الفصل الثانى عشر

436 55 21
                                    

------(وجهة نظر جيمين)------

عندما ذهبت للمصحة, كنت أخاف تقريباً من أى شئ بسيط, بسبب كوابيسى اللامتناهية. حاول الكثير من المرضى أن يتحدثوا معى, لكننى كنت أُفَضِل العزلة, أحسست بالذنب قليلاً من تجاهلى لهم, لكن ذلك الإحساس لا يقارن بما أشعر به من ندم و ذنب لعدم مقدرتى على إنقاذ عائلتى..

حاول الطبيب التحدث معى و جرب علىّ الكثير من العلاجات النفسية ليجعلنى أتحدث, لكن بلا فائدة. أظن أنه كافى جداً أننى أكتب له فى دفاتر, و أحياناً يقول لى أن أُعبر عن ما أشعر به بالرسم.

كان عمى و خاصة أولاده, جين و تايهيونغ, يزوروننى كثيراً, و أصدقائى لم يتخلوا عنى, خاصة صديقى المقرب جونغكوك. مع أنى لا أتحدث على الإطلاق, إلا أنهم دائماً يرحبون بى بوجوه مبتسمة و كل ما أستطيع فعله هو أن أضمهم و أحتضنهم فى كل زيارة, و بالطبع جلبوا لى الكثير من أدوات الرسم; دفاتر و أقلام رصاص متنوعة و آلوان, ظللت بغرفتى فى أغلب الأوقات أرسم و كنت أغادرها فقط لآكل, ظل هذا روتيني لعدة أشهر, لقد كنت عائشاً, لكننى لم أشعر و كأننى حي, و كأننى ميت من الداخل.

إلى اليوم الذى جاءت به......

لقد لفتت نظرى حينها, ليس بسبب جسدها النحيف و الهزيل, ولا وجهها الشاحب و الهالات السوداء تحت عينيها من قِلة النوم. لقد شعرت بأننى منجذب لها, و من نظرات وجهها, أحسست وكأنها تشعر بما أشعر به. و بالرغم من هيئتها إلا أن أول شئ فكرت به هو كيف أنها جميلة.

وجدت نفسى أراقبها من بعيد, عندما نكون بنفس المكان أو الغرفة,و بالصدفة أراها بالأروقة, و فى أغلب الأوقات تكون بالكافيتريا بنفس الوقت التى أكون به هناك, و لكن يبدو أنها لم تلحظنى قد.

أصبحت بلا وعى أبحث عنها بعيناي كلما ذهبت لأى مكان, حتى أننى أصبحت أذهب للساحة الخلفية لأستنشق بعض الهواء النقى, و أملاً فى أن أجدها هناك.....

فى يوم من الأيام, ذهبت لأتناول الطعام بالكافيتريا. و بعد عدة دقائق من وصولى, هى جاءت و معها ممرضة دائماً ما تلازم جانبها. كان يبدو عليها الإرهاق و التعب كثيراً و ذلك أحزننى, أتمنى لو أستطيع أن أرى أبتسامتها, ذلك ما كنت أريده و آمله منذ أن جاءت.

ركزت بطعامى و لم أُعر أهتماماً لها. ظللت هكذا لمدة, و شعرت بشعور غريب, و كأننى مُراقَب. نظرت ناحيتها و وجدت أنها تراقبنى. و حتى بعد أن أمسكتها متلبسة, هى لم تشح نظرها عنى.

نظرت لطعامها و وجدته كما هو, لم تأكل منه شيئاً. نظرت لها مرة أخرى و خدودها أحمرت خجلاً فى الحال, أظن أن ذلك بسبب نظراتى لها. نظرت لطبق طعامها مرة أخرى, مشيراً لها أننى أريدها أن تأكل. لقد عضت شفتها السفلية و نظرت للأسفل و كأنها تفكر ثم أمسكت بملعقتها و بدأت تأكل ببطء, تفاجأت قليلاً لكنى عدت بكل هدوء لتناول طعامى مجدداً....

 مضطرب عقلي صامتWhere stories live. Discover now