Chapter 12 || بوصلة و بلوغ المنى

382 45 36
                                    


« أرهف من خيوط نسيج العنكبوت هي أحلامنا، نفحة نسيم أيلول تمزق أوصالها.
مع ذلك لا ننفك ننسج المزيد و المزيد منها، ربما لتنقطع من جديد أو ربما لنمتنها بيوم ما ............ من  يعلم».

____________________________________


دخلت المنزل لتجده كما تركته يخلو من أي أحدٍ منهم بينما الفوضى تغرق المكان، وضعت أغراضها بالغرفة لتنزل مرة أخرى لغرفة المعيشة بعد تغيير ثيابها لملابس بيت مريحة.

دخلت المطبخ بعد أن فتكت جيوش الجوع بها و أنهى التعب آخر ذرات طاقة بها.

شرعت بإعداد ما يؤكل للفطور حاسبة معها الجيش الآتي بعد قليل، سرقها الوقت بينما هي منهمكة في سلق هذا و طهي ذاك، جلب الصحون و إعداد الطاولة لتختم مهمتها بترتيب الصالة الخارجية.

خرجت لتجلس بحديقة المنزل الخلفية بالتدقيق قرب شجرة الياسمين، كان قد مضت فترة منذ آخر مرة قصدت بها الحديقة، حقا أن الفكر المشغول يشتت الذهن عن أي شيء آخر.
أغمضت عينيها لتضيع لبرهة بين الخضرة المحيطة بالمكان و صوت الحشائش التي تداعبها نسمات الريح المختلط بزقزقات الطير عبق زهور الأوركيد المغروسة .

بينما هي في هدنتها مختلية بروحها الضائعة في أعمق أفكارها، أحست بظل يحجب عنها أشعة الشمس، فتحت عسليتيها لتحط أنظارها على وجهه المشرق يزينه غمازيته و تقلص عينيه إثر إبتسامه لها.

جلس بجانبها يسند رأسه إلى ظهر المقعد في تقليد لها  لتعاود إغماض عينيها بعد إنغلاق خاصته.

" إذا كيف أحوالك اليوم؟" تحدث كاسرا ذلك الصمت المهيب بينهما ليسمع صوتها الخافت يجيبه ببطء

" جيدة إن إستثنينا منها نهاية جولة اليوم و النعاس الشديد الذي يراودني"

" النعاس مفهوم من نبرة صوتك المشبعة به"  سمع صوت ضحك خافتٍ منها ليكمل بإبتسامة
" أما بالنسبة لنهاية جولتك فكيف كانت حتى يتم إقصائها هي الأخرى؟"

" لا تهتم بالأمر فقط مجرد حادث عرضي ربما يجده الآخرين عادي لكن بالنسبة لشخص غير إجتماعي مثلي فليس كذلك " ردت عليه بنفس النبرة لتستقبل إستفساره المتوقع

" من الغير إجتماعي؟ أنت! لا أظن ذلك"

" لا صدّق فقط لا أعلم كيف سارت الأمور بوتيرة مخالفة بالنسبة لكم، ربما لأنني كنت مقتنعة أنه عاجلا ام آجلا سيتحتم التأقلم معكم "

" مع ذلك لا زلت  غير مقتتع، المهم الآن إلى أين وصلت في البحث عن البلورة؟"

تنهدت لتجيبه بخيبة " لا زلت بمكان توقفنا، فقط أمر ذلك الصندوق و مفتاحه يشغل بالي "

" لا تقلقي سنجد حلا له " أجابها ليقابله الصمت مما جعله يناديها

" أتالانتا؟؟ " شعر بثقل على كتفه الأيمن دفعه لفتح بندقيتيه بسببه ، ليقابله كتلة من الشعر الأسود، إعتدل بجلسته دون تحريكها، ليقابل وجهها الذي غطته غرتها و بعضٌ من خصلاتها المتمردة، رفع يده بروية ليزيحها عن صفحة وجهها بخفة، ركز أنظاره على صورتها أمامه، رموشها الكثيفة المتشابكة، أنفها المتلائم مع رسمة شفتها، تورد خدودها، أنفاسها المنتظمة، هالتها التي تبعث السكينة و تبوح بعذرية تاريخ صاحبتها من قساوة الحياة و مرارها، و من ثم عطرها الذي عصف به ما أن أسند رأسه لها، حقا هي فقط مثالية  بنظره بكل بساطة، دون تكلف، دون تصنع، و دون عناء.

عَذْرَاء بيُوتْيآ  ✔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن