سادة التلاعب

1 0 0
                                    

شهد القصر بعد تلك الليلة سلسلة من الجدالات و المشادات الكلامية التي لم تكن تنتهي بين الزوجين ، فقد كان ارتفاع اصواتهم هو السمة البارزة في تلك الايام العصيبة التي عصفت بهم. كل من في القصر استطاع سماع صراخهم و مجادلاتهم حتى العصافير التي كانت تحط في الارجاء ، فضلا عن انهم لم يعودا يتقاسمان نفس الفراش و الغرفة. في الصباح الباكر تفاجأت مريم بودي و ارتفع حاجباها في عجب عندما سمعت عدة طرقات على الباب ، لم يكن ذلك الشخص سوى دانييل الذي قرر التكلم حول حقيقة ماحدث و عن الإستدانة التي كانت السبب الرئيسي في ذب الخلافات بينه و بين زوجته و تؤزم وضعهم. كان يتألم من أجلها لم يكن يريد خسارة او تحطيم زواجه ، لهذا أتى كي يصلح ما يمكن إصلاحه. استمعت له المحققة بانتباه و بدون ان تقاطعه ، لم يكن لها ادنى شك في انه يقول الحقيقة و ها هي الان واقفة امام سبب كل هذه المشاكل ، مهدي فيتكورين راس الافعى. قال مُرحِبا بها بابتسامة و هو يتأملها باحترام :

- ما هذه الزيارة المفاجئة ايتها المحققة انه شرف لي ان القاك في مكتبي.

بينما استقبلته هي مقطبة الجبين :

- ليتني استطيع ان اقول نفس الشبئ عنك او اشاركك نفس الشعور.

ألقت البصر حولها فشد انتباهها جريدة محلية مفتوحة على الصفحة الثانية ، موضوعة على الطاولة بينما كان المكتب منزه عن التقليد او الاستنساخ ، إلا أنه يشبه الشقة الصغيرة المكتضة بالاثاث و وسائل الترفيه ، كالتلفاز و رقعة صغيرة للشطرنج ، و طاولة للبلياردو و بار صغير موجود في الزاوية ، أما الإمتلاك الفني المميز هو لوحة معركة الجزائر التي كانت ممتدة على طول الجدار الخلفي. كان كل شيئ فاخر فمعروف عن الاثرياء تذوفهم للفن و الاشياء الثمينة ، كانوا لا يجدون مناسبة إلا للافتخار ببذخهم و ثروتهم الوافرة. أعادت الأنظار اليه فوجدته رجل حسن الهيئة أما المقاعد التي كانت خلفها فمن أجود أنواع القماش .

إختفت إبتسامته ليحل محلها الدهشة ، قطب جبهته و ظهرت بعض الخطوط البغيضة على انفه المعوج :

- ما سبب هذه العدوانية المفاجئة ?

- تحطيم حياة الناس و جعلهم مقامرين و الحرص على إغراقهم في الديون فقط لتتحكم فيهم و تهددهم تصرف جبان ، هذا لا يجعل منك سوى نذل حقير.

رمقها بعينيه القاسيتان و بنظرات غاضبة :

- إنتبهي الى ألفاضك انا سيد محترم و لا اسمح لاحد مخاطبتي بهذا الاسلوب.

أطلقت ضحكة كبيرة لتقول بعدها بصوت ضاحك :

- المعذرة ، لدي اراء قوية لا أستطيع الإحتفاظ بها لنفسي ، ماذا كنت تقول ? شخص محترم ? انت ? الا تخجل من نفسك ?

- حسنا ، ماذا تريدين ? اخبريني بغرض زيارتك بلا لف او دوران هل جئتي لتدافعي على احد المقامرين ? لانني لن استمع لك.

سرقات متحف باردو - سادة التلاعبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن