102 رومي كومو

Start from the beginning
                                    

ابتسمت: "صباح الخير يا حضرة اللورد، تبدو مستعداً جيداً لرحلة اليوم"

رددتُ الابتسامة: "صباح الخير آنسة لايتون، الاستعداد هكذا سيُريحني من إجهاد التنفس"

صمتنا، نُتابع التبّسم، ولا نتوقف عن فعل ذلك كلما تقابلت نظراتنا عندما اجتمع الجميع، وأثناء المشي المرهق في الغابة، وركوب القارب الكبير الذي جلبهُ ريادو لاستهلال الرحلة. إلا أنها جلست في المقدمة مع ماتيو ورين، بينما تمركزتُ في المؤخرة فما عُدنا قادرين على رؤية وجوه بعضنا واحتمال ادّعاء الغباء أمام الآخر. أحياناً، أحياناً فقط، أكره تمرّسي منذ الصغر على السياسة.

"لماذا تُجدّف نحو اليابسة ريادو؟"

"سوف نُقلّ رومي معنا"

سحقاً، هذا ما كان ينقصني، الفتاة المتحجّرة والفظّة دليلاً سياحياً لعيناً لنا.

رين

طوّقت رقبة رومي في حضن قسري بينما قامت هي بجرّي معها إلى منتصف القارب، ما عادت تقاومني بعدما جلبتُ لها الصداع بالتطفل في حياتها كل يوم، إلا أن اللعينة لم تُخبرني عن جدول تمارينها بعد. أخذتْ مجدافاً وبدأت في تحريك عضلاتها الرشيقة لينطلق القارب مع التيار الهادئ. لاحظتُ استياء كولِن المضاعف من وجودها، هذا الأمر غريب جداً، أعلم بأنه تناطح معها عندما تقابلا أول مرة، ولكنها ليست المرأة الأولى التي تتحدّاه، ولقد عامل باقي نساء القبيلة باحترام فلماذا كل هذا الامتعاض منها تحديداً؟ لحظة. بحسب خبرتي المتواضعة في المجتمع البشري، اكتشفت بأن الرجل عندما يُعامل فتاة ما باختلاف، سواء كان بشكل جيد أم سيء، فهذا لا يدل إلا على شيء واحد فقط. نعم، إنه الانجذاب الغير مريح من حقيقة كون الطرفين من جنسيْن مختلفين. هذا الخناق على الأنفاس، واختلاس النظرات، والأجواء الثقيلة لا يدلّون إلا على وجود شرارة بريئة إن قُدّمت لها المساعدة الصحيحة ستتحول إلى نار مخيم عظيمة.

سمعتُ داي يقول: "ما هذهِ الابتسامة المقرفة؟"

تجاهلته. نعم، فأنا، تماماً مثلما فعلتُ مع ماتيو، سوف أساندك يا أخي على جهلك برغباتك المشتعلة.

كولِن

لا أحب أبداً التّغني في جمال الطبيعة، فجميعها أراضي وسخة بالنسبة لي. ولكن الحق يُقال، هذا النهر المُتمايل، العميق والضحل في أحيان كثيرة، يبدو كدرب يُضفى إلى بوابة ما. بوابة أحلام ماتيو ربما. الأشجار تميل عليهِ وكأنها تنحني احتراماً لملك، تُخفي مكنونات الغابة عنه، والحشرات الطائرة تحلّق تنقلاً فوقهُ لتُضفي القليل من الألوان على اخضرارهِ المُمتزج مع بُنّي الأتربة.

توقف ريادو وأخته عن التجديف عندما أخذ النهر دفّة دفعنا بالكامل، ثم قال: "خرج الأبطال الأسطوريون من المدينة المقدسة بعدما انهالت على شعبنا الأوبئة والفيضانات القاتلة، واتخذوا هذا النهر مسيراً لهم لسحق الشياطين. كانت حرارة الرعد الجبّارة أسلحتهم التي نقّت لنا المنطقة من سوء فأل تواجدهم، وفي المقابل كان النهر هنا يزودهم بالماء والطعام اللازميْن لهذهِ الرحلة الشاقة"

المفقودWhere stories live. Discover now