The Stalker | المُطارِد

By Mervadoz

679K 36.2K 34.1K

الرّواية من سلسلة VANTABLACK نَافِيير رُوسّو... الابنَة و المرأة المِثَاليّة التِي يتناقَلُ اسمُها كلمسَة قِ... More

INTRO
I. مَا وَراء جُدرَانِها
II . أدرِيك
III . الضّحِيّة الجَمِيلة
V . سُقوطُ الأقنِعة
VI. مُغازَلةُ المٓوت
VII. العَقرَب
VIII. مُحامِي الشّيطان
VIIII. غمّازةٌ يتِيمة
X. مُمثّلةٌ مُدَلّلة
XI . عَشاءٌ كارِثِيّ
XII. اعتِراض
XIII. لا تَرَانِي
XIIII . أ و لَيس القمَر جمِيلاً ؟
XV . رِسالة لطيفة
XVI . عِطرُه
XVII. قَهقَهة بمنتصَف الجنَازة
XVIII. أعينٌ من زُجاج.
XIX. جُوهان موندِيغُو
XX. اسمٌ و عنوان
XXI . القُبلة الوحِيدة
XXII. امرأَة الحدِيد
XXIII. ولَدٌ ضائع
XXIIII. اعيُن الأوپال
XXV. صاحِب الشارب
XXVI .ملِكة حفلِ التّخرّج
XXVII. حُبوبٌ و جُرعاَت
XXVIII. الّلقاءُ الاوّل
XXIX . من لا يحبّ المطر؟
XXX. مكعّب ثلج
XXXI. مأدُبةُ العواقِب
XXXII. ذهبٌ و اوپال
XXXIII. مُبارَكٌ بك
XXXIIII. ابرَة
XXXV. فُضولٌ وسيم
XXXVI. اخ
XXXVII . سجائر

IV. الزّئبق

24.2K 1.3K 1K
By Mervadoz


أعيُنه النّذِلة تُوهِم الحُورِيّات المُخادِعات بالحُبّ ... جلسَتُه ملعُونة بكِبرِياء الشّياطِين ... أمّا أصابعه الطويلة التي بقِيت تطرُق على كُرسِيّه ببطء شديد ، فقَد كانت بشكلٍ غريب مصدَر الصوتِ الوحِيد بهذا المطعَم الفاخر .

المطعمُ الذي دعا اليه نَافِيير و صُوفيا ، اين جلَس ثلاثَتهم حول طاولة دائرِيّة بمنتَصف القاعة الكبِيرة المفرُوشة بالمخمَل النبِيذي و المُثقَلة بالثّرايا الزجَاجية البيضاء .

شَعرت صُوفيا بِغرابَةٍ كبِيرة من دَعوتِه الباردة الجافّة ، و حاولت تبرِير ذلك بسبب بُكمِه ... لو ان نَافيير لم تكُن تفهم لُغة الاشارة ، لما كانت احداهم لتفهمه .

من أينَ و متى تعلّمتها ؟
تسَاءلت صُوفيا عاقِدةً حاجِبيها ، اذ أنّها لا تتذكر شيئا عن هذا بمَا أن حيَاة و نشاطَات نافِيير كانت دومًا كتاباً مكشُوفًا على الجَميع .

حوّلت بصرَها عند نافِيير التي تنظُر بلا خجل الى وجههِ الفارغ من التعابير ، و على عكس وجهِها الجامد ، حمَلت اعيُنها الكَبيرة لمعَةَ طِفلةٍ تركُض وراء كلّ ما هو جمِيل .

كَان حالُها غرِيبًا ... و لم تستَطِع صُوفيا المتمرّدة الا ذمّ اختِها على طَاعتها العميَاء التي أجبرتهَا على التّواجد مع هذا الرّجل الان .

مملّان جدًّا ...قالت صُوفيا بدَاخلها و هي تجلِس بينَهما ، تنظُر تارةً نحو اختها ثم أدرِيك .

لا أحَد نبَس بحرفٍ ...

يا غبية ، لأن الرجل أبكم !

هزت راسها بلانَفع من تفكِيرها ، ابتَسمت بخُبث و نبَست كاسِرةً الصمت .

" انّه جَذّاب ... يا لحظّكِ يا أختَاه"

نظَر الاثنَان اليها ، كلاهما بشيءٍ من الصّدمة ، لكن كلّ بدرجة مختلفة .

" صوفيَا ... اجلِسِي بِهُدُوء "
تمتمَت نافِيير و هي تشدّ حاجبيها الرّقيقين بحدّة .

أمّا أدريك ، فقد أشاح بنظرهِ عنها باسمًا بسخرية ... اتسعت أعيُن صُوفيا صدمة .

" هَل بامكَانِه سماعيِ ؟"
همَست باندهاش و هي تقترب من اختها .

تنهّدت نافِيير و هي ترفع يدها لتفرِك جبينها بارهاق .

" صُوفيا ، أنتِ تتصرّفِين بوَقاحة "

" هل بِامكانِك سماعِي ؟"
سألت صُوفيا أدرِيك ببساطَة دون تفكير في الامر ، هزّ رأسَه بنعم .

ابتلَعت رِيقها بقلق ، و سارعت بالاعتِذار و هي تنظُر اليه بتوتر .

" أنا ... أنا اعتذِر ... ظننتُك أصمّ أيضًا "

" صُوفيَا !"
نبّهتها نَافِيير بنبرةٍ حادّة حول اختيَارها لألفَاظها ، توتّرت صُوفيا أكثر و صاحت بصوتٍ عالٍ نسبِيًّا .

" أعنِي ... بحقّ الإلَه ! لِما لا تستَطِيع التّحدّث اذًا ؟!"
نظرت نحو أدرِيك سائلةً اياه فاتسعت ابتسامته الجذابة .

أنزَلت نافِيير يدها و سارعت بالاعتِذار .

" أعتَذِر عن أختِي ... ثقَافتها منخفضة ... بل شبيهة الانعِدام فيمَا يتعلّق باللبَاقة "

تنهّدت صوفيا بِضجر و هي تجلِس بفوضَوية على كُرسيّها .

نظَر أدرِيك نحو نافِيير التي سارت بعروقها قشعرِيرة باردة جرّاء نظرَاته ، رفع يده و أشار قائلاً .

" إذًا هِي لا تَفهَم ما أقُوله الان ؟"

هزت رأسها بلا بحيرة فابتَسم مجددا ببرود ... بحيرة من تصرفه الغريب ، و قلبها ينبض بألف انقباضة في الدقيقة ...

أ هُو يعلم ؟

متأكدة تسعِين بالمئة انه يعلم .

إذًا هو يتابِع مسرحِيّتها .

لكن ما السبب ؟

ما هو السبب ؟!

جزّت اسنَانها بقلق و يداها ترتعشان ... كانت تُرِيد قضم أظافِرها من شدة التوتر الذي نجحت في اخفائه تحت مظهرِها الصّامد .

استمَرّ في الطقطَقة على مسند مقعَده دون كلل او ملل و هو يَنهشُ تفَاصِيل وجهها ذي الجمَال الكلاسِيكي البعيد عن معايِير الجمال الحالِيّة .

كانُوا على حقّ حين لقبُوها بالاميرة ، لأنّ ملامحها الهادِئة الحكِيمة كانت تُوحي بذلك جيدا .

" تُجِيدين قراءة اللغة؟ "
سأل فهزّت رأسها بنعم على الفور و ابتَسمت .

" نعم...  شَاركت ُ بمنظمّةٍ خيرِيّة للأطفال ذوِي الاحتِياجات الخاصة،  و هناك تعلّمتها "

تقوس حاجبُه بشكل استجواب.
" ما اِسم تلك المنظّمة ؟"

تجمّد جسدُها لوهلَةٍ حين كسَر توقّعاتها ، لكنها تمكنَت من تجاوُز محنتها بسرعة .

" لا أتذكّر الاسم حقًّا...  "

عقدت صُوفيا حَاجبيها باستغراب ... أي منظّمة هذه ؟ تساءلت .

و اثناء استغرَابها ، وجَدت صُوفيا ان أدرِيك كان يدرُس رد فعلها بنظرَة جانبِيّة قاتمة جعلَتها ترتَعد من بَرِيق الشّر الذي يقبَع وراء رُموشِه السودَاء الكثِيفة .

افتَرت شَفتاه عن ابتِسامة باهِتة و هو يُشِيح بنظَره عنها ثم ينظر صوب نَافِيير مجددا ، هزّ رأسه بتفهم .

كَان من الوَاضح انه اكتَشف كِذبتها ...
لكن ليس من الوَاضح ان كان يعلمُ ان كانت تعلمتها لأجله فقط .

" هل هَذِه أوّل مرّة تتعرّفين فيها علي؟ "
سأل مجدّدًا ، و اجابته على عجل .

" ليس حقًّا ... أ لا تتذَكّر عِيد مولِد فابيُو الرّابع ؟ "
نبست بابتِسامةٍ مسيطِرة .

" منحتُك مندِيلًا...  يَدُك كانت مجروحة،  أ لا تتذَكّر؟ "

ارتفعت اعينُه قليلًا حين عادَت به الذّاكرة الى ذلك اليوم ، و قد خاب ظَنّه من نفسِه حين أغفَل عن تدقيقٍ مهمٍ كذَاك... 

كان ذلك اليومُ نقطة مهمة في علاقتهما الصامتة ... اليومُ الذي كشفت فيه نَافِيير أقذَر أسرار أدرِيك حين شاهدته يسحب جُثّة للأسفل و جسده مطلي بالدماء .

و دون أي شعورٍ بالذنب ، عاد للاحتفال بعيدِ مولِد ابن أخيه الحبٍيب تارِكا بقع دماء صغيرة حول معصمه الموشوم .

" يبدُو انك جُرحت ، تفضل "
رنّت همسَتها الرقيقة في اذنه لتوقظه من شروده ، فينظر صوبَ اعيُنها الزرقاء الباهِية ...

نَافِيير رُوسو ، الاميرة ... قدّمت له مندِيلا شخصِيّا كي يمسح الدماء التي كان من المستحِيل ملاحظَتها بسبب الاوشام ...

كيفَ لم يفكّر في الامر ؟

بل كيفَ لها ان تتصرف بذلك الثّبات امام رجلٍ شاهدته للتو يسحب جثة قتلها بيديهِ العارِيتين ؟

" مِندِيلُك لايزَال معي...  في الحَقيقة انه ببَيتي الخاصّ ، أ توَدّين الذهاب معي كي أعيده لك؟ "

على عكس ابتسامته الهادئة حملت كلماته معنى مخيفا ، و نظراته معاني أكثر رُعبًا .

استغرَبت نافِيير من دعوته المُميتة .

أ سيقتُلها بالفعل و بعد دعوتها امام اختها ؟

لا ... هذا ليس مبتغاه ، هو ليس غبيًا بتاتًا لتنفيذ خطة كهذه .

كانَ يحدق ُ و يطلِق الخناجر من عينيه و هُو ينتَظر جَوابها ، لكنّ مجيء النّادل بطلبهمِ أنقَذها .

وَضع النّادل كوبَ قهوةٍ امام نافِيير ، و الآخر امام أدرِيك ، ثم كأس العَصير أمام صُوفيا التي لم تنتَظِر ثانية لتنقضّ عليه .

بعد ان وضعَ وعاء السّكر سأل نافِيير عن كمية الملاعق التي تُريدها بقهوتها فأجابت بواحدة ... و قبلَ ان يَسكُب ملعَقة سكّرٍ بكوب أدرِيك ، أوقَفَته نَافِيير بسرعة .

" لا حَاجَة للسّكر "

أدرِيك لا يحب السّكر و لا يضعه حتى بقهوته او بشايِه ، بل حتى انه يبتعِد كثيرا عن الحلوِيّات ... نافِيير كانت تعلم ذلك كما لو أنّها عاشت معه منذ زمن .

ردّ فعلها العفوِي النّابع من عقلها الباطنِي كانَ أغبَى شيء بدر منها ... و قد أدركت ذلك في الثّانية المُوالية ما ان تسلّطت نظرَاته الثاقبة عليها و توقّف ناظرًا اليها كما لو أنّه امسكَها متلبّسة .

تثَاقلت انفاسها ، بل توقّفت ...

لقد أمسَك بها .

تبادل الاثنَان النّظرات ، و هي تنتظر منه ردّ فعله .

" كَيف علِمتِ انني لا أضع السكر بالقهوة ؟"
أشار بيده الثقيلة ، و أعيُنه أصبحت ملفوفة ببرِيق نصر ، امّا شفتاه فقد اعلنَتا عن طيف بَسمةٍ غامضة .

لم تتمكّن نافِيير بسبب الشّلل الذي جمّدها ان تفكّر في إجابَة ...

فجأةً انسكَب العصِير على ملاَبس صُوفيا ، و نهَضت و هي تلعن بسرّها .

" أوه تبّا ..."

نظَرت نافِيير متحرّرةً من خناجِر عينيه الى صوفيا ، ثم نهضت حامِلةً مندِيلاً لتمسح على قميص أختِها .

" تعالِي لنذهَب للحمام "
أمرتها نافِيير بنبرة هادئة فتأففت منها صُوفيا .

" لستُ بطِفلة صغِيرة ! يمكنني معالجَة الامر وحدي ! اترُكيِني و شأني !"

صاحَت بانفِعال و تملّصت من يدي أختِها التي بقيت تنظر اليها و كأنها تطلُب المساعدة ...

لم تكُن نافِيير امرأة تخاف بسُرعة و تجزع ، لأنه لطالمَا امضت ليَاليها في التفكِير في جمِيع الاحتِمالات و حلُول لها ...

لكن ما ان يخرُج شيءٌ ما عن النّص الذي كتَبته بعقلها ، خاصّة حين يكون من طَرفِها ... فهي تفقد هناك جزءً من مظهرِها الهادِئ .

جمَعت تنهِيدةً خافتة بصدرها ، ثم جلَست مجدّدًا بعد ان أعادت ارتداء قِناعها البارد .

التَقطت فنجانها و ارتشَفت منه قليلاً ثم نظرت اليه .

" أعتَذِر نِيابة عن اختِي الصّغيرة ... إنها مُراهِقة طائشة قليلا "

نبَست مغيّرة الموضوع ، و جاعلةً اياه يميل رأسه الى يمينه ، و تلك الابتِسامة المتلاعِبة لاتزَال على شفتيه ... يخنِقها بها .

ان كَان يعلم حقِيقتها ... لما هذه التمْثِيليّة السّخيفة ؟

تساءلت بداخلها و ركبتُها ترتعِد تحت الطاولة ...

أ هُو يُحاول خنقها ؟ كما تفعل أفعى الكُوبرا التي تلتفّ حول عضلات ذِرَاعه .

رفَعت بصرها نحو جسده ، الوشوم التي تظهَر من فتحةِ قمِيصه الأسود كرُوحه ...

و لأنها أرادت معامَلته بالمثل ابتسمت ، و قالت كتعلِيقٍ .

" أنت مولع بالأوشام أ ليس كذلك ؟... "
هز رأسه بنعم بعد تحديق قصير في عينيها ، تنهدت بخفوتٍ ثم ارتشفت مُجدداً من قهوتها ، علقت على الهامش مجددا .

" كانت لِي صديقة ، و كانت مغطاةً بالاوشام ايضا ... لكنها وضعتهم لاحتِواء جسدها على علامات حروقٍ و ندبات ... لاخفائهم "

تغيّرت نظرتُه و صارت مائِلة حين فهمَ انها تقصده ، بل لأنها أعلمته أنها تعلم الكَثِير عنه ... أنها تَعلم ما وراء وشُومه حتى قبل أن يضعها ، أنها امرأة لا يمكنه الاستهانة بها كما هو يفعل الان .

هذه هي طريقتها فير رَسم الخط ، و لكنّها نوعًا ما بالغت ... لأن الغضَب الذي استشعَرته منه كان يفُوق تصوّراتها .

عيناه ملفوفة بظل غامق من الغضب ، فقط لانها سحبت على الطاولة امرَ أوشامه ...

في تلكَ الاثنَاء بعد أن غرَق كِلاهما بالصّمت ، ظَهر فجأة بينهما صُوفيا و على وجهها بسمَة متشوقة ، و سُرعان ما لاحظَت نافِيير تواجد رَجلين معها .

" انظُرِي من التقيت به صُدفَةً !"
صاحت صُوفيا بحماس و هي تبتعد قلِيلًا كي يظهَر جسدُه الضخم و يحتلّ حُضوره المُهيب المكان .

اتسعت أعيُنها الزرقاء و انشلّ جسدها حين اتصلَ بصرُها بأعينه الزرقَاء الفارغة ... تلك الاعين الملفُوفة بطبقَات رمادِيّة من شتّى آفات المجتمع النبيل .

و بتلك البسمة الهادئة خاصته ، نبس و هو يميل رأسه قليلاً .

" نافِيير...  لم أرَكِ منذُ وقتٍ طَوِيل ، كيفَ الحال؟ "
صوتُه المفعم بالغُرور و البُرود ، رائحته الممزوجة من الاعواد الخشبِيّة و المسكِ القوي التي تنتشر بكل بُقعة من بذلةِ التوِيد الانيقة خاصته ...

اما وجههُ الهادئ و اعيُنه الزرقاء المائلة التي تتوسط زواياه الوقورة ...

كان هو ... باستياَن رِيمُو ... 

مُدِير شرِكات رِيمُو لصنَاعة الادوية،  الشّرِكة رقم واحد على أرضِ الوِلايات المُتّحدة ، و أحد أهمّ رجال الدّولة المثِيرين للجدل بالعالم .

و بجَانبه أخوه كرِيستوفر ، الرّجل الشاب الذي يصغره قليلاً بالعمر .

في عالمِ النبلاء و أصحاب الأموال، كان من الطّبيعي ان يتعرّف الاثنان على بعض ، خاصّة حين كان هذا الرّجل أكبر مرشّح للزواج من نَافِيير قبل زمن مضى .

كانت تجمع العائلتين علاقَة وثِيقة بحُكم العلاقة المستقبلية التي كان من المفروض انشاؤها بين نافِيير و بَاستيان ، رغم فارق العمر الكبِير الذي بينهما ...

لكن بعدَ الشائعات المستمِرّة لشركة رِيمو لصنع الادوية ، و التي لم يُثبِت احد مصدَاقياتها الى الان ...فضّل والد نافِيير فسخ العلاقة ، و تخبِئة جوهرته نَافِيير لرجل أحسن .

" أنا بِخير،  مَاذا عنكَ بَاستيَان؟ "
نبَست نافِيير بعد ان استطاعت تجاوُز صدمتها ...

" سَعيدٌ برُؤيتك "
رددَ بنبرة مفعمة باللبَاقة الزّائفة ، وجهت نظرهَا نحو أخيه ، كرِيستوفر القابِع بجانبه ، و الّذي كان يُشبهه كثيرًا ، الفرقُ بينهما كان يكمُن فقط في الحجمِ ليس إلا ...

تفاجأت نافِيير من التعابير التي اعتلت محيىَ كريستُوفر ، و الذي لم يكن ينظُر اليها،. بل الى أدرِيك الذي نست وُجوده لوهلة .

كانت تعابِير مفزُوعة ، بل أشبه لتعابِير من رأى شبحًا للتّو ...

" أدرِيك ؟"
تمتم كرِيستُوفر بصوتِ اشبه لهمسة ، و فورًا نظرت الى أدريك كي تُعايِن رد فعله .

كان جالِسًا كما كان ، كما لو انه يملك المكان برمّته ... هادئًا اكثر ، صلبًا لا يتزعزع ... على شفتيه ابتسامة غامضة ، و على أعينه بريق رجل مُختلّ ، بل بريق لهفّة آكل لحوم بشر أمسك بضحيّة لذيذة .

لم تكُن نافِيير تفهَم شيئا من ما يحدث ، و لا فحوَى العلاقَة التي تجمعهما لدرجة أن الدماء هربت من وجه كرِيستوفر .

" أرَى أنك برُفقة أحدِهم "
نبَس باستيَان بحشرجة في صوتِه العميق ، فنظر نحوه أدرِيك ... و ان كانت النظرات تقتل ، لكان الاثنان ميّتان الان .

دقّ قلبها بشكل غرِيب حين اندلعت هالةٌ مخيفة بالمكان،. جاعلةً انوار الشمس الغَاربة تصير حممًا بالخلفية ...

كانت هُناك حلقة مفقودة في قصّة أدريك التي ظنت نافِيير انها تفقهها ، و تلك الحلقة المفقُودة تخص بَاستيان ... شعرت بذلك ، و شعورها لا يخطِئ .

" إنّه أدرِيك يَا أخي...  أدرِيك دَال دِيني "
همَس كرِيستُوفر بصوتٍ متهدج و قد تلألأت بضع قطرات عرقٍ على جبينه .

رفع بَاستيان حاجبه البني الداكن باستِنكار ، ثم صاح معترِفًا بنبرة زائفة لبِقة .

" هاه!  أ لم تكُن و أخي أصدِقاء؟ "

سأل أدرِيك الذي لا شيء يتحرّك فيه غير عينيه الثاقِبتين ، و ابتسامته التي أخفَت اعصارًا شعر به الجميع سوى صُوفيا التي وقفت كالبَلهاء لا تفهم شيئا .

" لِما لا تُجيب أدرِيك؟  أ و لم تَكن ثرثَارًا للغاية و أنت صغير؟ "
قهقهَ باستيَان بابتسامة مستَمتِعة ، وراءها معاني لم يفهمها أحدٌ سوى الرجال الثلاثة .

شعرَت نافِيير بتمَادِي باستيَان ، بل حتى ان احساسًا قاتمًا ساورها اتجاه علاقته بأدريك .

حوّلت نظرها نحو أدرِيك تنتَظر تعليقا منه، او حتى تعبيرًا مخالفاً عن الغضبِ الهادئ الذي يقبع وراء وجهه المنحوت .

صمت الجميِع لثانِية تمدَّدت أكثَر من اللّازم ، كما لو أنهم ينتظِرون اصدار حكم الاعدام .

ارتفعت زاوِيتا شفتيه في ابتِسامةٍ قاتِمة مخيفة ، و فورًا نظر صوب نَافِيير مستخدمًا لغة الاشَارة كي تترجمها له .

" أحدُهم سرَق صوتِي للأسف "

رفعت حاجبَيها الرّقيقين من ما رأته ، و أكثَر من النظرة التي كان يرمُقها بها ، نظرةٌ كارهة خالصة ، تمامًا كما لو أنه صنّفها كعدوّة للتو .

قبلَ قليلٍ كان يُلاعبها ، يستخفّ بها ... لكن الان ... شعرت أنه حقّا قادر على قتلهَا امام الملء ِ دون تفكير .

" قال...  أحدهم سرق صوتِي "
تمتمَت بصوتٍ مسمُوع و هي لاتزال تنظُر نحوه .

"همممم  يا له من سَارِقٍ قاَسٍ "
علّق باستياَن بحزن مصطَنع ، و كأنّ اجابة أدرِيك لم تفاجئه ، بل توقّعها ، ثم اخذ خطوة أقرب الى أدرِيك الذي نظر اليه مجددا .

"أراهِن أنك أغرَقته بحدِيثِك "
أضاف بابتسامة جانبية ، و قد حملت كلماته معنًى خطيرا ...

كان اللقاء أسوءَ من لِقاء شُيوعيّ و رأسماليّ بالقرن الماضي ، و الجميع ادرك ذلك حتى مع جهلِهم لخلفِية الموضوع .

" يبدُو أن القدرَ يحبّ ربطَك بالرّجال المختَلّين "
همست صُوفيا قُرب أذُن نافِيير التي نظرت اليها بأعيُن ضجرة ... بدت مستمتِعة جدًّا بالاثَارة التي سعت اليها من جلبِ باستيَان الى هنا .

" مَا الأمرُ كرِيستُوفر؟ لِما ترتَعِد كالفتيَات الصغيرات ؟"
نبَس بَاستيان بنبرة هادئة و هو يدخّن بهدوءٍ بسيّارته التي تسيرُ ببطء .

بجانبِه أخوه الذي لم يتجاوز الصّدمة بعد ، يمسَح مجددا و مجدّدًا على قطرَات عرقِه البارِد الذي يتجمّع أعلى جبِينِه .

" أ وَلم تنظُر الى عينيهِ ؟ كادَ يلتهِمنا نيّئين "
ردّد بتهدّج ، فضحِك بَاستيان بصوتٍ عالٍ و بهستِيريّة ، ثم يضع السيجَارة الكُبيّة مجددا بين شفتيْه .

" أنتَ مضحِكٌ جدًّا كرِيستُوفر ! "

أضاف و هو ينظُر للخارِج بنفس الابتِسامة التي لا تُغادر شفتيه .

" صراحةً سعِدت برُؤيته ! أحبّ رؤيةَ نتائِج جهُودي العظِيمة "

" أنت جعلتَه هكذا !"

صاحَ كرِيستُوفر بهستِيريّة و معهُ انسَاب أحدُ أقذَر اسرَاره ،  لينظُر صوبه باستيَان بنظرةٍ مُشمَئزّة ، تابع كرِيستُوفر بنبرةٍ مرتجِفة .

" أنتَ أخرَسته ...أنت من أخَذت صدِيقي الوحِيد !"

دحرَج باستيَان مُقلتَيه بمللٍ من فعل أخيهِ الذي اعتَبره درامِيًّا .

" هَذا ما يستَحِقّه الثّرثارُون الأغبِياء يا كرِيستُوفر ... أنصَحك أن لا تكُون منهم "
أتمّ حديثَه بلهجَة مُهدّدة و هو ينظُر بجدّيّة صوبه ، و الذي أشاح بنظره عنه حين لم يَجد كلمَة للدفاع بها عن نفسِه أمام اخيِه الطاغِيَة .

تجَاهل بَاستيان أخاه ، و فورًا استعاد بسمَته و هو ينظُر اى مَا وراءِ نافِذته ، و قد طرأت أمَامه صُورة نافِيير التي لم يرَها منذ زمن ...

" نافِيير كَبرَت و أصبَحت امرأةً جذّابة "
تمتمَ بِشرود ، ثم أضاف مع تنهِيدة .

" أشعُر بالغيرَة من أدرِيك الأخرس ... كيفَ لرجُلٍ تافِهٍ مثله ان يحصُل على جمِيلتي ؟"

حاولَ كرِيستُوفر تجاها تلمِيحات أخيه ، لكنّه لم يستطِع تفادِي تلك الابتِسامة العرِيضة المختلّة .

" هي صارَت خطِيبته "
قال كرِيستُوفر منبّهًا أخاه ، ضحك باستيَان بسخرية و رفع يديهِ للسماء باستِسلام .

" لم أقُل شيئًا خاطِئا ! فقط متعجّبٌ من موافقَة والدها "

كان متأكّدًا من أن وراءَ قصّة خطوبَتهما قصّة عميقة ، و قد أثاره الفُضول لمعرفتها ...

أمّا كرِيستُوفر الذي كان للتّو خائفًا من النّظرات التي تلقّاها من صديقه القديم ... فقد تحوّل خوفه الى قلقٍ على نَافِيير ... نافِيير التي صارت الان اكثَر أهمّيّة بالنسبَة لبَاستيَان، فقط لأنّها مرتبطة بأدرِيك ...

و يبدُو انّه وجد طرِيقةً جدِيدةً لايذَاء أدرِيك عبرها .

يضرِبونه و يَكِيلُون له الشّتائم ، ضرباتهم العنِيفة لم تمزّق فقط ملابِسه السودَاء المهندَمة بل جسده الذي يحمِل ستة عشر سنة و حسب ، و ايامًا طويلة من الالم الفظيع الذي صَاحب فُقدَانه العظِيم .

لكن مع ذلك ، لم يستَطع ذلك الضربُ المبرِح تمزِيق عزِيمة الفتى الشابّ ذي الوجه الدّامي الوسيم ...

شعر أدرِيك بأضلاعِه تتحطّم أيضًا كما هي ذراعه، و مع ذلك لم يخرُج أنينٌ من شفتيه الداميتين ...

" توقّفوا "
أتى الامر من فمِ ذلك الرجل الشّابّ ذي الاعين الزرقاءِ المغلفة بالجنون ... و اخذ خطواته بحذائه الطويل الاسود البراق نحو جسدِ أدريك الفتيّ المحطّم .

ابتسم باستيَان ببرود ، و بدا أنه لم يكُن راضِيًا عن الضرر الذي أحدثه بأدريك ... ببساطةٍ اراد اكثر من بضعة جُروح و كسور حين لم يستطِع قتله .

قرفَص و تخللت اصابعه القاسِية فروة شعرِ الصبي الاسود الكثيف ، سحبه من شعره بعنف للأعلى ناظِرا الى وجهه المحطم الذي عزمَ عدم اظهار بُؤسه .

" أنت فقط تُثِير رغبتَنا بابرَاحك ضربًا اكثر فأكثر ايها الولد الفُضولي "

رمقه أدريك بنظرةٍ غاضبة ، و قام ببصق دمائه على بذلته الانيقة .

" سأخبِر الجميع عنك ... سأخبر ابي ... سأفضحك ... و سأقضي عليك ايها الرّجل الفاسد "

تمتمَ أدرِيك بصوتٍ يرتعد من الالم ، و عل شفتيه بسمَةُ رجلٍ يؤمن بانتصار الخير على الشر ...

ابتَسم بَاستيان ناظرًا الى الدماء التي علِقة بقميصه الابيض ...ترك رأس أدرِيك فسقط أرضًا ، ثم نهض قائلا .

" الزئبق "

رددَ آمرًا ، و بعد دقائق معدُودَةٍ أتاهُ أحد رِجاله بأنبوبٍ زجاجي يحمل محلول زِئبقٍ خالص .

اقترب مجددًا من جثة أدريِك المنهكة و أمر رجاله بتثبيته .

" أ تعلم ما هذا ؟"

سأل و هو يقرفِص مجددًا امامه بتحاذق .

" انه الزئبق "
اجاب نفسَه بابتِسامة ، ثم أومأ لأحد رجاله الذي قام بارغام أدرِيك على فتحِ فكّه ، فسارع بالصّراخ و المقاومة .

" فور أن تبتلعه ... لن يعود لك صوت تروي به الحقيقة يا ادريك دال ديني "
وضّح و هو يقلّب الانبوب في مرآه،. بصوتٍ هادئٍ لا يعكِس كم هو الحال مرعب .

نظر نحوَ وجهه المقاوم ، كان يقاوم رغم ان جسدُه مكسُورٌ لألف قطعة ... كان هذا الفتى مُفعمًا بحسّ العدالة ... كانَ يغلِي بالحقّ ، كان مستعِدّا لتقدِيم روحه على طبقٍ من ذهبٍ في سبِيل ما هو صحِيح ...

لم يستَطِع رجلٌ مغعمٌ بالخطايا كبَاستيان الا النظر اليه كحشَرة ، كان يضايقه ، يُثير قرفه ...

" هذا ثمن استخدام لسانك فيما لا يفيد احد "
تمتمَ و هو يفتَح غطاء الانبُوب تزامنًا مع الصّراخ المتزايِد ...ذلك الصّراخ الشبيه بدُعاء مستغِيثٍ اهلكه الحرّ وسط صحراءٍ لا نهايَة لها .

لكن عكس عابِر الصّحراء ، أدرِيك لم يمُت هناك مع صوته ، بل تلك كانت أوّل دفعةِ موتٍ و حسب .

نجَى أدرِيك من شَريطِ الذّكرَيات و فتح عينيهِ على الواقع ... السّقف الأحمر الذي تتدلّى منه مصَابيح مبعثَرة تَشي بمتلكٍ مُشاغِب .

يستَلقِي أعلى كُرسيّ رسم الأوشام ، بمحلّ آدم الفارغ الصّامت،. الذي لا يصدُر منه صوتٌ غير رنِين إبرة الوشم ، و ضجيج التّلفاز الذي يتحدّث عن إيجادِ جُثّة دون أعضائها الثّمينة ... و دندنَةِ آدم الذي كان يرسُم على تُرقوة أدريك ، و قد كان قريبا جدا من شريانه التاجي .

طرأت فِكرَة مُثِيرة بعقل آدم حينها ... فقط لو يستَطيع غرس ابرته بالشريان عميقًا ، و مشاهدةِ سيل الدماء العنيف منه ... و التّخلّص من أدرِيك و مشاَكِله ... لأن آدَم صار يَشعُر بالضّجر كونه عُضوًا من ذهه المنظّمة عديمةِ الرّحمة .

لكن فقط نظرة من أدريك جعلته يتوقف عن ما يفعله ، بين المزاح و الجدية هناك قبع آدم الذي قهقه بصوت عال .

" أمسكت بي !"

دَحرَج أدريك مُقلتيه بِملل ، و بُغية تغيير الموضُوع نبس آدم على عجَل .
" اذًا سيد دَال دِيني ... ما سبب زيارتك الكريمة هذه المرة ؟"

" انت تقتل الكثيرين هذه الايام "
أشار أدرِيك بعينَيه نحوَ التلفاز الذي يتحدّث عن جرائِم آدم .

تنهّد هذا الاخير بصوتٍ عالٍ و تذمر .

"لان الناس يتذمرون كثيرا هذه الايام ! اين هو حس اللباقة؟"
ردّد كامرأة عجُوز ، ثم أضاف كفِكرة متأخرة .

" اقسم ان امي لو عاشت الى هذا اليوم لكانت اخذت الدور عني ، لقد كانت تجلدني كل مرة اعبس فيها "

لم يُولِي أدرِيك اهتِمامًا لأعذَار آدم المُختلة ، فقط رفع يدَه قائلاً بلغة الاشارة .

" سأتزوج "

توقف آدم عن العَمل و تسمّر مكانه ينظر الى أدرِيك الذي لايزَال ينظر الى السّقف بنظرةٍ فارِغة .

" اعلم ان زواج المثليين مرخص في الولايات منذ عهد كلينتون "
نبس بنبرة متردّدة ، قاطعه أدريك مصححا كلامه .

" اوباما "

" جميعهم يشبهون بعض "
ردد بنبرة مُرهقة و هو يعود لنقش الوشم و تابع حديثه .

" لكن هل هذا مرخص في عائلة ايطالية شرسة؟"

انهىَ كلامه بنبرة ساخرة ضاحكة ، فأجابه الاخر بسرعة بلغة الاشارة .

" سأتزوج امرأة "

توقف مجددا عن العَمل و تجمّد و هو ينظر اليه بدهشة .

" اراهن ان والدك فخور بك "
انهى الصمت بلهجة مبهوُرة .

" لا تقل لي انها شقراء "
قال مجدداً و هو يضع ابرة النقش و ينغمس بالحديث .

" يا الهي... اكره الشقراوات... "
تمتم بقرف و هو يهز رأسه رافضاً .

" هل ستتزوجها انت ام انا؟"
نظر اليه أدريك بسخط .

" لما تدافع عنها بهذه الطريقة يا رجل؟"
نبس آدَم بانبِهار من ردة فعل أدريك و نظراته الساخِطة .

" ستعرف قريبا "
تمتم بشفتيه دون صوت و هو يشيح ناظره للسقف مجددا بشرود .

" اذا... ستتزوج فتاةً حقا؟"
همس بعد صمت طويل و كأنه غير قادر على تخيل ذلك .

" أ لم تعاهد نفسك على ان لا تنشئ عائلة؟"
أضاف بلهجة مستخفة ، فارتفعت زاوية شفتيه للاعلى في ابتسمة غامضة ... و قد لمعت اعينه بشرارة مليئة بالاثارة .

" من قال انني سأفعل؟"
حرك يده قائلا، ثم أضاف و ابتسامته تتسع ... و قد أدرك آدم ان وراء هذا الزواج متعةٌ دمويّة سيكون قريبًا على اطلاع عليها .

" سينتهي الامر قريبا... لا تقلق "

قَال دون استعمال الكلمات و هو لايزالُ شارِدًا ... هادئًا يفكّر في المرأةِ الوحِيدة التي استَطاعت اختِراق حياته منذ زمنٍ بعيد جدا .

يُفكّر في ملامِحها الأنِيقة جدًّا ، في شعرِها الذّهبي المصفّف بحذر ، ملابِسها المهندَمة ....

و الآن ظهرَ انّها كانت مرتبِطةً بباستيَان ... مِمّا جعل الامور أكثر وُضوحًا له ، بل أكثَر تعقِيدًا بسبب الشّكّ .

وضع احتِمالات كثِيرة حول من أرسلَها ، الشّرطة ، أعداؤه ، الكثير ... شخصٌ يدفَع والده للإفلاس ، يتقرّب من عائلته ، و يتعقّبه مُستحِيلٌ أن يكون لوحده .

كَانت خطرًا دون شكّ ... خاصّةً و باستيَان ، حسبَ ما يعتقِد ، ورَاءها ...

كَان عليهِ الاهتِمام بأمرِها أكثر من ما يلزم ... كانَ عليهِ التّفكير في خطّةٍ أكثر حذرًا بدل التفكيرِ في ما هيَ بصدد فعلِه الان .

فقط لو علِم أنّها بغُرفتها السّريّة التي من كثرَة صوره بها ، كان بامكانِها استحضَاره ... تكتُب بقلبٍ مكسُور .

" مَحبُوبِي يُجِيد القَتل ... مَحبُوبِي يُجيدُ الكُره ... مَحبُوبِي يُحِبّ الالَم ... مَحبُوبِي يَعشَق رَائحةَ الدماء ...  قلبُ محبُوبِي ملعُونٌ بأشياَء كثيرةٍ و اناَ لستُ مِنها ..."

كتَبت و الحُزنُ يملأ قلبَها ...لم تتحمّل نافِيير تلك النّظرة الملِيئة بالعِداء على أعيُن محبُوبها ، تحمّلت الشّوق و البُعد ... لكن هذا ... لا .

هل لأنّها كانت مُرشّحة لتكُون زوجَة باستيَان ؟ أ لأنّها تحدّثت مع شخصٍ مثله ؟

قضَمت أظافِرها الطوِيلة بتوتّر ثم أغلَقت دفتَرها بعنف .

ما قِصّته مع باستيَان ...؟

الفُضولُ يلتهِمها حيّة .

تنهّدت بصوتٍ عالٍ و نهضت حامِلةً صُورةً بيدها و الشموع تُضِيء طرِيقها .

و علَى حائطِها الذِي لا يحمِل سِوى صُور أدرِيك ، أدخلت صورة رجل دخِيل ... رجلٍ قد يكونُ له أكبر دورٍ بخلفِيّة بطلِها... باستيَان رِيمو .

لم تعلَم نافِيير ان كان عليها وضع صورته امام صورة ادريك الشاب ... أدرِيك صاحِب البسمَة الواثِقة الجذّابة .

ام امام صورة أدريك الرجل ... أدرِيك الذي لا يدّخر عناءً بتشوِيه سُمعته امام الملء .

تسكّعه مع الشّواذ رغم استِقامته ، مشاكِل غضبِه الكثيرَة ، و كثِيرٌ من ما سمِعته من اجتِماعاتِ والدتِها مع النّساء البرجوازِيات .

الجَمِيع كان يذمّه لسُمعته، الا هِي ... لأنها كانت تعلَم نواياه، كان بقدرٍ عالٍ من الذّكاء كي لا يهتمّ بسمعته ، و يُغطّي خلفِيّته الاجرَامية بغلافٍ منحطّ لن يرغَب أحد في النّظر اليه .

كمَا هُو متوقّعٌ من مُؤسس عصابة الاسمِيراي ، القمر المُظلم .

شغّلت المِذياع القدِيم الذي وجدتهُ بهذه الغرفة ، و وضعت بداخله شريط أغنِية آيمي وَاينهَاوس الشّهيرة ... العودَة الى الأسود .

" أدريك ... معناه المظلم "
همست و هِي تضعُ صورة باستيَان بعد ان لم تستطِع تشوِيه حائطها بصورة ذلك الرّجل الذي تمقُته .

" دال ... بالكورية تعني القمر ..."
تابعت بصوتٍ خافت و هي تمسَح بأناملها على صورَته ، تشتَهِي الاحساس بجلدِه القاسِي ...

" كان عليكَ اختِيار اسمٍ آخر أدرِيك ... لم أعهَدك مستخِفًا لهذه الدرجة يا حبيبي "
قالت و هيَ تنتَزِع الصورة من الحائط ، و تضمّها الى صدرِها كما لو أنّ قلبها سيضِيع منها ان لم تمنحهُ القلِيل من أدرِيك .

" آهٍ كم أحبك "

همَست و هِي تغمِض عينيهَا ، تُحرّك خصرها بخفّةٍ مع اللحن ، تتخيّل نفسها بين يديه ...

تجدُه بين سُطُور الأغنِية ، بينَ النغمَات و الأحرُف ... مع انطلاق السكسُفون و البِيانُو الهمجِي ، حتّى مع ترددِ صوت المُغنّية الشّرس ...كان هُناك ، في كل شيءٍ مُظلم .

مُلاحظة : التّصميم الآتِي يحتَوِي عدّة رُموز تكمُن في اللوحَات الزّيتية 🖤
+ شُرب الزّئبق سامّ ، لكنّه لا يُؤدي الى فقدان الصّوت ( تمّ تضليِل الكاتبة بمشهد في مُسلسل شاهدته 😂😭)

أودّ ان أعلِن أنّه ليس لديّ موعِدٌ مُحدّد للتنزِيل ، لأنّ الشّغف لا يزُورني بانتِظامٍ للأسف .

أتمنّى أن تُعلّقوا مع كلّ فقرة ، سأكُون جدّ سعيدة بآرائكم 🖤

أدرِيك لم يُخلق وحشًا ... و هذا جزءٌ صغيرٌ عن مراحِل تكوِينه 🖤

بَاي بَاي آنِساتِي و سيّداتِي العزِيزات🖤

إلى فصلٍ جديدٍ بإذن اللّه .

Continue Reading

You'll Also Like

679K 36.2K 38
الرّواية من سلسلة VANTABLACK نَافِيير رُوسّو... الابنَة و المرأة المِثَاليّة التِي يتناقَلُ اسمُها كلمسَة قِدّيسٍ بين أحادِيث نُبلاء المُجتَمع. تتغَ...
4.1K 370 18
tale as old as time true as it can be barely even friends then somebody bends unexpectedly ✨❤️
104K 6.1K 20
«لا تناظرني بعينيك الجميلة فهي لن تجعلني اغفر لك» «كدت تشتمينني سابقا وها انت الان تمدحينني، يا فتاة انت حقا تركيبة غريبة يا صغيرة» «العائلة للفرد...
233K 9.2K 12
مقتطف: "اتّخذيني أنا وحياتي كمزحة إن أردتِ لكن حياتكِ أنتِ هي حدّ مُحرّم لا يمكنكِ الاقتراب منه هانا" •••• تراقصَ الوقتُ وِفق أنغامٍ دلّت على الأبدي...