ماتيو
صدى وقوع قطرات الدماء من أوردة ذراعي يُضاعف شعور الواقعية فيما يحدث، أحاول عبثاً زحزحة أطرافي الأربعة وأفشل، وأتساءل إن كنت سأخرج من هذهِ المحنة بأربعتهم. الكرسي الذي يحملني مريح، يتناسب لونه مع لون ما يُهدر من جسدي، ملكي الطابع، مرتفع المقام، هراء وخراء.
"سينتهي الأمر قريباً يا مولاي الأمير"
يتعالى لهاثه ككلب فرحٍ باحتكار سيدهِ، سعيد ومستعجل لجمع ما يراه مقدساً في نظرهِ، ومقرفاً في نظر من يمتلكه. تركت أصابعه الخشنة قدمي، انتقل لتحسس وجهي مجدداً، ووجهه الممتلئ يتعرق محاولاً كبح رغبة ما، اقتلاع عيني ربما، لا أعلم، بدأتُ أفقد قدرة ضبط ما حولي من مشاهد.
"آه... جلالتك كالماسة في وحل البشرية، لن أشكو شيئاً في الحياة الأخرى إن متّ الآن، ولكنني لا أستطيع، يجب أن أنشر بركتك على عائلتي قبل رحيلي من هذهِ الدنيا، لن نجوع ولن نشقى ولن..."
ما الذي يهذي بهِ؟ كيف لن تجوع وتشقى؟ من تعتقد بأن دماءهُ ستُخلصك من بؤسك جاع وشقي في الحياة أضعاف ما يتحمله المرء. لا فائدة، لن أقدر على الكلام وإن نظرتُ إليهِ سيمسح وجهه في باطن قدمي مجدداً، وسأتمنى اقتلاع رأسه من جديد.
لا بأس... التحديق في السقف ليس سيئاً، مرور الوقت هو الكارثة الحقيقية، والتساؤل بلا إجابة سيُفقدني صوابي في نهاية المطاف.
كولِن... إخوتي... أمي... أين أنتم؟ ستنفذ الدماء مني وأنتم لم تُجيبوا بعد.
...
علا صوت الإثنين، كولِن والقائد مايرون في الوقت ذاتهِ: "مستودع الحطب!"
يُمكننا القول بأن القصر انقلب كل ما فيهِ نحو آخر، والأرجح الأصح، موقع يُحتمل أن يكون الأمير قد خُبّئ فيهِ، بعد ساعات وساعات من البحث بداخل وخارج القصر، والملك كريس، بالشرارة النابضة من عينيهِ، أول من تحرك بمجرد سماع أول حرف، يُفكر، ربما سيستل سيفه هذا المساء بعد نومهِ لما يقارب الستة عشرة سنة.
دعونا قبل الخوض في تفاصيل ما سيحدث في مستودع الحطب، نعود للزمن لصباح اليوم المشؤوم الذي أثبت فيهِ الأمير ماتيو إلْ برايمرد لعنة تشبث اسم المفقود بهِ. وبطبيعة الحال سنبدأ مع من كان مختنقاً في أحضانهِ حتّى الصباح.
YOU ARE READING
المفقود
Historical Fictionالمفقود حكاية عن ذلك الفتى الصغير الذي لطالما آمن بوجود دفء عائلتهِ إذا ما بحث عنه جيداً، إلّا أنّ الحياة تعلّمه أنّ الفرق بين الآمال والواقع قد يؤدي إلى هلاكهِ. فتبدأ حكايته وحكايات العديد من الشخصيات التي سترى النور بوجودهِ، لكن هل هو بالفعل لا يم...