرتاح هنا، المهم أنتِ تنامي مرتاحة، تصبحي على خير يا هدير"

أومأت له موافقة، فاعتدل هو في موضعه حتى تمدد بكامل جسده، و هي على الفراش تنظر له حتى أولاها ظهره، فأغمضت هي جفنيها بهدوء و سرعان ما فتحتهما بخوفٍ حينما سمعت صوت هِرة صغيرة تموء بالغرفة، اتسعت حدقتيها بقوة وهي تحرك رأسها تتفحص المكان حولها إن كانت موجودة أم لا، و فجأة هبت منتفضة على الفراش، فوجدته نائمًا لا يدري بما حوله، أبان ذلك توقف صوت الهِرة حتى ظنت هي أن ذلك الصوت من مُخيلتها، و قبل أن تنزلق بجسدها على الفراش سمعت صوت الهرة من جديد، حتى تركت الفراش و توجهت نحوه تهزه برفقٍ وهي تقول هامسةٍ:
"حسن....فوق يا حسن، أنتَ لحقت تنام؟ قوم يا حسن"

التفت هو يطالعها بأعين ناعسة وهو يسألها:
"إيه يا هدير، عاوزة إيه، مش كنتي نمتي"

ردت عليه هي بخوفٍ:
"فيه صوت قطة في الأوضة و أنا مرعوبة، علشان خاطري قوم شوفها كدا، أنا حاسة إنها هنا"

رفع جسده هو يتفحص الغرفة بعدستيه ثم حرك كتفيه ببساطة وهو يقول:
"مفيش حاجة يا هدير في الأوضة، تلاقيكي بس اتهيألك علشان جبنا سيرتهم"

حركت رأسها نفيًا وقبل أن ترد على حديثه سمعت الصوت من جديد، فاقتربت منه تقول بقلقٍ:
"سمعت صوتها ؟! أهو والله"

رد عليها هو ببساطة:
"آه، تلاقيها روح مشمشة، أصل أمي الله يرحمها كانت علطول تقولي إن القطط بعد موتها روحها بتروح لأكتر مكان كانت بتحبه، وهي كانت بتحب هنا أوي"
ردت عليه بحنقٍ ممتزج بخوفها:
"أنتَ ليه محسسني أنها بنت أختك و بايتة معانا، بقولك صوت قطة، تقولي دي روحها !!"

رد عليها هو بقلة حيلة:
"طب أعمل إيه طيب؟ أنا بنام زي القتيل هنا و عمري ما ركزت في حوار الأصوات دا"

ردت عليه هي بخوفٍ:
"طب أنا خايفة أنام أعمل إيه، و لو فضلت أفكر فيها هيجيلي كوابيس"

_"ياريت"
رد هو بذلك دون أن ينتبه، فوجدها تطالعه بحنقٍ حتى انتبه هو وقام بتعديل الموقف من خلال قوله:
"أقصد يعني لو جاتلك في الكوابيس هتشوفي كانت حلوة ازاي، كان عليها عيون دباحة"

نظرت له بتشككٍ فوجدته يحمحم بقوة ثم قال بلامبالاة:
"طب دلوقتي أنتِ عاوزة إيه؟ أنا مش فاهم بصراحة يا هدير"

ردت عليه هي تجاوبه بسرعةٍ:
"عاوزاك تنام جنبي علشان أنا خايفة، لحد ما الصوت يبطل يجي في ودني"

رد عليها هو ببراءةٍ:
"طب و كدا أنا مش هضايقك؟ أهم حاجة عندي تكوني مرتاحة"

_"بالعكس، أنا لو فضلت خايفة منها كدا مش هعرف أنام يا حسن"
رد عليه هي بذلك بلهجةٍ متسرعة جعلته يبتسم برضا لكنه وأد تلك البسمة وهو يقول:
"ماشي يا هدير، هاجي أنام جنبك، أهم حاجة إنك متخافيش"

أومأت له موافقة فوجدته يتبعها نحو الفراش وهو يبتسم بخبثٍ، تمددت هي على الفراش وهو خلفها، حتى اقترب منها رويدًا رويدًا و أخذها بين ذراعيه، حتى سألته هي بحنقٍ:
"بقولك إيه أنا خايفة من القطة بصحيح، بس مش للدرجة دي"

رد عليها هو بسخرية:
"الله !! دلوقتي بقينا بنرد ما كان الأسبوع اللي فات زي الفل و بتنامي في حضني و أنتِ ساكتة"

شهقت هي بقوة، فوجدته يطالعها بتسليةٍ واضحة في مقلتيه، لذلك سألته بنبرةٍ مُقررة:
"صوت القطة دا أنتَ اللي عملته صح؟ أكيد دا صوت على الموبايل"

رد عليها هو متهكمًا بمرحٍ:
"طب ما أنتِ نبيهة أهو، اومال مش باين عليكي ليه؟"

طالعته بغيظٍ من طريقته الباردة فوجدته يضيف مردفًا:
"بصي أنا خدت إنك تنامي في حضني خلاص، و أنتِ برضه على فكرة بتخافي كتير و أنتِ نايمة و بتمسكي فيا، يعني مفيهاش حاجة، أنا مش غريب يعني"

حركت رأسها موافقةٍ بإيماءةٍ بسيطة فوجدته يشدد عناقه لها ثم قال بهدوء:
"شاطرة يا هدير، نامي بقى علشان بكرة هنروح عند عيلتك، و هنصدع"

سألته هي بنبرةٍ متحمسة:
"أنا أصلًا مش هعرف أنام من الفرحة علشان هشوفهم بكرة، و في نفس الوقت خايفة أوي علشان دي أول مرة أدخل البيت بعد ماما الله يرحمها"

انتهت نبرتها بحزنٍ دفين جعله يقبل قمة رأسها ثم قال بهدوء:
"أنا معاكي متخافيش، هو إحساس صعب بصراحة علشان أنا جربته، بس صعوبته بتقل لو فيه حد معاكي، و أنا معاكي يا هدير"

أومأت له موافقة ثم أضافت:
"ربنا يفرح قلبك إن شاء الله، والله بقيت بدعيلك و أنا بصلي ربنا يعوضك بالخير"

ابتسم هو بهدوء ثم حرك رأسه موافقًا بينما بينه و بين ذاته كان هناك سؤالًا يدور برأسه، كيف للفرحة أن تدعو الله بنفسها له، هو حتى الآن يراها فرحته و جائزة صبره على أحزانه، هدير تلك المشاكسة التي منذ صغرها و هي دائمًا تشاكس في من حولها حتى هو كان له نصيبًا عدة مرات يصطدم معها منذ أن كانا في طفولتهما، شرد هو فيها حتى وقع بصره عليها فوجدها غافيةً بين ذراعيه بأمانٍ تام، ابتسم هو برضا ثم اغلق أهدابه تزامنًا مع ضمها إليه حتى ينعم بدفء قربها منه.
______________________

توقفت السيارتين قبل المكان المخصص للمخازن بطلبٍ من «وليد» بعدها نزلوا من السيارات عدا «ابراهيم» الذي ظل كما هو في السيارة مُكبلًا بأحد الحِبال في سيارة «وليد»، وقفوا بالقرب من جانب بعضهما فأول من تحدث مستفسرًا كان «ياسين» حينما قال:
"احنا ليه وقفنا هنا يا وليد؟ ما ندخل جوة علشان نقرب أكتر"

رد عليه هو بنبرةٍ خافتة:
"أنا كنت مع خالي هنا في الشغل، الرجالة اللي على المخازن كلهم عارفين بعض علشان نص البضايع اللي هنا متهربة من الجمارك، لو هجمنا كلنا كدا هيقلقوا"

أومأ له الجميع بموافقة، فسأل هو بهدوء:
"أنا عاوز أفهم بقى أنتو جيتوا إزاي، أنا قولت خلاص روحي هتطلع النهاردة"

نظروا لبعضهم البعض بثقةٍ واضحة، بينما «ياسين» أومأ له موافقًا وهو يقول:
"هقولك أنا جينا إزاي"

(قبل ذلك بعدة ساعات)

كان «وليد» واقفًا في شرفة منزل خاله بعدما تحدث مع ذويه و حينما أمعن نظره أمامه وجد أحد رجال «ابراهيم» يتتبع البيت حتى يتأكد من وجوده بالداخل خصيصًا أن سيارته تقف أمام البيت، راقب «وليد» حركته فعلم أن «ابراهيم» في انتظاره، و بالأحرىٰ يتجهز لاستقباله، جلس يفكر في الأمر مليًا و مع كثرة تفكيره تشوش عقله، تحديدًا مع وجوده في منزل خاله، فمن الممكن أن يرسل رجاله حتى يأتوا به إليه، رفع نفسه من جديد يطالع الرجل فوجده كما هو بل أخرج هاتفه يتواصل مع شخصٍ ما، زفر «وليد» بقوة ثم أخرج هاتفه يهاتف الوحيد الذي يستأمنه على نفسه، و على الجهةِ الأُخرى كان «ياسين» بجانبها على الفراش يفكر في الأمر و هي غافية في ثُباتٍ عميق، حينما ورده مكالمةٍ من «وليد» هب منتفضًا حتى خرج من الغرفة يجاوبه بهمسٍ:

"إيه يا وليد طمني عليك، إيه الدنيا؟"
تنهد «وليد» بعمقٍ ثم جاوبه متشدقًا بنبرةٍ قلقة:
"أنا بيتعمل عليا لعبة من ابراهيم، ابراهيم مستنيني أنا، و أنا هريحه و أروحله علشان أنا مبهربش"

رد عليه «ياسين» منفعلًا بنبرةٍ خرجت منه عالية:
"يعني إيه؟ تروح ترمي نفسك في النار و تقول أصلي مبهربش، أرجع يا وليد، كلهم هنا معتمدين عليك"

رد عليه «وليد» بقلة حيلة:
"وجودي حاليًا أذى يا ياسين، لو فضلت في بيت خالي ابراهيم هيدخل البيت ياخدني من وسطهم و أنا مقبلش بكدا، و لو رجعت بيتنا ممكن يعمل مصيبة ليهم و برضه الأذى هيطولهم بسببي، أنا هروحله علشان أشوف ناهيتها"

بنفس الانفعال سأله بضجرٍ:
"و حضرتك بتكلمني ليه؟ هو أنا ناقص هم، أنا النوم مفارقني من التفكير فيك"

تنهد «وليد» بقوة ثم جاوبه بنبرةٍ مهتزة و كأنه أيقن نهايته:
"خديجة أمانة في رقبتك، لو حصلي حاجة قولها أخوكي مات راجل علشان يدافع عن واحد مظلوم، و أمي يا ياسين و زينب ملهمش غيري عاوزك تكون مكاني في بيت الرشيد، و عاوزك تعرف أني بحبك و واثق فيك إنك مش هتخذلني"

_"ارجع يا وليد و بطل عبط، ملعون راشد على أبوه في ساعة واحدة، أرجع علشان اللي بيحبوك و ملهمش غيرك هنا"
صرخ «ياسين» بذلك في الهاتف، فبكى «وليد» رغمًا عنه و هو يرد عليه بنبرةٍ مهتزة:
"علشان خاطري سامحني و خليهم يسامحوني، و قول لعبلة وليد عاوزك تسامحيه، و قولها إن حلو العُمر كان في وجودها و المُر في غيابها، خلي بالك من خديجة و حطها في عينك زي ما هي علطول"

قبل أن يرد عليه «ياسين» أغلق «وليد» في وجهه و هو يبكي بقوة و لأول مرة في حياته يقف مُشتتًا هكذا، أما «ياسين» فوقف مَصعوقًا لا يدري ماذا يفعل و في تلك اللحظة أتى حديثها على مسامعه عنه:
"وليد ميوصفهوش كلام يا ياسين، الروح موجودة في جسم واحد، بس أنا و هو روح واحدة دخلت جسمين؛ لو واحدة فيهم طلعت التانية هتحصلها علطول"

عند ذلك تحديدًا ركض إليها، ثم اقترب منها يطبع قبلةٍ هادئة فوق رأسها ثم حدثها بخوفٍ:
"حقك عليا والله، بس أنا مش هقدر اسيبه يضحي بنفسه، وليد لو حصله حاجة مش هقدر ابص في عينك تاني، هعيش بذنبه العمر كله، مقدرش أعرف إنه أغلى حاجة عندك و أقف اتفرج وهو بيضيع عمره علشان يحميكم، حقك عليا"

قال ذلك وهي غافية أمامه لا تدري ما يحدث، بل تشبه الأطفال الصغار و كأن صفاء قلبها الصغير طغىٰ على ملامحها الهادئة، ربت بيده على رأسها ثم أخرج ثيابه من خزانته حتى يستطع الذهاب له، وبعدما بدل ثيابه خرج من الغرفة ثم قام بعمل مكالمة جماعية مع أخوته، و حينما وصله الرد من الجميع، تحدث متشدقًا بهدوء:
"يلا أنتَ وهو، عندنا طالعة"

وبعد مرور دقائق اجتمعوا سويًا أسفل بنايته، فتحدث هو مُردفًا:
"وليد بيتغابى و رايح يسلم نفسه ليهم، أنا هروح ألحقه و عارف إن الموضوع يخصني، لو واحد فيكم مش هيقدر، يفضل هنا، بس أنا عاوزكم معايا"

رد عليه «خالد» بضجرٍ:
"متخلنيش أقل منك على المسا، هو إيه موضوع يخصك؟ من إمتى و فيه حد فينا موضوع يخصه لوحده ؟"

رد عليه «ياسين» باحراج:
"يا خالد افهم أنا خوفي عليكم زي خوفي على وليد، انتم مش مُجبرين تكونوا معايا"

_"دا عند أمك يالا، أخلص يا عم ياسين، خلينا نحلق ليدو"
تفوه «عامر» بذلك حانقًا عليه و على حديثه، فتحدث «ياسر» مُسرعًا:
"طب يالا بما إنها طالعة شقاوة عاوزين نعدي على شقة ميمي ناخد حاجتنا من هناك"

أومأ له الجميع بموافقة، وقبل أن يتحركوا خطوةً واحدة، صدح صوت هاتف «ياسر» برقم زوجته، زفر هو بقوة و هو يرد على الهاتف، فوجدها تصيح بخوفٍ:
"يا ياسر أنا خايفة والله، مش هعرف أنام في الشقة من غيرك، خدني معاك و مش هعمل دوشة والله"

رد عليها هو منفعلًا:
"أخدك معايا فين هو أنا رايح رحلة يا إيمان؟ بقولك مسافرين خناقة، الساعة دلوقتي ١١ يعني نامي و بكرة الصبح هرجعلك"

ردت عليه هي بنفس القلق:
"هو أنتَ غبي ياض؟ بقولك خايفة، تقوم مزود خوفي عليك؟ ألطم منك يا ياسر"

زفر هو بقوة فوجد «خالد» يقوم بخطف الهاتف من يده وهو يحدثها بضجرٍ:
"فيه إيه يا زفتة؟ مشيلة الواد همك ليه، هو إحنا رايحين كوكي بارك؟ احنا رايحين نخلص حق"

ردت عليه هي بنبرةٍ شبه باكية:
"يا خالد بخاف و أنتَ عارف، هو أنا لازم أقولكم أني بخاف لوحدي من ساعة موت أبوك؟"

قبل أن يرد عليها أخذ «ياسين» الهاتف من يده يحدثها بهدوء:
"لو أنتِ خايفة تعالي نامي مع خديجة في شقتنا و كدا تبقي عملتي فيا معروف، على الأقل لو صحيت تلاقيكي جنبها ممكن؟"

خرجت كلمته الأخيرة بتوسلٍ أكثر من كونها مُطالبة، فزفرت هي بقوة ثم وافقت على حديثه، و بعد مرور دقائق نزلت هي لهم بعدما ارتدت اسدالها، فتحدث «ياسين» بامتنان:
"شكرًا إنك وافقتي، وجودك معاها هيريحني شوية، و معلش علشان تعبك دا"

ردت عليه هي بضيقٍ:
"فيه إيه يا ياسين هو أنا غريبة؟روحوا و ارجعوا انتو بالسلامة، عاوزاكم تيجوا رافعين راسنا كدا"

ابتسموا جميعهم، بينما زوجها حرك رأسه بيأسٍ منها، و قبل ركوبهم السيارة، تحدثت هي بنبرةٍ ظهرت بها العاطفة:
"يــاسـر"

ابتسم هو باتساع ثم التفت لها فوجدها تقول بنبرةٍ قَلقة:
"خلي بالك من نفسك و من خالد، ارجعولي بالسلامة"

أومأ لها موافقًا و قبل أن يلتفت من جديد وجدها تذكر أسمه، فتحولت نظرته إلى الاستفسار، فوجدها تضيف:
"هات أكل معاك بقى علشان هكسل أعمل أكل بصراحة"

طالعها هو بشررٍ فوجدها تبتسم له باتساعٍ ثم لوحت له بكفها تودعه، فـ ركب هو السيارة حتى لا يركض إليها و يأخذها بين ذراعيه، أما «عامر» فنظر له بحقدٍ وهو يقول:
"يا ابن المحظوظة، أنا سبتها و سبت طبق البطاطس المحمرة و نزلت، يارتني كنت جبتها"

التفت له «خالد» يسأله بحيرةٍ:
"هي إيه دي اللي كنت جبتها سارة؟"

_"لأ، البطاطس"
جاوبه «عامر» بذلك ببساطة، جعلتهم يبتسموا عليه ثم تحركوا بالسيارة نحو منزل «ميمي» و بعدما أخذوا ما أرادوا و رافقهم دعائها لهم، نزلوا من بيتها متوجهين نحو وجهتم الغير محددة، و في السيارة سأل «عامر» مستفسرًا:
"ياسين هو إحنا هنروح ازاي السويس و احنا منعرفش مكان وليد، يعني هنروح ندور هناك؟"

رد عليه «ياسين» بثقة:
"أنا دورت على طريقة أعرف بيها مكان وليد، لحد ما فضلت أدور في الانستجرام بتاع زيزو و لقيته متصور مع عيلته و عامل شير لوكيشن فوق الصورة، و أنا دلوقتي ماشي على الطريق دا"

رد عليه «ياسر» بفخرٍ منه:
"دماغ ياض، صحيح هندسة مش أي حاجة برضه"

سأله «خالد» بقلقٍ:
"طب احنا هنروح نعمل إيه دلوقتي؟ هنروح على وليد علطول ولا هنروح عند بيت خاله"

رد عليه مُردفًا:
"أنا جبت رقم زيزو دا من على الفيسبوك، و برن عليه بس شكله نايم، حد فيكم يحاول معاه تاني علشان نعرف نتعامل هناك بدل ما نبقى زي التايهين"

أملاهم الرقم و حينها كان يحاول «خالد» باستمرار و لكن دون جدوى، و بعض مرور ساعات وصلوا على مقربةٍ من بيت «اسماعيل» توقفت السيارة هناك، فتحدث «عامر» بحيرةٍ:
"طب إيه هنعمل إيه يا جدعان؟ جرب كدا يا خالد يمكن يرد عليك"

رد عليه «خالد» بضجرٍ:
"مفيش فايدة يا عامر برضه مش بيرد، و الساعة عدت ٣ نعمل إيه يعني"

نزل «ياسين» من السيارة ثم توجه نحو البيت راكضًا و البقية خلفه، طرق هو الباب بقوة حتى خرج له «زيزو» بأعين ناعسة، فحدثه هو مُسرعًا:
"وليد فين يا زيزو؟ أنا ياسين جوز أخته، بسرعة رد عليا"

رد عليه «زيزو» بنبرةٍ تائهة:
"وليد؟ وليد نايم جوة باين، ثانية كدا"

دخل هو المكان يتفقده و يتأكد من تواجده و حينما وجد الغرفة فارغةً منه، ركض نحوهم يقول بلهفةٍ و خوفٍ:
"وليد مش هنا، أكيد راح لابراهيم، أنا قولتله بكرة الصبح هنروح سوا"

رد عليه «ياسر» مسرعًا:
"تعالى بسرعة عرفنا مكانه، احنا مش هنقف كتير"

أومأ له موافقًا ثم لحقم للخارج نحو السيارة، و بعد مرور دقائق توقفت السيارة على مقربةٍ من بيت «ابراهيم»، فتحدث «زيزو» شارحًا لهم الوضع:
"البوابة الكبيرة دي محروس بيقفلها و يروح، و البيت من جوة فيه بوابة صغيرة تخليك في البيت علطول، بس رجالته بيقفوا برة البيت علشان البضاعة اللي في مخزن البيت"

سأله «ياسين» بلهفةٍ:
"دخولنا كلنا مرة واحدة هيبقى غباء مننا، مفيش باب تاني ندخل منه، علشان نعرف نسيطر احنا؟"

بعد تفكيرٍ دام ثوانٍ، تحدث بنبرةٍ متحمسة:
"فيه، فيه شباك صغير منه يدخلك منور البيت، نهاية المنور دا هتلاقي باب خشب في بير السلم، لو خرجت من الباب دا تبقى في البيت عادي، كنت باجي لرامي هنا و كنا بندخله"

التفت «ياسين» يطالعهم في الخلف وهو يقول مُقررًا:
"اسمعوني كويس، أحنا هننزل كلنا مع بعض نتعامل مع محروس دا، و بعدها أنا هدخل من الباب العادي و انتو من شباك المنور دا و منه تخرجوا على البيت، بس مش عاوز غشامة، تدخلوا أول ما الوقت يكون مناسب"

أومأ له الجميع بموافقة، ثم نزلوا من السيارة تباعًا، و قبل بدء «ابراهيم» في التعامل مع «وليد» صدح صوت إرتطام البوابة الخارجية بعدما قاموا بلكم «محروس» و دلوفهم هم البيت خلف بعضهم و لكن دون أن يراهم أيًا من الرجال و هذا بالطبع بسبب تواجدهم داخل البيت مع «وليد» ، و مع تخطيط «ياسين» و تنفيذهم سار كل شيء على ما يرام حتى تلك اللحظة و وقوفهم على مقربةٍ من المخازن.

(عودة إلى الوقت الحالي)

انهى «ياسين» سرده لما حدث على «وليد» الذي لمعت مقلتيه بفخرٍ و دهشةٍ مما قاموا به لأجله، فأضاف «ياسين» من جديد:
"مكانش ينفع أسيبك تروح للموت برجلك يا وليد، خديجة و أنا بسألها عنك عينها كانت بتلمع، و قالتلي إن الروح موجودة في جسم واحد، بس أنتَ وهي روح واحدة دخلت جسمين، لو واحدة فيهم طلعت التانية هتحصلها، أنا مكنتش هقدر أعيش بذنبك و ذنب زعل خديجة طول العمر مني، و في النهاية نصيبك إنك تقابلني علشان أكون أنا أخوك اللي هيقف في ضهرك"

احتضنه «وليد» بقوة وهو يبكي ففي تلك اللحظة لم يجد اوفى من العناق حتى يتحدث به، أما «ياسين» فربت على ظهره وهو يقول بنبرةٍ معاتبة:
"أنتَ أخونا يا وليد، زيك زي ياسر و خالد و عامر، قولتلك كنا أربعة بقينا خمسة بيك"

خرج «وليد» من بين ذراعيه وهو يقول بامتنانٍ حقيقي:
"ربنا يخليكم ليا و يديم وجودكم معايا، لولا وجودكم كان زماني ميت دلوقتي، بس قولولي صح الصياعة دي كلها جت منين؟ و إيه الخناجر الحلوة دي؟"

سألهم بمرحٍ في الجزء الأخير من حديثه، فضحكوا هم عليه، بينما «خالد» جاوبه بثقةٍ:
"لأ ماهو أحنا كنا شياطين برضه مش ملايكة، و المطاوي الحلوة دي تخليص حق في خناقة"

نظر له «وليد» باستنكارٍ يتطلب منه التفسير، فتدخل «عامر» يقول بفخرٍ:
"الواد عمار أخويا وهو صغير كان فيه عيال هتثبتوا، هو راح جبنا علشان ناخد حقه، دخلنا مع بعض ضربنا العيال، و علمنا عليهم في سلاحهم، و طبعًا أنتَ ابن بلد و فاهم يعني إيه صايع يتعلم عليه في سلاحه، كأنك خدت منه شرفه"

أومأ له بتأكيد، فقال «ياسر» بعدما نظر حوله:
"طب إيه هنرغي كتير؟ النهار بيطلع خلاص، و راشد جوة هنعمل إيه؟"

زفر «وليد» بقوة ثم جاوبه:
"هندخل على اننا جايين تبع خالي اسماعيل، أنا عارف عم صبري اللي قاعد جوة، المهم ظبطوا نفسكم علشان الرجالة متشكش في حاجة"

وافقوا على حديثه، بينما هو تقدمهم حتى وصل على البوابة الرئيسية قبل دخول المخازن، فأوقفه أحد الرجال بنبرةٍ صارمة:
"على فين العزم يا رجالة؟ و مين حضراتكم؟"

تحدث «وليد» بثقةٍ يجاوبه:
"أنا وليد الرشيد، ابن أخت أسماعيل عوض الله السويسي، لو مش مصدق هات عم صبري اللي قاعد على المخزن جوة و هو يأكدلك كلامي"

تدخل أحد الرجال الواقفين يقول بنبرةٍ جامدة:
"طب خليك واقف هنا و أنا هروح أجيب صبري علشان نتأكد"

_"و ماله يا حبيبي روح"
رد عليه «وليد» بنفس الثقة التي يتحدث بها، و بعد غيابه لمدة دقيقة عاد و معه «صبري» الذي ركض نحوه «وليد» يقول بنبرةٍ عالية:
"عم صبري وحشتني يا راجل طيب، إيه اخبارك"

قال ذلك بنبرةٍ عالية ثم همس بأذنه:
"أنا عاوزك توصلني لمخزن ابراهيم القديم علشان ألحق راشد من جوة، و عاوزك تأمن دخولي مع الرجالة"
أومأ له موافقًا رغم القلق المتضح على ملامحه ثم رفع صوته مُرحبًا به:
"وحشتني يا غالي، خلاص نسيت عمك صبري؟"

قال جملته ثم حرك رأسه يتحدث مع الرجال قائلًا:
"دا وليد ابن الحج مرتضى، إزاي متعرفوش هو مين، دخلوه و دخلوا حبايبه"

أومأ له أحد الرجال بموافقة ثم أفسحوا المجال لهم، و قبل دخول «وليد» حدثه أحد الرجال بنبرةٍ ساخرة:
"معلش يا وليد بيه، أصل المخازن هنا خط أحمر"

_"ليه ٠١٠ ولا إيه؟"
تفوه «وليد» بذلك ساخرًا هو الآخر ثم لحق بالشباب نحو الداخل، و بعد سيرهم لمدة دقائق وقفوا أمام مخزن «اسماعيل» بينما «صبري» أشار لهم نحو مخزن «ابراهيم» وهو يقول بهدوء:
"هو دا مخزن إبراهيم، بس خلوا بالكم علشان بقالوا كام يوم هو و رجالته بيجوا هنا كتير مع إن المخزن فاضي، بس من شوية جُم و مشيوا تاني"

رد عليه «ياسين» بنفس الهدوء:
"علشان الواطي حابس عياله جوة، و أكيد نقلهم لما عرف إن وليد هنا في السويس"

تدخل «خالد» يقول مستفسرًا:
"طب هنعمل إيه؟ هو معانا في العربية برة و أكيد مش هينفع ندخل بيه وهو مضروب كدا"

رد عليه «صبري» مُعقبًا:
" أصلًا مينفعش تدخلوا بيه، هنا الرجالة زي السمك، و زيزو كلمني و قالي إنكم جايين، و أنا خليت العيال اللي على المخزن من برة يدخلوا يناموا جوة، دلوقتي بقى تتعاملوا مع اللي جوة"

أومأ له الجميع بموافقة و هم ينظرون لبعضهم البعض، و بعد مرور دقائق فُتح المخزن و دلف منه هو قائلًا بمرحه المعتاد:
"لامؤاخذة يا رجالة، محدش معاه شاحن أيفون علشان أكلم الجماعة؟"

كان في داخل المخزن أربعة رجال كِبار في السن و الجسد، و حينما دلف هو اقتربوا منه تاركين خلفهم «راشد» و «رامي» المُكبليْن على أحد الأَسِرة القديمة، ثم اقتربوا من «عامر» ليتحدث أحدهم قائلًا بصرامة:
"أنتَ مين ياض و بتعمل إيه هنا؟"
رد عليه «عامر» بمرحٍ:
"أنا جاي أسأل على شاحن أيفون علشان أكلم ماما"

قبل أن يدرك أيًا منهم ما تفوه به، دلف الشباب جميعهم إلى الداخل و كلًا منهم يهجم على رجلًا ينهال عليه بالضرب، أما «عامر» فركض نحو «راشد» و «رامي» يفك حصارهما، و عاونه في ذلك «صبري» حتى خرج بهم إلى مخزن «اسماعيل»، بينما في الداخل كان العِراك لازال كما هو حتى أخرج أحد الرجال سكينًا حادًا و قبل أن يضرب به «وليد» أتى «خالد» واضعًا ذراعه يحول بينهما، حتى خُدش في ذراعه و لكنه خدشًا سطحيًا، حينها قام «وليد» بدفعه بعيدًا عنه، ثم أمسك السكين وقام بطعنه في ذراعه وهو يصرخ به:
"أنــتــو إيــه، جــبـابـرة"

رافق قوله ذلك لكمه بالضربات و حينها اجتمع الشباب حوله ثم أبعدوه عن الرجل، و بعدما تأكدوا من خضوعهم، اغلقوا عليهم المخزن ثم توجهوا جميعًا نحو مخزن «اسماعيل»، ولكن شتان بين هيئتهم قبل و بعد، فالآن أصبحت هيئتهم رثة و لكماتٍ في وجوههم جميعًا، بينما «عامر» كان في انتظارهم خارج المخزن بعدما قام بإدخال الولدين، و حينما اقتربوا من المخزن ركض نحوهم يسألهم بلهفةٍ:
"انتو حصلكم إيه؟ حد فيكم جراله حاجة؟"

رد عليه «ياسين» بانهاكٍ واضح:
"كنا بنضرب و نتضرب يعني هيكون حصلنا إيه؟"

تفحصهم هو بنظره و حينما لمح الدماء على قميص «خالد» صرخ في وجهه بخوفٍ:
"خــالـد إيه الدم اللي على قميصك دا؟ أنتَ كويس طيب؟"

أومأ له «خالد» موافقًا ثم جاوبه:
"أنا كويس متخافش، دا خدش بسيط كدا، لكن أنا كويس"

اقترب منه «عامر» يحتضنه بخوفٍ حقيقي وهو يقول بنبرةٍ حزينة:
"الحمد لله إنك كويس، يارتني كنت أنا، أنا بحبك أوي يا خالد"

ابتسم الجميع على ذلك الموقف، بينما «خالد» رفع ذراعه يحتضنه بقوة ثم قال بحبٍ هو الأخر:
"و أنا بحبك أوي يا عامر، و الله بحبك أوي و مقدرش أعيش من غيرك"

تدخل «صبري» يقول بنبرةٍ مُحبة:
"ربنا يبارك فيكم بس يلا علشان نشوف راشد، على فكرة زيزو جه و معاه صحابه بس أنا خليتهم يمشوا علشان المشاكل هنا"

أومأ له الجميع بموافقةٍ ثم دلفوا للداخل سويًا، و حينما لمحهم «راشد» هب واقفًا وهو يقول بامتنانٍ حقيقي:
"أنا مش عارف أقولكم إيه؟ جميلكم دا فوق راسي، أنا كنت عارف إن محدش غيركم هيلحقني"

رد عليه «ياسين» بنبرةٍ جامدة:
"الحمد لله يا راشد إننا جينا و لقيناك كدا، علشان يمين بالله لو كنت متفق مع أبوك، لكنت مخلي طلعتكم كلها في يوم واحد"

نزلت دموعه رغمًا عنه بقدر ما حاول التحكم بها و لكنها خذلته و فرت تزامنًا مع قوله:
"صدقني لو كنتو جيتوا لقتوني ميت كان أرحم من كل دا، للأسف اللي عمل فيا كدا أبويا"

سأله «وليد» مستفسرًا:
"هو عمل فيكم كدا ليه؟ إيه اللي حصل علشان يرميكم الرمية السودا ديه"

زفر «راشد» بقوةٍ ثم جاوبه بنبرةٍ مهتزة:
"لما رجعنا من عندكم أنا قولت إن كل حاجة لازم تتغير، أبويا مشيه غلط في الشغل و في كل حاجة، و بسببه خسرت كتير، و أهمهم كانت شهد بنت عمي إيهاب، و لما قررت إني أرجع الحق لأصحابه رفض هو و حبنسي مع رامي، و لما عمي إيهاب رجع البيت طرده منه و قاله يجيب الورق اللي يثبت إنه له حق"

سأله «خالد» بنبرةٍ جامدة:
"طب و إيه اللي خلاك تجيب وليد و تطلبه ينقذك؟"

رد عليه هو بخجلٍ:
"هو اللي قالي إنه لو كنت ذكي زي وليد كان زماني حُر، و قالي كمان إن وليد لو موجود كان زماني خرجت من الحَبسة دي"

تدخل «ياسين» يقول متهكمًا:
"طُعم يعني؟ أبوك من قلة أدبه رمى الكلام قدامك علشان يخليك تسحب وليد لهنا و ساعتها ياخد حقه الضعفين"

سعل «رامي» في الخلف بقوة حتى ارتد جسده عدة مرات، بينما «ياسر» تحدث بخوفٍ:
"يلا يا ياسين من هنا علشان الواد اللي هيموت دا، بس هنروح فين؟"

رد عليه «وليد» مقررًا:
"ابراهيم هيترمي هنا مع رجالته و راشد و رامي هيجوا معايا بيت الرشيد، لو فضلوا هنا ابراهيم هيقوم الدنيا"

تدخل «راشد» يقول بخوفٍ:
"أهم حاجة عمي إيهاب ياخد حقه علشان ظروفه صعبة و ساب الشغل و الورق معايا"

تدخل «ياسين» يقول باشفاقٍ عليه:
"متخافش و كل حاجة هتبقى تمام، يلا بس الساعة بقت ٦ الصبح و لسه ورانا مشوار سفر"

بعد قليل خرجوا جميعًا من المخازن تحت نظرات الدهشة من الجميع، ثم ركبوا السيارتين، ركب «وليد» و «خالد» و «راشد» و «ابراهيم» في سيارةٍ واحدة، و البقية في السيارة الأخرى حتى ساروا نحو بيت «ابراهيم» حينها أخرجه «خالد» من السيارة ثم و البقية خلفه، دلف به البيت ثم فك تكبيلته و دفعه نحو الدرج، بينما «راشد» ركض نحو غرفته يأخذ الأوراق الخاصة بنصيب عمه، ثم خرج لهم من جديد، حينذاك دلف «وليد» ثم جثى على ركبته أمام «ابراهيم» وهو يقول بتهديدٍ حقيقي:
"أنا ممكن دلوقتي أخلص عليك في نص بيتك و ساعتها هبقى صاحب حق، بس أنا مش هعمل كدا، علشان مش عاوز إيدي تتوسخ بدم واحد زيك حتى عياله مشفقش عليهم، صدقني أنتَ اللي زيك عمره مهما طول هيفضل قصير علشان السيرة أطول من العمر، و أنتَ سيرتك هباب على دماغك"

نظر له «ابراهيم» بحقدٍ وهو يقول بنبرةٍ هامسة:
"صدقني هتخسر يا وليد، اللي زيك جناحه قصير مهما طول هيفضل ميعرفش يطير، و اللي زيي هما دول اللي بيطولوا و ياخدوا حقهم من الدنيا، الدنيا دي أفعال و أسباب و إحنا ردود الأفعال و نتايج الأسباب دي، إيهاب أخويا لو أنا مكنتش خدت حقه و كبرت شغلي كان زماني لسه بستنى التجار تحن عليا علشان البضايع"

أومأ له «وليد» موافقًا ثم أضاف:
"معاك حق، بس فيه حاجة أنتَ نسيتها إن راحة البال بكل اللي عندك، و إن ساعة الرضا بعمر كامل من الفرحة، أنتَ خسرت يا ابراهيم و خسارتك أكبر ببعد عيالك عنك، و لما أخوك ياخد حقه، ساعته خسارتك هتبقى أضعاف"

في تلك اللحظة نزل «راشد» من الأعلى و في يده الورق، ثم اقترب من والده الملقى على الأرضية الرخامية، أخفض مستواه إليه ثم قال:

"اللي أنتَ عملته فيا دا عرفني أني على حق، علشان طول عمرك راجل باطل، ولو عليا أنا مسامحك الحمد لله، بس هفضل أدعي كل يوم ربنا إنه ميسامحكش، عارف ليه علشان اللي زيك بايع أخرته و مشتري دنيته، خلي الدنيا دي تنفعك قدام ربنا لما تقف قصاده"

نظر له «ابراهيم» بشررٍ يتطاير من عينيه فوجده يعتدل في وقفته حتى أصبح في مستوى «وليد»، حينها استند عليه حتى خرجا من البيت سويًا، بينما «ابراهيم» طالع الوضع حوله، فوجد رجاله كما هم مكبلين بالحبال و البيت أصبح فارغًا، فرفع صوته حتى يصل للجميع بالخارج:
"هتخسروا، وأنتَ يا راشد هتخسر كتير أوي"

استمعوا في الخارج لما تفوه هو به لكنهم آثروا التجاهل و هم يدلفون السيارات حتى يذهبوا نحو بيت «اسماعيل»، و بالفعل توجهوا إلى منزله و قام بإخباره بما حدث وبعدها أصروا على الذهاب حتى يستعدوا لما هو قادم ، و بعدها تم الوادع من قِبل «اسماعيل» و عائلته لهم، وقام «وليد» بأخذ مستلزماته، رحلت السيارتين تباعًا من السويس و معهم «راشد» و «رامي».
_______________________

في بيت آلـ «الرشيد» قام «إسماعيل» بسرد ما حدث مع «وليد» على شقيقته التي صرخت بقوة تبكي على فلذة كبدها و معها «عبلة» التي كانت تبكي بقوة خوفًا عليه، هي من كانت تشعر بالقلق خاصةً منذ أخر حديث دار بينهما، ارتمت على الأريكة تبكي بقوة بينما «مرتضى» جلس بجانبها ثم احتضنها بقوة فوجدها تجهش في بكاءٍ مرير وهي تقول:
"ليه بيعمل فيا كدا ؟ ليه مش راضي يقدرني و يعرف أني مليش غيره، ابنك تعبني و بهدلني من يوم ما حبني"

ربت «مرتضى» على ظهرها وهو يرد عليها مُعقبًا:
"يا عبيطة وليد ملوش غيرك، دا أنتِ روحه يا عبلة، هو أكيد عمل كدا علشان يحافظ عليكي و علينا كلنا"

ردت عليه بصراخٍ:
"ابنك بيرمي نفسه في وش المدفع و يرجع يشيل الهم، دا مستحيل يكون بيحب، قولي سبب واحد يخليه يروح لراشد و يسلمهم نفسه"

قبل أن يرد عليها وجد هاتفه يصدح برقمه، فتح هو الخط وهو يقول منفعلًا بفرحٍ:
"وليد !! أنتَ فين يا بني تليفونك كان مقفول ليه؟ و إيه اللي حصل دا؟"

رد عليه هو بهدوء:
"أنا كويس يا بابا متخافش و راجع زي ما روحت و أحسن، طمني ماما عاملة إيه و عبلة"

رد عليه بقلة حيلة:
"مبهدلين الدنيا جنبي هما الاتنين و....."
قبل أن يكمل جملته قامت «مروة» بخطف الهاتف من يده وهي تقول ببكاء:
"إيه يا وليد، إيه يا قلبي و يا عمري كله، طمني عليك يا نور عيني"

رد عليها هو بمرحٍ:
"هي أعضائك ببلاش و لا إيه يا ماما؟ إيه كل دا؟ أنا كويس متخافيش، و راجعلك بعد حاجات بسيطة و معايا راشد و رامي، حقك عليا علشان خضيتك"

ردت عليه هي بنفس البكاء:
"ملكش دعوة بحقي، أنا عاوزاك ترجعلي بس، طمن عيني بشوفتك يا حبيب قلبي"

بكى هو على بكاءها لكنه حاول الثبات قدر الامكان وهو يقول:
"راجعلك والله، قومي بس حضريلي الفطار و أنا جايلك في السِكة"

جاوبته هي بنفس النبرة:
"هوا، أحلى فطار هيبقى عندك بس متتأخرش عليا، ريح قلبي"

كانت «عبلة» تتابع المكالمة ببكاء، فوجدتها تقول له:
"عبلة معاك أهيه، مبهدلة نفسها علشانك"
مدت يدها لها بالهاتف بعد جملتها، فأخذته منها بيدٍ مُرتجفة ثم وضعته على أذنها فوجدته يقول بهدوء:
"إيه يا سوبيا مش عاوزة تكلميني؟ بقى كدا"
جاوبته هي بنذقٍ من بين بكاءها:
"عاوز إيه مني؟"

رد عليها هو متهكمًا:
"بلاش اللون دا معانا يا سوبيا، طب بذمتك موحتشكيش، طب مخوفتيش عليا؟"

ردت عليه هي ببكاء:
"أنا متعبنيش غير خوفي عليك؟ليه تعمل فيا كدا؟ هو دا الحب؟"

زفر هو بقوة ثم رد عليها:
"علشان هو دا الحب يا عبلة، ولو كنت مت كنت هسيبلك سيرة تتباهي بيها طول العمر"

ردت عليه هي مغيرةٍ لمجرى الحديث:
"طب بس خلاص، هتيجي إمتى علشان أعرف أخد حقي منك"

ابتسم هو باتساع ثم رد عليها:
"ساعة و هكون عندك بالكتير"
______________________

في شقة «ياسين» كانت هي على الأريكة تبكي بقوة من الخوف و قلبها يتأكل قلقًا عليهما، بل على الجميع معًا، و «إيمان» بجانبها تراقبها، حتى أخذتها بين ذراعيها وهي تقول بحنانٍ:
"بطلي عياط بقى، هيرجعوا والله كويسين، خلاص يا كتكوتة دموعك نشفت"

ردت عليها ببكاء:
"غصب عني... والله غصب، دول أغلى اتنين في دنيتي و مليش غيرهم، لو واحد فيهم حصلوا حاجة أنا هموت وراه، وليد دا أبويا يا إيمان و مليش غيره، و ياسين دا كل حاجة ليا و برضه صعب أتحمل حاجة ممكن تحصله، أنا طول عمري لوحدي بس هما بقوا كل حاجة ليا"

بكت «إيمان» على بكاءها ثم أضافت:
"طب ما أنا زيك برضه مليش غير خالد و ياسر، أنا كبرت لقيتهم كل حاجة ليا، بس متأكدة أنهم مع بعض و هيرجعولي، طول عمرهم يروحوا الخناقة و يرجعوا ضاربين و معلمين على الناس، هما الأربعة كتف لبعض يخليكي تطمني على بلد كاملة وهما فيها"

كانت «إيمان» تحاول اقناع نفسها بذلك الحديث قبل أن تقنع تلك القابعة بين ذراعيها تبكي بطريقةٍ تشبه طريقة الأطفال، و فجأة صدح صوت هاتف «إيمان» برقم زوجها فقامت بالرد على الهاتف فوجدته يقول بهدوء:
"أنا تحت البيت، انزلي يلا علشان وحشتيني"
سألته هي بتلهفٍ:
"هو أنتو جيتوا !! أنا جاية دلوقتي"

ابتعدت عنها «خديجة» تقول بنفس لهفتها و شوقها:
"جُم يا إيمان؟ طب هما فين، و وليد فين معاهم؟"

وقفت «إيمان» ترتدي اسدالها وهي تجاوبها:
"مش عارفة يا خديجة، بس أكيد هيطلعوا لما أنزل من هنا، الحمد لله إنهم رجعوا"

أومأت لها موافقة، وهي ترى انسحابها من أمامها، أما في الأسفل، فوقف الشباب جميعهم أسفل البيت حتى نزلت «إيمان» تركض لزوجها حينما وجدته ينتظرها أمام المصعد، احتضنته بقوة وهي تقول ببكاء:
"وحشتني يا ياسر، الحمد لله إنك رجعتلي بالسلامة"

احتضنها هو الأخر وهو يقول بهدوء:
"الحمد لله أني شوفتك يا إيمان، يلا علشان أنا هموت و أنام"

خرجت من بين ذراعيه ثم ركضت معه نحو الخارج و حينما رآت «خالد» ركضت له تسأله ببكاء بعدما احتنضنه:
"أنا كنت خايفة عليك أوي، أنتَ غالي على قلبي أوي يا خالد"

احتضنها وهو يقول بمرحٍ:
"يعني الأتنين اللي جايبنلي شلل بقوا بيحبوني فجأة كدا؟ و أنا بحبك يا إيمان و بموت فيكي، أنتِ حبيبة روحي و أول فرحتي"

تدخل «عامر» يقول بمرحٍ:
"طب أطلع أنا بقى علشان أشوف مراتي، زمانها خلصت البطاطس المحمرة لوحدها، نتقابل في عركة تانية يا رجالة"

ضحكوا جميعًا عليه بينما هو ركض من أمامهم يتوجه نحو بنايته، و منها نحو شقته، دخل الشقة بهدوء، فوجدها تركض نحوه تتعلق برقبته وهي تبكي، ابتسم هو باتساع ثم احتضنها وهو يقول بمرحٍ:
"وحشتيني يا جرثومة، والله كانت علقة محترمة بس الواحد نسيها قصاد حضن منك"

ردت عليه هي ببكاء:
"و أنتَ وحشتني حرام عليك يا عامر تعمل فيا كدا، أنا قلبي كان واقف من الخوف عليك"

ابتعد هو عنها ثم نظر في عينيها بحبٍ وهو يقول:
"و أنا زعلان علشان كنت سايبك خايفة رغم أني بحاول ابعد عنك الخوف، أنتِ نور عيني يا سارة"

وضعت رأسها على كتفه وهي تقول بهدوء:
"ربنا يبعد عني أي خوف عليك، الخوف عليك صعب أوي يا عامر، كنت فاكرة إن بعد بابا مستحيل أخاف على حد كدا، بس طلعت بخاف عليك أكتر بكتير، أنتَ متتقارنش بحد يا عامر"

ابتسم هو باتساع ثم قال بهدوء:
"أنا هقفل تليفوني و أنتِ اقفلي تليفونك و ننام، علشان دي أول مرة أجوع نوم بصراحة"

في شقة «خالد» دلف هو بانهاكٍ واضح و خاصةً مع ألم ذراعه، فوجد «يونس» يركض نحوه وهو يصرخ بأسمه، أخفض نفسه له ثم حمله بذراعه السليم وهو يقول بنبرةٍ متعبة:
"وحشتني يا يونس، الدنيا طلعت ريشة قصاد ضحكة منك"

فجأة وجدها هي تركض نحوه من الخارج و حينما لمحت الدماء على ثيابه شهقت بقوة ثم سألته بخوفٍ:
"إيه دا دراعك ماله؟ أنتَ مالك طمني"

نظر هو لها بحبٍ بالغ ثم أنزل صغيره، بعدها اقترب منها ثم احتضنها بقوة وهو يقول بنبرةٍ شبه باكية ممتزجة باشتياقه:
"وحشتيني يا ريهام، أنا بحبك أوي و مليش غيرك، أوعي تزعلي مني"
رفعت ذراعيها تحتضنه هي الأخرى وهي تقول بنبرةٍ باكية:
"و أنا بحبك أوي والله، و مليش غيرك أنتَ و يونس يا خالد، ربنا يباركلي فيكم"

تنفس هو بعمقٍ فوجدها تبتعد عنه وهي تطالع وجهها و الكدمات المطبوعة عليها بأسى، بعدها ربتت عليه ثم قالت بحزنٍ:
"تعالى علشان الجروح دي متلتهبش أكتر من كدا و علشان دراعك اللي شكله نزف كتير"
أومأ لها موافقًا ثم حمل صغيره وهو يتبعها نحو الداخل.
_____________________

في شقة «ياسين» صعدا كليهما لها، و بمجرد صوت المفاتيح في الباب انتفضت هي لهما، ثم ركضت نحوهما وقبل أن تقترب منهما تراجع «وليد» للخلف ثم دفع «ياسين» نحوها حتى تحتضنه، و بمجرد اصطدامها به بكت بقوة بكاءًا مريرًا مع شهقاتٍ عالية مزقت قلوبهما، أما هو فربت على ظهرها وهو يقول بنبرةٍ شبه باكية:
"علشان خاطري متعيطيش كدا، بالله عليكي، احنا أهو قصادك و زي الفل"

زاد البكاء أكثر و لم ترد على حديثه، فشدد هو عناقه لها وهو يقول بنبرةٍ معتذرة:
"حقك عليا أني وعدتك متخافيش تاني و مطلعتش قد الوعد دا، حقك على قلبي من الدنيا كلها"

انتحبت بشدة وهي تبكي بين ذراعيه، فاقترب منهما «وليد» يقول بهدوء:
"وحشتيني والله، أول مأوى ليا على الأرض فاكرة لما كنت بقولك أنتِ أرضي يا خديجة، أنا منك و ليكي، والله ما رضيت أطمن حد عليا قبلك، علشان عارف إن غلاوتي عندك كبيرة"

ابتعدت عن «ياسين» حينما سمعت صوته ثم ارتمت بين ذراعيه فوجدته يحتضنها بقوة وهو يقول بوجعٍ حقيقي:
"آاااه، أكتر حاجة كانت ممكن توجعني أني كان ممكن أموت قبل ما أحضنك يا خديجة، بس ربنا كريم أوي، خلاني أحضنك و أشوفك كمان بعد ما كل حاجة خلصت، ابتعدت عنه هي ثم قالت بعدما مسحت دموعها:
"خدني معاك بيتنا يا وليد، أنا مش هفضل هنا"

نظر لها كليهما بتعجبٍ، فتابعت هي بنبرةٍ قوية:
"أنا همشي علشان البيه مش مقدرني، فاكرني كلبة هتتساب هنا و يمشي من غير ما أعرف أي حاجة"

اقترب منها «ياسين» يقول بنبرةٍ جامدة:
"أنتِ واعية أنتِ بتقولي إيه؟ أنا عملت كدا علشان خايف عليكي و عليه، عاوزاني أصحيكي من النوم أقولك أصحي يا حبيبتي أنا رايح أنقذ أخوكي اللي راح يموت نفسه؟"

ردت عليه هي بنفس الجمود الممتزج ببكاءها:
"لأ، علشان حرقة قلبي عليكم أنتو الاتنين، علشان أصحى من النوم الأقيك مش هنا و لا حتى طمنتني، طالما وجودي زي عدمه و مليش لازمة كدا أنا همشي"

قبل أن يرد عليها «ياسين» تدخل «وليد» يقول بهدوء:
"كدا كدا هتيجي معانا علشان مش هتطمن اسيبك هنا و ياسين كمان هيجي معانا، ويلا علشان راشد و رامي تحت معايا"

نظرت له بخوفٍ حينما ذكر اسميهما فوجدته يضيف:
"لسه فيه حاجات كتير أنتِ مش فهماها يا خديجة، جهزي نفسك علشان نروح البيت"

أومأت له موافقة ثم انسحبت للداخل، و قبل أن يلحقها «ياسين» اوقفه «وليد» قائلًا بهدوء:
"إهدا علشان لو دخلتلها هتصرخ في وشك و هتدخل في نوبة عياط، أنا هشرح كل حاجة ليها و هي لما تفكر و تعقل هتعرف إنك على حق، صدقني خديجة بتحبك"

زفر «ياسين» بقوة ثم رد عليه بنبرةٍ منهكة:
"اللي فيه الخير يقدمه ربنا يا وليد، أنا هغير هدومي علشان اللي مستنيين تحت دول"
أومأ له وهو يراه يدلف للغرفة الأخرى حتى يبدل ثيابه بها، بعدها زفر بقوة وهو يفكر فيما هو آتٍ.
_______________________

أسفل بناية «حسن» توقف هو قبل أن يدخل سيارته، فسألته هي بتعجبٍ:
"إيه مش هتركب يا حسن؟ يلا علشان أنا قولت لهدى بعد الضهر هنكون عندك"

أومأ هو لها بترددٍ ثم ركب السيارة وهي بجانبه، و لكن ملامحه لازالت قلِقة كما هي أما هي حينما أمعنت النظر في وجهه سألته بمرحٍ طفيف:
"مالك يا أبو علي؟ شكلك خايف إيه وراك امتحان؟"

حمحم هو بقوة ثم جاوبها بهدوء:
"أنا كويس مش قلقان ولا حاجة، لو أنتِ شايفة أني قلقان ممكن تتكلمي معايا أحسن بدل السكوت"

أومأت له موافقة ثم سألته بتشككٍ:
"طب لحد ما نوصل أنا هسأل و أنتَ تجاوب، اتفقنا؟"

نظر هو لها ثم حرك رأسه موافقًا، فوجدها تقول بمرحٍ:
"السؤال الأول أنتَ خريج إيه يا حسن؟"

_"فنون تطبيقية حلوان قسم تصوير"
جاوبها هو بذلك بعدما ابتسم لها، أما هي فتابعت أسألتها بقولها:
"السؤال التاني مين أغلى حد فـ حياتك"

نظر هو لها عدة ثوانٍ و أمعن النظر بها فوجدها تحرك رأسها باستفهامٍ حينها نظر أمامه وهو يقول بنبرةٍ جامدة:
"مفيش؛ كل الغاليين سابوني و مشيوا"
جاوبها بذلك وهو يحاول صبغ نبرته بالثبات قدر الإمكان، أما هي فسألته من جديد بالرغم من اشفاقها على حالته:
"طب السؤال التالت، عمرك حبيت يا حسن، أو السؤال الصح كنت بتحبها؟"

ابتسم هو بسخرية وهو يقول:
"ياريتك ما اتكلمتي، ما كنتي ساكتة و كنا حلوين"

ردت عليه هي بحنقٍ:
"أنتَ زعلان أني اتكلمت؟ بقى دي أخرتها يعني؟"

رد عليها هو بهدوء:
"هتصدقيني لو قولتلك إن مفيش حاجة فرحتني قد ما صوتك رجعلك؟"

طالعته هي بدهشةٍ من رده الذي فاجئها به، فنظرت أمامها وهي تقول بنبرةٍ متوترة:
"شكرًا، بس أنتَ كدا بتتهرب من السؤال على فكرة و دا غِش، علشان أنتَ وافقت من الأول"

زفر هو بقوة ثم قال:
"لأ يا هدير، أنا اللي زيي عمره ما حب و عمره ما هيحب علشان كل ما أحب حاجة تسبني، أنا تعبت من كتر ما بتساب"

سألته هي بنبرةٍ حزينة:
"يعني أنتَ مكنتش بتحبها؟ ازاي عيشت معاها من غير حب؟"

رد عليها هو بضيقٍ:
"أنا كنت مجبور على وجودها معايا و سلمت بالأمر الواقع علشان المركب تمشي، لحد ما المركب دي غرقت و غرقتني معاها، ريم عندي شوية ذكريات باقية بحاول أحافظ على الحلو اللي فيها"

أومأت هي له موافقة ثم أضافت بنبرةٍ مشفقة:
"ربنا يرحمها يا حسن، هي في مكان تاني أحسن من دا بكتير"

أومأ لها موافقًا وهو يدعو لها بالرحمة فوجدها تقول له بإحراج:
"أنا أسفة علشان سألت بعشم كدا، أنا شكلي زودت قلقك أكتر"

ابتسم هو بخفة ثم أضاف:
"بصراحة نكدتي عليا و أنا أصلًا مش ناقص نكد"

قطبت جبينها متعجبةً منه وهي تسأله بنبرةٍ حائرة:
"من إيه طيب احكيلي؟ اعتبرنا صحاب، دا احنا اتفرجنا على كارتون مع بعض حتى، يعني صداقة رسمي"

تنهد هو بعمقٍ ثم نظر له وهو يسألها بقلقٍ واضح في نبرته و ملامحه:
"هدير أنتِ دلوقتي الحمد لله صوتك رجعلك، و بقيتي أحسن من الأول، ممكن أسألك سؤال؟"

حركت رأسها موافقة بإيماءةٍ بسيطة، فوجدته يقول:
"ممكن عيلتك و تحديدًا أختك يطلبوا منك إنك تفضلي هناك و مترجعيش معايا، ممكن أعرف هتعملي إيه لو دا حصل؟"

تفاجأت هي من سؤاله الغير متوقع و خصيصًا مع نبرته المهتزة تلك، بينما هو نظر لها بترقبٍ و الخوف مرسوم على ملامحه فوجدها تغلق أهدابها ثم فتحتهما بتروٍ تطالعه بثباتٍ وهي تقول:
"متخافش يا حسن، زي ما دخلت معاك هخرج تاني معاك، أنا ممكن أكون كنت وحشة بس أنا مش قليلة الأصل، مينفعش أنتَ تأمنلي و أكون أنا السكينة اللي تضربك في مقتل"

يُتَبع
#الفصل_الثامن_عشر_الجزء_الثاني
#رواية_تَعَافَيْتُ_بِكَ

Continue Reading

You'll Also Like

131K 13.6K 15
تَبدأ حِكايتِنا بَين بِقاع اراضٍ يَسكنُها شَعبّ ذا اعدادٍ ضئيلَة ارضٌ تُحَكم مِن قِبل ثلاث قِوات و ثالِثُهم أقواهُم الولايات المُتحدَة | كوريا الجنوب...
140K 5.4K 27
مالك اكبر مصنع سيارات وصاحب اكبر شركه استيراد قطع غيار يقع فى حب السكرتيرة
94.3K 5.8K 19
احبك مو محبه ناس للناس ❤ ولا عشگي مثل باقي اليعشگون✋ احبك من ضمير وگلب واحساس👈💞 واليوم الما اشوفك تعمه العيون👀 وحق من كفل زينب ذاك عباس ✌ اخذ روحي...
1.4M 28.3K 42
[ 𝕊𝕖𝕩𝕦𝕒𝕝 𝕔𝕠𝕟𝕥𝕖𝕟𝕥 ] تنويه🔞: الرواية جريئة و لا تتناسب مع جميع الأعمار. [ مقتطف ] : أنا لست هي!!! : اخترتك ، أنت لا هي!!!