الفصل الثامن و الأربعون ج٢

71K 3.1K 119
                                    

#الفصل_الثامن_والاربعون_ج٢
#إمبراطورية_الرجال

استغفر الله عدد ما كان وعدد ما يكون وعدد الحركات والسكون..
اللهم صلِ وسلم وبارك على محمد ...٣مرات
سبحان الله ، الحمد لله، ولا حول ولا قوة الا بالله
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤

وكل لحظة تمر على القلوب وهي تنعم بالحب تُعد عمراً آخر بالحياة....
وقلب الأربعيني لم يغفل عن أحلام عينيها الوردية....
نجمات لياليها تضيء عتمته وأنارت وحدته....كأنه أمير المملكة وأتت حبيبته بموكبها على هودج السعادة ، والحب....مهما مر من عثرات ستكن هي رفيق الطريق...
وقف أمام باب الشرفة بعدما بدل ملابسـه.....ساهم ، شارد ، ولكنه مبتسم رغم ذلك....
المـال بيديه لم يفكك عقد ، أو يرفع الأذى عن طريق صغاره...المال لا يفعل أي شيء سوى أنه يُزيد مخاوفنا خوف لفقدانه !!
ولم يجعله المال سعيدا...بل قضى تعاسته برفاهية لا أكثر....بينما كل شيء بالحب الصادق يصبح ممكن !!
لا تجتمع الألام والتعاسة بالحب مثلما لا تجتمع الملائكة والشياطين....انتبه أن ضوء الغرفة انخفض لتصبح الغرفة تغط في ظلمة عميقة...باستثناء ضوء القمر المطل أمام عينيه....
توجهت إليـه برداء نومها الحريري وكأنه الملجأ من كل شيء بالحياة ، احتضنت ظهره برقة وقوة معاً....رقة الأنوثة وقوة البقاء....وكأنت لمستها وكأنها تخبر الكون.....وأني أهدي الفراق الهجر وما تبقى من دموع....
ابتسم وهو يرفع يديه القوية ويلمس يديها على صدره....شعر بإرتعاش أناملها على غير العادة.....هناك شيء !!
سحب يديها حتى أصبحت بين ذراعيه ورأسها على صدره قائلًا بهمس :-
_ إيه اللي مخوفك ؟
ابتسمت بمحبة تتمايل ميلًا عظيماً على قلبهـا ، ونبضها ، وما تبقى من عمرهـا...أجابت بنبرة ظهرت مرتعشة :-
_ ساعات كتير بحس أنك حلم ، وأني هفوق ودموعي مالية عنيا وخايفة ، اظاهر أني بقيت بخاف أفرح....أو يمكن خايفة تبعد ! اوعى تسيبني مهما عملت...خليك باقي عليـا
ضمها إليه أكثر ولم يعرف لماذا مع عشقه الهائل لها يتخلل بعض اللحظات التي يشعر وكأنها طفلته الصغيرة !! قال بصوتٍ تعمد هدوئه :-
_ البقاء اختيار...في عز الألم بنشوف الأقرب لقلوبنا ونسلم أوجاعنا في كام دمعة..بنشوف الحياة في كلمة حلوة ونظرة حب بتتكلم من غير ولا كلمة....كام مرة قولتلك بحبك ؟
رفعت رأسها اليه بنظرة مبتسمة وقالت :- ده فخ ؟!
ابتسم بمحبة ورفع يديه ومررها على شعرها برقة متناهية وقال :-
_ معرفتيش تجاوبي ، لأني أنا نفسي معرفش الأجابة ، بس اللي أعرفه أن كل نظرة ليكِ بقولها الف مرة من غير ما تعرفي...
للي بابتسامة عذبة :-
_ هو كان لازم اتبهدل واتوجع في حياتي كتير عشان اقابلك ؟! كان نفسي اقابلك وأنا لسه بنوته بضفاير !!
تنهد وجيه براحة ورضا ثم أجاب بهدوء وابتسامة :-
_ الفرحة لو مجتش بعد تعب مش هنحس بيها ، أنا راضي جدًا عن قدري ونصيبي....راضي أن القدر اختارلي احسن وقت هكون فيه كل حاجة ليكِ.
الأختيار السليم مالوش عمر....والناس الصح ممكن نقابلهم في آخر لحظات حياتنا....مش مهم امتى اللقاء....المهم أننا يكون لينا نصيب نقابلهم....
وضعت رأسها على صدره بابتسامة وقالت :-
_ ساعات بنادي عليك عشان ترد عليا واتأكد أني مش بحلم...
قبل رأسها بقبلة طويلة ثم قال وهي بين ذراعيه:-
_ البقاء مش أني أقول أنا موجود....البقاء  احسسك أني موجود.....وتفضل كل المشاكل بقلوب المحبين قليلة...إلا الفراق...
                           *********
شهد الليل صوت الطيور المحلقة تسبح رب العالمين....وفي الطريق إلى الأسكندرية كانت سيارة تدق الطريق سيراً.....
لفح الهواء وجهها مرارا حتى شعرت بثقل رأسها وبدأت عينيها تُغلق من حين لآخر رغماً عنها.....ودقائق أخرى حتى سندت رأسها على كتفه وتاهت بغفوة....لم يضيق من ثقل رأسها بل ضاق من ثقل هذا الألم على قلبه....زوجته ولكن هناك شيء يفرق بينهما....يشعره أنها ليست له ، يؤلمه بقوة قاتله....وقفت السيارة فجأة....انتبه آسر لذلك وتسأل في ضيق :-
_ حصل إيـه ؟!!
خرج السائق من السبارة بتأفف ونفاذ صبر وأحاب :-
_ مش عارف يا بيه ، استنى أشوف المشكلة فين...
تفحص السائق إيطار السيارة ولكنه لم يجد بهم أي خلل !! فتح صندوق السيارة الخلفي ودقق النظر في الموتور تحت ضوء كشاف هاتفه الصغير....لاحظ وجود قطع بأحد الأسلاك الداخلية فقال بدهشة :-
_ العربية كانت سليمة !! كده عايزة ميكانيكي !
كاد أن يخرج آسر من السيارة ولكنه انتبه للنائمه ورأسها على كتفه فأزاح رأسها على المقعد بهدوء ثم خرج من السيارة بعصبية....قال للسائق :-
_ وهنجيب ميكانيكي منين في الوقت ده وفي المكان ده ؟!! احنا على الصحراوي !
رد السائق بنظرة المدرك والملم بالأمر وقال :- ما تقلقش ، أنا شغلي كله على الطريق ده وعارف مداخله....خليكم هنا وساعة بالكتير وارجعلكم...
اتجه السائق لمقعد القيادة وأخذ محفظة نقوده منها ثم أشار له بالوداع المؤقت.....
تأفف آسر من الأمر وتملكته العصبية للحظات وهو يرى السائق يبتعد ويتركهم بهذا المكان الذي وكأنه مهجور من كل شيء....حتى السيارات وكأنه أخذت طريق آخر بعيدا عن هنا.....
عاد لداخل السيارة التي كانت مضاءة بضوء أزرق خفيف...بالكاد يرى ملامحها النائمة بجانبه....انتبه لرعشة جسدها من لفحات الهواء المطلة من النافذة بجانبها....رق قلبه بشوق عنيف لضمها بأكثر ما بقوته....خلع سترته السوداء ثم اقترب اليها ليس لشيء بل كي يغلق النافذة المفتوحة بجانبها حتى فتحت عينيها بارتباك شديد وهي ترى هذا القرب....نظر لها بتوتر وصحح الأمر قائلا بتلعثم :-
_ كنت بقفل أزاز العربية
هرب بعينيه اتجاه النافذة لتبتسم هي رغما عنها.....ارتباكه وتوتره بدد خجلها بل وكأنه خجل اكثر منها.....خاطرة جعلتها تبتسم أكثر....
أغلق النافذة بالكاد وأزاح الستارة القطنية أمام الزجاج بينما دقات قلبيهما تتسارع بقوة.....انتهى ونظر اليها عن قرب شديدة الخطورة :- البسي چاكت البدلة
هزت رأسها برفض وأجابت :- هتاخد برد
صمم بحدة :- اعملي اللي بقولك عليـه !!
صمتت واغلقت عينيها ولم تنصاع له حتى جذبها اليه كي يضع السترة السوداء على كتفيها ولكن هذا القرب أصبح مدمرا لأعصابه....انتفضت من الخجل وتوترت عينيها تحت نظرته المتعمة بتفاصيل وجهها ببطء...
وضع السترة على كتفيها ببطء كأنه متعمد !! وكأنه كره الابتعاد حتى دثرها بسترته السوداء التي بدت كبيرة الحجم عليها بدرجة مضحكة...ولكن عينيه لم تترك ملامح وجهها الحبيب....لم يدرك قوة عشقه أكثر من الآن....ولم يدرك كم الشوق الهائل لقربها أكثر من الآن.....نظر لها مليًا....ومرت دقيقتان فقط وقد قطف فيهما بعض ثمار الحب من حقه كزوج.....لم يندم ولكنه استضعف نفسه أمامها.....ابتعد عنها بنظرات نارية وخرج من السيارة بعصبية.....
ابتلع سما ريقها وهي تنتفض خجلاً....ما كانت تستطيع أن تنظر اليه لولا أنه تركها بهذه العصبية.....غضبت منه وعليه....خرجت من السيارة وتتبعت خطواته حيث يقف....وقفت خلفه وقالت :-
_ نفسي تصدقني....خالد كداب ،والله العظيم كداب ، أنا عمري ما حبيته ولا حاولت اوصله حتى أني معجبة بيه.....اسمعني زي ما سمعته
استدار بحركة عصبية وغاضبة.....وقفت أمامه ولا تعرف اكانت تترك لقلبها قبسٍ من أمل يخفق أم توصم على القلب بالفراق !...وإذ كان الزواج أقوى مواثيق البقاء...فكيف يصلح جسراً للفراق..
أطرفت عينيها بجمود وهي تتهرب من عيناه القاسية وتساءلت بنفسها...إذا كان الاتفاق قبل به الطرفين لما عليه التردد!! التراجع والقرب ! الشوق والكبرياء... ربما لإيلامها !
قال آسر بحدة يختبأ خلفها شيء يئز غليان:-
_خليكي فاكرة أن جوازنا ده مؤقتاً...امضا على ورقة ومسيرها تنتهي...يعني مالكيش عندي أي واجبات أو حقوق.
قابلته سما بنفس نظرته القاسية وادها العتاب قسوة...ولكن سبق حديثها يد غريبة القت بشيء حاد على رأس آسر من الخلف افقدته الوعي !!
اتسعت عينيها بفزع وصرخت بصوتٍ عالِ ولكن أشهر خالد سلاحه بوجهها كي تصمت

امبراطورية الرجال ... للكاتبة رحاب ابراهيمWhere stories live. Discover now