الفصل الأخير

3.3K 121 40
                                    

نور والمجهول:
الفصل الثاني والعشرين والأخيرة : 
كانت نور جالسة مع أبناءها حين سألها طفلها ذلك السؤال
مسحت علي رأسه بحنان ثم ازدرت ريقها عدة مرات قبل أن تجيبه بكلمات بسيطة يسهل عليه فهمها وإدراكها
نور : بصي يا حبيبي الدنيا دي عاملة ذي الشجرة الكبيرة أووي وليها فروع كتير كل واحد من الناس ليه ورقة في الشجرة لما الورقة دي بتقع الإنسان دا بيموت وبيروح عند ربنا
يوسف بتساؤل : يعني يا ماما بابا ورقته وقعت
نور : أيوه يا حبيبي وبعدين كل واحد من وهو في بطن مامته مكتوب عند ربنا هو هيموت أمتي فهمت يا حبيبي
يوسف بثقة : فهمت يا ماما يعني بابا مات عشان ورقته وقعت واليوم اللي مكتوب عند ربنا إنه هيموت في جه صح كدا يا ماما
ابتسمت نور بفخر علي ذكاء طفلها الصغير
نور مقبلة أعلي رأسه : صح ياروح ماما ندعيله بقا ونقرأله الفاتحه
يوسف : يلا
نظرت نور إلي تالين بابتسامة : فهمتي يا تالا
تالين ببراءة : مادام يوسف فهم يبقي أنا فهمت
ابتسمت نور علي علاقة طفليها ببعضهم وحبهم الظاهر ثم علمتهم الدعاء لوالدهم وقرأوا معاً الفاتحة فهم يحفظوها عن ظهر قلب
قضت نور تلك الليلة مع أبناءها تتحدث معهم وتنصحهم وتلهو وتلعب معهم هكذا هي علاقة الأم بابناءها معلمة وقت الدراسة حكيمة عند الشدائد صديقة عند الأزمات طفلة عند اللعب
مر الليل بسواده الحالك وأشرق صباح جديد

**************

كانت كوثر قد اتصلت بباهر عم رنيم وأخبرته عند طلب عائلة نور وطلبت منه السؤال عنهم علي الرغم من قطع الصلة بينهم منذ وفاة أبيها إلا أنها في النهاية تظل ابنة أخيه
اتصل بمعارفه وسأل عنهم ولم يستغرق الأمر كثيراً من الوقت لكثرة معارفة فهو لواء متقاعد
اتصل بها في اليوم التالي
باهر : السلام عليكم
كوثر : وعليكم السلام
باهر : أنا سألت علي الجماعة
كوثر : ها ووصلت لأيه
باهر : الناس لا غبار عليهم الأب مهندس متقاعد والأم مدرسة سوت معاشها بدري وقعدت في البيت وابنهم العريس دا مازن مهندس وشغال في شركة ...... مجتهد في شغله وكل الشركة بتشهد بأدبه وأخلاقه يعني ماشاء الله عليهم ونعم النسب ربنا يجعله من نصيبها
تمتمت كوثر : يارب
كوثر : خلاص يبقي نحدد معاد يجوا فيه
باهر : أيوه أنا فاضي الخميس بالليل علي الساعة تمانية كدا
كوثر : خلاص هكلم والدته شكراً يا باهر معلش تعبناك معانا
باهر : لا ولا تعب ولا حاجة أيوه أنا بعيد عنكم بقالي فتره ودا بسبب مشغولياتي الكتير إنما رنيم بنت أخويا ووقت ما تحتاجني هتلاقيني في ضهرها
كوثر : تسلم ياخويا
أغلقت كوثر الهاتف مع شقيق زوجها الراحل ثم تنهدت بضيق ونظرت إلى صورة زوجها المعلقة علي الحائط
كوثر بدموع : كان نفسي تبقا موجود معانا النهاردة يا إيهاب خلاص بنوتك الأمورة جالها عريس هسلم أمانتنا للي يستاهلها كان نفسي تسلمها بنفسك عارفة إن كان نفسك تشوفها عروسة وعارفة إنك كنت مقهور عشانها وعشان اللي حصلها بس كنت بتحاول تبقي قوي قدامها وتخرجها من اللي هي فيه ربنا هيعوضها عن كل اللي شافته
ثم مسحت دموعها بأطراف أصابعها : أنا عارفة إنك شايفنا ومبسوط برنيم دلوقتي هتبقي أحلي عروسة مش كدا
كوثر بابتسامة : كل يوم هاجي أحكيلك كل حاجة بالتفصيل زي ما اتعودنا بس المرادي هتبقي كلها عن رنيم وفرحها استناني لما اجيلك
ذهبت كوثر إلي غرفة ابنتها وجدت إضاءتها خافته ورنيم شاردة في عالم آخر لكزتها في كتفها برفق
رنيم : ها
جلست كوثر إلي جانبها علي الفراش : مالك يا حبيبتي
رنيم : مش عارفه يا ماما حاسة إني تائهه مش عارفه اعمل ايه أوافق ولا أرفض هل أنا لسه بحب أكرم ولا لا
مسحت والدتها علي شعرها الطويل برفق
كوثر : حبيبتي ادي لنفسك فرصة للتفكير عيشي حياتك يا رنيم أنتِ لسه صغيرة والعمر قدامك طويل أكرم كان ماضي مش ممكن تمحيه أو تنكريه بس هيفضل ماضي ومازن هو الحاضر والمستقبل
رنيم : طاب اعرف ازاي إن أكرم بقا بالنسبالي ماضي ؟
كوثر : لما تلاقي نفسك بطلت تفكري فيه ولما يجي علي بالك تدعيله بالرحمة والمغفرة وتقريله الفاتحة
تركت كوثر ابنتها وخرجت كانت رنيم مازالت مستمرة في التفكير يالله هي بالفعل لم تفكر في أكرم منذ مدة طويلة بل علي العكس انشغلت مع نور وقضيتها ثم خطبة أختها والآن تقدم مازن لخطبتها فمنذ فعل ذلك وهي تفكر فيه وتتعمق في تخيل ملامحه وتتساءل بداخلها لم اختارها هي لم ظل طوال تلك الفترة من دون زواج تري هل أحب من قبل عند تلك النقطة شعرت رنيم بالغضب داخلها يتصاعد نفضت تلك الأفكار عن رأسها فما الذي سيضايقها إن كان أحب من قبل تري إن كان أحب لماذا لم يتزوجها
أفاقت من أفكارها وقد قررت مهاتفة والدة أكرم للاطمئنان عليها وإخبارها بالخطبة فمن حقها أن تعلم
ضغطت رنيم علي الارقام واتصلت وضعت الهاتف علي أذنها في انتظار إجابة الطرف الآخر
رنيم بتوتر : السلام عليكم
فهي لا تعلم كيف تخبرها أنها ستنسي أكرم وتعيش حياتها
سناء : وعليكم السلام ازيك يا بنتي عاملة ايه
رنيم : الحمد لله تمام حضرتك عاملة ايه وأنكل عامل ايه ؟ معلش مقصرة معاكم بس لسه فاتحة المكتب جديد والدنيا ملغبطة شويه
سناء : حبيبتي احنا كويسين الحمد لله وبعدين كتر خيرك بتسألي علينا علطول
أخذا يتحدثان في أمور شتي حتي بدأت رنيم تتلجلج في الحديث
رنيم : أنا أنا
سناء بابتسامة : أنتِ جالك عريس
رنيم بذهول : حضرتك عرفتِ منين ؟
سناء بهدوء : من أول ما كلمتيني وأنا حاسة بفرحة في نبرة صوتك وفي نفس الوقت متوترة وخايفة تقوليلي عشان مزعلش حبيبتي أنتِ بنتي اللي مخلفتهاش أنا بتمنالك الخير وأتمني ربنا يرزقك بالزوج الصالح اللي يسعدك
رنيم بسعادة : يعني حضرتك مش زعلانة
سناء : وايه اللي هيزعلني إني اشوف بنتي مبسوطة بالعكس دا أنا افرحلها ربنا يسعدك ياحبيبتي دا أنا كمان هاجي أنا وعمك نحضر الخطوبة والفرح بس لما تحددوا ابقي كلميني واوعي لما تتجوزي تنسينا
رنيم بابتسامة : لو نسيت الدنيا بحالها عمري ما أنساكم أنتوا أمي وأبويا التانين بجد ربنا يخليكوا ليا يارب إن شاء الله أول ما يكون في تفاصيل هكلمك
سناء : حبيبتي تسلمي أنتِ فعلاً بنتي وأنا بتمنالك السعادة
يلا مع السلامه مش عايزة اعطلك عن اللي وراكي
رنيم : مع السلامة في رعاية الله
سناء : في رعاية الله يا حبيبتي
أغلقت رنيم الهاتف وقد شعرت أنها قد أزاحت حملاً عن كاهلها فهي لم تكن تريد أن تخسرهم وهي كانت تشعر أن زواجها يعني خسارتهم هي الآن تشعر بالراحة تغمرها ستعطي لنفسها فرصة وستقبل
خرجت إلي والدتها وأعلنت موافقتها احتضنتها والدتها بسعادة
كوثر : ربنا يسعدك يارب يا حبيبتي
ابتسمت رنيم بخجل وما أجمله من خجل يزين وجه الفتاه
كوثر : علي فكرة أنا كلمت عمك وسأل عليهم وقال ناس محترمين وقالي اديهم معاد يوم الخميس هو فاضي
رفعت رنيم رأسها بذهول
رنيم : حضرتك اتصرفتِ في كل حاجة كأنك متأكدة إني هوافق
كوثر : كنت عارفة إنك هتقولي دا أخو نور أكيد شاب محترم وهتدي لنفسك فرصة وبعدين قولت دا مجرد سؤال لو وافقت أول ما تديني موافقتهم أكلمهم ولو لا يبقي محصلش حاجة
ابتسمت نور علي حسن تفكير والدتها
رنيم : حضرتك ذكية أووي يا ماما وعندك حسن تصرف
كوثر بغرور مصطتنع : طول عمري ذكية يا حبيبتي
تعالت ضحكات رنيم ووالدتها في جو من الألفة شعرت رنيم أن من أمامها ليست من كانت تتعامل معها منذ وفاة والدها
لاحظت كوثر شرود ابنتها ففهمت ما يشغل تفكيرها ربتت علي كتفها
كوثر : أنا عارفة أنتِ بتفكري في ايه أنا بعترف إني كنت شديدة عليكي بعد وفاة والدك بس أنا كنت عايزة مصلحتك كان نفسي تخرجي نفسك بره القوقعة اللي حبستِ نفسك جواها سنين كان نفسي ترجعي رنيم اللي اعرفها اللي بتملا البيت ضحك ولعب يمكن طريقتي كانت غلط بس دا كان غرضي
احتضنت رنيم والدتها بسعادة وجلستا يتسامران كل واحدة أخرجت ما في قلبها
حتي هتفت كوثر : متصلتش بوالدة مازن أما اروح اتصل بيها
هاتفت كوثر سهير
كوثر : السلام عليكم
سهير : وعليكم السلام عاملين ايه وأخباركم ايه
كوثر : الحمد لله بخير
سهير : اومال عملتوا ايه في موضوعنا
كوثر : أنا كلمت عمها وتقدروا تشرفونا الخميس بالليل علي الساعة تمانية كدا وربنا يقدم اللي فيه الخير
تهللت ملامح سهير : علي خيرة الله
كوثر : إن شاء الله
أغلقت سهير الهاتف ونظرت إلى زوجها الجالس بجانبها وينظر إليها بتساؤل
سهير : كلمت عمها وادونا ميعاد الخميس بالليل الساعة تمانية
محمد : خلاص تمام ربنا يسهل الحال هكلم حسين كدا اشوفه هيبقي فاضي ولا ايه
هاتف محمد شقيقه حسين
محمد : ازيك يا حسين عامل ايه والجماعة اللي عندك عاملين ايه
حسين : الحمد لله كلنا بخير وأنتوا عاملين ايه
محمد : الحمد لله كلنا تمام بس مازن قرر يخطب
انفرجت ملامح حسين عن ابتسامة واسعة
حسين : ألف ألف مبروك ربنا يسعده يارب بس مين العروسة
قص عليه محمد كل ماحدث من معلومات عن رنيم وذهاب زوجته وابنته لمنزلها واستثني أنها من اختيار والدته حتي لا يزعجها الأمر إن وصل إليها أو سمعت به
حسين : ونعم الزوجة أنا شوفتها كدا كذا مرة بنت أدب وأخلاق وذوق ربنا يسعدهم يارب ويتمملهم علي خير
محمد : امين يارب العالمين ثم أكمل : ها هتعرف تيجي معانا واحنا رايحين نخطب ولا ايه هنروح الخميس بالليل
حسين بأسف : معلش يا محمد مشغولة أوووي الفترة دي خليني في الخطوبة بقا إن شاء الله باركله بالنيابة عني وأنا هتصل بيه أباركله بردو
محمد : خلاص عشان متتعطلش ولو أن كان نفسي تبقا معايا في يوم زي دي
حسين : وأنا والله كان نفسي أنت عارف مازن زي ابني بس يلا تتعوض في الخطوبة بقا إن شاء الله
محمد : إن شاء الله
مرت الأيام سريعاً ولم يحدث أي جديد يذكر سوي أن التهديدات التي تصل نور مازالت مستمرة ولكنها لا تخرج من المنزل وتعمل من المنزل فقد أخذت إجازة من الجامعة هذا الأسبوع لتقضيه مع أبناءها

نور والمجهولWhere stories live. Discover now