الخامس عشر ٢

11.8K 311 82
                                    

بعد قليل كان رنين هاتفها يتعالى وهي ترتدي حذائها .. بينما المربية تمسك بالتوأم هاتفة:
-خلاص البنات لبسوا حضرتك..
اومأت لها بابتسامة بشوشة.. قائلة:
-متشكرة اوي يا ميس ليلي..
تعالي رنين هاتفها مرة اخري .. فانتبهت له وهي تخرج من المنزل الي الخارج..
كان غسان فجاوبته بينما هو يقف يراقب من بعيد.. مترقبا من وصولهم..
-ايوه ياغسان.. خلاص احنا خرجنا من باب البيت.. انت فين..
كان يجلس في حديقة القصر, في ركن قديم من تصميم الارابيسك... يكشف باب المنزل, فالتفت ليراها ..
كانت كزهرة عباد الشمس.. لا يعلم ما هو حبها في ارتداء اللون الاصفر ومشتقاته.. ولكن علي اي حال هي.. هي.. هي راحة.. وانتهي..
اقترب متأملا فستانها الصيفي .. بلونه الاصفر الزاهي وبه .. متناثر عليه ورود بيضاء صغيرة, كان يصل الي كاحلها .. يناسب قوامها , ولكن دون ان يلفت النظر..
امسك بالصغار ثم اشار لها تتبعه بصمت الي السيارة..
بعد ان جلست , وبينما هو يقود همست تكسر الصمت:
-عاوزة اسمع حاجة..
نظر لها بطرف عينه قائلا:
-حاجة.. تسمعي ايه يعني..
هزت كتفها بدلال فطري يلفت نظره.. دوما يلفت نظره..
-اي حاجة  نسمعها في العربية ممكن..
اومأ وهو يقود.. ثم اشار لها قائلا بنبرة باردة:
-شغلي الي تحبيه يافريدة..
امتثلت لحديثه ثم بحثت في المشغل الالكتروني عن اغنية ما.. قد ترفه عنها هذا الصمت..
فهمست بصياح:
-واو..بتحب ماجدة الرومي..
افلتت منه ضحكة ساخرة قائلا:
-لا.. مبحبهاش..
-امال ليه عندك..
وحينها اجاب بشرود :
-ريتا.. كانت بتحب ماجدة.. فيروز..نجاة.. كانت مهوسة بالاصوات العربية..
هل اصابها بعض الضيق, والاجابة بعد هذا التساؤل كانت بالايجاب..
اجل هي تشعر بالضيق.. هي تشعر .. هي تغاااار.. اتسعت اعينها عند تلك الفكرة التي استحوذت علي غفلة ما بعقلها..
هزت رأسها بطريقة بانت لغسان هستيرية.. مما جعله يرمقها بمكر.. و بداخله يعلم لما هي علي تلك الحالة:
-مالك بتهز راسك ليه.. وصلت بتفكيرك لايه يابونبوناية..
ارتبكت وهي تخفي نظراتها عنه.. ما به هذا الرجل كيف يعلم ما بداخلها.. كيف يقرأها .. كيف..
اجابته وهي تنظر من نافذة السيارة .. تمثل انها قوية.. وهي كاذبة:
-انا مش هيجي يوم احبك..
هز كتفه هاتفا بهدوء.. وتقرير لحديثها واعترافها:
-عارف.. بس هيجي يوم تتعودي عليا يافريدة..
ساد الصمت قليلا قبل ان يكمل بنبرة عميقة:
-ولو اتضايقتي من سيرة ريتا ام بناتي.. فده برده مش معناه انك بتحبيني..
تساءلت بنبرة متعجبة بينما هي تلتفت له تسلط نظراتها عليه:
-امال معناه ايه..
وببساطه اجاب.. يهديها بدايه.. ربما تجد من خلالها طريق لتقبل حياتها معه:
-معناه انك مراتي يافريدة.. اتعودتي عليا.. خايفة علي البنات بعد ماتعلقت بيهم..
-والحب..!
-مش شرط...!
الحب.. لم يكن شرط للاستقرار, الحب غير مهم.. الحب لعنة ما.. خطيئة ربما.. عالم وردي مزيف .. يجوز..!
وتلك هي فلسفة غسان ابو العزم.. (الحب.. مش شرط)....
وربما يوما ما.. تتغير الفلسفة.. تتطور.. تنقلب الي لا ضير من بعض الحب.. بعض البهارات.. !
********************
كان يجلس بغرفته شاردا بمريم.. تلك الجالسة امامه مندمجة في رواية ما..
ابتسم بسخرية.. فبالتأكيد الرواية رومانسية.. مريم.. ساذجة, وستظل ..
تحيا بعالم وردي مزيف لعين.. والأدهى تريد منه ان يحيا معها بداخله..
صوت من هاتفه انبئه بوصول رسالة ما اليه علي احدي برامج التواصل الاجتماعي..
فتح هاتفه ليجد ان الرسالة لم تكن الا من تلك المشتعلة.. ميرال..
الماكرة تبعث له مقطع فيديو صغير , وهو مثار حقا لرؤيته.. التفت الي مريم وجدها مازالت منهمكة في سطور روايتها الرومانسية..
وعندما وجدها علي تلك الحالة امسك بهاتفه ثم وضع بأذنيه سماعات الاذن .. وقام بتشغيل المقطع..
والمقطع لم يكن سوي ميرال..
ترتدي.. ثوب احمر ناري يلتصق بجسدها كجلد ثاني لها.. خصلاتها السمراء الغجرية متناثرة حولها هاتفة بابتسامة مغوية:
-وحشتك.. ولا لا.. عموما انا متأكدة اني وحشتك..
ابتسم علي ثقتها تلك وللحقيقة هو اشتاق .. اجل اشتاق لتلك الأنثى المشتعلة..
اشتاق ويتمني لو يذهب لها الان.. حالا..
التفت الي الفيديو مرة اخري ليجدها تقم بتشغيل هاتفها الخاص علي اغنية ما..
وحينها انبهر هو.. فُتن هو.. وهي اغواء.. فتنه.. هي حارة.. للغاية..
تتراقص .. تتمايل علي اغنية اجادت اختيارها .. فاصابت الاعجاب لصاحب السمو.. لملك الليلة.. شهريار...
(الف ليلة وليلة.. قصة كل ليلة..
احكي ياشهرزاد.. احكي لشهريار.
اشغليله ليله.. لطلوع النهار..
حيريله باله..غيريله حاله..
خلي عقله دايما في حالة انبهار
احكي ياشهر زاد.. احكي ياشهرزاد..)
كانت مثيرة ..كانت!.. هي مهلكة.. هيئتها .. رقصتها.. تمايلها.. خصلاتها..
والان .. الان هو يتوق لقصة كل ليله كشهريار.. ولكن من هي شهرزاد.. من هي الملكة.. ان كان هو الملك.. ان كان غُدر به من حبيبته كشهر يار..
ابتسم بعد ان انتهي المقطع وكان جوابه عليها ملصق.. يضحك.. ليستفزها الا انها علي الجهة الأخرى ضحكت وبمرح.. وهذا غريب..!
فاق مما هو فيه علي هزة خفيفة من صوت مريم.. وحينها تنبأ لها.. وغزة خفيفة من ضمير يخبره بخيانته لها.. وهي لا تستحق.. الا انه لم يستجب..
-يامن ممكن نتكلم شوية..
رفع نظره لها هاتفا ببرود:
-خير يا مريم.. وياريت بلاش موضوع انا بحبك ده..
تماسكت بعد كلماته بصعوبة.. وهو لاحظ ذلك وادرك مدي جفائه.. فاستقام من مكانه .. وعانقها كالطفلة هاتفا بمراعاة:
-مش قصدي, متزعليش.. كنت عاوزة ايه..
اجابته بخجل ونبرة مهزوزة:
-كنت عاوزة لو  ينفع نغير جو.. نسافر ولو يوم
شعرت انه قد يعترض الا انها امسكت بيده تقبلها بحنان هامسة:
-عشان خاطري.. عاوزة اغير جو..
من داخله لا يريد ذلك الامر.. الا انها اصابت شيء ما بداخله.. هو لن يستطيع الرفض..
قبل رأسها ثم قال بمرح:
-خلاص يامريم.. الاسيوع الجاي هفضي نفسي يومين كده .. تحبي تروحي فين..
اجابته علي الفور بنبرة فرحة صادقة:
-اي مكان.. المهم هبقي معاك يا يامن..
تأملها للحظات لما دائما تصعب الامور.. لما هي بتلك المثالية.. لما لا تتغير.. لما..
انها تشعره احيانا بوجع ما .. ضميره احيانا يؤنبه بسببها..
وهو لا يعلم هل يحبها.. ام لا.. فاق من تأملها علي نبرتها :
-يامن بتبصلي كده ليه..
ابتسم لها وهو يهز رأسه مغمغما :
-وحشتيني مثلا..
اشاحت نظراتها عنه خجلا.. وهي تهتف بارتباك..
-وانت كمان وحشتني.. انا اكتر ..
ولم يعترض علي كلمتها الاخيرة.. لانه حقا.. هي من اشتاق اكثر..
فقط اقترب منها يخطف قبلة تختطف انفاسها.. ويفقد معها انفاسه..
يلامسها برقة.. تخالف افعاله مع ميرال..
وهي كالعادة تنجرف معه وله.. تهبه روحها كاملة برفقة جسدها.. وهي .. هي عاشقة..
وهو خائن.. وربما لم يكن عاشق...!ربما..
*******************
اما هو كامن في غيبوبته.. وربما لا يفتقده احد.. ولا يسأل عنه احد..
غريب في بلاد غريبة.. في غيبوبته يتذكر صاحبة الخصلات البنية.. يتذكر نيرة..
عندما دخلت الي شقته بأعين حمراء هاتفة بخوف:
-مازن.. انا حامل..
بهتت ملامحه وهو من مكان مثارا ومتحفزا الي هذا اللقاء, يمني نفسه بها وبجسدها.. رغبة ومتعة يقتصها كعادته البشعة..
نظر لها.. هي تراه فارس.. ولكنه ذئب واسوء.. فاقترب منها يريها اسوء ابتسامة.. ابتسامة وغد مع مرتبة الشرف..
-هينزل يانيرة..
انهمرت دموعها فجأة وهي تقول بنبرة مصدومة:
-انت بتقول ايه يامازن.. انت بتقول ايه..
لامس وجهها .. فارتعدت منه وارتدت الي الخلف هاتفة:
-متخوفنيش يامازن.. انت بتحبني صح..
ربت علي بشرتها هامسا:
-هينزل يانيرة..
-وانا..
ابتسم باتساع وهو يجاوبها :
-انت طالق
همست بصدمة وهي تتهاوي تحت قدميه:
-بتقول ايه.. انا بحبك.. وانت..
بتر حديثها قائلا :
-محبتكيش, انا كنت بتسلي.. وعشان انت غبية صدقت..
بضع كلمات كانت كالصفعة.. بضع كلمات وانتهي الامر..
انتفض جسده في غيبوبته .. وحينها اصدرت الاجهزة الموصلة به صفير عالي..
لتتحول غرفته في ثواني الي الاطباء والممرضين.. ربما.. يحظى بفرصة.. بالحياة.. او معها..!

طيب هو بالنسبة للمثلث نيرة وكريم وأثير...توقعاتكم ايه ليهم....
واسفة لتاني مرة علي التأخير دعواتكم ..
دمتم بخير

للعشق طريق اخر(١+٢)Where stories live. Discover now