السيدة جونز

1 0 0
                                    

كانت تصرفت غالدي غريبة بشكل ملحوظ عندما طلبت منه إيصالها لمنزل السيدة جونز و لم تستطع غض النظر عنها. فأول شيئ قامت به لحظة ترجلها من السيارة هو تعمدها إسقاط قبعتها ليهب كرجل محترم و مؤدب و يلتقطها بيديه ، " وقع الفأر في المصيدة " قالت في نفسها ، ابتسمت له بامتنان و سارت تحت سماء الجو الرطب بخطوات مسموعة فوق خشب السلالم البلوطي المؤدي للباب ، صوت حفيف الأشجار الخريفية قد تخلل مسامعها بينما ساهمت الرياح على قذف القليل من التراب على الدرج. كان المنزل بعيدا عن العمران و يجاور بأميال نادي الفروسية لجيريفيل. و في تمام الخامسة تماما أصبحت مريم بودي تدق باب السيدة جونز التي قابلتها بوجه مشرق نظرت اليها متفحصة و كانت اولى انطباعتها عنها انها سيدة رزينة شديدة التواضع متسمة بالنبل و من تلك النساء اللاتي نشان بتربية جيدة ، فتحت لها بعد ان تعرفت عليها ، دعتها للدخول في أدب ناحية غرفة الضيوف المترفة و قالت بمجرد ان استقرت فوق الكنبة الجلدية المشدودة بشكل جيد :

- آمل ألا يضايقك قدومي.

كانت السيدة جونز تهم بإعداد القهوة و قد ظنت المحققة بانها لم تسمعها لهذا اكتفت بالصمت ريثما تعود و اخذت وقتها في فحص الغرفة الفسيحة بدقة. كان المنزل مريح يشيع الدفئ و السرور و يبعث الطمأنينة في النفس ، أما رائحة الورود المقطوفة و الموضوعة فوق المزهرية الكريستالية تشعرك بالانتعاش ، كان من نوع البيوت التي يحلم بها الفرد في منامه إنخفضت عيناها نحو المجلات التي تُعنى بالفلاحة و البستنة ، موضوعة واحدة على الاخرى بعناية ، تفقدت واحدة منهم بلا إهتمام و قرأت أول جملة وقعت عيناها عليها و كانت تناقش أصل و مفهوم البستان الذي يعود أصله إلى اللغة البهلوية و تعني موضع الرائحة الطيبة. لم يكن في إستطاعة مريم بودي سوى أن تتفق على هذه الكلمات ، فقد كانت الحديقة الكبيرة و الأنيقة المحاطة بالمنزل تأكد هذا الشيئ ، حيث وجدت أزهار الطماطم الصفراء الجو المناسب لاطلاق عبقها الذي يدغدغ الانف و لم تكن هناك زهرة واحد ذابلة ، و العشب الاخضر الطري قد جز حديثا ، أما اليرقات الهشة التي اتخذت لها بيتا آمنا على اوراق البعض منها أظهر أن السيدة شغوفة فعلا بالبستنة و تجيد الإعتناء بحديقتها ، بعد برهة عادت و في يدها صينية القهوة و بعض من الكعك منزلي الصنع ، ابتدرتها قائلة و هي تمشي الى الداخل مخرجتا صوتا يدل على السخرية :

- هل ذكرت بأن وجودك قد يزعجني ?

هزت المحققة رأسها كعلامة على الإيجاب لتبتسم السيدة إبتسامة تشريع قبل أن تحس و كأن سهما أو أداة حادة اخترقت صدرها :

- مطلقا ، لم يعد أحد يزورني حتى أولادي كنت وحيدة والداي و لم اظن بتاتا بأن الأيام الباقية من حياتي سأقضيها وحيدة مجددا ... أردفت بعد تردد قصير ... تصوري صادفت ابني في المدينة منذ اسبوع و لم يزورني قط تعجبت للامر.

سرقات متحف باردو - سادة التلاعبWhere stories live. Discover now