المشهد الأول

652 51 29
                                    

خيوطٌ حادةٌ من الضوءِ اخترقت عينيَّ كالطعناتِ حين فُتِحَ بابُ الملجأ. بعد عشرة أيامٍ من الظلمة، كان لا بُدَّ لعينيَّ التأذي من أصغرِ شعاعِ ضوء. المدخلُ كان مُكتضًا بمئاتِ الناسِ الذينَ يتوقونَ لرؤيةِ العالمِ من جديد. معضمنا غطى عينيهِ حينَ الضوء بدأ يتخذُ زوايا أكبرَ من الملجأ. أبدى الجميعُ شوقهم للعالمِ الخارجي بردودِ أفعالٍ متزامنة. تشانيول قبضَ كفي واعتصرها بقوةٍ بخاصته، مُخبرًا إياي بطريقته الخاصة أنه هنا بقربي. فدفعتُ بجسدي نحو قُربه.

"ياللعنة!" تشانيول همس بغير تصديق. وقتها كان الحشدُ أمامي يحجبون الرؤية عليّ، يجعلونني أقفُ على أصابع قدميّ وأسند قفزاتي الصغيرة بطولِ صديقي الفارع؛ آخذًا لمحةً عما في انتظاري. بقيت هادئًا وقلبيَ مستاء.

لا يسعُني الحديث.

كلنا كنا كذلك. وبعدِ ثويناتٍ من الإنكار والصمتِ بدأ الناسُ محاولة تصديقِ ما يرونه؛ بدأوا يُثارون تدريجيًا. انسابَ الحشدُ سريعًا للخارج، وأنا جُرِفتُ معهم نحو العالمِ قُبالتنا، وتخلصتُ من يدِ صديقيَ متخذًا بضعةَ خطواتٍ للأمام. وقبلَ أن يغادرَ جسدي الملجأ، صيحةٌ ناعيةٌ حادةٌ كصوتِ الزجاج على الأرض اخترقت الهدوء المتشكل حديثًا. جسدي بالكامل انتفضَ والقشعريرة سرت في أكمله. يجعلني الأمر أهرعُ بخطايَ نحو صديقي.

"يوجونغ! يوجونغ-آه! بُني!" مرأة ما كانت تصرخ. تركتُ تشانيول مجدداً وسرعتُ وتيرة خُطاي أستبينُ الوقيعة. عند أول خطوة لي خارج حصنِ الملجأ جسديَ اُستُقِف. أنا تصنمت.

كل شيء كان ميتًا.

ما كان يومًا ما زرعًا وزهرًا وأشجارًا باتَ حقلاً ممدودًا من الأتربةِ والحجارة. بضعهً حُزمٍ عليلةٍ من النيرانِ كانت تقتاتُ على بعضِ الأعشابِ الميتة، والضبابُ الدخانيُ القاتمُ يحجبُ الكثير من السماء البنية. أجسادٌ ميتةٌ فقيرةُ الروحِ استلقت متفرقةً هناك. وحين استوعبَ الناسُ ما نحنُ فيه، بدأوا بالصراخِ والعويل والتراكضِ في الأرجاء، ثم ينتهون جاثي الرُكبِ قرب من أحبوهم يومًا. وقفتُ هناك لوقتٍ يُذكر _وحده الربُ يعلمُ مدته_ قرب صديقي. هو التقط كفي من جديدٍ لنبدأ مشينا مُستكشفَين عالما الجديدَ الذي باتَ غيرَ مُعرَّفٍ لأيً منا.

أنفاسي تباطأت والمشهدُ لم تسبرهُ عيناي. كل ما أراه هو أجسادٌ فوق أجسادٍ تحدق وجووهها الميتة بعمق في روحي؛ كل ما أسمعه كان الصراخ والعويلَ من عائلاتهم وأصدقائهم الذين لم يتمكنوا من توديعهم، تندمج بشدة مع ضربات قلبي. أدرتُ رأسي أتمعن في وجوه الأجساد، كيف أن الهلع ملأ محياها، يجعلُ شعرَ جسدي يقف.

تشانيول شهقَ وغطى بكفهِ فاه. ولفضولي لردة فعلة الفجائية نظرتُ نحوهُ ثم حركت بصري لحيثُ يبيتُ خاصته. معدتي سقطت من مكانها لما يقبعُ مباشرةً أمامي؛ اللعنة. أنا سأذهبُ في لعنة من الإعياء. تشانيول جثى على ركبتيهِ ورأيت الدموعَ تتسلقُ إلى عينيه.

تطلع [مترجمة] K_BROmanceOpowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz