الفصل الخامس و الأربعون

Start from the beginning
                                    

يبدو أن خالد ضحية أكثر منه مذنب...ادمعت عين سما من هذا الكم من الكره الذي يحمله هذا الخالد حتى ظن هو أنها تدمع لأجله !!
رقت عيناه بشيء غريب وقال :- صعبت عليكي ؟!
قالت بصدق :- يمكن....بس ده مايمنعش أنك ضعيف وسيبت نفسك في القالب اللي أهلك حطوك فيه مع آسر ، يمكن لو كنت دورت جواك على شيء بتحبه وهتلاقي نفسك فيه كنت لقيت نفسك التايهة منك...
ضغط خالد على نواجذه بقوة وأشار للباب وهتف :-
_ مش كنتِ ماشية ، يلا اخرجي برا ، برااا
تنفست الصعداء وكأنه طردها من الجحيم حتى اسرعت للخارج كالطيف والتقطت حقيبتها وخرجت من مكتبـه بأسرع خطواتها....
                                                  ********
بمكتب يوسف.....
وقفت حميدة مستندة على المكتب بينما وقف يوسف أمام الشباب الثلاثة بنظرات حائرة وقال :- يا ترى في إيه ؟
حميدة بقلق :- اكيد خالد ده ضايقها في شيء ، مش هتكلم للي غير لحاجة كبيرة.....
زفر آسر زفرة حارة غاضبة والتزم الصمت حتى لا ينفجر بهما جميعا...أطرقت سما على المكتب فأسرع يوسف فتح الباب.... وقفت تنظر لما خلف يوسف عندما فتح الباب لتجد عين آسر كعين الصقر التي تترقب الهدف.....ابتلعت ريقها بقوة وتوتر فقال يوسف :- ادخلي
دلفت سما لظاخل المكتب واغلق يوسف الباب....هرعت إليها حميدة بنظرات متساءلة بينما ابتعد آسر عنهم وتوجه لنافذة بعيدة ونظر إليها مواليا لهم ظهره....
قال جاسر بتعجب :- حصل ايه مع خالد ؟ ضايقك ؟
حافظ رعد على هدوئه وهو ينتظر اجابتها بينما بدأت سما تخبرهم ما حدث بالكامل مع نظرات جانبية لآسر الذي لم تعرف تعابير وجهه ولا رد فعله لما حدث....
شهقت حميدة من الدهشة ثم نظرت لجاسر بنظرات نارية.....احمرت غين جاسر من الغضب وهتف :- الحقير....هي حصلت يراقبني ويصورني كمان !
كاد أن يتحرك متوجها لخالد بمكتبه حتى يقتلع رأسه ولكن رعد جذبه بقوة وهتف :- استنى أنت رايح فين ؟! هي بالدراع !
صرخ جاسر بشراسة :- آه بالدراع وياويله مني ، ده صورني يارعد !
حميدة بعصبية :- ولما أنت كده عايز تتجوز جميلة ليه ؟! عايز تتجوز بنت معرفتش ولا اتكلمت حتى مع واحد ليه ؟! ما تسيبها للي يعرف قيمتها ويصونها ويحترمها ولا أنت تبقى مع خمسين واحدة برا ومطمن أن اللي على ذمتك محترمة وهتصونك أنما انت تعك عادي !!
جميلة لازم تعرف وتقرر تكمل معاك أو لأ مش هسيبها على عماها وبجد لازم أشكر خالد اللي بين حقيقتك قبل ما الفاس تقع في الراس والبت تدبس فيك !
تصاعد غضب جاسر وهتف بيوسف :- سكت خطيبتك انا مش ناقصها !
حاولت سما جذب حميدة حتى تبتعد عن جاسر بينما أقترب يوسف وقال لحميدة :- استني بس يا حميدة نفهم اللي حصل من جاسر وبعدين نحكم

التفتت حميدة بنظرات عصبية وقالت :- مش هستنى ، خالد مش غبي عشان يجيبله فيديو قديم ويبتز سما بيه اكيد الفيديو ده جديد بعد ما خطب جميلة كمان ! اسأله يا يوسف !
نظر يوسف لجاسر وكاد أن يسأله ليصيح جاسر بأنفعال :- آه بعد ما خطبت جميلة بس مش زي ما انتوا فاهمين ، سما بتقول أن الفيديو كان في مكتب وده حصل فعلا في فرح سمر في مكتب أبوها بس الموضوع مش كده..
أشارت حميدة بعصبية له وقالت :- جميلة كان عندها حق تشك فيك طول الوقت وأنا اللي كنت بطمنها وأقولها اصبري !! دلوقتي انا اللي هخليها تسيبك لأنك ما تستاهلش ضفرها اصلًا..
هتف جاسر بشراسة :- انا ما خونتهاش ، مش عارف اثبتلكم أزاي بس مخونتهاش والله ما خونتها وبعدين أنتِ مالكيش علاقة باللي بيني وبين خطيبتي احنا أحرار !
قالت سما بعصبية :- أنا اللي شوفت الفيديو ، مقدرتش اكمله ، واظن أنت عارف فيه إيه بالضبط ، المفروض ده يبقى اسمه ايه لو مكانش خيانة ؟!
تنهد جاسر بضيق شديد وأغمض عينيه بثقل على صدره حتى فتح الباب وظهرت جميلة.....
نظروا لها جميعا في قلق بينما طالت نظرتها على جاسر وانتفض قلبه من أن تكن استمعت لشيء....مرت لحظات وخيم الصمت المربك بينهما حتى قالت جميلة بشيء من الغموض :- نسيت تليفوني مع حميدة
تنفست حميدة الصعداء رغم أنها قررت أن تخبرها ولكن حقيقة الأمر يبدو صعب للغاية...
اقتربت حميدة بابتسامة مزيفة وأخذت هاتف جميلة الذي لم تنتبه له عندما اتت جميلة تخبرها أنها سترحل وتركت هاتفها بالخطأ من العجلة....اخذت جميلة الهاتف من يد حميدة بنظرة منكسرة ثم أجهشت بالبكاء وتأكد الجميع أنها استمعت لكل شيء......ركضت جميلة للخارج وتمتم جاسر بعض الكلمات المنفعلة وذهب خلفها.....
كادت حميدة أن تسرع خلفه ولكن يوسف منعها قائًلا :- لا استني...خليه يكلمها ويشرح لها اللي حصل من غير تدخل مننا...
أطرق رعد على المكتب بعنف وقال :- خالد....حسابك تقل أوي ياخالد..
يوسف بضيق :- هنعمل ايه في حكاية الفيديو ده ؟
استدار آسر الذي ظل صامتها وبعيدًا وقال :-
_ عايز تليفون خالد ، هعرف امسح اللي عليه كله وامسح أي حاجة على الايميل لو كان مرتبط بكمبيوتر تاني....
يوسف بحيرة :- هنجيب تليفونه أزاي ؟!
زم رعد شفتيه وقال :- أنا عندي فكرة احسن ، هتخليه يوقف عند حده وميقدرش يفكر حتى ينشر الفيديو ده
يوسف بلهفة :- ايه ؟ قول بسرعة ؟
تنفس رعد بثبات وقال :- حضرلي شيك ، بمبلغ ١٠٠مليون جنيه ، لازم خالد يمضي عليه ، ده غير اننا هناخد تليفونه ونمسح كل اللي عليه عن طريق الايميلات كلها....
سما بعدم فهم :- وده كله أزاي هيحصل ؟
صمت رعد لدقيقة ثم أخرج هاتفه وقال وهو يجري اتصال :-
_ واحد مابحبش اتصل بيه بس هتصل بيه غصب عني.....مافيش غير حل واحد.....برشام هلوسة ، نعمل اللي احنا عايزينه وبعد كده مش هيقدر ينطق...
يوسف بتعجب :- وهيعرف يمضي وهو بيهلوس ؟
اوضح رعد :- دي مهمة سما ، هتحطله البرشام ده في أي عصير وقبل ما يتوه تخليه يمضي على أوراق تخص الشغل واللي هيكون منها الشيك ، مش هيكون مركز أوي وبعد ما البرشام يعمل مفعوله هناخد التليفون منه ونمسح كل اللي عليه براحتنا...وبما أنه ماعندوش ربع المبلغ ده حتى في البنك فغصب عنه هيتلم والا هيتسجن...بس أهم حاجة أن الامضا على الشيك تكون نفس الأمضا اللي بيتعامل بيها مع البنك..مش عايز أي غلطة فيه
اعلن يوسف معرفته بالأمر :- أنا عارف أمضته كويس وعارف كمان البنك اللي بيتعامل معاه لأن مرتبه بيتحول فيه
رعد بتنهيدة :- كويس أوي ، حضرلي بقى الشيك بسرعة بحيث أنه يكون جاهز على بكرة الصبح...
سما بتساءل :- طب والشيك ده هتعمل بيه ايه بعد كده ؟
آسر بغضب :- مالك خايفة عليه كده ؟! اومال لو مكنتيش عرفتي حقيقته ؟!
نظرت سما للأسفل بحرج وضيق ولكن رعد أجابها بهدوء :- محدش هيعمل بيه حاجة ولا هنضر حد بيه ، لكن طول ما هو معانا خالد مش هيقدر يعمل حاجة واظن دي الطريقة الوحيدة عشان نبعد عن شره...
                                            ***********
بالطريق.....
ركض جاسر خلفها كي يلحقها قبل أن تذهب ، قبل أن تقرر شيء سيفتت كل ما شيده منذ أن قابلها ، وقف أمامها قائلًا بحدة :-
_ اوقفي بقى واسمعيني ، ما تحكميش عليا من غير ما تسمعيني !
نظرت حولها ولا زالت الدموع بعينيها وقالت بحسم :-
_ ماتنساش اننا في الشارع...وكمان مافيش بينا كلام بعد النهاردة
ارتفع منسوب العصبية بدمائه وقال بأنفعال :- طريقتك وعمرك ما هتغيريها....الفيديو اللي سما شافته هو اللي حصل يوم خطوبة سمر وأظن بما أنك سمعتي فأكيد سمعتيني وأنا بقول كده ، محدش بيتغير بين يوم وليلة يا جميلة وأنا عشان بحبك قاومت ، ضعفت شوية ده حقيقي بس والله العظيم قاومت ، لأول مرة في حياتي أقدر اتحدى نفسي ، أنتِ مش فهماني....صعب اكون قضيت حياتي كلها كده واتغير بين يوم و....
قطع حديثه عندما اكتشف أنه أفصح عن الحقيقة...تطلعت به بذهول....
أعترف !!
وللسخرية أنه يدافع عن نفسها فأدانها أكثر !
تاهت بنظرته الخائفة من رد فعلها فقالت بصدمة :-
_ قضيت حياتك كلها كده ؟! يعني أنت كنت بتزني ؟ أنا مش مصدقة ؟!!
كام مرة سألتك ؟! وكام مرة كدبت عليا وانكرت ؟!
فهمتني أن علاقاتك كلها كانت علاقات سطحية وعابرة مايتخافش منها !! ربنا كشفك على حقيقتك لأنك ما تستاهلنيش ، انا احسن وأنضف وأشرف منك
جاسر بنظرة تتألم أقر وأكد :- عارف...ومتأكد أنك احسن مني ، بس أنا فعلا اتغيرت عشانك ، لو تعرفي ده كان صعب اد إيه هتغيري رأيك فيا ، أنا ببقى انسان كويس وأنتِ جانبي..
ضيقت جميلة عينيها بسخرية وقالت :-
_ اتغيرت !! بأمارة إيه ؟! أنت خونتني واحنا لسه مخطوبين !
وحتى يوم الحفلة فهمتني أنك ياعيني قاومت ورفضت الغلط ، لو ده صح ايه الفيديو اللي سما شافته ومقدرتش تكمله ؟!
هتف جاسر :- لو كانت كملته كانت عرفت أني مظلوم ، كانت شافت بعنيها وأنا ببعد ومش عايز اغلط
تابعت جميلة سخريتها وهتفت بعصبية :- حجة!! والاسم رفضت !! اوعى تكون فاكر أني اطمنتلك ونسيت اللي حصل يوم الحفلة ؟! بس عشان كنت عايزة اكمل اديتك فرصة اكبر من قوة احتمالي ، لكن انا مش هقدر استحمل أني اتخان وتديني مبررات أنك ضعيف !
أنت لو مش عايز تتوب عشان نفسك عمرك ما هتوب عشان حد ! ماتجبنيش حجة ووسيلة لغلطك وتقول بحبك وتقنعني وترجع تخون وتتأسف وبرضو تقنعني أنك ضعفت !
أنا بشر ! فاهم يعني ايه ؟! يعني مش ملاك عشان اغفرلك الخيانة حتى لو ضعفت...لو الحب هيخليني افقد كرامتي مش عايزاه ولا عايزاك...
نظر لها نظرة تحمله كل عذابه وقال بتلعثم :- يعني ايه ؟
اجابت جميلة بعد لحظات وجسدها ينتفض من الألم :- يعني كل واحد فينا من طريق ، شوفلك حد غيري يقدر يستحملك ، انما أنا خلصت كل طاقتي في الصبر...

امبراطورية الرجال ... للكاتبة رحاب ابراهيمWhere stories live. Discover now