سرقات متحف باردو - سادة التلاعب

المجرم الحقيقي

كان القصر قد خفت منه حركة رجال البوليس و قد عاد هدوئه المعهود ، لكن لم يعد كل شيئ كما كان بعد تلك الليلة. أدا المسكينة كانت منهارة لا تكاد تكف عن البكاء ، كانت تبكي زوجها و أباها ، جرح موت زوجها لم يندمل بعد لينبش من جديد بعد موت والدها. إزدادت حالتها سوءا و لم ترغب المحققة بأن تزيد الطين بلة و تخبرها بأن والدها من كان وراء مقتل زوجها. حتى الإبنة الصغرى سكيل ، كانت مصعوقة و لازمت المنزل طويلا بعد تلك الحادثة. و بعد حادثة إنتحار الكونت بثلاثة أيام شيعت جنازة مشتركة لدانييل و الكونت و البارون ثيوني في كنيسة المدينة. و لم يحضر الجنازة الكثير من السكان لأنهم عرفوا بأن هؤلاء النبلاء بالإضافة الى الجنرال المتقاعد بيرن الذي يقبع في الحبس الإحتياطي كانوا على رأس أكبر شبكة للمخدرات في المدينة ، فقدوا هيبتهم و لم تكن الجنازة مهيبة كما كانوا سيتصورونها لو كانوا على قيد الحياة. بدت المدينة أشد غضبا من أي وقت مضى ضد النبلاء و كان هناك الكثير من أرضاهم هذا الغضب من أمثال مهدي فتكورين. و الوحيد في العائلة التي لم يحضر الجنازة هو مايز ، فبعد حادثة انتحار الكونت سلم مايلز نفسه معترفا بأنه اللص الذي أرعب جيريفيل طوال هذا هذه المدة ، لقد شعر الجميع بالصدمة لم يفهموا سببه الذي لم يكن منطقيا و مازالت دوافعه الحقيقية مجهولة عند البعض ، فقد رجح علماء النفس و أخصائي علوم الاجتماع الذين حللوا حالته في البرامج التلفزيونية إلى أن السبب في حالته هي أن الفنان عندما يصل لمرحلة ما من عمله الابداعي لن تكفيه الرسومات في إخراج ابداعه إلى الواقع ، بل سينحرف بعقله إلى العالم الخارجي و يجسد فيه ما لم يستطع أن يجسده في خياله ، فحسبهم كانت السرقة و جرائم القتل هي متنفسه نظرا لأنه لم يتمكن من راسم أي شيئ جديد منذ مدة. لم تكن المحققة مقتنعة تماما من إدانته و لم تفهم السبب الحقيقي من وراء اعترافه بجرائم لم يثبت أنه إرتكبها سوى من كلامه الذي يعزز ما يقول. لقد نصحته و قالت له بأن الطموح المفرط دائما ما يؤدي إلى الهاوية و لكن على من تتلو زابورك يا داوود ، لم يمتثل إلى توجيهاتها بل إكتفى بذكر أن اللوحات قد دمرت من طرفه بمجرد سرقتها ... نعم إن الامر جنوني و غير قابل للتصديق لا يحدث في الواقع بل في القصص البوليسية فقط. وهكذا أغلقت جيريفيل هذه القضية التي عصفت بها نهائيا و سحبت الملف إلى الأدراج. طلبت أدا من الكنيسة أن لا تتم عملية الدفن كما هو متعارف عليه بل فضلت حرق الجثث و الإبقاء على الرماد كتذكار خشية نبش القبور و إنتهاك حرمتهم من طرف الأهالي الغاضبين ، و قد عملت مريم بودي على إرسال برقية إلى رئيس المحكمة العليا لمدينة جيريفيل كي يقوم بغلق جميع الجمعيات الخيرية التي كانوا يترأسونها نهائيا و التي كانوا يمررون من خلالها أعمالهم المشبوهة ، و الأن أصبح كل ركن و كل حي في المقاطعة على علم بفضيحة النبلاء ، و قد عمدت السلطات المحلية و الوطنية على تجريدهم من جميع الأوسمة التي قدمت لهم من طرف الجهات الحكومية و الوزارية. كانت المحققة بجانب التوابيت مرتدية ثياب الحداد برفقة أدا تواسيها كل ما سنحت لها الفرصة بذلك ، بينما كانت الأخيرة رزينة في حدادها تماما كما في عقلها. أتى مارشملو ليقدم تعازيه و طلب بحديث جانبي مع المحققة. رمقته الأخيرة بنظرات إستنكار ، قالت بنفاذ صبر و بحاجبين مقطبين :