لاينبغي ان تخدعنا المظاهر

1 0 0
                                    


قاومت مريم بودي بشراسة عدم النظر بذهول للقصر الذي يشبه قصور افلام ديزني الشهيرة ، لكنها لم تفلح و راحت تحدق فيه كالسائح الذي يزور معلم ما لاول مرة و اكتفت بعدم الكلام . كان القصر يشبه في تصميمه قلاع ملوك فرنسا الخيالية ، و بما ان الكونت من طبقة النبلاء فهذا يفسر تصميم قصره الذي يتماثل بقصور الطبقة الارستقراطية . يتميز بقبة زرقاء تعلوه كقبعة رجل الثلج ، و تحلى بلمحة من اللون الاجوري الرمادي الذي كان سائدا فيما مضى و لم يعد له وجود في وقتنا هذا. هذا ان دل على شيئ فهو يدل بالتؤكيد على ان التصميم قديم قدم الازمنة المتعاقبة . النوافذ الكبيرة التي تشبه بوابة لعالم اخر ارتخت في مساحة كبيرة لتبدو كلوحة ليلة النجوم لفانسنت فان غوخ ، بينما راحت الادارج العتيقة المؤدية الى باب القصر بالتفرع الى قسمين متقابلين من الجهة اليمنى و اليسرى بهدف الوصول الى باب واحد ، مثل العجينة التي نستطيع ان نخرج منها العديد من الاشكال لكن يبقى اصلها واحد . لم تفهم ابدا مفتشتنا لماذا يتميز البنيان بكل ذاك التصعيب و التضييق ، ربما لان الانسان كائن تتجذر فيه متلازمة التعقيد الذي يظن بانها احسن طريقة لاضافة الاناقة و افضل الحلول بينما حقيقة الامر ان البساطة هي احسن طريق ممكن ان يسلكه. من جهة مقابلة ، غدت الارض تفرش بساطها المعشب من كل جهة . تستطيع ان ترى حقدائق عظيمة من وراء القصر و هناك صور حديدي مزكرش بنقوشات الورود ، سائر دائر حوله و بعض الكاميرات المعلقة الغير مرتبة في فروع الاشجار المقابلة للقصر مثل الخفافيش التي تختبا في الظلام و تنتظر الوقت المناسب لتهجم على فريستها لكن من سوء حظها انك تستطيع ان تلمح بريق عينيها من بعيد ... لاحظ السائق تفحص عيناها للقصر و لم تنتبه له الا عندما قدم من جهتها ليفتح لها الباب ، ساروا نحو الباب معا الكتف بجانب الكتف غير انهما افترقا ليتخذ كل منهما الدرج المقابل للآخر . شعر غالدي بالقليل من الدهشة لتصرفها لكنه اكمل طريقه بسلام ليجدها قد وصلت قبله . عبس و راح ليستفسر عن وصولها للدرج بهذه السرعة لكن كانت مريم بودي قد دقت الباب قبله لتفتح خادمة شابة الباب و ثيابها تشع نظافة . انصرف عن سؤاله الاول و استفسر عن مكان الكونت لتجيبه الخادمة بصوت فتي :

- انه في مكتبته كالعادة .

سمع وقع خطى الخادمة و هي تمشي بعيدا ، تردد صوت ايقاع الكعب في ارجاء القصر نتيجة للارضية الرخامية ، ساروا في الممر المؤدي الى المكتبة في صمت لكن المحققة لم تنسى ان تطوق بعينيها المكان فقد كان القصر جميلا اكثر من الداخل . كان يكسو الديكور الداخلي لون البن و كذلك الادراج المؤدية الى الطوابق ذات الاضاءة القوية ، و بعض الاثاث الانيق من الطراز القديم ، و بعض الثماثيل الخشبية المجسمة ، جمة العدد و مختلفة الهيئات منها لامراة غلباء في عنفوان شبابها فيها وصائف حسان ، كالبدر وجهها بينما جفونها كالسيوف ، لم تشبه تلك النساء ساكنات القصور. لم يختلف اهل الحكمة عندما شبهوا المراة الفاتنة بالنار لانها تشعل لهيبا في قلبك لا يمكن اطفائه الا بالاستحواذ عليها ، و إن لم تتمكن منها ستعيش حياتك كلها على ذكراها . كان القصر يعج بمظاهر الثراء الفاحش و القطع الثمينة. مشوا طويلا حتى نست من اين جائت ، وصلوا الى اخر الرواق اين يوجد باب خشبي فخم تجمله نقوش جميلة. قرع غالدي ثيرون عدة طرقات على الباب ليسمع صوت خشن من وراء الباب يسمح لهم بالدخول .

سرقات متحف باردو - سادة التلاعبWhere stories live. Discover now