33

4 3 0
                                    

ارتبك (آزريل) بِشِدَّةٍ عند سماعه طلب أخيه بالقبض عليه، خاصةً وأنه كان ينتظر أمرًا مختلفًا تمامًا فصاح بارتباك:
- ماذا تعني، يلقون القبض علىَّ أنا، ابنك هو الخائن يا (عدنان) ولست أنا.
صاح الملك بغضب:
- اسمي الملك (عدنان) يا (آزريل)، ويبدو أنني بالفعل كنت أتسامح معك كثيرًا حتى سمحت لنفسك بأن تدبر المكائد وتتعاون مع أعدائِنا على حينِ غفلَةٍ منَّا.
- أنا، هل أنا من قمت بالتعاون مع (يورقان) لأحرِّر الوزير الخائن؟
كانت القاعة تضج بالعبارات المتسائلة والمستنكرة حتى نهض (حمزة) وقال لوالده:
- هل تسمح لي جلالتك أن أوضح للجميع ما يحدث؟
أشار له والده أن يفعل فأشار هو إلى (كاينيل) الذي غادر القاعة وعاد مع حارسين أحدهما يحمل شاشة تليفزيونية والآخر يحمل صندوقًا معدنيًا ضخمًا يبدو أنَّهُ مصدر الطاقة الذي كان يعمل عليه، وبدأ يعمل على توصيلهما بينما بدأ (حمزة) كلامه قائلًا: لقد أخبرني السيد (مروان) بما طلبته منه بأن يقوم بالتَّجَسُّس عليَّ لصالحك، فطلبت منه القيام بخطوة عكسية ليتضح للجميع ما قُمتَ به من خيانة لعشيرتك.
أشار إليه (كاينيل) باستعداده فتابع:
- الآن وقبل أن تتسَرَّعوا في الحكم عليَّ شاهدو هذا المقطع المصوَّر بواسطة تكنولوجيا البشر، وبعدها قرِّرُوا.
بدأ (كاينيل) عرض المقطع المصوَّر والذي يُظهِر (آزريل) وهو يقول:
- أنا وعدتك أنكم ستخرجون بسلام، وأنا أوفِ بعهودي دائمًا، لا تجبرني على أخذه منك قسرًا.
ظهرت يد (مروان) على الشاشة وهو يضع الهاتف على المنضدة ويقول:
- وعلى إيه قسرًا؟ اعتبره بتاعك، بس مش هتعرف تفتحه وتشغَّلُه من غير ما أقولك على الباس وورد.
- حسنًا، ماذا تريد؟
- قلت لك أكتر من مرة عاوز أرجع العالم بتاعي أنا وزمايلي زي ما وعدتني.
- وقلت لك مرارًا وتكرارًا أني سأعيدك وزملائك.
- دلوقتي، دلوقتي يا سيد (آزريل)، أول ما ييجي (زياد) رجَّعنا دلوقتي، قبل ما تقلب الدنيا على (حمزة) وميرضاش يرجعنا، البوابة عمرها ما هتتفتح من غيره.
- من قال لك هذا، أنا أستطيع أن أفتح البوابة في الوقت الذي أريد.
- إزاي يعني، الكل عارف إن البوابة مبتتفتحش من غيرهم.
- ولكنني قمت بفتحها بالأمس.
- إزَّاي بردو؟
- أنا لي طرقي الخاصة، ولن يستطيع هذا الميثاق السخيف أن يمنعني من استخدام هذه البوابة، لقد كان هناك غرضًا هامًا يخصني في عالمكم، فحصلت على عينة من دماء صديقك وعينة من دماء (حمزة) وأرسلت أحد أتباعي للحصول عليه والمرور به بالأمس، كل هذا و(حمزة) منشغل بتدبير أمر الاختطاف المزعوم لصديقك.
- حتى لو جبت دمهم همَّ الاتنين، إزاي هتفتحها قبل ما يعدي الأسبوع، (حمزة) و(زياد) نفسهم ميقدروش يعملوا كده!
- هذا أسهل ما في الأمر يا سيد (مروان)، فتعويذة الإغلاق التي أطلقها (جمال) على البوابة لن تستعصي على رجل في علمي ونفوذي، لقد استطعت تجاوزها ببساطة.
- وأنا أتأكد إزاي من الكلام ده؟
انتهى المقطع المصور وظهرت علامات الغضب على وجه (آزريل) وهو يحدِّق (مروان) بنظراتٍ شيطانيةٍ، وعلت الهمهمات مرة أخرى وسط القاعة، وقال (حمزة):
- وبالطبع كلنا يعلم ما هذا الغرض الذي يخُص السيد (آزريل) فلقد رأى الحرَّاس قطع الصولجان بحوزة الجني الطيار الذي اخترق البوابة وعبر منها بهذه الحيلة.
كان (آزريل) قد بدأ في استعادة هدوءه وقال:
- إذا كان كلامك صحيحًا فلماذا تعاونتَ مع (يورقان) لتحرير والده، أم هل ستنكِر هذا أيضًا؟
- لا لن أنكر هذا.
هنا قام (زكرياء) وصاح بقوة:
- إذن أنت أيضًا متهم بالخيانة يا (حمزة).
قال (حمزة) بهدوء:
- مهلًا يا عمي، لقد تعاونت معه لإحضار هذه.
وأخرج من جيبه كريستالة زرقاء بحجم عقلتي الإصبع تقريبًا، فبدا القلق على وجه (آزريل) وقال (زكرياء):
- وماذا تعني هذه التعويذة بالضبط حتى تتعاون مع من قاموا بخيانة والدك؟
- هذه التعويذة أيها السادة هي تعويذة مشاهدة تحتوي الحقيقة التي تم تزييفها منذ أكثر من نصف قرن من الزمان، حيث استطعت أثناء فترة سجني التي قضيتها تغطيةً على أخطاء عمي أن أتواصل مع الوزير (زوردان) الذي تم تلفيق تهمة الخيانة له من قِبل عمي (آزريل) حينما اكتشف تعاونه مع (شيمزاكيل) والذي أثبتناه بشكل قاطع من خلال هذا المقطع المصوَّر.
التقط أنفاسه وتابع:
- لم ير أحدنا حتى الملك (عدنان) نفسه الوزير (زوردان) بعد أن سجنه السيد (آزريل) واكتفى الملك بشهادة الشهود التي تم تلفيقها من قبل عمي، وحينما تواصلت معه أخبرني بحقيقة أن (آزريل) هو الخائن وعندما واجَهَهُ بالأمر ضُرِبت عليه الذلة والمسكنة وطلب منه أن يعفو عنه وألا يخبر أخيه الملك ووعده بألا يقوم بالتعاون معه مرة أخرى وأنه سوف يخبره بكل ما يريد من معلومات، وحرصًا من الوزير (زوردان) على ألا يفسد العلاقة بين الملك وشقيقه وافق على هذا الأمر وأخبره بأنه سيقوم بمراقبته.
قال (زكرياء):
- كل هذه ادَّعاءات يا (حمزة) من رجلٍ متهم بالخيانة فكيف نصَدِّقها.
- أنت محق يا عمي، فقد كان عليَّ أن أبحث عن تعويذة المشاهدة هذه والتي أخبرني بمكانها الوزير (زوردان) عندما التقيته وأخبرني أيضًا أنها تحتوي على دليل براءته، ولكن للأسف بعد أن عثرت عليها لم أتمكن من مشاهدتها لأنها تتطلب دماء الوزير (زوردان)، والدماء التي زوَّدَني بها تعرَّضَت للتلف قبل أن أتمكن من إيجاد التعويذة.
قالها وأخرج قارورة صغيرة من الدماء وتابع:
- ولهذا احتجت إلى تحريره للحصول على دمائه.
قالها ووضع الكريستالة الزرقاء على الأرض في منتصف القاعة وسكب عليها نقطتين من دماء (زوردان) الموجودة بالقارورة فبدأت الكريستالة تخرج ضوءًا أبيضًا مائلًا للزُّرقَة وظَهَرَ من خلال الضوء (زوردان) وهو يقول لـ(آزريل):
- لا أعرف كيف يمكن أن أخبر الملك بخيانة أخيه بهذا الشكل، أخشى أنه لن يتحمَّل هذا الخبر الرهيب.
جثا (آزريل) على ركبتيه وقال باكيًا:
- أرجوك لا تخبره، أقسم لك أنني لن أتعامل بعد اليوم مع (شيمزاكيل)، سأخبرك أيضًا بكل ما أعرفه عنه لكي توقع به، أرجوك، سيقتلني أخي إن عرف بهذا.
جلس (زكرياء) مكانه مرة أخرى دون أن ينبس ببنت شفه، والتفت (حمزة) إلى والده: لهذا يا سيدي أخفيتُ عنك تعاوني مع (يورقان) وأخفيتُ أيضًا أمر وجود حفيد السيد (سعد) على قيد الحياة لأنني كنت موقنًا بخيانة عمي وكنتُ موقِنًا أيضًا أنك لن تستمع إليَّ بدون دليل قاطع.
كان الملك (عدنان) يتابع كل هذا في صمت وخانته دمعة صغيرة انفلتت من عينيه وقال بصوت متهدِّج:
- لا عجب يا (حمزة) أنك لم تثق بي لتخبرني بكل هذا، فأنا كنت أدافع دومًا عن أخي رغم التصرفات المريبة التي كانت تصدر عنه.
- بالطبع لا يا سيدي، أنا دومًا أثق بعدل جلالتكم، وأعلمُ أنَّهُ من العدلِ ألا تقبل باتهامٍ مرسل دون دليل، لذلك لم أخبرك بشكوكي إلا بعد أن امتلكت الدليل.
استوعَبَ الملك محاولة (حمزة) لإنقاذ صورته أمام العشائر فقال:
- والآن بعد أن قدَّمت الدليل، لابُدَّ وأن يعود (زوردان) إلى بلاط القصر وأن يتم رد اعتبارِهِ، وأن يسجن هذا الخائن حتى تتم محاكمته محاكمة عادلة.
قال (آزريل) بهدوء لا يتناسب مع موقفه:
- ولكنكم نسيتم أمرًا هامًا، ألم تفكر أيها العبقري أنه إذا كان ماتقولونه صحيحًا فأنا الآن بحوزتي قطع الصولجان الخمس، ولقد حصلت على القطعة السادسة بالأمس، حيث علمت أن السيد (سعد) كان يخفيها في خاتمه والذي كان بحوزة السيد (زياد)، معنى هذا أنني الآن أمتلك كامل قطع الصولجان.
قال (حمزة):
- لقد حرصت على ألا يخرج أحدًا من القصرِ منذ ليلة أمس وحتى الآن دون أن يتم تفتيشه، وأنا على يقين بأن الخاتم لا يزال في القصر ولم يذهب إلى (شيمزاكيل) بعد.
- أنت محق في يقينك أن الخاتم لا يزال في القصر يا (حمزة)، ولكنني لست مضطرًا إلى إرسال القطعة خارج القصر، فلقد قمت بإحضار باقي القطع إلى هنا.
تغيَّرت معالم وجه (حمزة) وقال في قلق:
- ماذا تعني؟
رفع (آزريل) يده اليمنى في الهواء وأخذ يردد عبارة فارسية بصوتٍ عالٍ:
- من آزريل دارنده ظرفيت طيطائيل، فرمان غربال شركت كنندكان.
قبل أن يستوعب أحدهم ما قاله (آزريل)، طار شيئًا ما عبر باب القاعة واستقر بيد (آزريل)، فأطلق جميع من في القاعة صيحة استنكار وارتسمت على وجوه أغلبهم علامات الرعب عندما رَأَوُا الصولجان الذهبي الذي طار عبر القاعة واستقر في يد (آزريل) والذي صاح في لهجة ظافرة: أنتم تبحثون منذ قرن عن (شيمزاكيل) ولم يخطر ببالكم أنه يقيم بينكم هنا.
وضغط على الصولجان وأضاء الحجر الأحمر أعلاه فانفجرت جميع القطع الزجاجية الخاصة بعصي الحرَّاس الحديدية واحمرَّت العصا الحديدية نفسها من فرط السخونة فقام الحراس بإلقائها في خوف وقال (آزريل):
- أنا (شيمزاكيل) أيها الحمقى.

ميثاقWhere stories live. Discover now