كريسماس في مكة

142 12 8
                                    

كريسماس في مكة

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

كريسماس في مكة

قبل أن تفكر بقراءة الرواية ستفكر بالعنوان حتماً، ستفكر بإلى إي حد يمكن لهذا العنوان أن يكون منفصماً؟ كيف يمكن لمكة وكريسماس أن يجتمعا معاً؟ ولكن ما سيصدمك أكثر من كريسماس ومكة معاً هي ال"في" التي بينهما ولكن بعد وهلة وتفكير لثوان ستستسيغ العنوان بل وستجده عادياً وأكثر من عادي. ستسأل نفسك: وما الغريب ألسنا نحن فعلياً في زمن كريسماس في مكة؟ هذا عنوان واضح للفصام الذي نعاني منه ويعاني منه الجميع، ترى كيف لدواخلنا ولما نظهره أن يكون خليطاً من كريسماس ومكة معاً، الإيمان والروحانية والتفتح الغربي معاً؟

تحدثك الرواية عن مجموعة من العراقين لتعيش مع كل واحد منهم وتتعرف على معاناة كل شخص منهم بعد ما حل ببغداد، ستفهم وأنت تقرأ عن سيرتهم قبل وبعد الحرب كيف يمكن للظروف أن تغير البشر ٣٦٠ درجة، أن تجعلهم أشخاص آخرين تماماً حتى يصبح من الصعب عليهم التعرف على بعضهم البعض لتبدأ رحلة تعارف جديد.

ستجعلك أحداث الرواية تتساءل؛ ترى لماذا ننزع عنا عباءة هويتنا عندما ننتقل للعيش في الغرب؟ لماذا نقرر التخلي عن الهوية وكأنها عار؟
لمستني الرواية كثيراً فأنا أفهمها، أفهمها تماماً. أفهم ما يعني أن يتخلى المرئ عن هويته وأعرف تماماً بأنه مهما تجرد منها لن تتجرد منه لأنه ببساطة سيبقى يعامل بهويته، سيبقى له مظهر مختلف يجعل من اختلافه واضحاً، فلماذا ننزع عنا الهوية إن كانت محاولات نزعها عنا تماماً تبوء بالفشل؟ والسؤال الأهم لماذا نخاف من النماذج السيئة؟ النماذج السيئة التي تشوه هويتنا هي التي تجعلنا نخاف بشدة، نخاف من حكم مسبق عنا.

ستمر خلال الرواية بعبارات تمثل صيحات الموضة كالتحدث عن الدين الإسلامي على أنه ذكوري من قبل الجيل المتأثر بالسوسشال ميديا وما ينشر فيها. كل ذلك مع الشخصية الرئيسيّة "مريم" فتاة عراقية غربية المنشأ لديها صورة مسبقة ومركبة عن الدين الإسلامي ما يجعلها تصفه بالذكوري وما يجعلها أيضاً تحكم على جدها وعمها بالتسلط قبل أن تخوض رحلة للتعرف عليهم بعد سنوات طويلة من البعد عنهم. في هذه الرحلة تكتشف مريم الكثير بعيداً عن الهدف الرئيسي لرحلتها إلى مكة ألا وهو مشروع تخرجها الذي كانت ستصمم فيه تصميماً بديلاً للحرم المكي.

ربما تحتاج الرواية لمقالة كاملة تتحدث عنها وعن ما حاول الكاتب بثه خلالها وعن مدى ملامستها لواقعنا لما أصبحنا عليه، عن غفوتنا وعن ثورة السوشال ميديا وما تبثه. هل سيستمر التاريخ بتكرار نفسه ونحن على حالنا؟ خطر لي هذا السؤال مع رحلة بين الماضي والحاضر في هذه الرواية.

اخيراً، سأتذكر دوماً هذه الرواية ليس فقط لقوة رسالتها ولمدى تأثري بها ولكن أيضاً لأنني قرأتها في سنتي الأولى لدراسة العمارة في جامعة ديلفت التي لم تستطع أن تجعلني أهرب منها فأتى الكاتب على ذكرها في الرواية كصدفة جعلتني أضحك وأسخر من كوني كنت أحاول الهروب بعيداً عن الجامعة بقراءة كتاب.

بين دفتي كتاب Where stories live. Discover now