الفصل الثالث والثلاثون

63.3K 1.7K 112
                                    

الندم وتأنيب الضمير.. شُعور مؤلم وكأن النَفس تتأكل.
سرين عادل
والأن حان دور ذلك النوع من الألم .. وكأن ما لديه لا يكفي !!
غاص في غضبه عدة دقائق ولم يشعر، ليُفاجئ بما صنعت يداه !
بدأ صدره بالصعود والهبوط من تحول تنفسه لنهيجٍ وتسمر في وقفته أمام الفراش وكأنه لا يستوعب
أغمض عينيه لحظة يرفض الحقيقة ..
حقيقة ضربِها !
فِيما تحركت هي تتشرق بألم تلك الدماء التي فاضت في فمها، وحاولت الميل جانباً حتي تسيل للخارج ولا تتراجع في حلقها ولكنها لم تستطع
!
أغمضت عينيها بعدم شعور وتنفسها يزداد ضيقاً، بينما رقبتها قد بدأت بالنزف الغزير !

تراجع خطوة ينظر بذهول للفراش وجسدها فوقه، لا يصدق أنه كان علي بُعد لحظات من قتلها !
مسح وجهه ليرتفع كفيه في مسحة عنيفة فوق رأسه ونهيجه في ازدياد مُستمر
- اااه ...
آنت بها بوهنٍ وعدم وعي وإنتبه هو بقلبٍ خفق داخله بقسوة عندما رأي دماء وجهها من ضرباته وصفعاته القوية ، اقترب برجفة منها وكانت هي مغمضة العينين تحاول تشرق الدماء للخارج
ارتجفت شفتيه بإرتباكٍ وصعد فوق الفراش ببطئ حتي أصبح فوقها يدعم جسده بأحد ذراعيه حتي لا يسقط عليها، بينما الاخر امتد برعشة تملكت من يده بأكملها، ولمس جانب فمها وخيط الدم الذي سال منه
- اااه ...
إنتفض قلبه خلف ضلوعه علي أنتها ورغم
تمنيه بأن تتوقف عن التألم.. تمني المزيد !
وكانت أنتها بالنسبة إليه سلاح ذو حدين ..
فكانت الألم .. والراحة !
ألم من حالتها وما فعله.. وراحة من كونها حية وتشعُر !
- ميان ..
ناداها بخفوت وحركت رأسها مرة آخري بألم ودوار شديد
ووقتها فقط انتفض بذعر عندما ظهر جرح رقبتها النازف
- ميان .. ميان .. مي
ضغظ بيده سريعاً فوق جانب عنقها وقد دب الهلع به، لا يعلم كيف تسبب بهذا الجرح
ابتلع ريقه بصعوبة وانحني عليها يُحرك رأسها للجانب بقلق
-
ميان سمعاني
رفع يده عن عنقها بصدمة لا يعلم هل ستتوقف الدماء أم يحتاج لقُطب !
وبمجرد ما رآه مجدااً حتي عَلم سببه.. وكان هو السبب.. ولكن بطريقة غير مباشرة
!
فما جرحها سلساله.. حجرة عيناه الزمردية !
إنقبض صدره بألم وحاول خلعه عن رقبتها، ولكن بمجرد ما رفع رأسها حتي تألمت ببكاء أوجعه هو أكثر من وجعها بمراحل !
نهض من فوقها بإضطراب ليجذب جسدها برفقٍ، فِيما كانت عيناه تتهرب من الكدمات الدامية، وعقله في صراعٍ لا يصدق ما فعله، وقد كاد أن يُهشم عظام وجهها من قوة ضرباته !
-
اااه...
-
ميان استحملي.. استح.. انا اسف.. اسف
تحول صوته لهمسٍ مقرباً جسدها الهزيل منه حتي احتضنتها ذراعه اليسري بينما اليمني مازالت تضغط فوق جرح رقبتها برهبة من الموقف وحالتها
مال برأسه فوق كتفها حتي لثم جانب اذنها معتذراً بندمٍ وتأنيب ضمير
-
انا اسف.. ميان .. انا اسف
فتحت عينيها علي أسفه ليتملكها الذعر وارتعش جسدها بصدمة ليخرج صوتها مُتوسلاً بأنين مُتقطع
-
انا اسفة.. متم.. متموتنيش.. مش.. مش انا اللي.. هربت !
أغمض عينيه علي تلك الغصة التي وخزت قلبه من توسُلاتها، وكان ما تطلبه كفيلاً ليعلم انها تتحدث لآخر!
- ميان اهدي.. متخافيش
حاولت الابتعاد بأنين وعينين انغلقتا بدموع غزيرة وصدمة من عثوره عليها
- مش انا.. مش انا اللي هربت .. متموتنيش .. انا اسفة

اهتز جسده بضغطٍ كتمه كما اشتدت ذراعه حول جسدها
- كفايا.. انت معايا انا .. معايا انا هو مش موجود
رفعت يدها بضعفٍ تحاول دفع صدره وهي تبكي بترجي، وستفعل كل ما يأمر به فقط ليتركها ويترك أبيها
-
مش هقول لحد.. سبني.. متموتنيش .. سبني
ابتعد عنها لا يريدها أن تقاومه وهي معدومة الطاقة والقدرة وهبط بجسدها مجدداً فوق الفراش ، ثم نهض وخرج محاولاً ايجاد ما يساعده علي ايقاف نزف عنقها او تضميد كدمات وجنتيها ورأسها
دار حول نفسه عدة مرات في دورة المياه والمطبخ ليصرخ بيأس دافعاً زجاجة الماء الكرستالية الموجودة فوق الرخامة
خرج بتوتر لا يعلم كيف يتصرف ولاول مرة يوضع في موقف كهذا ليجد أن رغم استطاعته وقدرته علي فعل كل شئ، هو لا يستطيع مساعدة مريض او جريح !
نظرت للسقف فوقها وقد بدأت بإستعادة وعيها مجدداً، حركت أصابعها ببكاء ورفعتهم تتلمس عينها اليسري من رؤيتها لبقة زرقاء كبيرة امامها، وارتعشت من شعورها بالتورم الشديد للجفن
سالت دموعها وحاولت النهوض وبعد محاولات رفعت جسدها متآوهة تريد الإختباء قبل أن يأتي.. تعلم أنه ذهب ليُحضر احدي وسائل العقاب !
انتفضت بصدمة من دخوله للغرفة وأغمضت عينيها بقوة لترتفع فوق الفراش تحاول التراجع بألم جعلها تصرخ وكأن بها كسر ما
-
ميان.. اهدي .. ميان
نفت ببكاء شديد متراجعة واقترب سريعاً لا يريد انهيارها ..
وللأسف أن إقترابه كان أخطر شئ !

دفعت الفراش بقدميها الصغيرة حتي تتحرك للخلف وارتفعت نبرتها بصراخ مذعوراً من القادم معه، عقلها لا يصدق أنه عثر عليها وأصبحت معه مجدداً
- مهربتش .. انا قلتلك
- ميااان ..
صرخ بها بقوة لتفيق وغطي صراخها الهستيري فوق صراخه بينما ذراعيها كانوا يحيطون برأسها في محاولة لحمايتها من الصفعات التي مازالت تتتالي باستمرار فوق وجهها
لينضغط عقلها اكثر واكثر وتعود معه في تلك الشقة التي تتذكر زواياها جيداً
نفت بنحيب تري عيناه الصفراء ولفافة تبغة التي القاها ليدهسها بقدمه
- لا .. انا اسفة .. سبني .. مش عاوزة

- كفااايا.. كفااااياااا يا ميااان !
صاح موسي بها ونيران قلبه تتعاظم يريدها أن تفيق من ذكرياتها السوداء وقَبض يده بقوة في محاولة لكتم غيظه وغضب
وإن استمرت هكذا سيقتلها دون وعي
!
فعلقه لا يتقبل تخيُلها ورؤيتها لآخر .. يعلم أن هستريتها من وجودها مع رجلاً غيره !!
ولم يتركه وسواس الشيطان الخبيث ليُخيل له عُريها امام آخر .. وجودها في غرفته وتوسلها له !
وكانت هي تصرخ بتوسل أن يتركها معتذرة بنحيبٍ وترجي يمزق نياط القلب.. تراه وهو يعلق الحبل في الحائط ليعلقها واستمرت تصرُخ بهستيريا وتوسل عله يرأف بحالها
ولم تيأس رغم يقينها أنها في النهاية ستنال العقاب فتامر لا يتنازل عنه !!
- (( كل غلطة وليها تمنها ))
كما كان دائماً يردد عليها !
كان موسي يهتف بها محاولاً تهدئتها، وعندما سأس من وعيها الغائب تراجع للخلف وجذب قدميها لتنزلق بقوة فوق الفراش وما كان أمامه إختيار آخر
جذبها ولا يعلم أن تامر كان يفعل هذا عندما ييأس من استسلامها وصراخها !
هو كان يفعل ولا يعلم أن أفعاله مصادفتاً قريبة من آخر ..
كان يأتي لها بالمثلجات كما فعل تامر !..
كان يطلب منها النزول دون إخبار أحد كما فعل تامر !..
احتواها بحبٍ كبير وغضب فجأة ليتحول .. كما كان تامر !!

ثبتها بذراعيه رغم معرفته أن هذا سيُزيد من ذعرها حتي من الممكن أن تفقد وعيها
ولثاني مرة يتمني من داخله أن تفقده.. علي الأقل ليتملك منك ويحاول ضغط جرحها النازف وقد نحرته الحجرة الماسية تحت قوة صفعاته القاسية
- اهدي عشان خاطري .. فوقي .. فوقي
آنت بنحيب شديد ودوار رأسها إزداد من كم ما صرخت كما نفذت طاقتها من المعافرة معهواستسلمت في النهاية لتشعر بألم مفاصل كاحلها من قوة ربط الحبل
- انا اسفة خلاص
همست بها ببكاء وشهقت عندما جذب الحبل ليرتفع جسدها وتتعلق !

-
نزلني.. انا اسفة
- مفيش اسفة كان من الاول.. بس مدام اتحدتيني ومطلعتيش يبقي تدفعي تمن خطأك
حركت رأسها بإعتذار لتهمس
- بابا كان صاحي معرفتش اجي والله اسفة
قُبض قلب موسي وارتجف جسده فوقها من همستها الباكية والتي اخترقت قلبه قبل أذنه !
وهي ايضا تألمت من انقباض جسدها وصدرها عندما جذب الحبل اكثر لتتدلي رأسها فوق الارض بعدة سنتيمترات
- نزلني.. انا دايخة !
-
لو كنتِ سمعتي كلامي وحطيتي الدوا كان زمانهم ناموا وطلعتي
قالها بشماتة وهو يتحرك حولها ببطئليتابع بغضبٍ
- انتِ غبية.. انا مش مدهولك تحطيه كل يوم.. انتِ هتحطيه مرة كل 10 ايام او في الاوقات اللي بيعدوا فيها غير كده هم بيناموا بدري ومش محتاحة.. بس انتِ غبية وبتتحديني
- مش بتحداك والله اسفة.. انا خفت بابا يعرف معرفتش احط الحبوب خايفة ماما تموت وتسبني لوحدي
ابتلع موسي ريقة بصعوبة وقد اصبح صدره يضرب جسدها الضعيف اسفله، لا يصدق ما تهمس به وما تراه
ونزف قلبه حقاً وهي تتوسل بنحيب

- نزلني رجلي بتوجعني.. ماما شافت مكان الحبل المرة اللي فاتت.. نزلني انا دايخة !
اغمض عينيه باختناقٍ وقد ضاق صدره بقوة لتسيل دموعه !
مال برأسه دافناً وجهه في عنقها موضع الجرح

يشعر وكأنه يعاقب بأسوء وأبشع طريقة .. فلا يستطيع تركها ولا اسكاتها .. ليبقي مُستمعاً بعجزٍ !

- نزلني انا اسفة.. خايفة اقع علي راسي
ضم جسدها بقوة وزاد من ضغط وجهه حتي آنت ببكاء وآن نابضه معها ..
آن داخله بقوة .. بل صرخ وانتحب مثلها بينما دموعه قد انفجرت ليشهق من قوة بكائه كطفلٍ صغير اخذ احدهم لعبته وكسرها امام عينه
ليهرب وهو مقيد !
-
فوقي كفااايا.. كفايا عشان خاطري
وظلت تهمس بتوسل، وتلك المرة كان يُجيب عندما تصمت !
- فوقي .. انتِ معايا انا !

- نزلني انا دايخة..
-
انا .. انا اسف !
-
رجلي هتتعور ..
-
انا اسف !
- هحطهم المرة الجاية ..
-
انا اسف !
-
انا خايفة ..
-
انا اسف !
-
مش قادرة اتنفس ..
-
انا اسف!
واستمرت تهمس ببكاء ويجيب بنفس البكاء معتذراً
ينتفض جسدها اسفل جسده وكأن مس من الكهرباء قد صاب اثناهما !!
*****
- كامل انا قلبي بيوجعني !
نهض بقلقٍ ليُجلب أقراص القلب الخاصة بها
- ليه بس كده ؟! .. انتِ مختيش الدوا
نفت بتعرق وجلست بوهنٍ
- لا خته .. بس صدري بيوجعني .. ميان مش بترد عليا
مسح فوق كتفها برفق
- متقلقيش انتِ بس قلقانة عليها بس هي في الشغل ومرديتش لانها مشغولة اكيد

أومأت له مبتلعة ريقها وتمددت تحاول ارخاء جسدها المُرهق كما تحاول التخلص من أفكار الشيطان بتخيل فقد إبنتها
تعلم أن حالتها تلك من شدة تعلقها بها وخوفها القهري عليها ولكن دون ارادتها ..
لا تستطيع فعل شيئاً لتصبح بخير وتتخلص من تلك الأفكار المؤلمة !
*****
اقتربت روسيل منه بقلق وقد كانت جالسة تراجع معه أوراق لمشاريع كان من المفترض أن تراجعها رودينا معه ولكنه اختارها وكأنه يرحمها من ذلك الضغط ..
ومن داخلها كانت ممتنة بشدة لإختياره ويكفيها انهيارها فوق صدره منذ ساعات

-
في ايه؟.. ميان مالها؟
نفي بحيرة لا يعلم ماذا يحدث ولكن علي الأغلب أن عمرو قد فعل لميان شيئاً لتنهار كما أخبره موسي !
توقفت جانبه وسألته بذعرٍ بدأ ي
ُسيطر عليها من تلك المكالمة التي جعلته مرتبكاً
- في ايه يايوسف؟! .. موسي بيسألك عني ليه .. ميان مالها ؟!
نفي بشرود
- مش عارف .. بس ميان مش كويسة.. موسي عاوزك تكوني معاها
شحب وجهها لتقبض بيدها فوق صدر قميصها لا تعرف ما حدث لها.. وخائفة من أن تعرف !
صعدت في سيارة الشركة وأخذ يوسف مفاتيحها من السائق
- هكلمك كمان شوية تجيلي يا عم محمد
أومأ الرجل مُطيعاً بإمتنانٍ ويكفيه مسامحتهم له بعد خطئه مُسبقاً
شغل يوسف السيارة وتحرك بها مُسرعاً يشعر بالقلق الشديد، فلا يعرف ما حدث تفصيلاً ولكن ما رآه مجرد محادثة بين عمرو وميان قبل أن يضربه موسي بوحشية
!
حانت منه نظرة لها وقبل أن يعود ببصره للطريق دقق بها بإستغراب من اهتزازها لتهبط عيناه حتي يديها القابضة علي جلد المقعد جانبها بينما عيناها كانت شاردة للخارج
ابتلع ريقه وحول بصره منها للطريق محاولاً إدعاء عدم ملاحظته لحالتها الغريبة
-
متقلقيش ياروسيل هتبقي كويسة
قالها بهدوءٍ ناظراً لها ووجدها كما هي وكأنها لم تسمعه من الاساس، ناظرة بتشنج لنور الشمس الهادئ في الخارج ويدها تقبض باستمرار جانبها
وكانت هي بالفعل في عالمٍ أخر..
لا تتخيل تعرض ميان للتحرش.. لا تعلم ماذا فعل بها عمرو لكن تصلُبها وتخدرها يكفي ليفعل ما يريده بها
!
اغمضت عينيها بقوة وداخلها تتوسل ألا تكون قد تعرضت لشئ كبير، ولكن بمجرد ما تتذكر هيئة عمرو يَنقبض قلبها..
فموسي لن يفتك به بتلك الطريقة المتوحشة إلا لسببٍ كبير
!
- ( كويس انك فوقتي عشان تقاومي معايا.. اهه ننبسط اكتر.. وانا ضربت السجارة وهظبطك متقلقيش وبعدها ولا من شاف ولا من دري.. اتفقنا يا حلوة.. قصدي يا دكتورة)
ابتلعت ريقها كشفرات مُسننة متخيلة ميان بذعرٍ وهيئة ذلك الرجل بينما كلماته تصدح داخل عقلها دون رحمة ..
حتي انها لم تشعر بتوقف السيارة ولا نظرات يوسف لها..
وكل ما شعرت به هو لمسته فوق ذراعها لتشعر وكأنها قيدٍ.. ودون شعور صرخت بفزع لتضربه لولا قبضته التي التقطت يدها في لحظة من الهواء وقد كان في تأهب تام لرد فعلها

-
يوس.. يوسف !
همست بها بنهيجٍ وعينين اتسعتا بصدمة من شرودها وما فعلته
ظلت نظراته تجول فوق ملامحها المشدودة بينما قبضته مازالت مُحتجزة معصمها في الهواء
-
اه يوسف.. انا يوسف ياروسيل مش حد تاني !
خفق قلبها بقوة من نظراته التي اهدتها الف معني ومعني.. كما نبرته التي خرجت واضحة وكأنه يعلم شيئاً !
ابتلعت ريقها رامشة عدة مرات لتُحرك يدها من احتجازه لها .. وتركها ببساطة دون أن يحول بصره عن ملامحها قدر إنش
- ودا بقي ايه.. تحرش برده؟!
نظرت له بصدمة وقلبها يدفع صدرها بقوة ، انزلت بصرها عنه لتهمس بإرتباكٍ
- معلش انا اعصابي مشدودة عشان.. عشان ميان
رفع حاجبيه بسخرية مومأً برأسه بعدم إقتناع قصد إيصاله لها
ابتلعت ريقها بحرج وتشتت وإن كانت في حالتها الطبيعية لما أجابت عليه بتلك الطريقة ولما مررت حديثه وطريقته !
رفعت بصرها له بعد فترة لتسأل بتوجس وخوف
- اكيد معملهاش حاجة
.. صح ؟!
نفي برأسه متنهداً ..ولاول مرة لا يعلم !
داخله يقيناً من عشق موسي لها ويعلم أنه لن يأذيها ولكن صوته غريب
.. مُقلق !
نبرته تبدو عادية وهادئة لمن لا يعرفه .. ولكن ليس له هو !
فما تبدو للغير عادية كانت له قليلة الحيلة ..
نبرة غريبة أعطته التعب ..

الهزيمة..
اليأس..
الحزن والخوف ..
شعر بكل ما هو غريب علي موسي !
موسي الثابت.. الهادئ.. القادر علي اخماد شعوره وغضبه ليظهر كما يريد !

صف سيارته امام البناية الراقية وقُبض قلب روسيل وقد كانت تظنهم في القصر ولذا اطمأنت قليلاً، ولكن الأن هم في مكان يبدو خاص بموسي !
نزلت من السيارة بنصف عقل والقلق ينهشها، وسارت خلف يوسف بصمتٍ حتي وصلوا امام باب كبير باللون الاسود القاتم ولحظات من طرق يوسف وفتح اخيه !
فتح موسي مُشعث الشعر .. نصف عاري والعرق يلمع فوق صدره وجسده وكأنه كان يأخذ حماماً من البخار الساخن !
اخفضت بصرها برعشة وإرتباك شديد من هيئته التي اثارت ذعرها .. حتي انها لم تشعر بدخول يوسف ومناداته عليها وكأن قدميها تشنجنت من رحيل عقلها لفكرة مخيفة..
وما كانت غير هيئة يوسف..
يوسف التؤام .. صاحب نفس البنية ..
يوسف الزوج
!
اغمضت عينيها بقوة تحاول التركيز فليس وقته الأن أن تفكر كيف تتخلص بسرعة من تلك الزيجة المرعبة
دخلت واغلق يوسف الباب هامساً جانب اذنها
- اهدي شوية !
ابتلعت ريقها من همسته ونظرت له بنظرات حملت الدهشة مما قاله
فليس الطبيعي طلب شيئاً كهذا.. ومؤكد عقلها ليس شفافاً ليري انها خائفة ومتوترة !
تخطته ودخلت بتشتت من كل ما يحدث في هذا اليوم الغريب، والذي علي ما يبدو لن يمر بخير !
- م..ميان فين؟
نظر لها موسي بصمتٍ لثوانٍ ثم تنهد مجيباً بإرهاق بدا واضحاً
- ميان تعبانة.. كان جالها انهيار وقت ما شافت يوسف وجميل وساعتها الدكتور قالي لو اتعرضت تاني ممكن يأثر علي مراكزها الحسية .. انا مش عارف يعني ايه وحجزتلها عند دكتور بس كل حاجة بتحصل ورا بعضها
خفق قلبها بقلق مما يقوله ونظرت حولها بارتباكٍ لتسأل باضطراب شديد غير عابئة بما يقوله
-
ميان فين.. انهيار ايه وليه.. في ايه ؟
واجابها بحزمٍ وثباتٍ رغم ما به من ضياع
- افهمي اللي بقوله الاول.. انا جايبك تساعديها هي مش شايفة حد كأنها في مكان تاني
نظرت له بذهول وكتمت فاهها بشهقة مذعورة متذكرة هيئة عمرو وما حدث
-
عمرو لمسها؟!
نظر لها يوسف بإستغراب من توقعها للمرة الثانية .. ومن المفترض انها لا تعلم أن موسي من ضربه !
تحركت بقلق للداخل متخطية موسي دون حديث، وتوقفت بعد خطوات من دخولها للغرفة بصدمة شديدة من هيئة ميان المذرية !
قطبت جبينها بذهول واستنتج عقلها أن صاحب الفعلة ليس عمرو وقد مرت ساعات علي حادث المرأب، بينما موسي قد جلبها هنا وظلت معه كل هذا الوقت !
نظرت له بتشوش من وجوده ببنطاله فقط وعادت تنظر نحو ميان وكدمات وجهها والدماء
انتفضت بذعر مقتربة منها فِيما كانت الآخري تنتحب ببكاء صامت خائفة من أن يصدر صوت بكائها فتعاقب بأن تفتح فاهها لساعات متواصلة حتي تشعر بضمور عضلة فكها !!
-
مي. ميان.. م.. ميان..
نظرت له ولم يكن صعباً توقع انه ضربها وكان هذا الاهون حيث أوحت حالتها باعتداء وحشي!
استدارت واقتربت منه صارخة بغل
- انت عملت فيها ايه يا حقير !
وتابعت بحقدٍ ووعد قررت تنفيذه لومهما كان الثمن
- انا هوديك في ستين داهية !
خرج هتافها زاعقاً بهستيريا، وبمجرد ما نظرت لجسد ميان الساكن حتي هاجت أكثر لتتقدم منه صارخة بدموع وكأنها ستضربه !
- روسييل !
هتف بها يوسف محاولاً تقيدها ودفعته بعنفٍ لتقترب دافعة صدره بحدة وبغض
- قلتلك هيأذيها مصدقتنيش.. ربنا يخده
- اخرسي بقولك!
هتف بها مجدداً بعصبية من صراخها و دعوتها علي أخيه بينما يده قد كممت فاهها لتصمت
ودفعته هي مرة آخري بصيحة مُنفعلة
-
اطلعوا بره .. اطلع من هنا وخده .. ربنا ينتقم منكوا !!
- روسيل اهدي اكيد في سبب
صاح بها بارتباكٍ من حالة ميان وجهلة بما فعل اخيه وسالت دموعها بقهرٍ تري نفسها ومن اعتدوا عليها
-
اخوك اغتصبها.. ميان مش هتستحمل.. هي مش هتقدر.. هتموت من الخوف والقهر !
تغضنت عيناه بألم مما وصفته وداخله شعر انها تصف ما تحياه هي ولا تستطيع تحمله
ابتلع ريقه واقترب منها فجأة دون شعور منه ولا تأهب منها ليحتضن وجهها بين كفيه

- اهدي.. ساعديها.. موسي مغتصبهاش انا متأكد.. اهدي عشان خاطري.. متفكريش في حاجة ومتخافيش انا هنا معاك.. ركزي وساعدي ميان.. متفكريش في حاجة
ارتجف جسدها ببكاء ناظرة لعينيه بحسرة، واومأت بعد بضع ثوانٍ وكم كانت بحاجة ماسة لدعمه الغريب والذي كان وكأنه قد وضع فوق جرحها مخدر موضعي
مسحت دموعها ورقبتها وابتعد نحو ميان تشعر بتلف اعصابها وكأن طاقتها نفذت اليوم تماماً
جذبت جسد ميان التي كانت ثابتة تنظر للفراغ بدموع بينما لسانها يتمتم متوسلاً بشئ لم تسمعه.. عدلت من جسدها منزلة قدميها ارضاً وجلست القرفصاء امامها متخطية معافرتها لتمسح فوق ركبتيها الذين ارتجفوا بشدة
- ميان.. حببتي.. انا روسيل بوصيلي
لم تنظر ولم تتحرك فقط تحركت حدقتيها لتسيل دموعها في ذلك الطريق الذي حفرته فرشة كئيبة فوق وجنتيها
-
انا روسيل بوصيلي.. انا روسيل .. اسمعيني موسي مش هنا
كانت تتحدث معها بقوة وحزم محاولة الوصول لسمعها وكانت تلك الطريقة الأفضل مادام انهيارها قد بدأ بالتأثير علي مراكزها الحسية كما قال موسي عن لسان الطبيب

ورمشت ..
رمشت من سماع اسمه ولا تعلم كيف يكون اسمه دائماً فلاش الضوء الذي يقطع ظُلمتها الداخلية
-
انا روسيل .. بوصيلي .. اسمعيني
نظرت لها بحدقة مهتزة والاسمين يضربوا كيانها بأكمله
روسيل.. والدتها الثانية !
وموسي.. بطلها المُنقذ !
عالما الجديد .. عالمها النقي !
الزمن الذي قابلت فيه إمرأة ورجلاً جيدين بدلاً من أصحاب ذكرياتها المخيفة
فروسيل النسخة الملائكية من دانا !
وملاكها موسي نسخة لتامر الشيطان
!
ضغطت روسيل بالمحرمة المبللة فوق عنقها.
-انا هنا معاكِ.. متخافيش .. بصيلي وركزي
تحرك ثغرها بحزنٍ دليل علي بكائها الطفولي والذي لم يتغير رغم مرور الاعوام
-
بس.. باااس.. اهدي
همست لها روسيل براحة من وعيها لها ورفعة أصابعها ماسحة فوق خصلاتها وجانب رأسها بحنان
- د.. دم.. في دم !
قالتها ببكاء مذعور وأومأت لها روسيل تعلم أن لديها رُهاب من الدماء ورائحتها
-
كله هيروح.. اتنفسي بس.. اتتفسي براحة وانا هجبلك البخاخة
لمست فاهها بظهر اصابعها الباردة لتبدأ بالبكاء القلق وبمجرد ما نهضت روسيل لتأتي بالبخاخ حتي نظرت لاسفل حيث صدرها ، شهقت ببكاء شديد وأغمضت عينيها بقوة ورعشة من رؤيتها لخيط الدماء الذي سال من رقبتها

خرجت روسيل مسرعة تبحث عن حقيبتها
-
نوديها مستشفي؟
سأل موسي بقلق ناظراً لروسيل التي لم تعره اهتمام في البداية ولم تسأله وإن كان يوسف مازال موجود لسألته هو
شهقت متوقفة عندما جذب ذراعها بقوة
- لما اكلمك تردي عليا
اشتعلت عيناها ودفعته بكرهٍ مهددة من بين نيران غضبها
- لو طلعت معتدي عليها انا هقتلك بنفسي مش هبلغ عنك
تغضنت ملامحه بدهشة من توقعها الفج ليهتف بها
-
انت مريضة.. ليه هعتدي عليها ما هي مراتي اصلاً
- ياريت تقول كانت.. لاني هعرف عمو كامل واهلك وهتطلقها غصب عن عينك
اغمض عينيه بغضب لا يريد فقد سيطرته مرة آخرى وتحركت هي جاذبة حقيبة ميان لتلتقط منها البخاخ
- انا مش هحاسبك دلوقتِ علي كلامك معايا

نظرت له بضيقٍ وحقد وتحركت مسرعة للغرفة بينما مسح خصلاته بقوة وجلس فوق المقعد لا يعلم لما يضغط عليه الجميع دون استثناء
- روح انت يا محمد خلاص هرجع بعربية موسي
-
حاضر يا بيه.. تحب اروح التوكيل اعمل اثبات حالة
مال ثغر يوسف بسخرية من فكرة رجل الامن ونيته الطبية
-
لا مش مستاهلة روح انت يلا علي الشركة
عاد للبناية يفكر كيف سيرُد للمدعو صفوت ما فعله وقد نزل صباح اليوم ليجد تهشم زجاج سيارته باكملها ويبدو ان صفوت يتبع مثل( اضرب المربوط يخاف السايب )
وبالتأكيد هو المربوط فلن يتجرأ صفوت في ضرب موسي بشئ ولو صغير.. يعلم أنه لا يؤمن بالفرصة الثانية والعقاب سيكون عسير !
فتح الباب ودخل للشقة فوجد موسي جالساً كما هو وملامحه تحمل جميع الإنفعالات الغريبة
-
في تحسن.. ولا ناخدها مستشفي ؟
رفع موسي رأسه له بصمت
-
مش عارف.. روسيل فاكراني اعتديت عليها
أومأ له يوسف متفهماً واقترب موضحاً بهدوء ليضغط فوق أكتافه
-
دا شئ طبيعي احنا منعرفش حصل ايه لميان وهي بقالها ساعات معاك هنا.. وروسيل قلقانة عليها جدا عشان كده فكرت بالطريقة دي .. مضايقش نفسك والمهم دلوقتِ تهدي وتركز
*****

كيف عشقتWaar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu