21

6 3 0
                                    

استيقَظَ (زياد) وهو يشْعُر بألَمٍ شديدٍ في صدرِهِ فوضع يده يتحسَّس مَوْضِع الألم ليجد نفسَهُ عارِي الصَّدرِ وتوجَد ضُمادات تغطي جانب صدره الأيمن، ويرقد على فراشٍ فيما يبدو أشبه بالزنزانة لوجود جدارٍ من القضبان الحديدية يغلق المكان، فأغمض عينيه مرة أخرى وهو يحاول استيعاب الموقف.
كان آخر ما يتذكره صديقه (مروان) وهو يحاوِل تحذيرهُ ثُمَّ تلَقَّى تلك الصاعقة في صدرِهِ والتي أسقطته أرضًا فاقدًا للحركة، فالتفت هو إلى مصدر الضربة فوجد رجلين من الجن ضخمي الجثة مُلثَّمَيْن يتوجهان نحوه فالتفت يبحث عن (حمزة) وصرخ ينادي عليه بأعلى صوته ولكنَّهُ كان بعيدًا جدًا، حاول أن يهرُب منهما إلا أن أحدَهُما أصابه بصاعقة ضوئية من عصاه الحديدية الطويلة أصابته في صدره مباشرة فوقع على الأرض فاقدًا للوعي هو الآخر.
قطع أفكاره صوت أحدهم يقول:
- فلتعذرنا لأننا ليس لدينا الإمكانيات المتاحة في القصر لشفاء جرحك.
اعتدل (زياد) جالسًا على طرف الفراش ونظر إلى صاحب الصوت، كان رجلًا من الجن يشبه (حمزة) في تكوينه وهيئته، إلا أنَّ ملابِسَهُ تبدو باليةً إلى حدٍّ ما، ويمتلك أكثر الوجوه الغاضبة التي يمكن أن يتخيل (زياد) وجودها، مما أثار قلقه وهو يسأل:
- انت مين؟ وعاوز إيه مني؟
أجابه الرجل:
- بالطبع إذا أخبرتك أنني لا أريد شيئًا منك أكثر من الحفاظ عليك سالمًا فلن تصدق.
تحسس (زياد) موضع الجرح وقال ساخرًا:
- واضح إن مفهوم السلامة عندك مختلف عن اللي أنا أعرفه!
ضحك الرجل وقال:
- لازلت لا أستطيع فهمكم حتى الآن أيها البشر، أنت تعتقِد أنك في موقف خطير، ومع ذلك تسخرُ منِّي كما لو كنت أنت من تأسرني، كيف تجدون القوَّة لفعلِ هذا؟
نظر إليه (زياد) غير مستوعبًا لسبَبِ دهشته وقال:
- فين (مروان) و(أمل)؟
- الشاب والفتاة اللذان كانا برفقتك نقلهما صديقك (حمزة) إلى القصر وتم علاجهما بشكل أفضل منك، فهم يمتلكون وسائل للعلاج أفضل بكثير مما نمتلكه نحن في هذا الجبل.
انتبه (زياد) إلى طبيعة المكان الذي يتَوَاجَد به، فالجدران الصخرية المائلة وغير المنتظمة تدُلُّ بالفعل على أنه داخل ما يشبه الكهف في أحد الجبال ولكنَّه صغيرٌ إلى حد ما، والفراش الذي يجلس عليه موجود في تجويف كبير داخل هذا الكهف ومغلق بجدار من القضبان الحديدية له باب حديدي مغلق بقفل.
شعر بالقلق الشديد من هذا المكان وقال:
- طاب انت عاوز مني إيه؟
- أنا لا أريد منك شيئًا، أنا أريد الحفاظ على سلامتك حتى أسلمك للملك (عدنان) سليمًا معافى مرة أخرى، وإن تمكَّنت من أن تصدقني فأنا أشعر تجاهك بالاحترام الشديد لأنني أعلم أنك متواجد في عالمي لتساعدنا في تدمير قطع الصولجان.
- سيبك من جو الاحترام ده، انت عاوز إيه مقابل إنك ترجعني تاني القصر.
- أريد شيئًا لا يمكنك أنت تقديمه، أريد والدي.
قال (مروان) بدهشة:
- والدك؟
- نعم والدي، الوزير (زوردان) وابن عم الملك (عدنان).
- والدك يبقى ابن عم الملك! طاب دي مشاكل عائلية حضرتك، أنا إيه علاقتي بيها؟
- الوزير (زوردان)، كبير مستشاري الملك (عدنان) والذي اتهمه ابن عمه (آزريل) شقيق الملك بتعاونه مع (شيمزاكيل) وقام بحبسِهِ في مَكانٍ مجهولٍ لم نستطِع التوَصُّل إليه إلى الآن، والفرصة الوحيدة أمامنا هي صفقة تبادل تشمل والدي وضيف الملك الذي أتى من عالم آخر ليساعدهم في مواجهة أكبر خطر واجهوه حتى الآن، أنت الوحيد الذي يمكن أن يبادله الملك بوالدي.
قال (زياد) ساخرًا:
- يعني لسه مخلِصناش من فيلم الرعب بتاع الجن والشياطين، وفجأة
دخلنا على فيلم أكشن واختطاف ورهاين.
نظر إليه الرجل بارتياب وقال:
- أظُنُّ أن أعمارَكُم الصغيرة أيها البشر تؤَثِّر على نضجكم وطريقة استيعابكم للأمور، اختطافك أيها البشري أمر يدعو للخوف وليس للسخرية.
تجاهل (زياد) التعليق وسأله:
- ولو الملك مرضيش يبدلني بوالدك، هيبقى مصيري إيه؟
- دعنا لا نفكر بهذا الأمر، ولتدعُ الله أن يوافق.
قالها بلهجة أزالت آثار الابتسامَةِ من عينيه وبَدَأت علامات القلق في الظهور على وجهه فقام الرجل وناوله زيًا نظيفًا من بين القضبان الحديدية وقال بلهجة صارمة:
- لقد تمَزَّق رداؤك ارتدِ هذا إن أردت.
وأشار إلى برميل خشبي ضخم وتابع بنفس اللهجة:
- ويوجد هنا ماء إن أردت الاغتسال أو الوضوء، وسآمرهم أن يحضروا لك الطعام وإذا أردت قضاء حاجتك فلتنادي على الحارس المتواجد بالمكان، هل تريد شيئًا آخر؟
هز رأسه نافيًا دون أن يتكلم فاستدار الرجل وانصرف تاركًا (زياد) يفكر فيما إن كان سيخرج من هذا الموقف سالمًا، أم أن الملك (عدنان) وابنه سيتخلَّيان عنه بسهولة بعد أن أتَمَّ مهمته وفتح الصندوق.

ميثاقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن