بسمه ممدوح

2.7K 82 7
                                    

طول عمري بتفرج على الأفلام والمسلسلات، بس عمري ما كنت أتخيل أن اللي بيحصل فيهم ممكن يكون حقيقي، أو هو حقيقي فعلًا!
كان إحساسي باللا وعي لأول مرة بجد، يوم الخميس الأخير ليا برا.. برا ايه؟ هتعرفوا..
انا "نورهان محمود" مدرسة لغة عربية، رجعت من المدرسة اليوم ده مجهدة جدًا، كنت ناوية ارتاح، بس اللي شوفته وقتها ماكنش ينفع معاه راحة أبدًا.
صريخ جاي من العمارة اللي عايشة فيها، مش عارفة مصدره بالظبط، بس كان عبارة عن أصوات كتير، مش صوت صادر من شخص لوحده.. كنت كل ما اطلع دور اسمع الصريخ وعدد اللي طالع منهم الصوت بيزيد.. نسيت اقول لكم أني ساكنة في الدور الخامس وما فيش اسانسير والعمارة عشر طوابق.
وصلت لحد شقتنا بعد نص ساعة بجر فيها رجلي ورايا عشان أطلع، فقدت أعصابي والرعب كان متملك كل جزء فيا، مش عارفة إذا كان سبب الاستغاثات دي حريق ولا حرامي ولا خناقة؟ ولا يمكن حد مات!.. فعلًا واضح أن حد مات، وبالتحديد في بيتنا.. الصوت ده طالع من شقتنا، وكل سكان العمارة واقفين في الطابق بتاعنا، في منهم داخل الشقة ومنهم واقف برا، وقتها ما حسيتش بأي حاجه، كانت بس دموع بتجري على وشي وبتغطيه، قلبي ضرباته بتزيد بطريقة تخوف، لدرجة أن جسمي كله كان بيدق، وصلت لمرحله أني بزحف وبتسند على الحيطان، ونظرات الشفقة محوطاني من كل مكان، لحد ما دخلت الشقة، وقتها ما قدرتش اتملك نفسي ووقعت في ساعتها أول ما شوفت جثة أبويا على الأرض وهي غرقانة في دمها وعدد كبير أو من الجيران محاوطها.
مش عارفة بصراحة فقدت الوعي قد إيه، بس لما فوقت كانت كل حاجه هديت.. تقريبًا نقلوني للسرير عشان ما أحسش بحاجة لحد ما الموضوع ينتهي، وفعلًا لما قومت كنت ناسية، فضلت ابص لنفسي ولبسي واوضتي، وخرجت من الأوضة أدور على حد في البيت.. كل اللي في بالي انا وصلت امتى ونمت امتى؟ وازاي ما غيرتش حتى هدومي! للدرجة دي اليوم كان مجهد؟.. بس اللي استغربت له اكتر لما ما لقيتش حد في البيت، خصوصًا أمي.. أمي عمرها ما خرجت من البيت، ويوم ما بتخرج بيبقى معانا كلنا.. فين أمي؟ فين اخواتي البنات؟ فين أخويا؟ فين بابا؟.. بابا!
فوقت في اللحظة دي، أو بمعنى أصح بدأ عقلي يسترجع فلاش باك مش فهماه.. الصريخ، الجيران، شقتنا، وبابا.. بابا اللي كان مرمي على الأرض والسكينة في نص صدره، والدم مالي المكان من حواليه.
سكت شوية وانا بفكر، ده كان حلم ولا حقيقة؟.. بس هو حقيقة، انا افتكرت أخر حاجة حصلت لي، الدنيا كانت بتتقلب من حواليا، وصوت في الخلفية ملهوش معالم، ومش فاكرة حاجة بعدها.. انا كدة فهمت، اكيد اغمى عليا.
جريت في اللحظة دي من غير وعي، فتحت باب الشقة ونزلت جري أخبط على الجيران، ناس كتير ما فتحتش، أظن مش موجودين.. لحد ما شقة في الدور الثالث فتحت لي الست الكبيرة اللي ساكنة فيها، سألتها بخوف عن أهلي، وقولت لها أني مش فاهمة حاجة لقيت ردها عليا بارد وكأنها عارفة حاجة ومش عايزة تقول:
-الإسعاف جت وأخدت أبوكي، وكان معاها البوليس.. أظن هتلاقي أهلك يا في المستشفى يا في القسم
-سألتها بلهفة عن إسم المستشفى، قالت لي أنها ما تعرفش بس نصحتني أطلع على القسم القريب مننا وأسأل هناك، وقالت بكل هدوء أنها قضية وأكيد هلاقي خبر بيها.
-سيبتها وجريت بسرعة زي المجنونة لحد ما وصلت القسم.. واجهت مشاكل لحد ما عرفت أدخل للظابط النبطشي وأسأله، وقتها كانت الساعة حوالي ١ الصبح.. بعد ما اتكلمت مع الظابط وانا طبعًا بأخد نفسي بصعوبة وبتلعثم وبقف كتير في الكلام، جمع هو كلامي وفهمه ولقيته بيضحك وبيقول لي:
--اطلعي يا ماما على مستشفى (...)
شكرته ونزلت وانا حاسة بعدم وعي وكأني في حلم أو في عالم تاني، فضلت ماشية وانا بحاول أوقف تاكسي، بس بعد وقت افتكرت أني نزلت من غير فلوس، وفي نفس اللحظة افتكرت أني ممكن اكلم حد من اهلي في الموبايل بس برضه اخدت بالي أني نسيت الموبايل.. اخدت نفس كبير وقتها وماحسيتش بعدها بنفسي إلا وانا واقفة قدام باب المستشفى، الظاهر كدة أني اخدت الطريق جري، ما هو بصراحة عقلي مش فيا، ولازم أفهم إيه اللي حصل.
دخلت المستشفى واتجهت للإستقبال بسرعة سألتهم عن حالة والدي، قالي واحد من الموظفين أطلع قسم الحوادث، ولما طلعت لقيت والدتي قاعدة على الأرض لوحدها حاضنة راسها وبتبكي، وهي بهدوم البيت ومافيش معاها غير طرحة سودة.. قعدت جنبها وانا بعيط ومش قادرة افهم اللي حصل بس قدرت استنتج أن أكيد بابا سابنا.
حضنتها وانا بسألها على اللي حصل، ما رفعتش وشها فيا بس ردت بصوت مكتوم:
-اخوكي قتل ابوكي.. كانوا بيتخانقوا، بس اخوكي هرب واختك "نوران" لبستها، مسكت السكينة وبصمتها بقيت عليها، والأصعب أن الجيران اتلموا على صوتي وصراخي، بس أول ناس دخلوا الشقة شافوا نوران وهي ماسكة السكينة، ومين يفهم بقى انها مظلومة، حاولت اتكلم أقول أي حاجة مافيش حد فاهم ولا سامع، لحد ما البوليس والإسعاف وصلوا، وخلاص يا بنتي، خلاص ابوكي راح، واخواتك البنات في القسم، واخوكي هرب والله أعلم هيرجع ولا لا.. اختك هتتحبس يا نورهان، وما فيش شهود غيرنا وأي كلمة مننا هتبقى مطعونة يا بنتي، انا هموت
-سكتت أمي وانا بكائي زاد أضعاف، وصوتي بدأ يعلى وبدأت كل أطرافي تنهار، لحد ما أمي اتكلمت وطلبت مني أهدأ، وفجأة بصت لي..
-صرخت صرخة هزت كل أركان المستشفى.. ما كنتش قادرة استوعب ولا اتخيل شكل عين أمي وهي بتطلع نار، وملامحها البشعة، وانيابها الطويلة.
-جسمي كله اترعش ولقيت نفسي بتنفض من السرير، قعدت وبدأت اخد نفسي وانا حاطة أيدي على قلبي وبتشاهد وبستعيذ بالله من الشيطان، وبحمد ربنا أنه كان حلم، أو كابوس، المهم أنه مش حقيقة.
-مسكت كباية المياة من جنبي وأخدت منها رشفتين وانا بحاول أهدأ، ورجعتها مكانها، وقتها قلبي اتخطف واتقبض وحسيت بحنين بيقطع فيا تجاه والدتي الله يرحمها، سابتني من ١٠ سنين، كنت وقتها لسه ٢٠ سنة.. آه ما كنتش صغيرة بس برضه كنت محتاجة لها جدًا، وفراقها أثر فيا بجد.
-مسحت دموعي بعد ما قرأت لها الفاتحة ودعيت لها، وقمت من السرير، بس قبل ما أوصل للباب لاحظت حاجة غريبة.. انا لسه بهدومي!.. هدوم الخروج اللي كنت لبساها يوم الخميس في المدرسة.. ايه ده؟ صحيح إحنا النهاردة ايه؟
-جريت على موبايلي اشوف فيه التاريخ، اكتشفت اننا يوم الخميس، ولما بصيت على الشباك لاحظت أن الجو ليل.. للدرجة دي اليوم النهاردة كان مجهد؟ نمت على نفسي من غير ما أحس!.. ما حطتش في بالي، وسيبت موبايلي مكانه، وفتحت باب الأوضة عشان أخرج، في الوقت ده وقفت مصدومة، عقلي كله ذهب مني لما شوفت والدي واقع على الأرض.. بس.. بس زي ما شوفته في الحلم بالظبط.. جريت عليه وانا بصرخ، بس لفت نظري حاجة! باب الشقة موارب.. مين عمل كده؟ ما اهتمتش على أد ما كان كل اهتمامي منصب على والدي، قعدت جنبه وانا بمسك السكينة من غير وعي، بحاول اخرجها من صدره، بس للأسف ما قدرتش.. قومت من مكاني بسرعة وانا بحاول أفهم في أيه!.. دورت على أخواتي البنات لقيت كل واحدة منهم نايمة في أوضتها، جريت على أوضة أخويا ما لقيتهوش، دورت عليه في كل مكان في الشقة.. أختفى، رغم أني واثقة أنه في الوقت ده بيكون موجود في البيت.. مش قادرة أفهم راح فين!
-انا واقفة قدام والدي في ذهول، وبصرخ لحد ما كل سكان العمارة اتجمعوا في الشقة عندنا، نفس المشهد بيتعاد.. بس المرة دي انا مش أختي، المرة دي ما فيش حد غيري.
-بصيت لهم بلا وعي، وعينيا بتتنقل بينهم، لحد ما واحد فيهم قال باستحقار:
--اللي عاملة لنا فيها مربية أجيال، قتلت أبوها.. أخص على ولاد الحرام، حد يبلغ البوليس
حاولت أتكلم أو أفهمه، أو حتى أدافع عن نفسي بس ما حدش أداني الفرصة، وقعت فاقدة الوعي.. ما فوقتش غير في مستشفى تابعة لقسم الشرطة، وبعد الفحوصات أكتشفوا بصماتي اللي على السكينة، وأتهمت فيها، وعرفت وقتها أن اخويا راح القسم عادي، وقال إنه كان مع أصحابه، وأصحابه شهدوا بده.
انا حقيقي مش فاهمة، هل أنا فعلًا قتلته علشان كده حلمت الحلم ده؟ ولا الحلم كان مجرد أحساس بأنه أتقتل!.. ولو قتلته هقتله ليه؟
عمومًا الإجابة مش فارقة كتير، انا خلاص أخدت حكم بالمؤبد، بس مش محبوسة في سجن، لا.. دي مستشفى أمراض عقلية، وبرضه مش فاهمة ليه؟ هو انا بجد مجنونة!.. مش مشكلة، اهي هانت فات ١٥ سنه مش باقي قدهم أكيد.
                                   -تمت-
                                   -#الحلم
                                   -#قصة_قصيرة
                                   -#بسمه_ممدوح
                                   -#كاتبة_الغموض
رأيكم ضروري، واعملوا منشن لأصحابكوا لو عجبتكم🖤🌸
انا أول مرة اكتب قصة كده، لو حلوة هكتب قصص من دي كتير وانزلها🌺⁦❤️⁩

 اسكريبتات وقصص قصيرةWhere stories live. Discover now