المفقود حكاية عن ذلك الفتى الصغير الذي لطالما آمن بوجود دفء عائلتهِ إذا ما بحث عنه جيداً، إلّا أنّ الحياة تعلّمه أنّ الفرق بين الآمال والواقع قد يؤدي إلى هلاكهِ. فتبدأ حكايته وحكايات العديد من الشخصيات التي سترى النور بوجودهِ، لكن هل هو بالفعل لا يم...
Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
ماتيو
اتخذ جميع أعضاء المجلس مقاعدهم، في الأحوال الطبيعية يجب على القواد أن يُطلّوا بدروع بهيّة تم تلميعها جيداً بعد أسبوع من انتهاء المعركة. الأمر لا ينطبق على مجلسي. الجميع في حالة مزرية، لا دروع مصقولة، لا ابتسامات فخر بعد الآن، ولا حتّى ترحيبات تملّق.
كولِن كان الوحيد الحيوي كفاية ليقول بصوت أيقظ الجميع من نوم محتمل: "من المُكلّف بإدلاء تقرير اليوم؟"
دخل الخيمة المعني مهرولاً من مكان ما، قائلاً بنفس يتقطع: "أستميحكم عذراً على التأخير، فريق إحصاء الوفيات لم يسلموني العدد النهائي لضحايا الأقفاص إلا قبل دقائق"
انحنيتُ قليلاً للأمام: "كم خسرنا؟"
"سبعة آلاف وأربعمئة وثلاثة وخمسون مريضاً منذ اجتماع الأمس حتّى هذا الصباح يا جلالة سمو الأمير، كما لفظ اثنان وعشرون جندياً أنفاسهم الأخيرة بفعل مُضاعفات جراح المعركة"
لقد كنتُ أعتني بمواطني المدينة مُتجاهلاً جنودنا، والنتيجة كانت استحالة إنقاذ المجموعة الأولى، وموت العديدين من المجموعة الثانية، وانهاكي حتّى منعني داي من العمل كي لا أتهاوى أمام الجيش.
قال نائب القائد والتون: "العناية بأهالي المدينة واجب علينا، ولكنهم في الآن ذاتهِ سيشكلون عائقاً في استمرار الحملة، فنحن لا نستطيع خوض المعركة القادمة بدون الكادر الطبي وكادر الخدمات، وفي الآن ذاتهِ لا يُمكننا تركهم هنا بلا رعاية"
أجابهُ أحد القواد: "كما أننا لا نستطيع نقلهم للعاصمة بالسفن فعددهم ما يزال هائلاً، لا أعتقد بأنهم قادرون على احتمال الإبحار على أية حال"
ثم قال آخر: "ماذا عن ترك نصف الفرق الطبية هنا؟"
فتدخل مُخبرنا: "كادرنا وحدهُ غير كافٍ للاهتمام بهم، ترك نصفهم يعني هلاكهم..."
أدلى كولِن معقود اليدين: "إذن نحن لا نمتلك خياراً آخر، سوف نطلب من المملكة تزويدنا بأطباء ومتطوعين للعناية بهم، وسنتحرك لوجهتنا القادمة، جزيرة ريانا، بعد وصولهم"
ظللتُ صامتاً عندما انخرطوا في جدال حاد، جزيرة كونكا بعيدة جداً عن العاصمة، وجزيرتنا القادمة بعيدة جداً عن كونكا. كم سنتأخر؟ شهر؟ شهر ونصف؟ لم أعترض، الحياة أهم من النصر، وبدون النصر المزيد من الحيوات تسقُط في محطة أودا القادمة، وأنا، حسناً، لا أمتلك الوقت.
