Salwa M 11 أسيرة الظل

2.9K 206 28
                                    

أسيرة الظل
الفصل الحادي عشر
فور أن أستيقظت لُجين، طلبت من جوليا أن تكمل لها ما مرت به من أحداث بعدما تعرفت على فيليبو، فضحكت جوليا من حماسة الفتاة، و أخبرتها بأن عليهم تناول الإفطار، و الذهاب للحقل، لكن ملامح الخيبة التي لاحت على وجه الفتاة، ألانت قلب جوليا التي ابتسمت و قالت:
"أعدك حبيبتي أن أكمل الحكاية في المساء، فلا وقت لدينا الآن لنضيعه."
"حسناّ.."

دثرت لُجين نفسها جيداً برداء طويل يخفي كامل جسدها، و أخفت وجهها خلف حجاب ساتر، كي لا يؤذيها ضوء الشمس، و بهذه الطريقة كانت تعاون جوليا في عملها كل يوم.

حينما حل المساء، بعد إنهاك العمل الشاق، كادت لُجين تغفو وهي جالسة، دون أن تتناول طعام العشاء، لولا أنها كانت تتوق لمعرفة ما حدث لجوليا و فيليبو. ترجت الفتاة جوليا لتكمل سرد ما حدث، فقالت جوليا:
"حسناً.. لقد وعدتك، و وعد الحر دين عليه. مممم.. ذكريني أين توقفت؟"
"عندما ركب فيليبو العربة خلسة، و كان كالعلقة* يرفض أن يغادر،..."
"هاهاها! لا أتذكر أنني قد وصفته بالعلقة، لكن التشبيه لا يختلف كثيراً عن واقع الحال. هممم لقد مرت سنوات طويلة على تلك الأحداث، و لكنني كلما تذكرتها لا أستطيع التوقف عن الضحك.. يا إلهي!! هاهااها! لقد لقنته درساً لن ينساه هو الأخر طيلة حياته."

بدأت جوليا تحكي عما أصاب فيليبو من إصابات في مختلف أنحاء جسده بسببها، فعندما إقتربت أول نقطة تفتيش، لم يجد فيليبو مكاناً يختبيء فيه سوى تحت ثوب جوليا الفضفاض المليء بطبقات و طبقات من القماش، فما كان منها إلا أن صرخت في فزع، و بدأت تركله بكعبي حذائها وقبضتيها. حاولت أن ترفع ثوبها، و تنزع شعره من فروة رأسه، لكن باب العربة فتح فجأة، فلم تتمكن من ذلك. سألها الشرطي بقلق:
"سيدتي! هل من خطب بكِ؟"
"اااه.. كلا يا سيادة الشرطي... أأأ.. ممممجرد حشرة حقيرة طارت على ثوبي من النافذة."
"عليكِ بإغلاق النافذة سيدتي، فالجميلات مثلك يرتعدن من الحشرات."
أخذ الشرطي يفتل* شاربه الرفيع، و ينظر لجوليا نظرات الإعجاب، لكنه تذكر عمله، فتنحنح، و رفع أمام ناظريها ورقة مرسوم عليها وجه فيليبو، و قال:
"فلتحترسي سيدتي الجميلة، فهناك مخاطر في الطريق أكثر من الحشرات. هل رأيتي هذا المجرم؟"
"كككلا.. لا لم أره من قبل، ثم إنني متأكدة ألا خطر يمكن أن يصيبني، و شرطي همام مثلك يراقب المداخل و المخارج بإنتباه و شجاعة."
"إحمممم.. بالتأكيد.. بالتأكيد. صحبتكِ السلامة سيدتي الجميلة."
"وداعاً أيها الشرطي الهمام."

فور أن عبرت العربة أول نقطة تفتيش، عاودت جوليا ركل فيليبو بكل ما أوتيت من قوة طيلة الطريق حتى نقطة التفتيش التالية. كانت غاضبة بشدة من فعلته المشينة، و كلما حاول تبرير موقفه بأن العربة صغيرة جداً، و لا مكان أخر يختبئ به سوى تحت ثوبها، كان غضبها يعاود الإشتعال، لتكيل له الضربة تلو الأخرى. كانت تنزع شعره من رأسه و هو يصرخ حين فُتح باب العربة للمرة الثانية، هنا تداركت جوليا الموقف، فبدأت تصيح:
"تخونني مع صديقتي، و تطلب مني أن أسامحك! إن نهايتك ستكون على يدي يا خائن!"
كان الشرطي يمسك بصورة فيليبو، و هو فاغر الفم على منظر الرجل الذي وجهه في أرضية العربة، و المرأة التي معه تكيل له الركلات و اللكمات، لكنه إنتبه حينما أدرك أن جوليا توجه كلامها له، صارخة:
"ماذا تريد أيها الشرطي؟"
"آه! هل رأيتي وجه هذا المجرم؟"
"لم أرى سوى وجه هذا الغبي!!"
صفعت فيليبو على رأسه براحة يدها، و عاودت شد شعره، فأغلق الشرطي باب العربة، و هو يشعر بالأسى على الزوج المسكين الغبي الذي كان مهملاً، فاكتشفت زوجته خيانته.

أسيرة الظلWhere stories live. Discover now