جميعنا نرتدي اقنعة

1 0 0
                                    


كانت الساعة تناهز الثانية عشر بعد الظهر عندما استقلت مريم بودي القطار السريع المؤدي الى قصر الكونت ، الرحلة لم تكن طويلة فقد كان القطار الذي يشبه الثعبان في تصميمه سريعا كسرعة البرق في السماء . كان مارشملو و خديجة مشدوهين من الرسالة أما هي فكان الشعور العالي بالمسؤولية الذي اغتمرها عند قرائتها لتلك الكلمات ضخما جدا ، فقد كان حبها للقضايا المتعلقة بالأمن القومي كالحب الاول الذي لا يشبع منه ، اتفقت المجموعة بإكمال الاعمال العالقة نيابة عنها في البلدة ، ريثما تنظر في الشان التي دعيت مستعجلة بسببه . كان ذيل قطار السكة الحديدية يغطي مساحات واسعة من تلال و مروج جيريفيل بينما يتناغم مع الاعشاب من حوله ليغلب اللون البني على الخطان المتوازيان اللذان يسيرعليهما الحصان الحديدي ، لتتوهم ان الاخير يمشي فوق مراعي خضراء ، بل يخيل لك عند النظر له من اعلى كانك تلج الى متاهة اليس في بلاد العجائب . اما الطرق الجبلية فراحت تكتسح الربى يمينا و شمالا بطريقة متشعبة و عظيمة تجعلك توحد الله في جميل صنعه ، حتى التدخل الانساني الظاهر للعيان في الابداع لم يزدها جمالا بل عقدها اكثر ، كان هناك افتقار الى التنظيم و بدورهم البشر يميلون إلى تعقيد الحياة أكثر ... الرياح العاتية التي هبت جعلت الشجر تتمايل في كل اتجاه كانها ترقص على السيمفونية السادسة لبيتهوفن تلك التي اهداها للطبيعة ، جعلت عيناها حبيسة لرقصة الطبيعة حتى اغمضت عيناها تدريجيا تكاد تغفو من النعاس...

- مكان مناسب لكتابة رواية بوليسية

أعادها إلى الواقع صوت عجوز طاعنة في السن تجلس بجوارها لم تفطن حتى متى طارحت كنبة القاطرة أمامها ، ردت بعد ان أعادت فتح عيناها المغمضتين و ارتخت ملامحها أكثر :

- نعم ، قد تكون رواية بوليسية رومانسية ، ستكون رواية ناجحة عن قصة حب مأساوية ذات احداث دامية حول شخص ضحى من اجل حبيبته او شيئ من هذا القبيل ، فهذا المكان له جو درامي أكثر.

- اوه بالطبع ، هو كذلك فعلى بعد محطتين فقط يوجد اكبر المتاحف في البلاد ربما قد تكونين سمعت عنه من قبل "متحف باردو" .

أومأت برقة لترد بتواضع :

- بالطبع ، فهذه وجهتي القادمة على ما اعتقد...آثرت مريم بودي أن تجاريها الحديث كي تستخلص منها بعض المعلومات حول المكان :

- هل تكتبين في هذا النوع ?

تكلمت العجوز و هي تخرج من حقيبتها الواسعة البالية التي قاربت على فقدان لونها البني من كثرت الإستعمال خيوط بنفسجية اللون و إبرتان ، كانت بصدد بدء الحياكة :

- كنت فيما مضى أما الآن فانا مجرد قارئة .

تأملتها مريم بودي بينما تمارس الحياكة بخفة و هدوء ، كانت ذات وجه بشوش و لكن توحي بالحزم في وقت الجد، جبهتها العريضة اخذت مساحة من وجهها ، غير أن انفها الدقيق غطى قليلا على تلك المنطقة ، كانت تتكلم و كأن كل الوقت في العالم أمامها. إبتسمت المحققة و قالت ناظرة لها مطولا :

سرقات متحف باردو - سادة التلاعبWhere stories live. Discover now