الفصل التاسع

152 8 8
                                    


تحركت في غرفتها الصغيرة الكئيبة و هي تزفر بعمق ناظرة الى الأثاث القديم المتهالك نظرة اشمئزاز و كأنها لم تعد تطيق أن يحط جسدها الجميل على هذه القمامة أكثر

كفى ستة و عشرون عاما و هي تقطن نفس الخراب و نفس الحي العفن .. مع نفس الأناس الهمج مهلهلي الثياب بينما هي درست و نجحت وتفوقت وأصبحت أستاذة بالجامعة بخلاف جمال الخلقة و الجسد مما يجعل الكثيرات من بنات . القصور يتمنين ما لديها من مقومات لا يستطيع المال شراءها

هي تستحق حياة أفضل, و على الرغم من صحة هذا الا أنها لم تتذمر مطلقا بل ظلت دائما تضع الهدف أمام عينيها و تسعى كي يتحقق و تخرج من هذا المكان بغير رجعة

لم تكن مادية مطلقا لكن حين يصل الأمر الى حقها بعد الصبر الذي أجادته فستكون حمقاء إن تركت حقها يضيع لغيرها هكذا  بمنتهى البساطة

يجب أن يكون لها وقفة و هذا هو ما فعلته, مجرد وقفة كي تحفظ حقها

وليس لأحد مطلقا حق في اتهامها أو حتى مجرد إبداء أي عتاب

لكن عليها الآن أن تكون أكثر حرصا كي تعالج الصدمة التي شعر بها ما أن عرف عليها أن تجتذبه الى صفها مجددا كما كان دائما منذ أن أبصرت نور هذه الحياة

ارتمت على السرير المتهالك فأصر صريرا جعل غضبها يزداد أكثر فأمسكت بخصلة من شعرها ناظرة الى السقف بشرود  و هي ترى عينيه مرتسمتين على الدهان المتقشر

تلك الصدمة وعدم التصديق بهما, لما تراهما في هاتين العينين من قبل كان دائما العشق هو انعكاس صورتها في مقلتيه لا تعلم منذ متى،
منذ أن تعلمت حروف اسمها و تعلمت معها أن ساهر لنسيبة و نسيبة لساهر

على تلك العبارة نشأت وتربت والصدفة تدخلت و لم تجعل الأمر صعبا لأنه مع كل عام يمر بينهما كان العشق المتولد بينهما يزداد أكثر وكان عشقه أكبر من عشقها

كانت ترى نفسها آخر نساء العالم في عينيه و هي كانت تعشقه كذلك, لكنها كانت أكثر منه واقعية

أو ربما المعنى الصحيح أنها كانت أكثر منه قسوة حين تتطلب الحياة بعضا منها

كان عليها التفكير بروية لكن التوتر يشوش عقلها و يمنعها من التفكير بوضوح

النظرة في عينيه أخافتها لكنها سرعان ما تلقي الخوف بعيدا لن يغير شيء من عشق ساهر لها, مستحيل

رفعت هاتفها الحديث و الذي اشتراه لها و الذي لا يتناسب مطلقا مع شكل الغرفة و البيت الذي تقطن به بل لا يتناسب الهاتف مع الحي بأكمله

و على الرغم من ذلك أصر على شراءه لها كهدية أهداها لها حين عاد في إجازته السنوية العام الماضي

نظرت الى الشاشة و حين أبصرت اسمها أرسلت لها رسالة وهي تعلم أنها العقل الذي تحتاج اليه بشدة كي يفكر بالنيابةعنها في مثل حالة التشوش تلك

رواية (ما حاك في القلب خاطر)  للكاتبة: تميمة نبيل~Where stories live. Discover now