88 نور

11K 900 2.4K
                                    

ماتيو

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

ماتيو

مسح داي عرق جبينهِ فاتسخ بالدماء التي تمرّغت فيها قفازاته، أنفاسه تتعالى قليلاً خلف القناع الواقي الذي يرتديهِ، والتركيز المُنصب من عينيهِ على الجثة يجعلني أتحسّر على امتلاكي قدرة رؤية الأجساد وعلاجها لا هو من كان سيُضاعف من فائدتها أضعافاً، ولما كان سيضطر إلى تشريح صدر هذا الجندي لمعرفة سبب موتهِ المفاجئ. كانت خيمتنا الصغيرة للتحقيق، المشرحة، مليئة بالأطباء والمطببات وفرسان للحراسة في البداية. الآن وبعد مرور ما يقارب الساعة من فتح الجثث وإغلاق سابقاتها أصبحت خالية إلا من فرساني المُعتادين على استنشاق هذا الكم من العفن ورؤية أسوأ مما افتعلته يدا داي الشرهتين في اكتشاف المزيد.

انتشل مشرطهُ كتلةً كبيرة من الدم المتخثر على شكل سرج، فابتسمت لي عيناه قائلاً: "لقد عثرنا على القاتل بأبهى حلّة، إن هذا النوع من التّكتل الدموي لن تجده بهذا الشكل إلا هنا في شرايين الرئة، أليس جميلاً بتماسكهِ؟"

نسيت الذكر بأن بعض عباراتهِ النابعة من شغفهِ الطبي، المبالغ فيهِ قليلاً، قد دفع البعض إلى الفرار منا خوفاً.

هززتُ رأسي بعدما رفعتُ حاجبيّ مُجيباً: "لم أرى شيئاً جميلاً ومثيلاً له في حياتي كلها"

قرّبهُ من وجهي مُكملاً: "وما الذي يجب علينا فعله كي لا نراه في رئة أحدهم مرة أخرى؟"

"عدم تسريع عملية التجلّط في شفاء النزيف والكسور فيمن يمتلك تاريخاً حافلاً بأمراض القلب وشرايين الدماغ وآلام أثناء المشي أو الاسترخاء، وأيضاً من يُدرّون الكثير من البول مع أمراض متنوعة في الجسم"

أومأ لي باستحسان: "أنت أفضل ثاني تلميذ تحت رعايتي"

"ولماذا لستُ الأول؟"

"لأن سليطة اللسان كانت ستجيب بلا إرشادات مُسبقة مني، وتستطيع استنتاج آليات الأمراض بنفسها من فهمها المُسبق لعمل الجسم البشري على عكسك أنت من تحفظ كل حذافير كلماتي. لقد أردتها أن تنظم إلينا كي تتعلم عملياً لا نظرياً فقط ولكنها تمتلك أحشاء عصفور بائس، لقد فوّتت الكثير"

أرجع داي التّكتل الدموي إلى شريان المريض بفلسفة صرّح فيها بأن أمراضنا جزء منا ولا يجب علينا نبذها لأنها قتلتنا فقط. قول غريب لمن لا ينفك عن مسح ذكريات جرائم مرضهِ احتماءً وخوفاً. أعاد خياطة كل ما مزّقه برقة فيما كنتُ أنا أساعده مُكرراً أسماء مكونات الجسد وطبقاتهِ من جديد. هل أنا مستاء لأنني ثاني أفضل تلميذ؟ بالطبع لا، ولكنني وددتُ سماع رأيهِ فيها هي من رأتها هلوساتهُ تهديداً، ولم يخب ظني بحذقها من جديد. رين كما يبدو خرجت من دائرة تعليمهِ حتّى أصبح لا يُصنّفها من ضمن الطلبة بعد الآن.

المفقودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن