VI. مُغازَلةُ المٓوت

26.8K 1.1K 735
                                        


تسَابقَت عقَارِب السّاعة ببطءٍ مع الزّمن و مع قطرَات الدّماء التي تنزِل بهدوء من العُنق المشقوق ... خفّت ضربات القلب و تنازَلت الانفاس عن الخُروج و هِي لا تزال في العتمَة .

عتمَة عينيهِ او عتمَة المكان ؟ ... لم تكُن تُدرِك أيّهما أحلَك .

لم يكُن هناك سبِيل للعودة بعد الان ، هِي صارت رَهِينته ، و هو أصبَح ملاك موتِها ... لِذا لم يبقَ أمامها الّا فعل ما تُجيده .

مُغازَلة الموت .

لم تكُن نافِيير حزِينة بسبب الخِنجر الذي وضعَه بطَلها تحت ذقنها ، كانت حزينة فقط لأنه لا يرى حبها ، لا يرى توقها ،لا يرى كمية الجنون الذي اقترفته فقط كي تحظى بنظرة منه .

تقدم خطوة منها لكنها لم تتراجع ، لم يكُن يعلم انّ قربه منها هو مُبتغاها .

" أ تظنين نفسك شيئا مهما كي أرسل شخصا للبحث عن اسرارك ؟"

قالِ مستَخدِمًا لغة الاشارة و ثد اكتَسح وجهه غضبٌ صامت .

" انا آخذ ما اريد ... متى و اين ما اريد "
أضافَ و هُو يدخِل رأس السّكّين بجلدها قليلا ، لكنّها لم تُظهِر ذرّةَ خوف .

استولت حالتُها الصامِدة على تفكِيره ، لِما هذه الثّقة العمياء بأنه لن يؤذِيها تشعّ على عينيها الحازِمتين ؟

أراد أدرِيك سحبَ الحقِيقة منها سرِيعا ، ليس لأنّه لم يكن صبُورًا ... بل لأنها اصبحت تقلقه ، حزمها و صمودها أقلَقه كالجحِيم .

أ هِي مبعوثَة من الحُكومة ؟ باستيَان أم غيره ؟ ما السّر وراء هذه المرأة الّتي قادت والدها للإفلاس و عبِثت بعقلِ والِده منذ أشهر بصمتٍ فقط كي تصبِح زوجته ؟

كَان يَعلَم بمخطّطاتها التي أدت لافلاس والدها، بل حتّى انه ساعدها على تأديتها ... و ثمّ أصبح يلاحظ لِقاءاتِها الكثِيرة مع لِيزي التي ظنّها محضَ قرِيبة و حسب ... قُربها الجيد من عائلته ... كلّ شيء أصبح له مفهوم حين أمسَك بها .

لِما كلّ هذا الاصرار نافِيير ؟ من هذا السيّد القويّ الذي يدفعك ؟

تساءَل و أعيُنه ترفُض اطلاق عينيها الثّابتتين ...

لا يعلَم أن السيّد الذي يدفعها دومًا اليه ، هو قلبُها .

" و لما لستُ شيئا مهما بما انك تركتني حية ؟"
نبَست فجأة بصوتٍ منخفِض فكسَرت الصّمت ، أضافت بنفس النّبرة و هي تقرّب وجهها من وجهه .

" لما كل هذا العناء أدرِيك دال ديني ؟ لما ان كنت لا شيء مهم بالنسبة لك ؟"

The Stalker | المُطارِد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن