تَعَافَيْتُ بِكَ

By ShamsMohamed969

14.9M 636K 219K

ظننتُ أن قلبي هذا لم يخلق له الحب، و ظننتُ أنني لم أملكُ يومًا قلب؛ إلا أن وقعت عيناي على عيناكِ ففرح قلبي بر... More

الاقتباس الاول
البارت الأول (عريس صالونات)
الفصل الثاني (كونه حنونًا)
الفصل الثالث (الليل و سماه)
الفصل الرابع(إعتذار)
الفصل الخامس (رؤية شرعية)
الفصل السادس (عقد قران)
الفصل السابع(اللقاء الأول)
الفصل الثامن(طبيبة نفسية)
الفصل التاسع(رُهاب إجتماعي)
الفصل العاشر (هل مستعد؟)
الفصل الحادي عشر (لا يريد الخِطبة)
الفصل الثاني عشر (هل وافقت؟)
الفصل الثالث عشر (فلنقرأ الفاتحة)
الفصل الرابع عشر (عيد ميلاد)
الفصل الخامس عشر (موعد اللقا)
تنويه🕊️
الفصل السادس عشر (هدير السبب)
الفصل السابع عشر (كُتبَ الكِتاب)
الفصل الثامن عشر ( مُقابلة)
الفصل التاسع عشر (من أين تعلم؟)
الفصل العشرون (لا تأتي)
الفصل الحادي والعشرين (لأنها فراشة)
الفصل الثاني والعشرون (شكرًا)
الفصل الثالث والعشرين (غرقتُ بعيناكِ)
الفصل الرابع والعشرين (طريقة علاج)
الفصل الخامس والعشرون (لأجلكِ)
الفصل السادس والعشرون (أول مرة)
الفصل السابع والعشرون (لن أتركك)
الفصل الثامن والعشرون (براءة قلبها)
الفصل التاسع والعشرون (ماضٍ لا يُنسى)
الفصل الثلاثون(عروس لعبة)
الفصل الواحد والثلاثون (قاعة زفاف)
الفصل الثاني والثلاثون (الحب القديم)
الفصل الثالث والثلاثون (من عاشر القوم)
الفصل الرابع والثلاثون (لن أستطع)
الفصل الخامس والثلاثون (قمرٌ ضائع)
الفصل السادس والثلاثون (في حمايتك)
الفصل السابع والثلاثون (بداية جديدة)
الفصل الثامن والثلاثون (ما إسمه)
الفصل التاسع والثلاثون (لا يقارن بأحدٍ)
الفصل الأربعون (يزيد حنقه)
الفصل الواحد وأربعون (أنا سأعرفك)
الفصل الثاني و الأربعون(أبو جميلة)
الفصل الثالث و الأربعون( مشيرة الرشيد)
الفصل الرابع و الأربعون (لن أريحكِ)
الفصل الخامس والأربعون (عروس مثل القمر)
الفصل السادس و الأربعون (زغروطة؟)
الفصل السابع و الأربعون (فرح)
الفصل الثامن و الأربعون (صرخةمن الماضي)
الفصل التاسع و الأربعون (العقارب على سمومها تقترب)
الفصل الخمسون (بك تعافيت)
الفصل الأول الجزء التاني (لن أستطع)
الفصل الثاني_الجزء الثاني (مريض)
الفصل الثالث_الجزء الثاني ( البقاء لله)
الفصل الرابع_الجزء الثاني(
الفصل الخامس_الجزء الثاني(لم يراعي شعوره)
الفصل السادس_الجزء الثاني (كتاب دين)
الفصل السابع_الجزء لثاني (وعد بالطلاق)
الفصل الثامن_الجزء الثاني (هل تعرفها؟)
الفصل التاسع_الجزء الثاني (كوب قهوة)
الفصل العاشر_الجزء الثاني(منذ ١٣عام)
الفصل الحادي عشر_ الجزء التاني (وضعهما غريب)
الفصل الثاني عشر_الجزء الثاني (مريض نفسي)
إعتذار رسمي
الفصل الرابع عشر_الجزء الثاني (خطيب الآنسة)
الفصل الخامس عشر_الجزء الثاني (مفاجأة)
الفصل السادس عشر_الجزء الثاني (إلحق)
الفصل السابع عشر_الجزء الثاني (يلقى مصيره)
الفصل الثامن عشر_الجزء الثاني ( ضربة سكين بمقتل)
الفصل التاسع عشر_الجزء الثاني( أنا مستعد)
الفصل العشرون_الجزء الثاني (من طُعن بالسكين ؟)
الفصل الحادي و العشرون_الجزء الثاني(عودة وليد الرشيد)
الفصل الثاني والعشرون_الجزء الثاني( لحظة ترقب)
الفصل الثالث و عشرون_الجزء الثاني( حول الهزيمة لنصرًا)
الفصل الرابع و العشرون_الجزء الثاني( هل جدير بالثقة؟)
الفصل الخامس و العشرون_الجزء الثاني(منك لله!)
الفصل السادس و العشرون_الجزء الثاني ( تخضعين للعلاج)
الفصل السابع و العشرون_الجزء الثاني ( أثر الفراشةِ)
الفصل الثامن و العشرون_الجزء الثاني (وضعت نفسها بمأذق)
الفصل التاسع و العشرون_الجزء الثاني (صفعةً مدويةً)
الفصل الثلاثون_الجزء الثاني (بالأدب)
الفصل الواحد و الثلاثون_الجزء الثاني( بأي ذنبٍ قُتل؟)
الفصل الثاني و الثلاثون_الجزء الثاني (الصبر على الابتلاء)
الفصل الثالث و الثلاثون_الجزء الثاني (صرخة ألم)
الفصل الرابع و الثلاثون_الجزء الثاني (ما هو إسمه)
الفصل الخامس و الثلاثون_الجزء الثاني (من حفر حفرةً لأخيه)
الفصل السادس و الثلاثون_ الجزء الثاني ( هل سيترك حقه؟)
الفصل السابع و الثلاثون_الجزء الثاني (وُضِعَ بمأذقٍ)
الفصل الثامن و الثلاثون_الجزء الثاني (فهم ظنونه)
الفصل التاسع و الثلاثون_الجزء الثاني (تسببت بمصيبةً)
الفصل الأربعون_الجزء الثاني (موعد الحق)
الفصل الواحد و الأربعون_الجزء الثاني (كيف يتصرف؟)
الفصل الثاني و الأربعون_الجزء الثاني (نجم شارد)
الفصل الثالث و الأربعون_ الجزء الثاني ( كيف هنا؟)
الفصل الرابع و الأربعون_الجزء الثاني (فرحة البيت)
الفصل الخامس و الأربعون_الجزء الثاني(ما لم يُحمد عقباه)
الفصل السادس و الأربعون_الجزء الثاني (تتعرفون عليها؟!)
اقتباس من الفصل القادم (تحت التهديد)
الفصل السابع و الأربعون_الجزء الثاني (ماذا يفعل هنا ؟!)
الفصل الثامن و الأربعون_الجزء الثاني (الحبايب هنا)
الفصل التاسع و الأربعون_الجزء الثاني (شر الدنيا)
الفصل الخمسون_الجزء الثاني (سبب الفرحة)
الفصل الواحد و الخمسون_الجزء الثاني(باح بالسر)
الفصل الثاني و الخمسون_الجزء الثاني (ما هي المفاجأة ؟)
الفصل الثالث و الخمسون_الجزء الثاني (عودة الحق)
الفصل الرابع و الخمسون_الجزء الثاني (الموعد المضبوط)
الفصل الخامس و الخمسون_الجزء الثاني (بالغصب)
الفصل السادس و الخمسون_الجزء الثاني (قنبلة موقوتة)
الفصل السابع و الخمسون_الجزء الثاني (طريقة خاصة)
الفصل الثامن و الخمسون_الجزء الثاني (فض شراكة)
الفصل التاسع و الخمسون_الجزء الثاني (فراق الحبيب)
الفصل الستون_الجزء الثاني (تمزق الروح)
الفصل الواحد و الستون_الجزء الثاني (عصفورٌ في اليد)
اقتباس من الفصل الجديد
الفصل الثاني و الستون_الجزء الثاني (حرية الاختيار)
الفصل الثالث و الستون_الجزء الثاني (وجهةٌ مصوبة)
الفصل الرابع و الستون_الجزء الثاني (عقل مريض)
الفصل الخامس و الستون_الجزء الثاني (لا حول ولا قوة)
الفصل السادس و الستون_الجزء الثاني (الكرة في ملعبه)
الفصل السابع و الستون_الجزء الثاني (ليلٍ لا يدوم)
الفصل الثامن و الستون_الجزء الثاني (بالطبع مستحيل)
الفصل التاسع و الستون_الجزء الثاني (السقوط في بئر الضياع)
الفصل السبعون_الجزء الثاني (مغيب عن الواقع)
الفصل الواحد و السبعون_الجزء الثاني (حرق أعصاب)
الفصل الثاني و السبعون_الجزء الثاني (لم يكن خيرًا)
الفصل الثالث و السبعون_الجزء الثاني (حالة صدمة)
الفصل الرابع و السبعون_الجزء الثاني (لمن النصر؟)
الفصل الخامس و السبعون_الجزء الثاني (الموت قادم)
الفصل السادس و السبعون_الجزء الثاني (فخورًا بنفسه)
الفصل السابع و السبعون_الجزء الثاني (حق الاستغلال)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (عوض الله)
الفصل الثامن و السبعون_الجزء الثاني (ماذا تريد)
الفصل الثمانون_الجزء الثاني (أول سحور)
الفصل الواحد و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفي بوعده؟)
الفصل الثاني و الثمانون_الجزء الثاني (عودة الروح)
الفصل الثالث و الثمانون_الجزء الثاني (انسحبت الروح)
الفصل الرابع و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيفيد بشيءٍ)
الفصل الخامس و الثمانون_الجزء الثاني (بكل راحة و يسر)
الفصل السادس و الثمانون_الجزء الثاني (رحمة الله عليه)
الفصل السابع و الثمانون_الجزء الثاني (ألم فقدانها!)
الفصل الثامن و الثمانون_الجزء الثاني (هل سيشعر به؟)
الفصل التاسع و الثمانون_الجزء الثاني (واقع أم حُلم؟)
الفصل التسعون_الجزء الثاني (إخطار من الوزارة)
الفصل الواحد و تسعون_الجزء الثاني (نظرةٌ قارنها العتاب)
الفصل الثاني و التسعون_الجزء الثاني (طوق نجاة)
الفصل الثالث و التسعون_الجزء الثاني (وحي الخيال)
الفصل الرابع و التسعون_الجزء الثاني (محاولة فاشلة)
الفصل الخامس و التسعون_الجزء الثاني (الزمن يُعاد)
الفصل السادس و تسعون_الجزء الثاني (غياهب الظلام)
الفصل السابع و التسعون_الجزء الثاني (ليلة الحنة)
الفصل الثامن و التسعون_الجزء الثاني (نهاية القصة)
تنويه هام🦋❤️
تجميعة الحلقات الخاصة

الفصل الثالث عشر _الجزء الثاني(اختبار صغير)

108K 3.9K 1.5K
By ShamsMohamed969

"الفصل الثالث عشر"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
________________

ما هي الحياة بدونك؟... يا من تُحييني نظرة عيونك...
________________

نحن أناسٌ جميعنا تعرضنا للرفض، فهناك من رفضه حب حياته و هناك من رفضه حلمه و هناك من رفضته عائلته و هناك من رفضه صديقه، جميعنا بلا شك خُذلنا من قِبل الآخرين، لكن السؤال هنا:
"هل الرفض سيظل قرينًا لنا...أم أن الحياة ستفاجئنا بقبولٍ يُزهرنا من جديد ؟!.

"أنا هروح اتعالج عند هناء ، اللي زيي مريض نفسي و لازم يحل مشكلته"
تفوه «وليد» بذلك الحديث بعدما زفر بقوة يخرج ما يُجيش به صدره أما هي فنظرت له نظرةً حائرة لا تدري بماذا ترد عليه؟ شخصٌ مثله لن تجد ما يجدي معه نفعًا، لذلك آثرت الصمت فوجدته يلتفت برأسه يسألها مستفسرًا بنبرةٍ شبه حادة:
"إيه يعني مسمعتش رد منك، سكتي ليه يا عبلة؟"

زفرت هي بقوة ثم ردت عليه بهدوءٍ يشوبه حنقٍ طفيف:
"علشان أنا احترت و تعبت يا وليد...بخاف أتكلم قصادك"

التفت بِـ كامل جسده لها يسألها مُتعجبًا من حديثها:
"يعني إيه؟ تقصدي إيه يا عبلة مش فاهمك؟ بتخافي ازاي"

حسنًا ستجيبه بما تفكر به تجاهه لذلك حسمت أمرها ثم قالت بنبرةٍ جامدة:
"أنا تعبت يا وليد... فكرة إنك مش عارف تأمن على نفسك معايا تعباني و فكرة إنك بتختبر حبي كل شوية دي صعبة عليا، أنتَ لسه من مفيش كنت بتختبر حبي ليك و قارنتني بواحدة قليلة الأصل و متكلمتش، دلوقتي كلامك دا عاوز اجابتين بسببك برضه"

قطب جبينه يسألها بنبرةٍ يشوبها بعض التهكم:
"إيه هما الاجابتين؟ و بسببي ليه"

ردت عليه هي بهدوء بعدما زفرت بقوة:
"علشان كل مرة تفهم الكلام غلط، لو قولتلك برافو روح اتعالج هتقولي يعني أنتِ شايفاني مريض و محتاج اتعالج و مش قبلاني زي ما أنا؟....و لو قولتلك لأ متروحش هتقولي خايفة الناس يقولوا عليا مجنون؟ و برضه أنا اللي هبقى غلطانة"

نظر لها بغير تصديق و هو يتحدث متشدقًا بتهكمٍ:
"ياه !! أنا ضاغط على أعصابك أوي كدا يا عبلة ؟ طب مستحملة ليه ؟ ما تسيبيني"

ابتسمت هي بسخرية ثم أجابته بنبرةٍ شبه مستهزقةً من حالها:
"ياريت كان ينفع أسيبك، بس القلب اتكتب عليه يدوق الحيرة معاك زي ما برضه عرف الحب معاك، أنا قبلاك زي ما أنتَ و زي ما تحب نفسك، شوف أنتَ عاوز إيه و أنا معاك فيه"

تنفس الصعداء ثم رفع رأسه للسماء يمعن النظر بها و هي تنظر له بترقبٍ، و بعد ثوانٍ قليلة أنزل رأسه للأسفل ثم قال دون أن يحرك رأسه ينظر لها:
"أنا قررت هروح اتعالج علشان أعرف أكمل حياتي من غير قلق، و أسف على تعب أعصابك كل شوية دا....بس أنا مبحبش حد يعاني بسببي، علشان كدا هبعد فترة عنك لحد ما اتظبط شوية و ساعتها أنا بنفسي هصلح كل حاجة"

لا تدري هل لو مدت ذراعيها و قامت بشنقه سيفيدها ذلك بشيء ؟! أم تمسك تلك الزجاجة المعدنية تضربه بها ؟ ذلك البارد متبلد المشاعر، هكذا كانت تفكر بعد حديثه وقبل أن تتخذ رد فعل سمعته يقول و لازال كما هو يتجاهل نظراتها:
"انزلي نامي يا عبلة الوقت اتأخر، و مش عاوزك تطلعي ليا هنا تاني، و أنا هبقى أكلمك"

وقفت هي متأهبةً و قبل أن تخطو خطوةً واحدة أشهرت سُبابتها في وجهه تقول بنبرةٍ حادة:
"أسمع يا وليد علشان أنا خلقي بقى ضيق، براحتك في اللي أنتَ عاوزه بس ياريت فعلًا تبعد عني زي ما بتقول علشان أفوق لنفسي ، أنا مش ازازة عصير بتخليها معاك احتياطي في المشوار"

قالت حديثها ثم ركضت من أمامه تضرب الأرض بقدميها حانقةً عليه و على أفعاله أما هو فأرجع رأسه للخلف يتنهد بعمقٍ لا يدري هل ما تحدث به صحيح أم لا، لكنه يعلم أنها مُحقة فيما تشعر به، فهو لم يتوان في الضغط على أعصابها لذلك يرى نفسه مُحقًا في خطوة علاجه النفسي حتى يسطتع الوثوق بالآخرين و تقبل ذاته دون تقليلٍ منها.
زفر بقوة ثم ارتمى بكامل جسده على الأريكة لعل جسده يرتاح قليلًا و لازال عقله و قلبه يتفقان على قراره معًا و كانت هذه هي المرة الأولى منذ أمدٍ بعيد أن يتفق كلاهما مع الآخر.
____________________

مر ذلك اليوم بما فيه من كل الأحداث حتى أتى صباح اليوم التالي على الجميع، بعد انهاكٍ واضح في الأمس، استيقظت «خديجة» على صوت رنين هاتفه بعدما قام بضبط منبهه، فتحت عينيها على مضضٍ بقدر ما سمح لها ضوء الشمس النافذ من الزجاج الخارجي للشرفة، فوجدت نفسها بين ذراعيه و هو يخفيها كأنها طفلة صغيرة، ابتسمت بهدوء ثم أيقظته بنبرةٍ هادئة متحشرجة:
"ياسين....ياسين يلا علشان الشغل....يــاســيـن"
صرخت بكلمتها الأخيرة حتى يستقظ بعدما فشلت في ذلك بنبرتها الهادئة مما جعله ينتفض قائلًا بفزعٍ:
"إيـــه على الصــبح....عامر ولع فينا !!"

ابتسمت على رد فعله و هي تحاول جاهدةً وأد تلك البسمة فوجدته يرتمي من جديد على الأرض الرخامية و هو يزفر بقوة واضعًا كفه على وجهه فوجدها تقول بمرحٍ:
"على فكرة صحيتك بالأدب منفعش، مكانش فيه قدامي غير قلة الأدب"

ابتسم هو بسخرية ثم اعتدل جالسًا يقول متهكمًا:
"يعيني عليكي يا ضنايا...هي دي قلة الأدب عندك ؟ دا أنتِ على نياتك خالص، بس لما أرجع هقولك أنا"

قطبت جبينها متعجبةً منه فسألته بنفس التعجب البادي على ملامحها:
"هتقولي ؟! هتقولي على إيه"

غمز لها بعدما ارتسم الخبث على ملامح وجهه ثم أضاف:
"هقولك على قلة الأدب بس لما أرجع من الشغل"

شهقت بقوة ثم ضربته في كتفه تزامنًا مع قولها الحانق:
"قليل الأدب و مش متربي و الله العظيم، فين أهلك علشان يشوفوا الأستاذ ابنهم"

رد عليها هو بمرحٍ يشوبه بعض التعالِ:
"طب دا أنا كل الناس بتسأل على قاموس التربية بتاعي، إنتِ إيه عرفك أنتِ"

ظلت تستغفر ربها في سرها و هو ينظر لها بتسليةٍ واضحة في عينيه، فوجدها تنظر له وهي تقول بنبرةٍ مرحة كأنها تعامل طفلًا صغيرًا:
"طب يا حبيبي يلا قوم روح شغلك كدا هتتأخر...يلا يا ياسين ربنا يهديك على الصبح"

ابتسم هو باتساع حينما وجدها تهدهده كما الطفل الصغير ثم هَبَ واقفًا و هو يقول بنبرةٍ عادية:
"أنا أصلًا همشي علشان هوصل ياسر في سكتي"

سألته هي بتعجبٍ:
"هتوصل ياسر إزاي ؟ مش هو بيروح مواصلات ؟"

أومأ لها موافقًا ثم أضاف وهو يفرد ذراعيه و يحرك رأسه في عدة جهات:
"آه ماهو علشان كدا أنا هاخد ياسر في سكتي و خالد الله يعينه هياخد عامر"

أومأت له في هدوء ثم وقفت هي الأخرى تحمل الأشياء من على الأرض الرخامية فوجدته يقول بسخرية:
"بس حلو نوم البورش دا، أبقي فكرينا نكررها تاني كنوع من أنواع جلد الذات يعني"

حركت كتفيها ببساطة حينما أدركت مقصد حديثه ثم قالت بنبرةٍ باردة:
"براحتك...أنا مضربتكش على إيدك أنتَ اللي جيت نمت جنبي مش مشكلتي"

غمز هو لها و رافق غمزته تلك قوله المرح يشوبه بعض العاطفة:
"أنا معاك إنشالله لو في السجن يا عسل، قولتهالك قبل كدا السجن في وجودك بَراح يا خديجة"

ابتسمت هي باتساع له بسمةً مشرقة جعلته يطيل النظر لها و هي تقوم بحمل الأشياء على ذراعيها و حينما وجهت بصرها نحوه وجدته يقول باحراجٍ:
"إحم....طب....طب هلبس أنا بقى علشان متأخرش و علشان ياسر كمان ميتأخرش"

أومأت له مبتسمة و هي تراقب انسحابه من أمامها، فتبعته هي و خرجت من الشرفة حتى تقوم بوضع تلك الأشياء في الغرفة، و بعد مرور دقائق كانت تقف في المطبخ تعد وجبة الإفطار فخرج هو من الداخل بعدما ارتدى ثيابه دخل المطبخ لها جلس على الطاولة، تناولا فطورهما في صمت و فجأة صدح صوت هاتفه برقم صديقه فوقف هو يقول بنبرةٍ متعجلة:
"طب هنزل أنا بقى علشان ياسر بيرن، عاوزة مني حاجة"

حركت رأسها نفيًا له ثم قالت بنبرةٍ ظهرت بها العاطفة:
"عاوزة سلامتك و عاوزاك كويس علطول"

أومأ لها موافقًا قال بهدوء:
"أنا هعدي على ماما النهاردة يعني ممكن أتأخر شوية، اجهزي أنتِ لحد ما أجي علشان هرن تنزليلي علطول"

قطبت جبينها متعجبةً من حديثه تزامنًا مع تحريك رأسها مستفسرةً فوجدته يتنهد ثم أضاف قائلًا:
"هروح اشوفهم علشان وحشوني و لو خدتك معايا مش هيسبونا نرجع، و بصراحة أنا عاوزك في مشوار مهم"

سألته هي بحماس:
"مشوار !! مشوار إيه قول بسرعة علشان خاطري"

ابتسم لها باستفزاز ثم أضاف:
"ملكيش دعوة، أسمعي الكلام و أنتِ ساكتة بقى"

حركت كتفيها و هي تقول باستفزازٍ هي الأخرى:
"خلاص مش هاجي، كدا كدا هنام بدري علشان مش بحب السهر"

ضحك هو بسخريةٍ ثم أضاف قائلًا:
"آه طبعًا ما أنا عارف، هتنامي زي امبارح كدا"

نظرت له باستفسار فوجدته يضحك باتساع و هو يراقص جزعه العلوي تزامنًا مع غناءه:
"و أنا عاملة نفسي نايمة....و أنا عاملة نفسي نايمة....و أنا عاملة نفسي نايمة"

خرج من أمامها ولا زال كما هو يغني و هو يراقص جزعه العلوي لها بطريقةٍ مُضحكة جعلت ضحكتها ترتفع على تصرفاته المرحة.
_______________

في شقة «ياسر» تجهز هو و وضع محتوياته في الحقيبة فوجد «إيمان» تركض من الداخل وهي تقول بصوتٍ عالٍ:
"أستنى ياض يا ياسر، متنزلش"

التفت ينظر لها مُتعجبًا فوجدها تقترب منه و البسمة العذبة تزين وجهها وهي تقول بمرحٍ:
"أنا صحيت الصبح عملتلك السندوتشات دي تخليها معاك علشان أنتَ مش بتعرف تاكل في المستشفى، بدل ما تفضل مجوع نفسك لحد ما ترجع"

تبدلت نظرته إلى الحنان و هو يطالعها بحبٍ بالغ فوجدها تقول بهدوء قلما تتسم هي به:
"أنا عرفت إنك مش بتاكل هناك من مامتك قالتلي كدا و أنا بطمن عليها، علشان كدا قولت أكيد هتاكل من ايدي أنا...ها ؟"

اقترب منها هو ثم طبع قبلة هادئة على جبهتها ثم قال بعدما زفر بقوة:
"علشان كدا مش بحب أزعلك مني، أنا شايف فيكي دنيتي كلها و علطول حاسس إنك بنتي يا إيمان و في نفس الوقت خوفك عليا بيحسسني أني مطمن...شكرًا"

أمسكت تلابيب قميصه تقول بحنقٍ زائف:
"أخرتها شكرًا ؟! مفيش حضن و لا بوسة حتى ؟ مفيش رومانسية خالص كدا، دا إيه دا"

ابتسم هو على طريقتها ثم أخذها بين ذراعيه بحنانٍ بالغ و هو يقول بمرحٍ:
"احنا آسفين لحضرتك يا أستاذة إيمان، حلو كدا؟ بس يدوبك اتحرك علشان ياسين رن عليا"

ابتعدت هي عنه ثم أومأت له بهدوء فوجدته يقبل رأسها ثم لوح لها و هو يقول بهدوء:
"أشوفك بليل، لا إله إلا الله"

تنهدت هي بعمقٍ ثم أضافت:
"سيدنا محمد رسول الله، ترجعلي بالسلامة"

خرج هو من الشقة ثم نزل لصديقه فوجده ينتظره أمام بنايته، ركب السيارة بجانبه و هو يقول بمرحٍ:
"صباح الخير يا هندسة"

_"صباح النور يا دكترة"
تفوه بها «ياسين» بنفس المرح الذي تحدث به صديقه، ثم حرك مقود السيارة و هو يسأله بنبرةٍ يشوبها بعض المرح:
"شكل ليلتك عدت على خير و متنكدش عليك امبارح"

ابتسم «ياسر» باتساع ثم قال بفخرٍ:
"الحمد لله قدر و لطف، صحيح كان هيبقى فيها بيات على السلم بس جت سليمة"

رد عليه «ياسين» بحنقٍ زائف:
"يعني إيه تنام على السلم ؟ ليه و بيت أخوك فين؟ انشف كدا يا ياسر و خليك جامد، و تنام في شقتك براحتك مكان ما أنتَ عاوز مش مكان ما هي موجودة"

فور انتهاء جملته صدح صوت هاتفه برقمها، فقام بالضغط على زر الإيجاب و لكن الهاتف كان موضوعًا أمامه على تابلوه السيارة و الصوت عاليًا فقال هو بهدوء:
"أيوا يا خديجة، فيه حاجة ولا إيه"

ردت عليه هي باستفسار:
"آه كنت هسألك على حاجة، امبارح لما أنتَ نمت في البلكونة أنا كنت سايبة الازاز مفتوح حاجة بسيطة، دلوقتي ببص لقيته مقفول خالص، أنتَ اللي قفلته بليل؟"

اتسعت حدقتيه بقوة أما «ياسر» فـ علت ضحكته عاليًا و لم يستطع التحكم بها، فسألته هي بنبرةٍ متعجبة:
"إيه روحت فين؟ و مين اللي بيضحك كدا"

رد عليها هو بضيق:
"أنا معاكي ياختي هكون روحت فين يعني؟ آه يا خديجة أنا اللي قفلته بليل، روحي الله يسترك زي ما أنتِ ستراني كدا"

اغلق المكالمة معها دون انتظار الرد منها، ثم التفت ينظر لصديقه الذي يحاول جاهدًا كتم ضحكته، لذلك قال هو بضجرٍ:
"ما خلاص يا عم ياسر، إيه أنتَ مش متجوز ولا إيه، دا بيتها هي، يعني تعمل اللي هي عاوزاه...اعتبر نفسك فيه ضيف"

أومأ له «ياسر» بسخرية ثم ربت على كتفه وهو يقول بنبرة ضاحكة:
"طبعًا يا حبيبي من غير ما تقول، تعيش و تقفل شبابيك يا رب"

تبدلت نظرة «ياسين» إلى المرح ثم ضحك بقوة و صديقه يشاركه الضحك هو الآخر.
__________________

في شقة «خالد» تجهز هو فوجد «ريهام» تسأله باصرار:
"ايوا أنتَ كنت فين لحد بليل كدا و راجع واخد برد في عضمك و أنتَ جسمك مش بيستحمل"

قلب عينيه بمللٍ ثم قال بهدوء يشوبه بعض الضيق:
"خلاص يا ريهام قولتلك كنت مع العيال امبارح و رجعنا متأخر، هو تحقيق يعني ؟ و بعدين خليكم بعيد عني علشان متاخدوش العدوى مني، مش ناقصة هي"

زفرت بضيق ثم قالت له بلامبالاة:
"أنتَ حر خليك كدا ترد عليا ببرود و ساعات متردش خالص، و تيجي تقولي أنتِ بتزعلي ليه، أنا خايفة عليك و أنتَ بتتبارد عليا"

تنهد هو بقلة حيلة ثم قال بهدوء:
"أنا نازل دلوقتي علشان متأخرش أكتر من كدا، لما أرجع بليل هقولك كنت فين ماشي ؟ سلام و بوسيلي يونس لما يصحى"
قال جملته ثم انسحب من أمامها بعدما حمل محتوياته في حقيبة ظهره، أما هي فنظرت في أثره بقلة حيلة ثم دخلت عند «يونس».

في شقة «عامر» وقف هو بجوار زوجته و هو يقول معتذرًا:
"خلاص بقى خلي قلبك أبيض بقى، إيه يعني نمتي من غير عشا و استنتيني أربع ساعات؟ بتحصل يا سارة"

التفتت له تقول بنبرةٍ حانقة:
"بطل روقانك اللي يعصب دا؟ و بعدين بقولك كنت فين تقول ماتش كورة مهم جدًا، هتشلني يا عامر و الله"

رد عليها هو بلامبالاة:
"أشلك إزاي بس دا أنتِ حبيبتي و الله، بس أنا هعوضك متزعليش"

سألته هي بسخرية:
"هتعوضني إزاي بقى؟ أحسن يكون عندك دوري ابطال المنطقة ولا حاجة"

اقترب منها يقول بخبثٍ:
"ما تسيبك من الأبطال اللي في المنطقة و خليكي مع البطل اللي هنا، دا واد حوار بيهزم الأشرار"

تنهدت هي بقلة حيلة ثم ابتسمت له وهي تقول:
"نعم ؟! عاوز إيه"

ابتسم هو لها باتساع ثم قال:
"مش عاوز حاجة غير إن عيونك تضحك و أنا هبقى مَرضيّ كدا، سلام علشان خالد مستني تحت و أنا بصراحة خايف منه أصلًا"

ردت عليه هي بسخرية:
"من إمتى و أنتَ مش خايف منه؟ طول عمركم قط و فار"

أخذ زجاجة المياه الموضوعة أمامه و هو يقول متعجلًا:
"طب سلام بقى بدل ما أنزل الاقيه ماسكلي بندقية و بيجري ورايا.

في الأسفل وقف «خالد» بسيارته أسفل بناية «عامر» فوجده يركض له من المصعد مثل الطفل الصغير الذي يهرول بعد انتهاء اليوم الدراسي، حرك رأسه نفيًا بيأس بمعنى لا فائدة منه، فوجده يفتح الباب الباب الخلفي للسيارة، فخرج له من النافذة يقول بحنقٍ:
"أطلع يا ابن***** اقعد جنبي علشان أنا مش السواق بتاع أهلك"

زفر «عامر» بقوة ثم تحرك بهدوء يفتح الباب الخاص بالمقعد المجاور لمقعد «خالد» و بعدما جلس عليه وجده يقول بحنقٍ:
"ما تلم نفسك بقى هو أنتَ ورايا ورايا؟ كل مصيبة تقع على راسي سببها زفت الطين عامر"

رد عليه «عامر» بضجرٍ:
"هو أنا ابن مرات أبوك يا عم، طالما مش طايقني مصاحبني ليه؟ ما تسبني في حالي"

رد عليه «خالد» بقلة حيلة:
"ماهو أنا مهزق و بحبك، صحيح قربت أموت بسببك بس من غيرك حياتي مملة، شوفتي وكستي معاك بقى"

رد عليه «عامر» بمرحٍ:
"روح ربنا يطولك في عمري و يزيد وكستك كمان و كمان يا رب"

حرك رأسه نفيًا ثم قال:
"مفيش فايدة فـ أهلك، يلا علشان نلحق نمشي"

قال جملته ثم حرك السيارة حتى يذهبان إلى عملهما، و فجأة ارتفع صوت «عامر» قائلًا:
"وقف بسرعة يا خالد...بسرعة بس"

أوقف الأخر السيارة متعجبًا فوجد صديقه يقول بمرحٍ:
"قولي بقى تشرب عصير و لا بيبسي ؟!"

قدم «خالد» جسده للأمام حتى يرى سبب توقفه بتلك الطريقة و حينما لمح كشك بقالة صغير أدرك حديث صديقه لذلك عاد للخلف من جديد يقول بهدوء بث الرعب في قلب «عامر»:
"من دمك....أنا عاوز أشرب من دمك علشان أرتاح"

_"برضه مقولتليش عاوز عصير و لا بيبسي ؟"
قالها «عامر» بلامبالاة جعلت «خالد» يضع كفيه على رأسه بقلة حيلة جعلت «عامر» يحرك كتفيه ثم نزل من السيارة حتى يجلب مشتريات له و لصديقه و بعد دقائق دخل السيارة بمنتهى الحماس و في يده حقيبة كبيرة جعلت «خالد» ينظر له باستنكار متعجبًا منه أما هو قال بمرحٍ:
"لقيت عنده البسكوت اللي بحبه فكرني و احنا راجعين أجيب كرتونه علشان مش بلاقيه كتير"

رد عليه «خالد» منفعلًا بضجرٍ:
"يــا بــنــي هتموتني...حرام على أهلك كلهم، هو أنا رايح أوصلك للحضانة؟ دا أنا رايح أوصل مدير شركة من أكبر الشركات السياحية في مصر، داخل عليهم بشنطة فيها لمبادا و هوهوز ؟! ما تجيب لوليتا بالمرة"

_"و الله سألته قالي مفيش بس هتيجي بليل، ابقى فكرني أجيبها بليل مع البسكوت"
قالها «عامر» بمنتهى البساطة و كأنه يخبره عن دواء، أما «خالد» فألقى بجسده للأمام يضرب رأسه في مقود السيارة نتيجة افعال صديقه.
________________

في بيت آلـ «الرشيد» بعدما قضىٰ «وليد» ليلته حائرًا حتى زاره النوم عند شروق الشمس، استيقظ هو بهدوء ثم نزل من السطح توجه إلى شقته، فوجد والده ينتظره في شقتهم، دخل هو ثم القى تحية الصباح عليه بقوله:
"صباح الخير يا بابا، مروحتش الشغل ليه"

رد عليه «مرتضى» بهدوء مُردفًا:
"أنا و طه رايحين نجيب حاجات تبع الشغل، و محمد خد محمود و نزله علشان يغير جو شوية"

أومأ له ثم التفت حتى يدخل غرفته فسمع صوت والده يقول:
"طارق و وئام و أحمد مشيوا من غيرك بيقولولك روح المطبعة أنتَ علشان حسن مش هينزل دلوقتي"

أومأ له ثم سأله و كأنه تذكر لتوه:
"هو وئام مشي و ساب هدى إزاي؟"

أجابه «مرتضى» بعدما نظر في ساعة يده:
"الستات كلهم معاها و البنات كمان، يدوبك هنزل أنا علشان طه مستني، سلام"
أومأ له وهو يتابع انسحابه من أمامه، أما هو فدخل غرفته ثم تحمم و بعدها ارتدى ثيابه و هي عبارة عن قميص من اللون الزيتي و بنطال من اللون البيج و حذاء رياضي باللون الأبيض و كان في غاية وسامته، بعدها تنهد بعمقٍ ثم حسم الأمر فيما يريد.

في شقة «محمود» في الأسفل تحدثت «زينب» تقول بمرحٍ طفيف:
"كلي بقى يا هدى علشان وئام محلفنا كلنا عليكي، حجتك كانت هدير و طمناكي عليها خلاص"

أومأت لها ثم أضافت تقول بحماسٍ:
"الحمد لله يا طنط زينب قلبي أطمن لما شوفتها امبارح، أنا قلبي مطمن عليها مع حسن دا، حسيت ان عينها مش فيها خوف"
أضافت «جميلة» تقول بنبرةٍ يشوبها بعض الحزن:
"أنا واثقة فيه علشان كل رجالة العيلة واثقين فيه و دي حاجة حلوة، طارق و وئام و وليد واثقين في حسن أوي"

تدخلت «سهير» تقول بهدوء:
"حسن ابن حلال و احنا مربينه معانا هنا، زي ما ربينا ولادنا و مروة طول عمرها تعامله زي ما بتعامل وئام"

أومأ الجميع بموافقة، عدا «عبلة» التي جلست على مقعد منزوي عنهن و ملامح وجهها حزينة بشدة تفكر فيما تفوه هو به بالأمس، و فجأة طرق باب الشقة بواسطته، فقامت «مروة» تفتح الباب و حينما وجدته أمامها قالت بنبرةٍ سريعة:
"كنت فين يا وليد، فضلت مستنياك امبارح و منزلتش، قلقتني عليك"

حينما سمعت ذكر اسمه تحركت تلقائيًا من على المقعد و قبل أن تقوم من على المقعد عادت تجلس عليه من جديد، أما هو فقال بهدوء:
"نمت فوق السطح يا ماما مقدرتش أنزل، المهم أنا جاي أتطمن عليكم علشان رايح مشوار تبع الشغل و هتأخر فيه"

ربتت هي على كتفه ثم قالت بمرحٍ:
"طب تعالى ادخل سلم عليهم، دي عبلة هنا هي كمان"

حمحم هو بقوة ثم قال بصوتٍ عالٍ بعض الشيء:
"لأ أنا هنزل علشان أروح المطبعة و علشان ورايا مشوار مهم بعد كدا، هبقى أجي أطمن عليكم بليل، شوفي هدى كدا عاوزة حاجة قبل ما أمشي ؟"

أتت «هدى» من الصالة حتى وصلت أمام باب الشقة ثم قالت له تشاكسه بمزاحٍ:
"لأ مش عاوزة منك حاجة، و ابعد عني علشان أنا حامل"

رد عليها هو متهكمًا بسخرية:
"هو أنتِ كل ما تشوفي وش أمي تقوليلي أنا حامل، عرفنا يا ست إنك حامل، كلنا حاملين والله مش أنتِ لوحدك، أنتِ حامل في جنين، غيرك حامل في مرض و ضغط و سكر و صداع....اللي جابلك يخليلك"

حركت رأسها بمعنى لا فائدة منه ثم نظرت له بوجهٍ ممتعض، فوجدته يبتسم لها ثم قال:
"أنا نازل علشان ورايا مشوار مهم لو عاوزة حاجة مني قوليلي أجبهالك و أنا جاي"

ابتسمت له هي الأخرى و هي تقول بامتنان:
"عاوزاك تفضل كويس و فرحان يا وليد، صدقني دي الحاجة اللي ممكن أطلبها منك"

أومأ هو لها ثم ودعهن و نزل من البيت، أما «زينب» فكانت تتابع الموقف بتعجبٍ منه و بعد اغلاق الباب و عودة «هدى» و «مروة» قالت هي باندهاش:
"غريبة يعني وليد مدخلش ليه؟ عرف إن عبلة موجودة و مدخلش؟"

نظرت لها «عبلة» بحزن حاولت صبغه بالثبات لكن دون جدوى، فتدخلت «سهير» تقول بمرحٍ:
"يمكن علشان عمه محمد مش هنا، أصل وليد محترم أوي مبيقربش من عبلة غير لو عمه موجود"

وقفت هي تقول بحنقٍ طفيف حتى تغلق ذلك الموضوع:
"طب أنا هطلع علشان فيه كورس اونلاين دلوقتي قبل ما سلمى و خلود يرجعوا"
قالت حديثها ثم تحركت من الشقة تاركة النساء خلفها ينظرن في أثرها بتعجبٍ من تغير حالتها.
__________________

في السنتر التعليمي وقفت «سلمى» ثم قالت بهدوء:
"حصتي هتبدأ دلوقتي يا خلود، أنا هدخل علشان أقعد قدام و علشان اعلم الواجب، درسك امتى ؟"

ردت عليها «خلود» وهي تقوم بالضغط على زر هاتفها تنظر في ساعته ثم أجابتها بعدما رفعت رأسها لها تطالعها:
"فاضل نص ساعة، بس دي حصة تجربة يعني ممكن يتأخر، أنا جيت معاكي علشان محدش فينا يبقى لوحده، و كدا كدا هخلص معاكي و هستناكي هنا برضه"

أومأت لها «سلمى» ثم تركتها حتى تدخل القاعة التعليمية، أما «خلود» فأمسكت هاتفها تتصفح احدى صفحات التواصل الاجتماعي، و هي غافلة عن زوج الأعين التي تراقبها بهدوء و هو جالسٌ على المقعد الجلدي أمام طاولة الاستقبال، و فجأة ازدحم المكان بمجموعة شباب من نفس صف «خلود» حتى يقوموا بتجربة الشرح، شعرت هي بالضيق لذلك أغلقت هاتفها ثم ضمت ذراعيها أمام صدرها، و لسوء حظها نظر لها شابين من عمرها، و حينما لاحظت هي نظراتهم حركت رأسها للجهة الأخرى حتى لا تتقابل نظراتهم و مع حنقها ذلك زادت عصبيتها التي أضحت واضحةً من خلال تحريكها لقدميها بانفعالٍ حقيقي، قام «عمار» بتسجيل الاسماء و بعد ابتعاد الشباب عن نظره، لاحظ هو نظرة الشابين لها و انفعالها البادي على ملامحها و حركة جسدها، لذلك سحب المقعد المجاور لمقعده ثم قال لها بنبرةٍ جامدة:
"تعالي هنا يا آنسة علشان الشباب يقعدوا براحتهم بدل ما عينهم عمالة تلف كدا في المكان"

نظر له كلاهما بحنقٍ و توعد، فأضاف هو لها بنفس النبرة الجامدة:
"تعالي يا آنسة علشان هما يقعدوا هناك، اتفضلي هنا، دا أخوكي صاحب السنتر حتى"

قال هو جملته الأخيرة بتلميحٍ مبطن التقطه كلاهما على الفور، أما هي جمعت أشياؤها الخاصة ثم اقتربت منه تجلس على المقعد الذي أشار هو عليه بعدما ابعده هو بيده مساحةٍ كافية حتى تجلس بجوار المكتب و في نفس الوقت تكون بعيدةً عنه حتى لا تلفت الأنظار لها، أما هو قام بتسجيل الأسماء لفتاتين من نفس عمرها ثم قال بطريقةٍ مهذبة:
"اتفضلوا هنا جنب الآنسة"

أومأت له كلتاهما ثم جلسن بجانب «خلود» التي نظرت في هاتفها من جديد، أما «عمار» فرفع حاجبه ينظر للشباب نظرةٍ حادة كـ تحذيرًا منه، فجأة دخلت فتاة من نفس عمر «خلود» ولكن هيئتها غير ذلك و لا تتناسب مع عمرها، حيث كانت ترتدي ملابس ضيقة بشدة تبرز مفاتن جسدها و حجاب قصير يشبه القبعة أخرجت منه نصف خصلاتها، ثم وقفت أمام «عمار» تقول بطريقة مائعة جعلت التقزز باديًا على ملامح «خلود» و «عمار» أيضًا:
"ازيك يا عمار عامل إيه؟ المستر جه؟"

رد عليها هو بحنقٍ بعدما أخفض رأسه حتى لا يطالعها:
"لسه يا آنسة مجاش، اكتبي اسمك لحد ما المشرفين يوصلوا و يجمعوكم جوة القاعة"

أومأت له موافقة ثم أعطته بياناتها، ثم سحبت مقعد حديدي تجلس عليه أمام المكتب حتى تصبح مقابلةً له، نظر هو لها بتعجب فوجدها تقول بمرحٍ:
"أنتَ ليه علطول قافش كدا يا عمار، مكشر في وش البنات و مش بتتكلم معانا زي باقي المشرفين، حتى في الجروب بتاع السنتر محدش عارف يتعامل معاك، عليك تار ولا إيه؟"

رفعت «خلود» حاجبها من طريقتها المصطنعة تلك، فوجدته هو يقول بنبرةٍ جامدة:
"علشان أنا جاي اشتغل مش ألعب يا آنسة، و المفروض حضرتك جاية تتعلمي مش تتسلي، و ياريت حضرتك تقعدي في صف البنات دا علشان سنة تالتة جايين دلوقتي"

ابتسمت هي له ثم قالت بنفس الطريقة المصطنعة:
"هتحرك علشان هعتبرك غيران عليا، تُشكر يا عمار"

نظر هو لـ «خلود» بجانبه فوجدها تنظر بتقززٍ واضح لتلك الفتاة فحرك رأسه ينظر لها من جديد وهو يقول بنبرة حادة:
"اسمعي يا آنسة علشان أنا مش هكرر كلامي مرتين أنا هنا بشتغل و لو أنا مش قد الشغل دا المكان دا مش هيقبلني، و أنا مش غيران على حد، بس أنتِ بنت و أنا مش هسمح لحد يضايقك لأن انتو هنا أمانة لحد ما تخرجوا من السنتر دا، ياريت كلامي يكون اتفهم"

رَفع صوتهِ أبان حديثه حتىٰ يصل للجميع مما جعل الفتاة تشعر بالاحراج ثم جلست بجانب الفتيات و هي تشعر بالضيق منه و من حديثه الغليظ من وجهة نظره، أما «خلود» فلا تدري لماذا شعرت بالفخر به و بحديثه، رغم أن طريقته صلبة إلى حدٍ ما إلا أن حديثه يُحترم و يجعل الأعين تضج فخرًا به و بتربيته.

أما هو فزفر بقوة ثم أرجع رأسه للخلف حينما شعر بالضيق من تلك الفتاة و التي لم تكن الوحيدة التي تحاول التحدث معه و لكن غيرها كثيرات من الفتيات في عمرها يحاولن التقرب منه و معاكسته من خلال الرسائل الإلكترونية، أما هو فدائمًا يسد الطرقات عليهن حتى لا يهيء لهن سهولة التقرب، ناهيك عن قلبه الذي يدق فقط عند رؤيتها تلك التي تجلس بجواره، هكذا كان يفكر بعد موقف تلك الفتاة ثم حانت منه التفاتة بسيطة نحوها فوجدها تنظر له و حينما حرك رأسه باتجاهها حركت رأسها بسرعة تتصنع الانشغال في الهاتف.
______________

استيقظ «حسن» باكرًا من نومه بعد ليلة كاملة قضاها في البكاء و هي بين ذارعيه تفعل المثل و كأن كليهما أول مرة يبكِ في حياته حتى غفت هي بين ذراعيه مما جعله يشدد عناقه لها يخفيها بين ذراعيه و كأنه يود حمايتها من ذلك العالم الموحش الذي ألم قلبها، انسحب هو من جانبها ثم ذهب إلى المطبخ يقف به يقوم بتجهيز الفطار لهما معًا، أما هي فحسمت أمرها ثم خرجت له بعد تفكيرٍ عميق نتيجة خجلها منه بعد قضاءها ليلةٍ كاملة بين ذراعيه، خرجت له بخجلٍ واضح على هيئتها من خلال كفيها التي شبكتهما في بعضهما تضغط عليهما بقوة حتى تُحد ذلك التوتر، أما هو فحينما لمح ظلها التفت لها يقول بهدوء:
"صباح الخير يا هدير، عاملة إيه طمنيني؟"

أومأت له هي كأنها تخبره أنها على ما يرام، فوجدته يقترب منها ثم قال مُبتسمًا:
"ممكن أبان قلبي جاحد شوية علشان اللي هقوله دا، بس أنا فرحان أوي إنك عيطتي امبارح و إن أنا كمان عيطت، أنتِ متعرفيش أنا بتعذب ازاي علشان أعيط، وجودك امبارح ريحني....علشان دي أول مرة حد يمسح دموعي فيها"

رفعت رأسها له تطالعه بأعينها الجميلة و كأنها تستشعر حديثه فوجدته يقترب منها أكثر وهو يقول بمرحٍ يشوبه بعضٍ من الخبث:
"بس إيه رأيك في عياط امبارح؟ ليكي عليا كل يوم حفلة عياط زي دي، و أخدك في حضني بعدها لحد ما تنامي، إيه رأيك ؟"

رافق حديثه تحركه نحوها يقترب منها و هي تعود للخلف بهدوء حتى أوشكت على التعثر فوجدته يمسكها من خصرها و هو يقول بمرحٍ:
"حاسبي يا هدير، كنتي هتقعي"

حركت رأسها نحوه بخوفٍ فوجدته يطيل النظر في مقلتيها و هو يقول بنبرةٍ تائهة:
"يا نهار أبيض !! هما لونهم إيه و لا هما نفسهم إيه ؟!"

حركت رأسها تستفسر منه عن ما يتحدث، فوجدته يشير برأسه نحوهما و هو يقول بنفس النبرة التائهة:
"عيونك يا هدير.... هما بني فاتح ولا عسلي غامق و لا أخضر زي زرع الشجر ؟!"

أحدقت هي النظر فيه بنفس التيه فوجدته يمد كفه ثم رفع بعض الخصلات الشاردة على جبهتها ثم قال بهدوء:
"شعرك و هو مرفوع كدا أحلى مع عيونك، هما حلوين...بس كدا أحلى"

ارتفعت ضربات قلبها بعد حديثها و في تلك اللحظة كانت هذه المضخة هي جرس انذار لعقلها، لذلك ابتعدت عنه فورًا ثم ركضت من أمامه نحو الصالة تجلس على الأريكة بخوفٍ ظهر جليًا فـي ملامحها، مما جعله يزفر بضيق ثم ضرب الطاولة الرخامية الموضوعة أمامه و هو يقول بحنقٍ محدثًا نفسه:
"غـــبـي...أكيد خافت مني"

بعد استشعاره بتسرعه عاد لتجهيز الطعام من جديد ثم وضعه على صينية كبيرة و حملها بين يديه حتى خرج إليها، أما هي فجلست على الأريكة و رغمًا عنها بكت من جديد لا تدري لماذا، لكنها وجدت راحةً كبرى في البكاء ظنت أنها حُرمت من تلك الراحة حينما تحجرت الدموع في مقلتيها، بينما في داخلها كان يصرخ من البكاء و عدم القدرة عليه، لمح هو بكاؤها حينما اقترب منها لذلك وضع ما بيده على الطاولة ثم جلس بجانبها يقول بهدوء:
"أنا لما قولتلك العياط بيريح مكانش قصدي يفضل عمال على بطال كدا، كنت عاوزك تعيطي علشان ترتاحي، لكن أنا مرضاش أشوفك بتعيطي كدا و أقف ساكت، قوليلي بتعيطي ليه"

مدت يدها تسمح دموعها ثم أمسكت هاتفها تكتب له:
"بعيط علشان أرتاح، من ساعة ما عيطت امبارح و أنا مرتاحة، ما صدقت أعيط أصلًا"

قرأ هو ما دونته له ثم  تحدث يقول متفقًا معها:
"أنا معاكي إن العياط بيريح و معاكي إنك حقك تعيطي علشان اللي فارقتك دي كانت أغلى حد فـ حياتك، بس لازم توازني بين العياط و بين الحياة"

بعدما استمعت لحديثه أرسلت له هي و لازالت الدموع كما هي تفر من منبعها:
"صعب عليا و الله.....دي كانت أمي و أغلى حاجة ليا....ماتت قصاد عيني و كنت حاسة أني عاجزة عن مساعدتها...صعب...والله صعب"

ارسلت ذلك و هي تبكي بقوة حتى ارتجف جسدها فوجدته يفعل مثلما فعلت هي بالأمس ثم مد كف يده بأنامله القوية ثم مسح دموعها و هو بنبرةٍ مهتزة ممتزجة بالبكاء:
"طول ما العياط مريحك و طول ما أنا معاكي هنا، يبقى عيطي براحتك و أنا موجودك علشان أمسح الدموع دي....و أخدك في حضني كمان تعيطي فيه براحتك"

رغمًا عنه بكى حينما تذكر ما مر به وقت الفقدان و أنه قضى تلك الليالي بمفرده يبكي بقوة دون أن يكون هناك من يمسح تلك الدموع أو يحتضنه في حزنه، لذلك هو يرى نفسه بها، هي من تحتاج لـ يده حتى تمسح دموعها و ذراعيه حتى يحتويها بداخلهما، و فجأة وجد نفسه يأخذها بين ذراعيه و هي تبكي بقوة بكاءًا صامتًا و كم وددت لو أن بكاءها امتزج بالشهقات لعلها تخرج و لو جزءًا طفيفًا مما يعتل به صدرها، أما هو فأغلق جفنيه بشدة حتى يزيل تلك الدموع المنهمرة، و لكن إذا توقفت دموع العين كيف له أن يوقف دموع القلب، هكذا كان يفكر و هو يشدد مسكته لها و هي تزداد بكاءًا على والدتها و على صوتها و على خروجها من بيتها و على زواجها بتلك الطريقة في نفس اسبوع وفاة والدتها.
___________________

في منتصف اليوم و بعد انتهاء «وليد» من عمله في المطبعة وصل لعيادة الطبيبة النفسية «هناء» بعدما أخذ قراره في علاجه النفسي، صعد للعيادة و لحسن حظه وجدها فارغة من المرضى و الطبيبة في الداخل تنتظره، دخل إليها هو في هدوء ، فوجدها تقول بمرحٍ طفيف:
"أنا استغربت إن أمال قالتلي إنك عاوز معاد ليك، و قولت يا هشوف معاك حسن أو ياسين، إنما أنتَ جاي لوحدك خير"

تنهد هو بعمقٍ ثم جلس على المقعد المقابل لها و هو يقول بهدوء:
"أنا مش جاي علشان هدير و مش جاي علشان خديجة و لا حتى هسألك عن ازاي اتصرف مع مشيرة، أنا جاي علشاني أنا"

قطبت جبينها متعجبةً من حديثه فوجدته يقول بهدوء يشوبه بعض الضيق:
"أنا اللي عاوز اتعالج من اللي عندي دا، أنا مريض نفسي و محتاج أصلح حياتي"

حينما لاحظت هي حدة نبرته سألته بنبرةٍ أكثر تفهمًا:
"طب معلش عرفني يا وليد كدا أنتَ عندك إيه؟ أو حاسس بإيه يمكن يكون مفيش مشكلة أصلًا"

رد عليه هو بسرعة ممتزجة بنبرةٍ جامدة:
"لأ....أنا عندي مشكلة فعلًا، أنا اللي زيي مش عارف يثق فـ حد و لا عارف أعيش حياتي مبسوط، لسه لحد دلوقتي مش قادر آمن للي في حياتي و لما بأمن ليهم برجع أخاف من تاني، أنا مش عارف أثق في حد، بأذي اللي في حياتي من غير ما أحس"

سألته هي بنبرةٍ مندهشة من حديثه لأنها أدرى الناس بالتعامل معه:
"معقول يا وليد ؟! أنتَ !! إزاي بس، دا أنا علطول بحس إنك متفاهم و عندك ثقة في كل اللي حواليك، ودا وضح من خلال ثقتك في ياسين إنه يشيل مسؤلية خديجة، و اتكرر الموقف من تاني مع هدير و حسن، إزاي بقى كلامك دا"

أخفض رأسه هو ثم قال بنبرةٍ مهتزة إثر حزنه:
"أنا وثقت فيهم علشان الظروف هي اللي كانت عاوزة كدا، لكن لحد دلوقتي أنا خايف و مش عارف أنام....لسه بخاف من كل حاجة....بخاف من ادماني و بخاف من حبي لعبلة، و بخاف من عمي محمد....خايف من كل حاجة....أنا واحد بينام زي الديابة عين مفتوحة و عين مغمضة...أنا بس عاوز أتطمن....هو صعب اللي زيي يتطمن ؟!"

سألها هو سؤاله الأخير بنبرةٍ حزينة جعلتها تنظر له بشفقة فهذه أول مرة تراه في هذه الحالة، أما هو زفر بقوة ثم استطرد حديثه قائلًا:
"أنا مش عارف أسلم حياتي لحد، خايف من اللي.....اللي حصلي زمان....حتى البنت اللي بحبها مش عارف أثق فيها و لا عارف آمن على حياتي معاها....و عمال أوجعها..... و أوجعني معاها"

تفهمت الطبيبة حالته لذلك تركت مقعدها ثم جلست على المقعد المقابل له و تقول بنبرةٍ ودودة:
"أنتَ معندكش أي عيب يا وليد، أنتَ اللي زيك يستاهل يعيش مبسوط زي ما أنتَ باسط كل اللي حواليك، حرام عليك تجرح نفسك كدا، أنتَ كدا ظالم نفسك يا وليد"

كان حديثها حادًا يشبه نصل السكين، لذلك ضرب هو المكتب بكف يده و هو يقول بانفعالٍ واضح ممتزج بالألم:

"و هما لما جرحوني مكانش ظلم ؟! لما شوية عيال ضحكوا عليا و خلوني أدوق العذاب في المصحة علشان الزفت دا يخرج من جسمي دا مكانش جرح؟

و لما واحد زي طه دا وجع بنته و اضطريت ابقى ابوها أنا مكانش ظلم ؟! و لما اللي حبيتها وقفت قصادي ترفضني و عينها في عيني دا مكانش ظلم؟ و لما واحدة زي مشيرة دي وقفت تعايرني أني خريج مصحة دا مكانش ظلم ؟!

و لما واحدة زي هدير دي لعبت عليا علشان تحرمني من اللي بحبها دا مكانش ظلم ؟! و لما بعد خروجي من المصحة روحت اشتغل في المكان اللي بحلم بيه و طردوني منه لما عرفوا أني كنت مدمن دا مكانش ظلم ؟!.... أنا اللي كل اتوجعت منهم كانوا مني و من اختياري....اللي زيي الحياة عندت معاه لحد ما ضيعت منه وليد القديم... اللي أنا بقيت بكرهه علشان هو السبب في كل دا."

رغمًا عنه امتزج حديثه بالبكاء نتيجة حزنه و ألمه النفسي، أما هي حينما تأكدت من مشكلته النفسية و هذا ما ظهر لها من خلال اهتزاز نبرته و فرار الدموع من مقلتيه دون أن يشعر، هو من جعل الحزن يتراكم عليه و مع أول اختبار للثقة وجد نفسه يرسب به نتيجة التراكمات النفسية و قلة ثقته بالآخرين و عدم القدرة على الوثوق بهم من جديد نتيجة ما تعرض له في حياته، أما هي تركت مقعدها ثم التفتت تجلس على المقعد الأساسي لها و هي تقول بنبرةٍ عملية:
"أنا دلوقتي بس اتأكدت إنك عندك مشكلة نفسية، و دا ظهر من خلال نبرة صوتك و حركة ايدك و بؤبؤ عينيك اللي بيلف، اللي زيك يا وليد يستاهل إنه يعيش مبسوط زي ما أنتَ بتبسط كل اللي حواليك، يعني وجودك هنا لازم يكون علشانك أنتَ، علشان كدا هسألك سؤال مهم و عاوزة اجابة صريحة"

رفع رأسه يطالعها بأعين حمراء نتيجة البكاء الذي داهمه فجأةً فوجدها تسأله بنبرةٍ جامدة:
"أنا عاوزة اعرف سبب وجودك هنا بالظبط علشان أعرف اساعدك"

أغلق هو جِفنيه ثم فتحهما بتروٍ و رافق حركته تلك قوله الموجوع:

"أنا جاي هنا علشان ... علشان عبلة اللي أنا عمال أوجع فيها دي و هي ملهاش ذنب، من حقها تطمن إنها مع واحد بيحبها و بيثق فيها....بس إزاي و أنا مش قادر أثق في نفسي....إزاي اطمنها و أنا مش عارف أطمن نفسي ؟"

سألته هي بنبرةٍ عملية يشوبها بعضٍ من الاقرار:
"و طبعًا أكيد حصل قصادك موقف خلاك تفكر إنك ممكن تتعرض للرفض من جديد، أو ممكن تكون اتعرضت للرفض علشان كدا مش عندك ثقة فـ حد"

أومأ لها مؤكدًا حديثها ثم أضاف يسرد لها ما حدث مع صديقه و بعد نهاية سرده و جدته يسترسل حديثه قائلًا باحراج:
"أنا غصب عني قارنتها بيها علشان أنا خايف حاجة زي دي تحصلي، أنا لحد دلوقتي عمري ما قدرت اثق في حد يساعدني علشان أنا مش بعرف أثق في حد.....بس صعب عليا إن اللي بحبها أخاف منها.... عينيها اليوم دا كانت موجوعة و أنا بشك فيها"

تفهمت الطبيبة حالته لذلك سألته بنبرةٍ أهدأ عن ذي قبل:
"طب هي عبلة وجودها فارق معاك؟ يعني عبلة وجودها مهم قد إيه فـ حياتك يا وليد علشان تاخد خطوة زي دي علشانها هي"

نظر أمامه ثم حرك كتفيه ببساطة وهو يقول بنبرة محبة ممتزجة بالحزن:

"عبلة هي كل حاجة بتخليني أتحرك و أعرف أعيش، عبلة دي كانت الدينامو اللي بيحركني .....فـ كل حاجة، عيونها جنة ليا و الدنيا من غيرهم غُربة اللي زيي يضيع فيها..... أنا ساعات بحب نفسي علشان عبلة بتحبني، و ساعات بكره نفسي علشان بزعلها مني، الوحيدة اللي موجودة علشاني في كل وقت....و نفسي أصدق إنها هتبقى معايا في كل وقت...ببساطة عبلة يعني الأمل لـ وليد....و غيابها هو ألم وليد"

أومأت له الطبية ثم تنفست الصعداء تزامنًا مع ضمها لكفيها في بعضهما ثم قالت بهدوء:
"دلوقتي بقى أقدر أقولك عندك إيه، أنتَ عندك مشكلة ثقة يا وليد أو ما يطلق عليها مؤخرًا (تراست ايشوز) بمعنى إن الشخص بيكون معندوش قدرة إنه يسلم نفسه للحواليه، و دا بيكون مع حاجات كتير جدًا، مش أشخاص بس، تلاقيه دايمًا عنده شك في كل الناس و في كل ما هو حوله، يعني لو في المياه تلاقي الناس كلها بتفرح و عايشة حياتها و هو الوحيد اللي خايف يسلم نفسه للموج، برضه في الحياة الواقعية نفس الشيء الناس كلها ماشية في حياتها و هو خايف من كله"

سألها هو بنبرةٍ سريعة و هو يلتمس منها ما يطمئن قلبه:
"طب و دي ليها حل و لا زي العمل الأزرق كدا، هموت بيها"

ابتسمت هي عليه ثم قالت بهدوء بعدما حركت رأسها بيأس:
"ليها يا وليد...أنا هشرحلك أكتر، قلة الثقة دي بتيجي نتيجة تجارب سابقة و نتيجة خذلان من أشخاص معينة لسه ليك تعامل معاهم، دايمًا بتحس إن صوتك من دماغك يعني مش عاوز حد يشاركك في التفكير و لا أي حاجة، بتاخد القرار من نفسك و تفاجئ بيه الناس، دايمًا تحس إنك عاوز تحمي نفسك من اي جرح و من أي حد حواليك لأن تلقائيًا عقلك بيهجم بذكريات سلبية تخليك تقلق أكتر و تشيل فكرة الثقة من دماغك، دا غير إن حكمك على الناس بيكون بالباطل و السلب، و للأسف دي مشكلة كبيرة و لازم تتحل، لأن بعد كدا بتتحول لاضطراب نفسي خطير زي الوسواس و حتى نفسك هتشك فيها و في قدراتها و هتفضل تهرب من علاقاتك و مسؤلياتك اللي عليك"

أومأ لها موافقًا يؤكد مصداقية حديثها حينما وصفت ما يشعر به هو دائمًا، فوجدها تضيف بنبرةٍ قوية حتى لا تتراجع عن حديثها:
"دلوقتي بقى عاوزاك تبعد عن عبلة كام يوم، أسبوع أو ١٠ ايام كدا و دا جزء من العلاج"

تحولت نظرته إلى الضيق و هو ينظر لها باستنكار، فوجدها تقول بهدوء مردفةً له:
"قبل ما تبرقلي كدا، أنا عاوزة ابدأ معاك علاج عملي علطول، علشان كدا عاوزاك تبعد عن عبلة فترة كويسة كدا، عارفة إنه صعب عليك و عليها، بس دا مطلوب علشانكم إنتو الاتنين"

زفر بقوة ثم أضاف قائلًا:
"أنا طلبت منها امبارح تبعد عني و أنا هبقى أكلمها لما أحتاجها، بس دا على اساس أني لسه هفكر في خطوة العلاج، لكن أسبوع كتير علينا احنا الاتنين"

تحولت نبرته إلى الحنق في نهاية حديثه مما جعلها تعود للخلف في مقعدها و هي تقول بلامبالاة:
"براحتك، أنا كنت عاوزة أساعدك و اساعدها، لكن كدا أنتَ بتصعب الطريق علينا احنا الاتنين، و هيجي يوم تخسر عبلة فيه علطول، لكن دي فترة مؤقتة"

وقف هو ثم قال بنبرةٍ جامدة:
"مش مهم....المهم أني افضل معاها، لكن اني ابعد اسبوع دي كتير عليا"

التفت حتى يغادر المكان فوصله صوتها من خلفه تقول مقررةً:
"خليك عارف يا وليد إن الانسان طاقة و عبلة بشر يعني طاقتها هتبقى محدودة و أنا ست زيها و لو جوزي فضل يحطني في اختبارات كدا هتعب و هطلب اسيبه علشان مش هستحمل قلة ثقته فيا"

زفر هو بقوة ثم عض على شفته السفلى، بعدها التفت لها يسألها بضيق:
"طب....طب بعد كدا إيه اللي المفروض يحصل ؟"

حركت كتفيها ببساطة ثم قالت بهدوء:
"أسمع الكلام بس و أنا هتواصل معاك و أنتَ معايا رقمي، بس خليك فاكر إن وجودك هنا علشان عبلة يا وليد"

أومأ لها موافقًا ثم انسحب من أمامها بعدما أغلق الباب بقوة، جعلتها تنظر في أثره باندهاش ثم قالت بصوتٍ مسموع:
"إيه العيلة الغريبة دي ؟! أنا اعرف الناس بتورث اراضي و فلوس و بيوت، دول بيورثوا عقد نفسية ؟! منه لله فايز الرشيد"
__________________

انتهى العمل لدى الشباب و أول من وصل بيته كان «خالد» حينما دخل بيته بهدوء فوجد «يونس» يركض نحوه و هو يقول بفرحة كبيرة:
"خالد....بابا"
وضع «خالد» ما في يده على الطاولة ثم حمله و هو يقول بمرحٍ:
"روح قلب خالد من جوة، وحشتني ياض"

احتضنه الصغير ثم القى رأسه على كتفه مما جعل بسمة «خالد» تتسع بقوة ثم ربت على ظهره بحنان، و فجأة خرجت «ريهام» من المطبخ و حينما رآت وضعما ابتسمت بحبٍ و لكنها وأدت تلك البسمة حينما تذكرت حديثه لها في الصباح و قبل أن تعود ادراجها للداخل سمعته يقول بخبثٍ:
"رايح فين بس يا يونس ؟ ما تخليك مع بابا هنا بقى...متبقاش رخم زي ماما كدا"

ابتسم الصغير باتساع حينما سمعه، أما هي فرفعت حاجبها بحنقٍ، فوجدته يضيف بنفس الخبث:
"بدل ما تقف بعيد كدا يا يونس تعالى احضن بابا جاي من الشغل تعبان، خلي عندك دم"

اقتربت هي منه في تلك اللحظة ثم أخذت الصغير من بين ذراعيه و هي تقول بنبرةٍ باردة حتى تثير حنقه:
"تعالى هنا يا يونس عن الناس اللي عندها برد علشان هما مش ناقصين، خليك مع ماما"

اقترب منها «يونس» ثم احتضنها بقوة و حينما التفتت حتى تتركه للداخل سمعته يقول بنفس النبرة:
"طب مش تخلي عندك اصل يا يونس و تيجي تشوف بابا جابلك إيه؟ و الله بابا دا طيب و غلبان"

توقفت هي عن السير حينما سمعته فوجدته يحمل ما وضعه على الطاولة ثم وقف أمامها يقول بهدوء:
"جبتلك التورتة اللي بتحبها يا يونس، علشان أنا ضايقتك الصبح، بس عيب عليا اسيبك زعلان"

رفعت رأسها تطالعه بتعجبٍ فوجدته يغمز لها ثم اقترب منها اكثر مما جعلها تبتسم بخجلٍ و فجأة وجدته يقبل صغيره على ذراعها ثم قال بنفس الاستفزاز:
"دي بوسة ليونس، خير حضرتك عاوزة حاجة يا فندم؟"

نظرت له بضيق ثم انزلت الصغير على الأرض يقف بينهما ثم اعتدلت في وقفتها تشهر سبابتها في وجهه و هي تقول بانفعالٍ:
"شوف بقى علشان أنا تعبت من الجنان دا، شكلك ملبوس و الله، امبارح كنت معانا حلو، و الصبح محدش عارف يتكلم معاك و دلوقتي جاي حلو، فيه إيه هو احنا في من سيربح المليون ؟ كل شوية بحل شكل؟"

كانت تتحدث بانفعال حقيقي و صدرها يعلو و يهبط من فرطه مما جعله ينظر لها مُتعجبًا ثم اقترب منها يقول هامسًا بهدوء:

"بالراحة علينا يا نجم علشان احنا مش وش كدا، و بعدين هو طبيعي حد يتعصب و يبقى حلو كدا؟ طب ما أنا طول عمري متعصب و مش قمور زيك، اشمعنا أنتِ يعني ؟"

طالعته بإندهاش من تغيره المفاجيء و فجأة وجدت جسمها يخذلها حتى اوشكت على السقوط عليه فوجدته يمسكها و هو يقول بخبثٍ:
"حاسب يا يونس كنت هتقع يا حبيبي"

حركت رأسها نفيًا بيأس ثم سألته بتعجبٍ:
"خالد هو أنتَ ملبوس ؟! ولا بتخوني أصل صعب عليا اتقبل إنك شخص واحد"

ضحك هو على حديثها ثم اقترب منها أكثر يقبل وجنتها بعدها اعتدل في وقفته ثم رد عليها مُردفًا:
"أنا واحد و الله،.. بس بغزالة مش أكتر، عاوزك بس تعرفي إن أبو غزالة دا غزالته مش رايقة علطول، بس أنتِ بقى حاجة تانية علشان خالد معاكي خالد وبس، من غير أي حاجة تانية، و بعدين اعتبريني يونس يا ستي"

ردت عليه هي بخبثٍ:
"طب يونس لسه في مرحلة التربية، تحب اربيك زيه يا خالد"

أومأ لها موافقًا ثم أضاف مؤكدًا:
"ياريت... أنا عن نفسي معنديش اعتراض، أصل هما أهملوني و أنا صغير و بصراحة عاوز حد يهتم بيا و يربيني"

حركت رأسها نفيًا بيأس و كأنها تقول لا فائدة ثم أخفضت جسدها تحمل الصغير على ذراعيها فسمعته يقول بنفس الخبث:
"طب و ابو يونس يا ستي، دا أنا جايب تورتة و مكلف، حرام و الله دا ظلم"

عادت له تقول بنبرةٍ أثارت حنقه من برودتها:
"خليك كدا يا ملبوس، أصل أنا غزالتي دلوقتي مش رايقة، ولا إيه يا ابو غزالة؟"

قالت حديثها ثم تركته للداخل من جديد، أما هو فنظر في أثرها بتعجب ثم قال بنبرةٍ عالية:
"شكلي أنا اللي هربيكي أنتِ و الكلب اللي على دراعك دا، علشان أنا حاسس إنه ضرتي"
________________

في شقة «عامر» وصل قبل زوجته من عمله و حينما وجد المكان خاليًا منها ابتسم بخبثٍ يلمع في نظرته ثم بدل ثيابه و شرع في تنفيذ ما خطط له، و بعد فترة من التنفيذ لما يريد نظر في ساعة يده ثم اغلق جميع الاضواء و بعدها رفع صوت السماعات على أغنية شعبية، و حينما سمع صوت المفاتيح تدخل في الباب، قام برفع الصوت ثم وقف على المقعد و في يده صينية معدنية و مع دخولها الشقة وجدته يطرق على الصينية و هو يغني مع المطرب:
"أنا دايمًا في احتياجك....و كل اللي في مزاجك يا سيدي أنا هعمله، و مادام قلبك في إيدي أنا طوع أمرك يا سيدي و طريقنا نكمله.....أديني حب أكتر.....أديك الشوق يا سكر....أديني حب أكتر.....أديك الشوق يا سكر....و أنا و أنتَ لوحدنا....و أنا و أنتَ لوحدنا،..... الجو هادي خالص و الدنيا هس هس....و أنا و أنتَ يا حبيبي و نجوم الليل و بس"

كان يغني على المقعد بمرحٍ و هو يشير عليها، أما هي أغلقت الباب ثم اقتربت منه تطالعه باندهاش، فوجدته ينزل من على المقعد ثم أمسك كفها و قام بتدويرها بين يده ثم أمسك كفها يرقص معها و هو يغني مع المطرب، أما هي اتسعت ضحكتها أكثر فوجدته يقول بمرحٍ:
"دا بدل ليلة امبارح اللي بوظتها، بغبائي، بس قوليلي إيه رأيك؟"

ابتسمت هي له ثم قالت بحب:
"أي حاجة بتعملها يا عامر بحبها، قلبك كبير و طيب أوي و فعلًا عوضتني عن حنان الدنيا كلها، اطمن علشان أنا عمري ما أزعل منك"

ابتسم هو لها بنفس الحب التي تنظر له به ثم سألها بهدوء:
"يعني مش هتزهقي مني خالص؟ اصل بصراحة الله يعينك عليا و الله"

ردت عليه تنفي حديثه بقولها المرح:
"مستحيل، اللي معاها زيك يا عامر تمسك فيه بايدها و سنانها"

اقترب هو منها ثم قال بمرحٍ:
"دا أنتِ طلعتي صاحبة عيون حلوة و كلها شقاوة....زي رغيف فينو سايح فيه حلاوة"

ضحكت هي بقوة عليه فوجدته يغمز لها ثم قال بمرحٍ:
"ما تيجي نعمل زي عمو عبد الباسط ما قال"

قطبت جبينها تسأله بتعجب:
"و هو عمو عبدالباسط قال إيه"

صبغ نبرته بالمرح الخبيث و هو يقول:
"اديني حب أكتر أديك الشوق يا سكر، تعالي ناكل بقى علشان أنا هموت من الجوع"
زادت ضحكتها أكثر فوجدته يسحبها معه نحو الداخل و هو يرقص و يكمل الغناء بنفس المرح.
__________________

في شقة «رياض» جلست «زهرة» بجانبه تقول بشوقٍ بالغ:
"ياسين وحشني أوي، صحيح بكلمه كل يوم بس برضه وحشني حضنه أوي، البيت فاضي من غيره أوي"

ابتسم لها «رياض» متفهمًا شعورها ثم قال بهدوء:
"دا راجل يا زُهرة، يعني لازم يشيل مسؤلية و يفتح بيت، و بعدين ركزي معايا أنا و سيبك من ياسين، أنا يتيم الأب و الأم، يعني أنا أحق من ابنك"

ابتسمت هي له بيأسٍ ثم سألته بمرحٍ:
"نعم يا أستاذ رياض، خير مش عاوزني اقلق على ابني و لا يوحشني"

أومأ لها موافقًا ثم أضاف:
"آه علشان ابنك مع مراته و مبسوط، خليني بقى مع مراتي أنا كمان ما صدقت الجحش دا يخرج من هنا علشان أعرف أعبرلك عن مشاعري يا زوزو"

ابتسمت هي باتساع ثم قالت بنبرةٍ ظهر فيها الاشتياق:
"الله...زوزو من زمان مسمعتهاش منك يا رياض، وحشتني منك أوي"

رد عليها هو بحنقٍ:
"علشان كان فيه جحش عايش معايا، بس خلاص بقى لقى قبوله الوحيد و حَل عن سمايا، صحيح وحشني بس برضه هو جحش"

_"و هو الجحش دا بنجيب في سيرته و هو غايب كدا يا....يا أبو الجحش"
تفوه «ياسين» بذلك بعدما دخل الشقة بهدوء حتى وصل إلى غرفة الصالون، و بمجرد ما لمحت والدته طيفه ركضت نحوه تقول بحب ممتزج بالشوق:
"ياسين و حشتني يا حبيب ماما، وحشتني أوي و وحشت عيوني"

ابتسم هو لها ثم مال بجسده يحتضنها بقوة وهو يقول بحب:
"و أنتِ يا زوزو وحشتيني أوي و علشان كدا جيت افاجئكم و اشوفكم مقدرتش استنى أكتر من كدا"

وقف «رياض» يقول بمرحٍ:
"وحشتني ياض و الله، صحيح أنا واخد راحتي في بيتي، بس برضه وحشتني و الله"

ابتعد هو عن والدته ثم اقترب من والده يحتضنه بقوة و هو يقول بنبرةٍ مرحة:
"رغم إنك علطول فاضحني بس وحشتني والله، مش لاقي حد يجرسني غيرك"

ابتعد عنه والده ثم سأله بهدوء ممتزج بالمرح:
"فين قبولك الوحيد ياض؟ اوعى تكون طردتك من البيت، متبقاش موكوس زي اللي خلفك كدا"

ابتسم هو له ثم قال بفخرٍ:
"عيب عليك ابنك جامد برضه، أنا اللي سِبت البيت بمزاجي طبعًا"

ربت على كتفه بفخرٍ ثم قال:
"جدع ياض خلي عندك مبدأ كدا"

تدخلت «زهرة» تقول بقلقٍ واضح:
"دا بجد يا ياسين؟ أوعى تكون مزعلها بجد؟ هزعل منك و الله"

ابتسم هو لها ثم قال بحب:
"متخافيش و الله ما زعلتها، أنا جيت أشوفكم و راجع تاني، و علشان تطمني نازلين سوا النهاردة أنا و هي، متخافوش"
______________

بعد جلوسه مع والديه استأذن منهما ثم تركهما حتى يذهب إلى بيته ينتظرها كما أخبرها، وبعد مرور ثوانٍ نزلت تركض له و هي تسأله بحماسٍ:
"ها هنروح فين بقى، علشان متحمسة أوي بجد"

ابتسم هو لها ثم قال بهدوء:
"اركبي و أنتِ هتعرفي، بس مبدأيًا كدا أنا خاطفك زي كتب الكتاب كدا .... فاكرة"

أومأت له بقوة ثم ركبت السيارة و هو أيضًا، بعدها وجدته يقوم بتشغيل المذياع في السيارة و هو ينظر لها بحبٍ ثم شرع في الغناء بقوله:
"أحلى واحدة في المكان قدامي....ترقص و أتوه من الجمال....كل ما أجي أقول يا ليل يا عين....اتلغبط و أنسى أنا الكلام....أنتِ مين واسمك إيه ماشية ليه رايحة فين....ارجعي....ارجعي....دا الغنا مش مكفي اللي أنا حاسس بيه ... دي بتحصل مرة فـ ١٠٠ سنة ...مش شايف غير أنتِ و أنا .....أنتِ أحلى من صورة في خيالي .....أحلى حتة في الموال.....لو بس ترضي تريحي بالي ....لو بس تجاوبي على السؤال"

كان يغني بصوته مع المذياع و هو يشير نحوها بحب أما هي فكانت تبتسم باتساع حينما وجدته يعبر لها بتلك الطريقة، و في نهاية الأغنية وجدته يقترب منها يهمس بهدوء:
"أهو أنا عندي استعداد افضل أغني طول عمري كدا علشان ضحكتك الحلوة دي....لو بس تريحيني و تقوليلي رايحة فين"

غمزت له ثم قالت بمرحٍ:
"متخافش مش هسيبك و امشي، أنا قاعدة على قلبك"

غمز لها هو الأخر ثم أضاف:
"يا بخت قلبي بيكي"

ضحكت باتساع فوجدته يستأنف الأغنية من جديد و هو يغني معها حتى هي شاركته الغناء بنفس الحماس، و بعد فترة قصيرة وجدته يوقف السيارة أمام أحد المطاعم الشعبية ثم قال بهدوء:
"قدامك أختيارين، تاكلي على العربية بمنتهى العشوائية و لا ندخل زي الناس ناكل جوة ؟"

صفقت بكفيها معًا ثم قالت بحماس:
"مش محتاجة سؤال أكيد ناكل بعشوائية على العربية"

ابتسم هو لها ثم قال بمرحٍ:
"على البركة ورايا على المطعم"

بعد مرور دقائق خرج بالطعام في يده و هو يضحك لها ثم وضع الطعام على مقدمة السيارة و هو يقول بمرحٍ:
"أي خدمة شاورما سوري أهو، المرة الجاية نبقى ناكل كبدة بقى"

ابتسمت هي له بحبٍ ثم قالت:
"و الله كنت هقولك ننزل نعمل كدا، بس قولت إنك بترجع من الشغل تعبان و محتاج ترتاح"

حرك رأسه نفيًا ثم أضاف مردفًا:
"بالعكس لما تطلبي مني حاجة عمري ما أتأخر عنك فيها، حتى لو برجع من الشغل تعبان، فكرة إنك هتكوني فرحانة بتلغي التعب كله يا خديجة"

أومأت له بتفتهمٍ، فوجدته يمسك أحد الأرغفة الموضوعة أمامه ثم مد يده به لها، أخذتها هي منه فوجدته يقول بهدوء بعدما أخذ نفسًا عميقًا:
"أنا عارف إنك مخنوقة من ساعة ما قابلنا نسرين دي، علشان كدا جبتك معايا النهاردة نخرج سوا و نتكلم مع بعض"

تبدلت نظرتها خلال ثوانٍ وكأنها تستفسر من أين عَلم بما تشعر به، فوجدته يحرك رأسه مؤكدًا ثم أضاف:
"أنا صح، بصتك دي أكدت كلامي، علشان كدا عاوزك تفكي علشان نعرف نتكلم سوا"

وضعت الطعام من يدها ثم قالت بنبرةٍ جامدة:
"لو عاوزني أفك بجد يا ياسين، روح هاتلنا اتنين جهينة ميكس شوكلاتة.....كدا ممكن ارقص معاك كمان.
___________________

في بيت آلـ الرشيد وصل «وليد» البيت ثم وقف أمام المصعد ينتظره و هو يفكر في حديث الطبيبة و فجأة فُتح المصعد بواسطة كلًا من «جميلة» و «عبلة» نظر هو لهن بتعجبٍ فوجدها ترمقه بعدة مشاعر مختلطة و ما غلب عليها هو العتاب، لذلك وجه بصره نحو جميلة يسألها بهدوء:
"رايحين فين يا جميلة؟"

ردت عليه هي بهدوء:
"رايحين نجيب دوا هدى و عصير علشان اللي فوق خلص، و بالمرة قولت بدل الخنقة دي و عبلة كمان شكلها مخنوق"

وكزتها «عبلة» في مرفقها فقالت هي بمرحٍ:
"خلاص عبلة مش مخنوقة، أنا اللي مخنوقة يا سيدي عن اذنك بقى علشان متأخرش"

خطت هي عدة خطوات حتى تترك لهما مساحة في الحديث، أما «عبلة» رفعت رأسها تنظر له فوجدته ينظر للأسفل حتى لا تقع عينيه عليها، لذلك سألته بحنقٍ:
"دا اسمه إيه بقى إن شاء الله؟ خلاص عملت مقاطعة ؟"

زفر هو بقوة ثم دخل المصعد ولا زال نظره بعيدًا عنها ثم قال:
"معلش يا عبلة علشان مش فاضي، هبقى أكلمك أنا"

قال جملته ثم اغلق باب المصعد أمام وجهها وهي تنظر له باندهاش و حينما تحرك المصعد، رغمًا عنها فرت دموعها على وجنتيها تأثرًا من تجاهله لها

صعد هو فوق سطح البيت فوجد «خلود» بمفردها تجلس في مكانه المخصص، اقترب هو منها ثم ارتمى على الأريكة بحزن، جعلها تنظر له بتعجبٍ ثم قالت بتهكمٍ:
"خير يا أستاذ وليد مالك؟ شكلك مهموم كدا ليه؟"

رد عليها هو بنفس التهكم:
"و أنتِ قاعدة زي خيبة اللي حب و مطالش كدا ليه؟"

حركت كتفيها ببساطة ثم قالت بهدوء:
"بفكر....بصراحة بفكر يا وليد"

اعتدل هو في جلسته ثم سألها بنبرةٍ متعجبة:
"استر يا رب، خلود بتفكر يبقى فيه سواد جاي علينا"

ابتسمت هي بهدوء ثم تنهدت بعمقٍ بعدما رفعت رأسها للسماء ثم نظرت له و هي تقول بترددٍ:
"هو أنا ممكن اقولك على حاجة و تقولي أعمل إيه؟ علشان أنا محتارة"

أومأ لها موافقًا فوجدها تسرد عليه ما حدث أمام ناظريها في المركز التعليمي و هي تقص عليه موقف «عمار» مع الفتاة و معها حينما أبعدها عن الشباب، أنهت حديثها ثم أضافت:
"أنا بس حسيت أني فخورة بيه أوي، أصل مش كل شاب زي بنت تكلمه و هو يصدها كدا، حسيت انه مختلف بصراحة، وفي نفس الوقت موقفه معايا محترم، بس أنا مش عارفة أعمل إيه"

تفهم هو تخبطها و حيرتها لذلك قال بهدوء:
"أنا حاسس بيكي و بحيرتك، بس عاوزك تعرفي أني بثق فيكي أوي و علطول مربيكي على إنك بنتي مش أختي و أنتِ الوحيدة هنا اللي تفكيرها عملي زيي، علشان كدا هقولك إن الحياة اولويات يا خلود، و دراستك أولوية مهمة، يعني المشاعر دي تتركن على جنب علشان تشوفي مستقبلك، لما تدخلي جامعة و تبقي واقفة على أرض صلبة يبقى ساعتها المشاعر تدخل مع الدراسة"

أومأت له موافقة ثم أضافت مؤكدة:
"أنا معاك في كل كلمة، أنتَ عارف مبدأي في الحياة يا وليد، أنا عمري كنت بتاعة ارتباط ولا مراهقة و الجو دا، لأن مفيش حاجة اسمها ارتباط، المسألة كلها مسألة جواز، يعني الارتباط الصح هو الجواز و أنا سني صغير على الجواز، أنا بس بحكيلك علشان كنت شاكة فيه قبل كدا، لكن بصراحة هو محترم أوي حتى عينه مش بتترفع على أي بنت هناك"

ابتسم هو لها ثم قال:
"علشان تربية ياسين الشيخ، أنا عرفت منهم كدا إن ياسين و أصحابه هما اللي مربيين عمار دا، علشان كدا طالع زي ما بتقولي، بس برضه أنا محتاج أعمله اختبار صغير"

قطبت جبينها متعجبةً من حديثه فوجدته يضيف مردفًا لها:
"مش يمكن يكون بيعمل كدا علشان يخليكي تفكري فيه زي ما أنتِ بتعملي دلوقتي، و يمكن يكون بيخربها من تحت لتحت"

قطبت جبينها أكثر و هي تقول بهدوء توضح له وجهة نظرها:
"بس هو شكله نضيف و ابن ناس، يعني مش صايع"

ابتسم هو لها بخبثٍ ثم قال:
"الصياعة مش إن الناس تشهد إنك صايع....الصياعة بجد إنك تصيع من غير ما حد يقفش عليك إنك صايع"

ابتسمت له هي الأخرى بخبثٍ فوجدته يزفر بقوة ثم قال:
"أنا هشوف و أحكم بنفسي، بس برضه فيه اختبار صغير كدا"

يُتَبَع
#الفصل_الثالث_عشر_الجزء_الثاني
#رواية_تَعَافَيْتُ_بِكَ

Continue Reading

You'll Also Like

101K 4.1K 26
رجال آلقوة.. وآلعنف آلغـآلب آلمـنتصـر.. وكذآلك آلعقآب لآ نهم ينقضون على صـيده بــكسـر جـنآحـيهم آي بــضـمـهمـآ آوبــكسـر مـآيصـيدهم كسـرآ آلمـحـطـم آ...
3.1M 47.8K 66
تتشابك أقدارنا ... سواء قبلنا بها أم رفضناها .. فهي حق وعلينا التسليم ‏هل أسلمك حصوني وقلاعي وأنت من فرضت عليا الخضوع والإذلال فلتكن حر...
314K 25.4K 48
أَنا التي تأَخُذ ولا تؤخَذ أنا التي تَخدُش ولا تُخدَش أَنا التي تَربح ولا تَخسر أنا التي تُحطِم ولا تُكسَر أَنا التي يُهابها الجَميعُ ولا تُهاب أحدً...
85.8K 5.2K 18
احبك مو محبه ناس للناس ❤ ولا عشگي مثل باقي اليعشگون✋ احبك من ضمير وگلب واحساس👈💞 واليوم الما اشوفك تعمه العيون👀 وحق من كفل زينب ذاك عباس ✌ اخذ روحي...