الفصل الثامن

167 7 8
                                    


"أنت تحيرني"

قرأ عبارتها المكونة من كلمتين في ظلام غرفته ليلا فابتسم كاتباً لها

"الآن أنت من تحيرني فأنا لم أظنك من النوع الذي يحتار مطلقاً ظننتك على خبرة بقراءة نفوس البشر دائماً"

انتظر ردها بفضول حتى وصله كتابة

•وجه ضاحك•
"الأ حمق فقط هو من يدعي معرفته بكل شيء و اكتفاءه.. تعلم ألا تكون قناعة عن البشر مطلقاً, لأنهم دائما ما سينجحون في مفاجئتك بطرق لم تكن لتتصورها"

ابتسم مجددا وهو يسند جانب جبهته بأصابعه ناظرا للشاشة . ثم مد يده الأخرى كاتباً

"حسنا يا سيدتي أخبريني لماذا أحيرك؟"

ردت عليه برسالة

"لماذا تذهب لدار المسنين؟! ماذا تجني من ذهابك الى هناك؟!"

رد عليها يكتب

"هل يجب أن أجني شيئا من ذهابي الى هناك؟"

وصله الرد بأسرع مما يتخيل

"الأحمق أيضا هو من يقدم على أي تصرف بلا هدف, و دون أن يجني شيئاً"

عض على جانب شفته مفكراً في الرد الذي سيرده عليها ثم. كتب بتردد

"ألا يمكنك الاقتناع بأنني مجرد إنسان خير يهوى جبر الخواطر؟ "

يرى كلمة " تطبع " المميزة من الجانب المقابل حتى وصله الرد أخيراً

"كم يلزمك من الوقت كي تقتنع أنت أنه بإمكانك التخلي عن قناعك أمامي.. جرد نفسك من كل قناع مزيف تضعه و كن على حريتك أمام انسانة غريبة, لن تراها و لن تراك في حياتك كلها... اعتبرها المرآة التي ترى فيها نفسك بصدق، لا تلك الشخصية المزيفة التي تحاول رسمها دائماً"

عقد حاجبيه قليلا وهو يقرأ تلك الأسطر الغريبة بداخله أحس بشيء موجع في تخيل أنه بالفعل لن يراها مطلقا !. ثم سألها كاتباً وهو يشعر بالحنق المعتاد منها ومن أسلوبها في التلميح الغير مباشر دائما

"أ لم تقولي سابقا أن الأحمق فقط هو من يكون قناعة محددة في البشر؟! لماذا أنت متأكدة إذن أنني أضع قناعا زائفا؟! أنا أحكي لك كل تفاصيل حياتي دون إغفال أي منها لكن بما أنك لا تصدقين أي مما أحكيه فلا داعي لكلامنا اذن"

رفع قبضته المضمومة يعض على عقلة سبابته منتظراً بتوتر حتى وصله الرد أخيرا بارداً كالجليد القاسي

"لو كنت تريد هذا فلا بأس عندي يمكننا الافتراق"

أنزل خاطر قبضته ببطء شاعراً بخسارة غريبة, لم يستوعبها قبلاً! كيف لن يكون باستطاعته الكلام معها يومياً؟

هذا الإحساس في حد ذاته أنبأه بمدى الخلل في حياته! أن تكون تلك العلاقة الافتراضية هي الشيء الوحيد الذي يجعل لحياته معنى حالياً! أن يتعلق بها و بالكلام معها إلى هذه الدرجة في مثل عمره.. شخص آخر كان ليغلق الشاشة و ينهي تلك العلاقة أياً كان مسماها للأبد... لكن بداخله شعر بفراغ موجع.. ظل الصمت بينهما طويلاً على جانبي الشاشة منتظراً منها التراجع و هي تنتظر منه تأكيد القرار كي ترحل في فضاء هذا العالم الافتراضي الواسع.. وحين أحس بمرور الدقائق و أنها قد تغلق و تحذفه فتضيع للأبد ولن يكون لها وجوداً مطلقاً.. حينها فقط شعر خاطر برعب غريب فكتب بسرعة بل بمنتهى السرعة و أصابعه تتسارع مع أزرار الحاسوب

رواية (ما حاك في القلب خاطر)  للكاتبة: تميمة نبيل~Where stories live. Discover now