الفصل السادس

437 12 9
                                    

"سيادتك إنها المرة الثالثة التي أتصل بك اليوم.. و تخبريني أنك لست متواجدة؟!  فلماذا حددت الموعد من الأساس؟! لست  أنت الطلب الوحيد لدي اليوم"

نطق خاطر بهذا السؤال عبر الهاتف بنبرة مشتدة و قد بدأ يفقد صبره و بدأت السيطرة تهدد بالانفلات جراء ما يلقاه يوميا من التعامل مع جميع أنواع البشر الأسوأ منهم أكثر و الأحقر متواجد بنسبة ليست هينة

و ها هي بعض من تلك النوعية متمثلة في صوت أنثوي مترفع غاضب و حاد كالإبرة يهتف في أذنه بقلة ذوق متناهية

"أخبرتك أنني لست في البيت! فهل تريد أن تأتي في غيابي؟! لا أعلم كيف تفهم أنت؟! ثم أنني أحذرك, راقب نبرة صوتك و أنت تتحدث معي"

برقت عينا خاطر و أصابعه تشتد على هاتف العمل المحمول بين أصابعه و أوشك على أن يهتف بشتيمة عبر الموجات بينهما مغلقا الخط كما فعل من شهرين وقد فقد عمله بالفعل لهذا السبب لبضعة ساعات, لكن بعد أن حسبها في عقله و لاحظ خطورة الموقف اعتذر و بصعوبة عاد للعمل مع القسم على ألا يعيدها مجددا

منذ ذاك اليوم أدرك أن الكرامة ما هي إلا مسمى مضحك يستخدمه الإنسان حين لا يكون على المحك لكن حين يسلط السيف على العنق فلا مانع أن يتم حفظ الكرامة تحت الوسادة لليوم التالي

و لكن حين يقرر انتزاع كرامته مؤقتاً, فهي تترك مكانها جرحاً متقيحاً يهدد أن ينتشر بداخله مع مرور الأيام و قد يحدث ما لا يحمد عقباه ذات يوم

ابتلع خاطر الطعم الصدئ في حلقه بينما بدت عيناه الخضراوان سوداوان فجأة و هو يقول بصوت قاتم خفيض

"متى ستتواجدين؟ لأن لدي شحنات أخرى أقوم بإيصالها

سمع صوتها المزعج يتكلم بأرفع نبرة على السلم الموسيقي . تلك القادرة على ثقب طبلة الأذن

" ما تلك الطريقة في الكلام؟! لا أعلم كيف لشركة شحن من المفترض أن تكون محترمة أن توظف عاملين لا يعرفون أبسط أصول التعامل مع العملاء"

أغمض عينيه للحظات وهو يحرك عضلة في حلقه مذكراً نفسه بالدروس الخصوصية التي هي أهم من طعامهم حاليا لو فقد الوظيفة و يظل هذا العمل أفضل من غيره

لذا فتح فمه المتيبس ونطق ببطء

"متى ستتواجدين سيادتك؟"

سمع صوت تأففها واضحا في الهاتف قبل أن تجيبه ببرود

"خلال ساعة.. هل هذا يناسب سيادتك؟"

ظل صامتا لبضعة لحظات وهو يراقب الطريق بأناسه المارين أمامه قبل أن يرد بصوت حيادي باهت

"جيد بعد ساعة سأكون أمام الباب"

سمع صوت ضحكة مستهجنة ساخرة وصلته عبر الهاتف الا أنه أغلق الخط قبل أن يسمع المزيد ثم دس الهاتف في جيبه و معه أبقى كفه هناك وهو ينظر الى الطريق بشرود صامت

رواية (ما حاك في القلب خاطر)  للكاتبة: تميمة نبيل~Tempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang