إنتهَت الحصة ليخرج توماس و أخرُج ورائه بسرعة .
"توماس !! تعلَم تماماً ماذا حدث بالداخل، علينا التحدث حتى.. "
"حتى ماذا هاري؟" إلتفت له توماس بغضب ثم أردف "حتى تستخرج مني معلومات و تذهب بها إلى لوي، أم حتى تفكر في طريقة لإبادتي لأنني بنظرك الآن خطر على مهمتك في إنقاذ هذا الزمن" .
قال لتتسع عيناي مع كل كلمة يلفظ بها .
"أنت.. كنتَ تعلَم.. ؟ طوال الوقت ؟" قلت بصوتٍ منخفض و معالم الصدمة تحتل وجهي .
"طوال الوقت هاري" صمت قليلاً ثم تحدَّث "أردت منك أن تخبرني بنفسك رغم علمي أنك لم تكن لتفعل" .
"توماس أنا.." بدأت أُبرر لكنه قاطعني .
"أنت لا شيء حتى تُخبِر مشرفك أنني على علمٍ بالأمر، حينها فقط.. سنكمل ما بدأناه معاً" همّ توماس راحلاً لأبقى أنا في دوامة أفكاري .
مستحيل.. لقد كنتُ حريصاً على إخفاء الأمر، أيضاً لا يمكنني إخبار لوي هذا من سابع المستحيلات .
لماذا يتمسك بإخباري للوي حتى ..
"لا أحتاج لك توماس" حادثت نفسي بصرامة راحلاً عن تلك البقعة التي وقفت بها لفترة طويلة .
إتجهت نحو الكافيتيريا لأجد جرايس تجلس بصمت مع كاتيا، ليس صمتاً بارداً، هى تبتسم ولكن تبدو دائماً خجولة و هادئة لتعود ذاكرتي إلى الوراء .
"هاري.."
"أجل زين؟" رديت على زين بينما أنتقل من قراءة كتابي إلى عينيه الحالمة .
"ما مواصفات فتاة أحلامك؟" سأل زين لأجد نفسي أخذت دقيقتان حتى أُفكر .
"ربما عليكَ إخباري أولاً" تحدثت أخيراً بعد ذلك الصمت .
"ستكون فتاة طموحة و قوية و مرحة ، تحب مشاركتي في كل شيء، الآن دورك" قال زين ثم نظر لي أخيراً بعد إنتهاءه من التحديق بالفراغ مع إبتسامة بلهاء .
"حسناً ربما خجولة و لطيفة حتى أستطيع مغازلتها مع رؤية خديها يشتعلان إحمراراً " قلت و أنا أتخيل ذلك المظهر اللطيف ليبتسم زين لي ثم يعيد نظره للفراغ .
إبتسمت على تلك الذكرى عندما كنت لا أزال في العاشرة من عمري، زين كان صديقي الأول و الوحيد في المركز، كان دائماً يتحدث بأشياء كثيرة أكبر من عمرنا حتى أنه كان يسألني كيف تعتقد الأطفال يأتون؟ و بالحقيقة لم أكن أعرف حينها .
بدون زين حتماً كنت سأصبح مثل جرايس، أتلعثم و قليل الكلام .
لاحظت أنني حدقت طويلاً ، لأتجه نحو الطعام ، لم أتسائل حتى كيف لكاتيا و جرايس أن يصبحان أصدقاء، أتمنى أن لا تُغير شخصيتها و تصبح مثل كاتيا بسبب الجلوس و التحدث معها .