الفصل الثاني و الخمسون ج٢

69.1K 3.6K 221
                                    

#الفصل_الثاني_والخمسون ج2
#إمبراطورية_الرجال
استغفر الله عدد ما كان وعدد ما يكون وعدد الحركات والسكون..
اللهم صلِ وسلم وبارك على محمد ...٣مرات
سبحان الله ، الحمد لله، ولا حول ولا قوة الا بالله.......
اللهم لا إله ألا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين....
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤

شمس قاربت أن تغيب بموسم الشتاء القريب...الدفء حل بمشارق العاصمة...وبدأ هواء يطوف يحجب ضياء النهار قليلًا وكأنه أروغ عليه وضوح....
دلف وجيه لمكتبه بالشركة....أتت خلفه السكرتيرة مُسرعة وبيدها حافظة ورقية تدون بها كل ما يخص المواعيد القادمة...بدأت في القول حتى قاطعها وجيه وهو يجلس أمام مكتبه :-
_ اجلي كل المواعيد نص ساعة....مش عايز أي أزعاج دلوقتي
تطلعت به السكرتيرة سريعاً وهزت رأسها بموافقة ثم أجابت :-
_ خلاص يا فندم...تمام
ذهبت من المكتب وأغلقت الباب خلفها بهدوء....
تطلع وجيه أمامه للحظات....شارد بتيه...هناك أمر يؤرق قلبه ، شيء غامض بعينيها مضى إليه وسكن حتى انتقلت عدوى القلق اليه....ما بها حبيبته ؟!
حائرة ، تائهة ، حزينة !!
شاردة دائمـًا !!
تظل صامته وكأنها تعهدت أن لا تتحدث !
هل برد توهج الحب في قلبها اتجاهه ؟!
أم اكتشفت أن لم يوجد حب من الأساس ؟!
تقل كلمة أحبك  على أسطر مستقيمة وعينيها مائلة القلم !
منذ الأمس وهو على يقين أنها تخبأ شيء ، شيء لا تريد أن تعترف به !
شيء تخافه حد الصمت القاطن على شفتيها...
شعور مرعب أنك في وهج جنونك بأحدهم يكتشف هو بنصف الطريق أنك لم تكن الحب الذي آمن به وبحث عنه..
الأمر أكثر تدميرا للرجل...والأكثر عندما يكن رجل مثله...اربعيني قد مال الشيب رأسه وقلبه لم تخونه امرأة....
عاصفة من الظنون تصفع جميع الأيام الفائتة من لهيب العشق بينهما...اظلمت ضياء الأمل به.....
تنهد وجيه بقوة ، وحدة ، بملامحه قاتمة من العبوس والضيق ، من الخوف من الآت....نعم خائف
خائف أن تصح ظنونه وتكن حبيبته مزاجية العشق...موسمية المشاعر...تارة تكن نارية بهجيج يشعل محبته ويوقد نيران قلبه محبة ، وتارة تكن برداً وممطرة الأحزان والفراق...
ويلًا لقلبه إذا صدق ظنه...

صدح صوت هاتفه الخاص...أخرج الهاتف من الجيب الداخلي لسترته الكحلي الزاهية...نظر لشاشة الهاتف وابتسم كأن احرف اسمها كونت الأمل من جديد.....أجاب بلهفة :-
_ تعرفي أنك وحشتيني وكنت هتصل بيكِ ؟
ابتلعت لِلي ريقها بقوة واجابته بنبرة تخللها شيء غامض :-
_ سبقتك واتصلت أنا
اجفل وجيه من أجابتها الفاترة....ما كانت تقابله بذلك الجفاء في الأجوبة...مابها ؟! قال وتغافل عن ظنه :- كنتِ عايزة تقولي إيه ؟
تلعثمت في القول ولم تجد إجابة....ظلت صامته للحظات ثم قالت :-
_ لا أبدًا حبيت اطمن عليك ، واتطمنت الحمد لله...اسيبك بقى عشان ما اعطلكش عن الشغل...مع السلام
أجابها ببطء وانتهى الاتصال سريعاً....وضع وجيه الهاتف وعادت نظرته الحائرة لعينيه...اتصالها لم يطمئنه بل زاده قلق وحيرة !
                                  *******
نهضت لِلي من مقعدها بعدما انتهى الأتصال....تذرف عينيها دموع القهر.....قبل اتصالها بوجيه تلقت اتصال من *راشد* يهددها بالرحيل من القصر اليوم وطلب الطلاق وإلا سيصلها رد فعل سيكن طعنة تقتلها بالبطء.....تعرف ماذا يقصد....
نهضت وأخذت حقيبتها التي اعدتها سريعا دون ترتيب....فاجئها اتصال على الهاتف الأرضي....أجابت بعدما رأت الرقم :- الو
أجاب رأفت سريعا :- أنا أسف مكنتش في المكتب وتليفوني مكنش معايا ، ايه الجديد ؟
شرعت لِلي في البكاء بقوة وقالت :-
_ راشد اتصل بيا بعد وجيه ما راح الشغل وهددني لو ما مشيتش من القصر وطلبت الطلاق النهاردة هينفذ تهديده ويأذي وجيه...أنا اتصلت بوجيه وحاولت أعترفله بس مقدرتش لأنه مستحيل يسيبني ، بس راشد مجرم ومش هيتراجع عن تهديده ومش هيخاف من حد.
تمتم الضابط بكلمات غاضبة ثم قال بحدة :-
_ خليكي في القصر ولو اتصل بيكي قوليله مشيتي وطلبتي الطلاق.
لِلي بألم...قالت :-
_ كنت هعمل كده بس لقيته عارف كل تحركاتنا ، راشد حاطت جاسوس ليه هنا بس مش عارفة مين ، هو عارف وحاسب كل شيء.
صمت الضابط بضيق وقال :- هتروحي فين ؟
أجابت لِلي وهي تمسح عينيه الغارقة بالدموع :-
_ هروح شقتي لحد ما أشوف مكان تاني ، راشد هيراقبني اكيد وانا مش عايزاه يعرف مكاني...
قال الضابط :- لازم تعرفيني كل شيء أول بأول وانا بشتغل على خطتي وأن شاء الله الموضوع ده يخلص على خير...
قالت لِلي بتمنّي ورجاء ودموع :- يـــارب
انتهى الأتصال ووضعت لِلي سماعة الهاتف...نظرت للغرفة باشتياق وحزن شديد...لا تعرف هل ستعود إليها مجددًا أو لا ولكنها لابد أن تأخذ حذرها حتى تمر تلك الطامة عن حياتها....
جرت حقيبتها الكبيرة ووضعت ورقة مكتوب عليها كلمة طعنتها بكل حرف......"طلقني"
تعرف أنه لن يفعل ذلك دون مواجهة....ستبتعد بعض الوقت حتى تجد حل لهذه القضية بعيدا عن الخطر الذي يلتف حوله....
خرجت من الغرفة ثم خرجت القصر كاملًا.....
                              *********
**بفندق القاهرة**
ظلت حميدة تمرر يدها على رأسه بحنان حتى أغلق عينيه وتاه بغفوة...ابتسمت له ولم تفارق عينيها ملامحه الحبيبة... ثم صمتت في تأمل تام لهدوء سيماه التي للغرابة بدأت تنكمش بضيق حتى فتح عينيه فجأة واعتدل وهو يأخذ أنفاسه المتسارعة.....قلقت حميدة وتساءلت :- مالك يا يوسف ؟
ازدرد يوسف ريقه بقوة وقال :-
_ حلم ، لأ كابوس ، أنا وجاسر وعمي وجيه كنا بنغرق وفجأة لقيت نفسي....
قاطعته حميدة بخوف ضج بعينيها وقالت :- ما تكملش....قوم اتوضى وصلي واستغفر ربنا وادعي بالخير....مافيش حاجة أن شاء الله
هز يوسف رأسه بموافقة والتيه لا زالت بعينيه.....نهض قائلًا :-
_ هتصل اطمن عليهم وبعدين هروح اتوضا....
تركها واتجه لحمام الغرفة بينما اطرفت حميدة عينيها بقلق وخوف...تعرف أن احلامه نادرا ما تخيب....استغفرت ربها ورددت بعض الأذكار من هذه الوساوس التي تضيقها.....
                                  *******

امبراطورية الرجال ... للكاتبة رحاب ابراهيمWhere stories live. Discover now