بين دفتي كتاب

استرداد عمر: من السيرة إلى المسيرة

"لا نتحدث عن استرداد عمر بن الخطاب -الشخص- فهذا لا معنى له.
نتحدث عن استرداد عمر—المعاني، القيم. عمر الذي عقله يعمل بنظام تشغيل قرآنيٍّ"

جعلتني الفقرة تلك التي وردت في الجزء الأخير من الكتاب أشعر بالاختناق الشديد فبعد أن خضت رحلة عمر من البداية إلى النهاية حتى حادثة اغتياله ثم موته و التي أدمعت عيناي رغم أنني أمتنعت عن البكاء أمام الناس خلال رحلتي في القطار. مع صدمة موت عمر المحزنة نهاية تلك الحضارة التي صنعها، نهاية إنجازاته و عدله جاءت هذه الفقرة لتحبس أنفاسي أكثر و تجعلني في حالة اختناق أكثر من ذي قبل. هل حقاً بإمكاننا أن نسترد عمر كما أراد الكاتب منا، أن نسترده بالمعاني و القيم، أن نصنع ولو جزءاً صغيراً مما صنع؟

أبرز ما كان الكاتب يحاول فعله هو أن يبرز لنا بأن عمر إنسان، إنسانٌ مثلنا بل و إنسان ولد إلى النور بعد أن كان لفترة طويلة يعيش في ظلام الجاهلية والشرك وتعذيب المسلمين.

"حط ملح على الجرح" مقولة تنطبق و بشدة على الكاتب، إنه كتاب يطالبنا بالاستيقاظ، يصدمنا لنستفيق من غفوتنا الطويلة. تأملت الإسلام حولي الآن، تأملت كل شيء لأجد بأننا ابتغينا العزة بغير الإسلام فأذلنا الله و لن نعود إلى مجدنا، لن نصنع الحضارة سوى عندما نعود إلى عزتنا إلى الإسلام بكل معانيه الحقيقية، إلى كل تفاصيله إلى فهم كتاب الله و سنة النبي عليه الصلاة و السلام.

لم أتصور بأن قراءة كتاب عن سيرة صحابي ستكون بتلك الروعة و المتعة رغم أنها ليست مجرد سيرة بل فيها معاني عميقة ترمز إلى ما نعيشه الآن و ما كان الإسلام عليه من عزة و عدل و حضارة قوية لا تهزم في ولاية عمر بن الخطاب رضي الله عنه.