الفصل الثالث: صوتها..

276 20 158
                                    

لا تُؤلم الجروح الظاهرة بقدر وصب الجروح الداخلية، ولا تُشفى شروخ الذاكرة، ولا تُصلّح مباني المشاعر المحطمة!
وكلما صَرَخَ الوقتُ، ينتفض وجعاً مَن يحمل كل هذا داخله..

وقفت أمام المرآة تنظر لنفسها وتتمتم بصوتٍ خفيف "لقد رأى الندبات، لقد إكتشفَ كل شيء، سيخبر الجميع.." بكت بحرقة، الحقيقة التي لطالما حمتها، الحقيقة التي دوماً أخفتها جيداً رغم أن الظروف نهشت بها، الحقيقة التي لم ترد أن يراها العالم.. أُكتشفت للجميع!

مسحت على كدمتها التي مسح عليها جينكي، وشعرت بقلبها ينبض بعنف، هو الأول الذي وقف ضد الجميع لأجلها، لقد جعل الجميع يخرس، كما أنه الأول الذي يلمسها، مع كل تلك الإشاعات، هو لم يَخف بل وعلى عكس الجميع، لمسها ووقف بصفها!
نفضت رأسها، وضربت فوق قلبها قائلةً "إياكِ دو مي.. لا تقعي بالحب فأنت لا تستحقينه، وهو يستحق فتاة أفضل منك!" فتحت حنفية الماء وغسلت وجهها بعنف، مبعدةً عن تفكيرها كل الهراء الذي تفكر به!

تركت الحمام، وقد كان الدرس الأول قد بدأ، لهذا غيّرت طريقها وإتجهت نحو غرفة الحواسيب القديمة، تلك الغرفة المهجورة كدو مي، هُجرت لأنها أصبحت قديمة ومن الصعب البقاء على موكب السرعة مع حواسيب قديمة كتلك، كما هُجرت دو مي لأنه من الصعب فهمها وتَفَهُم ما يحدث لها..
كالعادة لم تقم بتشغيل الضوء، بل فضلت الظلام دائماً، ثم جلست أمام الحاسوب المعتاد، أدخلت الرقم السري للملف الذي صنعته هناك، ليُفتح أمامها شباكٌ أسود، فوقه كتابة خضراء، وضوء الحاسوب إنتشر داخل الغرفة جاعلاً بعض الأشياء مرئية للعين!

الشيء الوحيد الذي يُنسي دو مي همومها هو البرمجة، لم يشدُ شيئاً انتباهها وفضولها كما فَعَلَت البرمجة، كانت بالسابعة من عمرها عندما أهداها خالها، مبرمج الحواسيب، كتابٌ في علم البرمجة!
دو مي أحبت خالها كثيراً، لأنه كان أكثر عطفاً وحباً من أبيها، وكان يحميها منه، ويمنعه من ضرب والدتها..
لكنه توفي بحادث سيارة عندما كانت بالعاشرة من عمرها، ومن يومها إختفى من كان يحميها من والدها!

حدقت بالشاشة لتنزل منها دمعة مؤلمة وهي تتذكر خالها الذي كان يتسلل الى غرفتها مع حاسوبه النقال، ليعلمها بعضاً مما يعرفه في البرمجة، وعندما اتمت التاسعة، أهداها لعبةً قام ببرمجتها من أجلها، ومن يومها وهي تعمل على تطويرها وجعلها أفضل!

نظر جينكي حوله باحثاً عنها داخل الصف، لكنه لم يجد لها أثر، ليقاطع بحثه صوت المعلم "دو مي.." تلفت الجميع حوله يبحثون عنها، فهي لن تقول حاضر أبداً، لكنهم لم يجدوها، هذه لم تكن المرة الأولى لدو مي بالتغيّب عن حضور الصفوف، ولكنها المرة الأولى التي يشعر جينكي بالفراغ لعدم وجودها!
"دو مي ليست هنا أستاذ!" قالت إحدى الطالبات، ليرتفع صوت آخر يقول "لكنها اتت صباحاً مع عاصفة مطر غزير.." قهقه الطلاب لتعليق الطالب، ليعبس جينكي وينظر الى جونغ مين الذي لم يعجبه ما قيل كذلك، فجينكي أخبره بما حصل صباحاً..

الورده الزرقاء!Where stories live. Discover now