الفصل السابع والعشرون

55.3K 1.7K 63
                                    

الرجل الذي يريد المرأة ملاكا
عليه ان يكون لها جنة
فالملائكة لا تعيش في الجحيم

ديل كارنيجي

خرجت روسيل بعصبية من مكتبه وكم كانت تود تكسيره فوق رأسه علها تقصف عجرفته وتحرق تباهيه
- روسيل !
قالتها ميان بدهشة عندما انفتح باب المصعد مصادفة في الطابق السادس وضغطت ازراره قبل أن ينغلق مسرعة نحوها لتهتف كطفلة وجدت والدتها
- روسيل
التفتت واقتربت تحتضنها مقبلة وجنتها بسعادة من بهجتها
- عروستي الحلوة
ابتسمت بحرج واضعة خصلاتها خلف أذنها تري أن روسيل فقط من تستحق الثقة، فبعد ما عاشته من تجربة مؤلمة إنغلقت علي نفسها بكرهٍ للفتيات جميعاً حتي أتت روسيل لتعطيها الحب، الحنان والنصيحة دون طلب مقابل، بل وكانت تستمع لها دون أن تتحدث هي ..وكم سهرت جانبها متناوبة مع والدتها اوقات ازمتها ومرضها
- مالك ياميان سرحانة في ايه ؟
عادت تبتسم ناظرة حولها
- انتِ جاية تزوريني ؟!
ضحكت روسيل بعد أن تعكر مزاجها في الداخل
- ازورك ايه بس هي شقة عمتك انا جيت شغل هنا
اتسعت عيني ميان بدهشة لتهتف بسعادة غير مصدقة
- احلفي والله
- والله
قالتها ببسمة لتمسح فوق خصلات ميان من الجانب وكم تشعر أنها تعطيها النقاء والهدوء النفسي
- والله غيرتيلي مزاجي

قطبت ميان بقلق

- ليه انتِ زعلانة من ايه ؟!
تنهدت باعصاب مشدودة لتهمس بمقتٍ ناظرة نحو باب غرفته
- فعلاً كلهم عاوزين الحرق
نظرت لها ميان بصدمة لتسأل بحيرة ناظرة للباب
- هم مين ؟!
- الرجالة اكيد هيكون مين
عادت تقطب بين حاحبيها وقالت بخفوت وكأنه سر خطير
- بس موسي طيب
مالت شفتيها بسخرية من برائتها واقتربت تمسح فوق كتفها
- مفيش راجل طيب ياميان وموسي كويس فعلا لإن انتِ دلوقتِ مراته
نظرت لها بتشتت مترجمة حديثها بطريقة خاطئة أو كما هو وفي الحالتين هو مُقلق
وكم نصيحة هدمت بيتاً لعدم وجودها في محلها !
وكم استشارة دمرت اسرة !
فببساطة لا يعلم الاشخاص ما تعلمه صاحبة المأزق، فلم يتعامل احد مع الاركان مثلها ليحكم بالصحيح والمنطقي!

- هبقي احكيلك تفاصيل الشغل بعدين ونتكلم في البيت لان اعتقد تقابلنا هيبقي قليل.. يلا روحي عشان شغلك ومتنسيش تتغدي
اومأت لها ببسمة تاركة افكارها المخيفة واقتربت مقبلة وجنتها بسعادة لتذهب حيث المصعد مرة اخري
*****
مرت ساعات اليوم ركضاً أو هي التي لم تشعر بها من تشوش أفكارها، خائفة من الوقوع في شخصٍ سئ مرة اخري حملت الاوراق بعد أن إنتهت من مراجعتها وطرقت الباب لتدخل بهدوء متنفسة بقوة علها تُهدأ من حدة توترها منه،
فقبلته الغريبة لا تغيب عن عقلها ولا شعورها، بل مازال عنقها ينبض بقوة مكانها !!
تجمد جسدها بذعر عندما وجدت موسي مُمسكاً بشخص من ياقة قميصه يهزه بغضبٍ وصوته يهدر بصراخ صم اذنيها

- وحيات اللي جابوك لاخرب بيتك، انا هعرفك مين هو موسي يا***
أغمضت عينيها بقوة ثم فتحتها تنظر لظهره بصدمة ولولا تأكدها من صوته لظنته آخر

- الورق ضاع غصب عني والله
قالها الشاب بإرتباكٍ وهو ينظر لها عند الباب

- ضااااع!! .. ليه هو انا باعت عيل من الحضانة يستلمه ماتفوق يلا بتلعب علي مين
حاول الشاب الإعتدال مُستنداً علي المكتب خلفه وقد سقط من فوقه عُلبة الاوراق المكعبة والاقلام بعد أن دفعه موسي إليه
- صدقني يا باشا انا منزلتش الا بس للفطار ورجعت ملقتهوش ومكانش في المطعم انا سألت اقسملك
- انا هدفعك تمن ضياعه .. انا هفطرك صح
قالها بصراخ دافعاً صدر الشاب ليستدير حول مكتبه
وكانت هي متوقفة مكانها بجسدٍ تيبس، فقط تراجعت خطوات بسيطة لتلتصق بالباب بينما عينيها في صدمة تامة من هيئته الوحشة وقد بدا وكأنه سيقتل الرجل ، ابتلعت ريقها لتقبض يدها فوق الاوراق بقوة
- صدقني انا دورت عليه ومسبتهوش في حتة .. يمكن اتسرق!
صرخ موسي به وهو يبحث في ادراج مكتبه

- متبررليش ياروح امك كلامك كله ميلزمنيش وخلاص اكتم
انهي صراخه ناظراً للشاب بتوعد لتلتقطها عينيه في نهاية المكتب مُلتصقة بالباب بصمتٍ مذعور اظهرته حدقتيها المتسعة ولمعتهن التي وصلت له واضحة
استند علي سطح المكتب مغمضاً عينيه بقوة لا يعلم منذ متي وهي هنا
- يا بشمهندش مو..
- قلت اخرس !
هدر به بغلٍ من وجودها ومن ضياع ورق المناقصة وقد نبه من البداية أنه هام وصفوت يحوم حوله وتكفل ذلك الغبي بجلبه
- اطلع بره .. حسابي معاك بعدين
طرده محاولاً ابعاده عن مرمي بصره حتي يهدأ ويكفيه ما سيوجهه معها وبمجرد ما استدار الشاب ليخرج حتي تحركت هي لتهرب
- ميــان !
تصلبت علي صوته ممسكة بمقبض الباب

- تعالي !
خفق قلبها بقوة من أمره وتحركت بقدمٍ مُتيبسة لتبتعد عن الباب الذي خرج منه الشاب
- انا .. انا ..مسمعتش
- لا سمعتي تعالي اعدي
نفت بدموع خائفة من المعاقبة واقتربت بجسدٍ مرتجف حتي جلست ناظرة له وكأنها لا تصدق أن هذا نفسه موسي
- ميان افصلي .. معاملتي معاكِ حاجة وحياتي حاجة
وبحديثه حضر حديث روسيل أن جميهم سيئون وهو يمثل لانها زوجته ولا يوجد أحداً طيباً !
ابتلعت ريقها لتهمس بإهتزاز

- انا خبطت .. سمعتكوا غصب عني
ظل ينظر لها وداخله طاقة غضب كبيرة لا تُمكنه من تحملها والصبر عليها الان

- ميان اتنفسي متتعبنيش لو سمحت
انزلت بصرها مُحاولة التنفس سريعاً حتي لا يغضب منها ويأذيها واقترب هو فاركاً وجهه بقوة ليجلس قرب جسدها الذي انتفض من قربه
- احنا لازم نروح للدكتور انتِ حركة واحدة بترجعك الف خطوة
- انا مش تعبانة
نظر لها واغمض عينيه بقوة قبل أن تصيبها نظراته الغاضبة يعلم أنها تتأثر من أبسط شئ
- خلاص انا اسفة هروح
عاد ينظر لها بجبين مقطب من استنتاجها انه كان سيصرخ عليها رغم انه كان يهدأ ليسايسها يعلم أن الصراخ لن يجلب غير صراخها وهستيريتها
- لا يا ميان متخافيش مني انا مكنتش هزعق فيكِ
اومأت مُأمنة علي حديثه سريعاً وكأنها تهاود ذئباً لتتخلص من مكره
- ميان ياحببتي انا مستحيل أأذيكي
لمعت نظراتها بالعبرات وسألته بذعر ناظرة نحو باب المكتب حيث ذهب الشاب
- هو انت هتقتله ؟!
- لا ياحببتي مش هقتله انا بس كنت بزعقله او بتخانق معاه لانه ضيع ورق الشغل
نظرت له بحيرة ثم اومأت له مرة اخري بنظرات شاردة مفكرة لما لا يدعي ويمثل
ألم يمثل عليها غيره.. ألم يأذيها ويخدعها قديماً !!

- ميان!
صرخت بفزع ناهضة من مكانها وللثواني الاولي كانت قد رأته خطيبها المُختل !!
نهض مقترباً منها ونبرته شبه راجية
- لالا متخافيش مني كده ياميان عشان خاطري .. انا مش هأذيكِ ياحببتي
نظرت له وهمست متوسلة بدموع

- انا عاوزة اخرج
تخلل خصلاته بقوة واقترب ملتقطاً يدها المرتعشة ليطبع قبله فوقها
- انا عمري ما هزعقلك .. انا بحبك
ابتلعت ريقها لا تعلم هل تصدق أم لا وقد إختبرت هذا الحنان من قبله وفي النهاية إتضح زيفه !!
نظرت له بقلق عندما قبل يدها مرة اخري هامساً بإسمها لتنتبه ورحلت عينيها برعشة نحو الباب عندما دلف يوسف
- هسيبك تطلعي بس لو حسيتِ بأي حاجة تعاليلي
أومأت بحرج من وجود يوسف وقبلة موسي الاخيرة التي اقترنت بهمسه الذي لم تسمعه من اضطرابها
*****

كيف عشقتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن