أسيرة الظل Salwa M 17

2.7K 228 23
                                    

أسيرة الظل
الفصل السابع عشر

كانت رحلة السفينة شاقة جداً على جوليا التى عانت الأمرين من دوار البحر، و ظل فيليبو جوارها يحاول التخفيف من ألمها، أما لُجين، فقد ظلت طوال الوقت لا تستطيع أن تصدق بأنهم قد فروا من بين مخالب رودريجو بأقل الخسائر الممكنة، لذا فور أن ذهبت جوليا للنوم قليلاً في قمرتها، إجتمعت لُجين بفيليبو.

"أتظنه يتبعنا؟"
"بالطبع سيفعل!"
"يا إلهي! و تقولها في منتهى الهدوء و الثقة. ما الذي يجعلك متأكداً هكذا؟!"
"إسمعي يا لُجين. إن رودريجو لم و لا و لن يحبك كما قال. كل ما في الأمر أنه يسعى للإنتقام..."
"مني أنا! إنني الضحية فيليبو! هل نسيت؟!"
"لا لم أنسى، و لأنني لم أنسى فعلت ما بوسعي لإخراجك من هذا المأزق. إن سعادتي الآن مع جوليا كنت أنت سبباً فيها، لذا لم أنسى، وأحاول الآن إصلاح ما أفسدته، و لكن رودريجو أيضاً لم ينسى حلمه، و لكي يحققه عليه دفن الماضي بكل شهوده. إن الإنتقام و الطمع يعميانه عن كل صواب. أنتِ لا تدرين بما فعله في خصومه جميعاً، و ..."
"بل أدري. لقد أخبرني."
"أخبركِ! هل أخبركِ بما فعله في طاقم البحارة الذين عملوا معنا؟ هل أخبرك أنه تسبب في قتلهم واحداً تلوا الآخر بعد إبلاغ السلطات عنهم؟ هل تعلمين أنه إنتقم لمقتل والديه شر إنتقام؟ هل تعلمين أن رجال السلطة أنفسهم يخشون بأسه، و أنك حتى لو أرتضيت الزواج به كان سيبلغ عني في كل الحالات؟ إنك في رأيه حلية يزين بها ثراءه حينما يخبر الناس أنه قد تزوج بأميرة."
" يا الله! كل ما أخبرني به، أنه إنتقم من الرجل النذل الذي قتل والديه."
"صحيح أن الرجل كان نذلاً و يستحق الإنتقام، و لكن ما ذنب أطفاله و زوجته؟ إن رودريجو وحش لا شفقة في قلبه و لا رحمة، لذا قررت الهرب بدلاً من الإنتظار حتى يأتي الموت طارقاً أبواب السعادة التي وجدتها أخيراً. سأذهب للاطمئنان على زوجتي."

نظرت لُجين للبحر المترامي الأطراف، و هو يلاقي أفق السماء، لتسرح بعيداً بخيالها بعيداً. و كأن البحر يشير إليها بموجه أن تتقدم للأمام.. أن تنسى ما مضى من حياتها، و لكنها صارت تخشى المجهول، و تهاب الماضي. ما الذي يدريها بأن القادم ليس أسوأ، أو أن الماضي سيتركها. إن رودريجو كان يذكرها بكلب الصيد النشيط، لن يتوقف حتى يعود لسيده و هو يحمل غنيمة الصيد بين فكيه، و سيد رودريجو هو الإنتقام. فالويل لهم إن أمسك بهم.

مرت الأيام، و بدأت معدة جوليا تعتاد مشقة سفر البحر، لكن بمجرد أن تهب الرياح و تبدأ السفينة في التمايل، تعاود المسكينة أعراض دوار البحر. كانت ملابس جوليا واهنة حقاً، لإن القليل الذي تأكله، لا يبقى كثيراً في معدتها، فيخرجه جوفها كأنه السم الزعاف. ظلت تسأل فيليبو عما تبقى لهم للوصول إلى البر، فقد طاقت نفسها شوقاً للإبتعاد عن البحر قدر المستطاع، فيخفي عنها فيليبو الرقم الفعلي للأيام المتبقية، كي لا يصيبها اليأس.

أسيرة الظلWhere stories live. Discover now