السابع والستون

8.7K 391 71
                                    

رفعت غرام عيناها تجاه ايهم بتساؤل : ليه ؟
قال ايهم بحزم : من غير ليه ....اي حاجه تخص البنات بتاعتي انا وبس ؟!
احتدمت نظرات غرام إليه ولم تصمت لتهتف به بإصرار : وانا مصره اعرف ليه ....واجهته بنظراتها ليقول ايهم بنبره قاطعه : عشان انتي مش امهم
نظرت له باستنكار لهذا الرد الواهي : مقولتش اني امهم ولا عمري فكرت اخد مكانها بس المفروض اني برضه مش عدوتهم واني بحبهم ودوري اني اوجههم
: مش عاوزك تعملي كده ...انا بس اللي اوجههم
نظرت له باستنكار : وانا دوري ايه
افلتت الكلمات من شفاه ايهم دون أن يحسب حساب لمشاعرها بينما كل ما فكر فيه هو إلا تشعر ابنتاه بأي قيد منها تجاههم : مالكيش دور
غص حلق غرام والتوت شفتيها بالسخريه المريرة بينما دون مراعاة لمشاعرها نطق بالحقيقه : يبقي كان عندي حق لما قولتلك اني ماليش مكان بينكم
زفر ايهم بضيق من تلك التراجيديا بنظره لينظر لها بضيق هاتفا : غراااام ....انا مش فاضي للدلع بتاعك ده كل شويه
ابتلعت غصه حلقها ونظرت له باحتدام هاتفه لعلها تزيح تلك الحواجز الوهميه من رأسه : كل شويه تقولي دلع .....فين الدلع ولا فين الغلط اللي عملته وانا بقول نفس الكلام اللي كنت بتقوله ليهم
هتف ايهم من بين أسنانه : مني أنا حاجه ومنك حاجه ....مش كل شويه هقولك كده
قال كلمته واتجه الي الغرفه ليرتدي ملابسه ويخرج دون قول شيء آخر .....تحركت غرام بعصبيه هنا وهناك تفكر في قراره القاطع ....أنه برأس يابس لا يقبل الرأي الآخر أو التغيير بسهوله واعتاد دوما السمع والطاعه دون جدال ولكنها يجب أن تفعل شيء لتغير هذا الطبع المتملك منه ولن تصمت وهاهي الفتيات تعود من مدرستهم وهاهو موقف آخر لن تصمت عنه ......وقفت بوسط البهو وهي تزم شفتيها بحنق شديد بينما تري منظر معتاد من إلقاء الفتيات حقائبهم وستراتهم في أي مكان ولكن اليوم مختلف فحلا لم تفعلها ولكن هنا فعلتها
بل وزياده وكأنها قاصده استفزازها حينما ألقت حذاءها بإهمال كل فرده في اتجاه
: هنااا ....تعالي صوت غرام تنادي علي الصغيره التي تجاهلت نداءها عن عمد ....أنهت حلا وضع الربطه بشعرها والتفتت تجاه اختها قائله بتنبيه : غرام بتنادي عليكى ياهنا
قالت هنا ببرود وهي تبعد الهاتف عن أذنها : وانا بتكلم في التليفون
....انحنت غرام وهي تضع يدها علي بطنها لتمسك بالحذاء وتتجه الي غرفه الفتيات وهي تنادي مجددا : هنا
دخلت الي الغرفه دون أن تستطيع التحكم في الغيظ الذي تحكم منها لتقول بهجوم : هنا انا بنادي عليكي
أشارت هنا لها أنها تتحدث هاتفيا بينما قالت حلا بلطف : ثواني ياروما تخلص مكالمتها .....نظرت إلي اختها ووكزتها لتنتهي بينما وقفت غرام مكانها تنتظر بغيظ يغلي بداخلها بينما لم يكن من الصعب عليها ملاحظه ان الفتاه الصغيره تتعمد اغاظتها
أغلقت هنا ونظرت الي غرام : نعم
حاولت غرام أن تتحكم في غضبها بينما تقول بهدوء مصطنع : هو مش بابا كذا مره يقولك ترتبي حاجتك مكانك .....ينفع تكوني راميه الشوز بتاعك بالمنظر ده
قالت كلمتها ووضعت الحذاء أرضا لتقول هنا ببرود : عادي يا غرام
نظرت لها غرام برفض : لا مش عادي يا هنا .....قومي رتبي حاجتك مكانها مينفعش شنطتك وهدومك تبقي مرميه برا ...
تمسكت هنا بعنادها بينما تقول بلا مبالاه : بعدين ياغرام
لا تعرف لماذا لم تتجاوز كما تفعل معهم دوما لتجد نفسها مصره علي اصلاح وتهذيب طبع الفتاه الان لتقول بحزم : لا مش بعدين يا هنا ... دلوقتي
عقدت هنا حاجبيها ونظرت الي حزم غرام الجديد كليا لتقول بنقد واضح : وده ليه ؟! .....عشان انتي قررتي فجاه توجهي ليا أوامر وانا المفروض انفذها
تشبه طبعا ابيها كثيرا وكان علي غرام أن تفهم هذا وتحاول ترويضها بطريقه أخري ولكنها أصرت علي اكمال ما بدأته لتقف امام الفتاه وتقول باحتدام :  عشان ده الصح لازم تنفذي كلام الأكبر منك
احتقن وجه الفتاه لتنظر الي غرام بتحدي هاتفه : وانا متعودتش اخد أوامر من حد 
نظرت لها غرام باستهجان : انا موجهتش ليكي أوامر انا بقولك اعملي الصح وانا مش اي حد ياهنا صح ولا غلط
رفعت هنا حاجبيها وهتفت بحنق : معرفش
: امال تعرفي ايه
نظرت لها هنا بتمرد هاتفه : اعرف انك مش ماما ولا بابا عشان تأمريني اعمل حاجه
عقدت غرام حاجبيها وهتفت بامتعاض : ومين قال اني بأمرك ...ليه بتقولي كده
قالت هنا بامتعاض مماثل : عشان ده الواضح
انتي قاصده تعملي مصلحه اجتماعيه علينا فجاه مع انك مكنتيش كده وحتي لما بابي كان بيقولنا اعملوا كده كنتي انتي مش بتخلينا نعمل حاجه ....
ايه بقي اللي جد وخلاكي فجاه عامله فيها مامي وواقفه تدي لينا أوامر
تعالي صدر غرام صعودا وهبوطا غيظا من قله لياقه الفتاه التي عبرت بأسلوبها عن التغير الذي شعرت به ولم يكن له مبرر من وجه نظرها لتنفلت الكلمات من شفاه غرام بلا تفكير : اني حامل !!
لم تستوعب الفتاه للحظه ما سمعته لتفيق غرام علي صوت ارتطام الهاتف بالأرض الذي وقع من يد حلا بينما كانت جالسه ولم تتدخل في الجدل بين اختها وبين غرام ولكن ما سمعته كان مفاجاه لم تستوعبها ولكن بالنسبه لهنا وبهذا الوقت تحديدا كان لها صدمه أكثر منها مناسبه
رمشت هنا باهدابها بضع مرات قبل أن تخفض عيناها وتنظر الي بطن غرام ثم تعود لترفعها ببطء تجاه وجه غرام الذي تحول لها بلحظه الي امرأه لم تعهدها فلم تعد الصديقه اللطيفه بل زوجه اب وام لأخ أو أخت بدأت بوادر تواجدهم في نقد غرام وعدم تحملها لها أو لأختها .......
: هنا ....هنا
ندم شديد اجتاح أوصال غرام التي حاولت برجاء شديد اصلاح ما أفسدته بينما تطرق علي باب غرفه الفتاه التي اغلقته علي نفسها ...هنا افتحي الباب ....هنا حبيتي افتحي خلينا نتكلم
ابتلعت ببطء بينما تكالبت دقات قلبها بداخل صدرها حينما استمعت لتلك الخطوات والسؤال البديهي الذي قفز من عيناه ممزوج مع قلقه قبل شفتيه وهو يسأل : في ايه ...مالها هنا ؟!
اهتزت نظرات غرام بينما هربت كل الدماء من عروقها وانعقد لسانها فبماذا ستجيب   ......مالها هنا ؟!
بنفاذ صبر سأل مجددا وهو يطرق الباب لتتعلثم حلا ولا تدري ماذا تقول ...؟!
اختها اخذت موقف معادي للغايه ربما من عدم استيعابها المفاجاه لذا خشيت أن يصيب غرام غضب ابيها فصمتت ....هنا ....هناااا
طرق ايهم الباب بنفاذ صبر بينما يظهر تحرك مقبض الباب بقوة ....لحظه ودار المفتاح في الباب الذي انفتح لتخرج هنا بعيون باكيه وسرعان ما توجه نظرات العتاب تجاه ابيها : انت هتجيب بيبي تحبه وتهتم بيه اكتر مننا وياخد مكاننا زي ما غرام بقت تعمل واتغيرت معانا !!
صاعقه ضربته ليقف مكانه متسمرا ويدير عيناه ببطء تجاه غرام التي لن تنسي ابدا نظرت الخزلان التي وجهها لها وهو يهز رأسه ويمد ذراعيه تجاه ابنته يجذبها الي حضنه يهتف بها بقلب ملتاع : محدش ابدا يقدر ياخد مكانكم في قلبي .....
دفعته الفتاه ورفضت احتضانه وركضت الي غرفتها ليسرع ايهم خلفها بينما تنكس غرام راسها وتكور قبضتها نادمه علي عدم سيطرتها علي لسانها
طرق ايهم الباب عده مرات ينادي ابنته : هنا افتحي الباب
ازدادت خشونه نبرته بينما اهتزاز صورته في عيون ابنتاه هي أكثر ما يخشاه مما جعل هذا الهاجس يتفاقم ويجعل العاطفه هي ما تتحكم به وليس العقل الذي عليه أن يتحدث به مع ابنته ليس أن يقف أمامها وكأنه مذنب
اتجهت غرام ناحيته تقول بصوت مهتز راجي : ايهم سيبها تهدي شويه وانا هتكلم معاها
تراجعت للخلف بوجل حينما انفجر بها ايهم بأعصاب تالفه : متتكلميش معاها ولا تيجي ناحيتها ...انتي مش عملتي اللي في دماغك ....!
ابتلعت غرام ونظرت الي اتهامه بعتاب بينما تهز راسها : غصب عني ...مكنش قصدي ...هي بتقول اني اتغيرت وانا كنت عاوزاها بس تفهم اني تعبانه مش اكتر
استمع أو لم يستمع لتبريرها لم يعد يفرق أمام نظراته التي رمقتها بشيء تخشي تفسيره أنه كراهيه وكأنها سبب وقيعه بينه وبين ابنته لتسحب غرام أقدامها وتتجه الي غرفتها بقلب مكسور ونفس محطمه وهي تتساءل اين نصيبها من السعاده والتفاهم مهما دفعت من اثمان مقابلها
تمهلت حلا قبل أن تستجمع شجاعتها وتتحدث الي ابيها بينما وقفت مكان المتفرج حتي تهدء العاصفه ولو قليلا : بابي ....غرام كانت ....قبل أن يستمع لما ستقوله ابنته كان يسكتها باشاره من يده وكأنه لا يحتمل مجرد سماع اسمها الان : حلا مش عاوز كلام دلوقتي
نظرت له ابنته بطاعه مغلبه عليها مؤقتا لتهدء الأجواء التي تركها ايهم مشتعله وغادر لتنفجر غرام باكيه ما أن استمعت لصوت انغلاق الباب بتلك القوة .....تنهدت حلا بضيق واتجهت الي غرفه غرام لتستاء لرؤيتها بتلك الحاله : معلش ياغرام ....متزعليش من هنا
هزت غرام راسها وقالت بقناعه وصلت لها من نظراته وتصرفاته وحديثه الذي كان صريح به منذ البدايه  : مش زعلانه ....انا دخلت حياتكم غلط وماليش مكان فيها
ارتجفت شفتيها التي حملت طعم دموعها المالح بينما تتابع بانكسار : انتوا متزعلوش مني
قامت واتجهت لتربت علي شعر حلا بحنان متابعه : انا مكنش قصدي يحصل كل ده ....باباكم بيحبكم اوي ولو حد غلطان هو انا .....هو مكانش عاوز يتجوزني من الاول ازدادت رجفه شفتيها بانكسار شديد بينما تتابع : وحتي البيبي هو مكانش عاوزه ....هو مش عاوز غيركم في حياته
قالت حلا بتأثر شديد : واحنا عاوزينك في حياتنا يا غرام .....ابتسمت من بين حزن نظراتها وتابعت : كمان حلو لو جه لينا اخ او اخت صغيرين .....متزعليش من رد فعل هنا .....انتي عارفه انها متدلعه عشان الصغيرة بس والله اكتر حد هيحب البيبي هو هنا
تابعت حلا التخفيف عن غرام بحديثها الذي زاد من حزن غرام وهي تري نفسها مثيره للشفقه ولكنها لم تعد تشفق علي نفسها فهي من اختارت أن تكون بتلك المكانه .
............
.....
ربتت امتثال بحنان علي وجه حفيدتها الذي عادت إليه ألوانه بعد شحوب طويل لتبتسم زينه قائله بحنان وهي تري ابتسامه وسيله لجدتها : ربنا يخليكي ليها يا حاجه ... نظرت إلي وسيله وتابعت برفق : حمد الله علي سلامتك يا حبيتي ....حاولي تنسي كل اللي فات مهما كان صعب وبصي للي جاي
ابتسمت لها وسيله دون أن ترفع عيناها تجاه عاصم الذي ظل واقف مكانه لتدير زينه راسها تجاهه وتنظر له أن يقول شيء يعفي وسيله من شعورها بالحرج أمامه
ليحمحم عاصم قائلا : وسيله يا بنتي ....انا مش هنكر اني زعلان منك بس ده ميقللش ابدا باحساسي أن مسؤل عن جزء كبير من اللي حصلك بسبب عمر
نظر إلي امتثال باعتذار : لو ينفع يا حاجه اتأسف عن كل اللي حصل بسبب ابني ياريت تقبلي اسفي
هزت امتثال راسها وقالت بسماحه ممزوجه باليقين : انت مغلطتش ياعاصم عشان تعتذر ....
دخل عمر الغرفه بتلك اللحظه لتصطدم عيناه بعيون امتثال التي تابعت بوعيد : اللي غلط ابنك وهو هيعيش عمره يندم علي غلطته دي ....لوت شفتيها وتابعت بامتعاض : وياريتها غلطه ...دي غلطات !
حاول عمر أن يتجاوز ما سمعه ويدركه جيدا ولن يجادل فيه بينما هو في طريقه للإصلاح ليقول بابتسامه وهو يرفع أحد الاوراق التي بيده : كده قضيه وسيله اتقفلت وتقدر تسيب المستشفي
اقترب تجاه وسيله وهو يتابع بينما أخذه العشم انها تستمع له : خلاص يا حبيتي احنا هنرجع بيتنا وبس كل فتره هيكون في متابعه مع الدكتورة النفسيه
ابتسم وتابع : مع اني واثق اننا مش محتاجينها بس إجراءات مش اكتر
قبل أن يصل إلي وسيله التي لم تنظر إليه من الأساس كانت امتثال تستجمع طاقتها وتضرب الأرض بعكازها وهي تهتف به بسخط : بيت ايه اللي فاكرها رايحه معاك فيه يا ولد !
التفت عمر تجاه أبيه متبرطما : تاني ولد
تعالي صوت امتثال تزجره علي ما همس به : بتقول ايه علي صوتك
قال عمر وهو يرسم ابتسامه : قصدي بيتي انا ووسيله طبعا يا تيته
هتفت امتثال بحنق : متقوليش يا تيته ومفيش بيت هيجمعك بيها تاني بعد اللي عملته ...ولا فاكر اني تاني هستأمنك عليها
تنهد عمر وهو يناجي والدته ووالده أن يتدخلوا ولكنهم وقفوا صامتين باشاره منهم أنها ابسط مشاكله وعليه أن يحلها بنفسه ليتنهد عمر ويقول بهدوء : ولازمته ايه الكلام ده يا تيته....وقف أمام امتثال وتابع بتمهل : انا غلطت واعترفت بغلطي ومعنديش اي استعداد اكرر غلطتي في حقها واهو بابا عرف بكل حاجه وانا نسيت اللي وسيله عملته وهحاول انسيها اللي عملته .... حياتنا هنصلحها سوا
التفت الي وسيله وتابع : مش كده يا وسيله ؟!
نظرت امتثال الي وسيله التي لم ترفع عيناها تجاهه بينما يكرر سؤاله وهو يمد يده تجاهها : مش كده يا وسيله ....هنصلح حياتنا سوا
لم تتردد تلك المره ولم تفكر لتشفق زينه عليها من لحظه التفكير التي اخذتها قبل أن تنطق بقرارها وهي تمد يدها تمسك يد جدتها وتقول بينما مازالت لا تنظر إلي عيناه : مفيش حاجه اسمها احنا .....تيته خديني بيتنا !

حكايه عمر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن