مضى ذلك الوقت بسرعة حتى أنني لم أحس به و الأحداث الجديدة في الأمر هي أن جدتي أصبحت كل يوم تذهب لمنزلي لتقنع أبي الذي أبى أن يخضع للأمر ..لكنه وافق بنهاية المطاف بعد إلحاح جدتي المزعج .. في الواقع كنت خائفة جدا من أن يعرف بشأن لقاءاتنا ببيت جدتي بعد هذا الموضوع الذي طرح عليه ..لكن لحسن الحظ كانت جدتي قد دبرت كل الأمور و أخبرته أن جود أوقفها في الشارع طالبا منها إقناع أبي بأن نتزوج ووقف جود مدهوشا بعد إخبار جدتي لنا بهذا وقبل رأسها بلطف، لا أعرف لماذا تريدنا جدتي مع بعض و كنت دائما أتساءل لماذا تفعل كل هذا لأجلنا و من أجل لم شملنا .. لكنني ممتنة جدا أن الله وهبني جدة رائعة كهذه .. كان أبي قد أخبر جدتي أنني ما زلت صغيرة على سن الزواج و أنه يريدني أن أكمل دراستي قبل ذلك ، و أخبرته جدتي أن جود سيخطبني فقط و سنؤجل الزواج حتى أكمل دراستي و أصبح فتاة مسؤولة و وافق أبي بعد هذا .. و تصالحت عائلتانا بعد هذا الموضوع أو بالأحرى تصالحت أم جود مع عائلتي ...
بعد هذا الموضوع و الحمدلله رجعت المياه لمجاريها بعد فهمهم لصحة علاقتنا الآن و بعد إعتذار والداي على سوء الفهم الذي حدث بينهما .. و كل هذه الأخبار كان يوصلها لي جود عند قدومه لبيت جدتي .. بالرغم من صفاء الأمور الآن و طلب أبي مني الرجوع إلى المنزل إلا أنني أبيت الرجوع و ترك جدتي لوحدها فهي السبب الرئيسي في تصفية الأمور و لا أريد الإفتراق عنها من الآن و صاعدا .. قررت كلتا العائلتين موعد الخطوبة و طلبا مني الرجوع إلى المنزل لأنها ستقام هناك .. و جاء ذلك اليوم .. إرتديت فستانا ذهبيا طويلا و أسدلت شعري على كتفاي و جلست بغرفتي أفكر في الذي سيحدث بعد هذا اليوم .. بينما كانت أمي و أبي و زوج عمتي و عمتي يستقبلن والدة جود و خالته التي أتت من الشام خصيصا لرؤيتي و لم أسمع أبدا صوت جود بالأسفل .. طرق أحد باب غرفتي و إذا بها جدتي ..

"لم يأتي الشامي الخجول " قالت جدتي مبتسمة

"خجوول ! أحمد الله أنني أعرفه لكنت صدقتك الآن " قلت لها بسخرية و بادلتني جدتي بضحكة و أمسكت بيدي لتنزلني للضيوف ..

نزلت بحذر على الدرج بسبب ثوبي الطويل و جدتي تساعدني .. و ما إن رأتني أم جود و خالته حتى بدأتا بالزغردة و تلتهما أمي و عمتي بينما كنت أكتم ضحكتي في تلك اللحظة ..كانتا تفعلان هذا لإغاضة الجيران و إثبات العكس ..كم هما مضحكتان.. جود لم يأتي .. أهو جاد حقا !اليوم يوم خطوبتنا و هو لم يأتي ! فلتتمالكي نفسك الآن يا مريم فهذا ليس وقت غضبك .. سلمت على والدة جود و خالته و جلست و الكل يراقبني بسعادة .. هل أنا جميلة لهذه الدرجة قلت في نفسي أقلد نرجسية جود .. و في نفس اللحظة دق باب المنزل و ذهبت جدتي لتفتح الباب .. و إذا به جود يلهث حاملا باقة ورود

"تأخرت !" سأل جدتي التي سحبته إلى الداخل بسرعة ..

سلم على عائلتي و عند وصوله إلي وقف يشاهدني بعيون واسعة و قد بدأ شبح الإبتسامة بالظهور و رددت له الإبتسامة لكنه أنزل رأسه بخجل و ذهب ليجلس بجانب والدي على الأريكة المقابلة ..و بقي يراقبني طوال تلك الجلسة و يدير رأسه عند رؤيتي له .. و تم طلبي على سنة الله و رسوله في ذلك اليوم بعد تبادل العائلتين الشروط.. قضينا أنا و جدتي تلك الليلة ببيت أبي و في الغد قررت الخروج و التنزه قليلا فقد مضت مدة طويلة على تجولي في هذا الشارع بهذه الراحة .. تجولت قليلا بالأماكن التي إعتدت الذهاب إليها و جلست بالحديقة قليلا و رجعت للمنزل .. و أصبحت أحس براحة نفسية كبيرة بعد ذلك اليوم .. رجعت لبيت جدتي و أصبحت أتحدث مع جود بالهاتف كل ليلة ..

     - دخلت الجامعة بتخصص فنون .. بينما رجع جود لمساره الجامعي و أصبحنا نلتقي دائما بدون مبررات فليس بوسع أي مخلوق كان الآن أن يضايقنا بشأن لقاءاتنا .. و لكننا إستمرينا على نفس منوال صداقتنا و أخوتنا و لم نكن نتصرف كإثنين مخطوبين لأننا كنا نحس بالغرابة .. و إستمرت علاقتنا طويلا و تطورت قليلا مع مرور الأيام ، و أصبح يأتيني دائما كالمجنون راكضا أو لاهثا أو تعبا

"آآخ يا مريوم تعبتني شوفتك " يقول مبتسما بينما أضحك على تصرفاته المجنونة و عندما لا نتحدث ليلة واحدة يأتيني في الغد

"خليني أتنفس الأكسجين مريوم أتكلمي ماني قادر أتنفس" يقول ممسكا قلبه و أبدأ بسؤال نفسي مالذي حصل لي لأخطب لمعتوه مثل هذا و عندما لا يراني يوما واحدا فقط يأتيني في الغد فاتحا ذراعيه منتظرا عناقي لكنني أنزل ذراعيه بقوة و يبدأ طلاب الجامعة بالضحك علينا و على علاقتنا الغريبة ..

آلَــشّـآمِيWhere stories live. Discover now