تُراقِبُه آنذاك وهو يَغادِرُ جانبَها دون كلمةٍ واحدةٍ إضافيةٍ منه لها عدا مناقشته لأُمور العمل إلى مُرشِّدها لهذه الليلةِ.
يَتْرُكُها وَحيدَة أفكارُها، تَحْدُقُ نَحْوَ مَظْهَرِها عَبْرَ مِرآةٍ وَجَدَتْها إلى الحائِطِ، فَضَحَتْ مِن خِلالِها سُوءَ اختياراتِها لإطلالةِ هذهِ الأمسية..
بِدَلَّة سوداء ديجورية داكنة تُناسِبُ تقاسيمَ جسدِها المثالي، تَتْرُكُ وقتئذٍ خَصْلاتُها السوداء الغَرّابِيّة تتمايلُ بنعومةٍ حول كتفيها دون إضافةٍ مُمَيّزة..
غَريبٌ أمرُها لها نظرةٌ فنّيةٌ أنيقةٌ في العمارة، إلا أنها تفتقرُ إليها في واقِعِها وإطلالاتِها..
تَتَساءل: أَكانَت نَظرة البُرودِ تِلك، وهي تَسْتولي عَلى عَينيهِ، سَببُها مَظهرها المَمِل الرتيبُ، أَم أَنه رجُل لا يَلقي بالًا بالنِّساء؟ فَلا خَبر واحِد عَن إيريك فيرتهايمر وعَلاقاتِهِ بالنساءِ قَد تَصدَر الجَرائِدُ يَوْمًا.
جَلّ ما تَحصُل عَلَيهِ الصُّحف هُوَ قَراراته الصّارِمة لِحَل النِّزاعات النَّمطيّة التي تُواجِهها شَرَكات البِناءِ، وإنجازاتُه المُدهِشة، واحِدةً تَلوَ الأُخرَى، في مَجالهِ..
بَدا لَها شَيءٌ مُثيرٌ لِلاهتِمام، ذلِكَ الانغِماسُ في العَمَلِ وتِلْكَ الرؤيةُ الجادّةُ لِمَسؤوليّاتِه، الّتي تَجْعَلُ مِنهُ شَيئًا مُغْرِيًا حَدَّ الشَجَنِ.
لِقاؤهُما الأَولُ، وكَلِماتُهما الأُولى لَم تَكُن أَثيرِية وَلَم تَحمِل شَحنةً كَهرَبائيةً مِن شَأْنِها أَنْ تُحدثَ ذلِكَ التَّصادمَ الهائِلَ في حَياتِهِما.
لَم يَكُن هناكَ شَيء واحِد يَجمَعُهما عَدا كَوْنَهما شَبيهينِ بِزَهرَةِ البوفارديا؛ كانا لُغةً واحِدَةً لِمَعنى زهرَةٍ حَمَلَت بَعضًا مِن صِفاتِهِما..
الحَماسَةَ وَالتعَصبَ.
****
شخصية ساخرة ورجُل ممتع بشكلٍ لاذعٍ، هذا ما وجدته في رئيسِ عملها خلال تلك المدةِ القصيرةِ لها في روكشاير..له نظرة جدية والتزامٌ بالعملِ يدفعانها لمراقبته من خِلال غرفةِ الاستراحةِ وهي تتناول كوبَ القهوةِ الدافئِ؛ فيما تستند بجسدها على الطاولةِ الخشبيةِ خلفها..
يُمكِنُها أَنْ تَشاهِده مِن تِلكَ النافِذَة الصَّغيرة، مُصغِيةً إلى صَوتِ ماكينَة القهوَةِ وَرائِحتِها المتَلاعِبَةِ بِالحَواس..
فُضولها نَحوهُ، بَلْ فُضول الأُنثى المَحضَ، جَعلها تَترك مَسافةَ أمانٍ بَينهما، لا تَتذَكر خِلالَ هَذِهِ المَدةِ الزمَنيةِ القَلِيلَة احتِكاكَهما بِبَعضِهِما عدا لِغرَضِ العَملِ..
YOU ARE READING
مكيدة عشق
Romanceقيلَ بأنَّ هناكَ نوعًا منَ الرجالِ، إن كانَ سيرغبُ بامرأةٍ، ولو للحظةٍ قصيرةٍ، فإنَّهُ سيذهبُ إلى أقاصي الأرضِ من أجلِها، بأنَّهُ سيخلقُ مئةَ قصةٍ، ومئةَ صدفةٍ للقائِها. قيل بأنَّه سيحيكُ الكلماتَ والمواقفَ، وسيُخضعَ العالمَ أسفلَ قدميها، بأنَّه سيت...
الْفَصْلُ الأوَل|محَادثة مسائية
Start from the beginning