كنت أعتقد بأنني محظوظة على قدر واحد في كل مرةً أقرأ بها عملاً أدبياً جديداً ولكن رواية ثلاثة غرناطة خرقت تلك القاعدة لدي لأنني لم أكن محظوظة بهذا القدر يوماً بقراءة رواية ثلاثية غرناطة. لا أعرف هل أتحدث عن عظمة الرواية أم عن عظمة رضوى عاشور نفسها؟ في الحقيقة أنا نادمة أشد الندم لأنني لم أقرأ لها من قبل بل لم أعرفها من قبل، رضوى عاشور كاتبة نفخر بها في عالمنا العرب. كنت أعتقد بأنني سأصبح كاتبة جيدة في المستقبل ولكنني الآن أقول لا أعتقد بأن كتاباتي ستصل إلى هذا القدر من الجودة والروعة.في الحقيقة أنا لم أعلم إلا القليل عن الأندلس قبل قراءة هذه الرواية وأنا سعيدة و حزينة في نفس الوقت، حزينة لأنني أشعر بالخزي ولأن تاريخ الأندلس على وشك الاندثار فمن لديه معلومات عن الأندلس من أبناء جيلي وأبناء هذا الجيل سوى عدد محدود؟ من يستطيع أن يرد على تساءل أحدهم عن الفرق بين الفتح و الاحتلال سوى القليل؟ إن لهذه الرواية فضل عظيم في تعريفي على حقبة لا يمكن تجاهلها من التاريخ.
سيبقى السؤال في ذهني، كيف استطاعت رضوى عاشور أن تخلق أجواء الرواية في هذه الروعة؟ كيف استطاعت أن تبقي على عنصر التشويق وهي تسرد أحداث عقود من الزمن بالتفصيل؟ كيف استطاعت أن تجعلني أحب الشخصيات وأعيش معها إلى هذا الدرجة. لا أظن بأنني تفاعلت مع شخصيات رواية من قبل بقدر ما فعلت مع شخصيات رواية ثلاثية غرناطة. أشعر بأن رحيل الشخصيات يألمني إلى هذه اللحظة ويجعلني أرغب في البكاء وكأنني أعرفهم شخصياً، أبكي الألم الذي عاشوه أبكي العذاب وأبكي حالنا. الأندلس تشبه فلسطين تشبه فلسطين التي نسيها العرب والمسلمين، التي انتظرت نجدة العرب والتي فقدت الأمل بتحرك العرب. التاريخ يعيد نفسه ولكننا لم نستيقظ بعد ما زلنا في غفوتنا التي طالت كثيراً.
لست أدري هل أمدح القلم الذي كتب أم السرد أم الحبكة أم الوصف أم الأجواء، لا تبدو الأبجدية كافية لوصف عظمة هذا العمل والذي تحول ليصبح أفضل عمل أدبي قرأته حتى الآن و أفخر برضوى عاشور ككاتبة عربية عظيمة تستحق أن يقرأ لها الجميع ويتغنى بمده ما تكتبه.
كنت انتظر النهاية السعيدة رغم علمي بأنها لن تأتي كمان انتظرتها الشخصيات في الرواية لأن الأمل يبقى الشيء الوحيد الذي يدفعني للعيش في ظل ظروف صعبة لا نجاة منها إلا بأمر من الله.
YOU ARE READING
بين دفتي كتاب
Randomفي هذا العام قررت أن أقرأ و لأول مرة قررت أن أقرأ حقاً، أن أهتم لتنوع الكتب التي ساختارها ثم أهتم بالعدد، نعم ففي هذا العام فقط اكتشفت بأنني كقارئة عاشقة للكتب لم تقرأ بعد بالقدر الكافي. في هذا الكتاب سأكون معكم لتشاركوني هذا التحدي من بدايته حتى ن...