الفصل الثامن عشر

295 12 12
                                    


استلقت درة في سريرها ناظرة الى سقف غرفتها و رأسها فوق ذراعيها المتشابكتين بملامح باهتة و نظرات فارغة

تری صورا مرتسمة من الماضي منذ بداية اقتحام قاسم لحياتها أو ربما اقتحامها هي لحياته

"الى أين نحن ذاهبتان يا أمي؟"

همست بهذا السؤال بصوت خفيض في اذن زوجة والدها الأولى و هي تستقل معها سيارة أجرة ذات العشرة ركاب, الا أن نظرة زوجة والدها لها كانت غريبة و غامضة فلم ترد عليها و أدارت وجهها للجهة الأخرى

فزاد القلق بنفسها وهي تنظر من نافذة السيارة المفتوحة فتطير خصلات شعرها المنفلتة من ذيل حصانها الناعم . فتبتسم برقة للنسيم الذي يداعب وجهها

لا تزال تتذكر قبضة زوجة والدها و هي تمسك بكفها و كأنها طفلة صغيرة تخشى أن تضيع منها على الرغم من أنها في ذاك اليوم كانت في السابعة عشر من عمرها حتى وقفتا أمام باب بيت الحاج رحيم

و كانت تعرف البيت الكبير فهو أحد كبار بلدتهم الصغيرة و كانوا يأتون لساحة بيته في الأعياد كي يلعبون صغارا لكنها في هذا اليوم تشعر بالقلق لسبب غامض و كلا منهما ترتدي السواد فعادت لتسأل بخفوت بعد أن ضغطت زوجة والدها جرس الباب و انتظرت من يفتح لها

"ماذا نفعل في بيت الحاج رحيم يا أمي؟ "

مجددا نفس النظرة الغير مقروءة في عيني زوجة أبيها لكنها لم تجد الفرصة حيث فتحت الخادمة البيت فشدت على قبضتها وقالت مبتسمة

"الحاج رحيم ينتظرنا"

أشارت لها الخادمة كي يدخلا الى بهو البيت و منه الى غرفة استقبال الضيوف فجلست زوجة أبيها و هي تقول بهدوء لطيف

"تعالي و اجلسي بجواري يا درة"

جلست درة بجوارها بملامح شديدة القلق و همست بصوت شديد الخفوت

"أخبريني فقط ماذا نفعل هنا منذ بداية الصباح؟"

استدارت إليها زوجة أبيها في مقعدها و نظرت الى وجهها طويلا قبل أن ترفع كفها لتحيط به وجنة درة ثم ابتسمت قائلة بهدوء

"تعرفين يا درة أنني ربيتك كواحدة من بناتي بعد موت والدتك و لم أفرق بينك و بين أي منهن مطلقا؟! فعلى الرغم من زواج أبيك و كسره لقلبي الا أنني لم أحملك الذنب مطلقا و تقبلتك بين أطفالي ما أن أحضرك بعد وفاة والدتك"

أومأت درة ببطء والخوف يداهم أمعائها بعنف ف تنهدت زوجة أبيها ثم تركت وجنتها لتنظر أرضا متابعة بصوت حازم

"اذن لعل هذا يشفع لي عندك"

فغرت درة شفتيها و هي تقول بوجه ممتقع

"يشفع لأي شيء؟"

لم تجد زوجة أبيها الفرصة كي تجيب فقد دخل الحاج رحيم مرحبا ببشاشة فالتفتت كلا منهما اليه وهو يدخل برفقة ابنه  قاسم

رواية (ما حاك في القلب خاطر)  للكاتبة: تميمة نبيل~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن