تَعَافَيْتُ بِكَ

By ShamsMohamed969

15M 638K 219K

ظننتُ أن قلبي هذا لم يخلق له الحب، و ظننتُ أنني لم أملكُ يومًا قلب؛ إلا أن وقعت عيناي على عيناكِ ففرح قلبي بر... More

الاقتباس الاول
البارت الأول (عريس صالونات)
الفصل الثاني (كونه حنونًا)
الفصل الثالث (الليل و سماه)
الفصل الرابع(إعتذار)
الفصل الخامس (رؤية شرعية)
الفصل السادس (عقد قران)
الفصل السابع(اللقاء الأول)
الفصل الثامن(طبيبة نفسية)
الفصل التاسع(رُهاب إجتماعي)
الفصل العاشر (هل مستعد؟)
الفصل الحادي عشر (لا يريد الخِطبة)
الفصل الثاني عشر (هل وافقت؟)
الفصل الثالث عشر (فلنقرأ الفاتحة)
الفصل الرابع عشر (عيد ميلاد)
الفصل الخامس عشر (موعد اللقا)
تنويه🕊️
الفصل السادس عشر (هدير السبب)
الفصل السابع عشر (كُتبَ الكِتاب)
الفصل الثامن عشر ( مُقابلة)
الفصل التاسع عشر (من أين تعلم؟)
الفصل العشرون (لا تأتي)
الفصل الحادي والعشرين (لأنها فراشة)
الفصل الثاني والعشرون (شكرًا)
الفصل الثالث والعشرين (غرقتُ بعيناكِ)
الفصل الرابع والعشرين (طريقة علاج)
الفصل الخامس والعشرون (لأجلكِ)
الفصل السادس والعشرون (أول مرة)
الفصل السابع والعشرون (لن أتركك)
الفصل الثامن والعشرون (براءة قلبها)
الفصل التاسع والعشرون (ماضٍ لا يُنسى)
الفصل الثلاثون(عروس لعبة)
الفصل الواحد والثلاثون (قاعة زفاف)
الفصل الثاني والثلاثون (الحب القديم)
الفصل الثالث والثلاثون (من عاشر القوم)
الفصل الرابع والثلاثون (لن أستطع)
الفصل الخامس والثلاثون (قمرٌ ضائع)
الفصل السادس والثلاثون (في حمايتك)
الفصل السابع والثلاثون (بداية جديدة)
الفصل الثامن والثلاثون (ما إسمه)
الفصل التاسع والثلاثون (لا يقارن بأحدٍ)
الفصل الأربعون (يزيد حنقه)
الفصل الواحد وأربعون (أنا سأعرفك)
الفصل الثاني و الأربعون(أبو جميلة)
الفصل الثالث و الأربعون( مشيرة الرشيد)
الفصل الرابع و الأربعون (لن أريحكِ)
الفصل الخامس والأربعون (عروس مثل القمر)
الفصل السادس و الأربعون (زغروطة؟)
الفصل السابع و الأربعون (فرح)
الفصل الثامن و الأربعون (صرخةمن الماضي)
الفصل التاسع و الأربعون (العقارب على سمومها تقترب)
الفصل الخمسون (بك تعافيت)
الفصل الأول الجزء التاني (لن أستطع)
الفصل الثاني_الجزء الثاني (مريض)
الفصل الثالث_الجزء الثاني ( البقاء لله)
الفصل الرابع_الجزء الثاني(
الفصل الخامس_الجزء الثاني(لم يراعي شعوره)
الفصل السادس_الجزء الثاني (كتاب دين)
الفصل السابع_الجزء لثاني (وعد بالطلاق)
الفصل الثامن_الجزء الثاني (هل تعرفها؟)
الفصل التاسع_الجزء الثاني (كوب قهوة)
الفصل العاشر_الجزء الثاني(منذ ١٣عام)
الفصل الحادي عشر_ الجزء التاني (وضعهما غريب)
الفصل الثاني عشر_الجزء الثاني (مريض نفسي)
إعتذار رسمي
الفصل الثالث عشر _الجزء الثاني(اختبار صغير)
الفصل الرابع عشر_الجزء الثاني (خطيب الآنسة)
الفصل الخامس عشر_الجزء الثاني (مفاجأة)
الفصل السادس عشر_الجزء الثاني (إلحق)
الفصل الثامن عشر_الجزء الثاني ( ضربة سكين بمقتل)
الفصل التاسع عشر_الجزء الثاني( أنا مستعد)
الفصل العشرون_الجزء الثاني (من طُعن بالسكين ؟)
الفصل الحادي و العشرون_الجزء الثاني(عودة وليد الرشيد)
الفصل الثاني والعشرون_الجزء الثاني( لحظة ترقب)
الفصل الثالث و عشرون_الجزء الثاني( حول الهزيمة لنصرًا)
الفصل الرابع و العشرون_الجزء الثاني( هل جدير بالثقة؟)
الفصل الخامس و العشرون_الجزء الثاني(منك لله!)
الفصل السادس و العشرون_الجزء الثاني ( تخضعين للعلاج)
الفصل السابع و العشرون_الجزء الثاني ( أثر الفراشةِ)
الفصل الثامن و العشرون_الجزء الثاني (وضعت نفسها بمأذق)
الفصل التاسع و العشرون_الجزء الثاني (صفعةً مدويةً)
الفصل الثلاثون_الجزء الثاني (بالأدب)
الفصل الواحد و الثلاثون_الجزء الثاني( بأي ذنبٍ قُتل؟)
الفصل الثاني و الثلاثون_الجزء الثاني (الصبر على الابتلاء)
الفصل الثالث و الثلاثون_الجزء الثاني (صرخة ألم)
الفصل الرابع و الثلاثون_الجزء الثاني (ما هو إسمه)
الفصل الخامس و الثلاثون_الجزء الثاني (من حفر حفرةً لأخيه)
الفصل السادس و الثلاثون_ الجزء الثاني ( هل سيترك حقه؟)
الفصل السابع و الثلاثون_الجزء الثاني (وُضِعَ بمأذقٍ)
الفصل الثامن و الثلاثون_الجزء الثاني (فهم ظنونه)
الفصل التاسع و الثلاثون_الجزء الثاني (تسببت بمصيبةً)
الفصل الأربعون_الجزء الثاني (موعد الحق)
الفصل الواحد و الأربعون_الجزء الثاني (كيف يتصرف؟)
الفصل الثاني و الأربعون_الجزء الثاني (نجم شارد)
الفصل الثالث و الأربعون_ الجزء الثاني ( كيف هنا؟)
الفصل الرابع و الأربعون_الجزء الثاني (فرحة البيت)
الفصل الخامس و الأربعون_الجزء الثاني(ما لم يُحمد عقباه)
الفصل السادس و الأربعون_الجزء الثاني (تتعرفون عليها؟!)
اقتباس من الفصل القادم (تحت التهديد)
الفصل السابع و الأربعون_الجزء الثاني (ماذا يفعل هنا ؟!)
الفصل الثامن و الأربعون_الجزء الثاني (الحبايب هنا)
الفصل التاسع و الأربعون_الجزء الثاني (شر الدنيا)
الفصل الخمسون_الجزء الثاني (سبب الفرحة)
الفصل الواحد و الخمسون_الجزء الثاني(باح بالسر)
الفصل الثاني و الخمسون_الجزء الثاني (ما هي المفاجأة ؟)
الفصل الثالث و الخمسون_الجزء الثاني (عودة الحق)
الفصل الرابع و الخمسون_الجزء الثاني (الموعد المضبوط)
الفصل الخامس و الخمسون_الجزء الثاني (بالغصب)
الفصل السادس و الخمسون_الجزء الثاني (قنبلة موقوتة)
الفصل السابع و الخمسون_الجزء الثاني (طريقة خاصة)
الفصل الثامن و الخمسون_الجزء الثاني (فض شراكة)
الفصل التاسع و الخمسون_الجزء الثاني (فراق الحبيب)
الفصل الستون_الجزء الثاني (تمزق الروح)
الفصل الواحد و الستون_الجزء الثاني (عصفورٌ في اليد)
اقتباس من الفصل الجديد
الفصل الثاني و الستون_الجزء الثاني (حرية الاختيار)
الفصل الثالث و الستون_الجزء الثاني (وجهةٌ مصوبة)
الفصل الرابع و الستون_الجزء الثاني (عقل مريض)
الفصل الخامس و الستون_الجزء الثاني (لا حول ولا قوة)
الفصل السادس و الستون_الجزء الثاني (الكرة في ملعبه)
الفصل السابع و الستون_الجزء الثاني (ليلٍ لا يدوم)
الفصل الثامن و الستون_الجزء الثاني (بالطبع مستحيل)
الفصل التاسع و الستون_الجزء الثاني (السقوط في بئر الضياع)
الفصل السبعون_الجزء الثاني (مغيب عن الواقع)
الفصل الواحد و السبعون_الجزء الثاني (حرق أعصاب)
الفصل الثاني و السبعون_الجزء الثاني (لم يكن خيرًا)
الفصل الثالث و السبعون_الجزء الثاني (حالة صدمة)
الفصل الرابع و السبعون_الجزء الثاني (لمن النصر؟)
الفصل الخامس و السبعون_الجزء الثاني (الموت قادم)
الفصل السادس و السبعون_الجزء الثاني (فخورًا بنفسه)
الفصل السابع و السبعون_الجزء الثاني (حق الاستغلال)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (عوض الله)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (ماذا تريد)
الفصل الثمانون_الجزء الثاني (أول سحور)
الفصل الواحد و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفي بوعده؟)
الفصل الثاني و الثمانون_الجزء الثاني (عودة الروح)
الفصل الثالث و الثمانون_الجزء الثاني (انسحبت الروح)
الفصل الرابع و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفيد بشيءٍ)
الفصل الخامس و الثمانون_الجزء الثاني (بكل راحة و يسر)
الفصل السادس و الثمانون_الجزء الثاني (رحمة الله عليه)
الفصل السابع و الثمانون_الجزء الثاني (ألم فقدانها!)
الفصل الثامن و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيشعر به؟)
الفصل التاسع و الثمانون_الجزء الثاني (واقع أم حُلم؟)
الفصل التسعون_الجزء الثاني (إخطار من الوزارة)
الفصل الواحد و تسعون_الجزء الثاني (نظرةٌ قارنها العتاب)
الفصل الثاني و التسعون_الجزء الثاني (طوق نجاة)
الفصل الثالث و التسعون_الجزء الثاني (وحي الخيال)
الفصل الرابع و التسعون_الجزء الثاني (محاولة فاشلة)
الفصل الخامس و التسعون_الجزء الثاني (الزمن يُعاد)
الفصل السادس و تسعون_الجزء الثاني (غياهب الظلام)
الفصل السابع و التسعون_الجزء الثاني (ليلة الحنة)
الفصل الثامن و التسعون_الجزء الثاني (نهاية القصة)
تنويه هام🦋❤️
تجميعة الحلقات الخاصة

الفصل السابع عشر_الجزء الثاني (يلقى مصيره)

94.6K 3.7K 1.5K
By ShamsMohamed969

"الفصل السابع عشر"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
____________________

أضحىٰ القلبُ بعد ظهوركِ طامعًا.... فـبعد أن كان قنوعًا بات نابضًا و في بحور عيناكِ أضحى غارقًا.
__________________

بقدرٍ معلوم و نصيبٍ محتوم كُتِب على قلبي الفراق كما تحترق النجوم، مذاق العذاب ألوان و لكن قلبي كُتب عليه الأسود الداكن حتى بات غارقًا في الهموم، أنا هنا تائهٌ في منتصف الطريق أود النظر في عينيكِ حتى ينجدني ذاك البريق، فكوني كما أنتِ دائمًا لقلبي طوق النجاة و أنا كما أنا دائمًا غريق.

_"إلحق راشد يا وليد"
تفوه بها «زيزو» بنبرةٍ تحمل العديد معها من المشاعر جعلت الآخر يقطب جبينه و هو يسأله بتعجبٍ:
"فيه إيه يا زيزو ماله سي زفت، هبب إيه"

سأله «وليد» عن حالة الآخر بذلك فوصله الجواب شارحًا له حالته حتى قال «وليد» بنبرةٍ مندهشة:
"أنتَ متأكد يا زيزو من كلامك دا، عارف معناه إيه أصلًا"

_"متأكد يا وليد، أنا شوفته بنفسي والله، و الرسالة دي مبعوتة ليك أنتَ"
جاوبه «زيزو» بذلك على سؤاله بنفس النبرة المتلهفة التي حعلت «وليد» يغلق هاتفه ثم توجه نحو المسجد حتى يلحق الصلاة بها و منها سيقوم بما يلزم.

بعد صلاة الجمعة خرج «وليد» من المسجد بسرعةٍ كبرى دون أن يقف مع عائلته كعادتهم و توجه نحو شقة «ميمي» علمًا بأن الشباب جميعهم هناك في انتظاره.

في شقة «ميمي» دلف الأربعة شباب معًا و آخرهم كان «عامر» وهو يصيح عاليًا بصوته:
"يــا مـيـمــي، جــبـنـالـك طـَعـميـة سُـخنة و بتنجان أنتِ فين"

ضحكوا جميعًا عليه حتى هي و هي تخرج له من الشرفة و تقول بنبرةٍ امتزجت بضحكاتها:
"يا واد بطل بقى عيب كدا، الجيران عرفوا خلاص، أنتَ علطول فاضحنا كدا"

تدخل «خالد» يقول بحنقٍ ممتزج بنبرةٍ منفعلة:
"علطول كاسفنا و كاشفنا و فاضحنا و مخلي اللي يسوى و اللي ميسواش يشمت فينا، و كل دا ليه؟ علشان عامر مترباش"

_"أنتَ اللي خُلقك ضيق و مش عاوز تطول بالك عليا شوية، اعتبرني يونس يا خَالود"
تفوه «عامر» بذلك بنبرة مرحة تشبه مرح الأطفال في تدللهم على والديهم بطريقةٍ جعلت «خالد» يعض على شفتيه و قبل أن يأخذ رد فعل يعنفه به طُرق الباب بواسطة «وليد» فتح «ياسين» الباب له و هو يقول بمرحٍ:
"ابن حلال جايبين طعمية سُخنة و بتنجان يارب تلحقهم من عامر"

رد عليه «وليد» بنبرةٍ منهكة و كأن التفكير عصف به:
"لأ أنا مش عاوز آكل، أنا عاوزكم في حاجة ضرورية"

نظر له «ياسين» بحيرةٍ و هو يدلف الشقة، فأغلق الباب ثم لحقه للداخل، و حينما رآته «ميمي» قالت مُرحبةٍ به:
"كويس إنك جيت علشان لو مكنتش جيت كنت هزعل منك أوي، و يلا علشان تفطر معانا"

اقترب هو منها بعدما رسم بسمةٍ هادئة على وجهه و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"أنا عامل حسابي من الصبح آجي هنا علشان نقعد سوا، بس أنا عاوزهم في حاجة مهمة و مش هعرف آكل"

تدخل «ياسر» يقول رافضًا حديثه:
"لأ مفيش منه الكلام دا، هتاكل معانا و احنا مش هنركز غير لما نفطر"

قبل أن يرد عليه تدخل «عامر» يقول بحنقٍ زائف:
"افضلوا ارغوا كتير كدا و خلوا الطعمية تبرد علشان و رب الكعبة هخليكم تنزلوا تشتروا غيرها"

اقترب «ياسين» في تلك اللحظة من «وليد» يمسكه من مرفقه بهدوء و هو يقول:
"تعالى بس ناكل علشان نعرف نتكلم و تعرف تقولنا عاوز إيه"

أومأ له موافقًا بقلة حيلة ثم جلس على الطاولة معهم و هو يفكر فيما وصله، شرع الجميع في تناول الطعام عدا كلًا من «ياسين» و «وليد» حيث كان الأول يقوم بمراقبة الآخر، و بعد انتهاء الطعام قام «ياسين» و «خالد» بتنظيف المائدة في حالة صمت سادت المكان، و بعد مرور دقائق خرج «ياسين» من المطبخ و معه الشاي و هو يقول بنبرةٍ ظهر بها الاهتمام:
"قولنا بقى يا وليد مالك، شكلك مش طبيعي و بصراحة الفضول مموتني"
رافق حديث «ياسين» جلوسه مقابلًا له، أما هو نظر في أوجه الجميع ثم زفر بقوة و تبع زفرته تلك بقوله:
"أنا محتار مش عارف أعمل إيه، فيه حد محتاجني في مساعدة و في نفس الوقت أنا معنديش ثقة فيه"

سأله «ياسين» باهتمام يود منه التفسير أكثر:
"هو مين دا، و بعدين لو مش واثق فيه هتساعده ليه من الأساس؟ خلاص سيبك منه"

زفر «وليد» بقلة حيلة ثم أغلق أهدابه بشدة و بعدها فتحهما بتروٍ ثم قال بنبرةٍ مترددة:
"اللي محتاج مساعدتي دا راشد، و قبل ما حد فيكم يرفض راشد أبوه حابسه هو و أخوه رامي و بيضربهم و طرد أمهم من البيت، و راشد باعتلي أساعده و أنا محتار"

احتلت الدهشة ملامح الجميع لم يصدقوا ما اخترق مسامعهم للتو، وقبل أن تتمكن منهم الدهشة أكثر من ذلك أضاف هو بنبرةٍ حائرة:
"أنا...أنا مش عارف أعمل إيه، هو ابن *** ميستاهلش بس دا روح برضه، مهما كان دا واحد بيستنجد بيا و طلبني أساعده"

تدخل «خالد» يقول بنبرةٍ جامدة:
"طب ما ممكن يكون حوار معمول عليك علشان تروحله، يعني يبقى بيستدرجك"

أضاف «ياسر» متدخلًا يؤكد حديثه:
"صح، خالد بيتكلم صح يا وليد، ممكن يكون بيستدرجك علشان ياخد حقه بعد اللي حصله هنا"

حرك رأسه نفيًا ثم قال بنبرةٍ مؤكدة:
"لأ، راشد فعلًا اتغير، أنا مخلي زيزو يجبلي أخباره من ساعة ما مشي من هنا، و هو قالي إنه مختفي بقاله كام يوم، و احنا افتكرناه عند قرايب أمه"

تدخل «عامر» يقول بطريقةٍ جادة:
"لو زي ما بتقول يبقى هو فعلًا محتاج مساعدة، و أكيد زيزو دا عارف كل حاجة هناك، يعني لو فيه حاجة كدب مش هيسلمك ليهم"

نظر له «وليد» بتمعنٍ و هو يأكل في شفته السفلى من كثرة توتره و تخبطه في التفكير فوجد «ياسين» يضيف بتعقلٍ:
"عامر كلامه صح يا وليد، أكيد هو محتاج وجودك لأن أبوه شكله راجل مفيش في قلبه رحمة، بس احنا هنروح معاك"

رد عليه «وليد» رافضًا اقتراحه:
"لأ !! أنا عاوزكم هنا علشان مش ضامن ممكن يكون عاوز يدخل البيت ولا يعمل فيه حاجة و أنا لو سبت الدنيا هنا كدا يبقى مش هعرف أتصرف هناك، أنا عاوزكم تكونوا مكاني هنا"

تدخلت «ميمي» تقول بلهجةٍ صارمة:
"مينفعش أنتَ تروح لوحدك، خُد أخواتك معاك يأمنوك و يحموا ضهرك، و إذا كان على اللي هنا فيه غيرك كتير"

رد عليها مُعقبًا:
"أنا لو خدتهم معايا هبقى غلطان، لكن أنا هروح على أني في زيارة لخالي و كأني عرفت بالصدفة، و علشان أكون مطمن على بيت الرشيد عاوزهم هما يكونوا هنا و يطمنوني"

سأله «ياسين» بانفعالٍ:
"يعني إيه مش عاوزنا معاك، طب بتقولنا ليه؟ بتشيلنا الهم لـيـه"

رد عليه بنفس الانفعال:
"عــلشــان أنــا خــايـف على اللي يخصوني و أنتو منهم، أنا عاوزك هنا مكاني يا ياسين تخلي بالك من العيلة و من أختي اللي لو عرفت ممكن تروح فيها من الخوف"

تدخل «عامر» يقول بهدوء مُلطفًا للأجواء:
"بالراحة يا جماعة الكلام لازم يبقى بهدوء، و أنتَ يا وليد فكر تاني في كلامك، أنتَ رايح ترمي نفسك في البحر"

رد عليه بهدوء:
"أنا رايح و النية خير، غير كدا زيزو و صحابه هيكونوا معايا هناك، أنا خوفي على اللي هنا علشان مش ضامن لما يعرف إن هناك ممكن يعمل هنا إيه"

تنهد «ياسين» بقلة حيلة ثم تشدق بنذقٍ:
"طب و إيه المطلوب مننا؟ طالما سيادتك مش عاوزنا معاك"

رد عليه «وليد» ببساطة:
"عاوزك بس تكون هنا مكاني، مش عاوز منك حاجة غير إنك تحطهم في عينيك و تخلي بالك من خديجة، و أي حاجة ممكن تحصل في البيت تتصرف مكاني"

سألته «ميمي» بنبرةٍ حزينة:
"طب و أنتَ يا حبيبي هتقولهم إيه في البيت؟ يعني أكيد هيبان إن فيه حاجة غلط"

رد عليها مُردفًا بتعجلٍ:
"أنا هقولهم إني رايح لخالي علشان الشغل، صحيح أنا هروح أحاول أساعد راشد بس أنا واثق في كرم ربنا و رحمته"

تدخل «ياسر» يقول بهدوء:
"طب أنتَ هتروح إمتى، يعني ناوي النهاردة و لا كام يوم ولا إيه"

رد عليه بنبرةٍ قاطعة:
"أنا هروح النهاردة، لازم أروح علشان ألحق أتصرف و أعرف إيه الدنيا هناك، مع أني متأكد إنها خربانة"

نظروا له جميعهم بيأسٍ فقال هو:
"أنا مش عاوزكم تزعلوا مني، أنا بس عاوزكم تقدروا خوفي و موقفي، علشان أنا مش هقدر أثق في حد غيركم"
___________________

في شقة «حسن» عاد من الصلاة إليها مهرولًا حتى يحظى بالجلوس معها يتحدثان سويًا، دخل الشقة لكنه وجدها فارغةً منها، امتلكه الخوف و ظن أنها تركته بعدما بحث عنها في كل الغرف، جلس على الأريكة بأحباطٍ واضح لكنه تفاجأ بها حينما وجدها تخرج من المرحاض الصغير الملحق بغرفتهما سويًا مرورًا بالغرفة نفسها و حينما سرىٰ طيفها أمامه هَبَ واقفًا و الدهشة مرسومة على وجهه و هي تسأله بتعجبٍ:
"جيت بسرعة يعني، أنتو كنتوا بتصلوا على النبي ولا إيه؟ أنا قولت هتطلع بعد ساعة"

اقترب منها هو يقول بنبرةٍ مختلطة المشاعر:
"أنتِ كنتي فين؟ أنا دورت عليكي كتير...و...و افتكرتك مشيتي"

أشارت له نحو الداخل و هي تقول بهدوء:
"كنت بتوضا في الحمام اللي في الأوضة دي، التاني معرفتش أفتح المحبس فيه علشان إيدي وجعتني"

تنهد هو بأريحية ثم أومأ لها موافقًا، فوجدها تدقق النظر في وجهه و هي تسأله بتشككٍ:
"حسن أنتَ كويس؟ شكلك متوتر أو خايف من حاجة"

ابتسم هو لها حتى يُطمئنها ثم أجابها بنبرةٍ هادئة:
"أنا كويس يا هدير متقلقيش، بس أنا خوفت لما دخلت و لقيت الشقة فاضية، افتكرتك مشيتي"

تبدلت نظرتها إلى الحزن و هي ترد عليه:
"قولتلك هو مش كلام عيال علشان أمشي، و بعدين هروح فين يعني بيتنا؟ أنتَ عارفه لو حصل ابقى تعالى خدني منه"

ابتسم هو باتساع ثم قال بنبرةٍ مصطبغة بالمرح:
"خلاص اتفقنا، بس دا لو حصل و خرجتي من هنا أصلًا، يا خوفي تعمل زي مشمشة"

قطبت جبينها وهي تنظر له باستنكارٍ واضح فوجدته يضيف بنبرةٍ ظهر بها اشتياقه:
"مشمشة دي كانت القطة بتاعتي، كنت بسيبها طول اليوم و أرجع أخدها تنام في حضني، لحد ما زهقت مني و مشيت، طلعت شخص لا يطاق حتى من الحيوانات"

سألته هي بخوفٍ:
"قطة !! حسن أنتَ بتحب القطط؟ قول لأ علشان خاطري"

نظر هو لها باستغرابٍ حقيقي من خوفها الواضح، فوجدها تقول بنبرةٍ شبه باكية:
"أنا بخاف منهم أوي، و عندي حساسية من أي قطة، أوعى تجيبهم هنا علشان خاطري"

رد عليها هو بهدوء حتى يُطمئنها:
"حاضر و الله متقلقيش، خلاص مفيش قطط تاني، هي قطة واحدة و يارب تستحملني"

فهمت هي مقصده حينما لمح لها بتشبيهه، فوجدها تقول بهدوء:
"طب عن أذنك علشان أصلي، عاوز حاجة؟"

ابتسم هو لها بهدوء ثم قال بنبرةٍ متعجلة:
"أنا هغير هدومي لحد ما تصلي علشان نفطر سوا، تمام؟"

أمأت له إيماءةٍ بسيطة تنم عن موافقتها ثم تركته للداخل، أما هو فتنهد بمجرد اختفاء أثرها تزامنًا مع بسمةٍ هادئة زينت ثغره رويدًا رويدًا.
____________________

عاد «وليد» إلى بيته و منه إلى غرفته مباشرةً يقوم بتجهيز ما يلزمه لتلك السَفرة الغير متوقعة، دلفت والدته خلفه و هي تقول بتعجبٍ:
"بتجهز حاجتك ليه يا وليد أنتَ رايح فين؟ و بعدين مش المفروض إنك عندك شغل مع أخوك"

ترك هو ما بيده ثم اقترب منها يقول بهدوء:
"أنا رايح السويس يا ماما عند خالو اسماعيل علشان هو محتاجني في حاجة مهمة تبع شغله"

نظرت له باستنكارٍ واضح تزامنًا مع قولها:
"و هو خالك اسماعيل معندوش ناس تخلصله شغله؟ زيزو فين و صحاب زيزو فين؟ واقفة عليك أنتَ"

أمسك هو كتفيها ثم قال مُطمئنًا لها:
"صدقيني هو محتاجني معاه، زي ما كنت معاه قبل كدا و أنا اللي عارف الناس دي كويس، مش هتأخر هما يومين و راجع"

ردت عليه بنبرةٍ مُعاتبة:
"آه زي ما كدبت عليا قبل كدا و قولتلي إنك في السويس و طلعت بتتوجع من غيري، صح؟"

ابتسم هو لها ثم ضمها بين ذراعيه وهو يقول بمرحٍ طفيف:
"قلبك أبيض بقى يا مروة، متبقيش ناشفة معايا كدا، قولتلك أنا كنت خايف عليكي و مكنتش عاوزك تشوفيني مكسور"

ردت عليه بسرعةٍ كبرى تنفي ما تحدث به:
"بعد الشر عنك من الكسرة، كفاية إنك كنت غايب عن عيني و جسمك واجعك و أنا مش معاك"

شدد هو عناقه لها يود الاحتماء بين ذراعيها من الخوف الذي يأكله، أما هي فربتت على ظهره ثم قالت بنبرةٍ ظهرت بها عاطفة الأم:
"ربنا يريح قلبك و يجبر بخاطرك و يوقفلك ولاد الحلال زي ما أنتَ بتقف للناس كلها كدا"

في تلك اللحظة دلف «مرتضى» الغرفة و حينما رآى وضعهما قال بلهجةٍ حادة بعض الشيء:
"طلع مراتي من حضنك يالا، إيه مش مكفيك حضن الست عبلة؟"

ابتعدت عنه «مروة» و هي تضحك فوجدته يضمها أسفل ذراعه و هو يقول مشاكسًا لوالده:
"مش مسألة مش مكفيني، بس حضن ماما حاجة تانية، أكيد أنتَ أدرى بقى"

شهقت والدته بخجلٍ، بينما «مرتضى» نظر له بوجهٍ ممتعض وهو يقول بحنقٍ:
"عيل قليل الأدب بصحيح، بس الغلط مش عليك، الغلط عليا أنا علشان معرفتش أربيك"

تدخلت «مروة» تقول بحزنٍ طفيف:
"ملكش دعوة بيه يا مرتضى علشان هو ماشي، سيبني معاه بقى، دا أخر العنقود و رد الروح"

ضحك هو على طريقة والدته، بينما «مرتضى» سأله متعجبًا:
"ماشي ؟ ماشي إزاي يعني هيروح فين"

ابتعد هو عن والدته ثم اقترب من والده يقف مقابلًا له و هو يقول بهدوء:
"رايح السويس عند خالو اسماعيل، فيه حاجة هو محتاجني فيها"

سأله والده باستغرابٍ حقيقي:
"رايح تعمل إيه عند اسماعيل؟ و بعدين أنتَ ناسي راشد و ابراهيم ولا إيه، لو عرفوا إنك هناك مضمنش ممكن يعملوا إيه"

شهقت والدته بفزعٍ ثم اقتربت منه تقول بنبرةٍ شبه باكية:
"لأ خلاص متروحش، أنا هكلم اسماعيل و أقوله إنك مش هتقدر تروح، أنا مش مستغنية عنك"

رد عليها هو مُطمئنًا لها بحديثه:
"متخافيش عليا أنا بعرف أتصرف، و بعدين أنا مش رايح بيت عيال، أنا رايح عند اسماعيل السويسي يعني أصغر عيل هناك ب١٠٠ راجل، تفتكري حد ممكن يأذيني و أنا عنده؟"

تدخل «مرتضى» يقول بحنقٍ:
"الأمر ميسلمش يا وليد، و بعدين أنا عارفك مجرد سكة الشر ما تتفتح قصادك تدخل بصدرك فيها، و مهما اتكلم مش هتسمعني"

رد هو على والده بقلة حيلة:
"أنا عاوزك بس تطمن علشان أنا رايح أعمل خير، و بعدين من إمتى حد احتاج مساعدتي و أنا بعدت عنه؟ مش وليد الرشيد اللي يعمل كدا"

ربت والده على ذراعه وهو يقول بنبرةٍ هادئة ممتزجة بالفخر:
"عارف و علشان كدا أنا بثق فيك يا وليد، بس برضه افتكر إن جسمك و روحك أمانة عندك يعني عاوزين عقل و حكمة في التصرف"

تدخلت والدته تقول بضيقٍ منهما:
"يا سلام هو دا اللي ربنا قدرك عليه؟ بدل ما تقوله مفيش خروج من البيت دا؟ أنتو هتشلوني أنتو الاتنين؟"

رد عليها «وليد» ساخرًا بمرحٍ:
"على أساس إنه لو قالي متروحش أنا مش هروح يعني؟ وبعدين أنا رايح عند أخوكي يعني المفروض تفرحي"

ردت عليه هي بحزنٍ:
"افرح ازاي و أنا قلبي خايف عليك؟ بس طالما أنتَ بتقول لأخويا يبقى روح و أنا و قلبي بندعيلك"

اقترب منها يُقبل قمة رأسها ثم قال بهدوء ممتزج بحزنٍ حاول هو التحكم به حتى لا يظهر أمامهما:
"و أنا مش عاوز منك و من قلبك غير الدعوة بس، و بعدين أنا رايح أسلم نفسي على الحدود؟، أنا رايح السويس، يعني حرب استنزاف صغيرة كدا"

طالعته هي بدهشةٍ حينما تفوه بجملته الساخرة، فضحك على هيئتها ثم ضمها له من جديد وهو يقول بوجعٍ و قلقٍ حقيقي:
"آاااه يا مروة، والله مش عاوز غير أني أفضل في حضنك كدا، وافتكر وليد الصغير لما كان يعمل المصيبة و يجري على حضنك"

قال جملته و رغمًا عنه فرت دموعه حتى شعرت بها هي على كتفيها، أما «مرتضى» فاقترب منهما ثم أبعده عنها حينما لاحظ ارتجافة نبرته، لذلك نَكسَ «وليد» رأسه للأسفل يحاول اخفاء ما ظهر على وجهه من الحزن، حينها رفع «مرتضى» وجهه حتى يطالعه و هو يسأله بنبرةٍ جامدة:
"مالك يا وليد؟ مستحيل تكون طبيعي، أكيد فيك حاجة علشان شكلك يبقى كدا"

مسح وجهه بكفيه معًا ثم قال بهدوء:
"أنا كويس متخافش، بس افتكرت انكو هتوحشوني، زي ما بعدت عنكم قبل كدا، و بعدين ماما حضنها غريب، تحس إنك عاوز تعيط فيه و خلاص"

ردت عليه هي بنبرةٍ مختنقة من كتمانها للبكاء:
"والله العظيم لو فضلت تقول كدا هقفل عليك و أمنع خروجك من هنا، متتعبش قلبي عليك بقى"

ابتسم هو لهما ثم قال بنبرةٍ حاول صبغها بالمرح وهو يقول:
"و على إيه خلاص هما يومين وراجع، خليني أروح آكل سمك براحتي بقى عند إسماعيل"

تدخل «مرتضى» يقول لها بنبرةٍ هادئة حتى يُغير مجرى الحديث:
"يلا يا مروة خليه يجهز حاجته بمزاج، علشان يلحق يمشي و ميتأخرش"

أومأت له موافقة ثم تبعته نحو الخارج، بينما «وليد» نظر في أثرهما بحبٍ بالغ ثم عاد لترتيب حقيبة ظهره، و هو يفكر فيما يلزمه هناك خلال الفترة المقبلة، و مع اندماجه في تجهيز الحقيبة وجد الباب يُفتح بقوة و كأن الرياح ألقت بأشجارها نحو غرفته، تفاجأ هو حينما رآها أمامه تسأله بحنقٍ:
"ممكن أعرف حضرتك رايح فين؟ يعني إيه مسافر من غير ما أنا أعرف ؟!"

_"وهو أنتِ محدش علمك تخبطي على الباب قبل ما تدخلي أوض الناس؟ افرضي أني قالع، مفيش خِشا خالص"
رد عليها هو بذلك بنبرةٍ باردة غير مبالية لما تفوهت به، مما جعلها تضرب الأرض بقدميها حانقةً عليه ثم اقتربت بعدما أغلقت الباب وهي تقول بنبرةٍ منفعلة:
"المفروض أني معاك و شريكتك في حياتك، يعني أكون عارفة عنك كل حاجة، لكن أنتَ مصمم تقلل من وجودي جنبك، يعني إيه أنزل بالصدفة و أعرف إنك مسافر؟ مليش لازمة خالص كدا"

ترك ما بيده ثم اقترب منها وهو يبتسم بهدوء ورافق بسمته تلك قوله الهادئ:
"بلاش حوار ملكيش لازمة دا علشان أنتِ عارفة إن وليد ملوش غيرك، أنتِ بس اللي وليد معاكي بطبيعته، وبعدين أقولك أني مسافر إزاي يعني؟ علشان تفضلي تستفسري و تعيطي؟"

سألته هي بنبرةٍ حزينة:
"يعني لما أنتَ متقوليش كدا عادي؟ إحنا يدوبك لسه متصالحين ملحقناش، امبارح سبتني و روحت لحسن، و النهاردة رايح السويس عند خالك، دا أنا لسه قايلالك امبارح عاوزة أعيش معاك من غير مشاكل، هو صعب علينا ؟"

رفع كفه يحتضن أحدى وجنتيها وهو يقول بنبرةٍ مُحبة:
"لأ مش صعب، إحنا هنفرح و هنتبسط مع بعض و اللي جاي كله هيبقى حلو بوجودك، لما اتعالج و أخلص من كل حاجة ممكن تبعدني عنك، أنا بحارب علشان اللي جاي معاكي أعرف أعيشك فيه مبسوطة"

ردت عليه هي بتلهفٍ واضح:
"طب ما تسيب الموج يمشي زي ما هو، ليه ترمي نفسك فـ وشه علشان يغير وجهته، أنا عاوزاك أنتَ و بس، زي ما أنتَ بقى، وبعدين أنتَ مش قولتلي إنك مش هتروح السويس التاني علشان الأيام اللي شوفتها هناك، هتروح تعمل إيه بقى ؟"

رد عليها هو بحزنٍ:
"رايح علشان فيه واحد محتاج مساعدتي أنا بالإسم، و مش هقدر أتخلى عنه، يمكن كدا أقدر أفوق شوية"

نظرت له بتشككٍ تحاول التوصل لما يُخفيه عنها لذلك سألته بنبرةٍ مُقررة أكثر من كونها مستفسرة:
"وليد أنتَ رايح تعمل إيه بالظبط، كلامك مش مريحني؟ عينك مش عارفة تكدب عليا و لا صوتك عارف يثبت في كلامه"

زفر هو بقوة ثم أرغم شفتيه على التبسم وهو يُجيبها:
"خالي معاه مشكلة مع واحد من التجار القُدام وأنا عارفه شخصيًا، هروح أخلص الموضوع في مسافة يومين و خلاص"

احتضنته هي بقوة و رافق حركتها تلك قولها الحزين:
"أنا لو مش عارفة إنك بتحب خالك كنت خليتك هنا، علشان خاطري حافظ على نفسك لحد ما ترجعلي يا وليد"

تمسك هو بها بقوة وهو يرد عليها مُعقبًا بقلة حيلة:
"السبب الوحيد اللي هيخليني أروح أخلص الموضوع دا بسرعة هو أني ارجعلك تاني بسرعة، علشان عيونك هتوحشني، كفاية أسبوع كان زي العذاب ليا من غيرها"

ردت عليه هي بنبرةٍ مُعاتبة:
"آه علشان كدا سبتني اسبوع من غير حتى ما تسأل عليا، لأ واضح فعلًا انهم بيوحشوك"

ابتعد هو عنها يطالع وجهها الحزين، و لكنه أمعن النظر في عسليتيها وهو يقول بنبرةٍ مُحبة امتزجت بعاطفته:
"لَا أُريـدُ مِـنـكِ سِــوىٰ الـتَأكــد أنّ نَـظـرة عَــيناكِ وَحـدُهَـا لــي الأمـل، و فِــي غِـيابِـهما يَـتـمكنُ مِــني الألّـمْ....مَــعـكِ فَـقـط وَجــدتُ ذاتــي...مَــعـكِ اسـتـطـعـتُ أن أكــونُ....فِـي عَــينيـكِ وَحـدُهَـا دُنــيايْ....فِـي وُجــودكِ يَــزّهَـر الــكَـون"

طالعته هي بدهشةٍ ممتزجة بالعاطفة فوجدته يقول بعدما تنفس بعمقٍ:
"والله بعمل كل حاجة علشان أكون معاكي، بس ربنا كريم و أكيد هيجمعني بيكي علشان أنتِ أمنيتي الوحيدة اللي اتمنيتها منه، أكيد مش هيبخل عليا بيكي"

احتضنته وهي تبكي بقوة حتى تحول بكاءها إلى شهقاتٍ عالية أما هو ربت على ظهرها بحنانٍ ثم طبع قبلةٍ هادئة فوق رأسها.
______________________

على مقدمة الشارع الخاص بمساكن الشباب وقفوا جميعهم يفكرون سويًا في حال «وليد» فتحدث «خالد» يقول بنبرةٍ حائرة:
"أيوا يعني برضه هنسيبه كدا؟ أكيد مش هينفع يروح لوحده"

رد عليه «ياسين» بقلة حيلة:
"طب هنعمل إيه يعني يا خالد؟ هو لو قولناله مش هيرضى، و في نفس الوقت لازم نكون هنا علشان نخلي بالنا، و في نفس الوقت برضه محدش فـ عيلته يعرف حاجة، احنا بس نتواصل معاه و نأمن الدنيا هنا علشان هو يكون مطمن"

تدخل «عامر» يقول بنبرةٍ حانقة:
"مش فاهم أنا إيه البجاحة دي؟ واحد ضاربينه و ماسحين بكرامته البلاط و برضه عاوز وليد يروح ينجده"

رد عليه «ياسر» بضجرٍ:
"يعني هو لو عارف يتصرف كان هيبخل على نفسه أنتَ كمان؟ و أكيد أبوه الزفت دا مظبط كل حاجة، ربنا بس يسترها على وليد"

نظر «ياسين» أمامه بشرودٍ ثم انتبه للشباب، وبعدها توجه كلًا منهم لبنايته التي يقطن بها، و منها إلى شقته، دخل «ياسين» شقته فوجدها تجلس على الأرض وأمامها دفترٍ صغير وهي مستندة على الطاولة الصغيرة، اقترب منها هو ثم جلس على الأريكة مقابلًا لها وهو يقول بنبرةٍ حائرة:
"بتعملي إيه يا كتكوتة؟ رجعتي تذاكري تاني ولا إيه"

رفعت رأسها تطالعه ببسمةٍ هادئة وهي تجاوبه:
"لأ مش بذاكر بس بقرأ الجُمل اللي أنتَ قولتهالي باللغة العربية الفُصحى، من أول موعد اللقا مرورًا بأسيرًا لعينيكِ لحد أخر جملة بتاعة القمر و الاكتمال"

نظر هو لها بتعجبٍ وهو يقول باستغرابٍ حقيقي:
"وهو أنتِ بتفتكريهم؟ دا أنا بنساهم بعد ما أقولهم أصلًا"

حركت رأسها نفيًا ثم جاوبته مبتسمة بهدوء:
"مستحيل أنساهم علشان هما بيمروا على قلبي علطول و بيتحفروا فيه، أنا أصلًا بحفظهم علشان ...... خلاص"

ابتسم هو لها حينما رآى خجلها ثم أمسك يدها حتى تجلس بجانبه فامتثلت لمطلبه وجلست بجانبه على الأريكة، أما هو سألها بمرحٍ:
"قوليلي بقى يا ستي علشان إيه، وبعدين هو أنتِ هتتكفسي مني يعني؟ قولي بتحفظيهم ليه؟"

طالعته هي بخجلٍ واضح وهي تجاوبه بنبرةٍ مترددة نتيجة خجلها:
"علشان يعني ...لو جبت بيبي منك أربيه زيك كدا و أوريه قد إيه أنتَ كنت عظيم من كل حاجة، حتى كلامك ليا عمره ما كان كلام، دا كان صوت طالع من القلب للقلب"

ابتسم هو على خجلها ثم تحدث بنبرةٍ معاتبة ببعض المرح:
"يعني هو علشان البيبي يخليكي تتكسفي مني كدا يا ست الكل؟ دا احنا اللي بينا أكبر من كدا حتى، و بعدين هتربيه على اللغة العربية الفُصحى؟ ليه ابن المتنبي؟"

ابتسمت هي على طريقته ثم ردت مُعقبةً عليه:
"أنتَ مش فاهم أصلًا، أنا طول عمري كان نفسي اتجوز واحد بيحب الغزل الفُصحىٰ، و لما لقيتك بتغازلني بيها استغربت، أنا كنت فاكرة إن وليد بس هو اللي بيحب الغزل الفصحى"

تغاضى هو عن الجزء الاول في حديثها وهو يسألها عن الجزء الأخير:
"وهو وليد بيحب الغزل الفصحى هو كمان؟ غريبة يعني أول مرة أعرف"

أماءت له مؤكدةً حديثه ثم أضافت:
"أنا و وليد بنحب القراءة أوي زي بعض، فلوسه كلها كانت ضايعة على الكتب، حتى كتاب المدينة الأفلاطونية كان جايبه هو بمبلغ ساعتها، هو بس علشان بيحب عبلة من صغره كان بيحب يتغزل فيها قدامي، لحد ما بقيت أحب كل حاجة وليد بيحبها، لدرجة أني اتمنيت حد يغرق في تفاصيلي زي ما عيوني بتغرق في نصوص الغزل كدا، و جيت أنتَ بقى"

ابتسم هو باتساع ثم سألها بنبرةٍ مستفسرة يود منها الجواب المدقق:
"هو أنتِ بتحبي وليد يا خديجة؟ يعني وجوده مهم في حياتك ولا عادي؟"

طالعته بدهشة سرعان ما تحولت للعاطفة وهي تُجيبه:
"بحبه؟ وليد دا حالة، مش مجرد أخ و خلاص، وليد دا نصي التاني زي ما بيقولولنا طول عمرنا سوا، من نظرة عين فاهمني و من حركة ايدي كان بيعرف أني خايفة، أي حد كان بيزعلني كنت بلاقيه ياكله علشاني،

تعرف في مرة عمو محمد كان بيسرح لعبلة شعرها علشان طنط سهير مكانتش موجودة، كان نفسي بابا يكون حنين معايا زي ما هو حنين مع عبلة، بس محصلش، ساعتها وليد سرحلي شعري و قالي اعتبريني أنا أبوكي... أقولك على حاجة و متزعلش، أنا لو ربنا كرمني منك بولد هسميه وليد، علشان يكون ليا زي ما وليد سابلي عمري كله يحميني من الدنيا كلها، حتى اللي مفروض يكونوا ليا الدنيا كلها....وليد ميوصفهوش كلام يا ياسين، الروح موجودة في جسم واحد، بس أنا و هو روح واحدة دخلت جسمين، لو واحدة فيهم طلعت التانية هتحصلها علطول"

اندهش هو من جوابها و من افصاحها عن ما تحمله في قلبها لأخيها، كيف لا و هو من ترك حياته لها حتى يكون سندًا لها يحميها من كل الشرور التي تحاول الاقتراب منها حتى و إن كانوا ذويها، طالعت هي ملامحه المندهشة فسألته هي باستغرابٍ:
"أنتَ سكت كدا ليه؟ هو أنتَ غيران ولا إيه؟ على فكرة ممكن أقولك كلام حلو زي دا، ماهو أنتَ متقلش غلاوة عنه يا ياسين"

انتبه هو لها حينما تحدثت، فابتسم هو بهدوء ثم أخذها في حضنه دون أن يرد عليها، ولا زالت ملامحه قلقة كما هي، أما هي فتعجبت من صمته، لذلك سألته بنبرةٍ خافتة:
"ياسين هو أنتَ ساكت ليه؟ أنتَ زعلت مني؟ ولا زعلان من وليد"

ابتسم هو بقلة حيلة ثم حرك رأسه بيأسٍ منها وهو يجاوبها:
"أزعل من إيه يا عبيطة أنتِ؟ هزعل علشان بتحبي أخوكي؟ أنا بس كنت بسمع عن حب الأخوات دا و خصوصًا البنات و عمري ما جربته، بس كلامك طلع حلو و يا بخت وليد إنه عنده أخت زيك"

ابتعدت عنه هي تطالعه بمرحٍ وهي تقول بحماسٍ يشبه حماس الأطفال:
"خلاص متزعلش اعتبرني أختك و أحبك زي ما بحب وليد"

_"نعم يا ختي !! يعني اعتبرك أختي أنتِ واعية أنتِ بتقولي إيه؟ و إيه تحبيني زي ما بتحبي وليد دي، ما تفوقي يا ست الكل"

رد عليها هو مُعقبًا بنبرةٍ حادة من حديثها الغريب الذي خرج منها بمنتهى البراءة، أما هي فضحكت بقوة على طريقته، ثم ألقت بنفسها بين ذراعيه وهي تقول بمرحٍ:
"خلاص متتعصبش عليا كدا بهزر معاك، و بعدين أنا كان قصدي مجازًا يعني يا ياسين، مش أنتَ اللي قولت عاوز أخت، أنا مالي"

ابتسم هو بسخرية وهو يحتضنها ثم قال متهكمًا:
"مكليش دعوة بحوار أختي دا أنا هتصرف فيه، خليكي بس في حضني كدا حبيبتي و مراتي....قال أختي قال"

حركت رأسها بيأسٍ منه، أما هو فشرد بتفكيره في «وليد» و فيما سيحل به إذا كان ذلك فخًا صنع للايقاع به، والأهم من ذلك كيف سيسطتع مواجهتها إذا أصابه مكروهًا و هي لازالت ترى فيه دنيتها بأكملها.
______________________

في شقة «عامر» كان جالسًا مع زوجته يلعبان سويًا الشطرنج بعد أن قام هو بتعليمها، فوجدها تقول بمرحٍ:
"كش ملك يا عامر، كسبتك أنا"

حرك رأسه موافقًا وهو يمعن التفكير فيما أمامه، ثم أمسك أحد الأجزاء من أمامه وهو يقول متشفيًا بها:
"غبية حرقتيه على نفسك، علشان الملك نازل أهوه"

شهقت هي بقوة حينما وجدته يحرك ذلك الجزء ليصبح النصر حليفه هو، ضيقت جفونها وهي تقول بلهجةٍ حادة:
"أنتَ خمام يا عامر، أنا مكنتش شايفة إنه لسه موجود أصلًا بس أنتَ مخبيه يا سوسة"

أومأ لها موافقًا ثم أضاف مؤكدًا حديثها بقوله:
"علشان كدا سبتك متعشمة بالفوز كنت بجيب أخرك، أصل أنا واد غاوي لعب بصراحة"

قبل أن تُعقب على حديثه صدح صوت جرس شقتهم، نظرت هي له بتعجبٍ وهي تسأله بنبرةٍ حائرة:
"مين اللي هيجيلنا دلوقتي يا عامر؟ دا العصر هيأذن خلاص أهوه"

حرك كتفيه مما ينم عن جهله بالأمر، فارتدت هي خمارها البيتي ثم قامت بفتح الباب فوجدت إمرأة تكبرها بعدة أعوام تنظر لها بغيظٍ، سألتها «سارة» بطريقةٍ مهذبة:
"أيوا يا فندم أؤمري ؟ حضرتك عاوزة حاجة؟"

أكدت لها السيدة حديثها بقولها الحانق:
"أيوا عاوزة، فين الاستاذ اللي معاكي هنا، إسمه عمر و لا عمرو هو فين؟"

تعجبت «سارة» من طريقتها وقبل أن ترد عليها وجدت «عامر» يأتي من خلفها وهو يقول بطريقةٍ مهذبة على غير عادته:
"أيوا يا فندم أنا عامر فهمي جوز المدام، اؤمريني حضرتك عاوزة إيه"

ردت عليه بنبرةٍ منفعلة:
"وهو حضرتك يا فندم اللي بيضايق ابني و بيفضل يخليه يعيط كل يوم ؟"

قطب كليهما جبينه يطالعها بِحيرةٍ، فتابعت هي قولها بنفس النبرة:
"إيه يا فندم هتكدبني؟ ولا مش لاقي كلام تقوله؟"

رد عليها هو بضجرٍ يحاول التحكم في انفعاله:
"يا فندم حضرتك غلطانة أكيد، أنا راجل محترم و مدير ليا وضعي و طول عمري هادي و دي مراتي مصممة أزياء يعني حضرتك غلطانة في المكان، أنا عريس جديد حتى معنديش أطفال"

ردت عليه هي بحنقٍ:
"ابني دلوقتي طالع و نشوف كلام مين اللي فيه حاجة غلط، أنا مش هاجي أتبلىٰ عليك"

فور انتهاء جملتها خرج طفلًا صغيرًا من المصعد في التاسعة من عمره، رآه «عامر» فـ ظهر عليه التوتر، أما والدة الطفل اخفضت نفسها لمستواه وهي تسأله:
"ها يا مروان هو دا عمو اللي بيضايقك؟ وهي دي مراته"

نظر الصغير في وجهيهما و حينما رآى «سارة» غمز لها بطرف عينه وهو يقول بمرحٍ:
"إزيك يا سكر، عاملة إيه؟"

ابتسمت له «سارة» وهي ترد عليه بمرحٍ:
"كويسة الحمد لله يا مروان، أنتَ عامل إيه، قولي بقى عمو دا مزعلك إزاي ؟"

رفع رأسه يطالع «عامر» فوجده ينظر له بتوعد و كأنه يرسل له تهديدٍ مُبطن، فقال الصغير بثقة:
"آه هو يا ماما، دا عمو اللي بيفضل يضايقني كل شوية"

_"أنا يا بني؟ هو أنا بشوفك أصلًا؟ أكيد فيه سوء تفاهم يا مدام علشان أنا من الشغل للبيت و من البيت للشغل"
رد «عامر» بذلك على حديث الصغير أمام والدته التي رفعت حاجبها و بعد انتهاء حديث «عامر» ردت عليه هي بتهكمٍ:
"وهو هيكدب على حضرتك يعني؟ أكيد حضرتك اللي غلطان علشان مروان مبيكدبش خالص"

قبل أن يرد عليها «عامر» وجد الصغير يشير له حتى ينخفض إلى مستواه، امتثل «عامر» لطلبه بترددٍ فوجده يقول بهمسٍ طفيف:
"هتسبني أسلم عليها و أقولها يا سكر و لا هتفضل واقفلي في الزور كل ما اتكلم معاها؟"

نظر له «عامر» بدهشةٍ فوجده يضيف بنفس النبرة:
"أنا ممكن دلوقتي أقول أني غلطت في الشقة، و هنسى كمان إنك قفلت الأسانسير عليا، ها رأيك إيه"

اعتدل «عامر» في وقفته يقول بهدوء مُخيف:
"أنا متأسف ليكي جدًا يا أم مروان و أسف لمروان و احتياطي لأبو مروان كمان"

نظرت له السيدة بتعجبٍ بينما زوجته سألته بـ حيرةٍ واضحة:
"بتعتذر ليه يا عامر؟ هو أنتَ عملت حاجة؟"

حرك رأسه نفيًا ثم أضاف:
"لأ بس هعمل إن شاء الله"
قال جملته ثم رفع الصغير من ثيابه وهو يقول بحنقٍ:
"بقى أنتَ عاوز تعاكس مراتي قصادي و أنا اسيبك ليه شايفني روسي قدامك؟"

رد عليه «مروان» بانفعالٍ يتنافى من عمره و حجمه:
"ما أنتَ اللي قطاع أرزاق، كل ما أجي أتكلم معاها الاقيك طالعلي في المصلحة، لو جدع خيرها بيننا"

ضحكت «سارة» بقوة عليهما، بينما المرأة شعرت بالخجل بعد حديث صغيرها، فقال لها «عامر» منفعلًا:
"اتفضلي يا مدام، ابنك جاي يساومني علشان يعرف يعاكس مراتي ، مروان اللي مبيكدبش، خديه ربيه بقى"

أنزل الصغير على الأرض بعد جملته، فأمسكت السيدة يده و هي تقول بنبرةٍ مُحرجة:
"أنا متأسفة أكيد فيه سوء تفاهم زي ما حضرتك قولت، بس هو قالي إن حضرتك بتتربص له دايمًا"

_"يا فندم أنا اللي مش فاهم الكلمة علشان أعملها أصلًا، وبعدين خلاص يعني هعمل عقلي بعقل طفل صغير؟"
هذا ما تفوه به «عامر» ردًا على حديثها، فنظرت هي لصغيرها فوجدته يخفض رأسه للأسفل، فعلمت أنه يكذب عليها كعادته لذلك قالت هي بإحراجٍ لهما:
"طب أنا متأسفة جدًا، هو تلاقيه بس كان عاوز يهزر و الدنيا وسعت منه، عن إذنكم"

رحلت من أمامهما بعدما أعتذرت منهما، فدلفا هما معًا للداخل هي تضحك و هو يطالعها بغيظٍ، و حينما وجدها تسترسل في ضحكاتها سألها بحنقٍ:
"ممكن أعرف بتضحكي على إيه؟ حتة الواد هو اللي مضحكك؟"

حركت رأسها نفيًا ثم خلعت حجابها وهي تقول بنبرةٍ لازالت ضاحكة:
"كل الحكاية و مافيها إنه طفل صغير بس قرد، لكن شكلك و أنتَ شايله و بتقاوح معاه ضحكني أوي، بس حرام عليك كسفته يا عامر"

قالت كلمتها الأخيرة بعتابٍ على موقفه مع الصغير، فرد عليها هو مُسرعًا:
"كل الحكاية إنه طفل صغير و كدب، لأن أنا كل علاقتي بيه موقف واحد و بعد كدا ببصله و بس، هو هول الدنيا و خلاها علطول، وهي غلطانة علشان بتقول إنه مبيغلطش، لأ هو بيغلط بس دفاعها عنه بالطريقة دي خلاه يزيد فيها، و دي تربية غلط، غير إن هزاره أكبر من سنه، يعني إيه طفل يقولي اعاكس مراتك و أهزر معاها، المفروض يطلع عارف إن فيه حدود لازم بحترمها، بعد كدا هيبقى كله عنده زي بعضه و أي ست هيعاكسها"

نظرت له هي بفخرٍ وهي تقترب منه تقول بنبرةٍ مندهشة:
"عامر هو بجد إزاي تفكيرك كدا؟ أنا افتكرت إنك متعرفش حاجة في التربية خالص، دا أنا حطيت ايدي على قلبي منك"

رد عليها هو ببساطة:
"دي أصول يا سارة، فيه حاجات لازم حدودها تتحط للصغيرين علشان يكبروا عليها، أنا اهزر آه، أعصبك و أعصب خالد و ياسر و ياسين، لكن الحاجات دي خطوط حمرا"

قبلت وجنته هي ثم قالت له بفخرٍ:
"والله فخورة بيك أوي، أنا كدا اطمنت على مستقبل عيالنا إن شاء الله، طلعت ليك في الادب"

سحبها هو يقربها منه وهو يقول بخبثٍ:
"وليا في قلة الادب كمان، أنا دايس معاكي في أي حاجة، و بعدين هما فين عيالنا اللي أنتِ شايلة همهم دول، تعالي نجيبهم بقى علشان تقلقي بضمير"

ضربته هي على كتفه و هي تقول بنبرةٍ حانقة:
"أنتَ قليل الأدب، دا أنا لسه كنت بشكر فيك و بقول مؤدب، صحيح عيل سوفسطائي"

اقترب منها أكثر يقول بمشاكسة:
"ماهو السوفسطائي دا اتجوزك يا جرثومة،
دا أنتِ البُعد عنك زي النار، يا طبق فول بالزيت الحار"

ضحكت عليه بقوة كعادتها معه فوجدته يغمز لها بمرحٍ.
______________________

في بيت آلـ «الرشيد» اجتمعت شقة «محمد» بأكملها، فتحدثت جميلة تقول بضجرٍ:
"ما خلاص يا عبلة هتفضلي مبوزة في وشنا كدا كتير؟ إيه يعني وليد سافر؟ هما يومين و راجع متكبريش الموضوع"

ردت عليها هي بقلة حيلة:
"أنا خايفة عليه يا جميلة علشان وليد بيتعب لما بيروح السويس، و في نفس الوقت طنط مروة خايفة عليه علشان موضوع راشد، و هو هناك قريب منهم أوي، يعني كدا كدا لازم اخاف عليه، هو برضه مش أي حد"

تدخل «محمد» يقول بتعقلٍ:
"و أنتِ لازم تكوني عاقلة يا عبلة، على الأقل علشان لما يكلمك يكون متطمن هو كمان، لكن كدا هو هيخاف، خليه يشوف شغله هناك و يجيلك يا ستي"

تدخل «طارق» يؤكد حديث والده بقوله:
"بابا معاه حق يا عبلة، و بعدين وليد مش صغير و أنا كلمته قبل ما ينزل من البيت، و كلمته لما خرج من البيت، خلاص فاضل حاجات بسيطة و يوصل"

أومأت لهم موافقة و لكن قلبها يتأكل خوفًا و قلقًا عليه، لا تدري لماذا و لكن نظرته لها قبل رحيله كانت غريبة.

في الأسفل في شقة «مرتضى» كانت «هدى» جالسةً في غرفة الصالون و معها «مروة»، فخرج لهن «وئام» من غرفته وهو يقول بفرحةٍ ظهرت بوضوح في نبرته و ملامحه:
"جماعة حسن كلمني و قالي إن هدير اتكلمت النهاردة"

انتفضت «هدى» من مجلسها تقف مقابلةٍ له وهي تسأله بنبرةٍ مختلطة المشاعر ما غلب عليها كانت اللهفة:
"بجد يا وئام؟ أنتَ سمعت صوتها طيب، طمني عليها"

اقترب منها هو يُجلسها كما كانت وهو يقول لها بنبرةٍ ضاحكة:
"و الله قالي كدا، بس كانت بتتوضا علشان تصلي العصر، حتى هو صوته كان فرحان و قالي إنه هيخليها تكلمكم صوت و صورة كمان"

تدخلت «مروة» تقول بنبرةٍ باكية من فرحتها:
"الحمد لله ربنا طمن قلوبنا عليها، عقبال ما أتطمن على وليد كمان و يرجعلي بالسلامة"

جلس «وئام» بينهن وهو يقول بمرحٍ:
"خدوني وسطكم كدا خلوني أخد شوية حنان قبل ما الواد وليد يجي و ياخد مروة مني تاني"

ألقت «هدى» رأسها على كتفه تنعم بتلك الراحة التي تجدها معه و في كنفه، أما «مروة» قالت له بحبٍ:
"أنتَ و هو واحد عندي يا وئام، بس الفرق إن هو كَتوم و عامل زي العيل الصغير محتاج مسايسة لكن أنتَ العاقل اللي علطول شايل مسئوليتنا"

اقترب منها يقبل قمة رأسها ثم قال بهدوء ممتزج بحبه لصغيره:
"مش محتاجة تبرري أنا بهزر، و بعدين وليد دا ابني مش أخويا، و ربنا شاهد على غلاوته عندي، أنا مش عارف هقعد من غيره يومين ازاي من غير ما يعصبني ببروده"

ابتسمت كلتاهما عليه، أما هو فرفع ذراعيه يحتضن كلتاهما وهو يتنفس بعمقٍ، خرج «مرتضى» من الشرفة و هو يقول بسخريةٍ:
"هو أنا مشرد في البيت دا؟مستكترين عليا مراتي، كل شوية الاقي واحد فيكم حاضنها يا ولاد ***** إيه يا ست مروة اعتبريني واحد من عيالك يا أختي"

ضحكوا عليه جميعًا، فاقترب هو منهم يجلس بجانب زوجته وهو يقول بهدوء:
"أنا كلمت وليد و قالي إنه قرب يوصل خلاص علشان مشي من الطريق الجديد، و كلمت اسماعيل يطمني أول ما يوصل"

ردت عليه «مروة» بتلهفٍ واضح:
"ربنا يسترها عليه و يطمن قلبي علشان أنا قلقانة أوي، و خايفة بسبب موضوع راشد دا يروحوا له عند اسماعيل"

رد عليها «وئام» مُطمئنًا لها:
"متخافيش عليه هو مع خالو هناك، و بعدين أخوكي السويس كلها تبعه يعني لو حد اتنفس في وش وليد، يبقى الله يرحمه"

رفعت «هدى» رأسها تزامنًا مع قولها:
"وليد يستاهل كل الخير و الله، و بعدين أكيد كل حاجة هناك تمام أكيد عمو اسماعيل مش هيغامر بيه، وهو عارف موضوع راشد"
أومأ لها الجميع بموافقة و كلًا منهم يحاول اقناع نفسه بالحديث.
_____________________

في شقة «طه» جلس «أحمد» على المقعد المقابل لمقعدين «خلود» و «سلمى» و هو يقوم بتصحيح التدريبات لهن قبل ذهابهن الدرس، فنظر لشقيقته وهو يقول بضجرٍ:
"اسمعي يا بت يا غبية أنتِ علشان ممدش إيدي، بنصرف الفعل على التصريف التالت مع المصدر، أومال أنا شرحت إيه؟"

ردت عليه هي بحنقٍ:
"متتعصبش هو أنتَ بتكلم ويليام شكسبير؟ و بعدين إحنا كلامنا مش باللغات علشان كلامنا موزون"

ضحكت عليها «سلمى» أما هو فضرب كفيه ببعضهما وهو يقول باستغرابٍ:
"إيه دا هو أنتِ سواقة توكتوك؟ و بعدين فين كلامك الموزون دا؟ أنا مش شايف غير عَته و خلاص"

تدخلت «سلمى» تقول معاندةً له:
"على فكرة خلود ذكية أوي بس هي اللي بتكسل و الله، عندها قدرات رهيبة و وليد علطول يقولها لو ركزتي هتبقي الأولى"

ابتسمت «خلود» بفخرٍ ثم أضافت:
"شوفت؟ أنا مبحبش اتكلم عن نفسي كتير، ربنا يبارك في سلمى الطبلة بتاعتي"

رد عليها «أحمد» بحنقٍ:
"أنتِ و هي هتغرقوا في شبر مياة إن شاء الله، و ساعتها خلي التطبيل ينفعكم لبعض"

خرجت «زينب» من المطبخ في تلك اللحظة وهي تقول له بضجرٍ:
"ملكش دعوة بيهم يا أحمد، و سيبهم ربنا يبعد عنهم العين كدا و يخليهم لبعض، علشان الحاجات دي بتتنظر، أسألني أنا الناس لما بتلاقي اتنين قريبين من بعض كدا بتضايق و بيفرقوا بينهم"

خرج «طه» من الداخل وهو يقول بمرحٍ:
"أنا بقى نفسي يفرقوا ريا و سكينه دول عن بعض، بالذات خلود أُس المصايب دي"

ردت عليه «خلود» بحزنٍ زائف:
"أنا !! أنا يا بابا؟ طب دا أنا الناس كلها تشهد ببراءتي و طفولة تفكيري، أنا مصدومة بجد"

رد عليها هو متهكمًا:
"شوف إزاي؟ لا والله يا ست خلود؟ و البت منة بنت الجيران اللي أنتِ عمالة تكيدي فيها ليل و نهار دي إيه؟"

حركت كتفيها ببساطة وهي ترد عليه بلامبالاة:
"هي اللي حظها وحش كل شوية ألاقيها قصادي أعملها إيه؟ و بعدين دي مزعلة خديجة، يعني تاخد على دماغها وهي ساكتة"

تدخل «أحمد» يقول بحنقٍ:
"خلاص يا خلود ملناش دعوة، و حق خديجة جِه منها خلاص"

نظرت له «سلمى» بتعجبٍ فأضاف هو:
"أنا مش بتكلم علشان حاجة، بس هي مش شبهكم هنا و بلاش تحطوا نفسكم في مقارنة معاها، أنتو غاليين و ليكم مكانة، هي بقى ليها طريقتها و اسلوبها اللي مينفعوناش و لا شبه تربيتنا حتى، فهمتي يا خلود أنتِ و سلمى"
أومأت له كلتاهما بتأكيد، بينما والديه نظرا له بفخرٍ حينما تحدث أمام الفتيات بتلك الطريقة.
_____________________

و بعد انتهاء الطريق وصل «وليد» إلى محافظة السويس ومنها إلى منزل  شقيق والدته «اسماعيل»، و بعد دخوله و الترحيب به من قبل البيت بأكمله، جلس هو في الشرفة مع «اسماعيل» و «زيزو» فسألهما هو باهتمام:
"احكيلي بقى يا زيزو حصل إيه علشان أنا مش فاهم منك حاجة و الدنيا داخلة في بعضها"

بدأ «زيزو» في سرد ما حدث بقوله:
"لما رجعوا من العزا عندكم فضلوا كام يوم غايبين و بعدها راشد نزل هو الشغل و رامي معاه و دي مش عادتهم، فضلوا كام يوم على الحال دا لحد ما راشد راح يجيب عمه إيهاب و يديله حقه في كل حاجة ابراهيم خدها منه، ابراهيم بقى لما عرف اللي حصل قوم الدنيا على دماغ عياله، و لما راشد قاوحه، عرفت إنه خلىٰ رجالته حبسوهم و ضربوهم و طرد أخوه ايهاب تاني"

تحدث «وليد» مشدوهًا مما سمع:
"هو ابراهيم دا إيه جاحد؟ إزاي يعني يحبس عياله، بلاش راشد علشان مهزق، رامي اللي عنده القلب دا مش صعبان عليه، أمهم فين؟"

رد عليه خاله «إسماعيل»:
"راجل ناقص ربنا ياخده، احنا ملناش دعوة يا وليد، هو حر مع عياله، أنا مرضيتش أقولك كدا علشان متظنش أني مش عاوزك تيجي، لكن مش هتروح هناك برجلك"

_"إزاي بس يا خالي هو لعب عيال، أنا اللي جايبني أصلًا راشد، و بعدين هو باعتلي ازاي أنا بالاسم؟!"
تفوه «وليد» بذلك مُعقبًا على حديث شقيق والدته، فرد عليه «زيزو» يُجاوبه:
"بعتلك مع هيثم ابن محروس اللي بيشتغل مع ابوه، رامي تعب مرة و قلبه وقف، ساعتها هيثم دا راح يعمله جلسة تنفس، وهو علشان عارف إن و أنا هيثم صحاب وصلي رسالة معاه وقاله: قول لزيزو يكلم وليد الرشيد ويقوله إن أنا محتاجه ينجدني وخلاه صوره علشان نتأكد كمان"

سأله «وليد» بلهفةٍ واضحة:
"معاك الصورة دي يا زيزو؟ عاوز أشوفها"

أومأ له موافقًا ثم أخرج هاتفه حتى يرى الصورة، قام «وليد» بتكبير الصورة فرآى الكدمات واضحة على وجه «راشد»، فمد يده بالهاتف وهو يقول بنبرةٍ تائهة:
"للأسف الصورة دي صح مش تركيب، أنا لازم ألحق راشد علشان لو فضل أكتر من كدا ابراهيم هيموتهم"

تدخل «اسماعيل» يقول منفعلًا:
"برضه مفيش فايدة عاوز ترمي نفسك ليهم، افهم بقى دا ابوهم يعني هما أحرار في بعض، لكن أنتَ غريب وسطهم برضه"

زفر هو بقوة ثم قال:
"اللي أنا جيت علشانه لازم أعمله، دا واحد استنجد بيا يا خالي، لو مش علشان راشد يبقى علشان رامي حتى اللي قلبه هيقف دا و محتاج رعاية نفسية و صحية"

رد عليه «زيزو» مؤيدًا حديثه:
"أنا بقول كدا يا وليد، هو أكيد محتاجك تروحله تلحقه، لو مش كدا أكيد مش هيبعت مرسال يطلبك تساعده"

نظر «اسماعيل» في ساعة يده تزامنًا مع قوله:
"طب أنا هقوم علشان العِشا قربت تأذن و هروح افتح الجامع، فكر كويس يا وليد، وافتكر إنهم أهل في الأخر"

أومأ له بشرود وهو يفكر مَليًا في الموضوع، و بعد دقائق من التفكير أخرج هاتفه يُهاتف «ياسين»، انسحب «ياسين» من جانبها وهي تشاهد التلفاز ثم دخل الشرفة حتى يرد على المكالمة الهاتفية وهو يقول بلهفةٍ:
"إيه يا وليد طمني عملت إيه و إيه الدنيا عندك؟"

رد عليه «وليد» بنبرةٍ حائرة:
"لسه والله يا ياسين، بس شكله فعلًا محتاجني بجد، و أنا هروح علشان ألحقه بس مش دلوقتي أخر الليل، أنا بس متصل علشان أطلب منك حاجة"

سأله «ياسين» بنبرةٍ خافتة:
"خير يا وليد؟ أؤمر رقبتي سدادة"

تنهد «وليد» بقوة ثم قال بقلقٍ:
"عاوزك تخلي بالك من خديجة و من بيت الرشيد لحد ما أرجع تاني، و مش عاوز حد يعرف أنا فين، خليهم عارفين إن أنا عند خالي زي ما أنا، بس بالله عليك خديجة متعرفش حاجة علشان متخافش، ولو حصل أي حاجة افتكر أني قبل كدا قولتلك أني مسلمك عمري بين أيديك فيها"

بعد حديثه انتاب القلق قلب «ياسين» لذلك سأله بنبرةٍ خائفة:
"وليد أنتَ رايح تعمل إيه بالظبط؟ و بتوصيني على خديجة ليه؟ ارجع يا وليد و ملكش دعوة براشد ولا بحد"

_"صدقني مش هقدر، ولو حصله حاجة من غير ما أنا أحاول أساعده هعيش العمر كله بذنبه و أنا أضعف من أني اتحمل ذنب زي دا، أنا في أخر الليل كدا هحاول أدخل الدور اللي راشد فيه، بس عاوز أتطمن أني سايبك مكاني"

زفر «ياسين» بقوة حينما رد عليه الآخر بقلة حيلة ثم رد عليه مُطمئنًا له:
"متخافش يا وليد أنتَ سايب راجل في ضهرك، بس ليا طلب عندك إنك تحافظ على نفسك علشان خاطر خديجة حتى اللي ملهاش غيرك، أوعدني إنك متتهورش"

ابتسم «وليد» بسخرية ثم جاوبك متهكمًا:
"كان نفسي والله، بس دي مش بإيدي، المهم زي ما اتفقنا أنا جاي هنا علشان خالي، محدش غيرك يعرف"

أغلق «ياسين» الهاتف معه ولا زال القلق كما هو بداخله فنظر أمامه بشرودٍ فوجد «خديجة» تدلف له تسأله بتعجبٍ:
"إيه يا ياسين واقف كدا ليه؟ و كنت بتكلم مين غير وشك كدا"

رد عليها هو بهدوء:
"دي مكالمة تبع الشغل عاوزني بكرة بدري عن معادي، ناس مستفزة في الشغل مش بحب اتعامل معاهم"

ربتت هي على كتفه وهي تقول بحنانٍ بالغ:
"متزعلش نفسك هو يوم و هيعدي إن شاء الله، خليك أنتَ هادي بس و كل حاجة هتبقى تمام، ولو على الاستفزاز خد عامر معاك، يجيب لهم جلطة"

ابتسم هو على حديثها ثم رد معقبًا:
"أنتِ غلبانة أوي يا خديجة، و الله كل يوم اتأكد إنك يعيني على نياتك خالص"

حركت كتفيها ببساطة وهي تُجيبه:
"كدا أحسن على فكرة، مش كل الناس الفاهمة مرتاحة، الناس اللي زيي في الطراوة دي مرتاحين والله"

أومأ لها موافقًا ثم أضاف:
"معاكي حق اللي زيك مرتاحين فعلًا، بس إيه الحلاوة دي، سايبة شعرك و لابسة أحمر، دا إحنا بقينا خطر خالص كدا"

ردت عليه هي بضيقٍ ممتزج بالخجل:
"بس بقى يا ياسين بتكسف، أعمل نفسك مش شايفني و خلاص"

ابتسم هو لها ثم أمسك كفها وهو يقول بهدوء:
"طب يلا ننام علشان أنا ورايا شغل كتير و محتاج صحيان بدري"
أومأت له موافقة ثم سارت معه لغرفتهما.
___________________

أنهى «وليد» مكالمته مع «ياسين» ثم قام بمهاتفة «عبلة» التي حينما رآت رقمه على هاتفها جاوبته مسرعة وهي تقول:
"وليد عامل إيه؟ وصلت عند خالك؟ طمني"

ابتسم هو على طريقتها وراقف ابتسامته تلك جوابه:
"أنا كويس الحمد لله وصلت و اتغديت كمان، و هروح أصلي العشا بس قولت أكلمك أتطمن عليكي"

ردت عليه هي بنبرةٍ مشتاقة ممتزجة بقلقٍ واضح لم تستطع اخفاءه:
"أنا كويسة الحمد لله، و فرحانة علشان عرفت إن هدير اتكلمت، احنا هنا كلمناها و فضلنا نعيط، بس أنتَ وحشتني أوي، هما آه شوية صغيرين بس بجد مش عارفة ليه وحشتني"

تنهد هو بعمقٍ ثم جاوبها بقوله:
"وحشتك علشان ملكيش غيري يا سوبيا، أنتِ ضيفة في بيت أهلك لحد ما تنوري بيتي و تكوني معايا و في حضني"

لم يستطع اخفاء الشوق في نبرته، أما هي فسألته حتى تغير مجرى الحديث:
"قولي بقى السويس حلوة زي ما هي ولا أحلوت أكتر بوجودك فيها؟ عارفة أنا منظر البحر هناك حاجة تانية و شكلك هتنساني"

رد عليها هو بمرحٍ ممتزج بعاطفته:
"من ناحية حلوة فهي حلوة أوي، عيبها الوحيد إنك مش معايا فيها هنا، المكان لو جنة من غيرك فيه ميتدخلش"

سألته هي بنبرةٍ شبه باكية:
"طب خلاص علشان هعيط، يا ابن الناس ما كنت خدتني معاك وخلاص بدل ما أنا قعدة هموت كدا من التفكير"

رد عليها هو مُطمئنًا لها:
"أنا كويس متقلقيش عليا، و بعدين ياستي خليني أوحشك علشان متزهقيش مني بقى، أنا الفترة اللي فاتت سبت ضغط مشيرة و مسكت في ضغطك أنتِ"

ابتسمت رغمًا عنها على طريقته فوجدته يضيف من جديد:
"أنا عاوزك تعرفي أني غصب عني جيت عليكي و على حبك ليا، بس دا مش بإيدي و عارف إن اللي بنحبهم لما يجرحونا وضعنا بيبقى صعب، علشان كدا عاوزك متزعليش مني، و يا ستي حقك عليا و على قلبي من الدنيا كلها لو زعلتك في يوم، بس بلاش زعل علشان الزعل مش ليكي"

تنهدت هي بعمقٍ ثم جاوبته بنبرةٍ باكية و الدموع تسيل على وجنتيها:
"أنا مش زعلانة منك، قولتلك أنا مقدرة موقفك، و بعدين المحبة بتمحي الغلطة يا وليد، مش الغلطة اللي تمحي المحبة، و أنتَ محبتك كبيرة، أطمن يا وليد"

ابتسم هو بطمأنينة وكأن حديثها هو كل ما يحتاجه فقط، و لو كان الزمن ذو كرمٍ أكثر من ذلك و أعطاه نظرة من عينيها لكان أصبح مثل الطير الذي خرج لتوه من القفص، بعد ثوانٍ من الصمت من كليهما، أول من تحدث كان هو حينما قال بنبرةٍ هادئة:
"انا هقفل بقى علشان رايح أصلي، عاوزة حاجة مني يا عبلة"

ردت عليه هي بتلهفٍ واضح:
"عاوزاك تفضل كويس، لا إله إلا الله يا وليد"

_"سيدنا محمد رسول الله، مع السلامة يا عبلة"
رد عليها هو بذلك، و كم كان ممتنًا عند ذكرها لفظ الجلالة حتى شعر بطمأنينةٍ غريبة تجتاحه، لذلك قام حتى يلحق الصلاة.
_____________________

بعد مرور ساعتين، نظر «ياسين» لها وهي غافية بين ذراعيه تتشبث به بقوة، تنهد هو بقلة حيلة حينما تذكر حديثها عن «وليد» و عن مدى ارتباطها به، لا يدري لماذا يرى نفسه حائرًا لتلك الدرجة، فمن المفترض أنه ينتبه هنا لبيت العائلة و هذا ما يفعله من خلال التواصل مع «أحمد» و «خلود» و في نفس الوقت هي بمفردها معه لن يستطع تركها و التوجه نحو البيت حتى يطمئن عليهم، و لا هو قادرٍ على إزالة التفكير من رأسه، و حينما أمعن النظر لها، تحدث يقول مُعتذرًا:
"حقك عليا علشان خبيت عليكي، بس هو موصيني و في نفس الوقت أنا مش هقدر أشوفك خايفة و لا هقدر أشوفك زعلانة"

اقترب منها أكثر يخفيها بين ذراعيه و لازال حديث «وليد» يدور برأسه حتى حل القلق محل النوم و يبدو أنها ليلة بدون نوم.

استمر القلق عدة ساعات، حتى عند «وليد» بعدما نام بغرفة ابن خاله دون أن يُغمض له جفنًا، انتظر حتى الساعة الثالثة صباحًا، ثم اتخذ قراره و خرج من بيت «إسماعيل» متوجهًا نحو بيت «ابراهيم راشد»، و نظرًا لتقارب المسافات بين البيتين، وصل في وقتًا قياسيًا، دلف البيت بهدوء بعدما عبر البوابة الحديدية، و من غرابة حظه الذي عجز هو عن تفسيره كانت فارغة دون أن يقف على حراستها رجالًا، عبر هو منها ثم توجه إلى ردهة البيت المُظلمة، ولكن ما أثار ريبته هو غرابة الوضع حوله و كأنه مُجهزًا لاستقباله !! هكذا كان يفكر بعدما دلف ردهة البيت و حينما أردك الوضع و هو من المؤكد أن هناك من ينتظره، رفع صوته يقول بنبرةٍ صارخة:
"يـــا إبـــراهــيــم، أنا جيتلك أهوه، تعالى و قابلني وش لوش طالما أنتَ سايبلي كل بيبانك مفتوحة"

ظهر «ابراهيم» من وسط الدرجات الرخامية و هو يقول بنبرةٍ متريثة:
"مش معقول !! بقى ابن مرتضى الرشيد بنفسه هنا في بيتي برجله؟ ولوحده؟ زمن غريب"

"علشان مرتضى الرشيد مربي رجالة مبتخافش، مش نسوان بتدارى علشان تاخد حقها"

رد عليه «وليد» لذلك على حديثه، أما «ابراهيم» فنزل الدرجات الفاصلة بينهما وهو يقول بنبرةٍ متريثة:
"لا إن جينا للحق أنتَ مش متربي أصلًا، علشان أنتَ غلطت لما فكرت تدخل بيتي بالطريقة دي، بس أنا بقى هدفعك تمن الغلط دا غالي أوي، هتدفعه الضعفين فلوس و دم قلبك"

_"ليه هو أنا غلطت في أمك ولا إيه"
هذا ما تفوه به «وليد» ردًا على حديث «ابراهيم» بعدما حاول استفزازه بالحديث، بينما «ابراهيم» ابتسم له باستفزازٍ أكثر ثم قال:
"لأ بس حتة عيل صغير زيك يقل مني أنا وسط الناس، و فاكر إنه جامد، لأ و الأنيل بقى إن عيلة الرشيد كلها قايمة عليك، بصراحة كسرتهم الحقيقية فيك أنتَ، و بما إنك مش متربي أنا هربيك و أبقى كسبت فيك ثواب"

ابتسم له «وليد» وهو يقول بنبرةٍ هادئة تحمل معها الكثير:
"طول عمري مقتنع إن فاقد الشيء هو أحق من يعطيه، و بما أني زي ما بتقول كدا مشوفتش تربية ما تيجي أربيك و أبقى ساعتها كسبت فيك ثواب تعليمك الرجولة"

ضحك «ابراهيم» باتساعٍ حتى يثير حنقه ثم سأله بعدما أوقف الضحكات بطريقة درامية:
"ما تقولي يا ابن الرشيد كدا أنتَ جاي هنا تعمل إيه؟ عرفني كدا يمكن أساعدك"

زفر هو بقوة ثم رد عليه بحنقٍ:
"أنا جاي علشان راشد و رامي للأسف إنهم عيالك، اللي أنتَ حابسهم و مطلع عينهم"

لمعت مقلتيه بفخرٍ وهو يقول:
"ما كان من الأول يا وليد، كنا في بيتكم طالبنا منكم السماح و كل اللي انكسر كان هيتصلح، لكن نقول إيه بقى، أنتِ اللي مش راضي تصلح"

_"نصلح آه، دا لما تبقى مشاعر الناس مواعين أمك بتكسر و تصلح فيها زي ما أنتَ عاوز، خلاصة القول عيالك فين؟ و نحل الموضوع و نخلص من النوش دا"
رد عليه «وليد» بذلك بنبرةٍ حانقة تمتزج بتهكمه، مما جعل «ابراهيم» يبتسم باتساع وهو يقول مُتشفيًا:
"بقى أنتَ بنفسك تجيلي هنا و عاوزني أخلصها ودي؟ طب و الرجالة اللي مستنياك يا وليد؟ يرضيك يناموا على معدة فاضية"

نظر له «وليد» بترقبٍ فوجده يبدل ملامحه إلى أخرى مُخيفة وهو يقول صارخًا لرجاله من الخارج:
"يا هاني، يا على اقفلوا الباب علشان ابن الرشيد ياخد كرم الضيافة، خليه يشوف أصلنا و خليه يلقى مصيره"
لأول مرة ينتاب القلق قلبه و يقف لا يدري ماذا يفعل بعدما تحدث «ابراهيم» بذلك و قبل أن يدرك ما حوله حدث ما هو غير توقع.

يُتَبَع
#الفصل_السابع_عشر_الجزء_الثاني
#رواية_تَعَافَيْتُ_بِكَ

Continue Reading

You'll Also Like

2.9M 148K 40
[ ADULT CONTENT ] أُجْبِرَت عليكي مِنْ قِبَلِ أَهْلِي وَلَكِنَّكِ كنتِ الْخِيَار الْوَحِيد لِقَلْبِي فِي كُلِّ مَرَّةٍ يراكِ فِيهَا - jeon Jungkook ...
10.9M 973K 58
معشر أمسكت حلومهم الأر ض وكادت لولاهم أن تميدا فإذا الجدب جاء كانوا غيوثا وإذا النقع ثار ثاروا أسوداً تتبع الهوى روحي في مسالكه حتى جرى الحب مجرى ال...
497K 9K 85
نظل ما بين تلك الحرب القويه ما بين مشاعرنا... لم يتوقعا ان يقعا في عشق بعضهما البعض... بعد قسوة وزواج مجبران عليه تحولا الى عاشقين لا يستطيعا ان يتفر...
178K 5.9K 27
مالك اكبر مصنع سيارات وصاحب اكبر شركه استيراد قطع غيار يقع فى حب السكرتيرة